الختان ( 1 من 2 )
القسم الثانى من الباب الثالث : التشريعات الاجتماعية
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
الخــتـان ( 1 من 2 )
أولا : إسلاميا
1 ـ كلمة الختان ومشتقاتها لم ترد أصلا فى القرآن الكريم ، ولم ترد أى إشارة عنه فى تشريعات الاسلام ( القرآن الكريم ) . بل المفهوم منها ضد الختان . قال جل وعلا :
1 / 1 ـ : ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ (7) السجدة ) ، فهل الذى أحسن كل شىء خلقه يكون قد خلق شيئا زائدا يجب إستئصاله ؟
1 / 2 ـ ( الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8) الانفطار ) . فهل هذه الخلقة وتلك الصورة تحتاج الى تعديل إضافى ؟
2 ـ قد يقال إن فى جسم الانسان شعرا وأظافر تطول وتحتاج الى تقصير وحلق وتقليم ، ويمكن أن يسرى عليها ما يسرى من قطع فى الختان . ونقول :
2 / 1 : الله جل وعلا جعل من مناسك الحج الحلق والتقصير . أما الختان فهو قطع للحم بشر حىّ ينتج عنه آلام ودماء وصراخ وعويل ، والجزء المقطوع لا يمكن إرجاعه .
2 / 2 : الختان من الجروح ، ومن يجرح شخصا متعديا فيجب القصاص منه لأن الجروح قصاص . هل تقتص من الحلاق قصاصا ؟ وهل نقتص من الطبيب الذى يقوم بالختان بقطع نفس الجزء ؟ وهل إذا قام بختان آلاف الاناث والصبيان ، فماذا نفعل معه ؟
ثانيا : الختان
جاء عنه فى العهد القديم ( سفر التكوين ) عن ابراهيم عليه السلام :
1 ـ ( يختتن منك كل ذكر ، هذا هو عهدى الذى تحفظونه بينى وبينكم ، وبين نسلك من بعدك )
2 ـ ( فتختنون فى لحم غرلتكم ، فيكون علامة بينى وبينكم ).
3 ـ ( إبن ثمانية أيام يُختن منكم كل ذكر فى أجيالكم ..).
4 ـ ( إبن ثمانية أيام يُختن منك كل ذكر ..)
5 ـ ( وأما الذكر الأغلف الذى لا يُختن فى لحم غرلته فتقطع تلك النفس من شعبها ، إنه قد نكث عهدى )
6 ـ ( فأخذ ابراهيم إسماعيل إبنه ، وجميع ولدان بيته ، وجميع المبتاعين بفضته ، كل ذكر من أهل بيت ابراهيم ، وختن لحم غرلتهم فى ذلك اليوم عينه كما كلمه الله ).
7 ـ ( وكان ابراهيم إبن تسع وتسعين سنة حين خُتن فى لحم غرلته )
8 ـ ( وكان إسماعيل إبنه إبن ثلاثة عشرة سنة حين ختن فى لحم غرلته ).
9 ـ ( فى ذلك اليوم عينه خُتن ابراهيم واسماعيل إبنه ).
10 ـ ( وختن ابراهيم إسحاق إبنه وهو إبن ثمانية أيام كما أمره الله ).
وعليه نلاحظ :
1 ـ ظل ابراهيم 99 عاما بلا ختان .
2 ـ وجوب ختن الطفل وهو إبن ثمانية أيام . ومن لا يفعل ذلك يكون حانثا بالعهد مطرودا .
3 ـ الختان على الذكور فقط وليس على الإناث .
ثالثا : الختان عند المحمديين يشمل الاناث والذكور
1 ـ زعم البخارى ومسلم حديثا يقول ( اختتن إبراهيم عليه السلام، وهو ابن ثمانين سنة، بالقدوم). لاتسأل كيف وإلا كنت كافرا بالدين السُّنى . بل لا يجوز لك أن تتساءل إذا كان الختان فريضة فلماذا أهملها مالك فى ( الموطّأ ) وهو أول كتاب فقهى فى الدين السُنّى ؟ .
2 ـ ثم تكاثرت صناعة الأحاديث فى ختان المرأة لصالح النظرة الذكورية للرجل ، مثل حديث ام عطية الذي رواه أبو داوود ، القائل : " لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى البعل " أي لا تبالغ في الاستئصال ، لأن ذلك في رأي الرجال ــ وليس النبي ــ أحظى للمرأة والزوج ، ورواية أخرى تقول " إذا خفضت فأشمّى ولا تنهكي ، فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج ". والخفاض هو استئصال البظر. المهم هو أنه ( أحظى للرجل ).
3 ـ ويرى إبن الجوزي فى كتابه ( أحكام النساء ):
3 / 1 : إن عدم الاستئصال الكامل يقوم بتعديل أى تخفيض شهوة المرأة ، أما الاستئصال الكامل فإنه استئصال لشهوة المرأة ، وتمتعها مما ينتج عنه نقص حبهن للزوج ، مما قد يدفعهن للفجور ، أى لمصلحة الرجل ( الزوج ) أيضا. يقول ابن الجوزى : ( ولذلك كان بعض الأشراف يقول للخاتن : " لا تتعرض إلا لما يظهر فقط" )، ومعناه أن الرجل كان يقوم بعملية الختان للبنات ، وأن أفضل الختان ما كان استئصالا للأجزاء الظاهرة فقط . ويقول ابن الجوزي إن " أكثر العفائف موعبات" أي جرى لهن ختان كامل ، ولهذا فقد صرن عفائف ، أي فقدن الشهوة والرغبة ، ويؤكد ذلك بقوله أن نساء الهند والروم ينتشر بينهن الزنا وطلب الرجال بسبب عدم الختان او " لأن شهوتهن للرجال أشد" على حد تعبيره .
3 / 2 : ولم يفطن ابن الجوزي إلى أن أحد أسباب انتشار السحاق أو الشذوذ بين النساء في عصره ، حيث أن معظم الجواري كن بدون ختان . ويقول ابن الجوزي ــ ونعتذر مقدما عن نقل ألفاظه ــ ( وأكثر ما يدعو النساء إلى السحاق انهن إذا لزقن موضع محز الختان بموضع محز الختان وجدن هناك لذة عجيبة ، وكلما كان ذلك منها أوفر ــ أي بدون ختان كان ذلك السحق ألذ ، ولذلك صار حُـذّاق الرجال يضعون أطراف الكمر ــ أي القضيب ــ على محز الختان لأن هناك مجتمع الشهوة . ) ..
3 / 3 : وفقه الختان هذا ذكره ابن الجوزي تحت عنوان " الختان واجب في حق المرأة والرجل " واستدل على وجوب الختان بأنه إيلام وكشف عورة ، فلولا أنه واجب ما كانت فيه رخصة شرعية . وفى نفس الوقت أفتى بتحريم ثقب الأذن لأجل تعليق "حلق الذهب" فيه ، لأنه جُرح مؤلم والتزين بالحلق غير مهم ، بل تعليقه على الأذن تفريط ، وفي باقي الحلى كفاية .. عموما ، هو دينهم الذى يملكونه ، وهم أحرار فيما يفتون .
4 ـ وابن تيمية في القرن الثامن الهجري أفتى بالختان وقال " وختانها أن نقطع أعلى الجلدة ، التي كعُرف الديك " واستشهد بحديث " أشمى ولاتنهكي ، فإنه أبهى للوجه وأحظى لها عند الزوج " . ومحقق الكتاب أورد اختلاف العلماء في رواية هذا الحديث وفي تقوية او تضعيف او اتهام بعض رواته ، وقال ابن تيمية في شرحه للحديث أن المقصود منه عدم المبالغة في القطع ، لأن المقصود من ختان المرأة "تعديل شهوتها ، فإنها إذا كانت قلفاء (أي بدون ختان) كانت مغتلمة (أي هائجة جنسياً) وشديدة الشهوة ، ويقول ولهذا يقال : يا ابن القلفاء فإن القلفاء تتطلع إلى الرجال اكثر، ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر ونساء الافرنج ما لا يوجد في نساء المسلمين ، وإذا حصلت المبالغة في الختان حصل المقصود في الاعتدال " . وهنا نرى ابن تيمية أكثر صراحة في تحديد مفهوم الاعتدال أو تعديل شهوة المرأة باعتبار أن ذلك هو الهدف في ختان المرأة ، أنه بصراحة مصادرة حقها في المتعة الجنسية ، حتى ينفرد الرجل دونها بالاغتلام او الهياج الجنسي..
5 ـ فى كتابه ( تحفة المودود في أحكام المولود ) خصّص إبن القيم الجوزية بابا للختان :
5 / 1 :جعله سُنّة ابراهيم والأنبياء من بعده ، وزعم أن الختان كان ضمن الابتلاءات التى إبتلى الله جل وعلا بها إبراهيم ، ولم يستشهد بآية قرآنية مع كثرة الآيات القرآنية عن ابراهيم .
5 / 1 : ونقل إبن القيم عن بعضهم أن الختان " فرض على الرجال ومكرمة على النساء " ، ولا تسأل كيف أن كشف عورتها وانتهاك طفولتها وإسالة دمها مكرمة لها .
5 / 2 : ومما نقله عن مدى المقطوع فى الختان نرى تحوّل الفقهاء الى خبراء فى تقطيع اللحم الحىّ . قالوا : ( يؤخذ في ختان الرجل جلدة الحشفة ، وإن اقتصر على أخذ أكثرها جاز . ويستحب لخافضة الجارية أن لا تحيف ، وحكي عن عمر أنه قال للخاتنة : أبقي منه إذا خفضت .) ، ( سئل أحمد : كم يقطع في الختانة ؟ قال : حتى تبدو الحشفة .) ، ( الواجب على الرجل أن يقطع الجلدة التي على الحشفة حتى تنكشف جميعها ، وأما المرأة فتقطع الجلدة التي كعرف الديك في أعلى الفرج بين الشفرين وإذا قطعت يبقى أصلها كالنواة ).
5 / 3 : واجتهدوا فى تبيين مشروعيته فقالوا إن عبد الله بن عباس كان يشدد في شأن الختان ، وأنه قال : ( لا حج له ولا صلاة إذا لم يختتن ) والراوى هو ابن حنبل . كما لو إن إبن حنبل المتوفى عام 241 عاش مع ابن عباس المتوفى عام 68 .!!
6 ـ أما الفقيه إبن الحاج ــ في كتابه المدخل ــ فقد أشار إلى انتشار الختان في المشرق دون شمال افريقيا ، وعلل ذلك بان نساء المغرب وشمال أفريقيا يولدْن بدون "فضله" أى مختونات من اصل الخلقة ، عكس المرأة في المشرق لذا احتاجوا إلى إجراء الختان في المشرق. ولقد نشأ ابن الحاج في شمال افريقيا ، ثم أمضى بقية عمره في مصر ، إلى أن مات فيها سنة 737 ، وقد كان صوفيا مالكي المذهب ، ولذلك يبدو عديم الخبرة في هذه الشئون الخاصة التي برع فيها الفقهاء الحنابلة المتشددون .
وغالبا ما تختفي شدة الشهوة والاغتلام خلف عمائم التشدد والتزمت .
7 ـ وفى مستنقع الأزهر ظهر الشيخ محمود شلتوت طفرة إستثنائية . فى كتابه ( الفتاوى ) قال عن الختان : ( الختان شأن قديم منذ فجر التاريخ ، وجاءت فيه جملة من المرويات تعبر عن وجهات نظر مختلفة . ورأينا في الموضوع أن حكم الشرع في الختان لا يخضع لنص منقول وإنما يخضع في الذكر والأنثى لقاعدة شرعية عامة وهي أن إيلام الحي لا يجوز شرعا إلا لمصالح تعود عليه وتزيد على الألم الذي يلحقه . وختان الذكر فيه مصلحة تزيد عن الألم الذي يلحقه بسببه ، ذلك أن داخل الغلفة منبت خصيب لتكوين الإفرازات التي تؤدي إلى تعفن ، تغلب معه جراثيم تؤدي إلى الأمراض الفتاكة ، ومن هنا يكون الختان طريقا وقائيا يحفظ للإنسان حياته .أما ختان الأنثى فليس فيه هذا الجانب الوقائي . ويتحدث بعضهم عن أن ختان الأنثى له علاقة بإشعال الغريزة الجنسية لديها أو ضعفها وإذن يجب الختان وقاية للعرض والشرف .. ولكن الغريزة الجنسية لا تتبع في قوتها أو ضعفها ختان الأنثى أو عدمه . وإنما تتبع الغدد والبنية الجسمية قوة وضعفا ونشاطا وخمولا والانزلاق إلى ما لا ينبغي كثيرا ما يحدث للمختونات ، ومن هنا يتبين أن ختان الأنثى ليس لدينا ما يدعو إليه ، وليس هناك ما يحتمه لا شرعا ولا خلقا ولا طبا .). أى أن الختان ليس من الاسلام ، وإنما هو شأن يخضع لرأى الطب ، وأهل الخبرة.
وما جاء فيه كما قال الشيخ شلتوت ليس سوى مرويات أو أحاديث ، يقول عنها (وجاءت فيه جملة من المرويات تعبر عن وجهات نظر مختلفة ). أى ينكر تلك الاحاديث بطريقة دبلوماسية.
8 ـ وعاد مستنقع الأزهر الى الركود الذى كان الى أن قمنا بتفجير عواصف فيه . وشهدنا أجهل شيوخ الأزهر قاطبة وهو الشيخ جاد الحق ، والذى قال عن ختان الأنثى : أنه واجب ، وإن البلد الذي يرفض ختان الأنثى يجب إعلان الحرب عليه ..!! يعنى ان نعلن الحرب على امريكا واوربا وآسيا واستراليا حتى يختنوا بناتهم ..هل هناك مصيبة أكثر من هذا ..
9 ـ لذا نخصص المقال التالى عن ( الأزهر .. والختان ).
اجمالي القراءات
3004
شكرا لهذا التفصيل وهذا التوضيح الذي غفل عنه السواد الأعظم من المسلمين ... إلى درجة أن المرء أصبح متسائلا هل يجوز أن يقال (وإذا الصبية سئلت بإي ذنب ختنت )؟