المقال الثانى عن زواج المتعة والمسيار
آحمد صبحي منصور
Ýí
2023-05-15
المقال الثانى عن زواج المتعة والمسيار :
مقدمة
موضوع ( زواج المتعة ) حين نشرته هنا من سنوات أثار الكثير من التعليقات ، وإستمرت التعليقات والتساؤلات ، ومنها عن زواج المسيار فى عصرنا . وننقل بعض الأسئلة ونجيب عليها .
السؤال الأول :
هل ينطبق زواج المتعة اسلاميا على زواج المسيار ؟ ومتى يكون زواج المسيار صحيحا طبق الشريعة الاسلامية ؟
الجواب :
أى زواج يكون بعقد ومهر وشهود وشروط متفق عليها يكون صحيحا اسلاميا ، سواء كان مؤقتا ، مثل زواج المتعة ، أو كان بتنازل المرأة عن بعض حقوقها فى النفقة والسكن والمبيت مثل زواج المسيار .
السؤال الثانى :
( لقد قرات لكم العديد من المقالات, انا سعيدة جداً لان هناك مثقفين أمثالكم يقومون بإعادة قراءة ايات الله ومحاولة استنباط الأحكام والمناهج اللتي يجب اتباعها, والتي طالما كتمت في انفسنا أحكاما وشرائع في قناعتنا الداخلية لا تمت للإسلام بصلة ولا يمكن ان تكون من عند الله عز وجل العادل. اتمنى ان يعمل المسلمون بالشرائع التي استنبطموها من القران مباشرة بعيدا عن الاحاديث المكذوبة المنافية للقران, ومن بينها والأكثر تأثيرا في المجتمع قضية الطلاق. كل ما قدمتم فيه كان تقريبا مطابقا للقران مثل الذي قدمه المهندس عدنان الرفاعي ولكن تفسيركم في رأيي كان الأرجح الى الحق فجز اكم الله كلكم خيرا. لكن يا دكتونا الفاضل في مسالة , زواج المتعة فلي راي اتمنى ان تقرأه، فعندما قلتم انه عقد يكون محدد المدة و حجتك انه كان اتفاقا بين الطرفين, مثل الصداق و الرضاعة وو ، لكن الله عز وجل ذكر الاتفاق في كل الذي ذكرته من امور لكنه لم يذكر أى اتفاق في المدة, بل ذكر ان هذا الاتفاق ينتهي بالطلاق, وقبل الطلاق لا أعيد ما قلتم كيف ان الزواج سكن ومودة ورحمة , ثم مخافة النشوز الى آخره يعني لا يتجه الشخص الى الطلاق قبل ان يعمل بكل ذللك ثم كما ذكرتم ان بعد الطلاق يجب ان تمكث المراة ثلاث قروء لعل الله يحدث أمرا كما بينه الله , وكل اللذي ذكرته من الأحكام التي أوجها الله حتى يضل ذلك الرابط. برايي لو ان هاذا الزواج حلال لما وجدت زانية لأنهن يزن ين من اجل المال, ولما تزوج الرجال من اجل المسؤولية خصوصا في وقتنا الحالي, ولما تزوجت النساء من اجل المسؤولية لان الرجل مهما احب يمكن ان يغدر خصوصا في وقتنا هاذا. وهل المراة ان انجبت في بعض الزيجات أطفال فيكون خمسة أطفال مثلا من خمسة رجال انها فوضى والله. الله تعالى لا يمكن ان يحلل شيء لا يقبله عقل شخص واحد, عندما يحلل الله شيئا لا يمكن ان يشعر اي شخص في اي زمان انه متناقض. هل ترضى ابنتك او أختك او المراة التي اخترتها سكنا لك ان تكون قد تزوجت متعة خمس مرات او مئة مرة في السنة كل عبد يلاقي ربه لذللك ان كنا نرى في الاحاديث الموروثة المكذوبة خطا في اتباعها فكيف في اجتهادات وقياسات منافية لوجودنا في هذه الحياة الدنيا. قبل اصدار القاضي حكما عليه مراجعته لانه يعرف انه ملاق ربه ان طلب منا اله عز وجل ان نسال اهل الذكر ان كنا لا نعلم فعلى المفتي ان يراجع فتاويه حتي لا يضلل من لا يعلم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ) انتهى .
الاجابة
نعطى بعض الحقائق المتصلة بالموضوع .
أولا : البداية
1 ـ لنا بحث عن ( التناقض فى تشريعات الطلاق بين القرآن والفقه السنى )تمت كتابته ونشره فى مصر فى التسعينيات ، ونفس الحال فى موضوعات التناقض بين الاسلام القرآنى ، وعقائد وشرائع الأديان الأرضية للمسلمين ، العادة أننى البادىء بتكسير الأصنام السنية والصوفية والشيعية . بعد عشرين عاما صار بعضهم يأخذ بعض الأحجار من بقايا الأصنام المقدسة التى دمرتها من قبل ويعيد بعض ما قلته من قبل . الطريق الصعب فى تدمير القداسة أنا الذى بدأته ، ودفعت الثمن . هذه حقيقة لا جدال فيها . ثم بعد أن زال التقديس ولم تعد هناك رهبة من نقد البخارى وغيره بدأ بعضهم يتجرأ ويناقش فى ( بعض ) ما قتلناه بحثا من قبل ، وهو آمن من الاضطهاد والمعاناة . هذا لا يمنع تقديرى لكل من يحاول الاجتهاد وصولا الى الحق .
2 ـ ورأيى فى زواج المتعة أو الزواج المؤقت أيضا لم يسبقنى اليه أحد ، فالسابقون إختلفوا فيه ، وتبارزوا بتأليف أحاديث تؤيد وجهة نظرهم ، ثم يدخلون على القرآن الكريم بآرائهم المسبقة ، ينتقون ما يتفق فى الظاهر مع رأيهم ويتجاهلون ما يخالفهم من الآيات ، ودون فهم لمنهج القرآن فى التشريع ، والفارق بين المقاصد التشريعية و آيات الأحكام التفصيلية .
3 ـ تدبر القرآن الكريم بمنهج موضوعى بدون رأى مسبق ، وبتحديد مفاهيم القرآن من داخل القرآن ـ هذا المنهج أنا الذى بدأته لأول مرة فى التاريخ الفكرى للمسلمين . وبهذا المنهج توالت كل ابحاثى تكتشف الجديد فى القرآن ، وهذا الجديد كان ولا يزال جديدا بالنسبة لى ، ومفاجأة بالنسبة لى ، وبه أقوم بتطهير عقلى من وساخات ما تعلمته من الأزهر ومن كتب التراث التى عكفت ـ ولا أزال ـ أعكف عليها باحثا وناقدا. فى هذا السياق جاء بحثى فى موضوع زواج المتعة ، أو ما اسميه بالزواج المؤقت ، وهو مؤسس على القرآن الكريم . ويمكن الرجوع اليه للتثبت من ذلك .
4 ـ لا توجد علاقة بين الزواج المؤقت وتشريعات الطلاق فى الاسلام وما يتصل بها من محاولات الصلح بين الزوجين والايلاء واعتبار الطلاق مرحلة تسبق الانفصال التام أو السراح . هذا لأن الزواج المؤقت يتم فيه مقدما الاتفاق والتراضى على الانفصال التام عند بلوغ الأجل المحدد للزواج ( المؤقت )
ثانيا: بين التشريع والوعظ
1 ـ يحتج علينا الرافضون للزواج المؤقت بقوله جل وعلا : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) الروم )، . وهى آية مكية نزلت فى سياق الدعوة الى ( لا إله إلا الله ) وتعداد آياته فى الكون وفى الخلق ، أى هى فى الوعظ وليست فى التشريع . نقرأ السياق القرآنى بأكمله : يقول جل وعلا : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ (20) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ (22) وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَابْتِغَاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (23) وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمْ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِ بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (24) وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنْ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (25) ) وبالتالى فإن الله جل وعلى يمتنّ علينا أن من آياته أن خلق لنا من أنفسنا ازواجا لنسكن ونستريح اليها وجعل بيننا مودة ورحمة .
2 ـ الوعظ هنا فى الآية الكريمة هو للزوجين ، و ( تسكنوا ) ليس السكن المادى بمعنى المساكن ، ولكن من السكينة والهدوء والراحة ، أى السكن المعنوى الذى يجده الزوجان فى أحضانهما ، حيث يكون كل منهما لباسا للآخر . هذا ( السكن ) مؤقت بطبيعته . لا يجادل أحد فى ذلك . وبالتالى فليس هذا تشريعا يتعامل مع الواقع ، ولكنه ( وعظ ) يتكلم فيما ينبغى أن يكون ، ومستحيل إستمراره فى الدنيا . هو يوجد فقط فى الجنة ونعيمها حيث قال رب العزة عن احوال أهل الجنة (وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24)لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (25) إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً (26) الواقعة ) ( وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) الحجر ) . أى إنه طبقا للوعظ القرآنى : ينبغى أن يكون هناك بين الزوجين سكن ومودة ورحمة . كما ينبغى لكل إنسان أن نؤمن بالله جل وعلا وحده الذى جعل لنا كل هذه الآيات والمنن . أما التشريع فهو يتعامل مع الواقع ، اى ما يحدث فعلا بين الناس ، لذا فالزواج ملىء بالمشاكل ، ونزل التشريع القرآنى يتعامل بواقعية مع المشاكل بين الزوجين ، ومع الطلاق ، ثم مع الانفصال النهائى بين الزوجين . ولو كان قوله جل وعلا ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) تشريعا واجب الاتباع لكان المخاطب به غير البشر ، وأكثرهم لا يؤمنون ولا يعقلون وضالون مضلون . ولو كان تشريعا واجب الاتباع لأصبح متعارضا مع أحد المقاصد التشريعية وهى التيسير والتخفيف ورفع الحرج .
3 ـ وقبل أن ندخل فى الموضوع التشريعى لا بد من التنبيه على أنه لا بد من تطبيق الشريعة الاسلامية القرآنية بأكملها ، لأنها كيان متكامل ، وما قلناه عن الزواج المؤقت هو مجرد تفصيلة من هذا الكيان .
ثالثا : المقصد التشريعى
1 ـ قلنا إن هناك مقاصد تشريعية تهيمن على القواعد التشريعية ، وهذه القواعد التشريعية تهيمن بدورها على الأحكام التشريعية التفصيلية . شرحنا هذا فى بحث ( الاسلام دين السلام ) وغيره ، فلا داع للتكرار هنا . ونقتصر على ما يخص موضوعنا ، وهو التخفيف ورفع الحرج والتيسير . يقول جل وعلا عنه كمقصد أساس : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) ( الحج 78 ). وفى التخفيف ورفع الحرج فى الطهارة يقول جل وعلا : ( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) المائدة )، وفى رٌخصة الافطار فى رمضان يقول جل وعلا : (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ )(185) البقرة ). وفى تسهيل الزواج الشرعى يأتى التعقيب الالهى بالمقصد الأساس وهو التخفيف و منع الوقوع فى الزنا : ( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً (28) ( النساء ).
2 ـ هنا الواقعية التشريعية فى التعامل مع غلبة الشهوة الجنسية التى توقع فى الزنا ، أن تكون محاصرة الزنا بتسهيل الزواج. ومن هذا التيسير ( التراضى ) فى عقد الزواج بعد الفريضة وهى المهر ، وعموم هذا التراضى ليشمل كل شىء ، ومنه الزواج المؤقت ، والذى يتحقق المقصد التشريعى فى الزواج وهو التخفيف وعدم الوقوع فى ( العنت ) وهو الزنا الذى ( ساء سبيلا )
رابعا : محاصرة ومحاربة الزنا
1 ـ من المقاصد التشريعية الجزئية فى التشريع الاسلامى حماية الأسرة ، وبالتالى محاربة ومحاصرة الزنا بسسب آثاره الخطيرة على الأسرة والمجتمع . فالزنا ( ساء سبيلا ) : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً (32) ( الاسراء ) لذا يبدا هذا بتحريم مقدمات الزنا ، أو تحريم الاقتراب من الزنا . يقول جل وعلا : ( وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ) الانعام 151 ). التفكير الجنسى من الفواحش الباطنة الخفية ، ومثله الاستمناء ، ومطالعة أفلام البورنو . قد تقتل إنسانا بدون مقدمات ، ولكن الزنا يحتاج الى مقدمات ، من التفكير الجنسى الى النظرة الى الهمس واللمس الى.. الى ... أو كما يقول الشاعر أحمد شوقى : ( نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء ). وعند اللقاء قد يحدث الزنا . هذه المقدمات حرام ، ولكن يقع فيها كل إنسان مهما بلغت تقواه . لذا يأتى التعامل الواقعى معها باعتبارها من ( اللمم ) أو السيئات التى لا تصل الى درجة الكبائر مثل جريمة الزنا بمفهوم ( الدخول ) . يقول جل وعلا عن هذا اللمم الذى يصعب إجتنابه : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَّ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ ) (32) ) ( النجم ) ويقول جل وعلا فى الغفران لمن يقع فى الصغائر دون الكبائر : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (31) النساء )
2 ـ وتختلف الثقافات فى محاربة الزنا ومحاصرته . فى أمريكا من حق كل انسان البحث عن سعادته ، ويمتلك الانسان جسده وهو حُرُّ فى التصرف فيه ، وليس الزنا بالتراضى جريمة ، ومن المشروع اجتماعيا المرافقة أو ( البوى فريند و الجيرل فريند ) وتنحصر جريمة الزنا فى الاحتراف للعاهرات . النتيجة أن المرأة قد تحولت الى سلعة جنسية باختيارها ، ومجتمع من الفوضى الجنسية، تكون ضحيته المرأة نفسها ، حيث تعانى فى تربية أولاد هجرهم الأب أو الآباء ( ما ظهر منهم وما بطن ) ، وبعد حياة صاخبة ماجنة تستنزف شبابها تصحو بعد الأربعين لتعانى الوحدة و تتسول الزوج أو العشيق ، ثم ينتهى بها الحال فى الشيخوخة الى وحدة قاتلة باردة . أما الأولاد فهم ينشأون بلا أسرة ، فى فردية مطلقة ، ويستعيضون عن الأسرة المفقودة بتكوين أُسر صناعية فى النوادى والتجمعات المختلفة وتربية الكلاب والقطط .
3 ـ هذه الرؤية ( العلمانية الغربية ) فى محاصرة أو تشجيع الزنا يوجد عند المحمديين ما هو أسوأ منها وأضل سبيلا . إذ يصنعون تشريعا للزنا ، يصبح به حلالا زلالا ، او يكون الزنا شعيرة دينية . أتذكر أنه فى أوائل السبعينيات وفى حى الحسين بالقاهرة كان هناك شيخ يحترف ( القوادة ) لديه بعض العاهرات ، وإثنان من الشهود . وتأتى له أفواج الطلبة من الأزهريين ، ويقوم الشيخ بعقد قران شفهى على طالب المتعة واحدى العاهرات فى وجود الشاهدين ، وبعد أن يقضى غرضه ، يقوم بتطليقها ، ويأتى دور زميله ، فيقوم الشيخ بعقد قرانه ، وبعد أن يقضى غرضه يطلقها . وهكذا ظل الشيخ يعقد القران ويطلّق كل يوم باخلاص شديد ، لا يملّ ولا يكلّ ، ويرى انه زواج شرعى . فى الفقه السّنى عدم إعتداد بالعدة ، يكفى أنهم إعتبروا عدة للمرأة المملوكة أقل من عدة المرأة الحرة ، وكان السائد فى الواقع هو ممارسة الجنس مع المملوكة بلا اعتبار للعدة ن بل وبلا عقد زواج من الأساس ، فى مخالفة صريحة للقرآن الكريم . وفى حديث البخارى الذى فضحناه فى كتابنا ( القرآن وكفى ) عام 1990 يزعم البخارى لعنه الله جل وعلا ان النبى قال ("أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال فإن أحبا أن يتزايدا أو يتتاركا" (البخاري: الجزء السابع ص 16) وهو تشريع صريح للزنا . أما الصوفية فقد جعلوا من الزنا طريقا للتحقق بالحق ، وابتدعوا ( المؤاخاة ) ستارا وتشريعا للزنا .
4 ـ عن أولئك جميعا قال رب العزة من قبل فى كتابه الحكيم:( وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (27)النساء )وفى الآية التالية : (يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً (28) ( النساء ).يبقى التشريع الاسلامى القرآنى ( بما فيه من تخفيف وتيسير فى الزواج الشرعى ) هو الحل المثل فى محاربة الزنا حفاظا على الأسرة والمجتمع .
خامسا : الزواج ليس فقط لتكوين أسرة بل ايضا وأساسا لاطفاء غريزة الجنس لدى الرجل :
1 ـ إن للزواج أسبابا كثيرة ، لا تقتصر فقط على طلب السكينة والراحة النفسية الزوجية والطمع فى مال الزوجة او المصاهرات السياسية . بل إن منها السبب الحقيقى الواقعى للزواج الذى يخص الرجل وهو ( الشهوة الجنسية ). الرجل يختلف عن المرأة فى موضوع الشهوة الجنسية . تولد الانثى من البشر وفى غريزتها ( الأمومة ) أى هى مشروع لأن تكون (أُمّا ) وتكون لُعبتها ( عروسة ) تجعلها بنتا لها . غريزة الأمومة هى الأساس لدى المرأة ، وأنوثتها هى فى خدمة أمومتها . ولو تُركت المرأة فى حالها بدون مؤثر خارجى فلن تعانى من الشهوة الجنسية . تشتعل فيها الرغبة الجنسية بمؤثر خارجى ، حين يقترب منها رجل ، يهمس اليها ويلمسها ويثير غريزتها . ولأن الشهوة الجنسية للمرأة تحتاج الى مؤثر خارجى فقد أوجب رب العزة على الزوج أن يبدأ بإثارتها جنسيا قبل ممارسة الجنس مع زوجته ، مع التأكيد بأن من حقه أن يمارس معها الجنس متى إشتعلت غريزته ( فيما عدا وقت الحيض ) : يقول جل وعلا : ( نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ ) (223) ) البقرة ). الرجل يحمل رغبته الجنسية فى عقله وينوء بها جسده ، ولا بد أن يُفرغ ما تنتجه خصيتاه ، وإلا تعرض لألم شديد .
2 ـ وهذه الواقعية يتعامل بها التشريع الاسلامى فى خطابه للرجل ، وليس للانثى . فبسبب إلحاح الشهوة الجنسية على الرجل نزل التشريع بتسهيل الزواج طلبا للعفة عن الزنا أو الاحصان ليمكن الرجل من قضاء الشهوة الجنسية بالحلال. ونعطى أمثلة :
2 / 1 ، حين لا يتيسر للرجل الزواج من المستوى العالى من الحرائر فيمكن له كى يتجنب ( العنت ) أو مشقة الشهوة الجنسية التى توقعه فى الزنا ، أن يتزوج من ملك اليمين زواجا شرعيا : (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25) ) النساء ). كان هذا وقت شيوع ملك اليمين . وبالتالى يمكن لمن يخاف ( العنت ) أن يتزوج بالفقيرة أو كما قال جل وعلا : (وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) النور ). ويمكن للمغترب الذى يعانى من المغريات أن يتزوج زواجا مؤقتا يطبق فيه شرع الله جل فى الزواج . وكما قلنا من قبل :( لا بد من تطبيق الشريعة الاسلامية القرآنية بأكملها ، لأنها كيان متكامل ، وما قلناه عن الزواج المؤقت هو مجرد تفصيلة من هذا الكيان.)
2 / 2 ـ وفى معرض إباحة التعدد فى الزواج يقول جل وعلا : ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا (3) النساء ) . قال جل وعلا ( ما طاب لكم من النساء ) . هنا إعتراف بالرغبة الجنسية فى الزواج من إمراة تطيب وتحلو للراغب فيها . هذا مع وجود زوجات أخريات فى عصمته ، ولكنه ( طاب ) له أن يتزوج أخرى أعجبته . وبدلا من الوقوع فى الزنا بها يمكنه الزواج منها ، ومن غيرها وبالتراضى . والله جل وعلا قال للنبى يحرم عليه التعدد بعد فترة مضت : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ ) (52) الأحزاب ) . هنا كلام عن (حُسن وجه المرأة ) بما يعد دافعا للزواج منها ، حتى لو كان طالب الزواج هو النبى عليه السلام . وجمال وجه المرأة هو الذى يجعل الرجال يتكاثرون حولها ، ليس لتلمس البركة أو لتلقى العلم وتعلم الأدب ، ولكن للشهوة الجنسية التى يُعتبر حُسن الوجه المدخل الأساس لها .
2 / 3 ـ ويقول جل وعلا بعد أن حدّد المحرمات فى الزواج : ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (24) النساء ) يهمنا هنا تأكيده جل وعلا على أنه حلال أن تستخدم مالك فى أن تتزوج من شئت ( خارج المحرمات ) زواجا شرعيا تستمتع به بزوجتك أو زوجاتك ، وأن تعطى الفريضة أو المهر من مالك ، وبعد هذه الفريضة كل شىء يكون بالتراضى فى عقد الزواج . المستفاد من هنا التركيز على ثلاث : ( المال الذى يأتى منه المهر، وبه يحل الاستمتاع ، التراضى ) . والاستمتاع هو إطفاء للرغبة الجنسية للرجل ، سواء كانت عامة لأى أُنثى أو لواحدة بالتحديد يريد الرجل أن يتزوجها . وبالتالى فلا حرج على من يريد الزواج مؤقتا ليستمتع جنسيا بمن يريدها زوجة . مع الالتزام ببقية التشريعات الخاصة بحقوقها بعد الانفصال .او كما قلنا (لا بد من تطبيق الشريعة الاسلامية القرآنية بأكملها ، لأنها كيان متكامل ، وما قلناه عن الزواج المؤقت هو مجرد تفصيلة من هذا الكيان )
سادسا : التراضى
1 ـ الآية الكريمة واضحة وصريحة : ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (24)) النساء ) فالزواج حلال خارج المحرمات من النساء ، بشرط الفريضة وهى دفع المهر ، (أو الصداق أو الأجر ) فى مصطلحات القرآن الكريم . وبعد هذه الفريضة فالتراضى بين الطرفين هو أساس التعاقد فى عقد الزواج . يشمل هذا كل شىء ، ومنه توقيت مدة للزواج ، أو أن تكون العصمة بيد الزوجة ، الخ . وحتى فى موضوع المهر الواجب ، فإذا رضيت الزوجة أن يأخذ زوجها منه شيئا فهذا جائز طالما رضيت به نفسها ، أو بالتعبير القرآنى ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (4) النساء ). التعبير القرآنى رائع (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً )
2 ـ وقلنا ونكرر ونؤكد أن ( الإكراه ) حرام ، سواء كان إكراها فى الدين فى التعامل مع رب العزة جل وعلا : ( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنْ الغَيِّ ) (256) البقرة ) ، أو كان إكراها فى تعامل البشر فيما بينهم ، لذا لا يؤاخذ الله جل وعلا من يقع عليه الاكراه حتى من أُكره وقلبه مطمئن بالايمان : ( النحل 106)، وتأتى المؤاخذة على التعمد فقط : (الاحزاب 5. ) .
3 ـ وإذا كان الإكراه محرما فإن التراضى هو أساس التعاملات البشرية التجارية ( النساء 29) والتراضى هو أساس التعامل بعد الطلاق الذى يعنى نزاعا فعليا بين الطرفين ( البقرة 233) . وبالتالى فالتراضى أساس الزواج. ونراه فى تعدد الزوجات ، فالتى ترضى أن تكون زوجة ثانية لا يجوز لأحد منعها من الزواج ، ونتذكر هنا تحريم ( العضل ) وهو مصادرة حق المرأة فى الزواج بمن تريد : ( البقرة 232 ) ( النساء 19 ).
5 ـ ومن التراضى أيضا الزواج المؤقت . ولكن لا بد من تطبيق كل التشريعات القرآنية ، من المعاشرة بالمعروف الى حقوق الزوجة المطلقة فى النفقة والسكنى ، وفى المتعة بعد الطلاق ، ولو أنجبت فلها حق فى الأجرة على الرضاعة والكسوة والنفقة ..الى آخر ما جاء فى القرآن الكريم فى سورتى البقرة والطلاق .
أخيرا :
يجب أن نبتعد عن الهوى فى نظرتنا للتشريعات القرآنية , بعض المنتسبين زورا ( للقرآنيين ) يستثقل أداء الفرائض الخمسة فى الصلاة فيجعلها ثلاثة أو إثنين أو يكتفى بقراءة القرآن بديلا عن العبادات ليريح نفسه ، وفى النهاية لا يقرأ القرآن ولا يتزكى . وهناك معتوه دخل موقعنا وجعل همّه أن يؤكد ان الخمر ليست حراما ، وبعض النساء يكرهن تعدد الزوجات ( لأنهن متزوجات ) ولو كن عوانس أو أرامل أو مطلقات لاختلف رأيهن ، بدليل أن التى ترضى بأن تتزوج رجلا متزوجا هى إمرأة . أليس كذلك . وبعض الناس يكره لحم الخيل أو الارانب فيحرمه .
المؤمن يجعل فاصلا بين هواه وبين تشريع الرحمن . له أن يبتعد عما يكره من الحلال الذى أباحه رب العزة ، ولكن لا يجوز مطلقا أن يفتى بتحريم الحلال لمجرد انه لا يستسيغه ، لأن صاحب الحق فى التحريم هو رب العزة ، وقد جعل المحرمات إستثناءات فى الزواج وفى الطعام ، وأنزل تشريعات فى الطلاق وفى إصلاح الحياة الزوجية تتمشى مع الواقع .
اجمالي القراءات
1978
في بعض ما جاء في مقالكم:
"الطريق الصعب فى تدمير القداسة أنا الذى بدأته، ودفعت الثمن."
"ورأيى فى زواج المتعة أو الزواج المؤقت أيضا لم يسبقنى اليه أحد"
لا أحد يستطيع أن ينكر أن فيما تكتبون وتبحثون أشياء مخالفة للآراء الساـئدة في عصرنا البائس، وأن هذه الأبحاث تشق طريقها في عالم المحافظين، ودليل ذلك كثرة أعدائكم. رغم ذلك لا أحد يستطيع أن يجزم عدم وجود شخص آخر سار في نفس الطريق وكان له في موضوع ما نفس الرأي، لكن التاريخ لم يكتشفه.
"تدبر القرآن الكريم بمنهج موضوعى بدون رأى مسبق" أغلب الظن أن القصد هنا هو وجود أشخاص – وما أكثر هؤلاء – عندهم رأي معين في قضية ما، ويبحثون فقط عن إثبات لهذا الرأي، فإن وجدوا شيء من هذا القبيل أخذوا به، وإن تعثروا بشيء غير ذلك، رأي مناقض مثلًا، يغضوا الطرف عنه. في عصرنا، عصر الإنترنت، تستطيع أن تثبت صحة أي رأي. من المؤسف جدًا أن تستغل هذه الإمكانية العلمية الجبارة بهذا الشكل القبيح. ما تقصدوه من كلامكم "دون رأي مسبق" هو عدم التشبث بالرأي الشخصي والتفاني في الدفاع عنه، وكما يقول المثل "عنزة ولو طارت". أما عدم امتلاك رأي في موضوع ما، فهو برأيي من المستحيلات، أللهم إلا إذا كان الموضوع جديدًا لم يُسمع عنه من قبل. لكنه من المؤكد وبعد الدخول في التفاصيل ستُجابه معلومات تُخالف الرأي الشخصي. أنا على قناعة بأن الأمر يتعلق فقط بأن يكون الباحث صادقًا مع نفسه وفي تقييم أكثر عدد ممكن من الآراء المخالفة، وأن يكون على استعداد لتغيير رأيه إن تبين له خطأه، وأن يملك الشجاعة لإعطاء الحق للآخر، وبكلمة واحدة أن يتخطى ذاته.