سيناريو شلح خالد الجندي من عمامة الأزهر بدأ بالتشكيك في أموال أزهري!ا/عادل حمودة |
وصف الإمام الأكبر تمويل قناة "أزهري" بأنه "مريب" و "مشبوه" رصاصة أصابت الشيخ خالد الجندي بالحزن والنكد.
ورغم أن الشيخ خالد الجندي تخرج في جامعة الأزهر ولا يزال موظفا علي درجة متميزة في وزارة الأوقاف فإن شيخ الأزهر لا يعتبره واحدا منهم.. وهو ما جعل المتحدث الرسمي باسم المشيخة ــ وهو سفير منتدب من وزارة الخارجية ــ يصفه بالداعية المستقل.. ليس من باب الإعجاب الذي تحمله الكلمة.. وإنما من باب إنكار نسبه للجامع العريق. وفي لقاء مباشر بين الشيخين قال أحمد الطيب له بصريح العبارة: "أنت لست منا".. وهو ما جعل خالد الجندي يقول فيما بعد مازحا لمقربين إليه: "لقد شلحني شيخ الأزهر ".. مشيرا إلي تمسك البابا شنودة بالقمص زكريا بطرس رغم هجومه الطائفي السافر والساخر من المسلمين ونبيهم وسنتهم. كان اللقاء قد جري بتدبير من مسئول في جهاز مباحث أمن الدولة للتقريب بين الشيخين بعد ظلال الشك التي ألقاها شيخ الأزهر علي قناة "أزهري" خلال حواره مع مكرم محمد أحمد في صحيفة "الأهرام".. والمعروف أن خالد الجندي هو نجم القناة.. ومسئول عن إدارتها.. وشريك فيها بالثلث.. بجانب الدكتور يحيي البستاني وهو طبيب أصبح رجل أعمال.. وحسن تتناكي.. وهو أيضا رجل أعمال ولكنه يحمل الجنسية الليبية ويقيم في القاهرة.. وهما يمولان القناة من فائض أموالهما في البيزنس داخل وخارج مصر.. وربما كانت هناك مساهمات من شخصيات خليجية تنتمي لمؤسسات حاكمة تؤمن أيضا بخطر الوهابية والشيعة علي الوسطية الإسلامية.. وهو ما يعتبره البعض عملا من أعمال الخير.. مثل بنك الطعام.. ودور الايتام.. وغيرها. ولم يفلح اللقاء بين الرجلين في لم الشمل وإزالة الخلاف وتقريب وجهتي النظر بل علي العكس ضاعف من الفرقة وفجر من القضايا الدينية ما لم يكن في الحسبان.. وهو ما جعل خالد الجندي يرفض تكرار اللقاء قبل أن يعرف الإمام الأكبر الأمور علي حقيقتها. في ذلك اللقاء قال أحمد الطيب: " إنك تنكر وجود الطب النبوي وتصفه بالطب البدوي أليس ذلك صحيحا؟ ". أجاب خالد الجندي: "نعم.. فليس هناك ما يسمي بالطب النبوي.. ولو قلت لي إن أبي جهل أو ابي لهب لم يعالجا بالحجامة مثل النبي سوف أوافقك في وجود الطب النبوي.. ولو أن النبي يعيش في زماننا فإنه كان سيجري أشعة مقطعية ورسم قلب وتحليل دم كامل". قال أحمد الطيب: "لكنك وصفت النبي بالبدوي". رد خالد الجندي: "حاشا لله أن أكون فعلت ذلك". وهكذا بدأ اللقاء بخلاف واحد وانتهي بوجود أكثر من خلاف.. بدأ بخلاف حول قناة تليفزيونية وانتهي بخلاف في أمور دينية. وكان خالد الجندي قد ذهب إلي أحمد الطيب فور توليه مشيخة الأزهر ليقدم له التهنئة.. ولم يتردد في أن يضع قناة " أزهري " بين يديه.. لتكون في خدمة الوسطية الإسلامية.. وسط القنوات السلفية المتشددة التي تروج للنقاب.. وتتحدث عن إرضاع الكبير.. وتفرط في وصف عذاب القبر.. وتحذر من دخول الحمام بالقدم اليسري. وكانت غالبية هذه القنوات قد شنت حربا شرسة علي شيخ الأزهر الراحل الدكتور سيد طنطاوي يوم وجه لوما لفتاة في عمر أحفاده لإصرارها علي تغطية وجهها بالنقاب.. ووصل الهجوم إلي حد أن طالب مقدم برامج مجهول يطلق لحيته حتي صدره باستتابته.. وفي الوقت نفسه تولي خالد الجندي الدفاع عنه في "أزهري".. ليس هذه المرة فقط.. وإنما مرات عديدة.. آخرها.. يوم سخر منه شيخا سوريا يدعي " كوكي" في برنامج فيصل القاسم الاتجاه المعاكس علي قناة الجزيرة.. وكان علي الطرف الآخر في الحوار الباحث في شئون التنظيمات والجماعات المتطرفة عبد الرحيم علي الذي لم يتوان في الدفاع عن هيبة الأزهر وكرامة شيخه.. وترتب علي ما فعلت " أزهري " أن تدخلت السلطات السورية وقبضت علي " كوكي " للتحقيق معه.. وقدمت اعتذارا للدكتور سيد طنطاوي. لكن.. الدكتور أحمد الطيب لم يقبل علي ما يبدو بهدية الشيخ خالد الجندي ولم يشأ أن تكون له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بقناة " أزهري ".. وهو ليس موقفا جديدا.. وإنما هناك خلفيات تستحق الكشف عنها. لقد بدأ إرسال القناة منذ نحو العام في شهر رمضان الماضي.. وقبل ساعة الصفر بعدة أسابيع ذهب الشيخ خالد الجندي والدكتور يحيي البستاني إلي شيخ الأزهر وقتها الدكتور سيد طنطاوي للحصول علي مباركته للقناة.. مجرد المباركة.. دون أن يطلبا منه الإشراف الرسمي عليها.. فطلب منهما حضور الاجتماع القادم القريب لمجمع البحوث الإسلامية وعرض الأمر علي أعضائه. كان أشهر من في الاجتماع الشيخ محمود الراوي والدكتور محمد عمارة والدكتور عبدالفتاح الشيخ والدكتور عبدالمعطي بيومي والدكتور علي جمعة والدكتور حمدي زقزوق والدكتور عبد الله النجار والدكتور أحمد الطيب الذي كان في ذلك الوقت رئيسا لجامعة الأزهر. عرض الدكتور سيد طنطاوي فكرة القناة في دقائق معدودة علي الأعضاء وقدم الشيخ خالد الجندي قائلا: " الرجل جاء لتوضيح ما يرمي إليه".. لكن.. الأعضاء ثاروا علي القناة قبل أن تبدأ.. وقالوا: "إن الأزهر أكبر من أن يمتلك قناة". وكان رد خالد الجندي: " نحن لا نريد قناة يمتلكها الأزهر ولا نطالب بإشراف الأزهر عليها لكننا نضع أنفسنا في خدمة رسالة الأزهر". وعبر بعضهم عن تخوفه من انحراف القناة.. وطلبوا تغيير اسمها.. فرفض خالد الجندي قائلا: " الاسم لا علاقة له بالأزهر.. هناك صيدلية الأزهر.. ومسمط الأزهر.. والأزهر فون.. بل وشارع الأزهر.. وما يحدث في هذه الأماكن لا ينسب إلي الأزهر ".. وهو نفس الرأي الذي كرره علي مسامع الأعضاء الدكتور سيد طنطاوي. قال الدكتور محمد عمارة: "الأزهر ليس ملكا لخالد الجندي حتي نتركه يفعل به ما يشاء".. فقال خالد الجندي: "ولا الأزهر ملك المجلس الموقر.. الأزهر ملكية عامة ليس للمصريين فقط وإنما لكل المسلمين أيضا". قال الدكتور عبد المعطي بيومي: " القناة لا تتحدث باسم الأزهر ".. فرد خالد الجندي قائلا: " ليس من حقي التحدث باسم الأزهر أنتم فقط الذين تتحدون باسمه وتعبرون عنه ". قال الشيخ أحمد الطيب موجها حديثه لشيخ الأزهر: " يا فضيلة الإمام الأكبر لو كانت النية صادقة نحن الذين ندير القناة ".. فرد شيخ الأزهر: "نحن لا ندير قنوات ".. فاستطرد الشيخ أحمد الطيب: " إذن دعنا نشرف عليها بواسطة لجنة حكماء من خمسة أعضاء في المجلس ".. فتدخل الأمين العام للمجمع قائلا: " ليس لدينا ميزانية تكفي لدفع مكافآت لجنة الحكماء ".. فالتفت شيخ الأزهر لخالد الجندي قائلا: "تتحملهم أنت يا شيخ خالد ".. فأجاب: " اتحملهم وأظبطهم ". افزعت كلمة " وأظبطهم " الشيخ أحمد الطيب فاعترض عليها قائلا: "إحنا ما بنتظبطش".. والتفت إلي خالد الجندي قائلا: "أنا باروح حلقة التليفزيون مجانا اللي بتاخد فيها انت ثلاثة آلاف جنيه".. فعلق خالد الجندي: "أنا لو هاخد ثلاثة آلاف جنيه ما أروحش". يصر خالد الجندي علي أنه كان يقصد بكلامه المزاح.. لكنه مزاح لم يكن في موضعه.. انقلب علي ما يبدو إلي خلاف.. وشقاق.. ظهرت آثاره فيما بعد.. حين تولي الدكتور أحمد الطيب مشيخة الأزهر.. وقد جاءته الفرصة في حواره مع الأهرام ليرد الكلمة رصاصة لاشك أنها أصابت خالد الجندي بالقرب من القلب علي الأقل. أنهي خالد الجندي كلامه عارضا علي المجمع تولي القناة بالكامل وأعلن استعداده للتنازل عنها.. لكن.. الدكتور سيد طنطاوي وجد أن أفضل حل للأزمة التي تفجرت هو تأجيل القرار إلي اجتماع استثنائي قادم.. مكررا: " إن الأزهر لا يمتلك قناة وإنما يتعاون مع كل القنوات ".. علي أن الدكتور عبدالمعطي بيومي عاد ليقول: " أنا عاوزهم يشيلوا اسم القناة ".. فقال الدكتور سيد طنطاوي: " روح المحكمة وارفع قضية لشيل الاسم". واللافت للنظر أن معظم المعترضين جاءوا إلي القناة طواعية.. مثل الشيخ محمد راوي.. والشيخ عبد الفتاح الشيخ.. بجانب شيخ الأزهر والمفتي. ولعل محضر ذلك الاجتماع يؤكد أن الشيخ أحمد الطيب كان علي علم بأمر القناة قبل ظهورها.. وإن قال فيما بعد مؤخرا: إنها خرجت في غفلة من الأزهر. ولكن.. ما يلفت النظر في هذه المعركة أن شيخ الأزهر لم يقترب من قنوات فضائية سلفية لا يتفق معها ويعرف خطورتها ويسعي لإزالة آثارها وركز مدفعيته الثقيلة علي قناة خففت من مغالاة المتشددين وحاربت معركة الأزهر وحدها دون مساندة من أحد بما في ذلك الحكومة المصرية التي ترفض أن يكون البث من القاهرة ــ حتي لا تفتح الباب لطلبات قنوات دينية أخري قبطية وشيعية ووهابية ــ وتركتها تذهب إلي عمان لتخرج من هناك. وربما كانت "أزهري" هي القناة الإسلامية الوحيدة التي أظهرت علي شاشتها أقباطاً وعرضت جنازة قتلي نجع حمادي في مجزرة عيد القيامة. ولاشك أن خالد الجندي عالم أزهري لا يخفي مشاعره الصوفية ويعرف ما يقول جيدا ويتمتع بقبول من قطاعات عريضة من الناس بمن فيهم الشباب ونجح في أن يقدم نفسه في صورة عصرية بسيطة جعلت منه نجما جذابا لكل من يسمعه ويراه.. مما جعله نجما يصدقونه.. فما المبرر للقضاء عليه.. خاصة أن الوسطية الإسلامية في حاجة إلي عشر قنوات قوية لا قناة واحدة من عينة " أزهري ". والحقيقة الظاهرة علي السطح أن قيادات الأزهر العليا علي خلاف بين بعضها البعض كما أن وضع العملاء علي درجات وظيفية جعلت منهم تابعين للسلطة البيروقراطية يهتمون بالرسوب الوظيفي والعلاوات والترقيات أكثر من اهتمامهم بأمور الدعوة وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تشربها الغالبية العظمي من المصريين. والجملة والوحيدة التي قالها لنا خالد الجندي: إنه مستعد أن يترك القناة للأزهر الشريف لو كانت المشكلة تخصه وحده.. وغالبا ما سيمنحه الابتعاد عن القناة فرصة أكبر لكسب مالي ودعائي لا حدود له.. فهناك قنوات كثيرة تتمني أن يأتي للعمل معها.. وبالأجر الذي يحدده |