خدعة التخصص
التخصص مطلوب في جميع الفروع ولكن رأي المُتخصص غير مُلزم لمن يطلب مشورته، فحتي الطبيب رأيه استشاري للمريض وليس مُلزما له، ومن حق المريض طلب رأي طبيب ثان وثالث حتى يقتنع بالعلاج الذي يقترحه، والمريض هو المسئول عما يحدث له لعدم استعماله عقله في اختيار العلاج المُناسب حسب ما وصله من معلومات.
ومُقارنة الدين بالعُلوم الأُخرى خدعة ومُقارنة في غير محلها لأننا نلجأ إلى أصحاب التخصصات كالأطباء والمُهندسين والمُحاسبين الخ عند الحاجة إليهم، أي أن مشورتهم عرضية، ورأيهم استشاري فقط وليس مُرغما كما سبق القول، أما الدين فهو شيء مُلازم لنا ونحتاجة في كُل وقت لتستقيم تصرفاتنا ونكون بإذن الله من المُتقين والمُحسنين، ولأن تأثيره يمتد إلى حياتنا الحقة في الآخرة.
فلن تُسأل في الآخرة عن معلوماتك الطبية أو الهندسية أو الحسابية الخ ولكنك ستُسأل عن آيات الله في كتابه، والتي أنزلها الله لهدايتنا حتى نسير على صراط الله المُستقيم لنُفلح في الدنيا وفي الآخرة: هل سمعتها وهل عقلتها وهل عملت بها؟
افهم شيوخ الوهابية وغيرهم أتباعهم بأن الدين تخصص مثل باقي التخصصات، ثم أقنعوهم بأن رأي الشيخ إلزاميّ، فقد عينوا أنفسهم وكلاء لله في الأرض بصفتهم حُماة الشريعة. ولذلك فقد يحمل التابع أعلى الشهادات ويستعمل عقله جيدا في عمله، ولكنه عندما يتحدث في الدين لا يفعل إلا أن يُكرر ما قاله له الشيوخ بدون إعمال عقله؛ فقد علموهم أن العقل هو الهوى، ولذلك فعليهم ألا يعترضوا قبل أن يتعلموا، وأن الشيخ لما يقول: آه! يبقى الناس تقول آه!
وبعد سنوات من التلقين تكون عقول الأتباع قد حفظت فتاوى الشيوخ التي يتبعونها بغير علم ولا تدبر، ولكن عقولهم تكون قد ضمرت من عدم إعمالها.
وعندما تُناقش الشيوخ في فتاواهم وتعترض عليها مُستعينا بما قرأته في كتاب الله فسيُدخلوك في متاهة لن تخرج منها إلا بأن تثق بعقلك وتدبرك لكتاب ربك
فمثلا إذا قلت لهم إن هذه الآية تُنكر عليهم فتوى مُعينة:
فسيقولوا لك إن هذه الآيات لا تُفهم إلا بالتفسير
وإذا جئتهم بتفسير لا يتفق مع فتواهم
قالوا: هذا تفسير لم يتفق عليه عُلماء الأمة لأنه لم يُلق بالا لأحاديث الرسول عليه السلام
وإذا قرأت الأحاديث وقلت لهم ولكن فلان يُضعِّف أحاديثا في كتاب فلان والآخر يُضعف أحاديثا في كتابه هو
قالوا هذا علم كبير ليس لك باع فيه وإنما يفهمه صيارفة الحديث فيعلموا صحيحه من موضوعه
وإذا قلت لهم ولكن هذا الحديث يُخالف آيات في كتاب الله
قالوا: هذا ما تظنه لأنك لا تعرف الناسخ من المنسوخ في كتاب الله
وإذا قرأت كُتب الناسخ والمنسوخ وأظهرت اختلافها فالمنسوخ عند البعض أكثر من خمسمائة آية ولدي آخرين لا يكاد يصل إلى خمس آيات
قالوا: اختلف العلماء فاقرأ للأئمة
وعندما تقرأ للأئمة وتجد أنهم اختلفوا في كُل شيء تقريبا
قالوا: إن الإمام فلان كان يحكم بالرأي والرأي هوى فعليك باتباع الأئمة الذين يتبعون حديث الرسول الصحيح ولا يتبعون الهوى مثل الإمام فلان الذي يتفق رأيه مع رأيهم
المطلوب هو إدخالك في دوامة حتى لا تعرف رأسك من رجليك، وتقتنع تماما أنك حمار فتُلغي عقلك، فتعود إليهم خاضعا مُطيعا لما يُفتون به مما يُخالف كتاب الله، وبذلك يتحقق ما يُريدون بألا تفهم أي شيء ليُحركوك كما يشاءون.
والحقيقة هي أننا سنُحاسب أمام ربنا كل واحد منا بمفرده، ولن ينفعه أن يقول اتبعت الشيخ فلان أو علان.
يقول تعالى: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاء لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ}الأنعام94
ويقول: {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً} مريم95
ويقول عن أولئك الذين اتبعوا شيوخهم وسادتهم بغير علم: {قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَـؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَـكِن لاَّ تَعْلَمُونَ} الأعراف38
وسيكون سؤالنا عن آيات الله التى هجرناها وليس عما اخترعوه من حديث وحكايات: {حَتَّى إِذَا جَاؤُوا قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْماً أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} النمل84
و {أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ} المؤمنون105
ولن ينفعنا أن نقول إننا اتبعنا سادتنا وكبراءنا: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} الأحزاب67
فيجب على كل واحد منا أن يعلم دينه جيدا، فيقرأ كتاب ربه ويتدبره، ويسأل من يثق في أنه مُتفقه في الدين عما لا يفهم، ويُعمل عقله حتى يقتنع فلا يتبع رأيا بدون فهم ودليل، ولا يُسلم عقله لشيوخ الموروث.
ولن ينفعك المثل الغبي: علقها في رقبة عالم واخرج منها سالم
اسمعوا كلام الله واعقلوه حتى لا تصيروا كالأنعام: { أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚإِنْ هُمْ إِلَّا كَٱلْأَنْعَـٰمِ ۖبَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴿٤٤﴾} الفرقان
آ{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًۭا مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلْإِنسِ ۖلَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَآ ۚأُو۟لَـٰٓئِكَ كَٱلْأَنْعَـٰمِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚأُو۟لَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلْغَـٰفِلُونَ﴿١٧٩﴾} الأعراف
لا تهجروا كتاب ربكم لما قاله فُلان أو علان
آ{ وَقَالَ ٱلرَّسُولُ يَـٰرَبِّ إِنَّ قَوْمِى ٱتَّخَذُوا۟ هَـٰذَا ٱلْقُرْءَانَ مَهْجُورًۭا﴿٣٠﴾} الفرقان
آواسمعوا كلام ربكم واعقلوه واعملوا به
آ{ وَقَالُوا۟ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِىٓ أَصْحَـٰبِ ٱلسَّعِيرِ﴿١٠﴾} الملك
حتى لا تكونوا من أصحاب السعير
فستُسألون عن آيات الله وليس عن روايات البُخاري أو الكافي أو إرشاد الفحول أو أي شيء آخر
فذاكروا المُقرر جيدا واعقلوه واعملوا به
واعلموا أنه سوف يُحاسب كل واحد منا بمُفرده!!ا
بمفرده!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!ا
بمفرده!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!ا