( اللعان ) بين الاسلام والدين السُنّى
( اللعان ) بين الاسلام والدين السُنّى
تشريع العقوبات للمرأة
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى )
أولا :
اللعان فى دين الاسلام فى تدبر قرآنى
فى سورة ( النور ) بعد حُكم الزنا ورمى المحصنات جاء موضوع ( اللعان ) بين الزوجين فى قوله جل وعلا : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ (9)).
1 ـ : تعريف اللعان جاء فى قوله جل وعلا : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ ). يعنى زوج يرمى زوجته بالزنا وليس معه شهود.
2 : إجراءات اللعان جاءت فى قوله جل وعلا : ( فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ (9)).. أى يذهب للقاضى أو السُّلطة المختصة ويخبرها بالأمر ، طالبا اللعان . ويؤتى بهما معا . يبدأ الزوج فيقسم أربعة مرات على أنه شهد زوجته تزنى ، ثم يؤكدها بشهادة خامسة . إن سكتت الزوجة ولم تدفع التهمة عن نفسها تقع عليها عقوبة الزنا ، وهى مائة جلدة . إن أرادت دفع التهمة فعليها أن تشهد أربع شهادات أن زوجها كاذب ، وتؤكد هذا بشهادة خامسة . وبهذا تنجو من عقوبة الزنا .
3 ـ العقوبة الكبرى للكاذب منهما مؤجلة الى يوم القيامة ، وهى تعنى خلودا فى النار ، وهو ما جاء عنه باللعن الالهى فى حق الزوج الكاذب : ( وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ )، وبالغضب الالهى فى حق الزوجة الكاذبة : ( وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ ) . وهذا لأن الكاذب منهما إرتكب جريمة فى حق صاحبه ، وإرتكب جريمة حين حلف كذبا بالله جل وعلا خمس مرات .
4 ـ من المفهوم بعد تلاعنهما هو التفريق بينهما ، وأنه لم ترد عقوبة على الرجل الزانى .
5 ـ على أن قوله جل وعلا فى تعريف اللعان : ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ ). لا ينطبق على الحالات الآتية :
5 / 1 : غياب الزوج أكثر من تسعة أشهر ، وأن تحمل زوجته فى غيابه . وهذه المشكلة كانت تحدث فى عصر الخلفاء فى الفتوحات ، حين يغيب الأزواج فى المعارك يتمتعون بالنساء السبايا تاركين زوجاتهم يتقلبن على فراشهن من الظمأ الجنسى . انتشر الأطفال اللُقطاء فى عهد عمر بن الخطاب فجعل لهم ديوانا خاصا لرعايتهم .
عالج الفقهاء هذا الوضع :
5 / 1 / 1 : بحديث : ( الولد للفراش وللعاهر الحجر ) ، وهو حديث كوميدى ، يجعل الطفل منسوبا لغير أبيه ، أى للزوج ، أما الزانى فله ( الحجر ) يعنى بالتعبير المصرى ( طُظ ) فيه.
5 / 1 / 2 : بجعل مدة الحمل سنتين فأكثر الى خمس سنوات ، على خلاف بينهم .
5 / 1 / 3 : فى دين التصوف السنى ( المعتدل ) جعلوا أن للولى الصوفى صاحب الكرامات والمعجزات أن يكون ( من أهل الخطوة ) أى أن تُطوى له المسافات ، أو أن يغيب سنوات ثم يرجع فى أى وقت فى لمح البرق . و أسّسوا على هذا أن بامكانه أن يعود فى غمضة عين ليلقّح زوجته ، ثم يعود الى مكانه وبراءة الأطفال فى عينيه .
5 / 2 : فى عصرنا يثبت زنا الزوجة بدون لعان من الزوج فى حالة :
5 / 2 / 1 : الزوجة تصبح حاملا ، ويثبت الزوج طبيا أنه عاقر ، وأن حيواناته المنوية ميتة لا أمل فى أن تلقح البويضة .
5 / 2 / 2 : بتحليل ال دى إن إيه والذى يثبت أن المولود ليس منه قطعا .
ثانيا :
اللعان فى الدين السُنى :
1 ـ فقهاؤهم فى عصرنا إجتروا ما قاله السابقون دون تجديد .
2 ـ القرطبى فى العصر المملوكى وفى ( تفسيره ) عن الأيات الكريمة أتى بأهم آراء الفقهاء السابقين ، وخلافاتهم فى(ثلاثين مسألة ) ننقل نماذج منها :
( الثالثة: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ} عام في كل رمى، سواء قال: زنيت أو يا زانية أو رأيتها تزني، أو هذا الولد ليس منى، فإن الآية مشتملة عليه. ويجب اللعان إن لم يأت بأربعة شهداء، وهذا قول جمهور العلماء وعامة الفقهاء وجماعة أهل الحديث. وقد روى عن مالك مثل ذلك. وكان مالك يقول: لا يلاعن إلا أن يقول: رأيتك تزني، أو ينفى حملا أو ولدا منها. وقول أبى الزناد ويحيى بن سعيد والبتي مثل قول مالك: إن الملاعنة لا تجب بالقذف وإنما تجب بالرؤية أو نفى الحمل مع دعوى الاستبراء، هذا هو المشهور عند مالك، وقاله ابن القاسم. والصحيح الأول لعموم قوله: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ}. قال ابن العربي: وظاهر القرآن يكفى لإيجاب اللعان بمجرد القذف من غير رؤية، فلتعولوا عليه، لا سيما وفي الحديث الصحيح: أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا؟ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فاذهب فأت بها» ولم يكلفه ذكر الرؤية. وأجمعوا أن الأعمى يلاعن إذا قذف امرأته. ولو كانت الرؤية من شرط اللعان ما لاعن الأعمى، قاله أبو عمر وقد ذكر ابن القصار عن مالك أن لعان الأعمى لا يصح إلا أن يقول: لمست فرجه في فرجها... )
( الرابعة: إذا نفى الحمل فإنه يلتعن، لأنه أقوى من الرؤية ولا بد من ذكر عدم الوطي والاستبراء بعده. واختلف علماؤنا في الاستبراء، فقال المغيرة ومالك في أحد قوليهما:
يجزى في ذلك حيضة.وقال مالك أيضا: لا ينفيه إلا بثلاث حيض. والصحيح الأول، لان براءة الرحم من الشغل يقع بها كما في استبراء الامة، وإنما راعينا الثلاث حيض في العدد لحكم آخر يأتي بيانه في الطلاق إن شاء الله تعالى. وحكى اللخمي عن مالك أنه قال مرة: لا ينفى الولد بالاستبراء، لان الحيض يأتي على الحمل. وبه قال أشهب في كتاب ابن المواز، وقاله المغيرة. وقال: لا ينفى الولد إلا بخمس سنين لأنه أكثر مدة الحمل على ما تقدم.)
( الخامسة: اللعان عندنا يكون في كل زوجين حرين كانا أو عبدين، مؤمنين أو كافرين، فاسقين أو عدلين. وبه قال الشافعي. ولا لعان بين الرجل وأمته، ولا بينه وبين أم ولده.
وقيل: لا ينتفي ولد الامة عنه إلا بيمين واحدة، بخلاف اللعان. وقد قيل: إنه إذا نفى ولد أم الولد لاعن. والأول تحصيل مذهب مالك، وهو الصواب.وقال أبو حنيفة: لا يصح اللعان إلا من زوجين حرين مسلمين، وذلك لان اللعان عنده شهادة، وعندنا وعند الشافعي يمين، فكل من صحت يمينه صح قذفه ولعانه. واتفقوا على أنه لا بد أن يكونا مكلفين.) .
( السادسة: واختلف العلماء في ملاعنة الأخرس، فقال مالك والشافعي: يلاعن، لأنه ممن يصح طلاقه وظهاره وإيلاؤه، إذا فهم ذلك عنه.وقال أبو حنيفة: لا يلاعن، لأنه ليس من أهل الشهادة، ولأنه قد ينطق بلسانه فينكر اللعان، فلا يمكننا إقامة الحد عليه. )
( السابعة: قال ابن العربي: رأى أبو حنيفة عموم الآية فقال: إن الرجل إذا قذف زوجته بالزنى قبل أن يتزوجها فإنه يلاعن، ونسى أن ذلك قد تضمنه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ} وهذا رماها محصنة غير زوجة، وإنما يكون اللعان في قذف يلحق فيه النسب، وهذا قذف لا يلحق فيه نسب فلا يوجب لعانا، كما لو قذف أجنبية.)
( الثامنة: إذا قذفها بعد الطلاق نظرت، فإن كان هنالك نسب يريد أن ينفيه أو حمل يتبرأ منه لاعن وإلا لم يلاعن.وقال عثمان البتي: لا يلاعن بحال لأنها ليست بزوجة.وقال أبو حنيفة: لا يلاعن في الوجهين، لأنها ليست بزوجة. وهذا ينتقض عليه بالقذف قبل الزوجية كما ذكرناه آنفا، بل هذا أولى، لان النكاح قد تقدم وهو يريد الانتفاء من النسب وتبرئته من ولد يلحق به فلا بد من اللعان. وإذا لم يكن هنالك حمل يرجى ولا نسب يخاف تعلقه لم يكن للعان فائدة فلم يحكم به وكان قذفا مطلقا داخلا تحت عموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ} الآية، فوجب عليه الحد وبطل ما قاله البتي لظهور فساده.)
( التاسعة: لا ملاعنة بين الرجل وزوجته بعد انقضاء العدة إلا في مسألة واحدة، وهى أن يكون الرجل غائبا فتأتي امرأته بولد في مغيبه وهو لا يعلم فيطلقها فتنقضي عدتها، ثم يقدم فينفيه فله أن يلاعنها ها هنا بعد العدة. وكذلك لو قدم بعد وفاتها ونفى الولد لاعن لنفسه وهى ميتة بعد مدة من العدة، ويرثها لأنها ماتت قبل وقوع الفرقة بينهما.)
( العاشرة: إذا انتفى من الحمل ووقع ذلك بشرطه لاعن قبل الوضع، وبه قال الشافعي.
وقال أبو حنيفة: لا يلاعن إلا بعد أن تضع، لأنه يحتمل أن يكون ريحا أو داء من الأدواء. )
( الحادية عشرة: إذا قذف بالوطي في الدبر لزوجه لاعن.وقال أبو حنيفة: لا يلاعن، وبناه على أصله في أن اللواط لا يوجب الحد. وهذا فاسد، لان الرمي به معرة وقد دخل تحت عموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ} وقد تقدم في الأعراف والمؤمنون أنه يجب به الحد.)
( الثانية عشرة: قال ابن العربي: من غريب أمر هذا الرجل أنه قال إذا قذف زوجته وأمها بالزنى: إنه إن حد للأم سقط حد البنت، وإن لاعن للبنت لم يسقط حد الام، وهذا لا وجه له، وما رأيت لهم فيه شيئا يحكى، وهذا باطل جدا، فإنه خص عموم الآية في البنت وهى زوجة بحد الام من غير أثر ولا أصل قاسه عليه.)
( الثالثة عشرة: إذا قذف زوجته ثم زنت قبل التعانه فلا حد ولا لعان. وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي وأكثر أهل العلم.وقال الثوري والمزني: لا يسقط الحد عن القاذف، وزني المقذوف بعد أن قذف لا يقدح في حصانته المتقدمة ولا يرفعها، لان الاعتبار الحصانة والعفة في حال القذف لا بعده. )
( الرابعة عشرة: من قذف امرأته وهي كبيرة لا تحمل تلاعنا، هو لدفع الحد، وهى لدرء العذاب. فإن كانت صغيرة لا تحمل لا عن هو لدفع الحد ولم تلاعن هي لأنها لو أقرت لم يلزمها شي.وقال ابن الماجشون: لا حد على قاذف من لم تبلغ. قال اللخمي: فعلى هذا لا لعان على زوج الصغيرة التي لا تحمل.)
( الخامسة عشرة: إذا شهد أربعة على امرأة بالزنى أحدهم زوجها فإن الزوج يلاعن وتحد الشهود الثلاثة، وهو أحد قولي الشافعي. والقول الثاني أنهم لا يحدون.وقال أبو حنيفة: إذا شهد الزوج والثلاثة ابتداء قبلت شهادتهم وحدت المرأة. ودليلنا قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ} الآية. فأخبر أن من قذف محصنا ولم يأت بأربعة شهداء حد، فظاهره يقتضى أن يأتي بأربعة شهداء سوى الرامي، والزوج رام لزوجته فخرج عن أن يكون أحد الشهود، والله أعلم.)
( السادسة عشرة: إذا ظهر بامرأته حمل فترك أن ينفيه لم يكن له نفيه بعد سكوته.
وقال شريح ومجاهد: له أن ينفيه أبدا. وهذا خطأ، لان سكوته بعد العلم به رضى به، كما لو أقر به ثم ينفيه فإنه لا يقبل منه، والله أعلم.).
( السابعة عشرة: فإن أخر ذلك إلى أن وضعت وقال: رجوت أن يكون ريحا ينفش أو تسقطه فأستريح من القذف، فهل لنفيه بعد وضعه مدة ما فإذا تجاوزها لم يكن له ذلك، فقد اختلف في ذلك، فنحن نقول: إذا لم يكن له عذر في سكوته حتى مضت ثلاثة أيام فهو راض به ليس له نفيه، وبهذا قال الشافعي.وقال أيضا: متى أمكنه نفيه على ما جرت به العادة من تمكنه من الحاكم فلم يفعل لم يكن له نفيه من بعد ذلك.وقال أبو حنيفة: لا أعتبر مدة.
وقال أبو يوسف ومحمد: يعتبر فيه أربعون يوما، مدة النفاس. قال ابن القصار: والدليل لقولنا هو أن نفى ولده محرم عليه، واستلحاق ولد ليس منه محرم عليه، فلا بد أن يوسع عليه لكي ينظر فيه ويفكر، هل يجوز له نفيه أولا. وإنما جعلنا الحد ثلاثة لأنه أول حد الكثرة وآخر حد القلة، وقد جعلت ثلاثة أيام يختبر بها حال المصراة، فكذلك ينبغي أن يكون هنا. وأما أبو يوسف ومحمد فليس اعتبارهم بأولى من اعتبار مدة الولادة والرضاع، إذ لا شاهد لهم في الشريعة، وقد ذكرنا نحن شاهدا في الشريعة من مدة المصراة.)
ونكتفى بهذا رحمة بأعصاب القارىء .
اجمالي القراءات
2106
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ ... ﴿٦﴾ وَالْخَامِسَةُ ... ﴿٧﴾
الآيات 6 إلى 9 من سورة النور لا تدع مجالًا للشك بأن الرمي بالزنى يكون للرجل ودرء العذاب للمرأة، ولا وجود للعكس في النص، أي ليس للمرأة أن ترمي زوجها. لو أخذتُ الأمور ببساطة شديدة أصل إلى التفكير بذكورية الدين حتى في القرآن، إذ ماذا عن الرجل إن خان زوجه وزنى. لكني بعد تمعن في الأمر أصل إلى التالي: التعدي على حدود الله له أولًا: عقابه من ربه في الآخرة وربما في الدنيا أيضًا وثانيًا: وفي بعض الحالات يكون عقابه من المجتمع. بالنسبة لعقاب الله فيما جاء في هده الآيات للكاذبين هو لعنة الله غلى الرجل وغضبه على المرأة (هنا سؤال عرضي لكم: مالفرق بين مستوى لعنة الله وغضبه؟ أي العقابين يزيد على الآخر؟). أما بالنسبة لعقاب المجتمع، أي البشر للبشر، فعقاب الزنى للمرأة ولا عقاب للرجل. بعد إمعان النظر في العقاب البشري وبصورة عامة ألاحظ التالي: الإنس هم المخلوقات الوحيدة التي منحها الله الحرية في التصرف. بقية المخلوقات تتصرف حسب منهج معين (مبرمج) ولا تستطيع غير ذلك. الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يمتلك حرية التصرف ذاتيًا، أن يفسد في الأرض، أن يسفك الدماء، أن يقتل بغير حق، أن يهلك النسل، أن يعتدي أو يسرق. الحيوان يتصرف للضرورة تبعًا لغريزة مبرجمة لديه، ليس له الأمر فيها. لذا حصر الله العقاب البشري بما ينتج عنه من إتلاف أو تخريب أو تحريف لما خلقه. أنا لا أرى، بما يخص الزنى، أن العقاب (البشري) لهذا الإشباع الغريزي عن طريق يتعدى حدود الله، هو للزنى بذاته، بل لما يتعدى نطاقه ولما ينتج عنه من خلل وتشويش في تحديد الآباء والأبناء عند الحمل. هنا تعود المسألة إلى النساء فعن طريقهن إذا حملوا سيحصل الخلل، فيبتلي الرجل بولد ليس ابنه. يجدر هنا بالذكر أن هذه الآيات لها إرتباط تام بما جاء في أول سورة النور، وبأن القصد في العقاب هو في حال تعاطي عملية الزنا وتكراره، فإن أرتكب الأنسان الفاحشة نتيجة ضعف دون إصرار فهذا ليس زنى بمفهوم الآيتين 2 و4 من سورة النور. هذا ينطبق في رأيي على الآيات 6 إلى 9.
عن الزوج الغائب: في رأيي هو لايستطيع اللعان لأنه لا يستطيع في غيابه أن يكون شاهدًا، فكيف يشهد؟