و ما قدروا الله حق قدره.
بسم الله الرحمان ( الرحمن) الرحيم.
بحث الطالب محمّد البرقاوي
السلام عليكم.
- مقدمة البحث:
لمّا خلق الله تعالى عبده آدم علّمه الأسماء كلها و أسجد له ملائكته الكرام ، إلاّ أنّ إبليس اللّعين فسق عن أمر ربه فأبى السجود لآدم و تحدى ربه العلي الكبير من منطلق أن يتخذ من ذرية آدم نصيبا ( نصيباً) مفروضا( مفروضاً) ليضلهم عن الصراط المستقيم . و من بعد ذلك تحققت خطيئة آدم الذي أكل و زوجه من ثمر الشجرة المحرمة في الجنة التي أقامهما ( أسكنهما ) الله تعالى فيها فتحقق قضاء الله سبحانه وتعالى بالاستخلاف. (،) و منذ تلك اللحظة انقسم بنو آدم إلى قسمين: أولهما عباد متقون آمنوا بربهم و بمنهجه السّماوي الذي أنزله على الرسل الكرام هدى للمتقين الأخيار، بينما كان ثاني القسمين عباد ضالون اتخذوا الشيطان وليا ( ولياً) من دون الله تعالى فاتبعوا سبل الضلال و تفرقوا. (،) و في سياق الحديث عمن ضلوا و أضلوا عن المنهج الرباني، نجد الله تعالى يصف لنا انحرافهم بأسلوب قرآني معجز و بليغ مفاده أنهم أناس ما قدروا الله حق قدره.(،) و انطلاقا من ذلك المقام فنحن أمام حالة يظن فيها العبد ظن السوء بربه بأن لا يعظمه حق تعظيمه.(،) و في هذا المقام السيئ فإن جهل العبد بمقام رب العالمين يجعله من باب ظن السوء ينظر للخالق ومكانته وقدرته وفقا لمعطيات الإنسان المحدودة فتكون مكانة الخالق في قلبه وعقلة ( عقله) أقل من المفروض أن تكون من التقديس والتسليم والإيمان ، إذ أنّ الله تعالى هو الإله الوحيد ( الأحد) الذي خلق و رزق و أمات و أحيى ( أحيا) و أضحك و أبكى و هو على كل شيء قدير.(،) و قد ذكر القرآن الكريم صراحة هؤلاء الضالين الذين ما قدروا الله حق قدره في ثلاث مواضع هي مدار بحثي كالآتي :
- سورة الأنعام ( وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) وَهَـٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92) ).
- سورة الحج ( يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74) ).
- سورة الزمر ( وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَٱلسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) ).
- تفصيل البحث :
* نلاحظ أولا( أولاً) أنّ القاسم المشترك بين تلك الآيات الكريمة لتفسير حالة عدم تعظيم الخالق عز و جل حق تعظيمه يعود إلى قصور شديد في الفهم و الإدراك للإنسان الضال.(،) أي أن ذلك الإنسان القاصر( المقصر) لمّا يتأمل ملكوت الله تعالى و عجيب قدرته في تنظيم الكون و تدبير رزق الخلائق و يعجز عن تفسير تلك العظمة الإلهية يقوم مباشرة بتحميل الله تعالى عيب ذلك التقصير العقلي ، ثم يبدأ الإنسان في أولى مراحل الشك في قدرة الله تعالى فيتساءل هل الله تعالى هو الوحيد الذي خلق الكون وحده أم أن هنالك من ساعده في ذلك؟ أو هل هنالك أيضا (أيضاً) مخلوقات من بشر و حجر أو آلهة أخرى تضاهي قدراتها قدرات الله تعالى أم لا؟ و من ذلك المنطلق في الشك يقوم الإنسان بالبحث عن آلهة جديدة لعلها تكون سببا ( سبباً) وجيها ( وجيهاً) لمعالجة قصوره العقلي الناتج عن استضعافه لقدرة الله تعالى على تدبير الأمور بمفرده ، فيقوم الإنسان الضال بصناعة آلهة عاجزة و جامدة ثم يتصور أنّ تلك الآلهة المزعومة تستطيع أن تفعل مثلما يفعل الله تعالى كالخلق و الإبداع الكامل.(،) و للإجابة على ذلك السؤال يقوم الله تعالى بضرب مثل موجز في سورة الحج بأن يسأل الله تعالى عبده الظان فيه ظن السوء عما إذا كانت تلك الآلهة المعبودة من دون الله قادرة على خلق كائن بسيط مثل الذبابة التي نحتقرها جميعا و لكننا لسنا قادرين طبعا (طبعاً) على أن نأتي بمثلها، و في آخر المطاف تكون الإجابة هي النفي قطعا ( قطعاً) إذ كيف تقوم آلهة جاءت من بعد عابدها ( خالقها) بخلق ما لا يستطيع فهي ساكنة لا تتحرك و لا تسمع و لا تجيب الداعي إذا دعاها، و هي أهون من أن يسألها عابدها أن تخلق له ذبابة صغيرة و صدق الله تعالى لمّا وصف ذلك العجز المستحيل ب : (ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74) ). كذلك فإنه إلى هذه اللحظة لم و لن يستطيع العلم بعتاده التقني الهائل و جنوده البشرية العظيمة أن تخلق نصف ذبابة أو ذبابة أو أعظم من ذلك و ( أو) أقل.(،) و نلاحظ أيضا ( أيضاً) أنه قد ورد في القرآن الكريم صيغة أخرى تدل على كل من لم يقدر الله تعالى حق قدره بأن يرى ربه سبحانه و تعالى عاجزا ( عاجزاً) على ( عن) تدبير الكون بمفرده، فيصفه الله تعالى على لسان عبده نوح عليه السلام بأنه لا يرجو لله وقارا ( وقاراً) و لكنك تراه إنسانا ( إنساناً) يقلل من عظمة الله تعالى و يشرك معه آلهة أخرى لا تنفع و لا تضر و لا تملك خلقا ( خلقاً) و لا نشورا ( نشوراً) و مع الآلهة المفتراة نجد أن قوم نوح اتخذوا عبادا ( عباداً) عبدوهم من دون الله تعالى و هو ما نطلق عليه اليوم بالإستغاثة بالأولياء الصالحين – و الله أعلم – و نذكر الحادثة كما وردت في القرآن و نقول ما قاله الحق عز و جل ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16) وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (20)- نوح ) و ما كان جواب قومه إلاّ أن قالوا ( وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24)- نوح ). و نلاحظ أنه كلما استفحل داء الجهل في أمة ما ( كلما) زادوا طغيانا ( طغياناً) و يردون على الحجج العقلية القوية بحجج واهية قد يبكي عليها الحجر إشفاقا ( إشفاقاً) و حسرة على جهل ابن آدم و ظلمه لنفسه بالشرك و اتخاذ آلهة أخرى مع الله تعالى و بالتالي ينحرف الإنسان عن سبيل المؤمنين الراشدين اللذين( الّذين) يقدرون مليكهم ( خالقهم) عز و جل حق قدره.(،) و تبقى الأمثلة القرآنية كثيرة بخصوص أولئك الذين لا يرجون لله وقارا ( وقاراً) فنذكر قارون الذي أعماه حب المال عن الحق و شكر النعمة و ظن أنه بقدرته البشرية المحدودة جدا ( جداً) قد يستغني عن ربه الرزاق الكريم فقال عن كثرة ماله ما يلي : ( قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِىۤ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلاَ يُسْئلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ – القصص – 78 ) و نسي أن الله تعالى هو الرحمان ( الرحمن) الذي علم الإنسان ما لم يعلم و أننا معشر البشر ما أوتينا من العلم إلا قليلا( قليلاً) .(،) و نجد كذلك أصحاب الكهف اللذين شهدوا لربهم بالوحدانية ( وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَْرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا – الكهف – 14 )، و قد نفهم من كلامهم أن قومهم قسموا الكون أقساما ( أقساماً) و جعلوا لكل قسم آلهة معينة و قد يكون أنهم جعلوا للسماء آلهة و للأرض آلهة كما هو حال الديانات القديمة و لو صدق قول المجتمع الذي عايشه أهل الكهف لما بقيت السماوات و الأرض على تنظيمها المحكم و الدقيق الذي نعرفه اليوم لأن السبب في ذلك الإختلال هو ما أخبرنا عنه الله تعالى في قوله من ( فى ) سورة المؤمنون ( مَا ٱتَّخَذَ ٱللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَـهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَـٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ سُبْحَـٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ – 91 ). و أختتم بمثال آخر من سورة الكهف عن صاحب الجنة الذي أنساه المال ربه عز و جل و لم يقدره حق قدره و قال ( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (36))، فأنساه ماله الفاني ذكر الله تعالى و وجوب شكره على نعمه العظيمة التي منها ( منّ) بها سبحانه و تعالى على عبده المحتاج، و من بعد ذلك يتطور الجحود و كفر النعمة ليصل بصاحبه إلى درجة الشك في لقاء مالك يوم الدين في يوم المعاد.
* إن لم يدع الإنسان الضال آلهة أخرى من دون الله تعالى فإنه يتبع أسلوبا ( أسلوباً) صفريا ( صفرياً) لا يقدّر فيه الله تعالى حق قدره فيظن الجاهل أنّ مخلوقا ( مخلوقاً) مثله يمكن أن يكون إلها ( إلهاً) تساوي قدراته البشرية العاجزة قدرات الله تعالى المطلقة، فيدعي المخلوق الربوبية و الألوهيه ظانّا ( ظاناً) أنّ مقام الألوهية قائم على البطش و الجاه متناسيا أن الإله الحق هو القادر أن يقوم بما يعجز عنه باقي ( كل ) الموجودات في الكون الفسيح و هو ما نلتمسه في سورة البقرة كما يلي ( أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِى حَآجَّ إِبْرَٰهِيمَ فِى رِبِّهِ أَنْ ءَاتَـٰهُ ٱللَّهُ ٱلْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ رَبِّيَ ٱلَّذِى يُحْىِ وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْىِ وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَٰهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِى بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِى كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ (258) ). حسِب ذلك الملك الدنيوي أنه قادر أن يكون إلها ( إلهاً) مثل الله تعالى فادعى أنه يحيي و يميت مثل الله تعالى بأن يقتل من يشاء و يعفو عمّن يشاء، و إن كانت حجته واهية لا يستسيغها العقل السليم و لا الفطرة السوية، إلا أن الله تعالى ألهم نبيه إبراهيم الثبات و أيده بالحجة الدامغة ليعلِم و يحاجج ذلك الظالم الذي لم يقدر الله تعالى حق قدره فقال له إبراهيم عليه السلام ( قَالَ إِبْرَٰهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِى بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ فَبُهِتَ ٱلَّذِى كَفَرَ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ (258) ) و لا عزاء للمتكبرين في تكبرهم.(،) نمرّ ثانية إلى مثال قرآني آخر لم يقدر فيه ملك دنيوي آخر ربه حق قدره فادعى كذلك أنه إله مثل الله الأحد، فراح ذلك الملك المغرور و الظالم يبطش في الأرض و يظلم أهلها من دون سلطان.(،) و الكل يعلم من ذلك الملك الظالم ، إنه فرعونَ الذي قال عنه القرآن ( فقال أنا ربكم الأعلى – النازعات -24 )، فكان جزاؤه أن أخذه الله تعالى أخذ عزيز مقتدر كما ورد في سورة الشعراء ( فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) ) و ( وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآَخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67) ) و في سورة النازعات ( فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآَخِرَةِ وَالْأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26) ). فأولئك الملوك الظالمين ( الظالمون) لأنفسهم ما قدروا الله تعالى حق قدره فأراهم الله تعالى عظيم قدرته فانتقم من الظالمين في الدنيا و لعذاب الآخرة أشد و أخزى.
* من اللذين ( الّذين) لم يقدروا الله تعالى حق قدره نجد القرآن الكريم يتحدث عن طائفة لم تستسغ عقولها القاصرة كذلك أن يكون هنالك يوما إسمه يوم القيامة و الحساب حيث تبعث الأجساد البالية من جديد و توفى كل نفس ما قدمت و أخرت و ما كان ربنا العلي العظيم بظلام للعبيد في ذلك اليوم المشهود. (،) و غابت عن أولئك الناس مشاهد ذلك اليوم العظيم و كيف أن الله تعالى قادر على كل شيء,(،) فجاءت سورة الزمر بتصوير مشاهد موجزة ليوم الحساب لعلها تبقى ذكرى لأولي الألباب اللذين ( الّذين) يقدرون الله تعالى حق قدره.(،) يقول الله تعالى في سورة الزمر ( وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَٱلأَرْضُ جَمِيعـاً قَبْضَـتُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَٱلسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) ). فالأرض مهما كبرت و السماء مهما اتسعت و الخلق مهما كثروا يبقوا كلهم جميعا (جميعاً) في قبضة الله تعالى وسلطانه.(،) فجميع المخلوقات باقية تحت إمرة الله العلي القدير و تصرفه كيف يشاء و متى يشاء و هو القوي العزيز. (،) و لإيماننا بحسن القرآن و كماله فإن هذه الآيات البيّنات من سورة الزمر هي إجابات شافية و ردود كافية لعبد ما قدر الله حق قدره في سورة ياسين حيث قام العبد الظالم لنفسه بتفتيت عظام بالية و متحديا الله تعالى أن يعيدها من جديد, (،) و نجد البيان الحق يجيب ذلك الظالم في سورة ياسين ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79) الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (80) أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ (81) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) ). و العظة المستفادة من هذا المثال هو أن العجز عن القيام بشيء ما ليس سببا (سبباً) أن ينكر الإنسان وجود من هو أقدر و أعظم منه و يستطيع فعل ما لا نفعله,(،) ألا تبارك الله تعالى الذي هو على كل شيء قدير.
* في هذه النقطة الأخيرة من بحثي حول أناس ما قدروا الله حق قدره,(،) سأتحدث عن عيّنة من الناس أراها أخطر فئة لم تقدر الله تعالى حق قدره. (،) إنهم أولئك اللذين كفروا من أهل الكتاب اللذين ( الّذين) انحرفوا عن طريق الحق الإلهي و جحدوا القرآن الكريم رسالة السماء المنزل من لدن الله العزيز الحكيم ليكون تذكرة لقوم يعقلون ( نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ (3) مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4) – أل عمران ) و هو القول الذي فصله الله تعالى أكثر في سورة النساء فقال ( وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِ مُوسَىٰ نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَّا لَمْ تَعْلَمُوۤاْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ ٱللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ (91) وَهَـٰذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ ٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَىٰ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92) ). قام اللذين كفروا من أهل الكتاب بإنكار القرآن و نفوا أن يكون كتابا (كتاباً) منزلا ( منزلاً) من عند الله تعالى و أنكروا أن يكون الله تعالى قادرا ( قادراً) على أن ينزل القرآن الكريم على محمد عليه السلام و تغافلوا عن الإعجاز البياني للقرآن الكريم حيث لم يستطع جهابذة الشعر و الفصاحة آنذاك أن يأتوا بمثله.(،) و لكن الله تعالى يذكر الضالين من أهل الكتاب بالهدي الذي أنزله على موسى عليه السلام و كيف تلاعبوا بالتوراة من قبل فأخفوا منها ما لم يتماش ( يتفق) مع هواهم المنحرف و أنفسهم الأمارة بالسوء و في المقابل أظهروا للناس بعض الذكر الذي يريدونه, (،) فضلوا السبيل الرباني و أضلوا الناس من بعدهم و صدق الله تعالى عندما ذكرهم في سورة البقرة كما يلي ( وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101), (،) و يعتبر كتمان الحق الرباني من أفظع الجرائم التي يقوم بها الإنسان في حق الله تعالى عندما يشتري الدنيا بالآخرة و يستحب العمى على نور البصيرة و الإيمان.
* لسائل أن يتساءل هل مازال بيننا أناس لم يقدروا الله حق قدره على شاكلة اللذين ( الّذين) أنكروا الذكر الحكيم من الضالين من أهل الكتاب في عهد التنزيل؟ و يكون الجواب للأسف بنعم.(،) فعندما يصر المسلم إلى يومنا هذا أن القرآن الكريم في حاجة لقول البشر ليكمله أو يقضي عليه أحيانا باسم السنة ( الأحاديث) المفتراة التي تعارض القرآن أولا( أولاً) و العقل ثانيا ( ثانياً) تحت شعار أن اللامعقول هو إختبار رباني لنا و يتناسى المسلم أن القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد الذي تكبد من أجله النبي محمد عليه السلام إفتراء و ظلم الكافرين لثلاث و عشرين سنة هي مدة التذكير بالله تعالى و الدعوة لعبادته وحده و كسر الأصنام أسوة بالخليل إبراهيم عليه السلام حتى يكون الدين خالصا ( خالصاً) لله تعالى وحده تحت لواء كتاب سماوي يجمع المؤمنين الأتقياء الراضين و المكتفين بالهدي الرباني دونا عن ( دون) غيره من قول البشر. (،) و لكي لا يقال أننا نفتري الكذب على أولئك القوم سأذكر آيات و أريد منهم الجواب.
- سورة العنكبوت ( أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ إِنَّ فِى ذٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ – 51 ) هل القرآنيون كما تدعون هم أول من دعا للاكتفاء بالقرآن الكريم وحده (؟) , (،) أم أن هنالك من لم يكتف بالقرآن الكريم وحده في عهد التنزيل فأجابه الله تعالى أن القرآن الكريم كاف لوحده و ليس في حاجة لمن يكمله أم الآية نبوءة قرآنية للحال البائس الذي وصل إليه مسلمو أمة إقرأ و القرآن الحكيم (؟) .
- سورة الحاقة ( ِإنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43) ). هل كُذّب النبي محمد عليه السلام من أجل القرآن أم من أجل السنة؟!.
- سورة الجاثية ( تَلْكَ ءَايَـٰتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ فَبِأَىِّ حَدِيثٍ بَعْدَ ٱللَّهِ وَءايَـٰتِهِ يُؤْمِنُونَ – 6 ) عن أي آيات تحدث الله تعالى في هذه الآية الكريمة؟ هل هي آيات لحديث إلهي مقدس نحن مأمورون بإتباعه أم حديث إنساني قد يُحرَّف نحن مأمورون باجتنابه؟
-إن عدم تقدير الله تعالى حق قدره في هذه الأمة يكون لمّا يتخلى المؤمن عن القرآن الكريم لحساب الظن الذي لا يغني من الحق شيئا ( شيئاً) و كلنا يعلم أن النبي الكريم محمد عليه السلام سيشكو لربه الأحد يوم القيامة أن أمته أضاعت القرآن الكريم و هجرته و لن يشتكي له أن أمته أضاعت سنته مصداقا ( مصداقاً) لقوله تعالى في سورة الفرقانً ( وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِى ٱتَّخَذُواْ هَـٰذَا ٱلْقُرْءاَنَ مَهْجُوراً ).
و من العلامات الدالة على أنه مازال بيننا أناس لم يقدروا الله تعالى حق قدره نجد أن العالِم المعاصر يغتر بعلمه و ينسى فضل الله تعالى عليه بأن علمه ما لم يكن يعلم. (،) فينحرف العالِم المعاصر عن المنهج الرباني و يظن أنه أصبح في غنى عن الله تعالى بأن يسول له الإغترار بالعلم أنه أصبح قادرا ( قادراً) على التحكم في الكون لوحده فيؤمن بالعقل و المادة على حساب إيمانه بالله تعالى كما تنبأ القرآن بذلك من قبل في سورة يونس ( إِنَّمَا مَثَلُ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا كَمَآءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ ٱلأَْرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ ٱلنَّاسُ وَٱلأَْنْعَـٰمُ حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذَتِ ٱلأَْرْضُ زُخْرُفَهَا وَٱزَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَآ أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَآ أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَْمْسِ كَذٰلِكَ نُفَصِّلُ ٱلأَيَـٰتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ – 24 ) و تكون النتيجة أن يأخذ الله تعالى الأرض و من عليها من المغترين بسلطان العلم في لمح البصر و لا يكون الخلاص من ذلك إلا بأن يكون العالم يتقي ( متقياً) الله تعالى في علمه و يخشاه حق الخشية كما قال الله تعالى في سورة فاطر (وَمِنَ ٱلنَّاسِ وَٱلدَّوَآبِّ وَٱلأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَاءُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ – 28 ) و تعميق إيماننا بأنه ( بأننا) لم نؤت من العلم إلاّ قليلا ( قليلاً) .
و يمكننا تفادي الوقوع في خطإ ( خطأِ) عدم تقدير الله تعالى حق قدره بأن نسلم لله تعالى بالقوة و علينا أن نتأمل عجيب قدرته في الخلق ملزمين أنفسنا بأن للعقل حدود ( حدوداً) عليها ( عليه) أن لا يتعداها و بالإيمان أن الله عز و جل هو الوحيد( وحده) من ( الذى ) يقدر على فعل ذلك من (-) دون أن يحتاج لغيره كي يساعده و يكون ذلك من خلال التأمل في خلق السماوات و الأرض و من فيهن لاستشعار عظمة الخالق عز و جل و أورد آيات من القرآن الكريم تحث المؤمنين حقا على تقدير الله تعالى حق قدره :
- في سورة النمل ( أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أإله مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أإله مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أإله مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أإله مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63) أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أإله مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (64)).
- في سورة الحديد ( هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ – 4 ), و تفصيل كلام تلك الآية من سورة الحديد يكون في قوله تعالى في سورة البقرة ( إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱللَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ وَٱلْفُلْكِ ٱلَّتِي تَجْرِي فِي ٱلْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ ٱلنَّاسَ وَمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مِن مَّآءٍ فَأَحْيَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ ٱلرِّيَاحِ وَٱلسَّحَابِ ٱلْمُسَخَّرِ بَيْنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ – 164 ) فيجب على المسلم دائما ( دائماً) أن يسلّم بأن في الوجود من هو أقدر من العالمين و على المسلم أن لا يحمل الله تعالى سبب عجزه العقلي.
- خاتمة البحث :
*أخيرا ( أخيراً) على المسلم الحق المتبع لهدي القرآن أن يتعظ دائما ( دائماً) من أولئك الناس اللذين ( الّذين) ما قدروا الله حق قدره كما وردوا في الذكر الحكيم. كما يبقى الحديث عنهم أطول و لكن العبرة تكون دائما ( دائماً) من القليل المراد منه تقوى الله تعالى و التذكير بآياته و لقاءه ( لقائه) يوم القيامة و كيف سيحاسبنا على أمانة تدبر القرآن الكريم كي لا نكون من القوم الغافلين و لكن لنكون متمسكين بالهدي السماوي داعين الله تعالى أن لا نكون من الناس اللذين ( الّذين) لم يقدروا الله حق قدره و اتخذوا القرآن الكريم مهجورا ( مهجوراً) و أن نكون من اللذين ( الّذين) تمسكوا بالهدي القرآني الرباني و لم ينشغلوا عنه بأي حديث بشري ظني : ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم – الزخرفٍ – 43 ) و خير ما نختم به هو قوله تعالى في سورة المائدة ( ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلاَمَ دِيناً ).