الباب الأول : المنهج القرآنى فى إستعمال ( قل )
الفصل الثانى : ( قل ) و قول التبشير والإنذار

آحمد صبحي منصور في السبت ١٥ - فبراير - ٢٠١٤ ١٢:٠٠ صباحاً

( أقوال الرسول فى القرآن فقط ، وليس له أقوال فى الاسلام خارج القرآن )

 الباب الأول : المنهج القرآنى فى إستعمال ( قل )

الفصل الثانى : ( قل ) و قول التبشير والإنذار

مقدمة : بين ( قل ) والتبشير والانذار

1 ـ قلنا أن (قل ) تعنى  ( يقول الله جل وعلا ) إفعلوا كذا أو قولوا كذا ..وأن النبى وكل مؤمن يجب أن يقرأ الآية التى فيها (قل ) خاشعا فى صلاته وتسبيحه وأن يطبق المطلوب طاعة لله جل وعلا ، لأن القول فى الأصل هو قول الله جل وعلا ، نطق به الرسول ، والطاعة لله ورسوله فى هذا القول هى طاعة لواحد فقط ، هو رب العزة فى رسالته القرآن الكريم .

2 ـ والكتب السماوية كلها نزلت تُبشّر وتُنذر ، وكل الرسل كان مبشرين منذرين ، كل منهم كان مأمورا أن ( يُبشّر وأن يُنذر ) قومه ،  فهل كان يُنذر ويُبشر قومه بكلام من عنده ؟ هل كان ( يقول ) لهم تبشيرا من كلامه هو ، أم كان يقرأ لهم التبشير والانذار المكتوب فى الكتاب السماوى ؟

3 ـ من القرآن الكريم نعلم أن خاتم المرسلين ـ مع فصاحته ـ لم يكن يُبشّر ويُنذر بكلامه بل بالقرآن الكريم تنفيذا لأمر الله جل وعلا له . يقول رب العزة جل وعلا يأمره بالإنذار بالقرآن : ( وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ ) (51) الانعام )، وهذا أمر للنبى والمؤمنين أيضا ( كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) الاعراف ). ولقد يسّر الله جل وعلا القرآن للذكر بلسان عربى مبين ليبشر به الرسول المتقين ولينذر به الكافرين : ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً (97) مريم ). وهكذا فالتذكير والوعظ  تبشيرا وإنذارا لا يكون إلا بالقرآن الكريم وحده : ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45) ق ) ( وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ ) (70) الانعام ).

4 ـ وهذا بالضبط ما كان يفعل رسول الله عليه السلام . لم يكن يُلقى فى قومه خُطبة عصماء ( يقول ) لهم فيها التبشير والانذار بكلامه ترغيبا وترهيبا ، بل كان ( يقرأ ) لهم آيات القرآن ، كان يتلو عليهم القرآن ، كان ( يُذكّرهم ) بالقرآن . وقد كانوا إذا ذكّرهم بالقرآن وحده ولُّوا على أدبارهم نفورا : (ً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً (46)الاسراء ) . وكانوا إذا تُلى عليهم القرآن يكادون يسطون بمن يتلو عليهم القرآن ويغشى وجوههم الغضب والكراهية : (  وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ) (72)  الحج ) ، وكانوا ينظرون للنبى بكراهية هائلة حين يتلو عليهم القرآن ينذرهم  به : ( وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ )(51)القلم ) . ونعطى المزيد من التفصيلات فى موضوع التبشير والانذار .

أولا  : التبشير قد يعنى الانذار ( على سبيل السخرية )

1 ـ الشائع أن التبشير هو الاخبار بالأنباء الحسنة والسّارة الطيبة وليس بالأخبار السيئة الكريهة .  من ذلك مثلا تبشير ابراهيم عليه السلام بميلاد ابنه اسماعيل ثم إسحاق : ( فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101) ( وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَقَ نَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ (112) الصافات )( وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَقَ يَعْقُوبَ (71) ( هود ) ( وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى ) (31) العنكبوت ). وتبشير زكريا بابنه يحيى : ( يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيّاً (7) مريم ).

2 ـ ويختلف الأمر باستعمال ( التبشير) فى ايراد الأخبار السيئة الكريهة الكئيبة ، هنا يكون اسلوب السخرية القرآنية . وفى السخرية من العادة السيئة للعرب فى الجاهلية ( وأد البنات ) يقول جل وعلا : ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (17) الزخرف ) ( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59) النحل ). هنا تبشير العربى الجاهلى بما يكره . كان يتوقع ولدا فإذا بالخبر السىء يأتيه بأنثى . مبعث السخرية هنا أنهم يعتبرون ميلاد البنت عارا يجب التخلص منه بالوأد والقتل ، فى نفس الوقت الذى ينسبون لله جل وعلا الملائكة بنات له . لذا يقول جل وعلا لهم ( أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنْ الْمَلائِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً (40) الاسراء ) وفى الرد على هذا التقول العظيم جاءت السخرية منهم باستعمال التبشير فى إخبارهم بما يكرهون .

3 ـ بنفس الأسلوب يأتى ( تبشير ) الكافرين بالنار وليس بالجنّة . يقول جل وعلا لخاتم المرسلين عن الكفار الذين لا يؤمنون بالقرآن ويرفضون الانصياع له أن ( يبشرهم بعذاب أليم ) :( فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ (21) بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) إِلانشقاق ). ونفس الحال مع العُصاة من الأحبار والرهبان والذين يصدون عن سبيل الله والذين يبخلون عن الانفاق فى سبيل الله ويكنزون الذهب والفضة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنْ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) التوبة ) .وأن يبشّر المنافقين المتحالفين مع الكافرين بعذاب أليم : ( بَشِّرْ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (138) النساء )،وايضا الكافرين المعتدين ناكثى العهد : ( وَبَشِّرْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) التوبة ).

4 ـ وهناك عناية خاصة بالسخرية بنوعية خاصة من الكافرين المُكذبين بىيات الله القرآنية . ذلك الصنف الذى لا يكتفى بالقرآن الكريم حديثا ، وإذا سمع آيات الله إتّخذها هزوا ، فى نفس الوقت الذى يتمسّك فيه بلهو الحديث ( البخارى مثلا ) . فى السخرية من هذا الصنف الكافر المُكذّب بآيات الله يأمر الله جل وعلا النبى والمؤمنين بتبشيره بعذاب أليم : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7) لقمان )( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (8) الجاثية ).

 ثانيا : التبشير من الله جل وعلا أصلا

1 ـ وقوله جل وعلا : : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7) لقمان ) يعنى أنه فى كل مجتمع فيه ناس تجد ( من الناس ) من يشترى لهو الحديث ليُضل ععن سبيل الله . أى يوجد هذا الصنف بعد موت خاتم النبيين ، وكان موجودا قبله فى الأمم السابقة . وبالتالى فإن الأمر بتبشيرهم بعذاب أليم هو أمر عام لكل المؤمنين فى جهادهم لأولئك الذين يصدون عن سبيل الله ويتتخذونها عوجا ويشترون لهو الحديث ليصدوا الناس عن ( أحسن الحديث ) . وبالتالى فإن هذا التبشير الساخر هو من عند الله جل وعلا ، وهو جل وعلا فوق الزمان والمكان ، وهو الشاهد على كل زمان ومكان ، وهو الذى كان ولا يزال على كل شىء شهيدا : ( إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (33)( النساء ). وبالتالى فالمطلوب من المؤمن فى عصرنا أن ينطق بالآيات الكريمة يبشر أولئك الكفار المُكذّبين بالقرآن وحده حديثا ، والذين يتخذون لهو الحديث ( البخارى مثلا ) ليضلوا الناس عن القرآن سبيل الرحمن . يكفى أن تستشهد عليهم بما جاء فى شأنهم فى سورتى الجاثية ولقمان . وهنا فالله جل وعلا هو الذى يبشرهم بالعذاب الأليم سخرية منهم ، هو الله جل وعلا ولست أنت .

2 ـ ويقول جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنْ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (21) آل عمران ). ليس مقبولا هنا أن خاتم النبيين عليه وعليهم السلام هو المأمور هنا أن يبشّر الكافرين الذين كانوا يقتلون الأنبياء ، فأولئك الكفرة ماتوا قبل مولد ( خاتم النبيين ) . وبالتالى فإن هذا التبشير هو من الله جل وعلا الذى يعلو على الزمان والمكان . هذا يماثل كلمة ( قل ) التى تعنى ( يقول الله جل وعلا ) . المقبول أن ( يبشّر ) النبى فى حياته الكافرين فى عصره الذين يقتلون المصلحين والذين يأمرون بالقسط ، وهذا ما كانت قريش تفعله . ومع هذا فإنه عليه السلام كان لا ( يُبشّرهم ) أو ينذرهم إلا بالقرآن فقط .

3 ـ الواقع أن الله جل وعلا هو مصدر التبشير بالجنة والتخويف أو الترهيب والانذار من النار . ويأتى هذا صريحا فى تبشيره جل وعلا للمؤمنين المهاجرين المجاهدين فى كل زمان ومكان ، يقول جل وعلا : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ (20) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) التوبة ).

 وفى نفس السورة يجعل رب العزة هذا وعدا الاهيا ولا يُخلف رب العالمين وعده : ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (112) التوبة ) فقوله جل وعلا هنا أمرا للنبى والمؤمنين : (وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ ) يعنى ( بشرى من الله جل وعلا للمؤمنين ).

كما يخاطب جل وعلا المؤمنين خطابا مباشرا يعقد معهم عهدا فيه التبشير بالفوز العظيم فى الدنيا والاخرة : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (13) الصف )

4 ـ ويقول جل وعلا يُنذر الكافرين المشركين الذين إختاروا بمشيئتهم تقديس البشر والحجر : ( فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنْ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ) الزمر 16 ) ويقول جل فى تخويف المتقين من نفس المصير:( ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16) الزمر ) . ويقول فى تبشيرهم إذا إجتنبوا الطاغوت ( وهو يعنى الأحاديث المفتراة والوحى الكاذب كما يزعمون عن السّنّة ) : ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمْ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِي (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمْ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (18) الزمر ) فمن يجتنب الطاغوت ويتبع أحسن الحديث يبشره رب العزة بالجنة .

5 ـ  وهنا مقابلة ومفارقة ومقارنة بين للتبشير بالجنة والتبشير بالجحيم ، كقوله جل وعلا يبشر وينذر : ( تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الكَبِيرُ (22) ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ) 23 ) الشورى ).

ثالثا : موقف المؤمنين والمنافقين من التبشير القرآنى :

1 ـ تتحقّق هذه البشرى عمليا عندما يتلقاها المؤمنون عند الموت ، إذ تبشرهم ملائكة الموت بأن لاخوف عليهم ولا هم يحزنون : ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) يونس ) ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ (32) فصلت ).

2 ـ  وهذا هو الفارق بينهم وبين الذين يموتون على كفرهم ، عند الموت ورؤية ملائكة الموت يعتذرون دون جدوى : ( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوْا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (29) النحل ) وفى المقابل تكون البشرى عند الموت لمن مات مؤمنا مسلما لله جل وعلا وجهه وقلبه : ( وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ (30) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ (31) الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (32) النحل )

رابعا : كل الأنبياء مهمتهم التبشير والانذار:

1 ـ هذا التبشير الالهى والانذار الالهى نزلت به كل الرسالات السماوية ، وأرسل الله جل وعلا به كل الرسل مبشرين ومُنذرين . يقول جل وعلا : ( كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ )  (213) البقرة ). ). ويقول جل وعلا عنهم : (  رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ) 165 )( النساء ).

2 ـ  بل يقول جل وعلا باسلوب القصر والحصر أن الله جل وعلا أرسلهم مبشرين ومنذرين فقط ، وتكرر قوله جل وعلا : ( وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ )(48) الانعام ) (56) الكهف ). ويقول جل وعلا لخاتم المرسلين بنفس الأسلوب : (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (56) الفرقان ).

 خامسا : خاتم النبيين كان مأمورا بالتبشير والانذار

1 ـ كانت مهمته عليه السلام الانذار والتبشير : ( أَنْ أَنْذِرْ النَّاسَ وَبَشِّرْ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ  )(2) يونس ) وعن تبشره للمؤمنين يقول جل وعلا : (وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) البقرة ) ( وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (223) البقرة )( وَبَشِّرْ الْمُخْبِتِينَ (34) الحج )( وَبَشِّرْ الْمُحْسِنِينَ (37) الحج ).

2 ـ ويأتى شرح التبشير والانذار بإضافات لوظائف النبى فى الدنيا والآخرة ، كونه شاهدا على الكفار يوم القيامة ، كقوله جل وعلا : ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (8) الفتح )، وداعيا الى الله جل وعلا بإذنه أى برسالته القرآنية ليكون بها سراجا منيرا ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (45) وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُنِيراً (46) وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً (47) الاحزاب )، وأن هذه المهمة من الانذار والتبشير موجهة أيضا لأهل الكتاب ، فهو عليه السلام منذر مبشّر لهم أيضا : (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنْ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19) المائدة ) ، وأن الانذار أيضا للمؤمنين ليتمسكوا بالحق حتى الموت ليحظوا بالمغفرة واجر كريم يوم الدين : ( إِنَّمَا تُنذِرُ مَنْ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (11)  يس ) .

3 ـ وما عدا هذا ،  فهو عليه السلام لا يعلم الغيب ولا يملك لنفسه ولا لغيره نفعا ولا ضرا : ( قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) الاعراف )( قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنْ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (9) ( الأحقاف ).

سادسا : الرسالة القرآنية نفسها بشيرا ونذيرا

1 ـ قلنا إنه عليه السلام كان يبشّر وينذر بالحق القرآنى يتلوه ويدعو به ، وهذا معنى قوله جل وعلا له عليه السلام مرتين : (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً ) (119) البقرة ) ( فاطر 24 ) .ويؤكّد رب العزة هذا فى قوله جل وعلا عن الحق القرآنى : ( وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (105) الاسراء )، ( فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً (97) مريم ).

2 ـ ولأن القرآن هو فى حقيقته المبشّر والنذير فإن وظيفة التبشير والانذار مستمرة بالقرآن الكريم بعد وفاة النبى فى كل زمان ومكان ، وهذا بحفظ الله جل وعلا للرسالة القرآنية الكريمة ، وبها يكون الرسول للناس كافة بشيرا ونذيرا : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً  ) (28) سبأ ). وبهذه الرسالة العالمية المحفوظة من لدن رب العالمين يكون خاتم المرسلين رحمة للعالمين (  وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) ( الأنبياء ) لمن شاء منهم أن يستقيم ويحظى بالرحمة ، كما يكون عليه السلام نذيرا للعالمين : (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً (1) ( الفرقان ).

3 ـ النبى ( محمد بن عبدالله القرشى ) بشر محكوم عليه بالموت ، ولكن الرسالة التى قام بتبليغها وهى القرآن الكريم سارية بعده الى قيام الساعة ، وبها يكون الرسول أو تكون الرسالة رحمة للعالمين وإنذارا للعالمين . وبالتالى فأن القرآن ـ كلام رب العالمين ـ هو فى الحقيقة البشير والنذير . والمطلوب من الدُّعاة للحق التبشير والانذار به . وعندها تنتهى مهمتهم ، ويكونون شهداء على قومهم يوم القيامة .

4 ـ يقول جل وعلا عن القرآن نفسه هاديا ومبشرا ونذيرا : ( إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً (9) وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (10) الاسراء ). فالقرآن هو الذى يهدى للتى هى أقوم ، وهو الذى يبشر المؤمنين وهو الذى ينذر الكافرين بعذاب أليم . وقد أنزل الله جل وعلا الكتاب القرآنى ولم يجعل له عوجا لينذر الكافرين بأسا شديدا وليبشر المؤمنين بأجر حسن خالد أبدا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا (1) قَيِّماً لِيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (3) وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (4) الكهف ).

5 ـ ومن هنا يأتى وصف القرآن نفسه بأنه هدى وبشرى : ( طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ (1) هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) النمل )، وأنه نذير وبشير : ( وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَاناً عَرَبِيّاً لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ (12) الاحقاف ) ، وأن تفصيلاته تؤكد دوره بشيرا ونذيرا : ( حم (1) تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيراً وَنَذِيراً ) (4) فصلت ) ،. لذا فالقرآن نفسه هو الذى يقول للناس إننى لكم نذير وبشير : ( الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1) أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ (2) هود ).

6 ـ وفى النهاية ، يأتى يوم القيامة ، ويكون النبى شاهدا على قومه الذين عاصرهم ، يشهد عليهم شهادة خصومة بأنهم إتّخذوا القرآن مهجورا : (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً (30)( الفرقان ). خصوم النبى ليسوا فقط أولئك الكفار الذين عاندوه فى مكة وقاتلوه فى المدينة وماتوا على كفرهم ، بل أيضا قومه وأصحابه الذين آمنوا به ثم بعد موته إتّخذوا القرآن مهجورا ، وارتكبوا جريمة الفتوحات ، ينسبون هذه الجريمة الكبرى الى الاسلام العظيم . سيأتى الرسول عليه السلام شاهدا عليهم يوم القيامة ، يتبرأ مما فعلوه ، وبأنه ما أمرهم بهذا ، بمثل ما سيتبرا عيسى عليه السلام ممّن ألّهوه بعد موته .

7 ـ ويقول جل وعلا عن الشهادة يوم القيامة : ( وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً عَلَيْهِمْ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيداً عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) النحل ). أى إن جوهر الشهادة يوم القيامة هى أن القرآن الكريم نزل تبيانا لكل شىء وهدى ورحمة للمسلمين . وهذه شهادة أهل القرآن ـ بإذن الرحمن ـ يوم القيامة ضد أولئك الذين يزعمون ان القرآن لا يكفى وأنه محتاج لسنّتهم لتكمله وتشرحه وتفصّله وتفسره . بل و( تنسخه ) أى تبطل أحكامه .. هل هناك كُفر أفظع من هذا ؟

7 ـ  موعدنا معكم يوم الفصل :( وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (49) فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50) المرسلات ).

ودائما : صدق الله العظيم .!

اجمالي القراءات 22844