ثروة أمير قطر يخوت وعقارات وخيول ومليار استرليني وهارودز

في الثلاثاء ٢٥ - مايو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

ثروة أمير قطر يخوت وعقارات وخيول ومليار استرليني وهارودز

يسرا زهران

ثروة أمير قطر يخوت وعقارات وخيول ومليار استرليني وهارودز
اشتري حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر، محلات هارودز الأسبوع الماضي، وهو آخر قطعة يضيفها إلي مجموعته بأموال ثروة بلاده من النفط.

ظاهريا، يبدو أمير قطر أقرب للصورة التقليدية والنمطية لشيخ عربي، يبذر ثروات بلاده النفطية علي الرفاهيات الغربية، والواقع أن خزينة ممتلكاته ضمن ما تضمه، يخوت فخمة، وسكن في منطقة بارك لين في لندن تصل قيمته إلي 38 مليون جنيه استرليني (نحو 380 مليون جنيه مصري)، وانضم هارودز إلي قائمة ممتلكاته في الأسبوع الماضي، بعد صفقة سرية أجراها مع مالكه السابق، المصري محمد الفايد.

لكن، حقيقة حاكم قطر أعمق مما تراه العين لأول وهلة، فهذا الحاكم الذي لا يزيد عمره علي 57 عاما، ويمتد نفوذه فوق تلك الدولة الصحراوية الصغيرة، قد تجنب ما وقعت فيه الدول الخليجية المجاورة من تجاوزات بهدف ملاحقة رؤية أكثر طموحا.

لا يحترم حاكم قطر دبي، جنة زوجات لاعبي كرة القدم العالميين الأثرياء، ولا فنادق أبوظبي الفاخرة بل اتخذ طريقا آخر للتحديث من خلال استغلال ثروات البلاد، التي تصل إلي ثلث احتياطي العالم من الغاز الطبيعي، في مجالات التعليم والثقافة.

يقول أحد المحللين المتخصصين في الشئون الخليجية، إن حاكم قطر يسبق معظم أشقائه العرب بشتي الطرق، وهو يريد أن يأخذ مخاطرات أكبر حجما حتي يحول قطر إلي دولة حديثة.

يروي عن حاكم قطر، أنه في فترة مراهقته، غرق في نوبة من الضحك الهستيري عندما كان واقفا علي منصة مجلس الشعب القطري، يشهد أول مناقشة برلمانية في حياته. لكن يحسب له أنه قام بتحديث بلاد كانت سيطرة العائلة الحاكمة فيه أمرا مطلقا، اليوم صار من حق النساء التصويت، وبعضهن يتولين بعض المناصب الوزارية.

يصعب أن يظهر الشيخ سمعته كقائد تقدمي بشكل شخصي، يقول صحفي التقي به، إنه لا يبدو عليه أنه رجل محنك في التعامل مع الصحف، بل يبدو مرتبكا لأنه مضطر للحديث مع وسائل الإعلام أصلا.

أمر غريب، خاصة أن الشيخ قد الغي الرقابة علي الإعلام، وأسس عام 1996، قناة الجزيرة الإخبارية، التي اتهمت بتقديم مساحة لأسامة بن لادن تحت مظلة تقديم أخبار مستقلة للجمهور العربي. وفي مقابلة نادرة مع جريدة التايم، قال أمير قطر:" كانت مشكلتنا مع الحكام العرب.. شعوب العرب لم نسمع لها صوتا."

بالتوازي مع إصلاحاته، وجد الشيخ حمد بن خليفة وقبيلته، وهي واحدة من أكبر القبائل والعشائر الحاكمة في الشرق الأوسط، فرصة ذهبية في سعي الغرب إلي إعادة إحياء وانقاذ مؤسساته المالية الكبيرة من الانهيار. ومن هنا جاءت نسبة الأسهم الكبيرة التي يملكونها في بنك باركليز، وبنك كريدي سويس، وجي سينسبيري، يقول أمير قطر لمجلة «دير شبيجل» الألمانية:" مع الأزمة المالية الأخيرة، فإن معظم الدول تفضل أن تحتفظ بأموالها علي أراضيها، بدلا من استثمارها في الخارج، لكننا نري في هذه الأزمة فرصة لن تتكرر علي مدي السنوات العشرين المقبلة."

تصل الثروة الشخصية لحمد بن خليفة آل ثاني إلي أكثر من مليار جنيه استرليني، وكانت صفقة هارودز التي كانت بقيمة مليار ونصف المليار جنيه استرليني، صفقة تمت من خلال مؤسسة قطر القابضة التي تمثل ذراع الاستثمار لثروة العائلة المالكة القطرية.

لم تكن صفقات الحاكم القطري تجري دائما بهذه السلاسة في لندن، قبل ذلك، انهارت خطط الأمير القطري لتطوير تشيلسي باراكس في لندن بعد اعتراض أمير ويلز، وهو ما أدي إلي نزاع قضائي علي 81 مليون جنيه استرليني بينه وبين نيك وكريستيان كاندي اللذين يطوران المنطقة.

في العام الماضي، كان أمير قطر طرفا في ضجة عندما اتهم جاك سترو، وزير العدل في تلك الفترة، بأنه حاول أن يجتذب إليه أصوات المسلمين في منطقة بلاكبيرن، من خلال توجيه منحة حصل عليها من الشيخ حمد بقيمة مليون ونصف المليون جنيه استرليني في سبيل بناء مسجد هناك.

إلا أن حمد بن خليفة، مثله مثل العديد من القادة العرب الذين تلقوا تعليمهم في بريطانيا، يفضل أن يقوم باستثماراته هناك. وظهر ذلك فيما فعله في جامعة شيربورن التي يدرس فيها ابنه ولي العهد، والتي قررت العائلة المالكة القطرية أن تفتتح لها فرعا في الدوحة.

هو ضعيف بشكل خاص تجاه الألعاب الباهظة.. يستمتع أمير قطر بالتنزه علي متن يخته الفخم الذي يصل طوله إلي 436 قدما، ويطلق عليه اسم "المرقاب"، وهو واحد من أكبر اليخوت في العالم، ويمتلك مجموعة من أفضل وأنقي سلالات الخيول العربية في اسطبلاته، ويشارك القطريين شغفهم بسباقات الهجن، ولم يستطع أن يقاوم إغراء مشروع جديد بدبي، وهو مشروع سكني مقام علي جزيرة، هو مشروع اللؤلؤة.. الذي يضم 16 ألف وحدة سكنية، تتنوع ما بين شقق وفيللات.ونواد للسهر ومحلات تجارية.

لكن الدولة التي أعاد الأمير بناءها لم تقترب من الكمال، فعلي الرغم من أنها ليست دولة بوليسية، إلا أن الأمن فيها حريص علي الاحتفاظ بسجلات للأجانب فيها، مازالت قطر دولة سلطوية خاضعة لتحكم رجل واحد، يحاول الموازنة بين التقاليد الوهابية الصارمة، وبين التحديث، وكانت نتيجة هذا "الحل الوسط" غير متوقعة في كثير من الأحيان، فالقيود علي الكحوليات مثلا، وعلي أساليب حياة الناس، أكثر تشددا من تلك السائدة في دول أخري في الخليج. قطر تمتلك صورة الدولة التي تتطلع نحو المستقبل، لكنها «اجتماعيا» قصة أخري.

لعائلة آل ثاني تاريخ طويل منذ وصولها للسلطة، واستعداد أفرادها لإراقة دماء بعضهم البعض جعلهم يكتسبون بجدارة لقب "سفاحي الخليج" الذي أطلقه عليهم بعض الأجانب. ومن المعروف أنه عندما اتهم الشيخ سعود آل ثاني بأنه يتربح بشكل غير مشروع بينما ينفق الملايين علي عقود حكومية، كانت النتيجة أن تم إلقاؤه في السجن.

تحت حكم آل ثاني، تبدو المفارقات أحيانا مثيرة للسخرية، كان حاكم قطر حريصا علي إقامة روابط مع الولايات المتحدة، دعا البنتاجون إلي إقامة قاعدة عسكرية كبيرة تمهيدا لغزو العراق، ثم استضاف في بلاده مؤتمرا إسلاميا يهدف إلي منع غزو العراق في الوقت الذي كانت فيه الطائرات الأمريكية تهدر في سماء بلاده، وكانت نتيجة تحركاته التي تحمل أكثر من وجه، أن صارت قطر هي الدولة الوحيدة القادرة علي استضافة كل الأطراف المتنازعة من إسرائيل وحماس حتي اندلاع الحرب علي غزة.

وفي العام الماضي قال أمير قطر إنه لن يأخذ صف أمريكا ضد إيران، قال:" إيران لم تضايقنا قط من قبل".. باختصار أمير قطر يريد أن يكون صديق الكل. هدفه الأكبر هو أن يحول قطر إلي النسخة العربية من سويسرا، وهي بلاد لعبت دورا مؤثرا في تاريخ عائلة آل ثاني المليء بالاضطرابات.. بدأت القصة عام 1960، عندما كانت قطر تحت الحماية البريطانية، وتحت حكم الشيخ علي بن عبدالله بن قاسم آل ثاني، واعتاد الشيخ علي أن يقضي الصيف في سويسرا هرباً من حر الدوحة، وأيضا، هربا من الديون والغضب الشعبي الذي كان يتزايد ضده، وهو ما أجبره في النهاية علي أن يتنازل عن الحكم لابنه أحمد.

بعد عام من استقلال قطر عام 1971، تولي الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني، والد الأمير الحالي الحكم، بعد انقلاب قام به علي ابيه، لكنه في سنواته الأخيرة، بدأ يشعر بمزيد من الميل نحو الرفاهية، فصار يقضي وقتا متزايدا خارج البلاد، ومن تصاريف القدر انه كان في سويسرا عندما قام ابنه، حمد بن خليفة، الأمير الحالي، بتدبير انقلاب سلمي ضده، انتقلت بموجبه السلطة إليه، عام 1995.

ولد الأمير الحالي في الدوحة عام 1952، وتلقي تعليمه في قطر، ثم في الأكاديمية العسكرية الملكية في ساندهورست، وعاد إلي بلاده حاملا رتبة عقيد، ليقود لواء متنقلا في جيش البلاد الصغير، وبعد انقلاب والده علي جده، ارتفعت أسهمه وترقي ليصبح وزيرا للدفاع، ومشرفا عاما علي صناعة البترول والغاز في البلاد. وعام 1995 صار هو ثاني أقوي رجل في البلاد.

من وجهة نظر حمد، فإن والده صار قريبا أكثر من اللازم من العراق وإيران، وصار أكثر تحكما في تعييناته وترقياته للناس، وتقول إحدي الروايات إن الأمير حمد أبلغ والده في مكالمة تليفونية أنه خلعه عن العرش ثم أغلق الخط في وجهه علي الفور، ولم يتلق الشيخ الكبير الخبر بشكل جيد، ففي العام التالي، أحبط الابن محاولة انقلاب مضاد قام بها والده ضده لاسترداد السلطة منه.. ورد الأمير الشاب علي تصرف أبيه بتجميد عائداته.

بدا كأمير بإدارة بلاده شبه المفلسة كما لو كان يدير شركة، صان هويتها الجديدة في الوقت نفسه، وظهر ذلك من خلال اختياره لشريكته، زوجته الشيخة موزة، الثانية من بين ثلاث زوجات، وهي التي قضت جزءاً كبيرا من عمرها في القاهرة، متعددة الثقافات، وتظهر بشكل متزايد دون أن ترتدي الحجاب العادي، وتنادي بحقوق المرأة، وهو جعلها تصبح مثلا أعلي لبعض النساء، وجعل بعض أصوات المحافظين تتعالي مستنكرة.

يقول أحد الصحفيين:" لا شك أنها أقوي سيدة في النخبة الخليجية، هي الوحيدة المسموح لها علي المستوي الملكي بالظهور علنا وقتما تريد."

لم تحاول قطر أن تتنافس مع دبي لاجتذاب السياح الراغبين في الرفاهية، بل اعتمدت علي السياح الراغبين في المعرفة، وركزت الشيخة موزة معظم مبادراتها حول تطوير السياحة التعليمية وأنشأت مدينة التعليم التي تضم فروعا لعدد من كبري الجامعات الأمريكية.

أما الأمير حمد، فيقال إنه بوجه عام، يمر أحيانا علي المطاعم المحلية غير مصحوب بحراسة، لكن التاريخ علمه درسا واضحا: ألا يقضي إجازاته في سويسرا أبدا!.

اجمالي القراءات 20619