إنها حقاً دولة مدنية

كمال غبريال في الجمعة ٠٥ - أكتوبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 
• الدولة المدنية المصرية الإخوانجية تعني:
المساواة بين المرأة والرجل. . بما لا يخالف شرع الله
حرية الرأي والعقيدة. . بما لا يخل بالنظام العام
الدولة مدنية. . ذات مرجعية دينية
حرية ممارسة الشعائر الدينية. . للأديان السماوية
المسيحية واليهودية أديان سماوية. . لكن التوراة والإنجيل محرفان
المسيحيون واليهود أهل كتاب. . لكنهم كفار عباد صليب وأحفاد قردة وخنازير
مطلوب مني أن أعترف برئيس جمهورية لا يعترف بحقي وحق أبنائي في تولي ذات المنصب. . مطلوب مني أن أكون مواطناً صالحاً في دولة لا تعترف بمواطنتي الكاملة كمسيحي إلا من قبيل التعمية والعمومية في الخطاب، ليفتضح انتقاص مواطنتي مع التفصيلات.
أتعجب ممن يريدون من العالم الغربي أن يحترمهم ويعاملهم معاملة الند للند، وهم لا يحترمون شركاءهم في الوطن، ولا يملون من إهانتهم ليل نهار. . أتعجب ممن يسعون إلى نيل الاحترام دون التفكير في أهمية امتلاك مقوماته وموجباته: القوة الاقتصادية والعسكرية والعلمية واحترام حقوق الإنسان، وكلها مفتقدة لدى هؤلاء النابحين بالمعادة للعالم الحر المتقدم. . أزعم أن المأساة ليست هيمنة الإخوان، ولكنها ندرة الرجال المحترمين. . أربعة شهور على الأرض الأمريكية أقنعتني أن المقارنة بين الشعبين المصري والأمريكي غير واردة. . أحبك يا وطني بكل من فيك وما فيك. . أحبك لمجرد أني أحبك!!
• تعريف:
البطريرك أو الأسقف القبطي الأرثوذكسي: هو كائن موطنه الأصلي مصر، ويعيش عالة على الكائنات الكادحة، رغم أنه يحيا كالأباطرة وأشباه الآلهة، ويضطر أغلب الوقت للتضحية بالشعب ومصالحه، من أجل أن يظل قداسة عظمته ونيافته معززاً مكرماً من السلاطين. . اللهم عجل بانتقال مثل هذه الكائنات جميعاً إلى ملكوت السموات في أحضان آبائنا القديسين، واحرمنا من أفضالهم وبركاتهم.
كان المسيح يمشي حافي القدمين. . وهم يركبون المرسيدس
لبس المسيح تاجاً من أشواك. . وهم يلبسون تيجاناً مرصعة باللالئ
كان المسيح خادماً للناس. . وهم جعلوا من أنفسهم أسياداً لهم
رفض المسيح لقب معلم صالح. . وهم أعطوا لأنفسهم ألقاب أصحاب عظمة وقداسة ونيافة
كان المسيح فقيراً لا يكتنز فلساً. . وهم يكتنزون الملايين
بذل المسيح نفسه من أجل خلاص البشرية. . وهم يقدموننا ذبيحة من أجل مجدهم الشخصي
كان المسيح قوياً في إعلان الحق. . وهم لا يصمدون أمام ذبابة، ويجعلون من أنفسهم ممسحة على أعتاب السلاطين.
قدم الأنبياء أنفسهم للناس على أنهم مجرد رسل لتوصيل كلمة الله للإنسان، أما من أتوا بعدهم وادعوا وراثة رسالتهم فهم يتصرفون وكأنهم صاروا نواباً لله على الأرض، ولم يعودوا رسلاً لتوصيل رسالة، وإنما صاروا قضاة وجلادين وأوصياء على الإنسان الذي تقول جميع الأديان أن الله منحه حرية الاختيار، لنصل أخيراً في هذا العصر إلى أن اعتبر المنتفعون بالدين أنهم هم ذاتهم الرسالة، وأن من ينتقدهم قد هرطق أو كفر بالدين، وهذا طبيعي ماداموا قد صاروا في نظر العامة هم الدين ذاته، بل وكأنهم لم يحلوا محل الأنبياء والرسل فقط، وإنما قد حلوا أيضاً محل الله ذاته، ماداموا قد اغتصبوا لأنفسهم صفاته المقدسة، واغتصبوا حق الحكم على الناس وعلى إيمانهم.
• لم تعد مسألة التلاعب في نتيجة انتخابات الرئاسة المصرية أمر إشاعات وتهويمات خلفها الهيام الشرقي بنظرية المؤامرة، فالأسرار التي يتوالي كشفها مع الوقت تخرج بالأمر عن هذا الحيز، لتدخل به نطاق الحقائق شبه المؤكدة، وإذا كان "ما فات مات" كما تقول الحكمة الشعبية المصرية، ولا جدوى الآن من البكاء على اللبن المسكوب، كما لا أمل يبدو في الأفق للتحقق من الأمر قضائياً ومحاسبة المسؤولين عنه إن كان هذا قد حدث فعلاً، فإن درس تحويل نتيجة الانتخابات الرئاسية من فوز أحمد شفيق لفوز محمد مرسي (بافتراض حدوثه) لا ينبغي أن يقتصر على لوم من قاموا بهذا التزوير لإرادة الشعب، بل يجب أن يمتد إلى عدة نقاط غاية في الخطورة:
أولاً أن القانون والشرعية يحتاجان إلى رجال يحمونهما، ومصر تكاد تخلو من هذه النوعية من الرجال، ولا يقع العبء هنا فقط على من لم يصمدوا أمام الضغوط لانتهاك الشرعية، ولكن أيضاً على الذين سخروا ما بأيديهم من قوة ولاهم الشعب عليها لحمايته، فإذا بهم يستخدمونها لسحق إرادته خضوعاً لعصابات إرهابية يعلمون أنها ستدخل البلاد إلى نفق مظلم لا ندري إن كان من الممكن أن نخرج منه يوماً.
ثانياً أن موازين القوى ليست بالكم العددي فقط، بل بهمة ونشاط الأطراف، فالأغلبية التي انتخبت أحمد شفيق أغلبية مسالمة هادئة، وصفوتها تؤمن بالحوار وبالشرعية القانونية، ولا تتسلح بغير القلم وما تحمله بين جنباتها من رسالة إنسانية حضارية، في مقابل أقلية كان نشطاؤها مستعدون لحرق البلاد في حالة سقوط مرشحهم، ويرفعون رايات تنظيم القاعدة السوداء واضعين على صدورهم صور بن لادن، وينادون بأقبح الشعارات متسلحين بالخناجر والمتفجرات، وقد أعلن قادتهم بكل بوضوح وتبجح نيتهم في هدم البلاد على رؤوس من فيها، وبالتالي يمكن بنوع ما التماس العذر لمن قاموا بالتزوير وتحويل النتيجة لصالح من يهددون بحرق الوطن، وإن كان التاريخ سيذكر ذلك لهم كلعنة تلاحق ذكراهم، كما تلاحق كل من سيحمل أسماءهم من الأجيال التالية، هذا ما لم يتيسر للشعب المصري وضعهم خلف قضبان العدالة.
ثالثاً أن ما نحن فيه الآن ليس ديموقراطية تحكم بموجبها الأغلبية، وإنما هو ديكتاتورية الأقلية التي استطاعت إرهاب الأغلبية والسيطرة على مقدرات الأمور، وأن ما نسميه ثورة 25 يناير 2011 هو في الحقيقة انقلاب إخواني على الشرعية، قامت خلاله الجماعة المحظورة بخداع الجماهير وتسخيرها للوصول إلى السلطة التي حلموا بها طوال ثمانية عقود مضت، والوعي بهذه الحقيقة ليس أمراً ضرورياً من قبيل أهمية الرؤية الصحيحة للتاريخ القريب أو البعيد، ولكن الأهمية في أن نتوقف "لنضع نقطة ونبدأ من أول السطر" كما يقولون، ولتبدأ التيارات العلمانية المدنية في تنظيم صفوفها بمنأى عن كل من تلاعب بهم الإخوان وسخروهم لإيهام الشباب والشعب المصري بأن تسليم السلطة لدعاة التخلف هو النجاح لثورة الـ "عيش. حرية. كرامة إنسانية"، فمثلاً هؤلاء الذين حصلوا على أصوات الناخبين في الانتخابات البرلمانية بوصفهم دعاة حرية ومدنية، ثم عملوا خدماً في بلاط الإخوان، وتخصص بعضهم في العمل ترزياً لقانون سيئ السمعة وغير دستوري، هؤلاء ينبغي على أي تكتلات مدنية تبغي استرداد مصر أن تعزلهم وتلفظهم، ليس من قبيل الانتقام بالطبع، وإنما حماية لنهضة حرة مأمولة من أن تلقى مصير سابقتها على أيديهم الملوثة بالنفاق والارتزاق.
ستظل محاولات الائتلاف والتحالف بين الرموز السياسية مجرد مجالس للدردشة والاستعراض الإعلامي بلا أي قيمة حقيقية، طالما يلتقون تحت تأثير الرغبة العاطفية والشخصية في الائتلاف، ودون أن يتفقوا على خطوط كافية يسيرون عليها المسافة المطلوبة لاستخلاص الوطن من أيدي من يمسكون به بين براثنهم، فلا مانع من ائتلاف الناصري والعروبجي والماركسي والليبرالي وحتى المتأسلم مدعي الليبرالية، لكن بشرط أن يكون هناك اتفاق حقيقي بينهم ليس على مجرد شعارات، ولكن على مبادئ واضحة وكافية، ونقول كافية بمعنى ألا يتم في سبيل اتفاق مظهري تجنب التطرق لنقط خلاف جوهرية لا تلبث أن تطفو على السطح قبل منتصف الطريق. . الاتفاق على ما يكفي لتحديد إلى أين تتجه مصر، وكيف سيكون شكل مستقبلها، فتحت اصطلاح "دولة مدنية" يمكن أن تجد العجب العجاب من تخلف وكراهية وعداء وعنصرية. . وإلى أن يحدث مثل هذا الاتفاق بين القوى العلمانية ستظل تلك المحاولات المراهقة الجارية الآن خير عون لبقاء مصر الفريسة بين أنياب الذئاب.
مصر الآن إذن وحتى إشعار آخر دولة مدنية على النموذج الإخواني.
اجمالي القراءات 7537