آحمد صبحي منصور Ýí 2011-11-01
مقدمة:
فى رصدنا التحليلى للحال المصرى بعد مذبحة ماسبيرو تعرضنا لمراحل الثورة المصرية ودور جنرالات مبارك فى محاولات إجهاضها ، وعملهم على أن ينسى الناس محاكمة مبارك بتدبير هذه المذبحة ، وكان ذلك فى الحلقة الأولى ( السّر تحت السرير : سرّ مذبحة ماسبيرو مع مبارك وتحت سريره ) .
فى الحلقة الثانية ( تحليل موقف السعودية من الثورة المصرية : الجذور التاريخية ) أكّدنا أنه لا سبيل للبقاء للدولة السعودية الراهنة إلا بسيطرتها على مصر وجعل مصر تابعة لها . ومن هنا فالعلاقة بين مصر والسعودية لا تحتمل التوسط ، فإمّا إن تكون مصر تابعة للأسرة السعودية سياسيا ولدينها الوهابى فكريا وعقيديا ودينيا ، وإمّا أن تسقط تلك الدولة الأسرة السعودية . وفى المقال الثالث (السعودية وجنرالات مبارك ضد الثورة المصرية ) توقفنا مع علاقات السعودية بجنرالات مبارك وعملهم على إجهاض الثورة . ونتوقف فى هذا المقال مع وجوب قيام ثورة مصرية أخرى بمواصفات جديدة لا نقاذ مصر وثورتها الفريدة فى 25 يناير 2011 .
أولا : سبل نجاح الثورة الثانية
1 ـ المناخ مهيأ لها محليا واقليميا ودوليا : مصر رائدة فى الربيع العربى ، سبقتها تونس ، ثم لحقتها ليبيا وسوريا واليمن ..ولكن ليبيا التى كانت الأكثر معاناة والتى احتاجت الى تدخل الناتو وشهدت تدميرا ومذابح وعشرات اللوف من القتلى ستكون الأسرع فى التحول الديمقراطى بسبب القضاء التام على جنرالات القذافى ، وبسبب مشاركة الشعب نفسه فى النضال المسلح . وبالتالى فلو ظل جنرالات مبارك فى تسويفهم ومماطلتهم فستسبق ليبيا مصر فى إقامة نظام حكم حقوقى مدنى ليبرالى . تونس التى سبقت مصر فى ثورتها تعرضت لاضطرابات مبعثها جنرالات بن على البوليسية وفلول بن على الحزبية فاستمرت ثورتها بمعاضدة قائد الجيش التونسى وهو نموذج مشرّف للعسكرى المخلص لوطنه وقومه وهو بن عمّار الذى وقف مع الثورة من البداية . وهذا النموذج التونسى يذكرنا بالقائد السودانى الجنرال سوار الدهب الذى تولى الحكم عسكريا ثم سلّم السلطة لحكومة منتخبة معطيا مثلا أعلى فى الوطنية . وهذا يجعلنا نتحسر على جنرالات مبارك الذين رضعوا منه الخيانة للشعب المصرى المسكين . يأكلون خيره وبدلا من أن يدافعوا عنه يوجهون نحوه سلاحهم . والوطنية فى العسكر لا تعرف التوسط فإما أن تكون وطنيا تدافع عن الوطن والشعب وتوجه سلاحك الى العدو ، وإما أن تحكم الشعب الذى أئتمنك على حمايتك فبدلا من من حمايته توجه نحو الشعب سلاحك الذى اشتريته بأموال الشعب . ومن هنا فإن أى جيش يتولى الحكم هو خائن للشعب . نموذجا تونس وليبيا يكشفان خيانة جنرالات مبارك لمصر وشعبها ، مع الأخذ فى الاعتبار دور مصر وريادتها ومكانتها وما فعله بها مبارك الذى وصل بها الى الحضيض ، ثم يأتى جنرالاته ليواصلوا مسيرة الانحطاط والخيانة . هذا غير مقبول مصريا ولا عربيا ولا دوليا .
وليس منتظرا أن تتدخل دول الخارج ضد جنرالات مبارك . ولكن المنتظر أن يساند المجتمع الدولى الثورة المصرية القادمة ضد جنرالات مبارك ، فقد طفح الكيل ، واتضحت النوايا وظهر العناد .
2 ـ فى ضوء المناخ المهيأ دوليا واقليميا ومحليا لا بد من المحافظة على الوجه السلمى للثورة مهما تكلف الثوار الابطال من دماء . من حقهم الدفاع عن أنفسهم ضد البلطجية لو اعتدى عليهم البلطجية ولكن ليس ضد الجنود. وخارج هذا الاستثناء لا بد أن تكون الثورة سلمية سلمية . فأنجح سبيل فى مواجهة القوة هو استخدام الضعف أمامها ، ولقد شرحت هذا من سنوات عن مقابلة ( ضعف القوة ) ب ( قوة الضعف ). جنرالات مبارك أقوياء بأسلحتهم وعتادهم وعنادهم وقد أصبحوا بعنادهم شرهين لسفك المزيد من دماء الشعب المصرى المسكين . ولكن هناك حدودا لاستعمال القوة ، وتعرفها حتى اسرائيل فى تعاملها مع غزة وحماس ، فكيف بجنرالات مبارك والشعب المصرى الأعزل . وهم فى حالة ضعف أمام أمريكا والمجتمع الدولى ، وقيامهم بمذابح أخرى يعنى مطاردتهم بجرائم حرب وأن ينتهوا الى نهاية صدام أو القذافى . ويتعزز هذا بأن تكون الثورة سلمية سلمية تنادى بالحرية والحقوق . هنا يكتسب الضعف قوة جبارة تدمر غرور القوة لدى الجنرالات .
3 ـ الأهم فى سلمية الثورة واستعمالها قوة الضعف هو استثارة شهامة الجيش المصرى وعودته الى صوابه ، فلن يرضى الجنود والضباط قتل مواطنيهم المصريين . ولو حدثت مذابح أخرى سيكونون أول الثاثرين على الجنرالات . الأمل معقود على أحرار الجيش . وهذا هو الكابوس الذى يرعب جنرالات مبارك . ولا بد من الضغط عليهم بهذه النقطة . وذلك بالتالى :
4 / 1 : أن تقود الأمهات المصريات المظاهرات ، ولقد كتبت من قبل مقالا بهذا المعنى دعوت فيه الأمهات المصريات لقيادة المظاهرات . ولا ننسى دور السيدة الفاضلة (أم خالد سعيد ) وهى أم لكل شهداء الحرية . أهيب بها ألأن تتزعم الثورة القادمة والى جانبها كل النساء والأمهات اللائى فقدن أولادهن وبناتهن وأزواجهن وآباءهن اثناء حكم مبارك وفى الثورة عليه وفى حكم الجنرالات . ويستلزم هذا قيام لجنة تأسيسية للثورة تستدعى كل الأمهات وأرامل وبنات واخوات الشهداء ليقدن المظاهرات بشعارات تفصح عن حالهن وحال الوطن والاستنجاد بشهامة الجيش المصرى والاستغاثة به لتخليص مصر من خيانة جنرالات مبارك . على أن يقوم الشباب بحماية مظاهرة الأمهات عن يمين وشمال ومن خلف . سلمية الثورة و قيادة أمهات مصر لها سيحمى الثوار من قيام الجنرالات بمذبحة أخرى ويعجل بسقوطهم لأن هذا الوضع يجعلهم على الحافة ،إما الخيانة العظمى باستعمال السلاح ضد أمهات مصر وإما العودة الى الثكنات وترك مصر لحكم مدنى يكون فيه العسكر لحماية الدولة فقط وتحت سيطرة الحكم المدنى لمصر.
4 / 2 : توجيه رسائل قوية لزوجات وامهات وبنات وأخوات كل العاملين فى القوات المسلحة بدءا من الجنرالات الى أصغر ضابط وصف ضابط ؛ بأن تقف كل منهن ضد الزوج أو الأب أو الأخ أو الابن لكى لا يكون خائنا لمصر بأن يوجه سلاحه لاخوانه المصريين العزّل بدلا من أن يحميهم . ممكن توجيه تلك الرسائل عن طريق الانترنت فى الصحف واجهزة الاعلام وفى مقالات بل وحتى اعلانات مدفوعة الأجر ـ بل وبرسائل شخصية عبر البريد العادى والبريد الاليكترونى .
4 / 3 : مطلوب من الفنانين ـ ممثلين ومطربين والشعراء توجيه رسائل مماثلة لأفراد القوات المسلحة ـ بكل طريق عبر برامج التوك شو والتصريحات الصحفية والأغانى والنداءات الشخصية .
4 / 4 : فى حالة حدوث مذبحة تالية مثل التى حدثت فى ماسبيرو لا بد من اعتصام وثورة مفتوحة دائمة بمظاهرات واعتصامات تعم مصر من الاسكندرية الى اسوان لا تتوقف إلا باعتقال كل الجنرالات تحت شعارات (إما نحن وأما هم ) .
ثانيا : معوقاات الثورة الثانية وسبل إزالتها
1 ـ أول المعوقات هو اختلافات القيادات وتفتتها حتى داخل الاخوان والسلفيين وداخل الشباب والليبراليين . وهذا طبيعى بسبب تصارع الجميع على نصيب من كعكة السلطة . وقد نجح الجنرالات فى التلويح بجزرة الانتخابات النيابية والرئاسية فتسابق القادة المدنيون والسلفيون للفوز بنصيب من السلطة ، بينما ينعم الجنرالات بالسلطة الحقيقية يستعملونها (عصا ) للارهاب ، ولن يتركوها طالما إستمر هذا النزاع وذلك التفتت.
والحلّ بنسيان تلك الانتخابات نهائيا فى ظل وجود الجنرالات فى السلطة . أى بعودة روح 25 يناير والاتحاد تحت هدف لا اختلاف فيه وهو رجوع العسكر لثكناتهم وترك الحكم ليتولاه مجلس رئاسى مدنى مؤقت ليس له أن يستمر بعد مرور فترة انتقالية محددة ، ويجب الاتفاق على هذا المجلس الرئاسى سريعا ، ويتكون من أبرز المرشحين المحتملين للرئاسة الذين يمثلون التيارت السياسية فى مصر ، ويعاونهم مجلس وزراء من الخبراء وجمعية تشريعية لوضع دستور واصلاح تشريعى تتكون من الأعضاء المنتخبين من النقابات والجامعات والقضاة وغيرهم مع مخصصين فى القانون . ويقوم أولئك بعد الاصلاح التشريعى باجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وتسليم الادارة ـ وليس الحكم ـ الى حكومة منتخبة ، يتحدد فيها دور الجيش فى الدفاع وليس الحكم ، ويتحدد فيها دور الشرطة فى حماية المواطن وليس تعذيبه وقهره والاستعلاء عليه .
2 ـ خطر الفلول و السلفية واستغلال الفتنة الطائفية . هذا الخطر يتعاظم فى وجود التفتت الحالى ووجود الجنرات فى الحكم . بتأجيل الانتخابات وقيام مجلس رئاسى مدنى ـ يتم فيه تمثيل كل التيارات السياسية ـ وبالتوحد خلف هدف واحد وحيد لا غير هو رحيل الجنرالات ـ يمكن تحييد خطر الفلول والسلفية ومنع استغلال الفتنة الطائفية ، خصوصا مع وجود الحزم والعزم .
أخيرا : لا مانع من الوصول الى اتفاق مع الجنرالات يرحلون فيه عن السلطة بسلام مقابل حصانتهم من أى مساءلة عما اقترفوه قبل الثورة وبعدها . ولكن لا يمكن الوصول لهذا الاتفاق بدون ثورة موحّدة تضع الجنرالات على الحافة : أى إمّا وإمّا . أى إما الهلاك وأما النجاة . ثم هم وما يختارونه لأنفسهم .
إنني أتفق تمام مع هذا مقال الدكتور " حسن نافعة " وهو موجود في قسم مقال أعجبني على الموقع بتاريخ 30 / 10 / 2011 .. فما جاء به واقعي جدا ، ولم يبالغ الدكتور فيه ، فمجلش الشورى ليس له ضروررة تحنمه الآن ، فلماذا الإصرار عليه ؟ وتحميل البلد فوق طاقتها وتعطيل المصالح ، وتكبيد الشعب الجهد والمشقة في انتخابات أخرى لا طائل منها ؟ كما ان الغياب الأمني أصبح ظاهرة لا ينكرها شخص فهو أمر واقع يشعر به أغلبنا ، ناهيك عن نسبة كبيرة سوف تستقطع من مقاعد البرلمان لمن ؟ للفلاحين والعمال ، إننا لانقلل من شأنهم فهم مكون أصيل في نسيج المجتمع ، لكننا نعرف جميعا ان الحزب الوطني المنحل أخذ مكتسباته ومعظم مقاعده من هذه الفئة ، فهل هذا مايريده المجلس العسكري ؟ ناهيك عن افتقاد معظمهم لأبسط صور الثقافة والمعرفة التي تكون الرأي السليم ، ولماذ .. ا لأنه سيقع على عاتق هذه الفئة ومن معها ، الموافقة على الدستور الجديد وتمريره ، وهذا أخطر ما في القضية ، فهل هذا مقصود أيضا ؟ ورقم ثلاثة هو : الاختلاف والتحزب والتفرق الذي عليه الأحزاب في مصر فلم تتفق إلا على شيء واحد وهو الاختلاف فقط . وهذا الوضع هل يخدم أحد إن الأصوات تتفتت والمصالح تتعارض لصالح من هذا ؟ الإجابة معروفة .
طبعا بعد الشكر على هذا المقال القيم للدكتور منصور ، والتنويه عن المقال القيم أيضا للدكتور نافعة من الأخت عائشة
أبين حقيقة هامة جدا وربطها بما يحدث على أرض مصر بعد الثورة
الشعب المصري الطيب يوم 11 فبراير 2011م حين سقط مبارك وأجبروه على التنحي ظنوا جميعا ان النظام سقط وأن الدنيا أصبحب بامبي وكل شيء سيتغير والامور ستسير على ما يرام
ولكن النظام يوم بدأت الثورة وضعة خطة طويلة جدا للتعامل مع المرحلة الانتقالية وهذه الخطة لها مراحل وخطوات وسياسة معروفة وواضحة جدا لمن يقيس الأحداث والغييرات بمقياس حساس ونظر ثاقب
فمنذ اللحظة الأولى والنظام يخطط لقتل المصريين والخلاص منهم ومن ثورتهم وأهمم حلقة في هذا النظام هي وزارة الداخلية بكل مؤسساتها
وبدأ التنفيذ يوم 28 يناير حين فشلوا في إخماد الثورة وفي التخلص من ملايين المصريين الذين خرجوا للشوارع نتيجة فصل الإنترنت وتعطيل شبكات المحمول والإجرام في قتل شباب مصر وفضل قناة الجزيرة في التغطية المهنية للأحداث ، اتفق العادلى مع كلابه على فتح السجون وإطلاق السجناء والقتلة وتجار المخدرات والمسجلين على الناس في الشوارع والبيوت فشلت المحاولة فشلا واضحا
خططوا مع كلاب الوطني في موقعة الجمل فشلوا فشلا واضحا ، بعد ذلك جاء التفكير في العواطف الجياشة عند المصريين وفي ظهور مبارك يخطب ويستعطف الناس ويضحك عليهم فشلوا وانقلب الأمر عليهم جميعا واشتد الهتاف بأسقاط النظام واعدام مبارك ورحيله ، خرج مبارك مرة اخرى يهدد ويشاكس ويناور ويستعرض قوته في لحظان احتضاره كرئيس ويتحدى إرادة الشعب ويقول لهم سوف اكمل فترة حكمي وبد ذلك ذلك سأترك السلطة ، وبين للجميع أنه لن يرحل أو يهرب ومصر هي أرض المحيا والممات بالنسبة له فشل للمرة الرابعة
سقط مبارك ذليلا رغم أنفه لكن سقوطه كان إحدى خطوات التخطيط الجهنمي لإجهاض الثورة وقتلها وتم اعلان التنحي اجباريا
يتبع ....
بعد ذلك بدأت خطوات واضحة جدا لنشر الفتن والانقسام بين الشعب المصري الواحد الذي نجح لأول مرة منذ عقود طويلة أن يصمد لمدة 18 يوم ويتحد ويتعاون ويتوحد ويجتمع قلبا وقالبا حول هدف واحد ومطلب واحد يجمع كل المصريين أقباط ومسلمين ، ولذلك أعداء مصر وأعداء الثورة فكروا بسرعة في هذه المسألة وفي كيفية ضربها في مقتل ، وكان التفكير مبكرا في حرق كنيسة أطفيح ، وبدأ الانقسام وتزامنا مع هذا الانقسام بدأ الظهور المخيف للسلفية التي اختفت عن المشهد تماما طوال فترة الثورة التي كان فيها المصريون على قلب رجل واحد ، وهنا لابد من الربط بين الانقسام الحادث في مصر وبين ظهور السلفية في المشهد بوضوح يزيد عن الحد ، لأن بداية مخطط الفتن والانقسامات بدأ من أطفيح وكان بعض السلفيين أبطال المشهد في حرق وهدم الكنيسة ، وفي جلسة الصلح العرفية بين لأقباط والمسلمين بحضور ممثل للسلفيين وممثل للقوات المسلحة ، فشلت كنيسة أطفيح في إشعال مصر
كان الاستفتاء هو الحل ، وبالفعل نجح الاستفتاء في نشر حالة من الانقسام المخيف وقد ساهم السلفييون والأخوان فيه بقوة لإقناع البسطاء بأن نعم هي لحماية الاسلام ووووووو ، فشل الاستفتاء في قتل الثورة وفي تقسيم المصريين ، وصراحة أشهد للمصريين أنهم في كل مرة كانوا يكتشفون سريعا أن ما يحدث مقصود ويستعيدوا ثورتهم ويتوحدوا في مليونية في يوم جمعة ليثبتوا أن الثورة لا زالت تنبض وتتنفس.
فشل الاستفتاء ، جاءت كنيسة امبابة وما تلتها من أحداث ، ولما فشلت المحاولات المتعددة بعد ذلك في العباسية وغيرها من المواقع الكثيرة والخطيرة التي تثبت إلى أي مدى وصل هذا النظام للفساد والفجور ، وكذل تثبت إلى أي مدى وصل الانحلال الخلقي للتيارات الدينية والجهل السياسي للسلطة الانتقالية في مصر حين يتعاونا معا لمواجهة الثورة ومواجهة شبابها وكوادرها من دعا الليبرالية والدولة المدنية ، وقع المجلس العسكرى بصفته السلطة الحاكمة في مأزق خطير حين تعاون مع التيارات الدينية ومد لها يد العون والمساعدة لكي تخلصه من أهم قوة مصرية وطنية تساهم في الحفاظ على الثورة وهم شباب الثورة ودعاة الليبرالية والدولة المدنية ، وتمت صناعة حالة من الصخب والضجيج والفتاوى والمناظرات بين دعاة الانغلاق والانسداد الفكرى من التيارات الدينية وبين بعض من دعاة الليبرالية لاستهلاك جهودهما معا وصرفهما عن الثورة ، ولا ننسى استخدام السلفيين في جمعة استرداد الثورة حين نزلوا الميدان لتخويف الشباب المصري الذي صنع الثورة وكتب سطورها الأولى بدماء طاهرة.
كل هذا فشل في قتل الثورة وإجهاضها ، وبعد حالة طويلة من السكون جاءت موقعة ماسبيرو ، وتحريض رسمي للمسلمين ضد الأقباط على التليفزيون المصري ، فشلت أيضا هذه الحيلة رغم بشاعة ما حدث فيها ، أخيرا كان التفكير في نشر الفتنة بين القضاة والمحامين ، وهنا إعلان واضح وصريح للمصريين سنعطل محاكمة مبارك إلى الأبد ، لأن القضاء والدفاع في حالة حرب ولا يمكن إجراء أي محاكمات في ظل هذه الحالة ، وبكل أسف وأسى وحزن شديد يقع القضاة والمحامون فيما وقع فيه معظم المصريين (الفتنة) وتناسوا جميعا أن سياسة النظام السابق كلها مبينة على صناعة الفتن ، وصدقوني لولا هذه السياسة المجرمة لن يستطع مبارك أبدا ولن ينجح في الاستمرار في السلطة لثلاثة عقود ، إذن لابد أن نعلم جميعا أن سياسة النظام هي الفتن أو هذا النظام هو نظام الفتن
ان الثورة الوحيدة التي يسمح بها الان هي ثورة الدولة المدنية فان لم تستطيعوا ايها المصريين المثقفين من بدء ثورة الدولة المدنية فاعلموا انكم ستخسرون الاعلبية الصامتة لمصلحة قوى الرجعية التاريخية وبالتالي سترجع مصر الى عصر المماليك \ والمطلوب تحييد الجيش وعدم التصادم به لان الرجعيين جاهزين لان يحتضنوا الجيش وساعتها سيصبح الجيش سلاحا بيد الرجعية التاريخية.تعاملوا مع الجيش على انه احد اسلحة المستقبل لا يجوز ان يمسك به التاريخيين والا الويل الويل من ارجعية التاريخية اذا مسكت سلاح المستقبل
للأسف .. ضاعت الثورة المصرية . تم دك بعض حصون النظام القديم . و لكن النظام ما زال موجودا و يعمل بكفاءة شديدة بعد أن غير واجهته و غير التكتيك .
و أقسى ما تصاب به أمة من الأمم هم حكم العسكر . و الشئ الوحيد أمام الأمة المصابة هو أن تعجل بقيام ثورة أخرى ضد النظام الذي و إن غاب عنه مبارك .. فجميع أفراده مبارك .
إلا أن المؤسف أن الثورة لا تقوم في الوقت الذي يحدده لها الناس و لا حتى بالطريقة التي يرسمها لها الناس . كل ما يستطيع أن يفعله الناس هو الحشد و التعبئة و التنوير و التوافق و الرصد و المتابعة و هذه القائمة الطويلة من أعمال ما قبل الثورة .. أما موعد قيام الثورة نفسها .. فسيظل في رحم الغيب .
و لعلنا لم نسمع في التاريخ بثورة واحدة إندلعت على دفعتين . إن الثورة مثل الولادة . حيث لا تقع الولادة التانية لها في الزمن الذي نريده مهمنا كانت قوة رغبتنا في الإنجاب . و هذا هو القدر الذي وجدت مصرنا الحبيبة نفسها فيه .
و ما أراه هو أنه ستمضي فترة حكم العسكر كما هو مقدر لها .. ثم تعقبها الحكومة الديمقراطية الأولى وفقا لمعطيات العملية الإنتخابية .. ثم إن الغيوم أمام المشهد السياسي القادم لكثيفة بحيث تتعذر رؤية ما يخبؤه القدر بعد الحكومة الديمقراطية الأولى .
و النتيجة .. المطلوب من المصريين تركيز الجهود للخروج بأكبر المكاسب من العسكر و من الديمقراطيين القادميين .. و في نفس الوقت العمل على تهيئة الأجواء لإستكمال ثورة 25 يناير المجيدة (الجزء الثاني) في وقت لا يعلمه إلا الله .
الثورة المصرية 25 يناير فريدة فى نوعها بحيث تتفرد عن كل الثورات والانقلابات بسلميتها وتلقائيتها وتعبيرها عن أغلبية صامتة مقهورة لا تطمع فى الحكم ولكن تريد التحرر من الظلم.
ما سبق كان ثورات شعبية يقودها فصيل يريد الوصول للحكم مستغلا شقاء الجماهير وتطلعها للعدل ( ثورة ايران والثورة البلشفية ) أو انقلاب عسكرى عادى او مدفوع بفكر ايدولوجى كانقلاب يولية 1952 وغيره فى بلاد العرب .
ما حدث فى مصر فريد ومختلف وانتهى الى وضع غريب ومختلف ، فجنرالات مبارك يحكمون ولم يكونا بهذا الوضع يحلمون . بوضعهم الجديد وصلوا الى الحافة لأنهم شركاء مبارك فى الظلم والفساد ، فإما أن يحموا الثورة ويطلبوا عفو الشعب وإما أن يخطفوا الثورة ويسحقوا الشعب. ولانهم عريقون فى الفساد وبلغوا فيه أرذل العمر فليس أمامهم سوى السير فى نفس الطريق فيما تبقى لهم من عمر. والمطلوب هنا ثورة مصرية أخرى فريدة تسترجع أنبل ما فى الانسان من قيم الحرية والفداء والتضحية والإخاء .
خالص الشكر والتقدير للدكتور صبحي منصور على هذا المقال الذي سيكون شهادة شاهد على العصر .. هذا العصر المبهم وهذا المصير المجهول الذي تسير إليه مصر .. لو استمر عناد العسكر وتشبثهم بالسلطة.. هذا التشبث الذي يسجله تاريخ العسكر حتى من قبل ان يكونوا خريجي كليات حربية نظامية منذ عسكر الفراعنة والرومان والبطالمة وعسكر عمرو بن العاص وعسكر عرب الجزيرة الذي غزوا مصر تحت مسمى الفتح الاسلامي لمصر وهو غزو عربي لمصر مستتر بعباءة الدين..!
حتى عسكر الإخشيد والفاطميين والمماليك والعثمانيين... كلهم عسكر .. لايتركون السلطة وعسكر يوليو 1952 وعسكر 25يناير 2011م..
كل هؤلاء العسكر لايتركون السلطة إلا بعد سفك انهار من دماء المصريين... الحقيقة أن عقول المصريين مغيبة الآن تحت الوقوع في غرام السلفية والإخوان فلهم تأثير كبير جدا على الأغلبية الصامتة الساذجة.. لأن الأقلية الليبرالية المتنورة لاتمثل إلا عشرة بالمائة فقط من المصريين..
المؤامرة الآن هى تحالف العسكر مع الإخوان .. وككل مرة يخون العسكر الإخوان ويحرمونهم من السلطة .. وبعدها يعتقلونهم ويضعوهم غي غياهب السجون وهذا جزاؤ وفاقا من الله للإخوان الذين لا تهمهم إلا السلطة ولا يتعلمون الدرس أبدا من أن العسكر يتلاعبون بهم..
ولأن العسكر عريقون في الفساد منذ عسكر الفراعين إلى عسكر مبارك الملاعين.. فلن يتركوا السلطة إلا بعد سفك دماء المصريين أنهاراً كعادتهم..
هل المصريون مستعدون لخوص حرب الكرامة والتحررر من أسر العسكر؟
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,691,476 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
الدواء فى الصيام : أنا مريض وقادر على الصوم وليست لى مشكلة فى هذا...
فى شغل فاكهون: تحية وإحتر ام. نا من المنا صرين لأهل...
أبواب الجنة والنار: فى القرآ ن الكري م إشارة لأبوا ب الجنة...
المس الشيطانى: هل المسّ موجود في القرآ ن؟ إذا نعم ماهو...
حلال لأنه بالتراضى : أريد سؤالك بخصوص عقد تمويل تم بيني وبين شركة...
more
الدكتور أحمد كل عام وأنتم بخير ، هذا المقال عبارة عن صرخة شعبية، لكنها جاءت في شكل نصيحة موجزة ، أو روشتة تصلح للتنفيذ الدقيق والسريع في آن واحد ، بشرط أن تطرح الأحزاب المتصارعة ما بينها من خلافات جانبا ، وتنتبه لما هو أهم .. وهو المحافظة على الثورة وعدم سرقتها ! و إحقاقا للحق أننا في زهو فرحتنا بالثورة لم ننتبه للخطر الذي يحيط بها، إلا ما ندر . فقد سمعت من أحد المحللين أن هذا يعد انقلابا عسكريا وليس ثورة ، وقتها لم نصدق تحليله ، لأن زهو الثورة كان في أوج قوته ، ولقد ذكرنا هذا الرأي بما قاله عمر سليمان بما في معناه : إما الرضا بهذا الوضع وبقاء مبارك حتى نهاية فترته الرئاسية ، وإما الانقلاب ، وتوقع الفوضى ! فهذا هو البديل المتاح ! فهل يعد هذا انقلابا عسكريا ؟ أم إنها ثورة فقدت بعض مكتسباتها ، وتحتاح إلى استكمال ما فقدته ؟ إننا نريد الإجابة إذا كان ممكنا .. وشكرا والسلام عليكم .