صراع الطربوش والتراث

سامح عسكر في الأربعاء ١٩ - فبراير - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

في عام 1829 أصدر السلطان العثماني قراراً بارتداء الطربوش على الرأس، واعتبار كل من يخالف ذلك هو مخالف للقانون..

كان المسلمون في ذلك الوقت يلبسون العمائم، وكان شيوخهم يعتبرون أن العمائم هي الزي الإسلامي الصحيح و الموروث عن الرسول والسلف، وانتفض لهذا القرار شيوخ الدين وقال أحدهم.."إن السلطان يستطيع أن يقتلع رأس عبده ولكنه لا يملك أن يدنسها بالكُفر"...

غير صحيح أن الطربوش يعني كُفراً بالله ورسوله،لأنه زي اجتماعي يختلف من شعب لآخر ومن بيئة لأخرى، ولو كان هؤلاء غير مقلدين لرأوا الشعوب وهي تخالفهم في العمائم.

ومن محاسن الصُدف أن الشيوخ انتفضوا مرة أخرى حين منع الطربوش على أيدي كمال أتاتورك سنة 1925 ، وأتاتورك هو الذي أراد استبدال الطربوش بالقُبعة الأوروبية فثار شيوخ الدين مرة أخرى باعتبار أن الطربوش هوية إسلامية رغم أن أسلافهم انتفضوا ضده في الماضي..!!

الطريف أن البعض ممن نسميهم.."شيوخ "..يُطالبون بالعودة لارتداء العمائم مرة أخرى، وكأنهم أرادوا كسر التاريخ والقفز على زمن الطربوش العثماني والقُبعة الأوروبية.

قابلت أحدهم في موقع أزهري وكان متعصباً للعمامة باعتبارها زياً إسلاميا، ويستدل في ذلك بأن من يُفرّط في الصغائر سيُفرّط في الكبائر..

قلت أن الجلباب المصري هو الزي الشعبي..بينما القميص والبنطلون والبذلة والكرافتة هي الزي الغربي، وقديماً كان الناس يذمون من يرتدي هذه البذلة ويسخرون من الكرافتة، أما الآن فقد أصبحت زياً مقبولاً ومُعبراً عن الوجاهة والفخامة، والقميص والبنطلون معبرين عن الشياكة والأناقة.

بعد ذلك سيرى الأجيال في المستقبل أن البدلة والكرافتة أصبحت زياً قديماً، وأن الزي الجديد-الذي لا نعرفه-سيكون هو المسيطر والمهيمن حسب مفاهيم وثقافات هذا العصر.

التقليد مبني على الاعتياد فلو اعتاد الناس على السير وهم عرايا في الشارع سيسخرون من المحتشمين، ولو اعتادوا على الطير في الهواء سيسخرون ممن يمشي على الأرض، وربما نجد شيوخ الدين يُكفّرون كل من يُخالف سنة الأولين و يمشي على الأرض..!

 

اجمالي القراءات 11038