آحمد صبحي منصور Ýí 2012-04-25
أولا
1 ـ أصبحنا ظاهرة صوتية، نعبر عن افكارنا بالصراخ ، وتحولت مناقشاتنا الى فواصل من الموسيقى المزعجة ، وامتد الصراخ والفحيح من الفكر والغناء الى الدين والدعوة اليه ، وان شئت الدليل فاذهب الى ميدان العتبة ، ستجد نفسك رهينة لحملة مركزة من الصراخ ، مزيج من صراخ الاغانى وصراخ الخطباء الأئمة ، تطلقها مدافع ودبابات صوتية تحاصرك أينما توجهت ، ولن تفلت منها إلا وأنت مصاب بالصداع وربما تهتك الاذن الوسطى . واذا كان بعض العقلاء يهاجمون الاصوات الجديدة فى الغناء ويهاجمون تشنجات بعض الساسة والمثقفين فإننى أرى أن الأهم ان نبتعد بالاسلام عن تلك المنافسة الصوتية المزعجة ، فليس فى الاسلام مجال للصراخ بأى حال ، وذلك ما ينبغى أن يفهمه أولئك الأشياخ الجدد الذين لا يجيدون إلا الصراخ والعويل والتهديد والوعيد، ويطلّون علينا من أشرطة التسجيل والميكروفونات ويحاصروننا فى البيوت والمساجد ووسائل الاعلام ووسائل المواصلات ؛ ندعوهم لعقد هدنة معنا ، وأن يأخذوا إجازة من الصراخ والعويل ليفهموا أن الإسلام على حقيقته ينكر عليهم هذا الازعاج وليس فى حاجة إليه .
2ـ إن جوهر الدعوة للإسلام هى الحكمة والموعظة الحسنة ، ولا يمكن أن تلتقى الحكمة والموعظة الحسنة بذلك الصراخ والتهديد والوعيد . والذى يدعو أخاه للتقوى والطاعة لايطلق عليه لسانه كصراخ مدفع رشاش ، وانما يخاطبه فى رفق وحب وهدوء متمثلا قوله تعالى لنا : ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ) (الحديد 16 ) . فذلك الاسلوب المترفق الحانى الهادىء هو الذى يخشع به قلب القائل والسامع أيضا، وهو الذى يعطى الفرصة كاملة للعقل لأن يفكر وللقلب كى يعتبر ويهتدى . وعبادات الاسلام لامجال فيها للصوت العالى ، فالصلاة ينطق بها المسلم بصوت خفيض يخاطب بها ربه جل وعلا وهو السميع العليم ، والله تعالى ينهى عن الجهر بالصلاة ويقول: (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً )(الاسراء 110 ) . ومع ذلك فالميكروفونات تقتحم الجدران تسلطها المساجد والزاويات فى الاتجاهات الأربعة ، تعلن جهرا مخالفة كتاب الله تعالى فى عدم الجهر بالصلاة ، فالصلاة علاقة خاصة بين العبد وربه، ولكنهم يعلنوها على الناس ويغضبون بذلك رب الناس .
3ـ والله تعالى يأمر بأن يكون المسلم ذاكرا لربه فى سره بصوت خفيض ويقول : (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ)(الاعراف 205 ) ويأمر بأن يكون الدعاء لله فى صوت خافت خاشع:(ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ )( الاعراف 55 : 56 ). والنبى زكريا عليه السلام حين أراد الدعاء بأن يمنّ عليه بإنجاب ولد فإنه عليه السلام لم يقم حفلا موسيقيا يغنى فيه بالدعاء كما نفعل نحن فى أغنياتنا الدينية ، بل دعا ربه تعالى بصوت خافت وبتضرع خالص ، فاستجاب له ربه تعالى ورحمه، وهو درس لنا نتعلمه : ( ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا)( مريم 1 ـ )، ومع ذلك فنحن نحول الدعاء والذكر والتضرع الى مهرجانات من الصراخ والعويل، ولا نلتفت لتشريعات الله تعالى فى القرآن لذلك لا يستجيب الله دعاءنا .!
4 ـ لقد كان الصراخ إحدى وسائل قريش فى التشويش على القرآن حين كان يتلى حتى لا تتسرب دعوته الهادئة للقلوب والعقول ، والله تعالى يحكى تآمرهم فى هذا الشأن :( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ)( فصلت 26)،وكانوا يعقدون مجالس صاخبة يسمرون فيها صارخين بالهجاء للقرآن:( مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ)(المؤمنون67) . ونزل القرآن الكريم يعلم المسلمين الصوت الهادىء فى الكلام والحديث : (وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)(لقمان 19 ). وبعض الاعراب حديثى العهد بالإسلام كانوا يتكلمون مع النبى بصوت عال فقال الله سبحانه وتعالى لهم ليعلمنا عدم الجهر بالقول فى الكلام (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لا تَشْعُرُونَ) ( الحجرات 2 )
5 ـ ان الجهر بالصوت مذموم خصوصا اذا حمل السوء من القول . ان الحالة الوحيدة التى يغفرها الله تعالى فى ذلك الصراخ هو المظلوم حين يصرخ بالسوء من القول:(لاَّ يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا) ( النساء 148 ) .. والمؤسف أن ذلك الصراخ الذى يطاردنا فيه الكثير من اللغو فى الدين وفيه الكثير من الأقاويل التى لم يعرفها الرسول عليه السلام .. وكأنما أعوزتهم الحجة فلجأوا للصراخ والعويل والتهديد والوعيد . وأخشى أن يكونوا ممن ينطبق عليهم قوله تعالى لإبليس:(وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ)( الاسراء 64 )، فذلك الاستفزاز الصوتى مرجعه لكيد الشيطان طالما ينهى عنه القرآن . والحقيقة ان إبليس يختفى خلف كثير من العمائم والذقون ، ولذلك فهم يصرخون ، فلندعهم يصرخون ..
أخيرا
1 ـ نشرت هذا المقال فى جريدة الاحرار فى 26 -4 – 1993 تحت نفس العنوان (إنهم يصرخون .. دعهم يصرخون ). بعد عدة عقود من تركهم يصرخون أصبح بعض الدعاة الصارخين الى زعماء سياسيين فى المسجد وفى الشارع وفى الاعلام والفضائيات والمواقع الاليكترونية ومجلس الشعب ( الموقّر ) وما يسمى مجلس الشورى ( الموقّر أيضا ) . وتكونت حواليهم قطعان من العوام والغوغاء تشبه قادتهم فى الصراخ والعبوس ومنظر الذقون وفى الضحك على الذقون . وإختلفت المعايير ؛ فليس يقاس الحق بالحجة بل بعلو الصوت ، وليس يقاس الشرف بالصمود دفاعا عن القيم العليا من العدل والحرية ضد الظلم والاستبداد والاستعباد بل تقزّم الشرف ليصبح النقاب والحجاب وكيف تحصل على المال باللحية والجلباب .
2 ـ انها ملامح الدين الأرضى الذى يقوم على السطحية والمظهرية والاحتراف الدينى واستخدام الدين مطية للوصول للسلطة والثروة ، وطالما أصبح الدين سوقا للإحتراف والبيع والشراء فلا بد أن ترتفع أصوات تجار الدين بالصراخ لاجتذاب الزبائن وخداعهم وركوب ظهورهم وصفع أقفيتهم باسم الاسلام .
3 ـ بدأ الأمر بسيطا يتسول المال ، ثم أصبح يطلب السلطة ويسعى اليها بالزعيق والصراخ يريد ركوب الشعب . واستجابت لهم الأغلبية الصامتة . فهنيئا للراكب وهنيئا للمركوب .
4 ـ ونتساءل بمرارة : ماهى صلة هذا السيرك العقيم بالاسلام العظيم ؟ وما هى صلة أولئك الحواة والنصّابين والدجالين بالاسلام العظيم ؟ ولماذا يتم تطبيق قانون العقوبات على الدجالين من (الشيوخ )الغلابة الذين يخدعون أفرادا من البسطاء بقدرتهم على الشفاء والأعمال السحرية ، ولا نطبق نفس القانون على الشيوخ الآخرين المشهورين المقدسين الصارخين الزاعقين الذين يخدعون عشرات الملايين من المصريين ؛ يسرقون منهم الشرف والعزّة والسلطة والثروة ؟
هذا يفسّر لنا لماذا اندثرت حرفة الدجل ولم يعد يوجد ذلك الشيخ الدجال الذى يخدع النسوة ، إذ تحول أولئك الشيوخ الى التدجيل على الشعب كله ليحققوا الحسنيين : النجاة من العقوبة القانونية و ركوب الشعب نفسه ..
في القرى المصرية بعد زيادة عدد المساجد بصورة كبيرة جدا حذر منها الدكتور منصور منذ ربع قرن ، وكتبت عنها مقالا في عام 2007م أحذر أن هذه المساجد ستكون الوسيلة التي يخدعون بها الشعب المصري لتحويلة لعتاد يركبونه للوسول للسلطة وقد حدث بعد ثورة 25 يناير وتحقق ما حذرنا منه
المهم في كل أذان وفي كل صلاة وفي كل خطبة جمعة تسمع في كل قرية مصرية أكثر من خمس مساجد يشغلون مكبرات الصوت معا في نفس الوقت في الأذان والإقامة للصلاة وفي الصلاة نفسها وفي خطب الجمعة ولأنني لا أصلي في المساجد منذ أكثر من عشرين عاما أو يزيد فأتابع هذا الصراخ وأراقبه بصورة يومية وفي حقيقة الأمر أي إنسان مسلم أو غير مسلم عاقل يسمع هذا الصخب وهذا الصراخ لا يمكن أبدا ان يعتقد أن هذا دين إلهي ، وسيؤمن فورا أن هذا كله من صنع البشر ومن تأليفهم ، وفيما يبدو أن هناك منافسة شديدة جدا بين أئمة المساجد ومن يرفعون الأذان في هذه المساجد وفوق كل مسجد أكثر من مكبر للصوت ولا أدرى لماذا يتم تشغيل هذه المكبرات وتعليقها خارج المسجد أثناء الصلاة والخطبة من يريدون سماع الخطبة يجلسون داخل المسجد أمام الخطيب فلماذا يصرخ في مكبرات الصوت أعتقد أنه لابد أن يفهم أن من يريدون ويبغون الاستماع إليه هم فقط من يذهبون إليه و من يجلسون أمامه ولا أعتقد أبدا أبدا ان يكون أي إنسان في بيته أو في الشارع أثناء الخطبة ويريد الاستماع إليها فهو فعلا لو يريد ذلك لذهب للمسجد ولكن هي عادة الصراخ والصوت العالى والصخب
وهذا السلوك الديني الذي وصل إليه المسلمون هو نفس السلوك في الفن وفي الشارع وفي السلوكيات العامة لمعظم أفراد المجتمع فهي حالة اجتماعية وسلوكية أصابت الجميع وإليكم أمثلة
1ــ الاصدقاء في الشوارع أصبحوا ينادون بعضهم بألفاظ خارجة عن الأدب والذوق والأخلاق وبصوت عال دون حرج ودون احترام لحرمة البيوت وحرمة من يسمعون عن الصخب والهراء والتلوث السمعي واللفظي
2ــ الاغاني الشعبية وغير الشعبية أصبح فيها كلمات تخدش الحياء ولا أكون مخطئا لو وصفتها بأنها وصلات من الردح ومن يسمعون هذه الأغاني الهابطة لا يحلو لهم إلا بصوت عالى جدا
3ـ في الأفراح والمناسبات يتم تشغيل الأغاني بصوت يكاد يصيب الانسان بشلل سمعى لماذا لا أدرى ولو طلبت من صاحب جهاز (D J ) أن يخفف من حدة الصوت ينظر إليك وكأنك مجنون وعبيط ومش عارف أصول الشغل
4ــ ذكر اسم الله في الغناء بصورة غريبة جدا على نغمات الموسيقى ورغم ذلك المشايخ الذين يحرمون الغناء والفن الراقي ويسبون أم كلثوم وعبد الحليم لم يجرؤ احدهم على التحدث عن حرمة ذكر الله على نغمات الموسيقى وهذا الأمر سوف اكتب فيه مقالا مفصلا إن شاء الله ...
أخيرا المجتمعات المسلمة أصبحت في معظم نواحي الحياة ظواهر صوتية ... تحتاج لعلاج نفسي وإصلاح عقيدي كامل ليعلموا حقيقة دينهم ..
ما احوجنا للاقتداء بأيات القرآن ، حتى نعود للأدب الرفيع ، والذوق والخلاق التي تسمى باصطلاح اليوم : "اتيكيت " فقدناه في زحمة الصراخ والعويل ، حتى فيما يعقد من مؤتمرات سياسية في المساجد وفي أيام الجمع ، تجد اصويت والصراخ مستحيل ان ينام متعب او مريض أو طفل او عجوز ! هل التدين يعني إزعاج الناس والتضييق على الآخرين ؟ من أول من خطب بهذا الأسلوب أريد ان أعرف أكيد أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يفعل ذلك فمن اول خطيب جهوري أو جعوري أزعج الناس ؟ وأصبح تقليدا للخطباء ، او للمجيدين منهم ؟
ابدأ حديثي بشكرك والدي العزيز علي هذا المقال الجميل واقول حسبي الله ونعم الوكيل في هؤلاء السحرة والدجالين من يضحكوا كثيرا علي اصحاب العقول الصغيرة والقلوب المريضة الخالية من الايمان بالمولي عز وجل.فربنا عز وجل هو من يمنح ويمنع ومن يشفي ومن يضر,فكيف الجا لغير الله تعالي لشكواي؟ اليس منكم عاقلا يا بني البشر؟! فاذا رجعنا قليلا الي الخلف خصوصا في العصر الجاهلي وقبل الاسلام مع انتشار الدجل والشعوذة فليس غريبا انتشار مثل تلك الافعال المشينة وخصوصا مع انتشار الامية التامة الكافرة علي العقول والقلوب! ولكن الان في عصر الانترنت والاقمار الصناعية والثورة التكنولوجية كيف يعقل استمرار مثل تلك العادات والتقاليد البالية المتمثلة في اللجوء الي من يعتمر خوذة علي راسه وعلي قلبه سعيا في تحقيق ما يريده وما يبغاه فما العيب هنا ؟هل العيب في الزمن او في الاشخاص انفسهم؟ يظهر جليا ان العيب في الاشخاص انفسهم وذلك لخلو قلوبهم من خشية المولي عز وجل والايمان به فيا ويلكم من عذاب الله سبحانه وتعالي!!
يتردد كثيرا عبارة(الصوت العالي يعبر عن ضعف الموقف وضعف الشخصية) وسوف نستعرض بايجاز معني تلك الجملة.
نعم فمن يقتنع كثيرا بحججه ليس بحاجة ان يرفع صوته من اجل لفت الانتباه له او التشويش علي غيره في الحديث فهو بالفعل مقتنع بصدق موقفه فسواء اقتنع غيره به او لم يقتنع فانه لا يغير من موقفه شئ وليس بحاجه لان يرفع صوته عاليا صارخا فيهم!!.
وبالنسبة لصعف الشخصية فاضيف القول الماثور (القوي هو من يمتلك نفسه وقت الغضب) وتوضح لنا تلك الحكمة ان الغضب ليس مرتبطا ارتباطا مباشرا بالصراغ والغوغاء فانت تغضب ولكن تتمالك نفسك في نفس القت!!
ولا يمكن أن تلتقى الحكمة والموعظة الحسنة بذلك الصراخ والتهديد والوعيد . والذى يدعو أخاه للتقوى والطاعة لايطلق عليه لسانه كصراخ مدفع رشاش ، وانما يخاطبه فى رفق وحب وهدوء متمثلا قوله تعالى لنا : ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ ) (الحديد 16 ) . فذلك الاسلوب المترفق الحانى الهادىء هو الذى يخشع به قلب القائل والسامع أيضا، وهو الذى يعطى الفرصة كاملة للعقل لأن يفكر وللقلب كى يعتبر ويهتدى . وعبادات الاسلام لامجال فيها للصوت العالى ، فالصلاة ينطق بها المسلم بصوت خفيض يخاطب بها ربه جل وعلا وهو السميع العليم ، والله تعالى ينهى عن الجهر بالصلاة ويقول: (وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً )(الاسراء 110 ) . ومع ذلك فالميكروفونات تقتحم الجدران تسلطها المساجد والزاويات فى الاتجاهات الأربعة ، تعلن جهرا مخالفة كتاب الله تعالى فى عدم الجهر بالصلاة ، فالصلاة علاقة خاصة بين العبد وربه، ولكنهم يعلنوها على الناس ويغضبون بذلك رب الناس .والله تعالى يأمر بأن يكون المسلم ذاكرا لربه فى سره بصوت خفيض ويقول : (وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ)(الاعراف 205 ) ويأمر بأن يكون الدعاء لله فى صوت خافت خاشع:(ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ )( الاعراف 55 : 56 ). والنبى زكريا عليه السلام حين أراد الدعاء بأن يمنّ عليه بإنجاب ولد فإنه عليه السلام لم يقم حفلا موسيقيا يغنى فيه بالدعاء كما نفعل نحن فى أغنياتنا الدينية ، بل دعا ربه تعالى بصوت خافت وبتضرع خالص ، فاستجاب له ربه تعالى ورحمه، وهو درس لنا نتعلمه : ( ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا)( مريم 1 ـ )، ومع ذلك فنحن نحول الدعاء والذكر والتضرع الى مهرجانات من الصراخ والعويل، ولا نلتفت لتشريعات الله تعالى فى القرآن لذلك لا يستجيب الله دعاءنا .!
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,691,175 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
جولد زيهر: قرأت بعض الأفك ار المست شرق goldziher حول إنكار...
مسألة ميراث: شخص مات ولم يترك اولاد وليس له الزوج ة لكنه...
اسرائيل والمستبد : هل اسرائ يل قوة معتدي ة ام لا ؟اذ كانت...
نعم يكفى : هل الأغس ال المخت لفة کغسل الح 40;ض ...
لميس ؟ أرجوك لا ..: زوجتى أمريك ية وولدت بنت ، أردت أن أسميه ا ...
more
طلاب المال والسلطة ، هم ساعون للدنيا يطلبونها بالوسائل المباحة وغير المباحة بالتحايل على القانون ، فما فعله أبو اسماعيل المستبعد مؤخراً من سباق الترشح للرئاسة إلا مثل صارخ على محاولاتهم المستميتة للوصول للحكم !! كذب وغش لكي يصل لطموحه السياسي .
أبو اسماعيل الذي فعل الكثير للحصول على السلطة من خلال كرسي الرئاسة فهذا ليس من قبيل الحرص على مصلحة الوطن ورفعة شأنه ومصالح البسطاء من الشعب المطحون ، ولكنها أحلام عودة الخلافة والتحكم في رقاب المصريين ، عن طريق تطبيق الحدود عليهم ، الذين هم من وجهة نظرهم خارجين على شرع الله فيجب إجبارهم بالقوة على الالتزام بما يحددونه من أمور قد ظهر واضحا للجميع فسادها .