المشيئة و العلم الإلهى و القضاء وتشكل القدر ومدى الأختيار فى الدنيا

مصطفى فهمى Ýí 2008-10-19


المشيئة و العلم الإلهى و القضاء وتشكل القدر و مدى الاختيار فى الحياة الدنيا  (01-03-2008 إصدار 1.08)

لقد أختلف الناس على مر الزمان و اختلط عليهم فهم الفرق بين التواكل و التوكل و هل الإنسان مخيراً أم مسيراً فى الحياة الدنيا؟ و ما هى حدود مسئوليته عن أفعاله و أعماله أمام الله؟ و ما هى قدرته و مدى تحكمه فى الحصول على نتائج تلك الأعمال و الأفعال عند الأخذ بأسبابها؟.



كل تلك التساؤلات واختلاف الإجابة عليها فى كل مكان و على مدى الزمان فى رأينا كانت نتيجة التفات الناس عن ضرورة الفصل بين المشيئة الإلهية و العلم الإلهى و فهم استقلالية كل منهما، ثم فهم حدود إرادة الفرد و قدرته على تفعيلها و مدى حريته فى الاختيار و تمكنه من استخدام الأسباب فى وجود قضاء الله و تشكل القدر فى الحياة الدنيا

و نحاول فيما يلى و حسب قدرتنا المتواضعة أن نستوضح تلك المنظومة التى تبدو مركبة معقدة لمن لا يريد الفهم وهى فى الحقيقة واضحة و بسيطة، لمن يستعين بالعقل فى فهم رسالة الله الموجهة لنا من خلال آيات القرآن و بالمنطق البسيط المنضبط من خلال العقل الممنوح المتاح لنا من الخالق، وعلى كل قارئ أن يصل بنفسه لقناعة تعينه فى حركته فى الحياة التى هى معبر لحياة الآخرة، و الله المستعان

المشيئة المشيئة الإلهية هى إرادة الله التى أرادها و لا يسأل عنها و سنته التى لا تتبدل فى كل مخلوقاته و لكل خلقة
{سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلا (77) الإسراء}
{ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلا (62) الأحزاب}
والمشيئة كما نراها ثلاث، و نرى تسميتها و وصفها بالأتى:

الأولى مشيئة الجبلية: هى أراده الله فى خلقه والتى جَبل الله عليها كل مخلوقاته بما يراه و يريده فكان قضائه المطلق "بكن فيكون" من ناموس و قوانين وسنن كونية ثابتة لا تتغير و لا تتبدل وهذه المشيئة تطول كل الخلق و تحيط بهم ولا طريق أو سبيل لتغييرها أو الفكاك منها بل الخضوع لها هو الأمر المحتوم ولا يُسأل الله عنها، لكن استعمال ما يكشفه الله لنا فقط هو المتاح ( الأخذ بالأسباب). و نوجز فى ذلك بعض الآيات
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) البقرة}
{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22) البقرة}
{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) البقرة}
{الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) فاطر}
{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) يونس}
{أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلا (45) ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا (46) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (47) الفرقان}

الثانية مشيئة الحرية: هى الحرية التى ارتضاها الله لعباده و شاء أن تكون لهم لتصبح حجة عليهم عند الحساب، فجعل سماحته بتلك الحرية التزام عليه حتى لو كانت تلك الحرية السبيل لكفرهم به، و نوجز فى ذلك بعض الآيات
{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)} المائدة
{وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (35) الأنعام}
{قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149) الأنعام}
{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) يونس}
{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) يوسف}

الثالثة مشيئة الهداية: هى المشيئة التى قررها و ارتضاها الله لهداية عباده المكلفين (وصاياه و أوامره و حدوده) بما يراه لصلاح حركة الحياة الدنيا و ترك لهم حرية واختيار إتباعها. و نوجز فى ذلك بعض الآيات
{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) الأنعام}
وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ..... (29) الكهف}
{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) المدثر}
{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا (29) الإنسان}

العلم الإلهى
هو علم سابق و مطلق لنتائج واقعه فى علمه (لأنه العليم و لا زمن عنده)، مكتوبة و محفوظة لديه، ذلك العلم يحوى ما حدث و يحدث وسيحدث لخلقه فى الزمن الدنيوى نتيجة :
(1) حركة خلقه فى الدنيا و بطبيعة المكان وموقع الزمان الواقعة فيه الحركة (كلُّ مخلوق حسب تكليفه)
(2) و فى نطاق خضوعهم لمشيئته الجبلية (الناموس و القوانين الكونية)
(3) و فى حدود حريتهم فى الاختيار (المقيدة المحدودة فى الحركة بالقوانين الكونية و المتاحة المفتوحة فى العقيدة)
(4) و باختيارهم (المكلفين منهم) فى إتباع مشيئته الهادية (وصاياه لعباده) التى ارتضاها لهم.
و العلم السابق بالشيء لا يعنى التدخل فى صنعه، و عِلم الله السابق لا يعنى بالضرورة التدخل فى صنع المعلوم له و المحفوظ لديه
والحجة علينا تقوم على ما فعلناه و نفعله و سنفعله فى الزمن الدنيوى، وهو بقدرته معلوم له مسبقا و محفوظ عنده. و نوجز فى ذلك بعض الآيات
{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) هود}
{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (59) الأنعام}
{وَمَا مِنْ غَائِبَةٍ فِي السَّمَاءِ وَالأرْضِ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (75) النمل}
{قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ (4) ق}
{قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) التوبة}
{ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجًا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (11) فاطر}

القضاء
قضاء الله هو
1- وضع مشيئته الجبلية المطلقة (الناموس و القوانين الكونية) موضع التنفيذ "بكن فيكون" و تقدير مقدارها. و نوجز فى ذلك بعض الآيات
{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117) البقرة}
{قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (47) آل عمران}
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (73) الأنعام}
{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21) الحجر}
{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) الشورى}
{الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) الفرقان}
2- جعل مشيئة الحرية للعباد التزام عليه - هو الله - حتى لو كانت تلك الحرية السبيل لكفرهم به. و نوجز فى ذلك بعض الآيات
{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) النساء}
{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) الأنعام}
3- وضع مشيئته الهادية (وصاياه و أوامره وحدوده) موضع الإبلاغ "عن طريق الرسل". و نوجز فى ذلك بعض الآيات
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا (23) الإسراء}
{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153) الأنعام}
{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) التوبة}

القدر
القدر هو ناتج عمل تفاعل الناموس و القوانين الكونية وحركة المخلوقات فى المكان و الزمان
و يتشكل القدر بتفاعل كل عناصره الموجودة من مخلوقات الله (التى نعلمها و التى لا نعلمها و المعلومة لديه لأنه الخالق) و ذلك التفاعل ينتج آثاره - التى نعلمها و التى لا نعلمها و المعلومة لديه لأنه العليم- و يشكل قدر كل مخلوق. ويتحقق ذلك القدر:
(1) بحركة خلقه فى الدنيا و بطبيعة المكان وموقع الزمان الواقعة فيه الحركة (كلٌ مخلوق حسب تكليفه)
(2) و فى نطاق خضوعهم لمشيئته الجبلية (الناموس و القوانين الكونية)
(3) و فى حدود حريتهم فى الاختيار (المقيدة المحدودة فى الحركة بالقوانين الكونية و المتاحة المفتوحة فى العقيدة)
(4) و باختيارهم (المكلفين منهم) فى إتباع مشيئته الهادية (وصاياه لعباده) التى ارتضاها لهم.
و نوجز فى ذلك بعض الآيات
{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا (12) وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا (15) وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17) الإسراء}

و يكون السؤال: هل الإنسان مخيرا أم مسيرا؟ الإنسان المكلف مخيرا فى إتباع أو عدم إتباع المشيئة الهادية، ولكن كون أدوات و محيط حركته - التى يستعين بها فى تنفيذ نواياه و إرادته - مسيرة و محكومة و مقيدة بالمشيئة الجبلية الفاعلة التى لا راد لها، و بالإضافة إلى ذلك أن تنفيذ تلك النوايا و الإرادة و تحقيق نتائجها و تحصيل آثارها، هى أيضا تكون متأثرة و محكومة و مقيدة باختيارات الآخرين الخارجة عن سيطرته، و كل تلك الثوابت و المتغيرات من قوانين كونية و نظم وضعية و قيود مجتمعية و حركة باقى الخلق - المعلوم منها والمحسوب و غير المعلوم منها و غير المحسوب، الإلهى منها و الوضعى -، قد تساعد الإنسان و تؤيده أو تكون عقبة أمامه فى إتمام تنفيذ اختياره و ترجمة نواياه و أفكاره إلى عمل أو فعل أو أثر يريده و يعبر عن نواياه و إرادته، و بذلك لا يتبقى له من أدواته غير فكره النابع من عقله و نيته النابعة من قلبه، و يكون مسئولا فيها أمام الله.
ومن رحمة الله علينا أن تحسب لنا نوايانا و أفكارنا بالخير - على قدر معرفتنا و فى اتجاه ما ارتضاه الله لنا و كلفنا به - المصحوبة بإرادة العمل و الفعل، إن تمت وأتت بآثارها أو إن تمت و لم تؤتى بآثارها أو لم تتم، و لا تحسب علينا نوايانا وأفكارنا بالشر - على قدر معرفتنا و فى عكس اتجاه ما ارتضاه الله لنا و كلفنا به - و إن كانت مصحوبة بإرادة العمل و الفعل، أن لم تتم أو أن تمت و لم تؤتى بآثارها، أما إن أتت بآثارها فتحسب علينا.
أما ذكر و تأكيد مرجعية المشيئة و الضلالة و التيسير إلى الله فى القرآن، فمرد ذلك إلى أن الله هو صاحب و خالق تلك القوانين و الأسباب و الأدوات المتاحة للناس لتنفيذ إرادتهم، وليس هناك وسيلة للالتفات عنها و الخروج عليها أو بديل للاستعاضة عنها، فكذلك كل فعل يقع منهم يكون مرجعة إلى الله و بإذنه و مشيئته.
و نوجز فى ذلك بعض الآيات
{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا (29) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) الإنسان}
{إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (27) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ (28) وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (29) التكوير}
{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) الشمس}
{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ و أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (23) الجاثية}
{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3) الإنسان} 
{ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (4) فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) الليل}

وينفى الله عن ذاته سبحانه تدخله فى اختيار المكلفين و يؤكد سماحته بالتزامه حريتهم.
و نوجز فى ذلك بعض الآيات
{وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (19) يونس}
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (110) هود}
{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) الأنعام}

هذا قولنا و فهمنا من مكاننا و فى زماننا و حسب علمنا و يجب أن يأتى من بعدنا من يفعل مثلنا.

و الله أعلم

مصطفى فهمى

المراجع:
(1) العقل للفهم. (2) القرآن بفهمه بالعقل.

اجمالي القراءات 32519

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (16)
1   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الأحد ١٩ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28539]

أشكرك استاذ - مصطفى فهمى

أهلا بك استاذ - مصطفى فهمى - على موقع أهل القرآن المبارك ، واشكرك على تنويهك لى ولأخى الأستاذ - شادى طلعت - وسأقرأ المقالة بالتأكيد إن شاء الله ، وأحببت أن أرحب بك وأشكرك أولاً ،ثم سنكتب تعقيباً عليها إن شاء الله لاحقاً بعد قرائتها . وأهلا بكم مرة أخرى .


2   تعليق بواسطة   محمد حبش     في   الأحد ١٩ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28542]

نحن لا نعرف وكفى

أنت حاولت التوفيق بين صفة  الله العالم وبين منحه الحريه للانسان فى الاختيار وبصراحه أجد تعسف فى المحاوله ومن وجهة نظرى من الأفضل أن نعترف أننا (لا نعرف)بدلا من ذلك:


أنت تقول (و العلم السابق بالشيء لا يعنى التدخل فى صنعه، و عِلم الله السابق لا يعنى بالضرورة التدخل فى صنع المعلوم له و المحفوظ لديه

)


وبصراحه لا أجد ذلك منطقيا ,فمادام هذا(الشىء)معلوم مسبقا والعالم هو الله فبالتالى لا يمكن أن يختلف هذا الشىء عما هو معلوم به عند الله


3   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الأحد ١٩ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28547]

أهلا بك أستاذ مصطفى ومرحبا

أهلا بك أستاذ مصطفى فهمى... ونرجو ان نستفيد منك و تستفيد منا ، و أن نتعلم معا من كتاب الله جل وعلا..


وفقك الله تعالى وجزاك خيرا ..


وفى انتظار المزيد من كتاباتك وتعليقاتك ..


4   تعليق بواسطة   مصطفى فهمى     في   الإثنين ٢٠ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28562]

شكرا د. منصور

أخى د. أحمد صبحى منصور


نشكركم على حسن استقبالكم لنا و نوئيد ما قلتموه و نضيف عن قناعة: (من قال أنا العَالِمُ و لا غيرى فإنه الجاهل الأول) و ينطبق هذا أول ما ينطبق عَلىّ أنا


مصطفى فهمى



5   تعليق بواسطة   مصطفى فهمى     في   الإثنين ٢٠ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28563]

تعليقنا على تعليق أخى محمد حبش

أخى محمد حبش


أنا أسف، فقد أكون قد قصرت فى الإسهاب فى شرح تلك النقطة التى علقتم عليها

مع عدم إفساد الود أنا أختلف معك فى مقولة (نحن لا نعرف و كفى)، إن الله جعل فينا العقل و الإدراك بخلاف كل خلقه و هذه هى الأمانة التى عرضها الله على خلقة فقبلها الإنسان فكان بذلك الاختيار الأول له حتى و إن كان بهذا الاختيار ظلم نفسه و أثبت جهلة بحمله أعباء و عواقب ذلك الاختيار{إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)الأحزاب} و بالمنطق لا يمكن تصور أن الله بعدله يخيرنا أولا و يلقى على كاهلنا أعباء ذلك الاختيار ثم يجردنا آخر الأمر من القدرة على الاختيار عند نزولنا ملعب الحياة الدنيا لمجابهة تلك الأعباء {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) الشمس}.

إن الله عنده العلم كامل من الأزل إلى الأبد ومن الأول للأخر أى أن علمه حقيقى و ليس (تنبؤى) (لأنه العليم و لا زمن عنده) و هو خارج قوانينه الكونية و منها الزمن المخلوق فى الحياة الدنيا {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (5) إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (6) يونس} فإن الماضى و الحاضر و المستقبل هو زمن بالنسبة لخلق الله فقط و من ضمنهم الإنسان

{هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (3) الحديد}{قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51) التوبة} ما كتبه الله (لنا و ليس علينا) كان حاصل بعلم حقيقي و ليس (تنبؤى) لأن الله خارج عن زمن ما حصل و يحصل و سيحصل لنا داخل زمننا المخلوق فى الحياة الدنيا و منطقيا (لا يمكن أن ما حصل و يحصل و سيحصل فى زمننا المخلوق، أن يختلف عما هو معلوم عند الله لكل الزمن المخلوق من موقفه هو الله خارج هذا الزمن) و هذا العلم بهذه الماهية يكون ليس بدليل على تدخله فى حرية الاختيار و تنفيذ الاختيار عند الإنسان العاقل المكلف (بكل القيود التى شرحناها بالتفصيل فى نهاية البحث)

أما إذا أخذناها دليل على عدم حرية الاختيار فتكون قضية اختيار الاعتقاد فى و جود إله و الرسالات الإلهية و الثواب و العقاب على الأفعال فى الحياة الدنيا، أمرا لا لزوم له و تحصيل حاصل


و الله أعلم

مصطفى فهمى


6   تعليق بواسطة   شريف صادق     في   الإثنين ٢٠ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28571]

السيد مصطفى فهمى

بعد التحية والسلام ..

أعجبنى إجتهاد مقالكم .. وبالذات الخلاصة .. وهى أخر فقرة  .. ألا وهى ما أؤمن به تماما ..


وأعجبنى أكثر ردكم على تعليق السيد محمد حبش بشرحكم ما هو الأختيار الآول للآنسان مستشهدين بالآيات القرآنية .. وكذلك التفريق بأن علم الله بالشيئ مسبقا هذا شيئا .. وتدخل الله فى إختيار الأنسان (( فيما هو محاسبا عليه )) شيئا أخر .. وكذلك ان الزمن النسبى لنا لا ينطبق على الله الذى ليس كمثله شيئ ..


وأعجبنى أكثر وأكثر .. قولكم :

{من قال أنا العَالِمُ و لا غيرى فإنه الجاهل الأول}

وينطبق هذا ايضا أول ما ينطبق من المعلقين على أنا ..

والسلام ..


7   تعليق بواسطة   محمد حبش     في   الإثنين ٢٠ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28575]

أخى المحترم مصطفى

أوردت بعض النقاط لكنها لم تناقض مقولة(نحن لا نعرف وكفى)أو لنقل(نحن مازلنا لا نعرف)


انظر أخى الفاضل:لا نختلف على عدل الله ولا على اعطائه الانسان حرية الاختيار ولكن لا أجد محاولات اثبات ذلك بالمنطق محاولات ناجحه حتى الأن على الأقل.ان معانى كثيره لا نفهمها بأدوات الفهم عندنا ومنها أن الله هو خالق الزمن وبالتالى لا زمن عنده ,فهل معنى ذلك أنه عند البدايه الأولى كان الأستاذ (س)فى الجنه والأستاذ(ص) فى النار فى علم الله الحقيقى وليس التنبؤى وبعد خلق الزمن هل يمكن أن يكون مصير (س) أو(ص)خلاف ماهو مقرر فى البدايه.


انظر أستاذ مصطفى لفقرتك الأخيره:(أما إذا أخذناها دليل على عدم حرية الاختيار فتكون قضية اختيار الاعتقاد فى و جود إله و الرسالات الإلهية و الثواب و العقاب على الأفعال فى الحياة الدنيا، أمرا لا لزوم له و تحصيل حاصل )


ولأنك تقول فيها(أما إذا أخذناها دليل على عدم حرية الاختيار )فواضح منه اعترافك شخصيا على امكانية أخذها دليل على الاجبار


شكرا لك 


8   تعليق بواسطة   مصطفى فهمى     في   الإثنين ٢٠ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28577]

ولا زمان يا شريف ....


الظاهر إننا على (موجى) واحدة


شكرا


9   تعليق بواسطة   شريف صادق     في   الإثنين ٢٠ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28582]

والله زمان يا مصطفى ..

أحسنت ..


10   تعليق بواسطة   شريف هادي     في   الإثنين ٢٠ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28585]

الاستاذ الكريم مصطفى فهمي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نورت الموقع وإن شاء الله تكون إضافة نتعلم منها ونتفاعل معها

لي بحث في الجبر والأختيار أسمه (علم الإرادة وعلم الإحاطة وعلم الجمع) على الرابط


http://www.ahl-alquran.com/arabic/show_article.php?main_id=3835

برجاء قراءته ، ولكم جزيل الشكر

شريف هادي


11   تعليق بواسطة   محمد حبش     في   الإثنين ٢٠ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28586]

الأستاذ أحمد ابراهيم

ما فهمته أنت من ممانعتى للتفكير غير صحيح لكن ممانعتى هى للتعسف فى اثبات أشياء معينه مثل العدل الالهى أو ما ذكره الأستاذ فهمى من عدم التعارض بين علم الله وبين حرية الانسان فى الاختيار.


أما عن الزمن فكان كلامه أن علم الله بما سيحدث لا يتعارض مع حرية الانسان فى الاختيار وأن الله خلق الزمن وكان ردى أننا لا نفهم حتى الأن هذه الأشياء بدليل أنه منطقيا اذا علم الله أن واحد فى الجنه  وأخر فى النار سواء خلقت النار أو لم تخلق بعد فان نهايتهما لا يمكن أن تختلف عما هو فى علم الله  ,


شكرا لك


12   تعليق بواسطة   مصطفى فهمى     في   الإثنين ٢٠ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28587]

تعليقنا الثانى على تعليق أخى محمد حبش

أخى محمد حبش

1- أرى أنك مازلت أسير الزمن المخلوق، عند الله كل الأشياء تامة فلا أول عند الله و لا آخر و لا ترتيب زمنى للأحداث و لا يوجد فعل ماضى أو حاضر أو مستقبل ، أما عندما يخاطبنا الله و يقول {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ} فإنه يخاطبنا بالمجاز للتقريب لنا من خلال لغة مفرداتها قاصرة عن وصف ماهيته و لكنها محفزة للعقل لمحاولة تصور منطقى لتلك الماهية من خلال موقفنا و واقعنا الدنيوى

2- إننا لا نملك غير المنطق و العقل (حتى الآن على الأقل) و علينا السعى لحل الإشكال منطقيا، فإذا أخذنا بفهمكم و منطقكم سيكون هناك تواكل و ينعدم السعى و العمل فى الدنيا، فهل هذا مراد الله و قد قال {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105) التوبة}

3- إن عرضى لعدم حرية الاختيار كان (عرضا لوجهة نظرك) و رأيى فيها


13   تعليق بواسطة   مصطفى فهمى     في   الإثنين ٢٠ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28594]

سعدت بمداخلتك

أخى شريف هادى

سعدت بمداخلتك

قرأت بحثك و أنا معك فى كثير ما استخلصته و لكن أختلف معك فى فهم تدخل الله بمشيئة تدخلا مباشرا يدفع أو يحبط أعمال مع أو ضد بشر فهذا فى حسب قناعتى إخلال بالعدل فى الدنيا وإدخال لله فى الزمن معنا، و نحن و الزمن مخلوقان له و يعطينى كذلك الفرصة ((مجازا)) للمجادلة سواء فى الدنيا أو عند الحساب بدعوى لماذا نصرت هذا على ذاك؟

إن قناعتى وهى واضحة فى مقالى - و يسعدنى أن تقرأه إن كنت لم تقرأه - و ملخصها أن الله حاضر بقضائه أى قوانينه و سننه لا فكاك منها نسعى بها للخير أو للشر و منها ما يصيبنا بالخير أو بالشر متأثرة بتداخل حركة كل المخلوقات متداخلة مع حركتنا فينتج قدرنا

أخى طالما عندك و عندى عقل و نستعمله فسيرى كل واحد منا الله بطريقة مختلفة و القرآن سيحمل وجه من يقرأه و الحمد لله أننا لسنا من التابعين


14   تعليق بواسطة   شريف هادي     في   الإثنين ٢٠ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28598]

نتفق في كثير

أخي الأستاذ مصطفى


نعم لقد قرأت بحثك ولما وجدت مساحة الاتفاق بيننا أكبر بكثير من نقاط الاختلاف ، كتبت لك لتطالع بحثي السابق


أما عن تدخل الله بمشيئته ليدفع أو يحبط أعمال مع أو ضد البشر ، فهي التفسير الوحيد لقصة العبد الصالح ، مع نبي الله موسى عليه السلام ، ولو كان عندك تفسير آخر أكثر منطقية ، فأشكركم مسبقا على تفهيمنا وتعليمنا هذا التفسير


أتفق معكم في قولكم (أخى طالما عندك و عندى عقل و نستعمله فسيرى كل واحد منا الله بطريقة مختلفة و القرآن سيحمل وجه من يقرأه و الحمد لله أننا لسنا من التابعين) بشرط أن يرتبط العقل بالعلم ، لا أن نقول عن جهل أو تخبط ، وإلا يصبح ذلك إتباع للهوى ، أعيذك ونفسي من اتباع الهوى


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


شريف هادي


15   تعليق بواسطة   مصطفى فهمى     في   الثلاثاء ٢١ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28631]

تعليقنا على أخى شريف هادى

أخى الفاضل

لا لزوم للتعوذ من القول عن جهل و تخبط و إتباع الهوى، أى جهل؟ فالجهل نسبى حيث لا حقيقة مطلقة، و أى تخبط؟ فما نراه تخبطا يكون بداية العلم حيث لا نهاية له، أما عن الهوى فتحدث و لا حرج فالإنسان خُلق و جُبل منحازا إلى نفسه و هواه (حتى عند إتباعه هدى الله) فإن كنا بمنئى عن الهوى لساد العدل فى الدنيا و أنتهى الخلاف { فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50) القصص}

إن الله كما نتصوره بعقولنا هو الحق المطلق و الثبات المطلق و العدل المطلق فلا مجال لمخلوق نسبى جاهل متخبط ذو هوى إلا أن يستعمل أدواته فى محاولة لفهم المطلق مع فهمه بقصور أدواته.

حينما نريد فهم رسالة الله (المطلق) و معرفة مراده فى شأن خلقه (النسبى) نحاول أن نتمثل المراد من موقف إله مهيمن قادر عادل و ليس من موقف عبد ضعيف خاضع و من موقفنا بين النقيضين يكون فهمنا و يكون القرآن وجه من يفهمه

و نعود للموضوع

إن ما جئت به (قصة العبد الصالح) لدليل و مثال متواضع لتدخل الله المباشر و لسوف أزيدك عليه،

فما قولك بتدخل الله المباشر بتسخير الجان لسليمان و تعليمه لغات غير إنسانيةو كلام عيسى فى المهد و حمل مريم بدون شريك و إصلاح زوجة إبراهيم و إعادة قدرته على الإنجاب و جعل النار بردا و سلاما عليه و سحر موسى و طوفان نوح و و و أليس هذا تدخلا مباشرا من الله على غير نواميسه و قوانينه الثابتة؟

من منا لا يسلم بتدخل الله المباشر باختياره للأنبياء و الرسل و تعليمهم و تأيدهم و تأهيلهم و منحهم النبوة من لدنه بما يراه من أدوات و وسائل سواء وحيا لهم أو بتسخير مخلوقات لهم، فهذه حالات خاصة كلها كانت (حسب زمننا النسبى) تدخلا مباشرا من الله تمهيدا لنبوات و رسالات منه للبشر، و أنا و أنت و غيرنا نؤمن بحدوثها فقط لأنها جاءت فى القرآن الذى نؤمن به و بما فيه من سرد لتلك القصص، الذى لم نكن لنؤمن بها، ولكُنا أول المكذبين لها لو جاءت فى غير القرآن!.

إن ما عرضته عن العبد الصلح كدليل لك على تدخل الله المباشر و ما زدته أنا عليك للبيان، لا يكون من عناصر موضوع ما نبحث فيه و يكون خلط ما بين الاستثناء و العموم و لا يكون عندنا بشئ، فهو كله خارج عن نطاق البشر المعتادين المتلقيين للرسالات المكلفين بها الذين نتكلم عنهم و نبحث علاقتهم بالله


16   تعليق بواسطة   مصطفى فهمى     في   الثلاثاء ٢١ - أكتوبر - ٢٠٠٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[28654]

الأخ شريف هادى، فهم لموضوع العبد الصالح و ربطة بالموضوع الأصلى المطروح

العبد الصالح

إضافة خاصة تُلحقه بالموضوع

{فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا رَكِبَا فِي السَّفِينَةِ خَرَقَهَا قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا (71) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا (73) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلَامًا فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا (74) قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) قَالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْرًا (76) فَانْطَلَقَا حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (77) قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (78) أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا (79) وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا (80) فَأَرَدْنَا أَنْ يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا (81) وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا (82)} الكهف

لفهم تلك الآيات و إخراجها من سياق قصة تقرأ كقصة تاريخية تمثل قدرة الله إلى سياق علم نستخلصه منها و جب علينا أولا الالتفات عن كل ما جاء عنها من خرافات و أساطير فى كتب السلف و نبدأ التفكر فيها بسؤالين

هل سعى العبد لطلب العلم فأخذه أم منح له منحا؟

إن فى كلتا الحالين تستقيم الآية، فالعلم كله من لدن الله سواء سعيا له أم منحا منه {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}البقرة

هل حكم العابد و تصرف بعلمه الذى تعلّمه (سعيا أو مَنحا) أم تصرف بوحى مباشر من الله؟

إن كان تصرف بعلمه الذى تعلمه أو مُنح له فيكون قد سبغ من نفسه على حُكمه وطريقة تصرفه و أصبح الحكم و الفعل وجه فهم صاحبه لما تعلمه، و منسوب له و يقبل الصحة و الخطاء. و إن كان تصرفه و فعله وحيا فلا تعقيب عليه و لا كان هناك لزوم أصلا لعلم تعلمه و بذلك نفهم أن تصرفات العابد الثلاث هى ناتج فهمه للعلم الذى اكتسبه سواء سعيا أو منحا{وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} وليست وحيا

أما عن لزوم تلك الآيات بفهمنا المتواضع، تاريخيا هى تعليما لموسى و على مر الزمان و أى مكان هى صالحة لكل من يقرأها ليتعلم نفس الدرس، فإن العبد بأفعاله هنا يمثل القدر و فعله فى الحياة الدنيا (أرجع لبحثنا أعلاه فقرة القدر و تفعيله) و موسى عندما رأى الفعل و أثرة المباشر بدون أن يعلم أسباب الفعل، يمثل البشر و نظرتهم القاصرة لنتائج و أثر تفعيل القدر


مصطفى فهمى


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2008-09-30
مقالات منشورة : 50
اجمالي القراءات : 1,638,826
تعليقات له : 406
تعليقات عليه : 709
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : Egypt