الباب الرابع : إنتشار الاعتقاد فى أساطير الشفاعة
مدى تأثير أساطير الشفاعة الحنبلية فى الصوفية ( ب4 ف 2 )

آحمد صبحي منصور في الخميس ٢٨ - نوفمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

مدى تأثير أساطير الشفاعة الحنبلية فى الصوفية ( ب4 ف 2 )

النبى لا يشفع يوم الدين :( كتاب الشفاعة بين الاسلام والمسلمين )

 الباب الرابع : إنتشار الاعتقاد فى أساطير الشفاعة

الفصل الثانى :  مدى تأثير أساطيرالشفاعة الحنبلية فى الصوفية

مقدمة

1 ـ سنعيش بالتفصيل مع التصوف فى موسوعة التصوف عند نشرها هنا بأجزائها بعون الله جل وعلا . ونعطى هنا لمحة عنه تخصّ الشفاعة .

2 ـ ظهر التصوف ونشأ فى خندق الاضطهاد من الحنابلة ، ثم انتشر على حسابهم شيئا فشيئا مجتذبا اليه العوام ، حتى أصبح الدين السائد فى العصرين المملوكى العثمانى . بالاضافة الى سعى الصوفية لاجتذاب العوام وتطويع دين التصوف ليلبى كل أهواء ونزوات العوام فهناك سبب آخر هو إنتاج مزيج من دينى التصوف والسُّنة هو التصوف السّنى الذى دعّمه سياسيا صلاح الدين الأيوبى ليحارب به التشيع ، والذى كتب فيه علميا الغزالى ( إحياء علوم الدين ) وغيره. تخلص التصوف السنى من تطرف الحنابلة السنيين ومن تطرف فلاسفة التصوف النظرى الذين كانوا على مثال الحلاج المقتول 309 بسبب صراحته فى إعلان الالوهية .

3 ـ وينقسم التصوف الى نوعين : تصوف نظرى فلسفى كان السائد فى العصر العباسى الثانى ، وهو مؤسس على الحلول والاتحاد ووحدة الوجود ووحدة الفاعل . وتعنى إنكار ألوهية الله عز وجل ، وأنه لا فارق بين الخالق والمخلوق إلا كالفارق بين البحر وأمواجه . وقد كان التعبير عن هذه العقيدة الصوفية يتم بالرمز خوفا من مصير الحلاج . وبمرور الزمن وانتشار التصوف بين العوام بدءا من العصر المملوكى ( 648 هجرية ) تناقص التصوف النظرى ولم يظهر من شيوخة سوى ابن عربى وابن سبعين وابن الفارض وعبد الكريم الجيلانى وابو الوفا الشاذلى ، بينما انتشرت على أوسع نطاق الطُّرق الصوفية أو التصوف العملى يجذب اليه مئات الألوف من الشيوخ الجهلة الرّعاع مع مئات الالوف من المعتوهين المتخلفين عقليا ( المجاذيب ) أو الذين يتظاهرون بالجنون ليكونوا أولياء ( جذبتهم ) المحبة الالهية بزعمهم ففقدوا عقولهم . وفى كل الأحوال (نام) المحمديون فى ظل ( المنامات ) الصوفية بعد أن كانوا من قبل ( ينامون ) فى ظل (المنامات ) الحنبلية .

3 ـ إلا إن أساطير الشفاعة لم تحظ لدى التصوف النظرى بالذات بنفس الاهتمام الذى كانت تحظى به لدى الحنابلة فى مناماتهم وأحاديثهم . السبب فى أن التصوف النظرى لا يأبه بالجنة والنار أو بالعبادة رغبة فى الجنة وخوفا من النار ، لأن التصوف يعنى ( الجلوس فى الحضرة الالهية ) و ( الحلول الالهى فى البشر ) و ( إتّحاد البشر بالله ) و ( العشق الالهى ) على قدم المساواة التامة بين الخالق والمخلوق فهم يعتقدون أنه لا خالق ولا مخلوق ، لأن الاله الذى صنعوه من أوهامهم يتجلّى فى كل المواد الحيّة والميتة،ولا يرى هذه الحقيقة (الأغيار المحجوبون )ولكن يراها من زال عنه الحجاب وأوتى العلم اللدنى ونطق بالسّر المكنون ..الى آخر خزعبلاتهم . وطالما يعتقدون فى أنفسهم الألوهية ولا يهتمون بالجنّة فإن الشفاعة لا تحتل أولوية لديهم . وهذا ما كان . ونعطى بعض التفاصيل :

أولا : أبوحامد الغزالى ومحنة التناقض فى دين التصوف السُّنى

1 ـ فى كتابه ( الإحياء ) تناقض الغزالى بين الحنبلية السنية التى يستشهد بأحاديثها والتصوف النظرى الذى يؤمن به .

2 ـ فى ( الاحياء الجزء الأول كتاب قواعد العقائد وهو الكتاب الثاني من ربع العبادات كتاب قواعد العقائد  وفى الفصل الأول في ترجمة عقيدة أهل السنة ) يعرض الغزالى لعقائد (أهل السنة ) فى الصراط والكوثر والميزان التى يجب أن يؤمن بها ( المسلم ) الى أن يقول عمّن ( يدخل الجنة بغير حساب ) :( حديث ابن عباس عرضت علي الأمم فقيل هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ،  ولمسلم من حديث أبي هريرة وعمران بن حصين يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفا بغير حساب . زاد البيهقي في البعث من حديث عمرو بن حزم : وأعطاني مع كل واحد من السبعين ألفا سبعين ألفا . زاد أحمد من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر بعده هذه الزيادة : فقال فهلا استزدته قال قد استزدته فأعطاني مع كل رجل سبعين ألفا .قال عمر فهلا استزدته قال قد استزدته فأعطاني هكذا ) ..( وأن يؤمن بإخراج الموحدين من النار بعد الانتقام حتى لا يبقى في جهنم موحد بفضل الله تعالى فلا يخلد في النار موحد ، حديث إخراج الموحدين من النار حتى لا يبقى فيها موحد بفضل الله سبحانه أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة في حديث طويل حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا ممن أراد الله أن يرحمه ممن يقول لا إله إلا الله .الحديث .وأن يؤمن بشفاعة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء ثم سائر المؤمنين على حسب جاهه ومنزلته عند الله تعالى. ومن بقي من المؤمنين ولم يكن له شفيع أخرج بفضل الله عز وجل فلا يخلد في النار مؤمن بل يخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان .حديث شفاعة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء ثم سائر المؤمنين ومن بقي من المؤمنين ولم يكن لهم شفيع أخرج بفضل الله فلا يخلد في النار مؤمن بل يخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان أخرجه ابن ماجه من حديث عثمان بن عفان : يشفع يوم القيامة ثلاثة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء وقد تقدم في العلم. وللشيخين من حديث أبي سعيد الخدري من وجدتم في قلبه مثقال حبة من خردل من الإيمان فأخرجوه . وفي رواية من خير . وفيه فيقول الله تعالى شفعت الملائكة وشفعت النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط .الحديث . ) هنا نرى الغزالى حنبليا صميما. 3 ـ ولكن نُفاجأ بالغزالى فى نفس الكتاب يعبر عن عقيدته الصوفية . وننقل هنا بعض ما كتبناه فى موسوعة التصوف فيما يدخل فى هذا الموضوع :( أما الصوفية فلا يأبهون بالجنة أو بالنار: ( ولذلك قال العارفون ليس خوفنا من نار جهنم ولا رجاؤنا للحور العين ، وإنما مطالبنا اللقاء ومهربنا الحجاب فقط ، وقالوا ومن يعبد الله بعوض فهو لئيم كأن يعبده لطلب جنته أو لخوف ناره ، بل العارف يعبده لذاته فلا يطلب إلا ذاته فقط ) [1].ولسنا في مجال التعليق على ذلك النص الذي يجعل الصوفية أنداداً لله ويفضلهم على الرسل الذين كانوا يعبدون الله رغبة ورهبة ، ويكفى أن نقرر أن ترفع الصوفية عن الجنة وسخريتهم بالنار تردد في مواضع شتى في الإحياء [2] كإحدى مظاهر عقيدة الاتحاد التي تسبغ الألوهية على الصوفية ..إلا أن الغزالى فى نفس الكتاب ( الاحياء) يقرر عقيدته الصوفية الرامية لإسقاط التكاليف الإسلامية عن الصوفى الواصل ، وذلك بأسلوب ملتو غير مباشر كالشأن به دائماً فى مواضيع التصوف فى كتاب الاحياء ،يقول مثلاً ( ليس يخفى أن غاية المقصود من العبادات الفكر الموصل للمعرفة والاستبصار بحقائق الحق)[3]. وخطورة هذه العبادة تتجلى فى أن الفقيه العادى يقرأها بطريقة حسنة النية فلا يرى فيها عوجاً ولا أمتاً ، أما قراءة الصوفى – والخطاب موجه إليه أساساً_  فيرى فيها تقريراً كاملاً لإسقاط التكاليف الإسلامية ،فالصوفى يفهم أن غاية العبادات هى المعرفة ( والمعرفة هى الاتحاد الصوفى) والاستبصار بحقائق الحق ( أى معرفة الأسرار الإلهية اللدنية_وهى فرع عن الاتحاد) .. ومعنى ذلك أن الغاية ( وهى المعرفة الصوفية) إذا حصلت للصوفى بجذبة إلهية مثلاً فقد استغنى عن الوسيلة( وهى العبادات) .. وفى مواضع أخرى من كتاب ( الاحياء) تعرض الغزالى للمطلب الصوفى بإسقاط  التكاليف الإسلامية  فضرب الأمثلة للتوضيح ، يقول ( قيل لعبد الواحد بن زيد : ههنا رجل قد  تعبد خمسين سنة فقصده فقال له : يا حبيبي أخبرنى عنك هل قنعت به ؟ قال. لا . قال: هل أنست به ؟ قال : لا. قال : فهل رضيت عنه ؟ قال : لا . قال: فإنما مزيدك منه الصوم الصلاة؟     قال : نعم ، قال :  لولا أن استحي منك لأخبرتك بأن معاملتك خمسين سنة مدخولة( أى مغشوشة)، ومعناه: أنه لم يفتح لك باب القلب فتترقى إلى درجات القرب بأعمال القلب وإنما أنت تعد فى طبقات   أصحاب اليمين لأن مزيدك منه فى أعمال الجوارح التى هى مزيد أهل العموم)[4]. فهذه  قصة وهمية جعلت عبادة خمسين عاماً لاغية عند عبد الواحد بن زيد لأن صاحبها لم يستشعر  المقامات الصوفية الإتحادية من الأُنس والرضا والقرب، أو بتعبير الغزالى فقد حرمت صاحبها من الترقى فى درجات القرب حتى يصل للإتحاد ، و جعلت منتهى أمره أن يكون من أصحاب اليمين ( التى هى مزيد أهل العموم) أى عموم الخلق الذى لا عمل لهم إلا القيام بالتكاليف الإسلامية،أما الصوفية فهم ــــ بلا عبادة ــــ يتمتعون بالقرب والأُنس والمناجاة  والعشق ـ  تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا .. وفى موضع آخر يتحدث الغزالى عن التصوف وأعمال الباطن المزعومة ثم يعرض للتكاليف الإسلامية فيقول ( فأما ما ذكرناه ، فهو تفكر فى عمارة الباطن ليصلح للقرب والوصال ، فإذا ضيع جميع عمره فى إصلاح نفسه فمتى يتنعم بالقرب؟  ولذلك كان الخوَّاص يدور فى البوادى فلقيه الحسين بن منصور ( الحلاج) وقال فيما أنت؟ قال: أدور فى البوادى أصلح حالى فى التوكل ، فقال الحسين : أفنيت عمرك فى عمران باطنك ،فأين الفناء فى التوحيد؟؟  فالفناء فى الواحد الحق هو غاية مقصد الطالبين ومنتهى نعيم الصديقين ، وأما التنزه عن الصفات المهلكات فيجرى مجرى الخروج عن العدة فى النكاح ، وأما الاتصاف بالصفات المنجيات وسائر الطاعات فيجرى مجرى تهيئة المرأة جهازها وتنظيفها وجهها ومشطها شعرها لتصلح بذلك للقاء زوجها ، فإن استغرقت جميع عمرها فى تبرئة الرحم وتزيين الوجه كان ذلك حجاباً لها عن لقاء المحبوب ، فهكذا ينبغى أن تفهم طريق الدين إن كنت من أهل المجالسة ، وإن كنت كالعبد السوء لا يتحرك إلا خوفاً من الضرب وطمعاً فى الأجر فدونك وإتعاب البدن  بالأعمال الظاهرة ، فإن بينك وبين القلب حجاباً كثيفاً،فإذا قضيت حق الأعمال كنت من أهل الجنة ، ولكن للمجالسة أقوام آخرون)[5].    فالغزالى يظهر هنا على حقيقته كصوفى قح .. فهو ينظر إلى العبادات والأوامر والنواهى الإلهية من خلا ل عقيدة الاتحاد الصوفية ومسمياتها من القرب والوصاال والفناء والمجالسة والحجاب .. ويبدأ النص بالغزالى وهويطرح سؤالاً يقول : إذا ضيع الإنسان عمره فى إصلاح نفسه بالطاعة فمتى يتنعم بقرب الله تعالى؟  أ و بالتعبير الحقيقى إذا أضاع عمره فى الطاعة فمتى يتنعم بالألوهية؟ واستشهد ـــ ليس بالقرآن ـــــ وإنما بقصة صوفية عن الحلاج كان فيها يشرّع للخواص أسهل الطرق للوصول وأنها ليست بإصلاح الحال أى بالأعمال الصالحة، وإنما بالفناء فى التوحيد أى اعلان عقيدة الاتحاد والفناء فى الذات الإلهية فذلك ( هو غاية مقصد الطالبين ومنتهى نعيم الصديقين) حسب قول الغزالى. ثم يصف الغزالى أعمال الطاعات بأنها تجرى ( مجرى تهيئة المرأة جهازها وتنظيفها وجهها ومشطها شعرها لتصلح بذلك للقاء زوجها) ويصف الإنتهاء عما نهى الله عنه من المعاصى بأنه كخروج المرأة ( عن العدة فى النكاح) .. ويقول ( فإن استغرقت جميع عمرها فى تبرئة الرحم وتزيين الوجه كان ذلك حجاباً لها عن لقاء المحبوب) . ومع بشاعة التشبيه الذى قاله الغزالى فى وصفه للتكاليف الإسلامية فإنه يعكس نفسية الصوفية ونظرتهم لله تعالى ونظرتهم لأنفسهم كألهة يستحقون المساواة بالله ولا يرون لأنفسهم مقاماً إلا مجالسته وقربه والفناء فيه وعشقه ( تعالى عن ذلك علواًكبيراً) ، والغزالى لا يكتفى بذلك وإنما يعتبر التكاليف الإسلامية التى تعنى تجسيد العبودية لله تعالى ـ  حجاباً عن الوصول لدرجة المجالسة ، فإذا أضاع الصوفى عمره فيها فقد حجب عن لقاء المحبوب يقول ( فإن استغرقت المرأة جميع عمرها فى تبرئة الرحم وتزيين الوجه كان ذلك حجاباً لها عن لقاء المحبوب ، فهكذا ينبغى أن تفهم طريق الدين إن كنت من أهل المجالسة ) أى الذين يجلسون مع الله. ثم يصف الأنبياء والرسل وأتباعهم المؤمنين بأنهم عبيد سوء لأنهم اتعبوا أنفسهم  بالعبادة خوفاً من النار وطمعاً فى الجنة .. وأولئك إن افلحوا فمصيرهم الجنة ـ  والصوفية لا يأبهون بالجنة ـ  ولكنهم بذلك حجبوا عن مجالسة الله .. ( فهكذا  ينبغى أن تفهم طريق الدين إن كنت من أهل المجالسة ، وإن كنت كالعبد السوء لا يتحرك إلا خوفاً من الضرب وطمعاً فى الأجر فدونك وإتعاب البدن بالأعمال الظاهرة فإن بينك وبين القلب  حجاباً كثيفاً، فإذا قضيت حق الأعمال كنت من أهل الجنة ولكن للمجالسة قوم آخرون ).. والغزالى اختار لفظ (العبد) عمداً،فالطائعون (عبيد) لله أما هم  فينزعون للإتحاد بالله ويعتبرونه نداً يجالسونه ويفنون فيه اتحاداً به .. وطريق اتحادهم يكمن فى القلب ،إذ بالقلب أوبالروح يتلقى الصوفى العلم الإلهى ويعلم الغيب وتكون الجذبه الإلهية. ويصف الغزالى المؤمنين (عبيد السوء)بأن بينهم ( وبين القلب حجاباً كثيفاً)..وذلك الحجاب الكثيف هو الطاعة لله بأداء فرائضه والإنتهاء عن نواهيه..أى ان الفرائض الإسلامية حجاب عنده !!

ثانيا : الشفاعة لاجتذاب العوام فى الموالد الصوفية والطرق الصوفية ( التصوف العملى )

1 ـ وننقل هنا من كتابنا ( السيد البدوى ) ما يتفق مع هذا الموضوع فيما يخص التصوف العملى والطرق الصوفية فى العصر المملوكى  ( ...فالصوفية يؤمنون بشفاعة الأولياء لأتباعهم . وأولياء الصوفية يعلنونها صراحة فالدسوقى يقول فيما يرويه عنه الشعرانى " أنا بيدى أبواب النار غلقتها وبيدى جنة الفردوس فتحتها ، من زارنى أسكنه جنة الفردوس [6] أى من زار مولد الدسوقى أسكنه الدسوقى جنة الفردوس التى يحتفظ بمفتاحها فى جيبه ، والبدوى عند الصوفية أعظم شأنا من الدسوقى فلا بد أن تكون شفاعته أكبر ، ولأن مولد البدوى أضخم من مولد الدسوقى والانحراف فيه أشد فالمنتظر أن تتوجه شفاعة البدوى لتكون فى خدمة من ( يبالغ فى الاختلاط بالنساء ) فى زحمة المولد حيث ( البساط أحمدى ) .يقول الشعرانى ( أخبرنى شيخنا محمد الشناوى أن شخصا أنكر حضور مولده فسلب الإيمان فلم يكن فيه شعرة تحن إلى دين الإسلام فاستغاث بسيدى أحمد فقال : بشرط أن لا تعود ، قال نعم ، فرد عليه ثوب إيمانه ثم قال له : وماذا تنكر علينا قال : اختلاط الرجال والنساء فقال له سيدى أحمد : ذلك واقع فى الطواف ولم يمنع أحد منه ثم قال : وعزة ربى ما عصى أحد فى مولدى إلا وتاب وحسنت توبته وإذا كنت أرعى الوحوش والسمك فى البحار وأحميهم من بعضهم بعضا أفيعجزنى ربى عن حماية من يحضر مولدى [7] )  ففى هذا النص دفاع عن الانحراف بثلاثة أوجه :

 أولا: إن " الاختلاط " واقع فى الطواف حول الكعبة ولم يمنع منه أحد وضريح البدوى كالكعبة والحج إليه كالحج لبيت الله الحرام ، وما يجوز هناك يجوز هنا .ثانيا: أن تصريف البدوى يصل إلى حد مقدرته على فرض التوبة على من عصى فى المولد فسرعان ما يتوب بعدها .. ثم يعود للعصيان فى المولد ويتوب بعدها وهكذا ،فلا حرج على رواد المتعة فى المولد الأحمد والبدوى بيده مقاليد التوبة يهبها لزواره بعد أن يأخذوا حظهم من المتع فى المولد .. فالانحراف مستمر والتوبة أيضا مستمرة والمولد طبعا مستمر .

ثالثا: ثم إذا تأزمت الأمور فتصريف البدوى عظيم وإذا كان يصل بقدرته إلى التحكم فى الوحوش فى الغابات والأسماك فى البحار ألا يستطيع أن يشفع لزواره ويحميهم من العقاب ؟؟ فلا عليكم يازوار البيت " الحرام " فى طنطا فذنبكم مغفور مقدما أما أنت أيها المعترض على ما يحدث بالمولد فجزاؤك أن يحل بك غضب البدوى فيسلبك حلاوة الإيمان ..

وفى ذلك يقول أحدهم :

        وأعجب شيئ أن من كان عاصيا               بمولده يعنى به  ويرفق [8] .

2 ـ وننقل من الطبقات الكبرى للشعرانى ترجمته للشيخ ( على وحيش ) الذى تخصص فى الشفاعة فى رواد بيوت الدعارة وتخصص أيضا فى فعل الفاحشة بالحمير !!: يقول عنه الشعرانى بكل إحترام وتقديس : (ومنهم سيدي علي وحيش من مجاذيب النجارية ، رضي الله عنه. كان رضي الله عنه من أعيان المجاذيب أرباب الأحوال، وكان يأتي مصر، والمحلة، وغيرهما من البلاد، وله كرامات، وخوارق.واجتمعت به يوماً، في خط بين القصرين فقال لي:" وديني للزلباني " ، فوديته له فدعا لي، وقال:" الله يصبرك على ما بين يديك من البلوى".  وأخبرني الشيخ محمد الطنيخي رحمه الله تعالى قال:  كان الشيخ وحيش رضي الله عنه يقيم عندنا في المحلة في خان " بنات الخطا"، وكان كل من خرج يقول له : " قف حتى أشفع فيك عند الله قبل أن تخرج " فيشفع فيه، وكان يحبس بعضهم اليوم، واليومين، ولا يمكنه أن يخرج حتى يجاب في شفاعته. وقال يوماً لبنات الخطا: "اخرجوا فإن الخان رائح يطبق عليكم". فما سمع منهن إلا واحدة فخرجت ووقع على الباقي فمتن كلهن. وكان إذ رأى شيخ بلد أو غيره، يُنزله من على الحمارة، ويقول له :" أمسك رأسها لي حتى أفعل فيها" فإن أبي شيخ البلد تسمّر في الأرض لا يستطيع يمشي خطوة، وإن سمع حصل له خجل عظيم، والناس يمرون عليه... مات رحمه الله تعالى بالنجارية سنة سبع عشرة وتسعمائة رضي الله عنه.). عذرا ..فلا أجد تعليقا مناسبا .!
 



[1]
إحياء جـ4/ 22.

[2] إحياء جـ 4/ 227 : 228 ، 254، 266، 299، 305 ، 308 ، 309 ، 326 مجرد أمثلة .

[3]احياء جـ 3 /73.

[4]احياء جـ4 /299.

[5]احياء جـ4 /367: 368.

[6] الطبقات الكبرى 1/ 157 .

[7] الطبقات الكبرى 1/162 .

[8] الجواهر 12، 71 

اجمالي القراءات 12395