آحمد صبحي منصور Ýí 2009-09-25
أولا :
المستبد هو منبع الفساد مهما بلغ صلاحه : ( المأمون نموذجا )
1 ـ فى مقال ( القضاء السياسى فى عهد الخلفاء يفسد العدل ) أشرنا الى حديث جرى بين المأمون والقاضى بشر بن الوليد . وقد جاء فى ثنايا كلام المأمون تحسّره على ظلم القضاة فى عصره ، ومنه قوله عن بعضهم (ولينا رجلًا - أشرت به علينا - قضاء الأبلة وأج&Ntildute; وأجرينا عليه ألف درهم ولا له ضيعة ولا عقار ولا مال فرجع صاحب الخبر بالناحية أن نفقته في الشهر أربعة آلاف درهم فمن أين هذه الثلاثة آلاف درهم! وولينا رجلًا - أشار به محمد بن سماعة - دمشق وأجرينا عليه ألفي درهم في الشهر فأقام بها أربعة عشر شهرًا ووجهنا مَنْ يتتبع أمواله ويرجع إلينا بخبره فصح عنه أنه يملك قيمة ثلاثة عشر ألف دينار من دابة وبغل وخادم وجارية وغير ذلك . وولينا رجلًا - أشار به غيركما - نهاوند فأقام بعد عشرين شهرًا من دخول يده في العمل سبعين بحينا وعشرين بحينا وفي منزله أربعة خدم خصيان قيمتهم ألف وخمسمائة في دينار) وجاء فى ثنايا كلام المأمون إشارة لقاضى القضاة فى عهده وهو ( يحيى بن أكثم ) قوله عنه (أما يحيى بن أكثم فما ندري ما عيبه! أما ظاهره فأعف خلق الله . ) ثم قال المأمون فى النهاية (ووددت أن يتأتى مائة قاض مرضيين وأني أجوع يومًا وأشبع يومًا . ) ( المنتظم 10 / 61 : 62 )
ونعيد التاكيد على أن الاستبداد السياسى هو الأصل فى انحراف القضاة وانحلالهم ،أى إن المستبد هو المسئول الأول عن ضياع العدل فى دولته ، وطالما استبد بالأمر فإن هذا الظلم سيمتد الى أعوانه وفى مقدمتهم القضاة المنوط بهم تحقيق العدل بين الناس فى القضايا العادية.
والمأمون الذى يتباكى هنا على ضياع العدل ويحمّل المسئولية للقضاة هو ينافق ويكذب ، إذ كان يحلو له أن يتحدث عن مناقبه الشخصية أمام جلسائه ليحكيها عنه جلساؤه يمدحونه بين رواة الأخبار والأحاديث لتتعطر سيرته فيما بعده . ولقد قال المأمون عن نفسه أمامهم فى إحدى جلساته (أنا والله أستلذ العفو حتى أخاف أن لا أؤجر عليه ، ولو عرف الناس مقدار محبتى للعفو لتقربوا لى بالذنوب) هذا المأمون هو نفسه الذى قَتَل فى شهر ذى القعدة سنة 200 يحيى بن عامر بن اسماعيل لأن يحيى اغلظ له فقال له: امير الكافرين . ( المنتظم 10 / 65 ، 86 ).
والمأمون الذى كان يتباهى بسعة الأفق وبأن يتناظر مع خصومه بحرية هو الذى ألزم مثقفى دولته من الفقهاء و المحدثين والقضاة و الكتّاب بالقول بأن القرآن مخلوق ، بل ألزم ولى عهده المعتصم بذلك بعد موته .والمأمون الذى تستّر على قاضى القضاة يحيى بن أكثم أشهر (لوطى ) فى العصر العباسى قائلا عنه (أما يحيى بن أكثم فما ندري ما عيبه! أما ظاهره فأعف خلق الله . ) هو نفسه المأمون الذى غضب قبيل موته على القاضى يحيى بن أكثم ـ ليس لأن يحيى منحل وفاسد خلقيا ـ ولكن لأن يحيى خالف المامون فى موضوع خلق القرآن. أى إن المأمون هو منبع الفساد ، ليس فى شخصه ، فربما كان من أفضل بنى العباس على المستوى الشخصى ، لا يصل اليه ولا يقاربه سوى الخليفة المهتدى ـ ولكن منبع الفساد هو فى السلطة المطلقة التى ورثها ومارسها . وحقا ، فإن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.
فى عام 218 كان المأمون فى الرقة ، ومنها بعث رسالة الى اسحاق بن ابراهيم فى بغداد بإجبار القضاة والمحدثين و الفقهاء على القول بخلق القرآن ، متهما من يخالفه بالكفر والضلال، وأدركته الوفاة هناك ، وعند الاحتضار أخذ يوصى أخاه ولى عهده المعتصم ، ومنها قوله عن خلق القرآن (هذا ما أشهد عليه عبد الله بن هارون أمير المؤمنين بحضرة من حضر ؛ أشهدهم جميعا على نفسه أنه يشهد ومن حضره أن الله عزوجل وحده لا شريك له فى ملكه، ولا مدبر لأمره غيره ، وأنه خالق وما سواه مخلوق ، ولا يخلو القرآن أن يكون شيئا له مثل ؛ ولا شىء مثله تبارك وتعالى ..) إلى أن يقول لأخيه : (يا أبا اسحاق أدن منى واتعظ ، وخذ بسيرة أخيك فى القرآن ) ،وفى وصيته الأخيرة أوجب تقريب زعيم المعتزلة ابن أبى داود القائل بخلق القرآن ، و طرد يحيى بن أكثم الذى لا يرى هذا القول ، فقال فى وصيته الأخيرة لأخيه ( وأبو عبد الله بن أبى داود فلا يفارقك ، وأشركه فى المشورة فى كل أمرك ،فإنه موضع لذلك منك ، ولا تتخذن بعدى وزيرا تلقى اليه شيئا ، فقد علمت ما نكبنى به يحيى بن أكثم فى معاملة الناس ،وخبث سيرته حتى ابان الله ذلك منه فى صحة منى، فصرت الى مفارقته ، قاليا له ، غير راض بما صنع فى أموال الله وصدقاته ، لا جزاه الله عن الاسلام خيرا ) ( تاريخ الطبرى 8 / 631 ـ ، 647 : 649 ). هنا يزعم المامون قبيل موته أنه عرف بانحراف قاضى القضاة يحيى بن أكثم ، ويوصى بعزله وإبعاده متهما إياه بالسرقة وخبث السيرة وسوء معاملة الناس.
والواضح أن المأمون ظل راضيا عن يحيى بن أكثم يغض الطرف عن إنحلاله وظلمه وفساده ، فلما خالفه يحيى فى موضوع خلق القرآن غضب عليه المأمون وزعم إنه اكتشف ـ وهو على فراش الاحتضار ـ فساد يحيى وجوره .
ومن أسف فإن فساد يحيى فى أداء وظيفته قاضيا للقضاة لم تتعرض له الروايات بالتفصيل ، ولكن الذى تواتر فى سيرته هو اتهامه يالشذوذ الجنسى الايجابى ، بحيث أن المصادر التاريخية المتأخرة أخذت تبالغ فى هذا الموضوع بما يجعلنا لا نأخذ بها مكتفين بالمصادر المكتوبة فى العصر العباسى ، وأولها تاريخ بغداد ( 14 جزءا ) لأحمد بن على الخطيب البغدادى المتوفى عام 463 ، وهو الأقرب الى عصر يحيى بن الأكثم (160 ـ 243 )، ونقل ابن الجوزى المتوفى عام 597 روايات الخطيب البغدادى فى المنتظم ( 18 ) جزءا. وجاءت إشارات بين السطور فى تاريخ الطبرى ( 10 اجزاء)عن يحيى بن الأكثم ( 8 / 622 ، 625 ، 649 ، 652 . 9 / 188 ، 190 ، 197 ، 233 ).
ونؤكد هنا أيضا أن هذا الفساد الخلقى كان عادة وقتها ، فإذا كان المأمون يشكو من القضاة الآخرين المرتشين واستكثارهم للجوارى والغلمان فإن أولئك القضاة كانوا تحت مسئولية قاضى القضاة يحيى بن الأكثم ، والفارق إنهم كانوا مستورين غير مشهورين بينما كان يحيى فى دائرة الضوء ، وكانوا يمارسون الانحلال العادى ولكن يحيى ( تخصص ) فى الفسق بالصبيان فقط .
ثانيا ـ
الشذوذ الجنسى شريعة إجتماعية فى العصر العباسى ، وليس يحيى بن أكثم فقط
ونقرر حقيقة تاريخية هى أن الشذوذ الجنسى وانتشاره بين أئمة الفقهاء وعوامهم ذلك كان شيئا مألوفا وثقافة شائعة فى العصر العباسى لا تستلزم الكثير من الانكار أو الشعور بالعار ، وهنا يأتى الفرق بين عصرنا وعصرهم ، فهناك من أئمة الفقه السنى فى عصرنا من يدمن هذا الانحلال الشاذ خلسة متظاهرا أمام الناس بالورع ،أما العصر العباسى فقد تميز بالصراحة .. والبجاحة ..ونعطى فى هذا المجال بعض حقائق التاريخ:
1 ـ لم تكن بالعرب معرفة بهذا الشذوذ حتى عهد الخليفة الوليد بن الملك ت 96، وهو القائل ( لولا أن الله ذكر آل لوط فى القرآن ما ظننت أن أحدا يفعل هذا ) ( تاريخ الخلفاء للسيوطى 358 ).
2 ـ وكان الوقوع فى الانحلال ـ عامة ـ بتشجيع من الفقهاء التابعين لأسرة الأموية ، فقد تخلص بنو امية من الخليفة عمر بن عبد العزيز وقتلوه بالسم بعد حكم قصير ( سنتان وخمسة أشهر : 99 : 101) وجاء بعده ابن عمه يزيد بن عبد الملك معجبا بعمر بن عبد العزيز يريد السير على طريقته فلم يتركه أهله ، واستعانوا عليه بالفقهاء العاملين لديهم يحرضونه على الفجور ، تقول الرواية ( لما تولى يزيد بن عبد الملك بن مروان الخلافة بعد عمر بن عبد العزيز قال : سيروا بسيرة عمر بن عبد العزيز ، فأتى له أهله الأمويون بأربعين شيخا شهدوا له أن ما على الخلفاء حساب ولا عذاب ) فقضى خلافته فى تهتك ومجون الى أن مات عام 105 . ( تاريخ الخلفاء للسيوطى 392 : 393 ) أى كانت غواية ذلك الخليفة الشاب عن طريق الفقهاء.
وفيما بعد تولى الخلافة ابنه الوليد بن يزيد بن عبدالملك بعد موت عمه هشام بن عبدالملك عام 125 ، وكان الوليد قد تمرس على سنة ابيه فى الفسق ، فوصفوه بأنه كان فاسقا شريبا للخمر منتهكا للحرمات ، وأنه كان ينام مع زوجات أبيه امهات أخوته ، وأنه أراد أن يحج ليشرب فوق ظهر الكعبة ، فمقته الناس لفسقه وثارت عليه قبائل اليمن لقتله زعيمهم خالد القسرى ، وانتهت الثورة بقتل الوليد بن يزيد بن عبد الملك عام 126 ، ورأى أخوه سليمان بن يزيد رأسه مقطوعا يطاف به على رمح فقال (أشهد إنه كان شروبا للخمر ماجنا فاسقا ، ولقد راودنى عن نفسى ) ( تاريخ الطبرى 7 / 210 ـ ، 231 ـ ، 246 ـ 251 ـ) (المنتظم 7 / 236 ـ ، 249 ـ ) ( تاريخ الخلفاء للسيوطى : 399 ) المستفاد من هذا أن بداية المعرفة يالشذوذ الجنسى كانت فى خلافة الوليد بن يزيد حين راود اخاه عن نفسه.
3 ـ بمجىء العصر العباسى كان هذا المرض الفردى قد تحوّل الى وباء ، وساعد عليه شهرة بعض الشعراء به مثل أبى نواس ، وإدمان بعض الخلفاء العباسيين له ، وأولهم محمد الأمين إبن الرشيد الذى كانت خلافته أربع سنين وثمانية اشهر وخمسة أيام ( 193 : 197 ) ،.ولأن الناس على دين ملوكهم فقد أصبحت للشذوذ الجنسى مشروعية إجتماعية فى العصر العباسى ساعد عليها كثرة الغلمان من العبيد ، واستخدامهم فى هذه المهنة لقاء أجر فى الحوانيت و الخانات بمثل البغاء بالنساء ، وقد تردد ذلك فى كتابات الجاحظ.
أى قبيل ظهور يحيى بن أكثم كانت شهرة الخليفة محمد الأمين بن زبيدة فى الشذوذ قد بلغت الآفاق ، فاشتهر بأنه ابتاع الخصيان وغالى بهم وصيرهم لخلوته فى ليله ونهاره وقوام طعامه وشرابه وامره ونهيه ورفض النساء والجواري. واشتهر بغرامه بمملوكه كوثر ،وقال بعض الشعراء عن عصره:
أضاع الخلافة غش الوزير وفسق الأمير وجهل المشير
لواط الخليفة أعجوبة وأعجب منه خلاق الوزير
فهذا يدوس وهذا يداس كذاك لعمري خلاف الأمور
(تاريخ الطبرى 8 / ـ 508 ـ ) ( تاريخ الخلفاء للسيوطي – ص301)
وبمقتل الخليفة الأمين تولى الحكم بعده المأمون ، وجاء تعيين يحيى بن الأكثم قاضيا للقضاة فانشغل الناس بلواط يحيى بعد موت الأمين .
4 ـ وبعد موت يحيى عام 243 اشتهر فقيه آخر بالعشق الشاذ وهو (محمد بن داود الظاهري) ت 297
أبوه داود بن على فقيه العراق ومنشىء المذهب الظاهري الذي يقف عند ظاهر النصوص ويمنع تأويلها والاجتهاد فيها ، وقد ظهرت عبقرية ابنه فى حياة أبيه، وبعد وفاة أبيه جلس ابنه محمد يفتى مكانه .ومع صغر سنه فقد تزعم أصحاب الحديث فى العراق وبغداد . والحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي صاحب الكتاب الضخم " تاريخ بغداد " كتب سيرة محمد بن داود ضمن تاريخه لأهل بغداد ( 5 / 256 رقم 2750 )، وكتابه " تاريخ بغداد "( 14 جزءا ) هو المصدر الأساس للعصر العباسي ورجاله من بدايته الى القرن الخامس الهجرى ، وعنه نقل اللاحقون ترجمة محمد بن داود مثل ( المنتظم ) لابن الجوزى و( تاريخ ابن كثير ) و( الوافي بالوفيات ) للصفدى و( العبر ) للذهبي و( وفيات الأعيان ) لابن خلكان و( شذرات الذهب ) لابن العماد الحنبلي و( الفهرست ) لابن النديم ...
وذكر الخطيب البغدادي أن محمد بن داود كان يهوى فتى حدثا من أهل اصبهان يقال له محمد بن جامع ويقال له ابن زخرف .. وكان ابن جامع هو الذى ينفق على محمد بن داود ، حتى قيل ( لم ير معشوق ينفق على عاشق غيره ) .ودخل محمد بن جامع يوما الى الحمام وخرج فنظر فى المرآة فأعجبه حسنه فغطى وجهه بمنديل وجاء الى محمد بن داود وهو على تلك الحالة فقال : ما هذا ؟ قال : نظرت فى المرآة فأعجبنى حسنى فما أحببت أن يراه أحد قبلك ، فغشى على محمد بن داود من فرط العشق .
وفى مجلسه الذى يفتى فيه ويروى الأحاديث جاءه رجل برقعه يستفتيه ، مكتوب فيها :
يا ابن داود يا فقيه العراق أفتنا فى قواتل الأحداق
هل عليهن فى الجروح قصاص أم مباح لها دم العشاق
فكتب له
كيف يفتيكم قتيل صريع بسهام الفراق و الاشتياق
وقيل التلاق أحسن حالا عند داود من قتيل الفراق
ولم يزل محمد بن داود فى حبه لابن جامع حتى قتله الحب ، فقد دخل نفطويه النحوي على ابن داود وهو يحتضر فقال له : كيف نجدك ؟ فقال : حب من تعلم اورثنى ما ترى .. " يشير الى غرامه بابن جامع .
5 ـ كان هذا قبل وبعد يحيى بن الأكثم ، فماذا كان حال الفقهاء المعاصرين له ؟
كان على شاكلته الفقيه المحدث ( محمد بن مناذر) المتوفى عام 198 .قيل عنه ( سمع محمدًا وشعبة وسفيان بن عيينة وغيرهم . وكان محمد بن مناذر يتعبد ويتنسك ويلازم المسجد ، ثم هوى عبد المجيد بن عبد الوهاب الثقفي فتهتك وعدل عن التنسك وأظهر الخلاعة . وكان عبد المجيد من أحسن الناس وجهًا وأدبًا ولباسًا ، وكان يحب ابن مناذر أيضًا ). ( المنتظم 10 / 71 ). كان هذا فى العصر العباسى.
6 ـ.جاء العصر المملوكى بسيطرة التصوف على الحياة الدينية والاجتماعية فتحول الشذوذ الجنسى من تشريع إجتماعى الى تشريع دينى ،إذ إعتبره الصوفية طريقا للاتحاد بالله جل وعلا ، وموعدنا مع الجزء الثالث من موسوعة التصوف المملوكى للتفصيل فى هذا الموضوع .
ثالثا :
يحيى بن أكثم ( ت 243 ) مثالا على استخدام القضاء فى نزوات الفقهاء.
قيل عنه : (هو يحيى بن اكثم بن محمد بن قطن بن سمعان التميمي من ولد اكثم بن صيفي )( سمع عبد الله بن المبارك والفضل بن موسى الشيباني وجرير بن عبد الحميد وابن ادريس وابن عيينة والدراوردي وعيسى بن يونس ووكيع بن الجراح في اخرين،)( وروى عنه: علي بن المديني والبخاري وغيرهما)
سطوته فى خلافة المأمون
وبسبب شهرته كانت حظوته عند الخليفة المامون ، قالوا ( وكان عالمًا بالفقه بصيرًا بالاحكام ذا فنون من العلوم)( فعرف المامون فضله فلم يتقدمه عنده احد فولاه القضاء ببغداد، وقلده قضاء القضاة وتدبير اهل مملكته، فكانت الوزراء لا تعمل في تدبير الملك شيئًا الا بعد مطالعة يحيى بن اكثم، ولا يعلم احد غلب على سلطانه في زمانه الا يحيى بن اكثم وابن ابي دؤاد . )
فساد يحيى بن أكثم فى القضاء:
* قالوا( ان يحيى بن اكثم شكى القاضى بشر بن الوليد الى المامون وقال: انه لا ينفذ قضائي، وكان يحيى قد غلب على المامون حتى كان اكثر من ولده ، فاقعده المامون معه على سريره ، ودعا بشر بن الوليد فقال له: ما ليحيى يشكوك ويقول انك لا تنفذ احكامه؟ فقال بشر : يا امير المؤمنين سالت عنه بخراسان فلم يحمد في بلده ولا في جواره ، فصاح به المامون وقال: اخرج فخرج بشر فقال يحيى: يا امير المؤمنين قد سمعت فاصرفه فقال: ويحك هذا لم يراقبني فكيف اصرفه ولم يفعل .) أى إن القاضى بشر بن الوليد رفض أن يطيع أوامر رئيسه قاضى القضاة يحيى بن الأكثم لأن القاضى يعرف السمعة السيئة لإبن أكثم حتى فى بلده. وبسبب معرفة المأمون بالقاضى بشر بن الوليد فلم يجرؤ يحيى بن الأكثم على عزله ، فاضطر يحيى لأن يشكوه للمأمون . واستدعى المأمون القاضى بشر بن الوليد وأجلس يحيى معه على سرير الخلافة وسأل بشر بن الوليد لماذا يرفض طاعة يحيى فأجاب القاضى ، ولم تعجب الاجابة المامون فطرد القاضى من المجلس ، ولكن رفض عزله.
* وهجا بعضهم يحيى بقصيدة يتهمه فيها باللواط وهجا فيها العباسيين ايضا ، وشاعت القصيدة ووصلت بعض أبياتها الى مسامع المأمون ، فأراد أن يتلاعب بصديقه يحيى فقال له : من هو الشاعر الذي يقول:
قاض يرى الحد في الزنا ولا يرى على من يلوط من باس
فرد يحيى : او ما يعرف امير المؤمنين من قاله؟ قال: لا . قال: يقوله الفاجر احمد بن ابي نعيم الذي يقول:
اميرنا يرتشي وحاكمنا يلوط والراس شر ما راس
لا احسب الجور ينقضي وعلى الامة وال من آل عباس
قال: فافحم المامون وسكت خجلا وقال: ينبغي ان ينفى احمد بن ابي نعيم الى السند .)
والقصيدة بأكملها ينسبها بعضهم لأبى صخرة الرياشى ، وننقلها وهى لوحة تاريخية تصور الظلم فى عصر المأمون الذى يعتبر من أزهى عصور الخلافة العباسية . يقول الشاعر :
أنطقنى الدهر بعد إخراس لنائبات أطلن وسواسى
يا بؤس الدهر لا يزال كما يرفع من ناس يحط من ناس
لا أفلحت أمة ـ وحق لها بطول نكس وطول إتعاس
ـ ترضى بيحيى يكون سائسها وليس يحيى بسواس
قاض يرى الحد فى الزناء ولا يرى على من يلوط من باس
يحكم للأمرد الغرير على مثل جرير ومثل عباس
فالحمد لله كيف قد ذهب العدل وقل الوفاء فى الناس
أميرنا يرتشى وحاكمنا يلوط والراس شر ما راس
لو صلح الدين واستقام قام على الناس كل مقياس
لا أحسب الجور ينقضى وعلى الأمة قاض من آل عباس
وهى قصيدة تعبر عن كل عصر فى عصور المسلمين ـ الاستبدادية ،من آل عباس الى آل سعود .
تقلبه فى منصب القضاء بعد المأمون :
أوصى المأمون بطرد يحيى بن الأكثم بسبب مخالفة يحيى للمامون فى موضوع خلق القرآن ، فظل يحيى فى خلافة المعتصم بعيدا عن سطور التاريخ ، ثم عاد للأضواء فى خلافة المتوكل الذى أعاد سطوة أهل الحديث وأهل السّنة ، فعزل المتوكل القاضى المعتزلى إبن أبى داود عن المظالم عام 237 وولى يحيى بن أكثم المظالم وقضاء القضاء ( تاريخ الطبرى 9 / 188 : 189 ) ثم ظهر فساد يحيى فعزله المتوكل وصادر أمواله الظاهرة و المخبأة عام 240 ، وهى نفس السنة التى مات فيها ابن أبى داود . ( تاريخ الطبرى 9 / 197 ).
شهرة يحيى بن أكثم باللواط
تقول الرواية ( دخل على يحيى بن اكثم ابنا مسعدة - وكانا على نهاية من الجمال - فلما راهما يمشيان في الصحن انشا يقول:
يا زائرينا من الخيام حياكما الله بالسلام
لم تاتياني وما بي نهوض الى حلال ولا حرام
يحزنني ان وقفتما بي وليس عندي سوى الكلام
ثم اجلسهما بين يديه وجعل يمازحهما حتى انصرفا .)
وقتها كان يحيى فوق الثمانين من عمره حين زاره إبنا مسعدة فى مجلس الحكم ، ومع هذا فلم يراع سنّه فقال ما قال وفعل ما لا يليق به ، وبسبب ذلك عوقب بالعزل ( قال ابو بكر بن الانباري: وسمع غير واحد من شيوخنا يحكي ان يحيى عزل عن الحكم بسبب هذه الابيات التي انشدها لما دخل عليه ابنا مسعدة .) وفى خلافة المأمون كان فى شبابه يفعل ما يشاء والمأمون راض عنه مهما فعل .
وقال ابن الجوزى معلقا ( وقد كان يعرف بهذا الفن وشاع عنه ولعله قد كان يرى النظر فحسب وان وقد ذكر ذلك للامام احمد رضي الله فقال: سبحان الله من يقول هذا!! وانكره اشد انكار . ) وهنا نرى ابن الجوزى الحنبلى يحاول الدفاع عنه ، ويأتى برأى لأحمد بن حنبل فى الدفاع عنه ، والسبب هو فى أن يحيى أيد أحمد بن حنبل فى الوقوف ضد رأى المأمون والمعتصم والواثق فى موضع خلق القرآن .
وتقول رواية أخرى عن فساد يحيى وتعنته حتى مع المحتاجين من العميان (تولى يحيى بن اكثم ديوان الصدقات على الاضراء فلم يعطهم شيئًا فطالبوه وطالبوه فلم يعطهم فانصرفوا ثم اجتمعوا وطالبوه فلم يعطهم فلما انصرف من جامع الرصافة من مجلس القضاء سالوه وطالبوه فقال: ليس لكم عندي ولا عند امير المؤمنين شيء فقالوا: ان وقفنا معك الى غد الا تزيدنا على هذا القول قال: لا . فقالوا: لا تفعل يا ابا سعيد! فقال: الحبس الحبس ، فامر بهم فحبسوا جميعًا ، فلما كان الليل ضجوا فقال المامون: ما هذا ؟ فقالوا: الاضراء حبسهم يحيى بن اكثم . فقال: لم حبسهم ؟ فقالوا: كنوه فحبسهم ، فدعاه فقال له: الاضراء حبستهم على ان كنوك! فقال: يا امير المؤمنين لم احبسهم على ذلك انما حبستهم على التعريض قالوا لي: يا ابا سعيد يعرضون بشيخ لائط في الخريبة . ) يحيى منع العميان من الحصول على حقوقهم ، برغم إلحاحهم فى طلبها ، فلما أيسوا منه قالوا له ( لا تفعل يا أبا سعيد ) وفهم المعنى ،لأن (أبا سعيد ) هى كنية رجل مشهور باللواط فى منطقة الخريبة فى بغداد ـ أى زميل ليحيى ـ لذا أمر يحيى بحبس العميان ، فتصارخوا حتى وصل صراخهم للخليفة . أى هنا لمحة أخرى من لمحات الظلم ومنع الصدقات لمستحقيها واستخدام القاضى لسلطته ضدهم ، وسكوت الخليفة المأمون عنه .
ومع الجور والظلم كان يحيى حسودا يخشى ظهور من ينافسه فى العلم حتى لا ينافسه الحظوة عند المأمون ، تقول الرواية ( كان يحيى بن اكثم يحسد حسدًا شديدًا ، وكان مفتنًا ، وكان اذا نظر الى رجل يحفظ الفقه سأله عن الحديث، واذا رآه يحفظ الحديث سأله عن النحو، واذا رآه يعلم النحو سأله عن الكلام ليقطعه ويخجله، فدخل اليه رجل من اهل خراسان ذكي حافظ ، فناظره فراه مفتنًا فقال له: نظرت في الحديث قال: نعم! قال: فما تحفظ من الاصول قال: احفظ عن شريك عن ابي اسحاق عن الحارث: ان عليًا رضي الله عنه رجم لوطيًا ) . فامسك يحيى ولم يكلمه . مثل العميان قام الرجل الخراسانى هنا بتأليف رواية تزعم أن عليا رجم لوطيا ، ولم يحدث هذا بالطبع ، ولكنها كانت حيلة الخراساتى ليسكت يحيى .
وفى مجلس حكمه فى الموصل جاءه شاب بارع الجمال يشكو إخوته فى مسألة ميراث ، فنسى قاضى القضاة نفسه و مكانته ، وأخذ يغازل الشاب علنا ، وبسبب شهرة يحيى بالشذوذ واستعماله سلطته فى الفسق بمن يريد فقد خافت الأم على ابنها من قاضى القضاة فهربت به الى بغداد: تقول الرواية ( استعدى ابن ابي عمار بن ابي الخطيب يحيى بن اكثم على ورثة ابيه ، وكان بارع الجمال، فقال: ايها القاضي اعدني عليهم قال: فمن يعديني انا على عينيك قال: فهربت به امه الى بغداد فقال لها وقد تقدمت اليه: والله لا انفذت لكم حكمًا او ترديه فهو اولى بالمطالبة منك .) أى تقدمت الم بالشكوى فرفض يحيى أن يحكم لها إلا إذا أرجعت له الولد الشاب .
ولنا أن نتخيل هذا القاضى فى سطوته وفى إنقياده لشهوته كيف كان يتصرف مع أولاد المسلمين ، خصوصا من كان منهم فى إحتياج له. والتوضيح نجده فى تلك الرواية ( لما عزل اسماعيل بن حماد عن البصرة شيعوه فقالوا: عففت عن أموالنا وعن دمائنا . فقال: وعن ابنائكم .!! يعرض بيحيى بن اكثم في اللواط .) اسماعيل هذا توفى عام 212 ، وهو حفيد الامام أبى حنيفة، وكان فقيهًا حنفيا على مذهب جدّه ، وتولى قضاء الرصافة سنة اربع وتسعين فاقام مدة ثم تولي قضاء البصرة سنة 210 بعد عزل يحيى بن اكثم . والمستفاد من الرواية أن حفيد أبى حنيفة عندما ترك منصبه معزولا شيعه أهل البصرة يشكرونه على عدله وعلى عفته ، وأنه (عفّ ) عن أموالهم ودمائهم فقال إنه عفّ أيضا عن أبنائهم ، أى لم يفعل مثل ما كان يفعله يحيى بن الأكثم من الفحش بأبنائهم حين كان قاضيا على البصرة .
هذا ما كان يفعله يحيى بن أكثم مع أبناء الناس فى المناطق التى له فيها سيطرة . فماذا كان يفعل مع تلاميذه الذين يكتبون عنه ويسمعون منه الحديث وينتظرون منه المساعدة فى الحصول على الوظائف و الصلة بالحكام ؟ هل كان يمسك نفسه إذا وجد من بينهم تلميذا جميلا ؟ لا نعتقد ، خصوصا مع خلوته بهم أو ببعضهم . الرواية التالية تقول لنا ما الذى كان يفعله علنا مع بعض تلاميذه ومن يستملى منه ويكتب عنه ، فقد أخذ يغازل تلميذا بيده و كلامه يراوده على نفسه فى حضور الناس مما أخجل الشاب ، ولكن الشيخ القاضى الفاسق لم يخجل ، تقول الرواية ( كان زيدان الكاتب يكتب بين يدي يحيى بن اكثم القاضي وكان جميلا متناهي الجمال ، فقرص القاضي خده فخجل واستحيى فطرح القلم من يده ، فقال له يحيى: اكتب ما املي عليك ثم قال:
ايا قمرًا جمشته فتغضبا واصبح لي من تيهه متجنبا
لا تظهر الاصداغ للناس فتنة وتجعل منها فوق خديك عقربا
فتقتل مشتاقًا وتفتن ناسكًا وتترك قاضي المسلمين معذبا.) أى ألزم الشاب أن يكتب تغزله فيه ..!!
هذا ما كان يفعله علنا مع تلامذته،لا يستطيع كبح جماح شهوته الشاذة ، فكيف به معهم فى الخلوة والسّر ؟ وبالمناسبة نتذكر أن من أهم تلاميذ يحيى بن أكثم شخصا أصبح فيما بعد من أئمة الحديث المقدسين حتى الان ، هو البخارى ..فماذا كان يفعل يحيى بن أكثم بالبخارى فى شبابه ؟ .. يا نهار إسود ..!!
دفاع السنيين عن يحيى بن أكثم :
1 ـ بعضهم هاجمه بقسوة ، ونقل ابن الجوزى آراءهم فيه فقال ( وقد تكلم المحدثون في يحيى بن اكثم، فقال ابو عاصم ويحيى بن معين: يحيى بن اكثم كذاب، وقال اسحاق بن راهويه: هو دجال ، وقال ابو علي صالح بن محمد البغدادي: كان يحدث عن عبد الله بن ادريس احاديث لم نسمعها ، وقال ابو الفتح الازدي: روى عن الثقات عجائب لا يتابع عليها .) ونلاحظ أن أحدهم لم يوجه نقدا ليحيى فى موضوع الشذوذ الجنسى لأنه لم يكن عندهم عيبا . ومبلغ علمى أن الشذوذ الجنسى ليس على لائحة الاتهامات التى تسقط عدالة الفقيه والمحدث ، حيث كان الشذوذ ظاهرة إجتماعية معترفا بها تركت بصماتها على الأدب العباسى وفقهاء و خلفاء العصر العباسى الذى أنتج لنا آلهة الدين السنى والدين الشيعى والدين الصوفى . هذا فى الوقت الذى لم تعرفه أوربا على الاطلاق . أليس من حقكم أن تفتخروا بأسلافكم أيها السلفيون ؟
2 ـ ولأن يحيى بن أكثم كان يقول ( القرآن كلام الله ،فمن قال مخلوق يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه ) فقد كوفىء من الفقهاء الحنابلة على وقفته معهم بأن إفتروا له بعض أحاديث ترفع من شأنه بعد موته .
وننقل منها هذا الهراء :( اخبرنا القزاز قال: اخبرنا احمد بن علي الحافظ قال: اخبرنا محمد بن الحسين بن سليمان المعدل قال: اخبرنا ابو الفضل الزهري قال: حدثنا احمد بن محمد الزعفراني قال: حدثنا ابو العباس بن واصل قال: سمعت محمد بن عبد الرحمن الصيرفي قال: راى جار لنا يحيى بن اكثم بعد موته في منامه فقال له: ما فعل الله بك فقال: وقفت بين يديه فقال لي سوءة لك يا شيخ فقلت: يا رب ان رسولك صلى الله عليه وسلم قال: " انك لتستحي من ابناء الثمانين ان تعذبهم " وانا ابن ثمانين اسير الله في الارض فقال لي: صدق رسولي قد عفوت عنك .) بهذه الرؤيا المنامية يفترون على الله جل وعلا كذبا أنه غفر ليحيى لأنه جل وعلا يستحى أن يعذب رجلا مات بعد أن جاوز الثمانين . و طبقا للدين السّنى ووحيه الكاذب هذا فلا شك أن مستبدى عصرنا الذين تجاوزوا الثمانين سيفرحون بهذا الافتراء بعد أن ظلوا عشرات العوام يرتكبون الجرائم ويبغون فى الأرض ، ثم تأتيهم المكافأة فى نهاية الخدمة .!!.
وتأتى رواية أخرى بالمزيد من الهراء يرويها نفس الكذّاب الأشر المسمى بالقزاز ( اخبرنا القزاز قال: اخبرنا احمد بن علي الخطيب قال: اخبرنا القاضي ابو العلاء الواسطي قال: حدثنا ابو بكر محمد بن احمد المفيد قال: حدثنا عمر بن سعد بن سنان قال: حدثنا محمد بن سلم الخواص قال: رايت يحيى بن اكثم القاضي في المنام فقلت له: ما فعل الله بك فقال لي: وقفني بين يديه وقال لي: يا شيخ السوء لولا شيبتك لاحرقنك بالنار فاخذني ما ياخذ العبد بيد يدي مولاه فلما افقت قال لي: يا شيخ السوء لولا شيبتك لاحرقنك بالنار فلما افقت قلت: يا رب ما هكذا حدثت عنك فقال الله تعالى: وما حدثت عني - وهو اعلم بذلك - قلت: حدثني عبد الرزاق بن همام حدثنا معمر بن راشد عن ابن شهاب الزهري عن انس بن مالك عن نبيك صلى الله عليه وسلم عن جبريل عنك يا عظيم انك قلت: " ما شاب لي عبد في الاسلام شيبة الا استحييت منه ان اعذبه بالنار " . فقال الله عز وجل: صدق عبد الرزاق وصدق معمر وصدق الزهري وصدق انس وصدق نبيي وصدق جبريل وانا قلت ذلك انطلقوا به الى الجنة . ) هل هناك إفتراء على الله جل وعلا أفظع من ذلك ؟ وهل هناك استخفاف برب العزة مثل ذلك ؟ ومن قبحها وسفالتها نستحى من تحليلها ..
أخيرا : حقائق تاريخية لمجرد الذكرى
1 ـ الخليفة المستبد (المأمون) هو المسئول عن فساد القاضى (يحيى بن الأكثم)
2 ـ اشتهر يحيى بن الأكثم باستغلال وظيفة القضاء فى إشباع نزواته الشاذة ،وعلى سنته سار الكثيرون،ولا يزالون ، من الحقبة العباسية الى الحقبة النفطية .
3 ـ الشذوذ الجنسى تسامح معه الدين السّنى فى العصر العباسى حيث كان تشريعا إجتماعيا مارسه بعض الخلفاء والفقهاء والعوام والدهماء ، بل دافع عنه بعضهم بالوحى الكاذب ، مما مهّد للصوفية فى العصر المملوكى بعدهم أن يجعلوا الشذوذ عبادة دينية على نحو ما سنتوقف معه ٍٍٍٍفيما بعد.
آخر السطر
1 ـ اين الاسلام من كل هذا ؟
2 ـ ألا لعنة الله على الظالمين .!!
الغريب في الأمر أن هناك العديد من المدارس في السعودية تحمل إسم يحى بن أكثم ، فهل لا يوجد أي أعلام غيره لكي يسمون به مدارسهم ؟ أم لماذا إذن إصرارهم على جعل مدارسهم تحمل إسم هذا الرجل المشكوك في أمره ، ولا يستطيع أحد نكران هذه الاتهامات لأن معظم المراجع ذكرت هذا الوباء المعروف عن ذلك المسمى يحي بن أكثم .
وطالما استبد بالأمر فإن هذا الظلم سيمتد الى أعوانه وفى مقدمتهم القضاة المنوط بهم تحقيق العدل بين الناس فى القضايا العادية.والمأمون الذى يتباكى هنا على ضياع العدل ويحمّل المسئولية للقضاة هو ينافق ويكذب ، إذ كان يحلو له أن يتحدث عن مناقبه الشخصية أمام جلسائه ليحكيها عنه جلساؤه يمدحونه بين رواة الأخبار والأحاديث لتتعطر سيرته فيما بعده . ولقد قال المأمون عن نفسه أمامهم فى إحدى جلساته (أنا والله أستلذ العفو حتى أخاف أن لا أؤجر عليه ، ولو عرف الناس مقدار محبتى للعفو لتقربوا لى بالذنوب) هذا المأمون هو نفسه الذى قَتَل فى شهر ذى القعدة سنة 200 بن عامر بن اسماعيل لأن اغلظ له فقال له: امير الكافرين . ( المنتظم 10 / 65 ، 86 ).والمأمون الذى كان يتباهى بسعة الأفق وبأن يتناظر مع خصومه بحرية هو الذى ألزم مثقفى دولته من الفقهاء و المحدثين والقضاة و الكتّاب بالقول بأن القرآن مخلوق ، بل ألزم ولى عهده المعتصم بذلك بعد موته .والمأمون الذى تستّر على قاضى القضاة يحيى بن أكثم أشهر (لوطى ) فى العصر العباسى قائلا عنه (أما يحيى بن أكثم فما ندري ما عيبه! أما ظاهره فأعف خلق الله . ) هو نفسه المأمون الذى غضب قبيل موته على القاضى يحيى بن أكثم ـ ليس لأن يحيى منحل وفاسد خلقيا ـ ولكن لأن يحيى خالف المامون فى موضوع خلق القرآن. أى إن المأمون هو منبع الفساد
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,690,191 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
ليس إبنى من صُلبى : كنت فى امريك ا بلا ورق فتزوج ت لآحصل على...
مللنا من هذا السؤال: السلا م عليكم لي صديق قرأني ، كنت في الساب ق ...
هل نحن شيعة ويهود؟: رأيي أنكم مدلسو ن يهود تسعون لهدم هذا...
لغة الأحاديث : يلاحظ اختلا ف مستوى الأحا ديث من حيث...
الطلاق فى اليمن : سؤال عن حالة طلاق في مجتمع نا نحن أخي احمد في...
more
خلاصة المقال هو الآية الكريمة ( ألا لعنة الله على الظالمين ) فهؤلاء الظالمين هم من أفتروا على الله ورسوله وهم بذلك قد أستحقوا اللعنة عن جدارة وإستحقاق ، فها هو البخاري وشيخه يحيى بن أكثم تقول عنه المصادر التاريخية أنه كان شاذا جنسيا مهتمين جدا برواية الحديث وتدوينه ، ومع ذلك يزعمون ان الرواية لا تصح إلا عن عدول فكيف إذن ؟؟، سبحان الله ..
ومن الممكن أن نتساءل هل الإعتداء على البلاد المجاورة وسبي نسائها ورجالها من ضمن العوامل التي أدت بهؤلاء لشيوع الفاحشة وفساد الأمراء والقضاة ، ومن ثم أنعكس هذا على نوع التدين والذي أختاروه لكي يحل لهم الحرام ويحرم عليهم الحلال .. هل للمال الحرام والذي أخذوه ليس عن وجه حق دور في هذا الإنحلال والفساد ..؟؟!! سبحان الله فإن سنة الله نافذة ..!!