ف 9 : المرأة فى ( الزكاة المالية والانفاق ) ( 4 / 1 ) المستحقون
ف 9 : المرأة فى ( الزكاة المالية والانفاق ) ( 4 / 1 ) المستحقون
القسم الأول من الباب الثالث : عن تشريعات المرأة التعبدية بين الاسلام والدين السنى
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
ف 9 : المرأة فى ( الزكاة المالية ) ( 4 / 1 ) المستحقون
أولا : مستحقو الزكاة المالية في دولة النبى محمد الاسلامية
1 ـ يقول سبحانه وتعالى عن صنف من المنافقين كان يطمع في أخذ الصدقة الرسمية ـ الزكاة ـ من النبي دون ان يكون مستحقاً : ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (58) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمْ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ (59) ثم بينت الآية التالية مستحقي الصدقة الرسمية : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) التوبة).
ومنها نستفيد نوعية المستحقين للصدقة الرسمية ، ومدى إنطباق هذا على عصرنا : وهم :
1 : الفقير : وهو المحتاج الذي لا يكفيه دخله في إشباع حاجاته المختلفة من الضوريات تبعاً للعرف السائد وتقوم السلطات المختصة بتحديد الحد الأدنى للمعيشة والدخل والذي يعني الفقر والاحتياج . وعلى أساسه تعطي الفقراء الدعم من الزكاة الرسمية. وكون الفقير يعنى ( المحتاج ) و ( الفقر يعنى الاحتياج ) فإن الفقر والفقير يشمل : المريض المحتاج الى الشفاء والدواء، والذى لا سكن له ومحتاج الى الإيواء ، ويدخل فيه أطفال الشوارع والعجزة ممّن بلغ أرذل العمر والأرامل اللواتى لا يجدن من يعتنى بهنّ .
2 : المسكين : هو المحتاج للطعام وهو أول حاجات الانسان الطبيعية، لذا يرتبط المسكين في حديث القرآن بالذلة وبحاجته للطعام، وقد حث القرآن على إطعام المسكين وللمسكين حق في الزكاة الرسمية . ويمكن للدولة أن تنظم حصوله على هذا الحق بالمطاعم المجانية أو كوبونات الطعام وغير ذلك . هناك ملايين لا يجدون قوت يومهم ، ومنهم من يأكل من الزبالة ، بينما تجد المترفين فى كوكب المحمديين يهدرون أطنان اللحوم وأفخر الطعام ، ويلقون بفوائضها الى صناديق الزبالة . عار ما بعده عار.!!
3 : العاملون على الصدقة وهم الموظفون القائمون على جمعها من الناس ويأخذون مرتباتهم من الإيراد. وتحدده الدولة حسب الظروف.
4 : المؤلفة قلوبهم : هم من ترى الدولة الاسلامية اجتذابهم لصفها من الداخل أوالخارج ، وهو دليل على أن الدعوة للإسلام لا إكراه فيها ولكن بالترغيب والاستمالة .
4 / 1 : ويدخل فيه الآن التبرع للدول الأخرى فى النكبات من الزلازل والبراكين والفيضانات والمجاعات . وهذا ما تفعله الدول الديمقراطية بكلّ أريحيّة .
4 / 2 : أما أوباش المستبدين فى كوكب المحمديين فهم يستولون على هذه الاعانات لأنفسهم وأعوانهم ، وبعضهم ( قد ) يتبرع ( ببعض ) شىء ، ويصحب ذلك مواكب وإحتفالات ومنُّ وأذى . بل بعض الأوباش من سلاطين البترول الذى إحتكر ثروة الدولة فى ( كرشه ) يعطى بعض الفُتات للمحرومين ( اصحاب البلد والثروة ) ويقول إنها ( مكرمة ملكية ) . إخص ..وألف إخص .!!
5 ـ في الرقاب : أي عتق العبيد إذا كان هناك رقيق .
5 / 1 : من الحُمق الرائع أن يُقال إن الرّق قد إنتهى عهده . هو لا يزال موجودا بالصورة القديمة ، وبصور أشدّ شراسة ، وتجد ضحاياه فى تهريب البشر وفى ( الرقيق الأبيض ) ، وفى الاستغلال البشع للفقراء ، وفى موجات الهجرة واللجوء . وإسألوا البحر المتوسط وملايين السوريين والأفارقة ..والبقية تأتى ..وستأتى .!!!
5/ 2 : الرقيق فى العصور القديمة كان يعيش ملاصقا للسادة يخدمهم فى البيت والحقل ، وقد تتكون علاقة إنسانية تُخفّف أوزار الاستعباد . أما رقيق اليوم فمن يتحكم فيهم هم عصابات المافيا وأوباش المستبدين . ولا يتورعون عن إغراقهم فى البحر عند الحاجة ، ولا عن قتلهم وبيع أعضائهم .!!
5 / 3 : لا يزال عصرنا أشد حاجة لتشريعات الاسلام فى تحرير الرقيق . فهو من أبشع أنواع الظلم ، والله جل وعلا لا يحب الظالمين ، ولا يريد ظلما للعباد .
6 ـ ( وفي سبيل الله ) أي في تدعيم الدعوة في سبيل الله وفي الجهاد الدفاعى والإعداد له .
6 / 1 وهذه أهم فريضة غائبة فى عصرنا البائس الردىء ، حيث أصبح الاسلام متهما بالارهاب والتخلف والتعصب والتزمت ، وهو دين السلام والعدل والقسط وحرية الدين وحرية الفكر . الله جل وعلا أرسل رسوله بالقرآن الكريم ( رحمة للعالمين ) فتحوّل فى أحاديثهم الى رمز لسفك الدماء وقتل المسالمين . نحن نقوم بتجلية حقائق الاسلام وبنائها قرآنيا ، ونقوم بنسف أباطيل المحمديين ، ونواجه أولئك الذين يصدون عن سبيل الله جل وعلا يبغونها عوجا . نواجه أكابر المجرمين من المستبدين ورجال الدين نبحر وسط العواصف باذرع عارية .. وننجح لأن الحُجّة القرآنية تزهق الباطل مهما إرتفعت أمواجه .
6 / 2 : يدخل فى ذلك التبرع لمنظمات حقوق الانسان وما يشبهها التى تساعد المستضعفين واللاجئين والمُضطهدين ، والذين إنقطعت بهم السُبُل .
7 ـ ( ابن السبيل ) أى المسافر الغريب الذي لايجد المأوى ، فمن حقه على المجتمع المسلم أن يأويه في غربته، ومن أموال الزكاة تقيم لهم الدولة فنادق وتنظم الإقامة فيها لأبناء السبيل.
7 / 1 : السائح فى عصرنا ينطبق عليه وصف ابن السبيل .
7 / 2 : وإذا كان إبن السبيل هو الذى لا يجد السكن والمأوى فهناك ملايين العائلات التى تسكن فى المقابر وعلى الأرصفة وتزدحم فى غرف وحجرات تفتقر الى الآدمية ، بل وقد يقوم مستبد منحطُّ بهدم بيوت المستضعفين وتشييد آلاف القصور والفنادق والمطارات لنفسه وأعوانه والسجون لمن ينتقده . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم .!!
8 ـ والغارمون : الذين يتحملون عن المدين المعسر دينه.
ثانيا : مستحقو الزكاة فى الصدقات الفردية
1 ـ قال جل وعلا : ( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215) البقرة ).
أنت تعرف مستحقى هذه النوعية ، هم الوالدان والأقربين ومن تعرفهم من اليتامى والمساكين ومن يمر عليك من أبناء السبيل . أنت تنفق فى المحيط حولك من الأقارب والجيران . هنا يتم تغطية المستحقين على مستوى الدولة ( أُفُقيا ) وفق ما جاء فى سورة التوبة ، و( رأسيا ) كما جاء فى هذه الآية .
ثالثا : هل يُشترط أن يكون المستحقين مسلمين ؟ هل يجوز لأهل الكتاب والملحدين أخذ زكاة المسلمين؟
نعم ، لأن :
1 ـ المواطنة فى الدولة الاسلامية حسب الاسلام السلوكى بمعنى السلام . فكل مواكن مسالم فهو مُسلم . أما عقيدته الدينية وملته فهو مسئول عنها يوم الدين . والدولة الاسلامية ليست وظيفتها إدخال الناس الى الجنة لأن من إهتدى فلنفسه ومن ضلّ فعلى نفسه ، فالهداية أو الضلالة شأن شخصى. وظيفة الدولة الاسلامية هى خدمة المواطن وحفظ حقوقه وكرامته وأمنه . لذا فلكل مواطن حقوقه وعلى كل مواطن واجباته ، ولا أحد يعلو على شرع الله جل وعلا فى كتابه الكريم .
2 ـ إكتفت آية سورة التوبة وآية سورة البقرة بوصف محدد مثل ( الفقراء ، المساكين ، العاملون عليها، المؤلفة قلوبهم ، الرقيق ، الغارمون ، ابن السبيل ، الوالدين والأقربين ..الخ ) . ليس فيه توصيف بالاسلام .
3 ـ ويتأكّد هذا بقوله جل وعلا :
3 / 1 : ( لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلأَنفُسِكُمْ وَمَا تُنفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (272) البقرة ) . فالمؤمن يؤدي الصدقة للفقير والمسكين مهما كان دينه ومهما كانت جنسيته فيكفيه أنه فقير ومسكين ليأخذ حقه الذي فرضه الله تعالى في مال الغني . وهو يفعل ذلك إبتغاء مرضاة الرحمن جل وعلا ، وينتظر أجره من ربه سبحانه وتعالى . والله سبحانه وتعالى يرزق المؤمن والكافر، بل يرزق كل دابة . قال جل وعلا :
3 / 1 / 1 :( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (6) هود ) ( وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (60)العنكبوت )،
3 / 1 / 2 : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) البقرة )، حين دعا إبراهيم ربه أن يرزق المؤمنين قائلا : ( وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) ، ردّ عليه رب العزة : ( قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) . ونتعلم من هذا أن ندعو الله أن يرزق كل محتاج بغض النظر عن دينه ومعتقده وأن نعطي الصدقة لكل محتاج بغض النظر عن لونه ومذهبه ومنهجه ، فالفقر جنسية في حد ذاته وللفقير حق في مال الغني سواء كان على دين الغني أم لا .
نستكمل الموضوع بعون الرحمن جل وعلا .
اجمالي القراءات
2153