باسم يوسف عبقري وليس إلهاً

سامح عسكر في الإثنين ٠٨ - أبريل - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

عندما شاهدت الإعلامي الساخر باسم يوسف لأول مرة رأيته شخصاً متعدد المواهب وغير طبيعي، هذا إذا اعتبرنا تعبيرات وجهه وحركاته الساخرة هي سلوكيات غير طبيعية، فالروح الساخرة أو المرحة تتطلب الخروج عن المعتاد غالباً، لذلك رأيت أن الجديد في سلوك الرجل ضروري بضرورة مهنته لرصد الواقع السلبي ونقده...ودائماً ما تُخاطب السخرية العقل المنطقي، وعقولنا جميعاً مؤسَسة على المنطق، ولكن أخطائنا العقلية تأتي من سوء استخدام المنطق نتيجة للخلط أو المؤثرات النفسية والعصبية في توجيه آرائنا دوماً..ووظيفة الساخر هي إحياء هذا العقل بترجمة الواقع إلى أفكار ناقدة تتجاوز خطوطنا المتعارف عليها في التعامل مع الأشياء.

فالعقل الساخر هو مشروع فيلسوف يتطور بوجود روح ساخرة تتكامل مع العقل السابق في رؤية شاملة للحياة وللكون، وقد يستهين البعض بقوة الساخر أو طبيعة مهنته، ولكن أرى أن هذه الاستهانة هي تعبير عن ضعف عقلي أو أخلاقي يجعل كل منا رقيباً فاشلاً ومتعالما..فالفنان الساخر واسع الخيال وعظيم المَلَكة وسريع البديهة ومتعدد المواهب، والسبب الأصيل في اكتساب هذه الصفات لديه أنه يسخر من الواقع أو من الشئ كي يُغيره إلى الأفضل..وبالتالي فهذه الإرادة بحاجة أولاً لمعلومات ولعقل تحليلي يفصل بين الأشياء منعاً للخلط، ولعقل تركيبي يستقري الجزئيات ليخرج عن طريقها بأحكام عامة..هذه الأمور لا تستغرق لدى الساخر جزءاً من الثانية،وأحياناً لا يشعر الساخر بقيمة فنه أو لا يضحك عليه سواء لاعتياده أو لتجذر أسباب وبواعث ودوافع أعماله لديه، فهو صاحب خيال وروح معاً، وعندما يسخر فهو يخرج بأفكاره من السكون إلى الحركة.

باسم يوسف هو رجل ذكي ومشروع فنان متعدد المواهب، ولكنه بحاجة أولاً إلى عمليات ضبط نفسية وعقلية تحمله على رؤية الأشياء بمناظير اجتماعية أكثر منها عقلية، فالعقل النظري أحياناً يتعارض مع الحالة الاجتماعية والرؤية الثقافية للشعوب، وإن كان هذا الأمر لديه بحاجة إلى ضبط وربط ،ولكنه يعتمد في رؤيته على الفئة التي تمتلك عقلاً منطقياً لاستيعاب قيمة فنه، وهؤلاء قطاع عريض من الشعب وخاصةً الشباب، أو إلى شرائح سياسية تجمعها خلافات مع من ينتقدهم باسم يوسف أو من سلّط عليهم الأضواء فيستوعبون ما يقوم به الرجل بناءاً على مداخل عاطفية...وما يحدث هو نتيجة للروح الساخرة والسائدة في وعي المصريين منذ القِدَم، فالمسألة لديهم مفهومة وقريبة إلى وجدانهم بشكل كبير.

أيضاً هو بحاجة لتوجيه أنصاره كي لا يجعلوه .."إلهاً"..وبالتالي يكون قد أخطأ بنفس قيمة ومقادير أخطاء من ينتقدهم في برنامجه، وأخص بالذكر شيوخ السلفية، فينبغي عندما يخطئ في تقدير أمرٍ ما أو في حق فُلان فعليه واجب الاعتذار بطريقته الخاصة، أو بإحياء أفكاره الجديدة ومقاربتها مع القديمة لتبيان الفارق، وهذه مسألة بسيطة وأظن أن الرجل ليس مغروراً بالشكل الذي يجعله يتعصب لأفكاره أو لأدائه.

اجمالي القراءات 7406