هذا هو المقال الثالث من سلسلة مقالات (مصر ليست بلاد القبط),وننصح القارئ الكريم أن يقرأ المقالين السابقين -إن فاته قراءتهما -حرصا على تتابع الموضوع , وبعد:
نجم عن الاختطاف اليهودي لجغرافية تاريخ التوراة , اصطناعُ مزاعم جغرافية هيمنت - ولا تزال- على تاريخ المنطقة لمدد طويلة وتسببت في مغالطات تاريخية وجغرافية وإرباك لغوي وجغرافي , والشواهد الأثرية واللغوية تفضح في جلاء وبما لا يدع مجالا للشك ,التزييف الجغرافي التاريخي لمنطقة الشرق الأوسط . ويرمي هذا التزييف-كما أسلفنا - إلى إثبات حقوق دينية تاريخية وهمية لليهود ذات مرامي سياسية واقتصادية ."وبعد استخدام طرق تنقيب حديثة وتشكيلة واسعة من الفحوص والاختبارات المخبرية لتحليل تاريخ وحضارة الإسرائيليين القدماء , أصبح واضحا الآن أن العديد من أحداث التاريخ التوراتي لم تحدث لا في المكان ولا بالطريقة والأوصاف التي رويت بها في (الكتاب المقدس العبري) ,بل إن بعض أشهر الحوادث المذكورة في هذا الكتاب المقدس العبري لم تحدث مطلقا أصلا " ,المرجع :( كتاب التوراة اليهودية مكشوفة على حقيقتها –رؤية جديدة لإسرائيل القديمة وأصول نصوصها المقدسة على ضوء اكتشافات علم الآثار –الدكتور إسرائيل فنكلشتاين ,بروفيسور ورئيس قسم علم الآثار في جامعة تل أبيب ,والدكتور نيل إشرسيلبرمان ,مؤرخ وباحث أمريكي ) . والنظرة الدقيقة والفحص العلمي الموضوعي لجغرافيا التوراة يثبت بدقة متناهية مطابَقة هذه الجغرافيا لمنطقة غرب شبه الجزيرة العربية في حين تثبت استحالة هذه المطابقة على جغرافيا فلسطين المحتلة , كما أن إعادة قراءة هذه الأحداث في ضوء مسرح حدوثها الحقيقي يزيل الغموض عن الكثير من علامات الاستفهام والتعارض الناشئ عن تراكمات هذا التزييف . ويستقيم فهمنا للنص القرآني مع النظرة الصحيحة لجغرافية تاريخ التوراة التي نستبعد في ضوئها ما كان يمثل في السابق تناقضا وعلامة استفهام لدى النظر إلى التفسير السائد الموروث للنص القرآني كما سنرى لاحقا . فشبه الجزيرة العربية كان مسرحا لأحداث مسيرة أنبياء الله الداعين إلى التوحيد من إبراهيم وحتى محمد صلوات الله عليهم أجمعين , ومن قبلهم كان آدم ونوح ,لكن التزييف اليهودي -الذي رعاه ورسخه علماء ومستشرقون غربيون - نقل مسرح الأحداث من بلاد الحجاز إلى فلسطين , فالمسرح الحقيقي للنبوات كان منطقة جبال السراة بعسير في شبه الجزيرة العربية . انتهى المقال الثالث ويتبعه الرابع بإذن الله تعالى - بتصرف من كتابنا ...بين القرآن والتراث- نبيل هلال هلال