الخيار الأخير للارهاب
السيارة المفخخة ليست مفاجأة!

محمد عبد المجيد في الخميس ٠٥ - سبتمبر - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

سيارة مفخخة في قلب عاصمة الألف مئذنة، ما هي المفاجأة؟ ألم تنفجر في رؤوس الفتنة مئات المرات من قبل، وعبّروا عنها، وصعدوا المنابر ليصرخوا بها، واعتلوا المنصة الرابعية وطوال ستة أسابيع وهم يشرحون من بين السطور كيفية صنعها، وتفخيخها؟

سيارة مفخخة بالقرب من النيل لتشغل الناس عن جحيم الفرات بعدما احمرت مياه دجلة من دماء أصحاب نفس الفكر الارهابي!

كلنا كنا نقول بأن الارهاب سيضرب بكل ما يملك من أسلحة، فإذا اقترب من فكرة السيارة المفخخة في مصر التي ستبلغ قريبا مئة مليون نسمة، تراجع فوراً!

لكنه لم يتراجع، فقد أصبحت له مئة رئة يتنفس بها، فهو في العريش وكل سيناء وبنغازي ومع جماع الجهاد وعلى حدود غزة  وفوق المنابر وبين شفتي الظواهري وفي تفجيرات الكنائس المصرية وفي فكر بلحاج والترابي وكل متوهم ومتورم بحُلم إمارة إسلامية تقوم على الجماجم وتكبر بهوس الجنس وتستنشق خيالاتها المريضة من كتب تعفرت مئات الأعوام فضاعف ترابُها عدد صفحاتــِــها.

عام أو يزيد من حُكم الاخوان كان كافياً لاستخراج الفكر الارهابي من القلوب التي في الصدور، وجعله يمشي على قدمين، ويقرأ في كتب مقدسة، بل يزعم بكل صفاقة ووقاحة وبجاحة أنه في رعاية الله، ولن أندهش إذا أصرَّ أن بتر ساق الطفل القاهري الجميل كانت على موعد مع القدر، فالله هو الذي رمىَ إذا رموا، وهو، حاشا لله، الذي أصاب الطفل ليبتلي أمه ويختبر..  صبر أبيه!

ألم يصرخ  الارهاب في وجوهكم صبحا ومساءً، ورفض النهوض للعــَــلــَــم، وامتنع عن الوقوف للنشيد الوطني، وطــَــزَّزَ مِصرَكم الجميلة، وبلتج آذانكم الصماء وهو يشترط حقن دماء جنودكم في سيناء إذا أعدتم مُرسيـَّـهم إلى كرسيـِّـهم فوق سجاد أحمر بالاتحادية؟

ساذجون نحن أم بلهاء أم هُبل مختوم على أقفيتنا بختم النسر؟

الارهاب يأتي في كل الصور ومن كل فج عميق، بل إنه يقرأ القرآن الكريم بصوت جميل تظنون أنه خاشعكم، لكنه في الواقع كان يشرح كيفية صنع السيارة المفخخة.

عندما قمنا بتسليم الجماعة الصندوق والصوت والبرلمان والقصر والدين، وصدَّقناها، أي الجماعة، وهي تــُـقسم بالله أن الله معها، فنحن في الواقع شرحنا لأعضائها وتلاميذهم ومريديهم وحوارييهم كيفية تفجير أول سيارة مفخخة في قاهرة المعز مع اجتماع العشرين في سان بيترسبرج.

إذا أردت أن تحترم عقلك فقم بعمل خط يمر عبر كل المتناقضات من حوار الدكتور جوادي على "الجزيرة" إلى صبغة شعر رأس صفوت حجازي الصلعاء، ومن الكف الرباعي الأصفر إلى الكتب الأشد صفاراً على أرصفة متربة، مرورا برمال سيناء الصفراء، ومن الكيماوي السوري إلى النووي الايراني مرورا بمصانع الأسلحة العالمية التي تحتاج إلى ضخ وقود ودماء ولا مانع من عظام مهشَّمة لأطفال كبروا سبعين عاماً حلبية في عامين مادام خليفتنا في الآستانة يرى فضّ اعتصام "رابعة" من خلال فكِّ اعتصام ساحة "تقسيم".

السيارة المفخخة تناثرت أمامنا قبل انفجارها بأعوام كثيرة، لكن عيوننا، للأسف، لا تبصر إلا ما تــُـمليه علينا الشاشة الصغيرة، فنحن قردة تتلفزنا على أيدي مُصممي السيارات المفخخة.

    محمد عبد المجيد

طائر الشمال

أوسلو في 5 سبتمبر 2013     

اجمالي القراءات 9361