هل يعرف «مبارك» قصة «خالد سعيد»؟! «2» – بقلم: أيمن نور
13-06-2010
. اتصالاً بمقالي بالأمس عن واقعة تعذيب الشاب المصري «خالد سعيد» وموته علي يد رجال شرطة سيدي جابر.
.. نعم نطالب ونتضامن مع شبابنا المحتجزين بقسم سيدي جابر، علي خلفية وقفتهم الاحتجاجية للمطالبة بمحاكمة عاجلة للمجرمين الذين عذبوا الشاب «خالد سعيد» وقتلوه!! لكن هذا لن يشغلنا عن أصل القضية التي استنفرت غضب هذا الشباب، وكل من في جوفه قلب، وهي مصرع «خالد سعيد» تعذيباً علناً علي يد اثنين من رجال النظام والأمن الرسميين، وبتلك الصورة البشعة التي كشفتها صور الفقيد!!
.. نتضامن مع «حسن مصطفي» و«ماهينور المصري» و«خالد رفيق» و«خالد عناني» و«أحمد جابر» و«محمود المنياوي».. وغيرهم.. تم احتجازهم.. كما ندين ما تعرضت له «إيمان إبراهيم» من سحل أثناء القبض عليها.. لكننا أولاً ندين المطل البوليسي، والقضائي، في إلقاء القبض علي الجناة في مصرع «خالد سعيد»، وكذلك التعتيم الإعلامي الرسمي علي الحادث سواء من صحف النظام أو معظم الصحف المستقلة والفضائيات التي لم يتعرض بعضها للموضوع لا من قريب أو بعيد!
.. نسأل وزير الداخلية، وقيادات الوزارة، لماذا لم تصدر الوزارة بياناً رسمياً عن الحادث وعن مصير الجناة؟! ولماذا لم تبادر الوزارة ببيان موقفها ـ صدقاً أو حتي كذباً ـ كما عودتنا في توافه الأمور قبل أعظمها وأهمها؟! فهل هناك أهم من واقعة تعذيب مواطن بريء وإعدامه خارج القانون جهاراً، وأمام الناس بهذه الوحشية علي يد رجال ينتسبون لجهاز الشرطة؟! إذ لم يكن لدي الوزير ما يقوله فلماذا لا يستقيل؟! .. أين نواب مجلس الشعب؟! ـ وتحديداً نواب الإسكندرية ـ من الواقعة الخطيرة، التي تستوجب المحاسبة السياسية والبرلمانية، قبل القانونية، والجنائية؟! أين دور الأحزاب المصرية ـ خاصة في الإسكندرية ـ التي لم نسمع للآن عن بيان واحد يدين الحادثة الخطيرة، ويطالب بمعاقبة المسئولين عنها والمتسترين عليها؟! أين المنظمات الحقوقية والإنسانية التي لم يتحرك إلا القليل منها انفعالاً واتصالاً بالواقعة الخطيرة؟!
.. صحيح أن «خالد سعيد» ـ 28 عاماً ـ ليس نجماً سياسياً، ولا قاضياً، أو مديراً لنيابة طنطا، ولا عضواً بنقابة لكنه إنسان ومواطن مصري، ينبغي أن يكون لجسده، ودمه، وكرامته، وحياته، وحقوقه حرمة كالتي استنفرت الجهاز القضائي كله عندما تعرض مدير نيابة في مثل سن «خالد» للإهانة ـ وليس الإعدام ـ فبادرت الشرطة بالقبض علي الجناة «في نفس يوم إعدام خالد سعيد» وحققت معهم النيابة، وأحالتهم إلي القضاء، وأتمت محاكمتهم، وأصدرت أحكاماً بسجنهم خمس سنوات.. بينما مازال قتلة «خالد سعيد» يسعون في الأرض فساداً، وإرهاباً للشهود، وإهداراً للأدلة علي الجريمة البشعة!!
.. تري هل سمع الرئيس «مبارك» أو نجله «جمال» أو السيدة «سوزان» بقصة الشاب المصري «خالد سعيد»؟! لا أظن أن أحداً منهم سمع، أو اهتم أن يسمع شيئاً، مما تعرض له «خالد سعيد»، فلسوء حظه أنه ليس من سادة الناس، أو من قادة عصابات البنوك، أو من محتكري السلع، وليس لاعب كرة، ولا فناناً ذائع السيط، ولا أي شيء غير أنه إنسان وشاب مصري جامعي عاش كل حياته في ظل عهد الرئيس منذ ميلاده وحتي موته!! سمع كل ما قاله الرئيس ونجله، عن حقوق المواطنة!! ومن أجلك أنت!! وربما صدق هذا الهزل، فحاول أن يسأل لماذا يتم تفتيشه وهو يجلس علي «نت كافيه»، فلقي مصرعه ثمناً لهذا السؤال الصعب في الزمن الرديء لـ«مبارك».
.. في زمن «عبدالناصر» و«السادات» كان التعذيب يتم في السجون، وفي زمن «مبارك» أصبح في الشوارع!! كان الضرب والإهانة يتم خفية داخل أقسام الشرطة، فأصبح في زمن «مبارك» يتم علناً وفي عرض الطريق!! كان المضربون والمعذبون علي يد الشرطة لصوصاً، أو قطاع طرق، أو محترفي رذيلة، المعذبون الآن هم شباب جامعيون، وطلبة، ومهندسون، وأطباء..
«شاهدوا صوراً جديدة لخالد وحياته علي صفحتي الشخصية».
لقد كان التعذيب والقتل يمارس باسم «أمن الدولة» والآن بات يمارس تحت لافتة «أنا الدولة والدولة أنا» فالمخبر أو أمين الشرطة «عوض» أو «محمود الفلاح» اللذان قتلا «خالد» ضرباً وتعذيباً في عرض الطريق لم يعذبا أحداً كلفهما الرؤساء بتعذيبه، بل فعلاً هذا لشعورهما بأنهما الدولة والقانون والعدل وفوق هذا كله!! لذا ينبغي أن ندرك أن القاتل هنا ليس المخبرين، بل النظام الذي صنع منهما وحوشاً.. وللحديث بقية غداً «شاركوني».