هذه قائمة كاشفة تمامًا عن عن أن مصر متباعة وجهًا وظهرًا طولاً وعرضًا، قائمة من المساهمين والمكتتبين في شركة عقارات كبري تقضم أراضي مصر الآن وتشتري من الدولة آلاف الأفدنة برخص التراب وتبني عليها (أو لا تبني) عقارات وقصورًا وفيلات وشاليهات!
قائمة مذهلة أشك أن هناك جهات داخل الدولة نفسها لا تعرف أن هذه الأسماء من مالكي وأصحاب هذه الشركة، بل لعلي أقول إن عددًا من رجال الدولة (خصوصًا المحترمين) قد يصدمهم وجود هذه الأسماء معًا في شركة واحدة!
لماذا تبدو هذه القائمة من الأسماء علي هذه الدرجة من الخطورة؟
أولا- لأن هذه الأسماء هي التي تحكم الدولة تقريبًا.
ثانيا- لأنها خليط من رجال أعمال ورجال دولة.
ثالثا- لأنها تضم أصهارًا ونسايب وأقارب أكثر مما تضم غرباء ومعارف.
رابعا- لأن حجم الأموال التي يشارك بها هؤلاء في هذه الشركة يثير عشرات الأسئلة وعلامات التعجب عن مصدر هذه الأموال، ومن أين حصلوا عليها وكيف جلبوها؟
خامسًا - لأنه بينما هؤلاء يملكون هذه الأسهم والحصص في هذه الشركة بعشرات وبعضهم بمئات الملايين، فإنهم كذلك معروفون بالاسم في ملكية شركات أخري شهيرة في مجالات غير العقارات، بل تقريبًا يملكون شيئًا من كل شيء في مصر.
أخذت أقرأ وأتأمل هذه الأوراق الرسمية الموثقة والمختومة والتي تضم تلك الأسماء حتي أصابني الاكتئاب!
لم أشعر بالصدمة فكل ما يحدث من النظام الحاكم صادم من فرط فجاجته وفظاظته وتجاوزه كل الخطوط وتجرئه علي كل قيم الطهارة السياسية وشرف الذمة والترفع عن التربح من أموال وثروات وأراضي الدولة، لكن أحسست أن الاكتئاب نخر روحي!
هذه القائمة تؤكد بما لا يدع مجالاً لأي شك سيطرة رأس المال علي حكم مصر!
نظام الحكم اختار مجموعة معينة من رجال الأعمال ودعمها وساعدها وعاونها علي النمو والترعرع، وشارك بعض رموز الدولة في ملكية هذه المجموعات الاقتصادية لرجال الأعمال سواء من خلال أبنائهم أو أصهارهم، ومنح الحكم هؤلاء حصانة سياسية بضمهم إلي الحزب الحاكم وإلي البرلمان شعبًا وشوري، إذن دولة خلقت شريحة أو كتلة من رجال الأعمال الموالين والتابعين تمثل ذراعه المالية ويكون النظام عرابها وحاميها وضامنها، ثم هذه المجموعة من رجال الأعمال والمليارديرات والتي لا تتجاوز نسبتهم واحدًا في المائة من المصريين ويملكون تسعين في المائة من ثروة البلد كلها، أصبحت تمول رجال الدولة عن طريق التبرع للحزب الحاكم والمشاركة في مشروعات تحت مسمي خيرية أو اجتماعية تحت رعاية سدنة الحكم، ثم عبر مشاركة رجال من الحكم في مشروعاتهم المالية وتوزيع الأرباح، وكذلك في حماية نظام الحكم بالإنفاق علي الدعاية له في الداخل والخارج وأداء أدوار خدمة عاجلة في لحظات الاستدعاء السياسي، ثم حدث التحول الآخر بدخول رجال الأعمال أنفسهم في حكم الدولة ووضع أياديهم في وزارات تخص أعمالهم وتجارتهم وتندمج الحصانة السياسية مع الحصانة المالية ويعلن المال سيطرته علي الحكم في انقلاب صامت، يبدو واضحًا أن الخطوة التالية لمجموعة العائلات المالية الحاكمة أن ترفع لمقعد الرئاسة واحدًا منهم، وتتحول مصر نهائيًا إلي شركة كبري يرأسها رئيس مجلس إدارة ويتصارع المواطن فيها علي أن يكون إما موظفًا أو زبونًا !!