آحمد صبحي منصور Ýí 2011-10-11
مقدمة
اللفظ القرآنى ( كتب ) ومشتقاته يلعب دورا أساسيا فى حياتنا . فالله جل وعلا (كتب ) علينا الفرائض من صلاة وصيام وزكاة وحج ،وكتب على (نفسه ) إلتزاما ، وأنزل لنا ( كتبا ) أو ( كتابا ) سماويا ، كما إنه جل وعلا ( كتب ) علينا الحتميات أو القضاء والقدر الذى لا مفرّ منه ، ثم إنه جل وعلا له ملائكة (تكتب ) اقوالنا وأعمالنا.ولا يخلو الأمر من قيام البشر ب( كتابة ) رسالة أو خطابا أو تحريف فى الكتاب السماوى . جاءت تفصيلات هذا كله فى القرآن الكريم. وفى هذا المبحث نتوقف مع معنى (كتب وكتاب ) فى النسق القرآنى. وفى مبحث ( كتب و كتاب ) بمعنى الكتاب السماوى نتوقف مع موقف أهل الكتاب من القرآن الكريم وهو الذى يصدّق بما أنزل عليهم من الكتب السماوية السابقة .
وسائل(الكتاب ) السماوى الأخير فى دعوة (اهل الكتاب ) للايمان به :
1 ـ مجىء القرآن مصدقا للتوراة والانجيل وما بينهما، يقول جل وعلا لبنى اسرائيل : (وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُمْ وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ) ( البقرة 41 )، فطالما يؤكد القرآن ويصدّق ما أنزل اليهم من كتب فلا يليق بهم أن يكونوا أول كافر بالقرآن ، لأنهم لو كفروا بالقرآن فقد كفروا بالكتب السماوية التى يزعمون الايمان بها.
2 ـ وفى الفترة ما بين عيسى ومحمد عليهما السلام مرت عدة قرون بلا وحى ولا رسالة على بنى اسرائيل ، وكان هناك ترقب لارسال رسول ، واستخدم القرآن هذا الترقب فى دعوتهم للايمان بالكتاب السماوى الخاتم حتى لا يقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير ، فجاء القرآن لهم بشيرا ونذيرا ومصححا وموضحا أيضا ، يقول جل وعلا :( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ) ( المائدة 19 )
معرفة أهل الكتاب بالقرآن
1 ـ والواقع إن علماء أهل الكتاب كانوا يعرفون مقدما موعد ومكان نزول الكتاب الخاتم على نبى من ذرية اسماعيل بن ابراهيم من العرب الأميين الذين لم يأتهم رسول من قبل . وفى الوحى الذى تلقاه موسى عليه السلام عندما تلقى الألواح عند جبل الطور سبق أن قال رب العزة لموسى يصف المؤمنين من أتباع القرآن الكريم :(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ)(الأعراف 157)،فهنا تأكيد مسبق بوجود البشارة بالقرآن والنبى الأمى فى التوراة والانجيل حتى قبل نزول الانجيل .
2 ـ وإتخذ رب العزة من معرفة علماء بنى اسرائيل بالقرآن حجة على العرب الذين كانوا يحترمون أحبار بنى اسرائيل ، يقول جل وعلا:( أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ آيَةً أَن يَعْلَمَهُ عُلَمَاء بَنِي إِسْرَائِيلَ)(الشعراء 197).واتخذ من إيمان بعضهم بالقرآن حين يتلى عليهم حجة على العرب الكافرين بالقرآن الكريم ، يقول جل وعلا لهم :(قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا)(الاسراء 107 :109 ) . أى كانوا يعلمون بوعد الله جل وعلا الموجود فى كتبهم بمبعث خاتم المرسلين ، وعندما أدركوا زمانه وقرأوا القرآن خروا لله جل وعلا سجدا وبكيا وازدادوا خشوعا . فإذا كان هذا حال أولى العلم من أهل الكتاب فالعرب أولى باتباع الحق الذى اليهم خصوصا.
3 ـ ودعا رب العزة العرب الى الاحتكام الى القرآن مؤكدا أن علماء اهل الكتاب يعلمون أن القرآن الكريم منزل من لدن الله رب العزة بالحق: ( أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ َ) ( الانعام 114 )
مقارنة بين مؤمنى وكفار اهل الكتاب فيما يخص موقفهم من القرآن الكريم
1ـ وعلم أهل الكتاب بالقرآن لا يعنى أن يؤمنوا به جميعا ، فقد كان أهل الكتاب فى عصر النبوة يعلمون باقتراب زمن النبى الخاتم والرسالة ويترقبون الوقت ، ومع ذلك فمنهم من كفر به وكتم ما يعلم حسدا ، ومنهم من آمن به وسجد خاشعا عندما قرأ آياته أو تليت عليه آياته . وفى المقارنة بينهما يقول جل وعلا : (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ ) ( المائدة 82 : 85 ). أى كان من القساوسة من يعلن إيمانه بالقرآن الكريم باكيا داعيا رب العزة أن يجعله من الشهود على الضالين بالحق القرآنى. وبسبب موقفهم هذا إستحقوا الجنة .
2 ـ وفى موضع آخر جاء التنديد بالمعاندين من أهل الكتاب ، ثم جاءت الاشادة بالمؤمنين منهم ، يقول جل وعلا عن المعاندين : ( وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) فالأغلبية معاندة فاسقة ولكن الأقلية مؤمنة . وتلك الأغلبية كتنت تقرن كفرها العقيدى بالكفر السلوكى المعتدى بالقول والتآمر ، والله جل وعلا يطمئن المؤمنين وقتها وقد كانوا مسالمين بأن تآمر واعتداء الكفار من أهل الكتاب لن يضرهم ضررا حقيقيا : ( لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ) ( آل عمران 110 : 112 )، أى هم فى عصر خاتم النبيين يسيرون على سنة ومنهاج أسلافهم المعاندين الذين كانوا يقتلون الأنبياء ويكفرون بآيات الله فى كتبهم السماوية ، فالذين عاندوا هم أتباع الذين كفروا من قبل بالرسالات السماوية وقتلوا الأنبياء ، واستمروا على عنادهم وكفرهم مع مجىء الرسالة الخاتمة والكتاب الخاتم .ومع هذا فليس أهل الكتاب على نفس الشاكلة ،لأن منهم مؤمنين اعتادوا الايمان بما أنزل اليهم فلما جاءهم القرآن مصدقا لما معهم آمنوا به أيضا ،يقول جل وعلا:( لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَن يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ ) ( آل عمران 113 : 115 ).
3 ـ ونفس الحال مع بنى اسرائيل ، كان منهم معاندون أطلق عليهم رب العزة لقب ( اليهود ) ، كانوا يؤلهون ما يسمى بعزير أو ( أوزير ـ أوزيريس )إله الموت الفرعونى فى اسطورة ايزيس واوزيريس الفرعونية تأثرا بالديانة المصرية القديمة ، او بالتعبير القرآنى (يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ ) يقول جل وعلا :(وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ)( التوبة 30 ). وكان أولئك اليهود يطلبون آية حسية عنادا بمثل ما كان أسلافهم يفعلون مع موسى حين طلبوا منه أن يروا الله جل وعلا جهرة فعوقبوا بالصاعقة ، يقول جل وعلا عنهم فى عصر خاتم النبيين : (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاء فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللَّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ). وعدّد رب العزة كبائرهم وجرائمهم فقال : ( ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لاَ تَعْدُواْ فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِم بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقًّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ) الى أن يقول رب العزة عن بقية جرائمهم:(فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا )(النساء 153 : 161)، ثم أوضح رب العزة جل وعلا انه ليس كل بنى اسرائيل على هذه الشاكلة ، فمنهم مؤمنون ظهرت حقيقة إيمانهم حين أعلنوا ايمانهم بالكتاب الخاتم ، يقول جل وعلا :( لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أُوْلَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا ) ( النساء 162 ).
4 ـ وتكرر هذا فى قوله جل وعلا عن المعاندين من أهل الكتاب الذين سبّوا رب العزة تطرفا فى الكفر بعد نزول القرآن الكريم ، وأكد مسيرهم علة المعاندين السابقين من قتلة الأنبياء :( لَّقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ )، وردّ رب العزة على مقولتهم الكاذبة بأن الله جل وعلا عهد اليهم ألا يؤمنوا برسول إلاّ بعد أن يأتيهم الرسول بقربان أو نذر تسقط عليه نار فتأكله :(الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) وبعد استطراردات وردود قال جل وعلا عمّن آمن من أهل الكتاب : (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) ( آل عمران 199 181 : 199 )
5 ـ وفى كل الأحوال فهناك من آمن ، ومن جحد الحق عالما بأنه حق ولكن رفضه استكبارا للحفاظ على مكانته ولدوافع دنيوية ، ولا يزال هو نفس الموقف من القرآن حتى الان حتى بين أصحاب الديانات الأرضية من المسلمين واهل الكتاب ، منهم من يؤمن به حقا وأغلبيتهم يجحده حرصا على جاه دنيوى ، يقول جل وعلا مقررا حقيقة تنطبق على كل زمان ومكان : (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ)( العنكبوت 47)
بعض أهل الكتاب كفروا بالقرآن مع علمهم به
1 ـ كما قلنا فإن العلم بالشىء لا يعنى التمسك به أو الايمان به والجهاد فى سبيله ، فنحن نعلم إننا سنموت حتما ونترك كل شىء ، ومع هذا فتصرفاتنا تعنى أننا لن نموت . ولقد كان أهل الكتاب فى عصر النبوة يعلمون باقتراب زمن النبى الخاتم والرسالة ويترقبون الوقت ، ومع ذلك كفروا به وكتموا ما يعلمون حسدا ، وقد أكّد هذا رب العزة فى القرآن الكريم متحدثا عن الكفرة من علماء أهل الكتاب :(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) ( الانعام 20 )(الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )(البقرة 146 ).
2 ـ وقد سجلوا على أنفسهم موقفا فى يثرب ، إذ أنهم فى ترقبهم لظهور خاتم النبيين كانوا يتوعدون الأوس والخزرج بقرب مبعثه وأنهم سيوالونه ويتحدون معه ضدهم . فلما ظهر وهاجر للمدينة اسرع الأوس والخزرج باتباعه بينما وقف اولئك اليهود ضده عليه السلام ، يقول جل وعلا : ( وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ ) ، وهو موقف غريب مريب ، أن يبدلوا إيمانهم كفرا وأن يجحدوا الحق الذى فى قلوبهم بغيا وحسدا ، وفى النهاية فهم الخاسرون الذين باعوا أنفسهم بالباطل ، يقول جل وعلا معقبا على موقفهم :(بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَن يُنَزِّلَ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ فَبَاؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ )( البقرة 89 : 90 ) .
3 ـ هذا يطرح تساؤلا ، إذ يعنى أن أهل يثرب ( المدينة ) كان لديهم علم بقرب مبعث خاتم النبيين ، وانهم آمنوا به مبكرا حتى قبل نزول القرآن عليه ، أو حتى آمنوا به قبل أن يؤمن به من أصبحوا فيما بعد من المهاجرين . وهذا صحيح مذكور فى القرآن الكريم الذى يصف الأنصار بأنهم تبوؤا الدار والايمان قبل المهاجرين ،أى أسبق فى الايمان من المهاجرين ـ يقول جل وعلا: ( وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ)(الحشر 9 ).
4 ـ ويبق تساؤل آخر عن جهد أولئك المعاندين فى تحريف ما لديهم من الكتاب ليبرروا موقفهم . نناقش هذا فى الحلقة القادمة بعونه جل وعلا.
جاء في المقال أن :علم أهل الكتاب بالقرآن لا يعنى أن يؤمنوا به جميعا ، فقد كان أهل الكتاب فى عصر النبوة يعلمون باقتراب زمن النبى الخاتم والرسالة ويترقبون الوقت ، ومع ذلك فمنهم من كفر به وكتم ما يعلم حسدا ، " انتهى
قرات في مقالات سابقة احضرتك ان الجسد فقط من الشيطان للإنسان ، فما نوع حسد أهل الكتاب ؟ وخاصة أنه مذكور في آية من آيات القرآن في الموضع السابق .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,690,576 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
وسوسة جنسية خطيرة: انا متزوج ولاحظ ت في الفتر ة الاخي رة ميول...
عاشق الروح: شجع تنى رسالة الشاب المغت رب الذى يحب...
لا تقنطوا : أنا في حالة لا يرثى لها،ق انتة من رحمة...
حتى تعلموا ...: افكر كثيرا في كلمة " تقولو ن " الوار دة في قولة...
لا مؤاخذة عليك: أنا أب لعائل ة وعائش ين بالإي جار والآن مر...
more
(( الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ، ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدّمت صوامع ، وبيع ، وصلوات ومساجد ، يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز. )) سورة الحج رقم 40.
ألا يمكن أن يستنتج أو يفهم من تأمل وتدبر الآية أن الله يحبّ أن يذكر اسمه كثيرا من مختلف فئات الذاكرين ومن على مختلف أو شتى المنابر ، ومنها : صوامع وبــيع وصلوات ومساجد ؟ وأنه سبحانه وتعالى اعتبر هؤلاء الذاكرين من ناصريه وأنه لذلك جاء وعده بأنه سينصر من ينصره ؟
وعليه ، لماذا يا ترى ، لا يفهم الرسالة كــل من أهل القرءان ، وأهل التوراة ، وأهل الإنجيل ؟ أم على قلوبنا جميعا أقفال غطاها صدأ الجهل والجاهلية والتعصب والأنانية وتزكية النفس وبلادة