كتاب ماهية الدولة الاسلامية :
( الاحسان / التسامح ) من القيم الأساس للدولة الاسلامية

آحمد صبحي منصور Ýí 2023-09-04


(  الاحسان / التسامح  ) من القيم الأساس للدولة الاسلامية

كتاب ( ماهية الدولة الاسلامية )

الباب الأول :  القيم الأساس للدولة الاسلامية

الفصل الثانى : العدل ( القسط ) والاحسان ( التسامح )

( الاحسان / التسامح )

مقدمة :

1 ـ التسامح ليس من مصطلحات القرآن الكريم ، ولكن معناه يوجد فى ( الاحسان ) ، وهو تعبير شائع فى القرآن الكريم باشتقاقات متنوعة ، وأكثر دلالة من مفهوم التسامح .

2 ـ وفى التنزيل المكى وقبل تكوين الدولة الاسلامية كان الحرص على غرس قيمة الاحسان قيمة أخلاقية عند المؤمن ، ثم جاءت تفصيلات مؤكدة فى التنزيل المدنى .

3 ـ ونعرض للإحسان فى لمحة سريعة :  

أولا :

بين الاحسان والعدل

1 ـ يأتى إرتباطهما فى قوله جل وعلا آمرا ناهيا : (إِنَّ اللَّـهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿٩٠﴾ النحل 90 ) .

2 ـ ولكن الاحسان درجة تعلو العدل . العدل هو الردّ بالمثل قصاصا، أما الاحسان فهوردّ السيئة ليس بمثلها ولكن بالعفو عن المسىء . قال جل وعلا : (  وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّـهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴿٤٠﴾ الشورى ).

ثانيا :

درجات الاحسان :

 1 : الدرجة الدنيا ، وهو مجرد الغفران مع الصبر على الأذى ، وهذا لغير القادر على دفع السيئة إلا بالسكوت والصبر والغفران تسامحا وأملا فى الأجر من رب العزة الذى لا يكلف نفسا إلا وسعها . (وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَٰلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴿٤٣﴾ الشورى ). الصبر هنا إيجابى لأن المظلوم لديه وعى بما يحل به من ظلم ، ووجوب مقاومته ولكن لا يستطيع إلا الصبر والعفو.

  2 : الدرجة العليا : أن ترد السيئة بالحسنة ، وليس مجرد العفو. كأن يشتمك شخص فترد عليه بالدعاء له . قال جل وعلا  فى صفات عباد الرحمن أنهم يردون على جهل الجاهلين بالسلام ، قال جل وعلا : (  وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴿٦٣﴾ الفرقان )

3   : الدرجة الأعلى :  أن ترد السيئة بالتى هى أحسن . قال جل وعلا : ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ) ﴿٩٦﴾ المؤمنون ). أى أن يسبك شخص فتدعو له وتمدحه وتعطيه مالا . هذه درجة عليا تستلزم صبرا عظيما ، لا يقوم بها إلا أحسن المؤمنين إيمانا وصبرا. قال جل وعلا :( وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴿٣٤﴾ فصلت ) أنت بهذا تخاطب الخير فى داخله فلا يملك إلا أن يستجيب لك بالخير ويتصرف ( كأنه ) ولى حميم ، وما هو ب ( ولى حميم ). فى الآية التالية قال جل عن هذه الدرجة من الصبر الايجابى والاحسان والتسامح :  ( وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴿٣٥﴾ فصلت ).  

ثالثا :

 بين الاحسان والصبر الايجابى

1 ـ هناك صبر مذموم ، هو الصبر السلبى الذى يعنى الخنوع والرضى بالذل مع القدرة على المقاومة ولو بالدعاء على الظلم . الصبر فى الاسلام هو الصبر الايجابى الرافض للظلم والاهانة بدءا من الدعاء على الظالم الى الهجرة ، والوقوف ضد الظلم دفاعا عن العدل والقسط . والصبر الايجابى مصاحب لكل ذلك .

2 ـ ونتذكر آيات : ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مّمّن دَعَآ إِلَى اللّهِ﴾ إلى قوله تعالى ﴿ادْفَعْ بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾   ﴿وَمَا يُلَقّاهَا إِلاّ الّذِينَ صَبَرُواْ﴾ ، وآيات أخرى تقرن الصبر بالإحسان مثل ﴿وَاصْبِرْ فَإِنّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (هود 115) ﴿إِنّهُ مَن يَتّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (يوسف 90).

2 ـ وكما يقترن الإحسان بالغفران كذلك يقترن الصبر بالغفران، يقول سبحانه وتعالى ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الاُمُورِ﴾ (الشورى 43) وتكرر الأمر للنبى بالصبر على الأذى الذى كان يلقاه من المشركين وقال له ربه جل وعلا ﴿اصْبِر عَلَىَ مَا يَقُولُونَ﴾ (طه 130، ص 17، ق 39) وقال له جل وعلا :  ﴿وَاصْبِرْ عَلَىَ مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً﴾ (المزمل 10).

3 ـ وكما أن الله تعالى يحب المحسنين فإنه جل وعلا مع الصابرين، وتكرر هذا كثيراً فى القرآن (البقرة 153، الأنفال 46، البقرة 149، الأنفال 66) ولذلك أصبح من الأمثال السائرة: أن يقال "إن الله مع الصابرين" والمجتمع المؤمن يستعين على المصائب بالصبر والصلاة (البقرة 45) كما يتواصى أفراده بالصبر وبالرحمة والحق (البلد 17، العصر 3) وفى النهاية فإن الجنة هى جزاء الصابرين حيث تتلقاهم الملائكة تقول لهم ﴿سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىَ الدّارِ﴾ (الرعد 24) وفى الجنة يتلقون أجرهم بدون حد أقصى أى بدون حساب يقول تعالى ﴿إِنّمَا يُوَفّى الصّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (الزمر 10).

رابعا :

أنواع الاحسان

  الاحسان العملى :

  1 : كلمة ( حسنة ) تأتى وصفا للعمل الصالح ،وتكرر هذا فى القرآن الكريم كثيرا لكى يستغرق الإنسان حياته فى الخير والعمل الصالح بحيث لا يبقى فى وقته متسع للشرور بحيث تتحول حياته إلى حسنة مطلقة يأتى بها إلى الخالق جل وعلا يوم القيامة فيتضاعف له الجزاء بعشر أمثالها : ( مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا )(160) الأنعام ) . فالإحسان من الله سبحانه وتعالى سيكون جزاءاً لمن أحسن عملا . قال جل وعلا : ﴿هَلْ جَزَآءُ الإِحْسَانِ إِلاّ الإِحْسَانُ﴾ (الرحمن 60).

  2 : والأمر بإحسان العمل تردد فى القرآن الكريم كثيراً ومنه : ﴿وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ اللّهُ إِلَيْكَ﴾ (القصص 77) والإحسان هنا لا يعنى مجرد التصدق وإعطاء الصدقة ولكنه إحسان العمل كله.

  3 : ومنه الإحسان للوالدين وذوى القربى واليتامى والمساكين والجيران والأصحاب وابن السبيل، ولا يشترط فى أولئك جميعاً سوى الاسلام السلوكى بمعنى السلام سلوكا ظاهريا ، بغض النظر عن دينه القلبى وعقيدته ومذهبه. فالإحسان للمسيحى إذا كان قريباً أو جاراً أو صاحباً أو مسكيناً أو زائراً أو سائحاً. مع ملاحظة أن ابن السبيل هو الغريب المسافر القادم لبلادنا، وهذا ينطبق على الأجانب. ولابن السبيل حقوق ؛ منها حقه فى الصدقة التطوعية والصدقة الرسمية والفئ والغنائم وحقه فى حسن التعامل معه مثلما نتعامل مع آبائنا وأمهاتنا وأقاربنا وجيراننا.. وابن السبيل فى عصرنا هو كل غريب يمر ببلادنا، ينطبق ذلك على السياح والأجانب، بغض النظر عن اللون والجنس واللغة والدين والعقيدة .

4 ـ  2 : يأتى فى موقف ، توسطاً فى الخير أو شفاعة فى مظلوم، وهذا مأمور به، وقد يكون العكس وهو التوسط فى الشر أو أن الشفاعة فى الشر، وذلك منهى عنه، وفى كل الأحوال فالجزاء عند الله تعالى من جنس العمل إن خيراً وإن شراً، وذلك معنى قوله سبحانه وتعالى ﴿مّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لّهُ نَصِيبٌ مّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيّئَةً يَكُنْ لّهُ كِفْلٌ مّنْهَا﴾ (النساء 85).

  الاحسان القولى :

  1 : قال جل وعلا آمرا : ﴿وَقُل لّعِبَادِي يَقُولُواْ الّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (الإسراء 53) أى بدلاً من أن يقول كلمة سيئة نضع مكانها كلمة خير حسنى، أو أحسن منها.

2  : فى رد التحية، بالمثل أو بالأحسن منها، يقول سبحانه وتعالى ﴿وَإِذَا حُيّيتُم بِتَحِيّةٍ فَحَيّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدّوهَآ إِنّ اللّهَ كَانَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ حَسِيباً﴾ (النساء 86) ويلاحظ أن الله سبحانه وتعالى يقول ﴿وَإِذَا حُيّيتُم﴾ وهذه عبارة مطلقة، تعنى إذا حيّانا أى إنسان بأى لسان  وبأى كيفية فعلينا أن نرد عليه بالمثل أو بما هو أحسن من تحيته، وليس شرطاً أن يكون مسلماً مثلنا أو أن ينطق بتحية الإسلام، المهم أن تكون تحية، ولو بالاشارة  . لا بد أن نرد عليه بالمثل أو بالأحسن. وجدير بالذكر أن الوهابية تحرم تحية ( المشرك ) أو رد تحيته لأنها تستوجب إظهار العداء له. والمشرك فى الوهابية هو كل من ليس منهم.

3 :  فى العفو وكظم الغيظ . يقول سبحانه وتعالى عن بعض صفات المتقين ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النّاسِ وَاللّهُ يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (آل عمران 134) فالذى يتحكم فى غضبه وغيظه ويعفو عن الناس يكون من المحسنين الذين يحبهم الله تعالى، وهذا يتعلق بالتعامل العادى مع الناس الذى قد يستجلب الغضب والغيظ، ويستوجب عند المحسنين الحلم والعفو.

الاحسان فى الجدال مع المخالف فى العقيدة :

  1 : لا جدال مع المعاندين أو الذين ظلموا، وإذا صمموا على الجدال فالمجال الوحيد المتاح هو المباهلة بأن نبتهل نحن وهم بأن يجعل الله تعالى لعنته على الكاذبين بدون تحديد. قال جل وعلا : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ (61) آل عمران).

  2 : والجدال مع غير المعاندين بالتى هى أحسن، يقول سبحانه وتعالى:  ﴿ادْعُ إِلِىَ سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (النحل 125).

3 ـ ومنه مع أهل الكتاب: ﴿ وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) (46) العنكبوت ).

3  : وعن اسلوب الجدال مع المشرك :

3 / 1 : نلتزم بما أمر الله جل وعلا به رسوله:  ﴿قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مّنَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ قُلِ اللّهُ وَإِنّآ أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلَىَ هُدًى أَوْ فِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ. قُل لاّ تُسْأَلُونَ عَمّآ أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمّا تَعْمَلُونَ. قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبّنَا ثُمّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقّ وَهُوَ الْفَتّاحُ الْعَلِيمُ﴾ (سبأ 24: 26) .

لم يقل للمشركين إنا على هدى وأنتم على ضلال، وإنما أمره الله تعالى أن يقول بأن أحد الفريقين على هدى والآخر على ضلال، ولم يقل للمشركين لا تسألون عن إجرامنا ولا نسأل عن إجرامكم، بل نسب الجرم إلى نفسه فقط، وهو خاتم النبيين، وفى النهاية أرجأ الحكم إلى الله تعالى ليحكم بينه وبينهم بالحق يوم القيامة.

3 / 2 : ومنه تقرير حريتهم الدينية ، وهذا تكرر فى القرآن الكريم ،  كقوله تعالى ﴿وَقُل لّلّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَىَ مَكَانَتِكُمْ إِنّا عَامِلُونَ. وَانْتَظِرُوَاْ إِنّا مُنتَظِرُونَ﴾ (هود 121،122) أى يعمل كل فريق بما يعتقده صواباً وينتظر الجميع حكم الله تعالى يوم القيامة.

3 / 3 : وهذا الخلق العالى من الإحسان يستدعى أن يقول المسلم كلمة الإسلام السلوكى  "السلام" فمن صفات عباد الرحمن أنهم إذا خاطبه الجاهلون بالسىء من القول ﴿قَالُواْ سَلاَماً﴾ (الفرقان 63) وإذا أسمعهم الجاهلون اللغو فى الدين وهو مما يسىء إلى عقيدة المسلم أعرضوا عنهم ﴿وَإِذَا سَمِعُواْ اللّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ﴾ (القصص 55) أى أيضاً قالوا لهم: سلام عليكم.

 3  / 4  ـ ومنه ( الصفح الجميل ) إنتظارا لحكم الله سبحانه وتعالى يوم القيامة. يقول سبحانه وتعالى : ﴿وَإِنّ السّاعَةَ لاَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصّفْحَ الْجَمِيلَ﴾ (الحجر 85) أى أن الساعة آتية وهى يوم الفصل وبالعذاب للمعاندين وهم يستحقون الشفقة، فلا أقل من أن تصفح عنهم صفحاً جميلاً. وتكرر هذا المعنى فى قوله جل وعلا :  ﴿وَقِيلِهِ يَرَبّ إِنّ هَـَؤُلاَءِ قَوْمٌ لاّ يُؤْمِنُونَ. فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ (الزخرف 88،89) أى فاصفح عن هؤلاء الذين لا يؤمنون وقل لهم سلام عليكم، وسوف يعلمون يوم القيامة موقعهم بالضبط.

3 / 5 : الغفران : ويتكرر أمراً مباشراً للمؤمنين : ﴿قُل لّلّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلّذِينَ لاَ يَرْجُونَ أَيّامَ اللّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ. مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا ثُمّ إِلَىَ رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ (الجاثية 14،15) فالله سبحانه وتعالى يأمر المؤمنين بأن يغفروا للمخالفين فى الدين ، حيث سيلقى كل إنسان جزاء ما كسبه من صالح أو من سىء. وحيث مرجع الناس جميعاً إلى الله تعالى يوم القيامة. وبهذا يصل الإحسان فى الدعوة إلى ذروته بالمغفرة والصفح والسلام .

 الاحسان القلبى :

  ومن الطبيعى أن هذا الأدب الراقى فى الإحسان لا يشمل فقط اللسان والجوارح بل يبدأ أساساً بالقلب والضمير حيث التعامل مع الله سبحانه وتعالى الذى يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، ولذلك فقد ترى إنساناً عاجزاً عن تقديم الإحسان ولكنه عند الله سبحانه وتعالى من المحسنين، والسبب أنه يتمنى فى قلبه لو كانت لديه المقدرة على الإحسان. والله سبحانه وتعالى يعلم صدق نيته فلم يكلفه إلا حسب مقدرته ، ولذلك جعله من المحسنين اعتماداً على نيته وسريرته. يقول سبحانه وتعالى يتحدث عن غزوة ذات العسرة : ﴿لّيْسَ عَلَى الضّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىَ الْمَرْضَىَ وَلاَ عَلَى الّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ للّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رّحِيمٌ. وَلاَ عَلَى الّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلّوْا وّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدّمْعِ حَزَناً أَلاّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ﴾ (التوبة91،92) ففى الاستعداد لغزوة ذات العسرة كان بين المؤمنين ضعفاء ومرضى وفقراء لم يستطيعوا الإسهام فى المجهود الحربى، ومع ذلك اعتبرهم الله تعالى محسنين ولم يوجه إليهم اللوم ﴿مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ﴾ وألحق بهم مؤمنين أقوياء ولكن فقراء ليست لديهم دواب يركبونها للغزو، وليس للنبى دواب تحملهم، لذلك رجعوا باكين بسبب الفقر الذى منعهم من الإسهام فى الخير.

اجمالي القراءات 2366

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5111
اجمالي القراءات : 56,686,495
تعليقات له : 5,445
تعليقات عليه : 14,818
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي