المقال الثاني:
البهائيون بين الاسلام والمسلمين
آحمد صبحي منصور
Ýí
2006-08-06
مع احترامنا لحق الانسان المطلق فى فكره وعقيدته نضع تعليقا عن البهائية وخصومهم :
1 ـ اذا كان البهائيون لا يعترفون بالاسلام فلا شأن لمسلم بمناقشة عقائدهم ، بل نقول لهم ( لكم دينكم ولى دين ).
وطالما هم مسالمون فهم مسلمون حسب السلوك المسالم لأن الاسلام في معناه السلوكى يعنى السلام بين البشر مهما اختلفت عقائدهم ، فالانسان الذي يحقق الاسلام السلوكى في تعامله مع الناس فيكون مسالما لا يعتدي علي احد هو مسلم بغض النظر عن عقيدته ، فذلك هو المعيار الظاهرى للمسلم فى القرآن ، وكونه مسلما نتعرف عليه بحسب سلوكه السلمى ونتعامل معه كمسلم سواء كان فى عقيدته وعبادته مسيحيا يذهب للكنيسة، أو كان يهوديا يؤم الكنيس اليهودى أو كان بوذيا او ملحدا. المهم أن يكون مسالما ليكون أخا لنا فى الاسلام بمعناه السلوكى الظاهرى وهو السلام. أما عقيدته وعقائدنا فمرجعها لله تعالى وحده يوم القيامة ليحكم علينا جميعا بعدله وعلمه جل وعلا. وحتى يأتى يوم القيامة علينا أن نعيش فى هذه الدنيا فى سلام وفق معنى الاسلام بمعناه السلمى الظاهرى.
وعليه فاذا اعتبر البهائيون ملتهم أو نحلتهم خارجة عن الاسلام فهم مسالمون حسب سلوكهم ويكونون مسلمين بالسلوك وليس بالعقيدة ، مع احترام حقهم فيما يختارون لأنفسهم من عقائد وطقوس وعبادات..
2 ـ اذا كان البهائيون يدينون بالاسلام فلنقل لهم ـ ولغيرهم ـ على سبيل العظة والتذكير وليس السب والتكفير:
* الاسلام في معناه القلبي الاعتقادي هو التسليم والانقياد لله تعالي وحده بدون تقديس لبشر أو حجر. وليس فى الاسلام رسول يوحى اليه بعد النبى محمد خاتم رسل الله تعالى. وليس فى الاسلام وحى بعد انتهاء القرآن الكريم نزولا ، والقرآن الكريم هو خاتم الرسالات السماوية وليس بعده كتاب مقدس الاهى للمسلمين. ومن يقدس أو يؤله بشرا مع الله تعالى فقد كفر عقيديا بالاسلام، سواء كان يقدس نبيا مرسلا أم بشرا مجرما. ومن يعتقد القدسية فى أى كتاب آخر بعد القرآن والكتب السماوية التى تحدث عنها القرآن فقد كفر عقيديا بالاسلام. ومرجعه الى عذاب الله تعالى يوم القيامة ان لم يتب قبل الموت.
ولكن ليس لأحد فى هذا العالم أن يجبره على تغيير معتقده أو اكراهه فى الدين الذى ارتضاه لنفسه. هو مجرد النصح والتحذير، وهو مسئول عن اختياره يوم القيامة أمام الحىّ القيوم جل وعلا.
* ان الاسلام قد اكتمل بنزول القرآن " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الاسلام دينا " ( المائدة 3 ) وقد تكفل الله تعالى بحفظ القرآن ليكون حجة على الناس جميعا الى قيام الساعة.وأنزل القرآن كتابا مبينا يشرح نفسه بنفسه ، مافرط فى شىء مبهم يستلزم الايضاح ، بل نزل تبيانا لكل شىء يحتاج التبيين، وكل ما نختاج اليه أن نقرأ القرآن قراءة علمية موضوعية وفق مصطلحاته ومفاهيمه الخاصة ، وهى مخالفة لمفاهيم التراث، تلك المصطلحات القرآنية التى يشرحها القرآن بنفسه بحيث تتضح لكل من يتدبر القرآن .
* بسبب السياسة واقامة امبراطورية عربية وقع المسلمون فى تناقض مع تشريعات القرآن ، وعولج هذا الخطأ بخطيئة أعظم هى تبرير الخطأ باختراع أحاديث مزورة نسبوها لله تعالى وللنبى محمد عليه السلام تحت اسم السنة وجعلوها وحيا من السماء، وبدأوا كتابتها بأثر رجعى بعد موت النبى محمد عليه السلام بقرنين واكثر من الزمان. وبذلك ارتكبوا عصيانا لأمر النبى محمد نفسه بعدم كتابة أى شىء من أقاويله مع القرآن ، كما أن جعل هذه الأحاديث جزءا من الاسلام يقف اتهاما صريحا للنبى محمد عليه السلام بأنه لم يبلغ الرسالة كاملة بأن ترك جزءا منها يتم تدوينه طوعيا وشعبيا حسب الهوى بعد موت الالنبى محمد بقرون ، كما كان تحديا وتكذيبا لقوله تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم .."
* على أساس المنهج القرآنى الذى يؤكد اكتمال الاسلام باكتمال القرآن فان أى زيادة فى دين الاسلام مرفوضة، وليس في الاسلام تلك المصطلحات بمفاهيمها الخاصة لدى معتنقيها من طوائف المسلمين مثل روح الله أو آية الله أو حجة الاسلام أو منارة الاسلام أو أمير المؤمنين أو الباب أو البهاء . كما أنه ليس فى الاسلام بعد المسجد الحرام ( موضع الحج ) أماكن أخرى مقدسة يعتبر الذهاب اليها عبادة، كما يفعل معظم المسلمين فى اديانهم الأرضية المخترعة وبأماكنهم التى قدسوها بعد موت خاتم الأنبياء وأضافوها الى المسجد الحرام مثل مسجد المدينة ، والمسجد الأقصى ، ومدينة (قم ) وأخيرا عكا . وليس فى الاسلام ما لم يفعله النبى محمد فى حياته، بل كان يدعو الى اجتنابه مثل الحج الى القبور أو الأنصاب والأوثان المقدسة مثل القبرالمنسوب للنبى محمد فى المدينة وقبر الحسين فى كربلاء وغيره فى النجف وطنطا والقاهرة والاسكندرية ..الخ ..
* ان من حق كل انسان أن يكتب وان يجتهد وأن يصيب وأن يخطئ ، يسرى ذلك على البخارى ومسلم والشافعى وابن تيمية وابن عبد الوهاب والعقاد وطه حسين والغزالى وجولد زيهر وماسينيون والميرزا حسين على منشىء البهائية. الخ . ولكن كتاباتهم لا دخل لها بالاسلام الذى تم بالقرآن الكريم نزولا ، انها تنتمى الى الفكر البشرى الذى يعبر عن صاحبه ولك ان تتفق أو تختلف معه لأنه بشر مثلك وقد وضع اسمه كمؤلف على كتابه. ويظل ما كتبه معبرا عن عقليته واعتقاده وعصره وبيئته ولا شأن له بدين الله تعالى. وبهذا يقف الاسلام بعيدا عن أوزار المسلمين وفضائلهم أيضا. ان أحسنوا فلأنفسهم وان أساءوا فعليها.
* لكنه اذا نسب كلامه الى الوحى الالهى فالخطيئة هنا فى افترائه على الله تعالى ورسوله وتحميل الاسلام وزر عمله البشرى. ومن حق كل انسان أن يؤمن بما شاء وأن يكفر كيف شاء ونحترم حقه فى الاختيار،وحسابه عند ربه جل وعلا ، ولسنا مسئولين عن هدايته لأنه من اهتدى فقد اهتدى لنفسه ومن ضل فانما يضل على نفسه ، ومن عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعلى نفسه ، وهذا ما تؤكده عشرات الآيات القرآنية.
الا أنه طبقا للتواصى بالحق والأمر القولى بالمعروف والنهى عن المنكر والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة فلا بد من وعظ المسلمين بالقرآن لتحذيرهم من الوقوع فى الكفر العقيدى، ولتوضيح الفجوة بين عقيدة التوحيد الاسلامية وما يقع فيه المسلمون . هذا بغرض النصح والارشاد والانذار والتذكير وليس للسب والاتهام والتكفير. فلعل أحدا يعتبر ويتذكر ويراجع نفسه قبل الموت، سواء كان بهائيا أم سنيا أم شيعيا ام صوفيا أو قرآنيا..
لكل ما سبق من حيثيات نقول : ليس من خلق المسلم الملتزم بالاسلام أن ينسب كلامه للوحى الالهى أو لخاتم النبيين عليهم جميعا السلام. كما أنه ليس من خلقه أن يصدق بهذا الكلام المفترى والذى تم اختراعه وكتابته بعد موت النبى محمد عليه السلام.واذا فعل فقد وقع فى خصومة كبرى مع الله تعالى يوم القيامة. وليس من عقيدة المسلم تقديس بشر أم حجر، وليس فى الاسلام كتاب الاهى ومقدس بعد القرآن الكريم. وليس فى الاسلام مسجد نتوجه اليه بالحج سوى الكعبة.
وفى الاسلام فان النبى ـ أى نبى ـ هو بشر مثلنا من حيث أنه لا يملك لنفسه أو لغيره نفعا ولا ضرا الا ما شاء الله تعالى ،( الأعراف 188 يونس 49 الجن 21 ) ولا يستطيع أن يهدى من أحبّ ( القصص 56 ) بل إنه مسئول يوم القيامة أمام الله تعالى (المائدة 109 ، الزمر30 : 31 ) بل إن مسئوليته ـ وهو فرد واحد ـ تعادل مسئولية قومه جميعا (الأعراف 7 الزخرف 43: 44 الجاثية 18 : 19) ولذلك فالنبى يتحسب لهذا اليوم ويخشى عذاب الله تعالى ( الأنعام 15 ، يونس 15 ، الزمر 13 ، الجن 22: 23 ).
وبالتالى فليس فى الاسلام الا الله تعالى وحده الاها وربّا ووليا وشفيعا ونصيرا ( الأنعام 14 ، 51 ، 70، 94 ، 164 ،الرعد 16 ، الكهف 26 السجدة 4 الزمر 2: 3 ، 43 : 44.) ومن اتخذ مع الله تعالى أربابا وشفعاء وأولياء فقد وقع فى الكفر العقيدى، الذى نزلت مئات الآيات القرآنية الكريمة تحذّر منه.
البهائية والسنية والشيعة والصوفية اذا خالفونا فيما سبق فنحن نحترم حريتهم فى الرأى وفى المعتقد ، ولكن على كل مسلم أن يجهز من الآن الحجة التى سيدافع بها عن نفسه أمام المنتقم الجبار يوم الحساب.
وحبّا فيهم جميعا وخوفا عليهم جميعا نذكّرهم بما قاله رب العزة جل وعلا عما سيحدث لنا فى يوم الحساب : (يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شىء. لمن الملك اليوم ؟ لله الواحد القهار. اليوم تجزى كل نفس بما كسبت . لا ظلم اليوم. إن الله سريع الحساب. وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين، ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع. يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، والله يقضى بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشىء . إن الله هو السميع البصير.) غافر 16 : 20 )
وصدق الله تعالى العظيم.
وللحديث بقية .. مع البهائية.
المقال القادم : البهائيون وأديان المسلمين الأرضية.
اجمالي القراءات
21171