ظاهرة التحرش الجنسى فى العيد

حمدى البصير في الأربعاء ٢٢ - أغسطس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

عيد الفطر الذى إحتفلنا به منذ أيام قليلة ، شهد زيادة فى حوادث التحرش الجنسى بفتيات صغار السن ، بواسطة " عيال " صغيرة السن أيضا ، لاتتعدى اعمارهم مابين 13 إلى 16 عاما ، أى تلاميذ فى المرحلة الإعدادية ، أو متسربين من التعليم فى مرحلة المراهقة المبكرة .

الغريب أن حوادث التحرش الجماعى من الصبية الصغار ، لم تقتصر على القاهرة وحدها ، بل إمتدت إلى العديد من المحافظات ، كما أنها تزداد فى عيد الفطر المبارك ، وبعد إنتهاء شهر " الصيام " ، بل العجيب أيضا إن التحرش أصبح سلوكا جمعيا منظما ، وأصبح كذلك منتشرا أكثر من ذى قبل فى الحدائق العامة ، خاصة فى منطقة القناطر الخيرية فى القليوبية وعلى إمتداد كورنيش النيل ، وفى بعض محطات مترو الانفاق القريبة من وسط البلد ، أى فى قلب القاهرة .

بل ويأتى هذا السلوك الهمجى من الصبية الصغار عديمى التربية ، فى الوقت الذى أصبح هناك مدا إسلاميا فى مصر، وصعود نجم التيار الدينى ، ووجود رئيس مدنى منتخب له مرجعية إسلامية ، ورئيس وزراء متدين ، بل هناك خوف من بعض القوى السياسية فى المجتمع من " أخونة النظام " أى سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على " مفاصل " الدولة المصرية ، وصبغا بصبغة إسلامية على الطريقة الإخوانية ، بل إن أنصار الدولة المدنية من اليساريين والعلمانيين يخشون من توغل السلفيين وباقى جماعات الإسلام  السياسى فى كل مناحى الحياة وتهديدهم للفن والحريات الشخصية ، وبالتالى فإن زيادة حالات التحرش الجماعى علنا وفى قلب العاصمة ، من شباب صغيرالسن ، قد يكون مؤشرا على أن جوهر الدين الصحيح لم يصل إلى عقول وقلوب هؤلاء المراهقيين ، أو أن هناك قصورا من " الجماعات " الدينية بوجه عام ، تجاه هؤلاء الصبية الصغار ، أى أن تلك الجماعات لم تقم بدورها الحقيقى فى الدعوة الدينية والتربية السلوكية .

ولا ألوم فقط الجماعات الدينية فى عدم قيامها بدورها الرئيس فى الدعوة والتربية والتوعية والتقويم السلوكى للشباب صغير السن ، لإن أغلب تلك الجماعات قفزت على دورها الأساسى ، وإهتمت بالسياسة ، والفوز بعضوية البرلمان والسعى وراء المناصب – وهذا ليس عيبا –  بل ألقى باللائمة أيضا على الأسرة والمدرسة والمسجد أو الكنيسة ، فى هذا الشأن ، لإن المؤسات التعليمية هى المنوط بها رسميا تربية النشء وتقويم سلوكهم ، وشحن عقول الصغار بالمبادىء الأخلاقية العامة ، الموجودة فى كل الأديان ، وتبصيرهم بالسلوكيات القويمة الحسنة ، وتنفيرهم من العادات السيئة .

لقد بدأت موجة " قلة الأدب " فى المجتمع تتنامى وتنشر ، وأصبحت تترجم إلى سلوكيات مقززة ، مثل التحرش الجماعى ، وإمساك الفتيات من مناطق حساسة فى أجسامهن علنا وعلى قارعة الطريق وسط المارة وفى وضح النهار، وذلك عندما تراجع الدور التربوى للأسرة ، وتم تخفيف قبضة الأب الحديدية على أولاده ، وإنشغال الأم عن أولادها إما بالعمل ، أولاسباب أخرى ، وتراجع الدور التربوى للمدارس والمدرسين ، وتوارى الدور الدينى للأزهر الشريف، وغابت مهمة الدعوة عن الجماعات والدينية ، بالإضافة إلى غياب الأمن ، وعدم رجوع الشرطة بكامل طاقتها إلى الشوارع حتى الان .

وقد تجرأ شباب صغير ، وقام دون حياء بالهجوم على فتيات صغار فى محاولة لتقبيلهم عنوا أو الشروع فى إغتصابهن ، عندم توارى دور المدرسة التربوى ، وغابت هيبة المعلم ، وانتشرت الدروس الخصوصية ، وأصبح تدريس الدين فى المدارس شكليا ، وأصبح كتاب التربية الدينية شبه أجوف ، وكتاب تاريخى أكثر منه تربوى ، وأغلقت معظم أماكن الصلاة فى المدارس ، بل وتم إضطهاد بعض مدرسى اللغة العربية والتربية الدينية فى المدارس بحجة أنهم يشجعون التطرف ، وينشرون الفكر الدينى " الإرهابى " .

وبسبب سياسية النظام السابق فى " تجفيف منابع التطرف"  ، ليس فى المدارس فقط ، بل وفى المساجد ، تم إلغاء الدروس الدينية بها ، وخضعت معظم المساجد ، خاصة الزوايا الصغيرة ، إلى رقابة لصيقة من جهاز أمن الدولة المنحل ، وبالتالى فإن غياب الوازع الدينى لدى الصبية الصغار ، بحجة حمايتهم من الأفكار المتطرفة ، وغياب دور الأسرة ، وتراجع الدور التربوى فى المدارس ، وإستمرار الإنفلات الأمنى خاصة فى الأعياد ، أدى إلى تطوير سلوك المراهقين من معاكسة الفتيات فى الشوارع والميادين ، إلى امساكهن من مناطق العفة والتحسيس عنوة على أجسادهن ، وتقبيلهن بالقوة .

 وفى المقابل تحولت بعض الأعمال الفنية إلى منشورات مرئية للتحريض على الفسق والفجور ، وأصبح الأنترنيت فى كل بيت ، بل أصبح ميسورا جدا فتح القنوات الفضائية الإباحية ، بل من اليسير الأن دخول المراهقون على مواقع الرزيلة فى شبكة الإنترنيت ، كل هذا حول بعض شبابنا وهم فى هذه السن الحرجة أى فى مرحلة المراهقة المبكرة ، وهم فى الغالب من تلاميذ الإعدادية ، إلى مغتصبين صغار ، بل ويقومون بهذا السلوك الحيوانى وبتلك الأفعال الشنيعة علنا ، دون حياء أو خشية من أحد ، فهؤلاء كسروا حاجز الخوف ، ولم يعرفون أبدا الحياء .

والسؤال الأن : هل هؤلاء الصبية ضحايا أم مجرمين ؟

ومالذى يمكن فعله من أجل تخفيف أو منع هذا السلوك الشيطانى من مفسدين صغار ، قبل أن يتحول هذا السلوك البغيض إلى ظاهرة أو وباء فى المستقبل ؟

وللحديث بقية

حمدى البصير

اجمالي القراءات 10507