شاطر ومشطور وبينهما ...ماذا ....؟

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٢٤ - سبتمبر - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 شاطر ومشطور وبينهما ...ماذا ....؟

أولا : مقاربات لغوية

1 ـ مادة ( شطر ) تأتى فى القرآن الكريم بمعنى ( الاتجاه ) الذى يتجه اليه المؤمن فى صلاته ، أى فى إتّجاه البيت الحرام ـ يقول جلّ وعلا فى سورة البقرة : ( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)( وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (150).

2 ـ والمجمع اللغوى المصرى إحتار فى وضع إسم للساندوتش ، ورفض الاعتراف بكلمة ساندوتش لغرابتها وثقلها ، فقرّر أن يعرّبه أى يجعل له إسما عربيا فقال عن ( الساندوتش ) ( شاطر ومشطور وبينهما طازج ) . ومفروض أنك حين تذهب الى مطعم لتشترى ( ساندويتشا ) أن تقول للبائع ( أريد شاطرا ومشطورا وبينهما طازج ). ولكن لا ننصح بذلك  حرصا على سلامتك ، خصوصا إذا كان صاحب المطعم يحمل فى يده سكين المطبخ .! لأنه قد ( يشطرك ) نصفين ، و( بينهما طازج )، وقد لا يلومه أعضاء المجمع اللغوى لأنه هنا يطبق المعنى اللغوى لكلمة ( شاطر ).

3 ـ ففى اللغة العربية فالشطر يعنى ( النصف ) ، والفعل ( شطر ) يعن قسم الشىء نصفين . وهذا بالضبط ما يحدث عند عمل ( الساندوتش ).

4 ـ وتأثرا بهذا المعنى فقد صار من مصطلحات العصر العباسى إطلاق لقب ( الشُطّار ) على اللصوص وقطّاع الطرق ، بمايحملونه من سيوف ( تشطر) الضحايا أو تهدد بشطرهم .

5 ـ وعلى خلاف ذلك فإن اللغة المصرية العامية تجعل ( الشّاطر ) بمعنى ( الماهر ) و ( الذكى ) و( النبيه ) و ( المتفوق ) . فيقال ( تلميذ شاطر )و( ولد شاطر ) . وأحيانا يقال ( للفهلوى ـ أى المخادع ) شاطر . ومن هنا تتسمى عائلات مصرية باسم ( الشاطر ) ومنها عائلة القيادى الاخوانى المهندس ( خيرت الشاطر ) .

6 ـ أهلا وسهلا بكم ..

ثانيا : معاناة خيرت الشاطر  نقلا عن ( وكيبيديا )

هو من مواليد 1950 . فى بكورة شبابه دخل السجن فى عهد عبد الناصر عام 1868 لاشتراكه في مظاهرات الطلاب في نوفمبر 1968 حيث سجن أربعة أشهر، وفُصل من جامعة الإسكندرية وجُنِّد في القوات المسلحة المصرية في فترة حرب الاستنزاف قبل الموعد المقرر لخدمته العسكرية المقررة قانونياً . وخلال حياته تعرض للسجن ست مرات  باجمالي 12 سنة في السجن . في عام 1992م ولمدة عام فيما سمي بـقضية سلسبيلفي 1995 حيث حُكم عليه بخمس سنوات في القضية رقم 8 لسنة 1995 جنايات عسكريه، والمعروفة إعلاميًّا بقضية «مجلس شورى الجماعة»، والتي حُكم عليه فيها بخمس سنوات بتهمة إعادة إحياء جماعة محظورة.وسجنوه عام 2001م لمدة عام تقريبًا . وفي 14 ديسمبر 2006تم توقيف الشاطر ومجموعة من قيادات جماعة الإخوان المسلمين وعلمائها ورجال الأعمال البارزين بها ، وبلغ عددهم 40 قيادياً، حيث تم عرضهم في بداية الأمر علي القضاء المدني الذي برأهم وأمر بإطلاق سراحهم ثلاث مرات في القضية رقم 963 لسنة 2006، فتمت إحالتهم بأمر من الحاكم العسكري الرئيس مبارك  في 5 فبراير 2007 إلي محاكمة عسكرية استثنائية وسرية منعت عنها الكاميرات ووسائل الإعلام، وبعد ما يزيد عن سبعين جلسة من المحاكمة وفي 15 أبريل 2008 أصدر لواء من سلاح المشاة يدعي عبد الفتاح عبد الله علي أحكاماً مشددة بالسجن ومصادرة الأموال علي 25 متهماً منهم 7 خارج البلاد كما قضت بتبرأة 15 متهماً، بلغت جملة الأحكام 128 سنة ما بين 10 سنوات لقيادات الخارج حتي 3 سنوات وكان نصيب الشاطر فيها سبع سنوات وهي أقصي عقوبة شهدتها المحاكمات العسكرية للإخوان في عهد مبارك.

2 ـ وصودرت ممتلكات الشاطر عدّة مرات : في عام 1992 في قضية سلسبيل قام النظام بمصادرة الأراضي التي كان خيرت الشاطر وحسن مالك ينويان إقامة مصنع عليها في مدينة السادس من أكتوبر. وفي عام 2006 تم إحالته للمحاكمة العسكرية ومصادرة جميع ممتلكاته هو وأسرته.

ثالثا : خيرت الشاطر وأزمة مصر الاقتصادية بعد وصول الاخوان للحكم :

1 ـ المهندس خيرت الشاطر هو أهم شخصية الآن فى ( الاخوان المسلمين ) ، وهو الممسك بإقتصاد الجماعة وماليتها ، وهو صاحب مشروع النهضة الذى تم التطبيل له كثيرا . والمهندس الشاطر صاحب عقلية براجماتية عملية ولا نقول ( ميكافيلية ) . فماذا ننتظر منه فى إصلاح الاقتصاد المصرى ، وهو على وشك الانهيار ، ممّا حدا بجماعة الاخوان الى الإقدام على الإقتراض من البنك الدولى ( الربوى ) بالمخالفة لمعتقداتها السلفية فى تحريم التعامل مع البنوك الربوية . ولكن هذا منتظر ممّن هو فى براجماية المهندس الشّاطر وتعامله مع الواقع ، فالسياسى و( المهندس ) و( الاقتصادى ) فى داخله أكبر من التراث السلفى السّنى الوهابى .

2 ـ بالطبع هناك حلّ يعتبر هو الأسهل والأقرب والذى يحظى بموافقة المصريين بدلا من التسول من قطر والامارات والسعودية ومن الغرب والشرق . الحل هو فى ( تسييل ) الممتلكات المنهوبة لمبارك وعصابته ، من أراض وعقارات من قصور وما فيها، وإسترداد أموال مبارك وعصابته فى الخارج ، ليس باستجداء الدول التى قاموا بتهريب أموال الشعب المصرى اليها ولكن بطريقة بسيطة وعادلة . أى معاملة مبارك كأى مسجون عادى . يعنى أن ينام على ( البُرش ) وأن يحيا كأى مسجون مصرى يتوقع التعذيب فى أى وقت . ( وفى الجعبة الكثير مما يعرفه المهندس الشّاطر ومن ذكرياته هو ورفاقه من مئات الآلاف من السلفيين والجماعات والإخوانفى السجون المصرية ). عندما يتوهّم مبارك مجرد توهّم أنه سيلقى واحد على مليون مما تجرّعه ضحاياه خلال ثلاثين عاما سينهار وسيكشف عن المستور من أرصدته وكنوزه فى الداخل والخارج ، ومن حقّه أن يسترجعها لو شاء . ومن السهل إتباع نفس الطريقة مع الآخرين ، كما أنّ من السهل سجن سوزان مبارك فجرائمها لا تعدّ ولا تُحصى ، وأقلّ القليل منها يدخلها السجن . ولقد إنتهى عصر نفوذ جنرالات مبارك الذين كانوا يحمونه، وهم الآن منشغلون بحماية أنفسهم من ملاحقات قضائية تشمل قتل المتظاهرين وفساد بالبلايين . أى أصبح ( مبارك ) الغريم الأكبر للإخوان فريسة بين أيديهم ( منزوع السلاح ) ويمكنهم بالعدل والقسطاس إرغامه على إعادة ما نهبه من مصر هو وآله .

3 ـ هذا الحلّ يتمنّاه ملايين المصريين ، وهو لا يخفى على ذكاء ( الشّاطر ) وليس بعيدا عن ( واقعيته ) وبراجميته . وهو يوفّر عليه مزايدات السلفيين فى موضوع ( البنوك الربوية ) كما إنه عدل وقصاص من طاغية قام بتعذيب مئات الألوف من المصريين ، ومن الاخوان والجماعات وسائر السلفيين والمؤمنين و( العلمانيين ) علاوة على أنه إسترداد لعرق الشعب المصرى الحزين ، وبه يتم ( شفاء صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ) . والأهم من هذا كله إن يضمن للإخوان فرصة ثانية فى الرئاسة لو أنقذوا مصر من إنهيار أقتصادى قائم .

 رابعا : السؤال الهام الآن : لماذا ؟

1 ـ لماذا لا يلجأ ( الشاطر ) الى هذا الحل ؟

2 ـ ولماذا تم التعتيم فجأة عن أحوال مبارك فى السجن بعد أن كانت أخباره زادا يوميا قبل وصول الاخوان للحكم ؟

3 ـ ولماذا تراخى الحديث عن استرداد أموال مبارك الداخلية والخارجية ؟

4 ـ ولماذا يتم شغل المصريين بأخبار أخرى وقضايا أخرى تلهيهم عن أموال مبارك وعصابته ؟

5 ـ ولماذا لا يتم الاعلان والكشف عن مالية جماعة الاخوان المسلمين وتنظيمهم العالمى ، وأموالهم المهربة فى الداخل وفى الخارج ؟ فلدينا نوعان من الأرصدة الخفية فى الداخل وفى الخارج ، أرصدة نظام مبارك وأرصدة الاخوان  لماذا يتم وفق الشفافية الاسلامية والعالمية كشف هذا المستور ؟ 

خامسا : يتوقع بعض الخبثاء التالى :

1 ـ أنّ هناك مفاوضات سرية بين ممثلى الرصيدين ( الأول : رصيد الاخوان والثانى : رصيد مبارك ) يقوم فيها صاحب الرصيد الثانى بتحويل جزء من رصيده للرصيد الأول .

2 ـ ومتوقع أن تكون مفاوضات طويلة وقاسية ، لأن القائمين على الرصيد الثانى يتمتعون بأسرار وأرقام لا يعرفها غيرهم ، ويريدن نسبة أكبر يحتفظون بها ، بينما يحرص القائمون على الرصيد الأول على إلتهام أكبر قدر ممكن من الرصيد الثانى . وهم لا يثقون بالقائمين على الرصيد الثانى ولا يصدقون ما يعترف به فى المفاوضات . فكلا الطرفين لا يعرف سقفا أعلى فى النهم للمال .

3 ـ يعزّز ذلك تجربة من الماضى . فعندما سقط أتباع عبد الناصر واستضافتهم سجون السادات جرت مفاوضات فى ظلمات تلك السجون أسفرت عن تنازل أعمدة هذا العهد عن جزء من أرصدتهم لمن كان يحقّق معهم . وتكرر نفس الوضع بعد مقتل السادات . وما فعله مبارك يمكن حدوثه معه وهو فى سجنه .

4 ـ يعزّز ذلك تجربة الاخوان أنفسهم. فلقد صادر مبارك ثروات الاخوان،وثروات الشّاطر بالذات ، والمتوقع أن يرى الاخوان أحقيتهم فى ثروة مبارك ليس فقط لأن لهم فيها جزءا ، ولكن لأن عقيدة الاستحلال عندهم تجعلهم يعتقدون أن لولىّ الأمر ان يحتكر السلطة والثروة . ومن المفيد هنا ان نذكر أن الشاطر أقنع المرشد السابق ( عاكف ) بالتنازل للمرشد الحالى ( بديع ) مقابل 50 مليونا من الجنيهات أو 80 فيما يقال..فإذا كان هذا أسلوب التعامل بينهم فكيف بهم فى التعامل مع ثروة مبارك وهو أسير فى أيديهم .

5 ـ ثم ــ وهذا هو الأهم ــ فإن الرئاسة لمصر ليست مضمونة لهم ، فهناك شبح تداول للسلطة، وهناك شبح الإخفاق فى حل أزمة مصر . الرئاسة ليست مضمونة ، والثرة هى الأبقى خصوصا إذا تم تبادلها على الورق فى بنوك الخارج . وعند الأزمة نهاجر للخارج لنتمتع بأرصدتنا فى البنوك الربوية تاركين مصر للغوغاء السلفيين وفتاوى ابن تيمية وابن باز وابن عثيمين .!!

6 ـ وقد رفع أستاذ ( الشاطر ) المرشد السابق (عاكف )شعار ( طظ فى مصر ) فلماذا يعيد الاخوان تلك البلايين للمصريين ، وقد وقفوا ثلاثين عاما يتفرجون على تعذيب الاخوان دون مناصرة وبلا عطف ؟

7 ـ هذا ما يقوله الخبثاء ... أمّا نحن فلا ندرى . فلا زلنا فى حيرة فى مدلول مصطلح ( الشاطر ) ..وأى منها ينطبق على المهندس خيرت الشاطر ..وعندما تزول الحيرة ربما يكون قد انتهى الأمر بموت مبارك وضياع ثروته ما ظهر منها وما بطن ..ولكن أين ضاعت ؟ وفى أى ( بطن ) ..أيضا لا ندرى . ومن قال ( لا  أدرى ) فقد أجاب .!

أخيرا

  فى مظاهرات الشباب فى عصر السادات شاع هذا الزجل ( يا بلدنا يا  عجيبة ... فيكى حاجة محيّرانى ..نزرع القمح فى سنين ..تطلع الكوسة فى ثوانى ) . وكان مصطلح (الكوسة ) وقتئذ يعنى الفساد والمحسوبية والسلب والنهب ، كما كان مصطلح (الشاطر) وقتها بين رجال الأعمال يعنى ( الحرامى )..!! 

اجمالي القراءات 16517