نسعي لتنفيذ سياسة «الدعم.. لمن يطلبه»
نظيف يفتح حواراً مجتمعياً حول الدعم في لقائه رؤساء تحرير الصحف المستقلة والحزبية

في الثلاثاء ١١ - ديسمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

دعا الدكتور أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، إلي فتح حوار مجتمعي شامل حول قضية الدعم، بهدف التوصل إلي الصيغة الأمثل لإعادة توجيه الدعم إلي مستحقيه، مشيراً إلي أن الرئيس مبارك طلب من الحكومة أن تفتح هذا الحوار مع جميع الأحزاب ووسائل الإعلام والمنافذ المختلفة، حتي تأتي السياسات الجديدة بشأن الدعم متوافقة مع المواطنين، مع التأكيد علي أن القرار لن يصدر إلا إذا تأكدت القيادة السياسية من تحقيقه مصالح محدودي الدخل.

وقال نظيف خلال لقائه أمس رؤساء تحرير الصحف المستقلة والحزبية، ونخبة من الإعلاميين في المحطات التليفزيونية بحضور أنس الفقي وزير الإعلام، إنه لا إلغاء للدعم، كما يشيع البعض، وأن علينا خلال المرحلة المقبلة من الحوار والنقاش أن نلغي من قاموسنا عبارة «إلغاء الدعم»، لأن الهدف الآن هو استخدام مواردنا بأفضل طريقة ممكنة لتحقيق العدالة الاجتماعية.

وأضاف أن نظام الدعم الحالي في مصر له تاريخ طويل من قبل ثورة يوليو ١٩٥٢، حيث كان يطبق بأشكال مختلفة، ولكن النمط الذي ساد بعد الثورة، هو الدعم عبر تثبيت الأسعار، ولكن تثبيت السعر ليس الأسلوب الأمثل للدعم، وتساءل: «ما الذي يدعونا الآن إلي التفكير في تغيير الوضع الحالي للدعم علي السلع والخدمات؟».

قال نظيف إن الهدف الوحيد من ذلك هو تحسين نظام الدعم الحالي، وهو ما يعني تحسين قدرتنا علي مساعدة الطبقات المحرومة و«المحتاجة»، مشيراً إلي أن النظام الحالي يعاني من مشكلتين أساسيتين: الأولي وجود فاقد كبير في المبالغ الضخمة المخصصة للدعم، فعلي سبيل المثال، فإن رغيف الخبز الذي تدعمه الحكومة حالياً بـ١٦ مليار جنيه سنوياً، يتعرض لتجاوزات من بعض المخابز والتجار، فالحكومة تدفع في «جوال القمح» ٢٦٠ جنيهاً وتعطيه للمخبز بـ١٦ جنيهاً لإنتاج الرغيف المدعم، بينما يلجأ الكثيرون إلي بيع الدقيق في السوق السوداء ليحقق أرباحاً خرافية علي حساب المواطن، وبالطبع لا تستطيع الحكومة أن تضع رجل أمن «عسكري» علي كل مخبز، حيث تقدر الإحصاءات حجم التسرب في الدعم لرغيف العيش بـ٣٠% من مجمل المبالغ المخصصة له، أي ما يزيد علي ٥ مليارات جنيه سنوياً.

أما المشكلة الثانية، فتتعلق بالدعم علي الطاقة، حيث ارتفع هذا البند في الموازنة العامة للدولة بصورة مذهلة. في موازنة ٢٠٠٣/٢٠٠٤، كنا ندعم الطاقة بـ١٢ مليار جنيه تقريباً، ثم رفعناه إلي ٢٠ مليار جنيه، ووصل الآن إلي ٥٠ مليار جنيه، بينما نعلم جميعاً أن هذا المبلغ الضخم يذهب إلي من يستحق ومن لا يستحق.

وأوضح رئيس الوزراء، أن المجتمع أمامه حل من اثنين: إما أن نزيد الدعم استجابة لهذا الضغط، وبالتالي يزداد عجز الموازنة، أو ننظر إلي بدائل توجيه الدعم نفسه، فهل يعقل أن أنفق علي دعم الطاقة ضعف ما أنفقه علي دعم التعليم و٤ أضعاف ما ينفق علي دعم الخدمات الصحية. مضيفاً: «أصبح من الواضح أننا لابد أن نناقش قضية الدعم، لأن الصورة الحالية لا تحقق العدالة الاجتماعية، والرئيس مبارك قال لنا (فكروا بطريقة مجتمعية وموضوعية).. وإعادة التفكير قد تقودنا إلي التفكير من خلال الحوار المجتمعي، في أسلوب «الدعم النقدي» علي السلع، التي تباع بغير سعرها الحقيقي، فمثلاً الخبز السعر الحقيقي لـ«الرغيف» هو ٢٥ قرشاً، والحل النقدي نظرياً هو أن أعطي المواطن الـ«٢٥ قرشاً» ليشتريه بسعره الحقيقي، ونعترف أن هناك مشاكل لهذا النظام، منها أن هناك تخوفاً عاماً حول من الذي يستحق الدعم النقدي ومن الذي لا يستحقه، ومن مزاياه أنه سيقضي علي المبالغ التي تهدر من الدعم بسبب تجاوزات المخابز والتجار، كما أن المخابز ستعمل علي مدي ٢٤ ساعة بدلاً من النظام الحالي «ساعتين فقط»، كذلك سوف يؤدي ذلك إلي تحسين مواصفات الرغيف.

وحول سؤال عن كيفية الوصول إلي مستحقي الدعم، قال نظيف «إن الصيغة المطروحة للنقاش هي أن كل من يتقدم للحصول علي الدعم النقدي سوف يأخذه، وهذا سيوفر للدولة، لأن الدعم يمنح الآن للجميع، وبالتالي سوف نوفر في كل الحالات، وهذه الصيغة تعتمد علي نظرية «الدعم لمن يطلبه»، وربما نكلف بعد ذلك أجهزة التحري الاجتماعي للتأكد من مدي أحقية الأسرة للدعم».

وأضاف «أن الحكومة في هذه الحالة سوف تراهن علي مروءة الشعب المصري (كل واحد مش محتاج الدعم يجب ألا يزاحم من يستحقه بالفعل)». وتساءل نظيف: «ما الذي يجب أن ندعمه الآن؟!.. هل نواصل دعم البنزين والطاقة، أم نخفض الدعم علي الطاقة لصالح التعليم والصحة؟! فعلي سبيل المثال، نحن نحتاج إلي ١٢ مليار جنيه لمشروع التأمين الصحي الجديد، الذي سيوفر مظلة رعاية صحية كاملة لجميع المواطنين، وهل المجتمع يستطيع تحمل رفع سعر البنزين إلي ١٨٠ قرشاً للتر، لابد أن نناقش ذلك سوياً بموضوعية».

وضرب رئيس الوزراء مثلاً بالتجربة المكسيكية قائلاً: «في المكسيك تحولوا إلي نظام الدعم النقدي علي الخبز، ولكنهم ربطوا الحصول علي هذا الدعم بمحددات ومعايير أخري، منها أن علي الأسرة أن تعلم أبناءها، وأن تحصل الأم علي الرعاية الصحية الكاملة، ومحو الأمية، وهو ما جعل الدعم النقدي إيجابياً».

ورداً علي سؤال حول التناقض الذي حدث مؤخراً بين تصريحات الحكومة وأمانة السياسات في الحزب الوطني من جهة، وتصريحات الرئيس مبارك من جهة أخري، حول مسألة الدعم، أجاب نظيف «إن هذا التناقض نتج عن خطأ في ترجمة تصريحات الرئيس، فقد قال الرئيس في حواره، إنه يريد إدارة حوار مجتمعي حول مسألة الدعم، لأن القرار سيأتي نتيجة بلورة آراء الأحزاب والإعلام وجميع المؤسسات الأخري، وفي النهاية سوف يصدر القرار الذي يحقق مصلحة المواطنين، وأن رغيف العيش والطاقة لمحدودي الدخل لن يتم المساس بالدعم المخصص لهما».


 

اجمالي القراءات 4446