آحمد صبحي منصور Ýí 2011-10-14
( وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )
1 ـ المصطلح القرآنى ( الشّح ) يعنى بمفهومنا الأنانية ،و الأنانية أشمل من مصطلح ( البخل ) الوارد فى القرآن الكريم. ( البخل ) هو الشح بالمال فقط ، ولكن الأنانية هى (الشح ) أو البخل بكل شىء ، هى المنع المطلق والاستئثار بكل شىء أو تمنى الاستئثار بكل شىء ، فى المال و العواطف والاهتمام من الآخرين ، وفى نفس الوقت لا يرى هذا الأنانى للآخرين عليه حقا ، كما لو أن الله جل وعلا قد خلق الناس وسخرهم لخدمته ، وفى نفس الوقت ليس لديهم حقوق عنده ، له وحده عليهم كل الحقوق وعليهم له كل الواجبات . هذا الأنانى يرفع نفسه فوق الناس جميعا ، فالعلاقة بين البشر تقوم على أساس العدل فى الحقوق والواجبات ، ولكنه يلغى ذلك لتكون له الحقوق وعليهم الواجبات . بل إن هذا الأنانى يرفع نفسه فوق رب العزة لأن رب العزة وهو الخالق للبشر يتعامل معهم على أساس الأخذ والعطاء مع إنه جل وعلا ليس محتاجا لهم ، يقول جل وعلا (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ ) فهنا تبادل ، فلو ذكرت الله جل وعلا توسلا وعبادة فإنه جل وعلا يذكرك رحمة وعونا ، وتقول الآية التالية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) ( البقرة 152 : 153) أى لو استعنت فى امور حياتك بالصبر والصلاة كان الله جل وعلا معك أيها الصابر المؤمن . ويقول جل وعلا فى اسلوب شرطى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ) ( محمد 7 ) فالمؤمن يبدأ بنصرة الله جل وعلا فيجيبه ربه سبحانه وتعالى بالنصر ـ والمؤمن يعمل صالحا فيجيبه ربه بالجنة ، وهكذا تقوم العلاقة بين الخالق الغنى عن العالمين على أساس الأخذ والعطاء ، من يعمل صالحا يكافئه ربه ومن يعمل سيئا يعاقبه ربه . أما ذلك الانسان الأنانى فهو يؤمن بالأخذ فقط دون عطاء .
2 ـ وهذه الحالة من الأنانية لا تكون مبررة ولا مقبولة من البشر إلا فى حالة وحيدة لا تتكرر إلا فى مرحلة واحدة فى حياة كل إنسان ، وهى حالة الطفولة المبكرة . فالطفل عندما يعى كينونته وأنه كيان منفصل بذاته يعيش هذه الأنانية ، وهى ضرورة له لأنه فى أشد الاحتياج للغير ، وهو بهذا الاحتياج والضعف يكون أكثر قوة ، صراخه وبكاؤه بسبب أو بدون سبب أوامر مطاعة . وهو فى أنانيته لا يقبل شريكا ، وله كل الحقوق وعلينا له كل الواجبات ، وهو يتصرف بغريزته طبقا لهذه الأنانية ( المحمودة )، الى أن يبلغ مرحلة يفهم فيها أن الأنانية تحرمه من متعة المشاركة مع الغير فيتخلى عن الأنانية شيئا فشيئا . مثلا ، فى مرحلة الأنانية الطفولية يرفض الطفل أن يشاركه أحد فى لعب الكرة ويبكى لو شاركه فيها احد ، ثم بعد هذه المرحلة يدرك متعة المشاركة فى اللعب بالكرة فيتنازل عن ملكيته للكرة مقابل أن يشارك الآخرين فى اللعب والضحك ، وهكذا فى سائر اللعب ، يحسّ الطفل بأهمية المشاركة ويتآلف مع اقرانه واخوته واخواته ، وشيئا فشيئا يندمج فى المجتمع مشاركا فيه ، وعندما ينضج فى شبابه و كهولته يعرف أن الحياة أخذ وعطاء ، وأنه إذا تمسك بأنانيته فسيحظى بسخط الناس وسينفض عنه الناس .
3 ـ والله جل وعلا يشير الى غريزة الأنانية داخل كل نفس بشرية ، وأهمية تحجيمها خصوصا فى التعامل بين الزوجين منعا للمشاكل بينهما ، فيقول ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) ( النساء 128 )، أى لوخافت الزوجة من زوجها مجرد الإعراض عنها أو إساءة فى معاملتها فلا بد من اللجوء للصلح القائم على الخير ، والصلح المؤسس على المصارحة هو صلح الخير. وصلح الخير يقوم على العدل ، والعدل يتنافى مع الأنانية والشّح ، ويقول ربنا جل وعلا(وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ )أى إن الشح حاضر وموجود وغريزة داخل كل نفس . والعلاقة الزوجية ـ أو علاقة الذكر والأنثى عموما ـ تتعرض أكثر للشح والأنانية ، فالزوج يغار على زوجته حتى من ابويها واخوتها ، ولو بالغت فى حب واحد منهم تأججت الأنانية فى نفسه . والزوجة أكثر أنانية ، فهى مهما ابتسمت لأهل الزوج وأخواته البنات وحماتها فلن تحبهن حبها لأهلها ، والحروب العالمية مشتعلة دائما بين الحماة وزوجة ابنها وبين أخت الزوج والزوجة ،ولو تحدثنا عن زوجة الأب وزوج الأم وعلاقتهما بالأطفال لاحتجنا الى مجلدات . كل ذلك مبعثه ما يسمى بحب التملك ، فالزوج يريد أن يتملك زوجته ، والزوجة أشد رغبة فى تملك زوجها . وحب التملك هو (الأنانية ) أو ( الشح ) . وبتخفيف وتعديل مستوى الشح فى علاقة الزوجين يمكن الاصلاح بينهما . ومواجهة هذا الشح تكون بذلك العلاج الالهى الموصوف فى نفس الآية ( وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ). أنه الاحسان والتقوى . (الاحسان ) هو درجة فوق العدل . العدل هو العين بالعين والنفس بالنفس والسيئة بمثلها ، أما الاحسان فهو مقابلة السيئة بالحسنة وبالعفو والصفح أملا فى حصول الأجر من رب العزة ، يقول جل وعلا (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) ( الشورى 40). هذا عن الاحسان ، أما التقوى فهى فعل الخير والابتعاد عن الشر ابتغاء مرضاة الله جل وعلا ، وبالاحسان والتقوى ينخفض مستوى الشّح ، ويتمتع الزوجان بحياة زوجية سعيدة .
4 ـ واقع الأمر إن الله جل وعلا يعتبر الشّح مرضا وآفة وغريزة خلقها داخل الانسان إختبارا له . الشح هو ذلك الفجور فى داخل كل نفس بشرية ، وكل نفس بشرية فيها الفجور والتقوى ، وداخل كل نفس بشرية ما يسمى بالأنا العليا ،أو الارادة الانسانية الذاتية التى تسيّر النفس صعودا نحو التزكية أو هبوطا نحو الدونية ، يقول جل وعلا (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) ( الشمس 7 : 10 ). فالمفلح الفائز هو الذى يحارب الأنانية أو الشح فى نفسه ، أما الخاسر فهو الذى يركن الى هوى نفسه وغرائزها .
وكما جاء فى الآية الكريمة عن العلاقة بين الزوجين فإن العلاج من مرض الشح هو بالتقوى والانفاق فى سبيل الله جل وعلا ، يقول رب العزة : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )، قوله جل وعلا : (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ ) يعنى أن الشّح مرض يجب الوقاية منه طلبا للفلاح . والوقاية منه تكون بعكس الشّح ، أى الانفاق والعطاء ، لذا قالت الآية التالية تحث على العطاء والمنح والانفاق فى سبيل الله جل وعلا : (إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ ) ( التغابن 16 : 17 ).
5 ـ وفى المواقف العملية للأنصار فى المدينة والتى أشاد بها رب العزة هى مقابلة الشح ( وهو التطرف فى البخل والمنع ) بعكسه تماما وهو ( التطرف فى العطاء ) أو : (الإيثار على النفس حتى مع وجود الفقر). وتلك هى الوصفة الأكيدة فى علاج مرض الشح والوقاية منه ، أن تؤثر على نفسك ، يقول جل وعلا عن الأنصار فى المدينة : ( وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ( الحشر 9 ).
بارك الله فيك أستاذنا الكريم دكتور أحمد صبحي على هذه الجرعات المركزة من كيفية وقاية أنفسنا من الشح وذلك عن طريق الاهتمام بالانفاق في سبيل الله تعالى ، فمن يستطع التحكم في نفسه وكفها عن حب المال والبخل به عن الانفاق للمحتاج ابتغاء وجه الله تعالى فمن قدر على ذلك فقد فاز وضمن رضا الله تعالى .
وقانا الله تعالى جميعا من شح أنفسنا .
استاذنا الفاضل الدكتور منصور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدى مثال حي للأنانية التي يكتسبها الإنسان بسبب ظروف عائلية معينة ، وشاهدتها بعيني في علاقات اجتماعية يشوبها الكدر وتكاد تختفي منها ملمح الحب والانسانية ليحل محلها المصلحة والأنانينة وحب الذات حتى لو كان على حساب الأب الذي يقضي عمره مهاجرا خارج الوطن للبحث عن لقمة عيش والبحث عن توفير كل احتياجات اسرته واولاده
ولمزيد من التوضيح : كثير من الآباء في مصر يتركون الأسرة (الزوجة والأولاد) ويسافر وحيدا بحثا عن الرزق بهدف تحسين الوضع المالى له ولأسرته ، ولكي يوفر لهم جميع مطالبهم ، وبطول السفر تتقطع ملامح العلاقة الانسانية بينه وبين الاولاد وتتحول لعلاقة مصلحة ومنفعة فقط ، وكثير من الأولاد في سن الشباب يتعامل مع أبيه على أنه وسيلة لتحقيق المطالب فقط ، ويغضب كثيرا حين يزور الأب بيته في اجازة لشهر أو شهرين ويتمنى أن تنقضى هذه الاجازة باسرع ما يمكن ليتمتع بحريته ولا يجد من ينغص عليه صفو حياته مع اصدقائه ، ولقد سمعت بعض هذه النوعية الانانية من الشباب يتحدث مع أقرانه ويبلغهم ويصبرهم بأن والده سيغادر قريبا ويطلب منهم ان يتحملوا حتى يسافر الاب وكل شيء سيعود كما كان ، وهذا النوع من الانانية أصبح منتشرا بصورة مخيفة في المجتمع المصري بسبب سفر الاباء لفترات طويلة
يتبع ....
بالإضافة إلى : بعض الأفكار التي يمكن ربطها بما قلته وبعد قراءة هذا المقال وهي كالتالي :
1ـ معنى الفلاح فى الدنيا والآخرة لمن يوقى شح نفسه ، ونجاح الانسان الكريم و فشل الانسان الانانى حتى فى الدنيا ، وهنا نربط بين ما قلته وبين فشل الانسان في تخلصه من انانيته وحبه لنفسه حتى لو كانت على حساب اقرب الناس اليه.
2 ـ الطفل فى مرحلة الأنانية محتاج الى الأنانية لعجزه ولاحتياجه ، وكلما كبر واعتمد على نفسه قلّ احتياجه واعتماده على الغير وخفّت أنانيته.، وهنا أربط بين ما قلته وبين هذا أن سفر الآباء وترك الاولاد بلا توجيه ولا تعليم يجعلهم يكتسبون صفات سيئة أخططرها الانانينة التي تستمر معهم في مراحل العمر المختلفة ، الانانية في الطفولة مباحة لعجز الطفل لكن عندا يشب ويكبر ويعيش نفس الحياة ويجد جميع طلباته مجابه فتتحول الى مرض مزمن قد يدمره في الدنيا والاخرة .
3 ـ معاملة الطفل فى مرحلة الأنانية هى بالعطاء المطلق أو الاحسان وليس بالعدل . ومضحك أن تعامل الطفل بالعدل فى هذه المرحلة ، لأن الطفل في هذه المرحلة لا يعرف قيم مثل العدل ولكن الأقرب لعقله وفكره أن يرى العطاء والاحسان على الصغار والضعفاء فتترسخ في عقله هذه القيم.
4 ـ وأعطي مثالا حيا تعلمته أنا شخصيا من أحد أقاربي ، وهو العطاء لأقصى الدرجات وهذه الصفة تعلمتها من أحد اقاربي بحيث اصبحت صفة اساسية وسمة من السمات الشخصية التي تميزني وهذه ليست مجالمة لنفسي ولكن من حولى يقولون لي هذا ، فمنذ طفولتى كنت أرى رجلا معطاء بلا حدود يتقرب للجميع ويساعدهم ولا يتأخر عن أحد ولا إراديا أجد نفسي أفعل حسب امكاناتي ما رأته عيناي من هذا الرجل وأكرر حسب ظروفي وإمكاناتي ، وهنا تظهر اهمية تعليم الاطفال هذه القيم منذ الطفولة .
5 ـ المستبد هو اكبر مصاب بالشح لأنه يوجب حقوقا له على الناس ولا يوجب على نفسه واجبات له ، ولأنه لا يظلم شخصا واحدا ولكن يظلم شعبا بأكمله ، المستبد يصنع قوانين للظلم يطبقها على الضعفاء والفقراء ولا يطبقها على نفسه.
6 ـ شح المستبد وأنانيته تتجلى فى احتكاره الشهرة لنفسه ، وغيرته من أى انسان ناجح أو مشهور من شعبه ،وخير مثال هنا : غيرة مبارك المخلوع من زويل ومن البرادعى ، وغيرة القذافى من أى شخص مشهور من الليبيين حتى إنه كره كرة القدم لانها تعطى شهرة للاعبيها ، وكان يمنع ترديد أسماء الأشخاص مكتفيا باعطائهم ارقاما حتى لا يكون فى ليبيا سوى اسمه هو فقط ، وأذكر أن محمد ابوتريكه في مصر منذ خمس سنوات تقريبا وصل لقمة شهرته وكان اسمع على كل لسان وأشيع أن جهاز امن الدولة استدعاه للتحدث معه وسؤاله عن تفكيره في الترشح للرئاسة حتى لا يكون منافسا قويا لجمال ، وهذا دليل واضح على الشح والانانية للمستبد العربي ..
الدكتور صبحي منصور السلام عليكم ورحمة الله وبركاته جزاك الله خير الجزاء على هذا التبصير بهدي القرآن وهذه الروشتات العلاجية الشافية المعافية للنفوس الهائمة في بحر الحياة..
ومع كل هذه الأخلاقيات التي يعلمها المجتمع لأطفاله ونشئه في البيوتات والمدارس والجامعات والنوادي .. إلا أنها كلها فشلت جميعاً في تصنيع مواطن إنسان صالح تقي يتقي الله حق تقاته .. ويتخلى عن رزيلة الشح..
إلا أن القرآن الحكيم هو وحده من يحقق ذلك التوازن في الشخصية الانسانية المجتمعية.. لو أن المسلمين قدروه حق قدره .. !
فكل علماء النفس والأطباء النفسيين لا يستطيعون أن يحققوا في مجتمعاتنا العربية ما يمكن أن يحققه القرآن لوأتيحت الفرصة للمفكرين القرآنيين سواء جيل الرواد مثلك أو جيل الشباب .. من كتاب الموقع الكرام..
نحن نعرف أن المهمة ليست بالهينة وأن الحصار على الكٌتاب القرآنيين مستمر طالما هناك صراع بين الحق والباطل.
ودعني أذكر نفسي وأحبيتي بالآية الكريمة التي تؤكد أن الشفاء الحقيقي للأمراض النفسية والمجتمعية لن يتحقق في أوطاننا إلا من خلال الهدي القرآني والتعاليم الإلهية به..
يقول تعالى {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً }الإسراء82
استاذى الفاضل الدكتور منصور سلام الله عليكم ، هذا المقال الرائع اعاد لذاكرتى شيئا من الماضى ، فلقد كنت فتاة فى مقتبل العمر وكنت أشعر من والدى امده الله بالصحة والعافية بأنه يؤثرنى عن اخوتى وجعلنى مقربه منه وشعرت فى كثير من الاحيان انه يفضلنى عن باقى اخوتى واظهر ذلك عندى بعضا من الانانية ،وفى يوم من الايام كنت اتحدث مع اخوتى فوجدت كل واحدا منهم يشعر بنفس الشعور من تعامل والده معه وهنا عرفنا جميعا ان والدى يجبنا جميعا بنفس القدر ولا يفرق بيننا على الاطلاق رغم تفضيل الذكور على الاناث الشائع فى الكثير من الاسر المصرية ، والذى يتسبب فى كثير من المشاكل العائلية بين الاخوة بعد ذلك ، فعندما يؤثر الوالدين ابنا لهم عن باقى الابناء ويتسبب ذلك فى العداء والحقد بين الاخوة فإن ذلك يعد من أكثر طرق الشح والانانية ، فتلك هى الانانية فى عطاء الحب والرعاية للابناء فيعطيها بقدر اعلى لمن هو قريب لقلبه وبقدر اقل للاخرين ، وهنا تحدث التفرقة واحيانا تظهر تلك الانانية والشح فى الميراث فيعطى الاب لهذا اكثر مما يستحق ويترك الاخرين وعندما تحين لحظة رحيله ويشعر بالظلم الواقع على باقى الابناء لا يستطيع التراجع ويدرك حجم الخطأ الذى وقع فيه وهنا يترك لأبنائه الحقد والعداء بين بعضهم البعض ، وذلك بسبب انانيته وشحه والتى تمثلت فى تفرقته بين ابناءه فى الحب والرعاية فى بداية العمر والميراث فى نهاية العمر .
استاذى العزيز الدكتور منصور . من حقك علينا الا نكون أشحاء عليك وأن نُعطيك حقك العلمى والفكرى والأدبى . ونقول بحق أنت سبقت علماء زمانك بقرنين من الزمان على الأقل (ولو مات الحاقدون ) ..وأقول أن هذا البحث العظيم يعتبر من أفضل ما قرأت لكم فى تربية النفس البشرية وعلاجها كما قال أخى الأستاذ محمود مرسى بالقرآن . وسر عظمة هذا البحث أنه وضع يده على نقطة غاية فى الخطورة يقع فيها ذلك (الأنانى الجاحد المتعالى على الله ) ويعتبر نفسه بقصد أو بدون قصد ،سواء كان يعلم أو لايعلم بأنه أعلى وأكبر من المولى عزٍوجل ،ولا يدرك ذاك المعتوه البخيل الآنانى بأنه بذلك يركب صاروخ سام 6 فى طريقة لجهنم ،ولا حول ولا قوة إلا بالله ...
فأرجو أن يُراجع أولئك (البخلاء الجاحدون ) أنفسهم قبل فوات الآوان ،ويصلحوا علاقتهم بالله وخلقه ،ويعلموا أن الحياة الدنيا مبنية على الزوجية العكسية وليست على الفردية ،اى على الأخذ والعطاء سواء كان هذا العطاء عطاءا ماديا أو معنويا ..وأرجو من البخلاء أن يُعيدوا قراءة هذه الفقرة العظيمة من بحثكم الكريم .
بل إن هذا الأنانى يرفع نفسه فوق رب العزة لأن رب العزة وهو الخالق للبشر يتعامل معهم على أساس الأخذ والعطاء مع إنه جل وعلا ليس محتاجا لهم ، يقول جل وعلا (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ ) فهنا تبادل ، فلو ذكرت الله جل وعلا توسلا وعبادة فإنه جل وعلا يذكرك رحمة وعونا ، وتقول الآية التالية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) ( البقرة 152 : 153) أى لو استعنت فى امور حياتك بالصبر والصلاة كان الله جل وعلا معك أيها الصابر المؤمن . ويقول جل وعلا فى اسلوب شرطى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ) ( محمد 7 ) فالمؤمن يبدأ بنصرة الله جل وعلا فيجيبه ربه سبحانه وتعالى بالنصر ـ والمؤمن يعمل صالحا فيجيبه ربه بالجنة ، وهكذا تقوم العلاقة بين الخالق الغنى عن العالمين على أساس الأخذ والعطاء ، من يعمل صالحا يكافئه ربه ومن يعمل سيئا يعاقبه ربه . أما ذلك الانسان الأنانى فهو يؤمن بالأخذ فقط دون عطاء .
آثرت أن أنقل لكم بعض النكات عن البخلاء علها تصنع جوا يخرج ما بنا من شجون : قالوا عن البخيل :
* بخيل واقف فى البلكونة... ابنه جاى من بعيد يقول له بابا بابا بابا ... قاله:
يا ابن الكلب بابه واحده كفاية.
* قال بخيل لأبنائه : من ينجح منكم سأريه سيارة الأيس كريم.
* امراه بخيله قالت لولدها يامحمد روح اشتري ثلاثه رغيف واحد لي وواحد
لوالدك وواحد ليك وبعد ما راح الولد لشراء الرغيف طلعت الام من البلكونه
وقالت يامحمد رجع الرغيف الثالث ابوك مات.
* بخيل يوم مات لقوا وصيته ( انا متسبح لا تغسلوني )
كان أحد البخلاء على فراش الموت واخذ يسأل عن أبناءه، أين محمد ؟ قال
محمد: نعم يا أبي... وأين محمود ؟ رد محمود باكيا، انا هنا يا ابي... الأب: ما
هذا انتم الاثنان هنا، اذا من يقف في المصنع ؟!
* بخيل اتزوج بخيلة جابوا بنت سموها حصالة.
* اشترى رجل بخيل ثلاث برتقالات، قطع الأولى فوجدها متعفنة فرماها، قطع
الثانية فوجدها متعفنة فرماها، فأطفأ النور وقطع الثالثة وأكلها
* قال الطبيب للبخيل: خذ من هذا الدواء أربع ملاعق كل يوم. فرد البخيل: لكن
يا دكتور لا يوجد عندي إلا ملعقتين فقط! فما العمل ؟
* البخيل: حظي سيئ!! الصديق: ولماذا ؟ البخيل: لأن الصيدلية التي بجوارنا
أعلنت عن تخفيضات وليس فينا أحد مريض .
* تراهن بخيلان على من يبقى تحت الماء أكثر من الآخر يدعوه للعشاء...
فلم يخرج أحد منهما حتى الآن.
* مرة بخيل طب في حفرة فتجمع عليه الناس علشان يساعدوه... المهم انه
في الاخير ما كان راضي انه يطلع فجاهم واحد و سألهم عن هذا الشخص البخيل،
قالوله احنا قاعدين نقوله اعطنا يدك اعطنا يدك وهو رافض. قال بسيطه... خذ
ايدي... فطلع البخيل.
* انزلقت سيارة تاكسي على منحدر شديد فصاح السائق برعب: لا أستطيع
ايقاف السيارة فرد الراكب البخيل: أوقف العداد بسرعة.
* اجتمع ثلاثة من البخلاء وقرروا التبرع بجزء من مالهم بعدما كثر كلام
الناس عليهم. قال البخيل الأول: سأرسم دائرة على الأرض وأرمي المال في
السماء فالمال الذي يسقط بداخلها لي والمال الذي يسقط خارجها للفقراء!! قال
الثاني: أما أنا فسأرسم خطاً على الأرض وأرمي المال في السماء فالمال الذي
على يمين الخط لي والمال الذي على شمال الخط للفقراء!! فقال الثالث ( وكان
أشدهم بخلاً): أما أنا فسأرمي المال في السماء فالمال الذي يسقط على الأرض لي
والمال الذي يبقى في السماء فللفقراء
* كان أحد البخلاء متضايقاً وحزيناً ، فسأله زميله : ما بك ؟
فقال البخيل : لقد انكسرت سنة من أسنان مشطي .وأنا أريد تسريح شعري .
الزميل : ألا يمكنك استخدام المشط دون هذه السنة ؟
البخيل : لا ... لأنها كانت السنة الأخيرة !!!
الدكتور أحمد صبحي نخشى أن نتصف بحب الذات أو الأنانية ، لأن معظمنا وانا منهم نستفيد من مؤلفاتك وأبحثاك ، على علمي أنك لا تغضب من ذلك ولكن نريد تأكيدا ، فهل يعد ذلك أنانية ؟ خاصة وأن حق الملكية الفكرية حق مشروع يكفله القانون ، وهل هذه الاستفادة دون ذكر تعد نزع لحق الكية الفكرية ؟
سؤال :
هل يستقيم المعنى إذا قلنا أن الضح هو الفقر الذاتي ، والبخل هو المنع مع القدرة ؟
هل هذه غلطة كتابية " الضح " والفقر الذاتي تقصد به الإنسان الذي ليس لديه شيء يملكه لذاته ؟ فهو ليس لديه شيء لينفقه فهو له عذره ، اما عن الشح فقد جاء القرآن بنقده : {وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الحشر9
الأستاذة الفاضلة / إيناس
تحية قلبية خالصة
وشكر واجب على تنبيهي لهذا الخطأ المتسبب فيه ضعف بصري ، وما قصدته " شح " .
واعتذار عن تباطئي في الرد ، وعذري أنني لم أراه إلا الآن .
وما قلتيه سيادتك هو عين ما قلت ، وانظري سيادتك بما جاء بالآية الكريمة التي ذكرتي : وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ .
دمت سيادتك بكل خير .
والسلام
بمفهومنا الأنانية ،و الأنانية أشمل من مصطلح ( البخل ) الوارد فى القرآن الكريم. ( البخل ) هو الشح بالمال فقط ، ولكن الأنانية هى (الشح ) أو البخل بكل شىء ، هى المنع المطلق والاستئثار بكل شىء أو تمنى الاستئثار بكل شىء ، فى المال و العواطف والاهتمام من الآخرين ، وفى نفس الوقت لا يرى هذا الأنانى للآخرين عليه حقا ، كما لو أن الله جل وعلا قد خلق الناس وسخرهم لخدمته ، وفى نفس الوقت ليس لديهم حقوق عنده ، له وحده عليهم كل الحقوق وعليهم له كل الواجبات . هذا الأنانى يرفع نفسه فوق الناس جميعا ، فالعلاقة بين البشر تقوم على أساس العدل فى الحقوق والواجبات ، ولكنه يلغى ذلك لتكون له الحقوق وعليهم الواجبات . بل إن هذا الأنانى يرفع نفسه فوق رب العزة لأن رب العزة وهو الخالق للبشر يتعامل معهم على أساس الأخذ والعطاء مع إنه جل وعلا ليس محتاجا لهم ، يقول جل وعلا (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُواْ لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ ) فهنا تبادل ، فلو ذكرت الله جل وعلا توسلا وعبادة فإنه جل وعلا يذكرك رحمة وعونا ، وتقول الآية التالية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) ( البقرة 152 : 153) أى لو استعنت فى امور حياتك بالصبر والصلاة كان الله جل وعلا معك أيها الصابر المؤمن . ويقول جل وعلا فى اسلوب شرطى :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ) ( محمد 7 ) فالمؤمن يبدأ بنصرة الله جل وعلا فيجيبه ربه سبحانه وتعالى بالنصر ـ والمؤمن يعمل صالحا فيجيبه ربه بالجنة ، وهكذا تقوم العلاقة بين الخالق الغنى عن العالمين على أساس الأخذ والعطاء ، من يعمل صالحا يكافئه ربه ومن يعمل سيئا يعاقبه ربه . أما ذلك الانسان الأنانى فهو يؤمن بالأخذ فقط دون عطاء . واقع الأمر إن الله جل وعلا يعتبر الشّح مرضا وآفة وغريزة خلقها داخل الانسان إختبارا له . الشح هو ذلك الفجور فى داخل كل نفس بشرية ، وكل نفس بشرية فيها الفجور والتقوى ، وداخل كل نفس بشرية ما يسمى بالأنا العليا ،أو الارادة الانسانية الذاتية التى تسيّر النفس صعودا نحو التزكية أو هبوطا نحو الدونية ، يقول جل وعلا (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ) ( الشمس 7 : 10 ). فالمفلح الفائز هو الذى يحارب الأنانية أو الشح فى نفسه ، أما الخاسر فهو الذى يركن الى هوى نفسه وغرائزها وفى المواقف العملية للأنصار فى المدينة والتى أشاد بها رب العزة هى مقابلة الشح ( وهو التطرف فى البخل والمنع ) بعكسه تماما وهو ( التطرف فى العطاء ) أو : (الإيثار على النفس حتى مع وجود الفقر). وتلك هى الوصفة الأكيدة فى علاج مرض الشح والوقاية منه ، أن تؤثر على نفسك ، يقول جل وعلا عن الأنصار فى المدينة : ( وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ( الحشر 9
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,687,740 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
خطبة الجمعة: لماذا انقطع الدكت ور احمد عن محاضر ات ...
الكوثر . ( إنحر ): دكتور أحمد ... أود أن أعرف معنى كلمتى ( الكوث ر _...
مسألة ميراث معقدة: أخي الكري م، حين توفي أبونا رحمه الله سنة 1964...
الزهد والتصوف: اريد الفرق بين الزهد و التصو ف ...
سؤالان : السؤا ل الأول عن مقالة :( الكذّ اب ( ابن...
more
د احمد صبحى منصور
تحيه لك على هذا المقال
الكلمات تعجز عن وصف روعته فلا اجد ابسط وافضل من الدعاء لك ان يجازيك الله بهذا المقال خيرا