تفسير سورة الأنبياء

رضا البطاوى البطاوى Ýí 2010-02-16


                                     سورة الأنبياء

سميت السورة بهذا الاسم لذكر بعض الأنبياء(ص) فيها.

"بسم الله الرحمن الرحيم اقترب للناس حسابهم وهم فى غفلة معرضون "المعنى بحكم الرب النافع المفيد أتى للخلق جزاؤهم وهم فى كفر مستمرون ،يبين الله للنبى(ص) أن الله الرحمن الرحيم والمراد أن الرب النافع المفيد باسم وهو حكم الله قد اقترب للناس حسابهم والمراد قد وقع للخلق جزائهم  أى أتى أمر الله مصداق لقوله بسورة النحل"أتى أمر الله "وهم فى غفلة معرضون أى وهم فى سهوة مشغولون والمراد أن جزاء الناس وهو عقابهم متحقق وهم فى كفر مستمرون  وهذا يعنى أن  الناس فى انشغال بكفرهم عن تصديق وطاعة الآيات وهى أحكام الله مصداق لقوله بسورة يونس"والذين هم عن آياتنا غافلون ".

"ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون "المعنى ما يجيئهم من وحى من خالقهم جديد إلا علموه وهم يلهون مشغولة نفوسهم وأخفوا الحديث الذين كفروا هل هذا إلا إنسان شبهكم هل تؤمنون بالخداع وأنتم تعلمون؟يبين الله للنبى(ص) أن الكفار ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث والمراد ما يجيئهم من وحى من خالقهم جديد إلا استمعوه وهم يلعبون والمراد إلا علموه وهم يكذبون به وقلوبهم لاهية والمراد أنفسهم مشغولة بالدنيا وهذا يعنى الكفار لا ينتبهون للوحى الجديد لأنهم يعرفون به ومع ذلك يكذبون به لأن قلوبهم مشغولة بمتاع الدنيا ،وقد أسر النجوى الذين ظلموا والمراد وقد أخفى الحديث الدائر بينهم الذين كفروا فقالوا لبعضهم :هل هذا إلا بشر مثلكم والمراد هل هذا إلا إنسان شبهكم ؟وهذا يعنى أن حجتهم فى عدم الإيمان بالإسلام هو بشرية محمد(ص)،ثم قالوا أفتاتون السحر وأنتم تبصرون أى أفتصدقون المكر وأنتم تفهمون؟والغرض من السؤال هو إخبار بعضهم أن الإسلام ليس سوى سحر أى مكر أى كيد عليهم أن يفهموه ويبتعدوا عن الإيمان به والخطاب وما قبله وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص)

"قال ربى يعلم القول فى السماء والأرض وهو السميع العليم "المعنى قال إلهى يعرف الحديث فى السماء والأرض وهو الخبير المحيط ،يبين الله  أن النبى (ص)قال للكفار:ربى أى إلهى يعلم القول وهى الكلام الجهرى والمكتوم فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة الأنبياء"إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون"وهو السميع العليم أى الخبير المحيط بكل شىء.

"بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون "المعنى لقد قالوا تخاريف منامات ،وقد اختلقه ،إن هو شاعر فليجيئنا بمعجزة كما بعث السابقون ،يبين الله له(ص) أن الكفار قالوا عن الوحى :أضغاث أحلام والمراد تخاريف منامات وهذا يعنى أن الوحى ليس سوى أباطيل حلم  بها محمد(ص)،وقالوا بل افتراه أى لقد اختلقه وهذا يعنى أن محمد(ص)هو الذى ألف القرآن من عنده ،وقالوا بل هو شاعر أى بل هو قوال للشعر ،وهذا يرينا أنهم لم يعرفوا كيف يتفقوا فى قولهم عن الوحى ولو كانوا اتفقوا على قول واحد لكان أفضل لهم ولكن أراد الله اختلافهم حتى يبين لهم كذبهم فى قولهم ،وقالوا فليأتنا بآية كما أرسل الأولون أى فليجيئنا بمعجزة كما بعث السابقون ،وهذا يعنى أنهم يريدون من النبى (ص) معجزة كما بعث الله معجزات مع الرسل السابقين إلى الناس.

"ما أمنت من قبلهم من قرية أهلكناهم أفهم يؤمنون" المعنى ما صدقت من قبلهم من بلدة دمرناهم أفهم يصدقون ؟يبين الله له(ص) أن الكفار ما أمنت من قرية منهم أهلكها والمراد ما صدقت من قبلهم من بلدة دمرها الله بالوحى ولا بالمعجزات ويسأل الله أفهم يؤمنون أى أفهم يصدقون ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار لن يؤمنوا بالوحى لو أعطاهم الآية التى يطلبونها والمراد المعجزة التى يريدونها  .

"وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحى إليهم فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين ثم صدقناهم الوعد فأنجيناهم ومن نشاء وأهلكنا المسرفين "المعنى وما بعثنا قبلك إلا ذكورا نلقى لهم فاستخبروا أصحاب العلم إن كنتم لا تعرفون وما خلقناهم ذهبا لا يتناولون الأكل وما كانوا باقين ثم حققنا لهم الخبر فأنقذناهم ومن نريد ودمرنا الكافرين،يبين الله لنبيه(ص)أنه ما أرسل قبله إلا رجالا يوحى إليهم والمراد ما بعث قبل وجوده سوى ذكور يلقى لهم الوحى وهذا يعنى أن الأنبياء(ص)كلهم رجال ليس منهم نساء ويطلب الله منا أن نسأل أهل الذكر إن كنا لا نعلم والمراد أن نستفهم أصحاب العلم بالإسلام إن كنا لا نعرف حكم قضية ما ،ويبين له أن الله لم يجعل الرسل جسدا والمراد لم يخلق الأنبياء(ص)ذهبا لا يأكلون الطعام والمراد لا يتناولون الأكل وهذا يعنى أن الله لم يخلقهم جمادات لا تأكل ويبين لهم أنهم ما كانوا خالدين أى باقين بدون موت ويبين له أنه صدقهم الوعد أى حقق للرسل (ص)القول بالجزاء ففعل التالى أنجاهم أى أنقذهم ومن يشاء أى ومن يريد من العذاب وهم المؤمنون وأهلك المسرفين أى وعذب الكافرين والمراد ودمر الظالمين .

"لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون "المعنى لقد أوحينا لكم قرآنا فيه حكمكم أفلا تفهمون؟يبين الله للناس أنه أنزل لهم كتاب فيه ذكرهم والمراد أنه أوحى لهم قرآن أى آيات مبينات مصداق لقوله بسورة النور"لقد أنزلنا آيات مبينات "فيها ذكرهم وهو حكمهم وهو القضاء الذى يحكمون به أنفسهم ويسألهم الله أفلا تعقلون أى تفهمون أى يبصرون مصداق لقوله بسورة السجدة "أفلا يبصرون"؟والغرض من السؤال أن يعقلوا فيتبعوا القرآن والخطاب وما بعده  وما بعده وما بعده للناس.

"وكم قصمنا من قرية وأنشأنا من بعدهم قوما أخرين فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين "المعنى وكم دمرنا من بلدة وخلقنا من بعدهم ناسا أخرين فلما ذاقوا أذانا إذا هم منها يهربون لا تهربوا وعودوا إلى ما تمتعتم به ومنازلكم لعلكم تحاسبون قالوا يا عذابنا إنا كنا كافرين فما برحت تلك قولتهم حتى جعلناهم موتى راقدين ،يسأل الله وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة أى وكم أهلكنا من قرن كانوا كافرين مصداق لقوله بسورة ق"وكم أهلكنا قبلهم من قرن "والغرض من السؤال هو إخبارنا أن عدد الأقوام الهالكة كثير ،ويبين للناس أنه أنشأ من بعدهم قوما أخرين والمراد أنه أتى أى خلق من بعد هلاكهم ناسا جدد مصداق لقوله بسورة إبراهيم "ويأت بخلق جديد"ويبين لنا أنهم لما أحسوا بأس الله والمراد لما شاهدوا عذاب الله إذا هم منها يركضون أى يهربون من القرية فقيل لهم لا تركضوا أى لا تهربوا فلا فائدة إنكم هالكون وارجعوا إلى ما أترفتم فيه والمراد وعودوا إلى الذى تمتعتم فيه وهو مساكنكم أى منازلكم وهى أراضيكم التى عشتم فيها لعلكم تسئلون أى لعلكم تحاسبون والمراد لعلكم تعاقبون على ما فعلتم ،فقال الكفار يا ويلنا أى يا عذابنا إنا كنا ظالمين أى كافرين بآيات الله ،فما زالت تلك دعواهم أى فما برحت تلك دعوتهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين أى حتى حولناهم موتى جاثمين أى راقدين مصداق لقوله بسورة العنكبوت"فأصبحوا فى ديارهم جاثمين "

"وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين لو أنا أردنا أن نتخذ لهوا لأتخذناه  من لدنا إنا كنا فاعلين "المعنى وما أنشأنا السماء والأرض  لاهين لو أنا شئنا أن نصطفى ولدا لخلقناه من عندنا إنا كنا صانعين ،يبين الله لنا أنه ما خلق أى ما أنشأ السموات والأرض وما بينهما وهو الذى وسطهما أى الجو لاهيا أى لعبا أى باطلا مصداق لقوله بسورة ص"وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا"والمراد خلقهم لإقامة العدل ،ويبين لنا أنه لو أراد أى لو شاء أن يتخذ لهوا والمراد ولدا مصداق لقوله بسورة الزمر"لو أراد الله أن يتخذ ولدا "لأتخذناه من لدنا أى لأصطفيناه من خلقنا مصداق لقوله بسورة الزمر"لأصطفى مما يخلق ما يشاء "إنا كنا فاعلين أى صانعين أى عاملين .

"بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون "المعنى بل نرمى بالعدل على الظلم فيذهبه فإذا هو زائل ولكم العذاب بما تصفون ،يبين الله للكفار أنه يقذف بالحق على الباطل والمراد يأتى بالعدل وهو آيات الله لينسخ أى ليمحو به الظلم وهو الكذب مصداق لقوله بسورة الحج"فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته"فتكون النتيجة أن يدمغه فإذا هو زاهق أى يزيله من نفس الخلق فإذا هو زائل والمراد لا وجود له،ويبين لهم أن الويل وهو العذاب لهم والسبب ما يصفون أى ما يكسبون وهو ما يعملون مصداق لقوله بسورة البقرة "وويل لهم مما يكسبون ".

"وله من فى السموات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون "المعنى وله ملك من فى السموات والأرض ومن لديه  لا يستنكفون عن طاعته أى لا يستعظمون ،يطيعون بالليل والنهار لا يملون ،يبين الله للكفار أن له والمراد الله ملك من فى السموات والأرض مصداق لقوله بسورة المائدة"لله ملك السموات والأرض ومن فيهن "وأما من عنده وهم الملائكة فهم لا يستكبرون عن عبادته أى لا يستنكفون عن طاعته والمراد لا يستحسرون أى لا يرفضون اتباع حكم الله مصداق لقوله بسورة النساء"لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون"وفسر هذا بأنهم يسبحون أى يعملون بحمد وهو حكم الله فى الليل والنهار مصداق لقوله بسورة غافر"الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم "وهم لا يفترون أى لا يملون أى لا يعصون حكم الله وهذا القول وضع ما بعده من آيات حتى قوله لا يسبقونه بالقول فى وسط كلام الملائكة وعنهم وهو وضع غريب ليس له سبب.

"أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون "المعنى هل جعلوا أرباب من الأرض هم يخلقون ؟يسأل الله :أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون والمراد هل اتبعوا أرباب من خلق الأرض هم يبدعون؟ والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار عبدوا آلهة من مخلوقات الأرض وهذه الآلهة لا تخلق شىء وإنما هم ينشرون أى يخلقون شيئا مصداق لقوله بسورة الفرقان "لا يخلقون شيئا وهم يخلقون"والمراد بالآلهة هنا الأهواء المزعومة .

"لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون لايسئل عما يفعل وهم يسئلون "المعنى لو كان فيهما أرباب إلا الله لدمرتا فتعالى الرب إله الكون عما يقولون لا يحاسب عما يصنع وهم يحاسبون ،يبين الله للنبى(ص) أن لو كان فى السموات والأرض آلهة أى أرباب والمراد لو كان للسموات والأرض عدة خالقين سوى الله لحدث التالى لفسدتا أى لخربتا والمراد لتم تدميرها ،ويبين لنا أن الله سبحانه عما يصفون أى تعالى عن الذى يشركون والمراد أن الله كبر على الآلهة التى يزعمون مصداق لقوله بسورة الحشر " سبحان الله عما يشركون"وهذا يعنى أنه وحده الإله ومن ثم فهو أعلى منهم مقاما لكونهم مخلوقين،ويبين لنا أنه لا يسئل عما يفعل والمراد لا يحاسب عن الذى يعمل وهم يسئلون والمراد وهم يحاسبون على عملهم مصداق لقوله بسورة الغاشية "إنا علينا حسابهم "والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).

"أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معى وذكر من قبلى بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون " المعنى هل عبدوا من غيره أرباب قل هاتوا دليلكم هذا وحى من معى ووحى من قبلى ،إن غالبهم لا يطيعون فهم يعصون وما بعثنا من قبلك من نبى إلا نلقى له أنه لا رب إلا أنا فإتبعون ،يسأل الله :أم اتخذوا من دونه آلهة أى هل جعلوا من سواه أندادا ؟مصداق لقوله بسورة إبراهيم"وجعلوا لله أندادا"والغرض من السؤال هو  إخبار النبى (ص)أن الكفار عبدوا آلهة غير الله هى أهواء أنفسهم ،ويطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس :هاتوا برهانكم والمراد أحضروا دليلكم على أن عبادة الآلهة المزعومة غير الله مباحة،هذا ذكر من معى أى هذا الوحى المنزل علينا وذكر من قبلى وهذا الوحى المنزل من قبلى لا يوجد فيه آية تبيح عبادة غير الله ،ويبين له أن أكثر الناس لا يعلمون والمراد أن أغلب الناس يجهلون أى يعصون الوحى فهم معرضون أى مكذبون به مصداق لقوله بسورة الأنعام"ولكن أكثرهم يجهلون "،ويبين له أنه ما أرسل من قبله والمراد ما بعث من نبى إلا يوحى أى يلقى إليه الوحى التالى لا إله أى لا رب إلا أنا فأطيعون وهذا يعنى أن الله طلب فى كل وحى نزل على الناس أن يعبده الناس.

"وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون "المعنى  وقالوا أنجب الله ابنا،الطاعة لله إنما خلق معظمون لا يخالفون الحديث أى هم بقوله يفعلون ،يعرف الذى أمامهم والذى وراءهم ولا يتكلمون إلا لمن قبل وهم من عذابه خائفون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار قالوا اتخذ الرحمن ولدا والمراد أنجب الله ابنا ويقصدون بهذا أن لله أولاد وينفى الله هذا بقوله سبحانه أى الطاعة لحكم الله وحده لأن لا أحد معه ،ويبين الله له أن الملائكة الذين زعموا أنهم أولاد الله هم عباد مكرمون أى خلق مقربون أى معظمون مصداق لقوله بسورة النساء"ولا الملائكة المقربون"وهم لا يسبقونه بالقول أى لا يعملون بحكمهم قبل حكمه أى "لا يعصون الله ما أمرهم "كما قال بسورة التحريم وفسر هذا بأنهم يعملون بأمره والمراد أنهم يطيعون حكم الله ،ويبين له أنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم والمراد يعرف الذى فى أنفسهم أى ما يعلنون وما خلفهم وهو ما يخفون ،ويبين له أنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى والمراد لا يتكلمون إلا لمن قبل الله وهو المسلم والمراد لا تتحدث الملائكة أمام الله إلا من أذن له منهم أن يدافع عن المسلم الذى قبل الله إسلامه  مصداق لقوله تعالى بسورة النبأ"لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن "وهم من خشيته مشفقون والمراد وهم من عذاب الله خائفون مصداق لقوله بسورة المعارج"والذين هم من عذاب ربهم مشفقون" والخطاب وما بعده للنبى(ص).

"ومن يقل منهم إنى إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزى الظالمين "المعنى ومن يزعم منهم إنى رب من سواه فذلك ندخله النار هكذا نعاقب الكافرين ،يبين الله لنا أن من يقل أى من يزعم من الملائكة :إنى إله أى رب من دونه أى مع الله فذلك نجزيه جهنم والمراد فهذا ندخله النار وكذلك أى بتلك الطريقة وهى إدخاله النار يجزى الظالمين أى يعاقب المجرمين مصداق لقوله بسورة يونس"كذلك نجزى القوم المجرمين ".

"أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شىء حى أفلا يؤمنون"المعنى هل لم يعلم الذين كذبوا أن السموات والأرض كانتا واحدا فقسمناها وخلقنا من الماء كل مخلوق عائش أفلا يبصرون ؟يسأل الله :أو لم  ير الذين كفروا أى هل لم يدرى الذين كذبوا أن السموات والأرض كانتا رتقا أى شيئا واحدا ففتقناهما أى ففرقناهما وجعلنا من الماء كل شىء حى أى وخلقنا من الماء كل مخلوق عائش ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار عرفوا أن أصل السموات والأرض كان رتق أى شىء واحد متماسك ثم فتقه الله أى فرقه قسمين السموات والأرض وهذا الرتق هو الماء ،وأن الماء هو أصل كل مخلوق أى أصل كل مخلوق عائش ،ويسأل أفلا يؤمنون أى "أفلا يبصرون "كما قال بسورة السجدة والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الكفار لا يصدقون بوحى الله .

"وجعلنا فى الأرض رواسى أن تميد بهم وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون "المعنى وخلقنا فى الأرض جبالا كى لا تتحرك بهم  وخلقنا فيها طرقا أماكن لعلهم يرشدون ،يبين الله للنبى(ص) أن الله جعل فى الأرض رواسى أى أن الله ألقى أى وضع فى الأرض جبال مصداق لقوله بسورة النحل"وألقى فى الأرض رواسى" والسبب أن تميد بهم والمراد كى لا تتحرك بهم وجعل فيها فجاجا سبلا والمراد وضع فيها أماكن طرقا والمراد خلق فيها دروب فى اليابس والسبب لعلهم يهتدون أى يرشدون إلى المكان الذى يقصدونه والخطاب وما بعده وما بعده للنبى(ص).

"وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون "المعنى وخلقنا السماء سقفا أمنا وهم عن علاماتها متولون ،يبين الله له(ص) أنه جعل السماء سقفا محفوظا والمراد خلق السماء سقفا أمنا والمراد مقفلا ليس فيه فروج أى منافذ تجعلها تسقط على الأرض مصداق لقوله بسورة ق"كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج"ويبين لنا أن الكفار عن آيات وهى مخلوقات السماء معرضون أى متولون أى لا يفكرون فى قوانينها ويصلون منها لوجوب طاعة الله وحده.

"وهو الذى خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل فى فلك يسبحون"المعنى وهو الذى أنشأ الليل والنهار والشمس والقمر كل فى مدار يدورون ،يبين الله له(ص) أن الله خلق أى سخر لنا مصداق لقوله بسورة النحل"وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر "وكل منهم فى فلك يسبحون والمراد وكل منهم فى مدار يجرون لموعد محدد مصداق لقوله بسورة الرعد "وسخر الشمس والقمر كل يجرى لأجل مسمى "وهذا يعنى أن كل منهم يتحرك فى مسار معروف لا يحيد عنه.

"وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون"المعنى وما فرضنا لإنسان من قبلك البقاء أفإن توفيت فهم الباقون ؟يبين الله لنبيه(ص)أنه ما جعل لبشر من قبله الخلد أى ما كتب لإبن أدم  من قبله البقاء فى الدنيا دون موت وهذا يعنى أن كل من عاشوا قبله ماتوا مصداق لقوله بسورة الرحمن "كل من عليها فان" ،ويسأله الله أفإن مت فهم الخالدون والمراد هل إن توفيت فهم الباقون ؟والغرض من السؤال أنه إن يموت فهم والمراد الخلق ميتون مثله والخطاب للنبى(ص).

"كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا يرجعون "المعنى كل فرد مقابل الوفاة ونختبركم بالأذى والنفع بلاء وإلينا يعودون ،يبين الله للناس أن كل نفس ذائقة الموت والمراد كل مخلوق مصاب بالوفاة وهذا يعنى أن كل مخلوق منقول من الدنيا للبرزخ أو الأخرة ويبين للناس أنه يبلوهم بالشر والخير فتنة والمراد أنه يختبرهم بالأذى والنفع اختبار أى يمتحنهم بالحسنات والسيئات مصداق لقوله بسورة الأعراف "وبلوناهم بالحسنات والسيئات "وهذا يعنى أن كل ضرر وكل فائدة فى الدنيا تمسنا هى امتحان من الله لنا ،ويبين للناس أنهم يرجعون إلى الله والمراد أنهم يعودون إلى جزاء الله والخطاب للناس.

"وإذا رءاك الذين كفروا إن يتخذوك إلا هزوا أهذا الذى يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون "المعنى وإذا عرفك الذين كذبوا إن يجعلوك إلا أضحوكة أهذا الذى يعيب أربابكم وهم بوحى النافع هم مكذبون ،يبين الله لنبيه(ص)أن الذين كفروا وهم الذين كذبوا بوحى الله إذا رأوه أى شاهدوه يتخذوه هزوا أى يجعلوه أضحوكة والمراد يجعلوه مجال لسخريتهم بقولهم :أهذا الذى يذكر آلهتكم أى أهذا الذى يعيب أربابكم ؟وهم بذلك يستحقرونه ويبين له أنهم بذكر الرحمن وهو وحى النافع هم كافرون أى مكذبون أى معرضون مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وهم عن ذكر ربهم معرضون "والخطاب للنبى(ص).

"خلق الإنسان من عجل سأوريكم آياتى فلا تستعجلون "المعنى أنشأ الإنسان من طين سأعرفكم علاماتى فلا تستقربون ،يبين الله للناس أن الإنسان خلق من عجل أى أنشأ الفرد من طين مصداق لقوله بسورة السجدة"وبدأ خلق الإنسان من طين "ويبين للناس أنه سيريهم أى سيعرفهم آياته وهى أحكامه بعذابهم ويطلب منهم ألا يستعجلوه والمراد ألا يطلبوا وقوع  العذاب عليهم عندما يطلبونه مصداق لقوله بسورة الصافات"أفبعذابنا يستعجلون "والخطاب للناس.

"ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين "ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم عادلين ؟يبين الله لنبيه(ص) أن الكفار سألوا متى هذا الوعد وهو القيامة أى الفتح إن كنتم صادقين أى عادلين فى قولكم مصداق لقوله بسورة السجدة "ويقولون متى هذا الفتح "والغرض من السؤال هو إخبار المؤمنين كفر الناس بالقيامة والخطاب للنبى(ص) .

"لو يعلم الذين كفروا حين لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينصرون "المعنى لو يعرف الذين كذبوا حين لا يمنعون عن أقبالهم النار ولا عن ظهورهم ولا هم ينقذون ،يبين الله لنبيه (ص)أن الذين كفروا أى كذبوا آيات الله لو يعلمون أى لو يعرفون اللحظة التى لا يكفون عن وجوههم النار ولا عن ظهورهم والمراد التى لا يمنعون عن مقدماتهم وهى أقبالهم النار ولا عن خلفياتهم لأمنوا بآيات الله وفسر هذا بأنهم لا ينصرون أى لا يرحمون أى لا ينظرون مصداق لقوله بسورة الأنبياء"ولا هم ينظرون "والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده وما بعده للنبى(ص).

"بل تأتيهم بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون "المعنى بل تجيئهم فجأة فتسكتهم فلا يقدرون على منعها ولا هم يرحمون ،يبين الله لنا أن الساعة وهى العذاب تأتيهم بغتة والمراد تجيئهم فجأة مصداق لقوله بسورة الزمر"من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة "والمراد تحضر لهم دون توقع منهم لها وعند ذلك لا يستطيعون ردها أى ولا يقدرون على منعها من الحدوث وهم لا ينظرون أى لا يرحمون أى لا ينصرون مصداق لقوله بسورة الأنبياء"ولا هم ينصرون ".

"ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا يستهزءون "المعنى ولقد سخر بأنبياء من قبلك فأصاب الذين استهزءوا منهم ما كانوا يكذبون ،يبين الله لنبيه(ص) أن الرسل (ص)من قبله قد استهزىء أى سخر منهم والمراد كذبوهم فكانت النتيجة أن حاق بالذين سخروا ما كانوا يستهزءون والمراد أن نزل بالذين كذبوا الحق الذى كانوا به يكذبون وهو العذاب أى أصاب الذين استهزءوا منهم سيئات وهو إيذاءات هى العذاب مصداق لقوله بسورة النحل"فأصابهم سيئات "

"قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم معرضون "المعنى قل من يحفظكم بالليل والنهار من النافع بل هم عن وحى إلههم متولون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يسأل الناس "من يكلؤكم أى من يصونكم فى الليل والنهار من الرحمن وهو النافع ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن الذى يمنعهم أى يحفظهم من أذى الله هو الله نفسه ،ويبين له أن الناس عن ذكر ربهم وهو وحى خالقهم معرضون أى بوحى إلههم كافرون مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وهم بذكر الرحمن كافرون ".

"أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا يستطيعون نصر أنفسهم ولا هم منا يصحبون "المعنى هل لهم أرباب تحفظهم من غيرنا لا يقدرون على إنقاذ أنفسهم ولا هم منا يصادقون ،يسأل الله :أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا والمراد هل لهم أرباب تصونهم من سوانا ؟والغرض من السؤال هو إخبارنا أن الآلهة المزعومة لا تقدر على حفظ الناس من أمر الله وقد بين الله غرضه فقال :لا يستطيعون نصر أنفسهم أى لا يقدرون على منع أنفسهم وهذا يعنى أن الآلهة المزعومة لا تقدر على رد الأذى عن نفسها ولا هم يصحبون أى يصادقون والمراد يشاركون الله فى ملكه والخطاب وما بعده للنبى(ص).    

"بل متعنا هؤلاء وأباءهم حتى طال عليهم العمر أفلا يرون أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون "المعنى لقد أعطينا هؤلاء وأباءهم حتى امتد بهم السن أفلا يعلمون أنا نجىء الأرض نكورها من نواحيها أفهم المنتصرون ؟يبين الله لنا أنه متع أى أعطى والمراد لذذ الكفار وأباءهم حتى طال عليهم العمر أى حتى امتدت بهم الحياة ثم ماتوا وهم كفار ،ويسأل الله أفلا يرون أنا نأتى الأرض ننقصها من أطرافها والمراد أفلا يعرفون أنا نجىء الأرض نقللها من جهاتها ؟والغرض من السؤال هو إخبار الناس أن الأرض على شكل كرة منقوصة الجهات والمراد مدورة النواحى ويسأل أفهم الغالبون أى المنتصرون ؟والغرض من السؤال هو إخبار الكل أن الكفار هم المهزومون فى الدنيا والأخرة .

"قل إنما أنذركم بالوحى ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون "المعنى قل إنما أخبركم بالقرآن ولا يعلم الكفار الوحى حينما يخبرون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس:إنما أنذركم بالوحى والمراد إنما أبلغكم بالقرآن مصداق لقوله بسورة الأنعام"وأوحى إلى هذا القرآن لأنذركم به"،ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون والمراد ولا يطيع الكفار الإنذار حين يخبرون وهذا يعنى أن الكفار لا يسمعون الدعاء والمراد لا يتبعون الهدى إذا أبلغوا به مصداق لقوله بسورة الأعراف"وإن تدعوهم إلى الهدى لا يسمعوا " والخطاب وما بعده  وما بعده للنبى(ص).

"ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا ويلنا إنا كنا ظالمين "المعنى ولئن أصابهم بعض من عقاب إلهك ليقولن يا عذابنا إنا كنا كافرين ،يبين الله لنبيه(ص)أن الكفار إن مستهم نفحة من عذاب الرب والمراد إن نزل بهم بعض من عقاب الله فيقول الكفار :يا ويلنا أى يا عذابنا إنا كنا ظالمين أى طاغين مصداق لقوله بسورة القلم"يا ويلنا إنا كنا طاغين "وهذا يعنى أنهم لا يعترفون بكفرهم إلا ساعة نزول العذاب عليهم .

"ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين "المعنى ونصدر الحكم العدل فى يوم البعث فلا تنقص نفسا حقا وإن كان قدر حبة من خردل جئنا بها وحسبنا أنا حاكمين ،يبين الله للنبى(ص) أنه يضع الموازين القسط ليوم القيامة والمراد أنه يقضى بالأحكام المقسطة فى يوم البعث مصداق لقوله بسورة يونس"وقضى بينهم بالقسط"ويبين لنا أنه لا تظلم نفس شيئا والمراد أنه لا تنقص نفس حقا من حقوقها وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها والمراد وإن كان قدر حبة من خردل جئنا بها أى أعطيناها لصاحب الحق  ،ويبين لنا أنه كفى به حاسبين أى حسبه أنه حاكم عادل .

"ولقد أتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرا للمتقين الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون "المعنى ولقد أوحينا لموسى (ص)وهارون (ص)الفاصل أى نور أى حكم للمطيعين الذين يخافون إلههم بالخفاء وهم من العذاب خائفون ،يبين الله لنا أنه أتى أى أوحى لموسى (ص)وهارون (ص)الفرقان أى التوراة وهو حكم الله أى  الكتاب مصداق لقوله بسورة الإسراء"وأتينا موسى الكتاب" أى الضياء وهو نور الله أى ذكر أى قضاء أى حكم للمتقين وهم المطيعين لوحى الله وهم الذين  يخشون ربهم بالغيب أى وهم الذين يخافون عذاب خالقهم بالخفاء مصداق لقوله بسورة المعارج"والذين هم من عذاب ربهم مشفقون "وهذا يعنى أنهم رغم عدم مشاهدتهم لعذاب الله فهم يخافون منه وفسر الله هذا بأنهم من الساعة مشفقون أى من عذاب القيامة خائفون .

"وهذا ذكر مبارك أنزلناه أفأنتم له منكرون "المعنى وهذا حكم دائم أوحيناه أفأنتم له مكذبون ؟يبين الله للناس أن هذا وهو القرآن ذكر مبارك أى كتاب دائم الوجود مصداق لقوله بسورة الأنعام"وهذا كتاب أنزلناه مبارك"ويسألهم الله أفأنتم له منكرون والمراد هل أنتم له مكذبون ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم بكفرهم حتى يرجعوا عنه والخطاب للناس.

"ولقد أتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين إذ قال لأبيه ما هذه التماثيل التى أنتم لها عاكفون قالوا وجدنا أباءنا لها عابدين "المعنى ولقد أعطينا إبراهيم (ص) ذكره من قبل وكنا به عالمين حين قال لوالده وشعبه ما هذه الأصنام التى أنتم لها عابدون قالوا لقينا أباءنا مطيعين ،يبين الله للنبى(ص) أن الله أتى إبراهيم (ص)رشده والمراد أن أوحى لإبراهيم (ص)حجته وهو هداه أى كتابه من قبل وكان به عالما أى خبيرا إذ قال لأبيه والمراد حين قال لوالده :ما هذه التماثيل أى الأصنام التى أنتم لها عاكفون أى عابدون ؟والغرض من السؤال هو إخبارهم أن عبادتهم للأصنام خطا كبير ،فقالوا له:وجدنا أباءنا لها عابدين والمراد لقينا أباءنا لها مطيعين وهذا يعنى أنهم يقتدون بالأباء فى الدين .

"قال لقد كنتم وأباؤكم فى ضلال مبين قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين قال بل ربكم رب السموات والأرض الذى فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين "المعنى قال لقد كنتم وأباؤكم فى كفر عظيم قالوا هل أتيتنا بالعدل أم أنت من الساخرين ؟قال بل إلهكم إله السموات والأرض الذى خلقهن وأنا على ذلكم من المقرين ،يبين الله للنبى(ص)أن إبراهيم (ص)قال لقومه :لقد كنتم وأباؤكم فى ضلال مبين أى كفر واضح أى جنون ظاهر وهذا يعنى أنه يتهمهم بالكفر والبعد عن دين الله وهم الأباء فقالوا له :أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين والمراد هل أتيتنا بالعدل أم أنت من اللاهين ؟والغرض من السؤال هو الإستفهام عن هدف إبراهيم (ص)من قوله هل هو الحق أم اللهو معهم وقال لهم إبراهيم (ص)بل ربكم رب أى إن إلهكم إله السموات والأرض الذى فطرهن أى خلقهن وأنا على ذلكم من الشاهدين أى المقرين وهذا يعنى أنه  أخبرهم أن ربهم هو الله الخالق لكل شىء وأما غيره فليسوا آلهة والخطاب وما قبله وما بعده من القصة للنبى(ص)ومنه للناس.

"وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم إليه يرجعون "المعنى وتا لله لأمكرن بأوثانكم بعد أن تذهبوا منصرفين فجعلهم  حطاما إلا عظيما لهم لعلهم إليه يعودون ،يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)لما وجد كلامه لا يأتى بفائدة قال لنفسه:وتا لله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين والمراد والله لأحطمن أوثانكم بعد أن تذهبوا منصرفين ،وهذا يعنى أنه أقسم أنه يكسر الأوثان بعد أن يخرج القوم من معبدهم وقد نفذ كلامه فجعل الأصنام جذاذا أى حطاما سوى كبير لهم والمراد سوى صنم عظيم لهم والسبب فى إبقاءه عليه هو أن يرجعوا أى يعودوا له وكان الهدف من كل ذلك إخبارهم أن آلهتهم لا تقدر على حماية نفسها ولا تقدر على الكلام الذى يشرع الأحكام لكونها ميتة .

"قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون "المعنى قالوا من صنع هذا بأربابنا إنه لمن الكافرين قالوا علمنا شاب يعيبهم يقال له إبراهيم (ص)قالوا فهاتوه أمام أبصار الناس لعلهم يعلمون ،يبين الله لنا أن القوم قالوا لما وجدوا أصنامهم محطمة :من فعل هذا بآلهتنا أى من صنع هذا بأربابنا إنه لمن الظالمين أى الكافرين ؟فقال بعض القوم :سمعنا فتى يذكرهم والمراد عرفنا رجل يعيبهم يقال أى يدعى إبراهيم وهذا يعنى أنهم عرفوا دعوة إبراهيم (ص)وعيبه لعبادة الأصنام ،فقال كبار القوم لهم :فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون والمراد فأحضروه أمام أبصار الخلق لعلهم يعتبرون وهذا يعنى أنهم ينوون الإنتقام منه ويريدون إحضار الناس حتى يخافوا من أن يحدث لهم نفس العقاب إذا فكروا مثل إبراهيم (ص).

 "قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فسئلوهم إن كانوا ينطقون "المعنى قالوا هل أنت صنعت التحطيم لأربابنا قال بل صنعه عظيمهم هذا فاستخبروهم إن كانوا يتحدثون ،يبين الله لنا أن القوم لما أحضروا إبراهيم (ص)للمعبد سألوه :أأنت فعلت هذا بآلهتنا والمراد هل أنت صنعت التكسير لأصنامنا يا إبراهيم ؟والغرض من السؤال هو العلم بفاعل التحطيم الحقيقى  ،فقال لهم :بل فعله كبيرهم هذا أى لقد صنعه عظيمهم هذا فسئلوهم إن كانوا ينطقون أى فاستفهموا منهم إن كانوا يتكلمون ،وكذبة إبراهيم (ص)الغرض منها هنا إخبار الكفار أن الأصنام لا تتكلم فمن أين جاءت الأحكام التى يتبعونها ؟ومن هنا نعلم أن الكذب مباح فى الدعوة للإسلام ما دام الغرض منه هو إفهام الكفار الحق .

"فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون "المعنى فعادوا إلى عقولهم فقالوا إنكم  أنتم الكافرون ،ثم ارتدوا على أعقابهم لقد عرفت ما هؤلاء يتحدثون،يبين الله لنا أن القوم رجعوا إلى أنفسهم والمراد عادوا إلى عقولهم والمراد عاد الحق إلى عقولهم فقالوا لأنفسهم :إنكم أنتم الظالمون أى الكافرون وهذا اعتراف منهم بأنهم عادوا إلى الحق لحظات ولكنهم ما لبثوا أن نكسوا على رءوسهم والمراد أن ارتدوا على أعقابهم والمراد عادوا إلى كفرهم فقالوا :لقد علمت ما هؤلاء ينطقون أى لقد عرفت ما هؤلاء يتكلمون ،وهذا اعتراف منهم بأن الأصنام لا تتكلم وحيا أو غيره .

"قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون "المعنى قال أفتألهون من غير الله الذى لا يفيدكم رزقا ولا يؤذيكم ،ويل لكم وللذى تطيعون من سوى الله أفلا تؤمنون؟يبين الله لنا أن إبراهيم (ص)قال للقوم :أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم والمراد هل تألهون من سوى الرب الذى لا يفيدكم فائدة ولا يؤذيكم ؟والغرض من السؤال هو إخبار القوم أنهم يألهون من ليس إلها لأنه لا يقدر على إفادتهم أو إضرارهم ،وقال لهم أف لكم والمراد العذاب لكم وفسر هذا بأن العذاب للذين يعبدون من دون الله وهم الذين يطيعون من غير الله وهو أهواء أنفسهم وسألهم إبراهيم (ص)أفلا تعقلون أى "أفلا يؤمنون "والمراد أن المطلوب منهم أن يفهموا الوحى ويتبعوه .

"قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين قلنا يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين ونجيناه ولوطا إلى الأرض التى باركنا فيها للعالمين "المعنى قالوا أهلكوه وعظموا أربابكم إن كنتم منتقمين قلنا يا لهب أصبح خيرا ونفعا لإبراهيم (ص)وشاءوا به هلاكا فجعلناهم الهالكين وأنقذناه ولوطا إلى الأرض التى قدسناها للناس ،يبين الله لنا أن القوم طلبوا من بعضهم التالى فقالوا :حرقوه أى ضعوا إبراهيم (ص)فى النار الموقدة وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين والمراد وخذوا حق أربابكم إن كنتم منتقمين منه ،وبالفعل صنعوا له محرقة ورموه فيها فقال الله لها :يا نار كونى بردا وسلاما على إبراهيم (ص)والمراد يا لهب أصبح نفعا أى خيرا لإبراهيم (ص)وهذا يعنى معجزة فالنار المضرة للجسم تحولت لشىء نافع للجسم ،ويبين لنا أنهم أرادوا بها كيدا والمراد أحبوا لإبراهيم (ص) هلاكا أى ضررا فكانت النتيجة أن جعلهم الله هم الأخسرين أى المعذبين أى الهالكين وهم الأسفلين مصداق لقوله بسورة العنكبوت"فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين "ويبين لنا أنه أنجى والمراد أنقذ إبراهيم (ص)ولوطا (ص)من العذاب إلى الأرض التى بارك الله فيها للعالمين والمراد إلى البلد التى قدسها الله للبشر والمراد أنه طلب منهم الذهاب لمكة المقدسة قبل أن ينزل العذاب على قومهما .

"ووهبنا له إسحق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين "المعنى وأعطيناه إسحق (ص)ويعقوب (ص)خلفة وكلا جعلنا محسنين وجعلناهم رسلا يعملون بحكمنا وألقينا لهم عمل الحسنات أى طاعة الدين أى إعطاء الحق أى كانوا لنا مطيعين ،يبين الله لنا أنه وهب أى أعطى إبراهيم (ص) إسحق (ص)وأعطى إسحق (ص)يعقوب (ص)نافلة أى خلفة أى ابن ويبين لنا أن كلاهما جعله الله من الصالحين وهم المحسنين ويبين لنا أنهم جعلهم أئمة يهدون بأمر الله والمراد عينهم حكاما يحكمون بحكم الله ويبين لنا أنه أوحى إليهم فعل الخيرات والمراد أنه ألقى لهم عمل الصالحات وفسره بأنه إقام الصلاة أى طاعة الدين مصداق لقوله بسورة الشورى "أن أقيموا الدين "وفسره بأنه إيتاء الزكاة أى إعطاء الحق وفسر هذا بأنهم كانوا لله عابدين أى خاشعين أى مطيعين مصداق لقوله بسورة الأنبياء"وكانوا لنا خاشعين ".

 "ولوطا أتيناه حكما وعلما ونجيناه من القرية التى كانت تعمل الخبائث إنهم كانوا قوما فاسقين وأدخلناه فى رحمتنا إنه من الصالحين "المعنى ولوطا أعطيناه وحيا أى معرفة وأنقذناه من البلدة التى كانت تصنع الفواحش إنهم كانوا شعبا كافرين وأدخلناه فى جنتنا إنه من المحسنين ،يبين الله للنبى(ص) أنه أتى أى أعطى لوطا (ص)حكما أى علما والمراد وحيا ،ونجاه أى أنقذه والمراد نصره من القرية أى القوم مصداق لقوله بسورة الأنبياء"ونصرناه من القوم "التى كانت تعمل بالخبائث أى الذين كانوا يصنعون الفواحش ويبين لنا أنهم كانوا قوم سوء فاسقين أى كانوا شعب شر كافرين أى مجرمين مصداق لقوله بسورة الدخان "إن هؤلاء قوم مجرمون "ويبين أنه أدخل لوط (ص)فى رحمته والمراد أنه أسكن لوط (ص)فى جنته والسبب إنه من الصالحين أى المسلمين .

"ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين "المعنى ونوحا إذ دعا من قبل فاستمعنا له فأنقذناه وشيعته من العذاب الكبير وساعدناه على الشعب الذين كفروا بعلاماتنا إنهم كانوا شعب كفار فأهلكناهم كلهم ،يبين الله للنبى(ص) أن نوح (ص)قد نادى أى دعا الله من قبل أن ينتصر له من الكفار فاستجاب أى فاستمع الله والمراد فحقق له ما أراد حيث نجاه وأهله من الكرب العظيم والمراد حيث أنقذه وشيعته المؤمنين من الطوفان الكبير وفسر الله هذا بأنه نصره من القوم الذين كذبوا بآياتنا والمراد أنه نجاه من أهل القرية الذين كفروا بأحكامنا مصداق لقوله بسورة الأنبياء"ونجيناه من القرية "ويبين أنهم كانوا قوم سوء أى كافرين أى شعب خصمون مصداق لقوله بسورة الزخرف"بل هم قوم خصمون"   فكانت النتيجة أنه أغرقهم جميعا أى أهلكهم كلهم بالطوفان.

"وداود وسليمان إذ يحكمان فى الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا أتينا حكما وعلما وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون"المعنى وداود (ص)وسليمان (ص)حين يقضيان فى الزرع حين أفسدت فيه غنم الناس وكنا لقضاءهم عارفين ففقهناها سليمان(ص)وكلا أعطينا وحيا أى معرفة وسيرنا مع داود(ص)الرواسى يرددن والطير وكنا صانعين وعرفناه حرفة دروع لكم لتحميكم من سلاحكم فهل أنتم مطيعون؟يبين الله للنبى(ص) أن داود(ص)وسليمان (ص)كان الله لحكمهم وهو قضاءهم شاهد أى عالم حين يحكمان فى الحرث حين نفشت فيه غنم القوم والمراد حين يقضيان فى الزرع حين أفسدت فيه غنم الناس ،وهذا يعنى أن بعض الناس كان لهم زرع وكان لبعض الناس غنم فنزلت الغنم الأرض المزروعة فأكلت الزرع فتحاكم الناس إلى داود(ص)فحكم بحكم وعلم سليمان (ص)بالقضية فحكم حكم أخر ويبين الله لنا أنه فهمها سليمان (ص)والمراد يسر له فقه القضية فحكم الحكم السليم وهو أن يزرع أصحاب الغنم الأرض حتى ينمو الزرع كما كان وقت الأكل ويأخذ أصحاب الأرض الغنم للإنتفاع بها لحين وصول الزرع إلى ما كان عليه وقت أكل الغنم له وبعد ذلك يأخذ كل جماعة ملكهم فصاحب الزرع الزرع وصاحب الغنم الغنم وأما حكم داود(ص)فهو إعطاء الغنم لأصحاب الأرض المزروعة مع بقاء أرضهم معهم ويبين الله لنا أنه أتى أى أعطى داود(ص)وسليمان (ص)حكما أى علما أى وحيا ومن هنا يتضح أن القاضى قد يخطىء فى الحكم دون قصد لعدم فهمه للقضية كما يتضح لنا أن عقول البشر تتفاوت فى فهم القضية الواحدة ،ويبين لنا أنه سخر مع داود (ص)الجبال يسبحن والطير والمراد أمر كل من الرواسى والطير أن يذكرن أى يرددن ذكر الله الكلامى مع داود(ص)وكان لذلك فاعل أى صانع والمراد محقق ويبين أنه علمه صنعة لبوس للناس والمراد عرفه حرفة دروع للناس أنه عرفه صنعة هى صناعة الدروع للناس لتحصنهم من بأسهم أى لتحميهم من أذى أسلحتهم ويسأل الله الناس فهل أنتم شاكرون أى "فهل أنتم مسلمون " كما قال بسورة الأنبياء والغرض من السؤال هو أن يشكر الناس الله .

"ولسليمان الريح عاصفة تجرى بأمره إلى الأرض التى باركنا فيها وكنا بكل شىء عالمين ومن الشياطين من يغوصون له ويعملون عملا دون ذلك وكنا لهم حافظين "المعنى ولسليمان(ص)الرياح سائرة تسير بقوله إلى الأرض التى قدسناها وكنا بكل أمر عارفين ومن الجن من يبحثون له ويفعلون فعلا سوى ذلك وكنا لهم مراقبين ،يبين الله للنبى(ص) أنه سخر لسليمان(ص)الريح عاصفة أى جارية بأمره إلى الأرض التى بارك فيها والمراد سائرة بقول سليمان(ص)إلى البلد التى قدسها الرب ويبين لنا أنه كان بكل شىء عالمين أى كان بكل أمر خبير ويبين لنا أن من الشياطين وهم الجن من يغوصون له أى يبحثون له عما يريد من الأشياء  ومنهم من يعمل عملا دون ذلك والمراد ومنهم من يفعل فعلا غير البحث وهو البناء مصداق لقوله بسورة سبأ"ومن الجن من يعمل بين يديه "وقوله بسورة ص"والشياطين كل بناء وغواص"ويبين لنا أنه كان لهم حافظا أى مراقبا يعذب من يخالف منهم أمر سليمان(ص)مصداق لقوله بسورة سبأ"ومن يزغ عن أمرنا نذقه من عذاب السعير".

"وأيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وأتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين "المعنى وأيوب(ص)حين دعا خالقه أنى أصابنى الأذى وأنت أنفع النافعين فاستمعنا له فأزلنا الذى به من أذى وأعطيناه أهله وعددهم معهم نفع من لدينا وعبرة للطائعين ،يبين الله للنبى(ص)أن أيوب (ص)نادى ربه والمراد دعا إلهه فقال :ربى أنى مسنى الضر والمراد أنى أصابنى النصب وهو المرض مصداق لقوله بسورة ص"أنى مسنى الشيطان بنصب وعذاب "وأنت أرحم الراحمين أى وأنت أحسن النافعين فإكشفه ،ويبين لنا أنه استجاب له أى علم بمطالبه فكشف ما به من ضر والمراد فأزال الذى به من أذى والمراد محا منه المرض الذى أصابه وزاد الله على هذا أنه أتاه أهله ومثلهم معهم والمراد أعاد له أفراد أسرته وعدد مماثل لهم ولدوا بعد شفاء الرجل وهذا رحمة منه أى نفع من لدى الله وذكرى للعابدين أى وعظة للمطيعين لله وهم أولى الألباب مصداق لقوله بسورة ص"وذكرى لأولى الألباب".

"وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين وأدخلناهم فى رحمتنا إنهم من الصالحين "المعنى وإسماعيل (ص)وإدريس (ص)وصاحب الكفل (ص)كل من المطيعين وأسكناهم فى جنتنا إنهم من المحسنين ،يبين الله للنبى(ص) أن رسله إسماعيل (ص)وإدريس(ص)وذا الكفل (ص)من الصابرين وهم المطيعين أى الأخيار مصداق لقوله بسورة ص"وكل من الأخيار "ويبين لنا أنه أدخلهم فى رحمته والمراد أنه أسكنهم فى جنته لأنهم من الصالحين وهم المحسنين أى المسلمين .

"وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى فى الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجى المؤمنين "المعنى وصاحب الحوت حين خرج ثائرا فأعتقد أن لن نعاقبه فدعا فى الحالكات أن لا رب إلا أنت طاعتك إنى كنت من الكافرين فاستمعنا له و أنقذناه من العقاب وهكذا ننقذ المصدقين ،يبين الله لنا أن ذا النون وهو يونس صاحب الحوت (ص)قد ذهب مغاضبا والمراد قد خرج ثائرا فظن أن لن نقدر عليه أى فإعتقد أن لن نستطيعه والمراد فاعتقد أن لن نعاقبه على غضبه وظنه الخاطىء فنادى فى الظلمات والمراد دعا الله فى سوادات البحر فقال :أن لا إله أى لا رب إلا أنت ،سبحانك أى طاعتك إنى كنت من الظالمين أى الكافرين وهذا إعتراف من يونس(ص)بذنبه فاستجاب له أى استمع له والمراد علم بدعاء يونس(ص)فأنجاه من الغم والمراد فأنقذه من العقاب الممثل فى سجنه فى بطن الحوت وكذلك أى وبتلك الطريقة ينجى أى ينقذ الله المؤمنين وهم المصدقين بوحى الله .

"وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين "المعنى وزكريا (ص)حين دعا إلهه :إلهى لا تتركنى وحيدا وأنت أحسن المالكين فاستمعنا له وأعطينا له يحيى (ص)وحسنا له امرأته إنهم كانوا يتسابقون فى الحسنات ويطيعوننا حبا وخوفا وكانوا لنا طائعين،يبين الله لنا أن زكريا (ص)نادى ربه أى دعا خالقه فقال :رب أى إلهى لا تذرنى فردا والمراد لا تتركنى وحيدا وأنت خير الوارثين أى وأنت أحسن المالكين ،وهذا الدعاء يطلب فيه من الله أن يرزقه ولدا يرثه وقد استجاب له أى علم بطلب زكريا (ص)فوهب له أى فأعطاه يحيى (ص)ولدا له وأصلح له زوجه والمراد وحسن له امرأته وهذا يعنى أنه أزال عقمها وجعلها صالحة لإنجاب يحيى (ص)،ويبين لنا أن زكريا (ص)وزوجته ويحيى (ص)كانوا يسارعون فى الخيرات والمراد كانوا يتسابقون فى عمل الحسنات وفسر هذا بأنهم كانوا يدعون الله رغبا ورهبا أى أنهم كانوا يطيعون الله حبا فى جنته وخوفا من عذابه وفسر هذا بأنهم كانوا له خاشعين أى مطيعين لحكم الله .

"والتى أحصنت فرجها فنفخنا فيها من روحنا وجعلناها وابنها آية للعالمين "المعنى والتى حمت عرضها فخلقنا فيها من رحمتنا وجعلناها وولدها معجزة للناس ،يبين الله لنا أن مريم (ص)أحصنت فرجها أى حفظت عرضها من الزنى فنفخ الله فيها من رحمته والمراد فوضع الله فى رحمها من روحه وهو نفعه ابنها وقد جعل الله مريم (ص)وابنها وهو ولدها عيسى (ص)آية للعالمين أى معجزة للناس  والقول وما سبقه من قصص خطاب  للنبى(ص).

"إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون "المعنى إن هذه جماعتكم جماعة واحدة وأنا إلهكم فأطيعون ،يبين الله للمؤمنين أن الناس كانوا أمة أى فرقة  واحدة أى فرقة متحدة الدين ويبين لنا أنه ربنا فاعبدون أى "وأنا ربكم فاتقون "كما قال بسورة المؤمنون والمراد فأطيعوا حكم  الله والخطاب للمؤمنين.

"وتقطعوا أمرهم بينهم كل إلينا راجعون فمن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون "المعنى وتفرقوا حكمهم بينهم كل إلينا عائدون فمن يصنع من الحسنات وهو مصدق فلا ضياع لعمله وإنا له مسجلون ،يبين الله لنا أن الناس بعد أن كانوا أمة واحدة تقطعوا أمرهم بينهم أى تفرقوا دينهم بينهم والمراد انقسموا لأحزاب كل حزب يفسر الدين حسب هواه مصداق لقوله بسورة المؤمنون"فتقطعوا أمرهم بينهم كل حزب بما لديهم فرحون" ويبين لنا أن الكل إليه راجع والمراد أن الجميع إلى جزاء الله عائد سواء ثواب أو عقاب ويبين لنا أن من يعمل من الصالحات وهو مؤمن والمراد أن من يصنع من الحسنات وهو مصدق بوحى الله فلا كفران لسعيه أى فلا ضياع لعمله وهذا يعنى أن الله سيشكره على عمله مصداق لقوله بسورة الإسراء"فأولئك كان سعيهم مشكورا "وإنا له كاتبون أى مسجلون أى ساطرون مصداق لقوله بسورة القمر"وكل صغير وكبير مستطر"والخطاب للمؤمنين.

"وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون"المعنى وممنوع على بلدة أمتناها أنهم لا يعودون ،يبين الله لنا أن الله جعل من الحرام وهو الممنوع أن كل قرية أهلكها لا يرجعون والمراد أن كل أهل بلدة أماتها لا يعودون إلى الحياة مرة أخرى فى الدنيا وهذا يعنى أن الله حرم بعث الناس إلى الحياة مرة أخرى فى الدنيا والخطاب وما بعده للمؤمنين

"حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق فإذا هى شاخصة أبصار الذين كفروا يا ويلنا قد كنا فى غفلة من هذا بل كنا ظالمين "المعنى حتى إذا خرجت يأجوج ومأجوج وهم من كل مكان يخرجون ووقع الخبر الصدق فإذا هى مذلولة نفوس الذين كذبوا يا عذابنا قد كنا فى سهوة من هذا بل كنا كافرين،يبين الله لنا أن يأجوج ومأجوج وهما القبيلتان المحبوستان تحت سد ذو القرنين (ص)إذا فتحت أى خرجت والمراد انفلق سدهما إذا هم من كل حدب ينسلون والمراد إذا هم من كل مكان يخرجون لأرض الناس ،ويبين لنا أن الوعد الحق وهو الخبر الصادق قد اقترب أى وقع فإذا هى شاخصة أبصار الذين كفروا والمراد فإذا هى مذلولة نفوس الذين كذبوا يقولون يا ويلنا أى يا عذابنا قد كنا فى غفلة أى سهوة أى غمرة من هذا والمراد قد كنا فى تكذيب بالقيامة مصداق لقوله بسورة المؤمنون"بل قلوبهم فى غمرة من هذا"بل كنا ظالمين أى كافرين أى ضالين مصداق لقوله بسورة المؤمنون"وكنا قوما ضالين "وهذا اعتراف منهم بكفرهم فى الدنيا .

"إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون  لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون "المعنى إنكم وما تطيعون من غير الله وقود النار أنتم لها ذائقون لو كان هؤلاء أرباب ما دخلوها وكل فيها باقون لهم فيها عذاب وهم فيها لا يستجاب ،يبين الله للمؤمنين أن الكفار وفسرهم أنهم ما يعبدون من دون الله وهو الذى يطيعون من سوى الله وهو أهواء أنفسهم حصب جهنم أى وقود النار مصداق لقوله بسورة البقرة "النار التى وقودها الناس"وهم لها واردون أى داخلون ،ويبين لنا أن لو كان هؤلاء وهم أهواء الأنفس وليس المعبودين كأسماء مثل عيسى (ص)- ما وردوها أى ما دخلوا النار ،ويبين الله لنا أن الكل وهم الكفار أهواء أنفسهم المطاعة فى النار خالدون أى باقون لا يخرجون ولهم فى النار زفير أى عذاب وهم فى النار لا يسمعون أى لا يستجاب لهم والمراد أن الله لا يحقق لهم ما يطلبون فى أدعيتهم .

"إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون لا يحزنهم الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذى كنتم توعدون "المعنى إن الذين مضت لهم منا الجنة أولئك عنها منفصلون لا يعلمون صوتها وهم فيما أحبت أنفسهم باقون لا يغمهم الغم الأعظم وتقابلهم الملائكة هذا ميعادكم الذى كنتم تخبرون،يبين الله لنا أن الذين سبقت لهم من الله الحسنى والمراد إن الذين فرضت لهم الجنة من الله أولئك عن النار مبعدون أى منفصلون والمراد لا يمسهم السوء مصداق لقوله بسورة الزمر"لا يمسهم السوء"وهم لا يسمعون حسيسها أى لا يعلمون بصوت النار وهذا يعنى أنهم لا يدخلون النار أبدا بدليل إبعادهم وعدم سماعهم لحسها وهو صوتها المتلظى وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون والمراد أنهم فيما أحبت أنفسهم باقون وهذا يعنى أنهم يتمتعون فى الجنة بكل ما يطلبون ولا يخرجون منها أبدا ،والمسلمون لا يحزنهم الفزع الأكبر والمراد لا يصيبهم العذاب العظيم وتتلقاهم أى وتقابلهم الملائكة فتقول :هذا يومكم الذى كنتم توعدون أى تخبرون فى الدنيا .

"يوم نطوى السماء كطى السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين "المعنى يوم نضم السموات كضم الكتاب للصحف ،كما أنشأنا أسبق خلق نرجعه ،واجبا علينا إنا كنا صانعين ،يبين الله لنا أن فى يوم القيامة يطوى السماء كطى السجل للكتب أى يضم السماء كضم الكتاب الكبير للصحف الصغرى والمراد أن السموات السبع يضغطها فتعود سماء واحدة كما أن السجل يضغط الصحف الصغرى المفرقة فى كتاب واحد ويبين لنا أنه كما بدأ أول خلق يعيده أى كما خلق أسبق مرة المخلوق يرجعه حيا فى يوم القيامة فهذا وعد عليه أى فرض فرضه على نفسه وهو له فاعل أى عامل أى صانع فى يوم القيامة والخطاب وما قبله وما بعده للمؤمنين.

"ولقد كتبنا فى الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادى الصالحون إن فى هذا لبلاغا لقوم عابدين "المعنى ولقد قلنا فى الوحى من بعد الأحكام أن الأرض يملكها خلقى المحسنون إن فى هذا لبيانا لناس طائعين ،يبين الله لنا أنه كتب فى الزبور أى  قال فى الوحى أى سجل فى الصحف من بعد الذكر وهو الحكم  أى أحكام الشريعة:أن الأرض يرثها عبادى الصالحون أى أن البلاد يحكمهما خلقى العادلون وهذا يعنى استخلاف الله لهم فى البلاد مصداق لقوله بسورة النور"وعد الله الذين أمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض"فهذا يعنى أنه يتحكم المؤمنين بحكم الله  فى بلاد الأرض ،ويبين لنا أن فى هذا وهو ما ذكره فى القول بلاغ أى بيان مصداق لقوله بسورة آل عمران "هذا بيان للناس"والبيان هو لقوم عابدين أى لناس مطيعين لحكم الله

"وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين قل إنما يوحى إلى إنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون"المعنى وما بعثناك إلا منفعة للخلق قل إنما يلقى إلى أنما ربكم رب واحد فهل أنتم مطيعون ؟يبين الله لنبيه(ص)أنه أرسله رحمة للعالمين والمراد أنه بعثه كافة للناس أى بعثه نافع أى مانع للضرر عن الخلق بالوحى مصداق لقوله بسورة سبأ"وما أرسلناك إلا كافة للناس"ويطلب منه أن يقول لهم :إنما يوحى أى يلقى لى :إنما إلهكم إله واحد والمراد إنما ربكم رب واحد فهل أنتم مسلمون أى "فهل أنتم شاكرون" كما قال بنفس السورة والغرض من السؤال إخبار الناس بالواجب عليهم وهو أن يسلموا لله .

"فإن تولوا فقل أذنتكم على سواء وإن أدرى أقريب أم بعيد ما توعدون "المعنى فإن كفروا فقل أبلغتكم على استقامة ولا أعلم أدانى أم قاصى الذى تخبرون ؟يبين الله لنبيه (ص)أن الناس إن تولوا أى كفروا بوحى الله فعليه أن يقول لهم :أذنتكم على سواء أى أبلغتكم فى استقامة والمراد قلت لكم فى صدق ما أبلغ لى ،وإن أدرى أقريب أم بعيد ما توعدون أى ولا أعرف أدانى أم قاصى الذى تخبرون ؟والمراد أن النبى (ص)لا يعرف موعد العذاب هل هو بعد عدد قليل من الزمن أم بعد مدة طويلة مصداق لقوله بسورة الجن"قل إن أدرى أقريب ما توعدون أم يجعل له ربى أمدا ".

"إنه يعلم الجهر من القول ويعلم ما تكتمون "المعنى إنه يعرف العلن من الحديث ويعرف الذى تخفون ،يطلب الله من نبيه(ص)أن يقول للناس:إن الله يعلم الجهر من القول والمراد يعرف الظاهر من الكلام ويعلم ما تكتمون أى ويعرف ما تسرون أى الذى تخفون،والغرض من علمهم بهذا أن يعرفوا أن الله يدرى بكل عملهم وسيحاسبهم عليه والخطاب وما قبله وما قبله  وما بعده للنبى(ص) ومنه للكفار.

"وإن أدرى لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين "المعنى وإن أعلم لعله اختبار لكم ونفع حتى وقت ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للناس :وإن أدرى والمراد وإنى أعرف لعله فتنة أى امتحان لكم ومتاع إلى حين أى ونفع حتى وقت الموت ،والغرض من السؤال هو إخبارهم أن الدنيا هى فتنة أى اختبار لهم ونفع حتى وقت الموت .

"قل رب احكم بالحق وربنا المستعان على ما تصفون "المعنى قل إلهى اقض بالعدل وإلهنا المستقوى على الذى تزعمون ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول له :رب احكم بالحق والمراد خالقى اقض بالعدل والمراد أن الله يفصل بين الناس بالقسط ،وأن يقول للناس :وربنا المستعان على ما تصفون والمراد وإلهنا الذى نستقوى بطاعته على الذى تزعمون من الأباطيل .

 

اجمالي القراءات 24464

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2008-08-18
مقالات منشورة : 2607
اجمالي القراءات : 20,708,868
تعليقات له : 312
تعليقات عليه : 512
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt