شباب المعارضة المصرية في حقول التحدي

سامح عسكر في الجمعة ٢٢ - فبراير - ٢٠١٣ ١٢:٠٠ صباحاً

 

أفضل ما في شباب المعارضة المصرية أنهم يملكون القُدرة على المراجعة، بل والحوار حولها دون يأسٍ أو ضعف..وهذه قُدرة على الديناميكية والتحوّل ليست متوفرة في أي حزب أو جماعة مصرية..فهم يتعاملون في السياسة بمنطق حقوقي خَدَمي وهذه أفضل الأساليب التي تُمكن للتجمعات مزيد من القوة، ففارق كبير بين من يعمل في السياسة بأسلوب خَدَمي دون الحقوقي أو العكس وبين من يجمع هذه الأساليب معاً ويضعها في لوحة ثورية تكون أشبه بثورات الإصلاحيين المميزة في التاريخ.

رأيتهم -وبكل جرأة- وهم يطالبون بتغيير الأسلوب الحالي لأساليب أخرى أكثر فعالية بعد كمّ الخسائر في الأرواح التي عانوا منها وظهر بأن مُقابلها ليس على المستوى المأمول.. الأسلوب الحالي ليس سيئاً ولكنه في ذات الوقت ليس جيداً..وأذكر القراء الأعزاء أن ما يطالب به الشباب اليوم كنت قد طالبت به منذ فترة، بل وفي عز معمعة الدستور كنت قد طالبت به..

باختصار أنا أضع اقتراحاتي كالتالي:

1-استمرار الفعاليات الثورية بتظاهرات سلمية .."وأكرر سلمية".. تكون المظاهرات مرة واحدة أو مرتين في الأسبوع-حسب الاتفاق-وتكون لقصر الرئاسة وللتحرير معاً..مهم جداً التحرير لأن رمزيته كعنوان للثورة المصرية لم ينساها ولن ينساها أحد...أما في المحافظات فتكون المظاهرات أمام مقار المحافظات والمجالس المحلية مع الحِرص على عدم التعرض للأمن.

2-تغيير عناوين ومطالب المظاهرات من إسقاط النظام ويسقط حُكم المرشد إلى عناوين أخرى هي محط اهتمام المواطن المصري البسيط وهي..(الغلاء والفقر والفساد والمحسوبية)..إضافة إلى مطالبنا الرئيسية بإقالة الحكومة والنائب العام..لا تستهينوا بهذه المطالب فهي نصر كبير لو تحققت، وهي خسارة مفجعة للطرف الآخر الذي يعمل الآن للتمكين بكل قوته.

3-تنظيم حملات توعية في القُرى والنجوع والمناطق الشعبية يكون هدفها الأول هو التوعية بالأوضاع الحالية وبطبيعة الخصم واقتراحاتنا التي لا يسمع لها النظام..الترتيب دا مهم جداً، فالشعب المصري رغم كونه مسالماً إلا أن الغضب يتملكه إذا رأى بنفسه الكذب أو الخداع أو اللامبالاة..

4-ضرورة تحرك كافة المشايخ والدعاة في صفوف المعارضة إلى الشرائح الدنيا للشعب... ويكون هدفهم الأول هو مواجهة المتشددين ، ويكون هدفهم إيصال الفهم الصحيح للإسلام.

5-ينبغي الدعوة والحشد للجمعيات الخيرية الغير تابعة للإخوان والسلفيين..وهي جمعيات خيرية كبيرة وكثيرة على مستوى الجمهورية، والهدف من ذلك هو إيصال فكرة "أن المعارضة نشطة اجتماعياً" ولكنها لا تستغل المواطن لمصالحها في الانتخابات كما يفعل الخصوم.

النتائج المتوقعة:

1-زيادة الوعي الشعبي بخطورة النظام الحاكم على المصريين.

2- تحصين قوى ورموز المعارضة من التشويه الذي يعمل له الخصوم بهدف الاغتيال المعنوي، فبمجرد تواصل المعارضة أكثر مع الشعب يكون المواطن لديه فكرة صحيحة عن الأوضاع وعن الأشخاص.

3-زيادة عُزلة النظام الحاكم بعدما حبسوا أنفسهم داخل جُدران الحزب وأسوار الجماعة وقصر الرئاسة.

4-توسيع رُقعة الرفض الإعلامي للخصوم ونزع أي تعاطف معهم بوصفهم من تسببوا في معاناة الشعب على جميع الأصعدة..

وأخيراً..أذكر نفسي وأذكركم بأن طبيعة الخصوم هي التي تتحكم في طبيعة المعركة، فالإخوان ليسوا كنظام مبارك بل هم أخطر منه بمراحل ، وذلك لكونهم يستخدمون الدين في الدعاية السوداء لأنفسهم ولمشاريعهم المشبوهة، ولكون قاعدة الولاء لهم تتسم بالمسحة العقائدية الدينية..وهذا شئ يجعلهم أكثر ترابطاً من نظام مبارك...

طبيعة العمل الثوري تكون عبر بناء القواعد ثم التحرك..لا العكس كما يفعل -أو يظن البعض- بأن التحرك يعقبه بناء القواعد سواء بالتعاطف أو عبر المصالح..هذا خطأ منطقي في التفكير، فالشعب المصري في مُعظمه يعاني من الأمية السياسية بمن فيهم رجال الجيش والشُرطة، وهذا يستدعي كسب هؤلاء لصفوف المعارضة عبر توجيه مطالب بسلوكيات مُنظمة وواقعية بعيداً عن الشعارات.

أود أن أقول بأن الإخوان فشلوا رسمياً في مشروع تمكينهم الذي يعملون له ليل نهار، ومواجهتنا لهم هي بالأصل لتقليل الخسائر الناجمة عن خروجهم من السُلطة، فالإخوان جماعة عقائدية دينية في المقام الأول، وطبيعة تلك الجماعات أنها تنهار من أنفسها فور تعرضها لأي نوع من أنواع الفشل، وأنا أعتقد أن الإخوان يمرون بأقسى تجارب التاريخ عليهم، فهم مُهددون الآن عملياً.... وشعبيتهم أصبحت في الحضيض وفي أدنى مستوياتها منذ ظهور الجماعة، وتزداد رُقعة كراهيتهم من الشعب المصري كل يوم عن التالي...وهم في ظل هذا الوضع الصعب والقاسي -عليهم-هم مُجبَرون على عدم التراجع لاعتقادهم بأن المسألة لديهم حياة أو موت.

اجمالي القراءات 6264