زوجة رئيس الحكومة تمثل المال العام في مجلس الإدارة ولكن شيكات الأرباح تصدر باسمها مخالفة للقانون!

في الثلاثاء ٠٤ - مايو - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

زوجة رئيس الحكومة تمثل المال العام في مجلس الإدارة ولكن شيكات الأرباح تصدر باسمها مخالفة للقانون!

 

زوجة رئيس الحكومة تمثل المال العام في مجلس الإدارة ولكن شيكات الأرباح تصدر باسمها مخالفة للقانون!
القرية الذكية.. المدينة الفاضلة لرئيس الحكومة.. أحمد نظيف.. فيها بيته.. ومكتبه.. والأهم أنها تبعده عن صداع المتاعب المزمنة في قلب القاهرة.

والقرية الذكية منطقة محرمة.. مستترة.. يصعب كشف ما فيها.. وهو ما يمنحها سمعة لا تستحقها.. وشهرة تزييف حقيقتها.. فما خفي كان أعظم.

ولو كان الرجل يتباهي بها.. ويعتبرها عينة إنجازه التي يجب تعميمها.. فإن ما تحت أيدينا من مستندات رقابية رسمية سيقنعه بأن يترك منصبه ويرحل.. فقد فشل في القرية الذكية.. والدولة المصرية.

فكرة القرية الذكية فكرة هشام الشريف.. مؤسس مركز «دعم».. ورئيس نظيف فيه.. والغرض منها «إنشاء وإدارة المناطق التكنولوجية ونقلها وتقديم الخدمات المرتبطة بها».. حسب قرار هيئة الاستثمار رقم 2433 لسنة 2001 بإنشاء الشركة المساهمة الخاصة بها.

وحسب القرار نفسه فإن رأسمالها المرخص 500 مليون جنيه.. والمصدر 100 مليون جنيه.. منها 20 مليون حصة.. أرض عينية مساحتها 133335 متراً مربعاً بمنطقة أبورواش بالجيزة.. دخلت بها وزارة الاتصالات وقت أن كان نظيف وزيرها.. وتساهم في الشركة شركات مختلفة يمثلها شخصيات معروفة.. مثل محفوظ الأنصاري وياسين منصور وهشام القللي ورفعت السيد ورءوف عبدالمسيح ومدحت خليل وإسماعيل مشهور وعبدالرحمن الصاوي وطارق ملش وسيف قطري وعمرو علوبة وأشرف مروان وجمال محرم وعمرو محيي الدين وتقي الله حلمي ونجيب ساويرس.

وبلغت التكاليف الاستثمارية الأولية للقرية 270 مليون جنيه مولت من رأس المال المدفوع بجانب 170 مليون جنيه قروضاً.

ويبدو أن القدرة علي التنفيذ في القرية الذكية أقل مما يجب.. فقد كان علي شركة مقاولات "أبناء حسن علام" تنفيذ المبني الإداري في إبريل من العام الماضي بمبلغ 194 مليون جنيه من جملة تكلفة تصل إلي 207 ملايين جنيه.. لكن شركة المقاولات لم تلتزم بالموعد.. ولم تفرض عليها غرامات.. حسب تقرير المحاسبات عن نفس العام.

ودفعت القرية نحو عشرة ملايين جنيه لشركة تسمي «النهضة» لتنفيذ نظام كاميرات المراقبة علي المداخل لكنها لم تنته من التنفيذ في الموعد المحدد وهو سبتمبر 2008.

وانفقت القرية 405 آلاف جنيه علي تصميم قاعة المعارض منذ عام 2004 ولكنها لم تسندها إلي مقاول كي ينفذها أكثر من خمس سنوات.

ويأخذ جهاز المحاسبات علي القرية عدم إجراء الدراسات الكافية لمشروعاتها ما يحملها بنفقات لا مبرر لها.. فقد زادت تكلفة الواجهات الزجاجية بأكثر من مليون جنيه من قيمة التعاقد عليها بسبب إصدار أوامر بتغيير الواجهات ثلاث مرات.

وصرفت القرية نحو 60 ألف جنيه لمكتب الاستشاري القانوني أحمد رشدي ناصف لإعداد أرشيف إلكتروني وصرف المبلغ له بواقع 5 آلاف جنيه شهريا ولم ينته من التنفيذ حسب العقد.

وحملت القرية خطأ بنحو 91 ألف جنيه قيمة توريد دهانات مبني الشركة المصرية للاتصالات.. وهي لا تخص الشركة.

وصرف مبلغ 88 ألف جنيه علي مشروع الألياف الضوئية لشركة آراميكون الاستشارية ثم ألغي التعاقد معه وبقي المشروع مهملا.

وتتقاعس القرية في الحصول علي أموالها لدي الغير ما اضطرها للسحب علي المكشوف من بنك مصر لتوفير السيولة اللازمة لنشاطها وهو ما حملها بفوائد تقترب من المليون جنيه في العام الماضي.

وبسبب ذلك التقاعس أيضا زادت الديون المشكوك في تحصيلها لدي وزارات وشركات أخري.. مثل وزارة الاتصالات (أكثر من سبعة ملايين) وشركة فودافون (4 ملايين) وهيئة البريد (أكثر من مليونين) واتصالات مصر والمصرية للاتصالات (أكثر من 4 ملايين). ويصل الإهمال في الإدارة إلي حد وجود شيكات مرتدة لم تتخذ معها الإجراءات القانونية المعتادة.

وهناك خلل في الدفاتر.. فشركة جازكول للتبريد تطالب القرية بنحو 8 ملايين جنيه وهو مبلغ أكبر من المثبت في الدفاتر بنحو مليوني جنيه.

وعلي ما يبدو تعجز القرية عن الوفاء بالتزاماتها.. فرأسمالها يظهر في الدفاتر بالسالب بنحو 190 مليون جنيه في نهاية عام 2009 بينما يظهر بالسالب بأكثر من 24 مليون جنيه في نهاية العام الأسبق.

واللافت للنظر أن أكثر الأنشطة رواجا للقرية هو نشاط ليس من حقها قانونا القيام به وهو "تسقيع" الأراضي وبيعها والاتجار فيها.. وبنص التقرير الأخير للمحاسبات "مازالت القرية تمارس نشاط بيع الأراضي بالمخالفة للنشاط الأساسي لها ولقانون ضمان وحوافز الاستثمار الذي تستظل القرية به للحصول علي الإعفاءات الضريبة".. ولو لم يكن أحمد نظيف فيها فإن مصلحة الضرائب كان يجب أن تنازعها بسبب ذلك النشاط الذي يجب محاسبتها عليه ضرائبياً منذ عام 2004.. وفي الوقت نفسه لم تضع القرية الاحتياطي اللازم لدفع ما عليها من ضرائب.

وفي دفاتر القرية إيرادات وهمية تزيد علي 46 مليون جنيه عائد بيع أراضي سبق إدراجها في حساب "أراضٍ مخصصة للبيع ".. و"مشروعات تحت التنفيذ".

وبسبب تقلص الأراضي المخصصة للبيع انخفض صافي الربح في نهاية عام 2009 بأكثر من 21 مليون جنيه عن العام السابق له وكان أكثر من 71 مليون جنيه.. وبنسبة 33 %.. وساهم ذلك في انخفاض إيراد النشاط بنحو 44 مليون جنيه.

وفي الوقت نفسه انخفضت السيولة (عام 2009) بنسبة 48% عن العام السابق.

لكن ذلك لم يمنع القرية بالغلو في مصاريف الدعاية التي بلغت مليوناً و200 ألف جنيه دون الحاجة إليها.

ولم يمنع ذلك ايضا رفع مكافأة العضو المنتدب بنحو 100 ألف جنيه لتزيد من 458 إلي 558 ألف جنيه.. كما زاد بدل حضور أعضاء مجلس الإدارة من 3 آلاف إلي 5 آلاف جنيه للجلسة الواحدة بزيادة تصل إلي 66 % برغم أن أعضاء المجلس من كبار المساهمين.. كما أنهم يحصلون علي عشرة في المائة سنويا من الأرباح.. وهي أعلي نسبة تصرف في شركة من الشركات.. وهي نسبة تسببت في غضب صغار المساهمين الذين لا حول لهم ولا قوة.. فأعضاء المجلس يتحكمون في كل شيء بسبب ملكيتهم ثمانين في المائة من الأسهم.

وتتولي تمثيل وزارة الاتصالات في مجلس إدارة القرية السيدة زينب زكي.. الزوجة الثانية للدكتور أحمد نظيف.. وقد بدأت حياتها سكرتيرة له في مجلس الوزراء ثم مديرة مكتبه ثم مستشارة لتلميذه وصديقه طارق كامل وزير الاتصالات ثم ممثلة للوزارة في مجلس إدارة القرية.

ومن الطبيعي أن تستخرج القرية شيكات أرباح وزارة الاتصالات باسم الوزارة.. لكن.. يبدو أن هناك تعليمات صدرت بأن تصدر الشيكات باسم زينب زكي.. الممثلة لها.. وهو ما آثار دهشة جهاز المحاسبات الذي اعتبره مخالفاً لقانون الشركات (85) لعام 1983 ومخالفا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1585 لسنة 1985 حيث قامت بإصدار شيك شخصاً لممثلي المال العام (وزارة الاتصالات) عن حصة الوزارة في مكافأة مجلس الإدارة عن أرباح عام 2008 .

الغريب والمثير والمخزن في نفس الوقت أن هذه المخالفة لم تظهر في تقرير الجهاز المركزي عن عام 2009 فقط بل سبق وأن رصد الجهاز المركزي للمحاسبات نفس المخالفة في عام 2008.. المضحك أن تقرير عام 2008 الذي صدر بتاريخ مارس 2009 ذكر صراحة اسم السيدة زنيب زكي التي تحصل علي شيكات باسمها عن مكافآت أرباح الشركة.. أما تقرير عام 2009 والذي صدر في مارس 2010 تم رفع اسمها منه والاكتفاء بذكر المخالفة بإصدار شيكات باسم ممثل المال العام عن وزارة الاتصالات.

وليس ذلك هو التجاوز الشخصي الوحيد الذي حدث من أجل عائلة أحمد نظيف.. فقد سبق أن وافق مجلس الإدارة علي التبرع بمبلغ 10 ملايين للمدرسة التي انشئت في القرية وتولتها زوجته الأولي.. الراحلة.. وهي مدرسة تتلقي مصروفات عالية ولا يتعلم فيها إلا ابناء القادرين الذين لا يستحقون دعماً.. إن رئيس الحكومة يسعي جاهدا لإلغاء الدعم عن رغيف العيش والسولار وانبوبة البوتاجاز التي يستخدمها الفقراء ولكنه في الوقت نفسه يقبل بدعم مدرسة لا يقدر عليها سوي الأغنياء.

وفي الوقت الذي ينبش جهاز المحاسبات في دفاتر الشركة حرصا علي حصة المال العام الممثلة في ملكية وزارة الاتصالات ويستخرج منها ما يستحق المحاسبة فإن مراقب حسابات القرية مصطفي شوقي يؤكد في تقريره أن كل شيء تمام وعال العال.. فالشركة في رأيه " تمسك حسابات مالية منتظمة تتضمن كل ما نص القانون ونظام الشركات علي وجوب إثباته وقد وجدت القوائم المالية متفقة مع ما هو وارد بالحسابات".. ولا نعرف.. هل هناك علاقة بين تلك التقارير ناصعة البياض وبين زيادة مكافأة مراقب الحسابات أم أنها مجرد صدفة بحتة؟ إن ملف القرية الذكية متضخم بالمخالفات القانونية والمحاسبية والشخصية.. وقد كنا نتصور أنه المشروع المثالي لرئيس الحكومة الذي يتمني أن يري مصر كلها مثله.. لكن.. النبش فيه كشف عما لم نتصوره.. وأثبت أن الفشل فيه يعني صعوبة أن ينجح أحمد نظيف في مهمة

اجمالي القراءات 4167