ظل طوال عمره يجمع المال، وإن كان المال لديه وسيلة للسعادة وليس أن يُساعد الآخرين، انتبه إلى أن ثرائه كان يضيع عمره دون مضمون، فبحث عن ما يُشغله وينفع الناس أو أن يتعلم درساً يدفعه لسعادة الرضا واليقين..
سافر إلى بلد بعيد لعله يخرج من حياة الملل، وفي الطريق رأى مجموعة رُعاة يُسيرون مجاميع من البقر والغنم، كان المشهد طبيعياً فحياة الرعاة مألوفة حتى ولو في الخيال الذي صنعه الإعلام، رأى فيهم ما يُعينه على"الشقاء"
ابتهل لأحدهم وقال له أنه ثري ويبحث عن سعاة الرضا واليقين، يريد أن يشعر بنفسه وأن الناس غير ما يألفهم من تمثيل السعادة ونفاق المصالح..
تعجّب الراعي... فلم يرى –ولو في خياله-ثرياً يتقرب للرُعاة، وقال أن الأمر ليس بيده، اذهب إلى أبينا الراعي ..إنه في الخيمة..
ذهب الباشا إلى الخيمة فوجد الراعي" الأب" ..وجلس بعد أن احتسى كوباً من حليب الماعز، ونظر في وجه الراعي متأملاً ملامح جده..
قال الباشا: أيها الراعي ما وظيفتك وهل تشعر بالسعادة؟
الراعي: لولا أنك دخلت عليّ كالملوك لأجبتك دون أن تسأل..
الباشا: لا أفهم
الراعي: نحن لديك ياسيدي معيناً للاختبار..أنت محتاج ولم تشعر بحاجتنا وقت كفايتك، هل لو جئتك أنا الراعي من قبل ستسمح لي بالمقابلة؟
تأمل الباشا جواب الراعي وظن أن جوابه رسالة برفض المساعدة ، وهم باستئذان الراعي كي ينصرف.. إلا أنه جلس وقال:
سيدي أنا لديك فقير وأن بجد محتاج..فأنا أسير للأهواء، أفلا تعمل عملاً يرضى الله عليك به يوم الحساب؟
الراعي: الآن سأجيبك..أنت الراعي وأنا الباشا ما دمنا في الخيمة، وعندما تنصرف تذكر أن ثرائك ومكانتك بين الناس رهينة برضائك عن نفسك.
لن أرهقك بالجواب فقد أجبتك بما حدث..ما دمت ترضى عن الباشا فأنت سعيد، ابحث عن ما ينفعك وينفع الناس، وكن متواضعاً لتعلو في السماء، فعقولنا لا تعرف المال ولا السُلطة.