شريف هادي Ýí 2007-12-07
كنت في زيارة لبلد أجنبي ، وعلى محطة الحافلات في إنتظار حافلة تقلني لوجهتي ، شاهدت شاب وفتاه كلاهما في العقد الثالث من العمر ، يحتضنان بعضهما البعض ويتبادلان قبلات حارة والناس من حولهم غير مكترثين بما يفعلان وعلى بعد خطوات منهما وقف بعض رجال الشرطة لا يعنيهما ما يحدث ، وفكرت قليلا أن ما يفعلانه ينتمي إلي ثقافة مغايرة لثقافتنا الشرقية ، وقد لا نقبله عندنا ولكن فكرت في رد الفعل الشعبي والرسمي لمشهد كهذا في بلدنا ، ووجدتني أعقد مقارنة بيننا وبينهم ، مع أني كشرقي لا أlde;قبل ما يفعلانه ، ولكن أيضا فأنا أرفض نهائيا رد الفعل المتوقع حدوثه عندنا على فعل أقل من هذه القبلات الحارة بمراحل ، فمثلا لو كان مع خطيبته ووضع يده على كتفها ، فسيجد من يسبه من المارة وقد يتعدى عليه بالضرب والإهانة ، فإذا تواجد رجال شرطة أو مخبرين ، فسوف يتعاملون سريعا مع كل منهما بالسب والإهانة أيضا والضرب المبرح ثم ينعتون الفتاة بأفظع الأوصاف ، وأخيرا سيقضيان ليلتهما في القسم وقد تمتد إلي عدة ليال ثم يعرضان على النيابة العامة والتي ستوجه لهما تهمة الفعل الفاضح في الطريق العام ، وينتظران عقوبة ما سوف تنالهما أمام القاضي المختص ، فعندما فكرت في ذلك كله وجدتني مضطرا أرفض ردود أفعالنا تجاه أفعال كهذا ، لأن الطبيعي في حالة وجود فعل يخالف الذوق العام والنظام العام في التدخل يجب أن يكون للإدارة دون الجمهور والتي عليها أيضا أن تطبق القانون مع الاحترام الكامل لمن سيقع تحت طائلة القانون إلي أن يقول القاضي كلمته ، فيمكن مثلا أن ينبه رجل الشرطة الحبيبان أن ما يفعلانه يشكل جريمة وفقا لقانون البلد وعليهما التوقف فورا عن ذلك ، فإذا رفضا ، يقدم لهما خطاب رسمي بالذهاب للمحكمة لمواجهة وكيل النيابة على أن يكون ذلك خلال يوم واحد أو يومين ، وتسير الأمور سيرها الطبيعي دون توجيه أهانات لهما ، وسألت نفسي أيضا لماذا لا يحدث فعلا ذلك وأن تتناسب ردود أفعالنا مع الأفعال ذاتها وألا تكون ردود أفعال خارج السيطرة ، ولماذا لدينا كل هذا الشعمر بالتعالي ، فعقدت المقارنة التالية:
نحن نعيش في الماضي نتجرع أحلامه وننتشي بذكر أحداثه ، نحب أن نقول (كنا) نحكم العالم ، و (كنا) أمة قوية ، و (كنا) حماة الحضارة ، نحن الذين بنينا الأهرامات وعرفنا فن التحنيط ونحن الذين انتصرنا على الهيكسوس وانتصرنا على التتار والصليبين أمجادنا وصلت إلي غرب الصين ومجاهل أفريقيا ووصلنا لجبال طوروس وجبال الألزاز واللورين ، والحقيقة نحن لم نكن ولكن الذين كانوا هم أجدادنا واختلاف الزمان تماما كاختلاف المكان ، فكما لا يحق لنا أن نفتخر بنهضة الصين أو بانتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية فإنه أيضا لا يحق لنا أن نفتخر بفعل الأجداد الذي حتى لم نحافظ عليه ، فهل نستطيع الآن أن نبني هرم بذات مواصفات الأهرام أو نحنط ميت كما حنطه أجدادنا ، هل لو اعتدى علينا اليوم الصليبين أو التتار أقول هل لنا قبل بمواجهتهم؟ ونعلن نفير المعتصم عندما سمع امرأة تقول (وامعتصماه) فقال (لبيك يا أختاه) أم سنقوم بدعمهم وفتح أجوائنا ومياهنا وطرقنا كما يحدث الآن في العراق.
إذا لا يحق لنا أن نقول (كنا) إلا إذا امتدت حلقات المجد حتى وصلتنا ، ولكن انقطعت حلقات المجد فأصبح الفخر لهم والمهانة والذل لنا ، كل ما علينا أن نفكر فيما فعوه ليكون حافز لنا على معاودة النهضة واللحاق بركب الحضارة الذي فاتنا من زمان فالعالم ينتج ونحن نستهلك.
هم يعيشون يومهم وأعينهم على المستقبل فتجدهم كل يوم يخترعون جديدا فمن الراديو والتليفون السلكي (أبو منفله) إلي شاشات الـ LCD والموبايل فون ولست بصدد عد مخترعاتهم واكتشافاتهم والتي لا يكفي حصرها مقالات وكتب ويكفيني القول (ما خفي كان أعظم).
نحن لا نرى في ماضينا غير الأمجاد والعظمة ولا نرى فيه أو نعترف بأي خزي أو عار نعتبر الغزو جهاد والاحتلال فتح والسبي دين ، وهم لا يجدوا حرج في الاعتراف بالأخطاء التاريخية مهما كانت كبيرة ، ويعترفون بها بواقعية وتاريخهم أيضا به الكثير من المخازي ، ولكنهم لم يحولوها إلي بطولات ولم يجعلوها دين ولم يفرضوا عليها حصار من القدسية والرهبة ورموا كل من يقترب من هذا السياج بالكفر
نحن العبرة عندنا بالشخص وليست بالنظام ، فالشخص باقٍ والنظام يتغير وفقا لمشيئته ، نبحث عن بطل أو زعيم وإن لم نجد نتواجد ونجعله علينا حاكما وحكيما ونسبغ عليه من الألقاب والصفات ما لا يمكن أن يتصف به بشر ، ثم نملكه من رقاب العباد وخيرات البلاد يفعل بنا ما يشاء نمجده ونهتف بحياته جهرا (نموت ، نموت ويحيا الزعيم) ونلعنه سرا ، ونستعذب تحكمه فينا وتعذيبه لنا ، ونصدق أكذوبة أنه قلما يجود الزمان أي زمان بمثل الزعيم أي زعيم ، حتى تصبح أكاذيبه حقائق ، وبلاهته حكمة ، وسرقاته أمانة يؤديها ، ونجد له من نصوص التراث ما يقدس أفعاله ويجعله فوق النقد والمسائلة ، فتعذيبه لنا بأمر إلاهي نظرا لمعاصينا ومن الكفر حتى الدعاء عليه ، والشعب كله في خدمة الحاكم والقانون في خدمته وتحت جزمته
وهم العبرة عندهم بالنظام وليس بالشخص ، فالنظام باقي والشخص يتغير ، فتكون الفرصة لديهم جميعا متساوية ، واقعيون في تعاملهم مع الحاكم ويحاسبوه إذا أخطأ وليست (ووترجيت) منا ببعيدة ، فالحاكم في خدمة الشعب والقانون لتحقيق رغبات الأمة كل الأمة بكل طوائفها وأطيافها ، الديمقراطية ليست منحة من الحاكم يعطيها متى شاء ويمنعها متى أراد ، والحاكم نفسه لم ولن يكون عقابا من الله ، ولكنه موظف عام لدى الشعب مهما علا وإن موعده مع الشعب يوم الانتخابات يوم يكرم الحاكم وحزبه أو يهان.
نحن الدين عندنا هو المعيار الذي نحكم به على الغير والناس عندنا صنفين مؤمن وكافر ، والويل كل الويل لمن نطلق عليه لفظ الكفر بيننا فهو حلال لنا ماله لنسرقه أو ننهبه وعرضه لنهتكه أو ننهشه ، نغتابه ونبهته ودائما نجد لأنفسنا من نصوص التراث ما يؤيد غينا (لا غيبة لفاسق) ، لذلك فحقوق الأقليات مهضومة وتتنامى ضدها مشاعر الكره في نفس الوقت تتنامى لدى الأقليات مشاعر الحقد ، ونضع رؤوسنا في التراب كالنعام ونقول حوادث فردية ولا مشكلة ، حتى تنفجر المشكلة في وجوه الجميع ، فلا عبرة عندنا بالمواطنة ، ونقسم المواطنين درجات أولى وثانية وعاشرة .
وهم يقدسون المواطنة والكل أمام القانون سواء ، دينك شيء بينك وبين خالقك ، أما علاقتك بأهل بلدك قائمة على التساوي في الحقوق والواجبات ، وإذا ظهرت لديهم مشكلة تجاه أقلية ما ، كما يحدث مع المسلمين في بعض بلادهم بعد أحداث سبتمبر ، تجد جمعيات حقوق الإنسان والمجتمع المدني تنشط وتتظاهر حتى يعود الوضع الطبيعي ، اعترافا منهم بوجود المشكلة ويبحثون عن أسباب علاجها وتنشط في ذلك كل وسائل الأعلام ويتناقش الجميع في صراحة بالغة حتى يجدون الحل والمخرج من الأزمة قبل أن تنفجر في وجوه الجميع .
نحن لا نعترف بالخطأ ودائما ما نجد شماعة ما لنعلق عليها أخطائنا ، فالخطأ هو خطأ الغير أو الظروف ، ولو كان كذا ما حدث ذلك ، وكيف نخطئ ونحن خير أمة ، وكأن الخيرية مطلقة ليست مرتبطة بالإيمان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذين تحولا لدينا لمطوع وعصا ومظهر نؤديه خالٍ من أي جوهر ، كلنا عباقرة لا نخطئ ، نفهم في كل شيء من الطب للفلك ومن السياسة للرياضة لكل منا رأيه العبقري الفذ في كل شيء وأي شيء ، فكل منا في الذرة أينشتين وفي الطب مجدي يعقوب وفي السياسة هنري كيسنجر وفي التاريخ الجبرتي وفي الدين ابن حنبل ، ولا نقرأ مطلقا ، وكيف نقرأ وقد بلغنا الكمال.
وهم يعترفون بأخطائهم ومشاكلهم وخطاياهم مهما كبرت وعظمت ، فهم في النهاية بشر والبشر يصيب ويخطئ ولا عيب في الصراحة والمصارحة ، وكل منهم يفهم فقط في تخصصه فقط مهما كان صغيرا أو تافها فهو تخصصه ودوره الذي يؤديه في المجتمع ويحترمه عليه الآخرين ويقدرونه طالما تفانى في أداءه ، ويترك للآخرين تخصصاتهم ، وهم يقرأون كثيرا لكي يتعلموا ما فاتهم ويتركون لكل إنسان أن يتحدث في تخصصه ، وهم جميعا يسعون للبلوغ للكمال مدركين أنهم لن يبلغوه فالكمال لله وحده ولكنه السعي الواجب عليهم.
نحن نعيش بشخصيتين في المجتمع نرى أن الحب حرام والنساء حرام ، وأي علاقة بين رجل و امرأة مهما كانت شريفة ننظر إليها على أن محورها الجنس ، ولكن في الظلام نحب الخطايا التي نلعنها في النور ونتمناها ، فالجميع يعيش بمركبات نقص فرضتها عليهم ظروف الحياة في مجتمع غير سوي ، حتى الوجوه الملائكية البريئة التي تنادي في العلن بحقوق المرأة تخفي خلفها وجوه شيطانية منغمسة حتى رؤوسها في المجتمع الذكوري الذي ينظر للمرأة على إنها جسد بلا روح وهي فقط ماكينة إمتاع للرجل وليس لها حق في هذه المتعة وأيضا ماكينة تفريخ للذرية صالحة أو طالحة لا يهم خلقت من ضلع أعوج وسيظل أعوج والأفضل أن يبقى أعوج.
وهم لديهم شخصية واحدة ما يؤديه في الظلام لديه الشجاعة الكافية ليفعله في العلن ، فالحب حلال طالما بلغ حالة الإيجاب والقبول بين الرجل و المرأة ، وكلاهما شركاء في الحياة بأسرها ، فالمرأة مواطن في مجتمع به الذكور والإناث ، وحقها في المتعة الجنسية متساوي مع حق الرجل ، كما أن حقها في العمل والمواطنة والمناصب وكل شيء هو نفسه حق الرجل ، وقد عالجوا جميع مركبات النقص لدى الإنسان بالصراحة والمواجهة واتخاذ المرأة شريك كامل في الحياة ، فهي ليست من ضلع أعوج بل مخلوق جميل جاد به خالق عظيم جل جلاله مثلها في ذلك مثل الرجل تماما.
منذ حوالي ثلاثون عاما قرأت مقالة للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل في بابه اليومي في الأهرام (بصراحة) بعنوان (لعبتنا الطاولة ولعبتهم الشطرنج) يبرر أسباب الهزيمة وتفوق العدو علينا أننا دائما نجعل مساحة للحظ في حياتنا الذي يمثله زهر الطاولة ولكنهم يخططون لكل شيء وكل خطوة كما يفعل لاعب الشطرنج الذي يستخدم الخطط في تحريك كل قطعه وعساكره وأدواته فلا يترك أي مساحة للحظ ، فيكون نجاحه عن تخطيط وخسارته مرجعها لخطأه ومهارة عدوه في وقت واحد ، لا أعرف على وجه التحديد لماذا تذكرت هذه المقالة وأنا أكتب مقالتي هذه رغم مرور كل هذا الزمن الطويل وكنت أظن أني نسيتها فقفزت إلي بؤرة شعوري فجأة ، وتذكرت أيضا أن كاتبنا العظيم كان جزء من نظام جائر يتحمل قسط من كل أخطاءه وخطاياه ، فعرفت أننا أيضا مصابون بانفصام عجيب في الشخصية ، فبرغم أنه يمكننا في بعض الأحيان تشخيص حالتنا ومعرفة طريقة العلاج ولكننا أبداً لا نقرب العلاج وكأننا نتكلم عن شعب آخر وأناس من كوكب بعيد لا تربطنا بهم أي صلة.
وادعوا الجميع أن يفكروا في (نحن) و (هم) فقد يجدوا لدينا مزايا ليست لديهم ويجدوا لديهم بلايا وعيوب ليست لدينا ، فيكمل بذلك مقالتي والتي لن تكتمل حقا إلا بتعليقاتكم والتي كما نقول نحن رجال القانون ستصبح جزء لا يتجزأ منها
شريف هادي
هل هناك حل , فإن كان, ما هوعلى وجه التحديد!!!
بيان : نداء من المركز العالمى للقرآن الكريم
لسنا أقل من تونس ولن نكون ..!!
رؤيــة فـي تـحــديـث الـتـعــلـيـم الـمـصــري ....الـمـقــال الأول
دعوة للتبرع
عريس فرنسى لبنتى : عندي مشكلة محتار جداً فيها لي بنت مطلقه...
سؤان عن الصلاة : 1 ـ ما الفرق في صلاة الظهر في جميع الايا م ...
مسألة ميراث: توفي المتو في ولديه ثلاث بنات فقط وارمل ة ...
التاريخ والغيبة: أليس التار يخ إغتيا ب للساب قين وتقول...
الاصلاح بالمسجد : هل الحث على الاخل اق في المسا جد و في مختلف...
more
إذا بحثوا في ما لدينا لكي يستفادوا به فلن يجدوا إلا شيئاً واحداً مميزاً هو سنة وحكمة وشرع الله في كتاب الله
أما غير ذلك فهو من البلايا والعيوب المتوافرة لدينا بكثره نستحق عليها كثير من جوائز الأوسكار في إخراج وتمثيل وتلحين وتأليف الاباطيل والاساطير
على سبيل المثال وليس الحصر فنحن نمتاز بالفهلوه وخفة الدم والاستخفاف بعقول الغير وهدفنا من الحياه هو الراحه والاسترخاء في الدنيا ومملكتنا الوحيده تكمن في السرير مع الاحلام والاماني ونرتاح في النهار لكي نتمكن من النوم ليلاً بسهوله ويسر والعمل عندنا شيئاً مقدساً كالبخاري وكتب الضلال وغيرها لذلك لانقترب منه أبداً وبالفعل فنحن لانؤجل عمل اليوم للغد إذا كان في إمكاننا تأجيله لبعد الغد
ومن عيوب الشخصية المصرية ( السلبية ) فالمواطن المصري يلذ له أن يحترف النقد و السلب كأنه خلق كاملا .
وأيضا من عيوبنا سوء فهم التقدم و التخلف حين نحصرهما في الوسائل التكنولوجية و الموضة ان التقدم يقاس بان المجتمع أذا غاب فيه فرد لا يملأ مكانه احد هذا معناه أن كل إنسان في مثل هذا المجتمع له شخصية متميزة له قيمة إنسان عنده الرغبة أن يحقق أمل الحياة فيه .
و التخلف أن يقدم الإنسان المسئولية و يسلم أو يطلب التبعية أن يسلم الإنسان نفسه لإنسان مثله يطعمه ويسقيه ثم يدفنه في النهاية .
حتى التبعية الفكرية نوع من الأسر الخفي نحن في مصر نحتاج إلى التحرر من التبعية الفكرية و التبعية من قيود العصر بمحدوديته
وهل حقاً خلقت المرأة من ضلع أعوج ؟ أم من فكراً أعوج في عقول هؤلاء ؟ ولقد تناسوا عمداً قول العلي القدير أنه خلقنا من نفسٍ واحدةٍ حسبنا الله ونعم الوكيل في أقطاب مسجد الضرار الذين ضلو وأضلوا الناس بغير سلطان أتاهم
أشكر حضرتك على هذا المقال الجميل ومره أخرى حمداً لله على السلامتك
تحياتي