آراء ووجهات نظر للتأمل
I
01) ليس الإلف تكيفا نفسيا أو حالة نفسية فقط ، بل هو تكيف عصبي أو حالة عصبية كذلك. إنه تكيف يرتبط بالجهاز العصبي . إن إيماننا بالمذهب لا يساوي أكثر من ارتباط جهازنا العصبي به ، ونحن نتعصب له - أي للمذهب – غضبا يساوي حالتنا العصبية المتعاملة معه .
02) ... فالتلاؤم ليس شرا أو خطأ خالصا، بل إنه مفيد أو ضرورة. ولولا طبيعة التلاؤم في الأشياء أو قانون التلاؤم فيها ، لما أمكن أن يستقر الإنسان ولا سواه في وضع من الأوضاع ، ولا أن يراه شيئا طيبا أو يرتاح إليــه . فقانون التلاؤم سخيف وضار ومعوق، ولكنه مع ذلك حاجة أو ضرورة ، إنه مفيد بقدر ما هو ضار، واحتياج بقدر ما هو ضد الإحتياج .
03) إن الذي يؤمن أكثر هو إنسان يتعصب ضد الإنسان ويعاديه أكثر.
إن الناس يتعصبون لمذاهبهم ومعتقداتهم ونظمهم بقدر ما يكرهون الآخرين ويعادونهم، أو لأنهم يكرهون الآخرين ويعادونهم، ولا يتعصبون لها لأنهم يحترمونها، أو بقدر ما يحترمونها.
04) إذا كنت لا تستطيع أن تفكر كما ترى، أو أن ترى كما تجد، أو أن تقول
كما تفكر، فإما أن تصمت عن الكلام والرؤية والتفكير، وإما أن تقول ما لا تفكـــر، وتفكر ما لا ترى ، وترى ما لا تجد.
إذا كنت ترى وتسمع وتتألم وتتلذذ فأنت حتما تقبل وترفض وتتلاءم وتتنافر، وإذا كنت كذلك فأنت حتما تفكر، أنت حتماً تفكر ولو ضد التفكير، فكل الناس يفكرون ، ولكن أكثرهم يفكرون ضد التفكير. إذا كنت تحيا فأنت حتماً تفكر ولو لمقاومة التفكير .
05) إن الذين لا يفكرون هم أشد عقما من الذين لا يلدون .
06) إن الحاجة إلى التفكير إذا لم تتحول إلى تفكير تصبح شيئا رديئاً ومدمراً.
07) إن البشر جميعا لا يخافون حرية الأرض، حريتها في أن تعطي كــــــل احتمالاتها ، مثلما يخافون حرية الإنسان، حرية عقله واحتجاجه بأن يعطي كل احتمالاته.
إننا ندعو إلى تطوير أدواتنا وكل وسائل حياتنا أو نأذن بذلك ونمارسه ونؤمن به ، ونرفض أن نفعل أو نقبل مثل هذا التطوير لذواتنا وأفكارنا وعقائدنا.
08) كيف تكون الأشياء كلها حلالاً ويكون الإنسان كله أو بعضه حراماً ؟ كيف نجرّب الصخور ويؤذن لنا بأن نجربها بكل حرية ، ثم لا نجرؤ على تجربة ذواتنا ولا يسمح لنا بتجربتها بمثل هذه الحرية ؟
09) إن صواب اليوم كان خطأ الأمس .
10) إذا كان ذنبا أو عارا أن نصمت عن قول ما نعتقد ونريد ونحترم، فماذا يمكن أن يكون إجماعنا على أن نقول ما لا نعتقد أو نحترم أو نريد ولو في بعض الأوقات في بعض المواقف والآراء ؟
11) ... فليست الكثرة دائما شقاء وخسراناً، ولا القلة دائما سعادة أو ربحاً أو رخاء.
12) إن مصادرة حرية التنفس ليست أكثر ظلما أو بلادة من مصادرة حرية الإختلاف الفكري أو العاطفي .
13) إن هذه الأفكار التي تعدّ اليوم جديدة وتطارد لأنها جديدة ستصير مع الأيام قديمة ، يعدّ مخالفوها زنادقة ومنبوذين ، وتحارب باسمها الأفكار التي سوف تكون أكثر منها جدة .
14) إنك لن ترى منظرا ساخرا ومهينا أبلغ من أن ترى رجلين أو طائفتين مختلفتين على المذهب أو العقيدة أو النظام ، تدخلان في حوار حاد، هذه الطائفة ترى أنها هي الحق كل الحق ، وأن المخالفة لها هي الباطل كل الباطل ، ثم تدعي الطائفة الأخرى نفس الدعوى !إن الرجلين أو الطائفتين لتستحقان كل الرثاء بدل الغضب أو الكره.
15) إنه مباح لك وعدل أن تدين بآرائك مهما كانت سخيفة وغير معقولة، ولكن عليك أن تفعل ذلك مبتدئا من حدودك منتهيا عندها، لأنك لست كل العالم ، ولأن في الفضاء الذي تتحرك فيه آخرين يريدون أن يتحركوا فيه أيضا مثلما تريد أنت ، ويريدون أن يعيشوا الجنون والحماقات التي تعيش أنت مثلها .
16) هل يمكن ألا يفكر الناس، وإذا فكروا فهل يمكن ألا يختلفوا فــي تفكيرهم ؟ إنه محتوم أن يفكروا ، إذن هو محتوم أن يختلفوا .
17) كيف لا يخجل أي إنسان من سذاجته حينما يرى الله في مرآته أجمل مما يراه في مرائي الآخرين ؟
18) هل أنت تكره من خالفك لأنك تحبه وتريد له الخير والصدق ؟ هل أنت طيب إلى هذا المدى ؟ أم أنت تكرهه لأنك أناني مستبد ، ولأن فيك وحشاً يحتاج إلى هذه الكراهة ، بل لأن فيك إنسانا يقتات بهذه الكراهة ؟ هل نكره من نحب لأننا نحبهم جداً ؟ إن المؤمنين الذين يكرهون غير المؤمنين يزعمون أنهم يكرهونهم لأنهم يحبونهم !
19) هل كفر الكافر وخلاف المخالف يوقفان جريان الأنهار أو اخضرار الحقول أو إزهار الأزهار أو تورد الخدود الفتية أو رغبة الرجل في المرأة ، أو رغبة المرأة في الرجل أو قدرتهم وقدرتهن على إعطاء الأبناء والبنات ؟
20) ... وكما أنك لا تستطيع أن ترى الشمس وأن تعشقها أكثر مما يراها ويعشقها جيرانك المخالفون لك في الدين أو المذهب أو الشعارات، كذلك لا تستطيع أن ترى أكثر أو أفضل منهم الصواب والذكاء الموجودين في نظامها الذي قد تظن أنه – أي نظام الشمس - ليس إلا هتافا وشهادة لمذهبك أو نظامك .
*****************