أولا
1 ـ يحتدم الصراع الفكرى فى مصر الآن بين أفراد متنورين وشيوخ داعش المسيطرين على الأزهر والأوقاف . هؤلاء الأفراد المستنيرون شجعتهم دعوة الرئيس السيسى الى إصلاح التعليم ( والتعليم الأزهرى فى الأساس ) وإصلاح الخطاب الدينى ( واحاديث السنّة البخارية فى الأساس ) . تشجعوا فقالوا شيئا فى إنكار بعض الأحاديث والأساطير السنية ، ووقع بعضهم فى خطيئة كبرى إذ تعرض لإله السنيين الأعظم ( البخارى ) فصدر ضده أمر بالضبط والإحضار بتهمة ( إزدراء الدين ) لأن البخارى عندهم هو الدين والوقوع فى نقده جريمة تستوجب القتل بما يسمى عندهم ( حد الردة ) ، أو على أقل تقدير السجن بضع سنوات بتهمة إزدراء الدين . وقد دفع بعض القرآنيين هذا الثمن عام 2001 فدخلوا السجن بضع سنين بنفس التهمة ، ولا يزال قانون إزدراء الدين يطارد القرآنيين بالذات ، لا يزال عصا السلطة التى يستخدمها شيوخ داعش فى الأزهر والأوقاف ضد أهل القرآن .
2 ـ شيوخ داعش فى الأوقاف والأزهر لم يقوموا بواجبهم الوظيفى الذى يوجبه قانون الأزهر رقم ( 103 ) 1961 ، وهو أن واجبهم هو ( تجلية حقائق الاسلام ) . وهذا يعنى أن هناك ( أكاذيب ) ارتدت ثوب الحقائق ظلما وزورا ( مثل أكاذيب البخارى وغيره ) وواجب علماء الأزهر انكارها وتبرئه الاسلام العظيم منها ، وأن هناك حقائق اسلامية ( قرآنية ) مجهولة تم تغييبها وتجاهلها وطمسها عبر القرون وواجب علماء الأزهر تجليتها وتوضيحها . وهذا ما فعلته فى جامعة الأزهر فانتهى مصيرى الى العزل ثم الى السجن .
3 ــ شيوخ داعش فى الأزهر والأوقاف ظلوا يمارسون دورهم التدميرى فتخرج على أيديهم آلاف الطلبة الارهابيين الذين قاموا بالقتل والتدمير . أنفقت عليهم الدولة المصرية وعلى شيوخهم البلايين ، وكانت النتيجة وبالا على مصر . ثم ظهرت ( داعش ) فى الشام والعراق تطبق الدين البخارى السنى الحنبلى الوهابى السلفى الذي يقوم شيوخ الأزهر الداعشيون على حمايته ، والذى من أجله يُرهبون من يناقشه بالسجن والقتل . داعش الآن فى قاع مصر ( لوجيستيا من أفراد وعصابات ) . تسللوا لمصر وقت حكم الاخوان ، وينتشرون فيها . الخطورة العظمى أن فكر داعش هو الذى يحميه شيوخ الأزهر والأوقاف ، أى سيظهر آلاف ومئات الألوف متأثرين بفكر داعش ، يجعلون جهادهم فى تدمير مصر . لو إستطاع الرئيس السيسى قتل كل الداعشيين وإبادتهم عن آخرهم فإن فكر داعش سينتج أضعاف أضعافهم طالما ظل شيوخ داعش متحكمين فى الأزهر والأوقاف والاعلام والتعليم . الحل ليس بالمواجهة الأمنية العسكرية فحسب بل بالمواجهة الفكرية من داخل الاسلام . أى بالاصلاح للتعليم والفكر الدينى . بداية الحل فى التخلص من شيوخ داعش فى الازهر والاوقاف واصلاح مناهج الأزهر السلفية ليقوم الأزهر بدوره التنويرى الذى ينُصُّ عليه قانون الأزهر نفسه ( 103 ) 1961
4 ـ الكرة الآن فى ملعب الرئيس عبد الفتاح السيسى .. هل يقوى على مواجهة شيوخ داعش فى الأوقاف والأزهر ؟ أم يتراجع عن معركته فى إصلاح التعليم وإصلاح الفكر الدينى ليترك لشيوخ داعش السيطرة على عقول الناس لانتاج المزيد من ملايين الارهابيين فى مصر وخارجها ؟ هل سيقوى على إلغاء قانون إزدراء الدين الذى يستخدمه شيوخ داعش فى الأزهر والأوقاف لحماية جهلهم ومكانتهم ونفوذهم وعجزهم عن أداء وظيفتهم التى ينُصُّ عليها قانون الأزهر ؟ أم يتراجع ويستسلم لتسقط مصر ثانية فى براثن الدواعش المصريين ؟
5 ـ كاتب هذه السطور لا يملك إلا قلمه ومقدرته البحثية وإيمانه بالله جل وعلا وحبه للرسول الكريم خاتم النبيين ، وبسبب هذا الحب قاسى ولا يزال من أجل تبرئة الرسول عليه السلام من تلك الأكاذيب التى إختلقها البخارى وابن حنيل والشافعى ومالك وغيرهم . من عام 1977 وحتى الآن كتبت ما يزيد عن أربعة آلاف من المقالات والأبحاث والفتاوى والكتب . وهو عدد غير مسبوق فى التاريخ الفكرى للمسلمين . وهذه المؤلفات تحوى تجديدا غير مسبوق فى تاريخ المسلمين . المنشور هنا من هذه المؤلفات حوالى 70% والباقى لا يزال ينتظر النشر ، ومنها موسوعات عن التصوف وتاريخ المسلمين . الكتابة البحثية هى ما فى وسعى ، ولا يكلف الله جل وعلا نفسا إلا وسعها . الذى ليس فى وسعى وليس فى إمكاناتى أن تصل كتاباتى الى أبعد مدى ممكن لنشر الاصلاح السلمى . حتى الآن لا أنشر مقالاتى إلا فى موقعنا ( أهل القرآن ) و ( الحوار المتمدن ) . وأكررالاعلان بأن كتبى وكتاباتى المنشورة على الانترنت هى متاحة للنشر الورقى مجانا لمن يريد بشرط عدم التزوير وعدم الاحتكار .
6 ـ ليست الكتابة هى الأقوى تأثيرا فى التنوير . الأقوى والأسرع تأثيرا هى القنوات الفضائية ، وهذا ما إستخدمه الوهابيون فنجحوا أخيرا فى خلق داعش . وشيوخ داعش فى مصر ـ داخل وخارج النظام الحاكم ـ هم المتحكمون فى الاعلام المصرى والتعليم المصرى والأزهر والأوقاف المصرية ، وبيدهم قانون إزدراء الدين . هم يتبولون فى عقول الناس ما شاءوا ، ومن يجرؤ على نقدهم ينتظره أمر بالضبط والاحضار . خلال كفاحى السلمى الاصلاحى فى مصر لم تستضفنى قناة فضائية سوى مرات ضئيلة جدا جدا . بل حتى حين وافقت الرقابة فى التليفزيون على مسلسل درامى تنويرى تثقيفى كتبته بعنوان ( مجالس ابن اياس ) باسم ( محمد أحمد ) وعرفوا أننى المؤلف الحقيقى بادروا بمنعى من دخول مبنى التليفزيون كما لو كنت وباءا وشرا مستطيرا . والتهمة التى شاعت عنى فى أروقة التليفزيون أننى ( أكره الصحابة ) وهو إتهام ـ لو تعلمون ـ عظيم. وعندما أنجانى ربى جل وعلا من القوم الظالمين وجئت أمريكا لاجئا ، تصورت أننى سأحقق ما أحلم به ، فكتبت مقالا بعنوان ( مسجد لله يا مسلمين ) . آملا أن يكون مركزا للتنوير . فلم أجد من يلبى . أنشأت المركز العالمى للقرآن الكريم ، ولا يزال حجرة فى بيتى الذى لا زلت أدفع أقساطه . بحثت عمّن يستضيفنى فى أى قناة ناطقة بالعربية ، وأتيح لى لقاء أو لقاءان فى قناة مسيحية تبشيرية فى برنامج ، فتكلمت فى اولهما عن منهج أهل القرآن ، فأحدثت هذه الحلقة دويا هائلا ، فصدرت ضدى فتاوى من القاعدة تهددنى بالذبح ، وتعرض موقع أهل القرآن للتدمير ، وأوصلت هذه الحلقة التنوير القرآنى الى آلاف المسلمين فدخلوا فى الاسلام القرآنى أفواجا . مجرد حلقة وحيدة فى قناة تبشيرية مسيحية تصدر من قبرص أحدثت كل هذا التغيير . فماذا لو : كانت لى قناة فضائية ؟ شيوخ داعشيون كثيرون إمتلكوا ويمتلكون قنوات فضائية . ومئات من شيوخ داعش الوهابيين الحنابلة السنيين البخاريين يتحكمون فى البرامج الدينية .. وهناك قنوات فضائية متحررة ، بعضها علمانى وتثقيفى ، وبعضها شيعى له مصلحة فى مواجهة داعش وشيوخها . ولكن حتى الآن لم تجرؤ قناة فضائية مستقلة أو علمانية أو شيعية على إستضافى . الى متى يستمر هذا العار ؟
7 ـ الجدل المحتدم الآن فى مصر يتركز حول ما أثرته فى أوائل التسعينيات ، فقد أصدرت كتاب ( عذاب القبر والثعبان القرع ) وكتاب ( حد الردة ) عام 1993 ، وأثارا ضجة هائلة وقتها ، وقاسيت الكثير حينئذ . ثم انتهت الموجة لأن إمكاناتى معدومة ، وعادت سيطرة شيوخ الثعبان الأقرع التى كانت متحالفة مع نظام مبارك . الآن جاء رئيس جديدمستنير لمصر يدرك أن إصلاح التعليم هو الأساس وإصلاح الخطاب الدينى ضرورة مصيرية ، أى يشاركنا ما نقوله من ربع قرن . ومع هذا فإن هذا الجدل المحتدم الذى يدور حول ( بعض ) ما قلته من عشرين عاما يتجنب الإشارة الى مؤسس هذا الفكر الاسلامى المستنير .
8ــ قلت ولا أزال اقول ـ أننى أرحب بنشر الفكر ، ولا أهتم إذا كان منسوبا لى أو لغيرى ، فليست لى مطامع فى الشهرة او الثروة أو السلطة ، أتمنى فقط أن أرى إنتصارا لمشروعى الفكرى الذى بدأت به وحيدا فى جامعة الأزهر فى منتصف السبعينيات ، وعانيت ولا زلت أعانى فى سبيله . ولكن القضية الآن ليست شأنا شخصيا . إنها من هو الأقدر فى مواجهة شيوخ داعش المسيطرين على الأزهر والأوقاف فى مصر ؟ وهل يصح أن تتم مناقشة هذا الفكر التنويرى فى غياب من أسّسه وقاده وتزعمه ولا يزال نشطا ولا يزال حيا يُرزق ؟ .
9 ــ عاب علىّ كثيرون بعد أن استضافنى رشيد المغربى ( المتنصّر ) فى برنامجه . وكان أولى بهم أن يوجهوا اللوم الى الذين يمنعون ظهورى فى أى برنامج ، حتى أن بعضهم فى قنوات فضائية مصرية كان يناقش فكر أهل القرآن ويهاجمهم فى غيابهم بلا خجل ولا حياء ، وبلا مراعاة لأصول الاعلام والحوار .
أخيرا
1 ـ تواضعت أحلامى فى أواخر العمر ..حُلم القناة الفضائية أصبح بعيد المنال . أطمع فقط فى أن يستضيفنى مقدم برنامج لأواجه فيه شيوخ داعش فى الأزهر والأوقاف المصرية . مستعد أن : أسجل معه مائة حلقة مجانا ، ثم بعدها يتيح للآخرين التعليق والنقد والشتم فى مئات الحلقات . أريد أن أختم حياتى بهذا الانجاز ..
2 ـ هى دعوة أوجهها لكل القنوات الفضائية المعنية بمواجهة داعش وشيوخ داعش . لا يهمنى إن كانت مسيحية تبشيرية أو يهودية صهيونية أو علمانية ملحدة أو سنية متعصبة أو شيعية .. الذى يهمنى أن تذيع ما أقوله بلا حذف وبلا مونتاج .
3 ـ أيها الناس .. أليس فيكم رجل رشيد ؟