دعاء إبراهيم عليه السلام في القرآن
ما القضية التي شغلت إبراهيم عليه السلام

لطفية سعيد في الخميس ١٠ - يوليو - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

من دعاء إبراهيم  لربه في القرآن :

كانت القضية الأساس التي شغلت إبراهيم عليه السلام هي قضيه التوحيد وتجلى ذلك في دعائه ربه في القرآن فقد نقل لنا ذلك المشهد  بوضوح  في سورتي إبراهيم والبقرة ، وكانت علامة التوحيد وأداته الأساسية   هي إقامة الصلاة  ، ولنا  في نبي الله إبراهيم الأسوة الحسنة .. حين  دعى ربه في هاتين السورتين ،  كي نتعلم منه كذلك كيف  يكون  الدعاء، ، تعالوا معا  نقرأ  هذا الدعاء في كلتا السورتين :

فأول دعاء لإبراهيم عليه السلام في سورة إبراهيم : "ربي اجعل هذا البلد آمنا" وآمن اسم فاعل من الفعل أمن الثلاثي ، ليس امن مؤقت بل أمانا مستمرا، وهذا ما دعا به إبراهيم ربه )

الدعاء الثاني السورة في نفس  : "واجنبني وبني أن نعبد الأصنام"يدعو إبراهيم ربه أن يجنبه وبنيه من عبادة الأصنام ! أليس هذا عجيبا :إبراهيم عليه السلام يخشى على بنيه من عبادة  الأصنام ..

ولماذا  يخشى ؟ لأن الأصنام قد قامت بإضلال كثير من الناس ، على أنه لن يتهاون في قضية الإشراك مع بنيه ، فمن تبعه في توحيد الله وأقام الصلاة بناء على ذلك التوحيد فهو منه ويتبعه ، أما من عصاه وخالفه وأشرك فهو يطلب الغفران من ربه لهم وهنا تتجلى رحمة إبراهيم ببنيه:  

(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ (35)  رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) إبراهيم )

وتأتي هذه الآية من سورة البقرة لتؤكد  نفس المعنى الذي سبق في سورة إبراهيم  بأن من  يؤمن بالله واليوم الآخر فقط هو فقط من  يتبع إبراهيم عليه السلام ، أما من كفر فسوف ينعم بالأمن والثمرات  لكن فترة الدنيا فقط  ، وتصف الآيات متعة الدنيا بأنها متعة قليلة ، اما في الآخرة فسوف ينتظره عذاب النار:

وإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (البقرة 126

على أنه لن يتهاون في قضية الإشراك مع بنيه ، فقد فصل سابقا بين صلة قرابته بأبيه  ، عندما أعلن موقفه بكل وضوح  من أبيه آزر في سورة الأنعام :

(وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (74الأنعام)

والدعاء الثالث لإبراهيم عليه السلام من سورة البقرة : " ربنا اجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة " عندما كان يرفع القواعد هو وإسماعيل دعى ربه بان يجعلهما مسلمين له ، وليس هذا فقط بل من ذريته أيضا ، ثم تعقب الأيات بدعاء آخر يدعو فيه إبراهيم ربه أن يبعث في ذريته رسولا منهم لضمان بقاء ملة إبراهيم : 

 ( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)) وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدْ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) البقرة

·       الدعاء الرابع والخامس  من سورة إبراهيم بأن  يجعل الله سبحانه أفئدة من الناس تهوي إليهم ،ثم أن يرزقهم بالثمرات :نلاحظ من الدعاء ان إبراهيم عليه السلام قد طلب من رب العزة نوعية خاصة من الناس  :" أفئدة من الناس تهوي إليهم " لكي يستطيعوا العيش لابد من التآلف بينهم وبين من يأتي إليهم وافدا ، لكي لا تحدث مشاحنات أو حروب  في وطنهم الجديد ، كما أن تهوي تناسب الواد المنخفض الذي نقل إبراهيم عليه السلام ذريته إليه:

(رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37)إبراهيم

وإبراهيم عليه السلام  حين طلب من ربه : أفئدة من الناس ، وأن يرزقهم ربهم بالثمرات كان هناك هدف واحد  ، من ذلك ، وهو الهدف الأساس الذي كان السبب في الانتقال لذريته وهو :"ربنا ليقيموا الصلاة "

 ثم يذكرإحاطة الله بالعلم في الأرض والسماء و فضل الله عليه ، فقد وهبه على الكبر إساعيل واسحق فهو سبحانه سميع الدعاء :   

(رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ (38) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (إبراهيم )39

ثم عودة إلى القضية الأساسية التي عاش إبراهيم "عليه السلام" عمره مدافعا عنها إقامة الصلاة :

 (رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40)

الدعاء الأخير وهو يدعو ربه أن يغفر له ولوالديه وللمؤمنين :

رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (إبراهيم41)

ولنا في إبراهيم عليه السلام القدوة الحسنة في كيفية الدعاء ، والحرص على إقامة الصلاة .. والتوحيد الخالص لله سبحانه

اجمالي القراءات 19035