أولا : مصر والدواعش : صراع وجود
1 ـ يوم السبت 9 أغسطس 2014، جاء الآتى فى عناوين الصحف المصرية : ( بعد الهجوم على صحيح البخاري.. الأزهر والأوقاف: سفاهات يجب مواجهتها بقانون يجرم حديث الجهلاء في الدين ). دواعش الأزهر لا تكفيهم ترسانة القوانين التى تحميهم من النقاش والتى تجعل دينهم السلفى السّنى الحنبلى الوهابى الاخوانى الداعشى مُصانا مقدسا يحرُم مناقشته . لا يكتفون بقانون إزدراء الأديان والحسبة وشتى القوانين سيئة السُّمعة المطاطة ، هم يريدون قانونا جديدا إضافيا يتبتل فى محراب تقديس البخارى ويجعل من يقرؤه قراءة نقدية جاهلا مجرما مستحقا للعقاب . صدور هذا القانون سيثلج قلوب الدواعش ويجعلهم يرجعون الى سُباتهم العقلى العميق ويضمن لهم رواتبهم ومكافآتهم ومكانتهم دون أدنى إزعاج .
2 ـ المشكلة ليست فقط فى مناصبهم ورواتبهم التى يأكلونها بالسُّحت . المشكلة أعمق من هذا إنه صراع وجود . إما أن يظلوا موجودين على الساحة يحمون دين داعش يدمرون به مصر ، وإما أن تتخلص منهم مصر لتبقى . ليس فى هذا مبالغة ، بل هو توصيف بسيط ومُفجع أيضا . فى مصر تسيطر عقيدتان متناقضتان : عقيدة الجهاد السلفية السًنية الحنبلية الوهابية الاخوانية الداعشية ، تربى ويتربى عليها الشباب ( المسلمون ) خلال الأربعين عاما الماضية ، وبها يسيطر الدواعش على الأزهر و المساجد و الأوقاف و التعليم والاعلام، ويعتنقها معظم (المسلمين )، وقد صرّح أحد كبار السلفيين بأن مسلمى مصر ( سلفيون ) أى داعشيو الدين والثقافة . دين الجهاد السلفى أنتج أخيرا داعش فى العراق والشام ( دولة الاسلام فى العراق والشام ). وإن لم تتخلص مصر من دواعش الأزهر ويحدث إصلاح عاجل سيظهر تنظيم ( دولة الاسلام فى مصر والسودان ) : ( دامس ) لتطفىء آخر شعاع نور يصدر من مصر .
دين ( داعش ) أو ( دامس ) سيتوجه بسيوفه ليقطع رءوس الأقباط المصريين بالذات . لماذا ؟ لأن الأقباط لقمة سهلة ، إذ أنهم يعتنقون عقيدة مُناقضة للجهاد السلفى ، وهى عقيدة الاستشهاد ، اى أن يستسلم القبطى للذبح ليموت شهيدا بلا مقاومة . الجهادى الداعشى الدامسى يقطع الرءوس لينكح الحور العين ، أما الاستشهادى القبطى فهو يقدم رقبته طوعا أملا فى أن يلتحق بالملكوت . شعب واحد ، الأغلبية فيه يفرض دينها الداعشى الدامسى الإخوانى الوهابى الحنبلى السنى السلفى ـ ذبح الأقلية التى تتوق للتضحية وتستسلم لها . مصر بهذا على حافة بركان ، أو هى فى صراع وجود . لكى تبقى مصر لا بد من التخلص من ثقافة داعش ، ولا بد من التخلص من دواعش الأزهر . وهنا نتساءل : : ماذا تخسر مصر لو تخلصت من دواعش الأزهر ؟
ثانيا : دواعش الأزهر موظفون فى خدمة الدولة المصرية وليس لتدمير الدولة المصرية:
1 ـ الأزهر مؤسسة مدنية تُعنى بالشأن الاسلامى . مؤسسة مدنية وليس كهنوتية. المؤسسة المدنية هى التى تقوم الدولة بإنشائها وتعيين رؤسائها وترقيتهم و تعطيهم رواتبهم ويخضعون لقانون الدولة ، أى موظفون عليهم تنفيذ واجبهم الوظيفى . المشكلة أن دواعش الأزهر هم من ( أهل الثقة ) يتم إختيارهم ( امنيا ) ، مؤهلاتهم أن يكونوا تحت السيطرة وفاسدين بما يكفى لارهابهم وفضحهم وإسكاتهم لو جرءوا على نقد المستبد ، الأهم أنهم لا بد أن يتفوقوا فى الرقص أمام مواكب الحاكم المستبد . لا يمكن أن ترشح اجهزة الأمن مفكرا مسلما متميزا فى بحثه غارقا فى القراءة والكتابة والبحث ، لأنه ليس لديه وقت للرقص أمام الحكام ، وهو معتزّ بنفسه بحيث لا يليق به أن يسعى لنفاق السلطة ، أو أن يزاحم الآخرين على أبوابها . بالتالى تتسع دائرة المنافسة لتستوعب الصفوف المتراصّة من الجهلة الأفّاقين ، ويفوز فيها الأكثر جهلا وفسادا ونفاقا . فإذا طولبوا بالاجتهاد طبقا لما تفرضه عليهم وظيفتهم عجزوا ، ولجأوا الى أسيادهم يستجيرون بهم ليعاقبوا من يتجرأ على الاجتهاد ويُظهر عجزهم . وهذا ما فعله دواعش الأزهر مع أهل القرآن .
2 ـ حسنا . الآن لم تعد مشكلة أهل القرآن ، بل مشكلة مصر نفسها ؛ هل تبقى وتنجو من حرب أهلية أم يكون مصيرها كالعراق وسوريا. ؟
ثالثا : لا يكفى التخلص من دواعش الأزهر ، بل لا بد من محاكمتهم
1 ـ وصلت مصر بعد أربعين عاما من تحكم الجهلاء فى حياتها الدينية الى أن اصبحت مرشحة للإنهيار بمثل ما يحدث حولها . وهنا نتساءل : إذا كان دين داعش هو الذى يقوم الأزهر حاليا بتدريسه فى مناهجه وكلياته ، وهو الذى يناضل فى سبيل الحفاظ عليه مجمع البحوث الاسلامية ، وإذا كان شيوخ داعش فى الأزهر يرهبون من ينتقد دين داعش ، وهم المحرضون على الارهاب ، وتخرج على أيديهم الارهابيون فى الأزهر، وإذا كان شيوخ داعش فى الأزهر قد تنكروا لواجبهم القانونى الذى يفرضه عليهم قانون الأزهر وهو تجلية حقائق الاسلام ، بل يناضلون دفاعا عن دين داعش ، وإذا كان شيوخ داعش فى الأزهر يستخدمون قانون ( إزدراء الدين ) للدفاع عن دين داعش ، وإذا كان ضحايا شيوخ داعش فى الأزهر عشرات الألوف من القتلى من المصريين فقط ، من المسيحيين والشيعة وأهل القرآن و المفكرين والمبدعين والأدباء ، فإن السؤال هو لماذا لا يتم الآن وفورا محاكمة شيوخ داعش المتحكمين فى الأزهر؟ . والى متى تتحمل مصر خطايا شيوخ داعش فى الأزهر .؟ وإذا كان مستحيلا إصلاح الخطاب الدينى مناهج الأزهر فى مصر فى وجود شيوخ داعش فى الأزهر فلماذا الابقاء على موظفين فاشلين بلا جدال ، بل وممكن إتهامهم بخيانة الوطن والعمل على تدميره بما تتضاءل دونه جريمة الخيانة العظمى ؟
2 ـ وبدون التخلص من شيوخ داعش فى الأزهر سيدخل المصريون والعرب والمسلمون فى حروب أهليه تحت شعار الاسلام يقوم بها الداعشيون فى مصر وخارجها وبتحريض من شيوخ داعش فى الأزهر . والسؤال التالى : هل شيوخ داعش فى الأزهر أقدس من الاسلام ؟ هل شيوخ داعش فى الأزهر أهم من سلامة مصر ؟ هل شيوخ داعش فى الأزهر أهم من دماء آلاف المصرين ؟ هل نضحى بمصر وجيشها ومكانتها وأهلها ليظل شيوخ داعش متحكمين فى الأزهر ؟
3 ـ نعود للسؤال الأساس ، نرجو التفكر فيه : ماذا تخسر مصر لو تخلصت من شيوخ داعش فى الأزهر؟