ف 4 : من الفتاوى : عن التيسير فى الطهارة ( 1 )
ف 4 : من الفتاوى : عن التيسير فى الطهارة ( 1 )
القسم الأول من الباب الثالث : عن تشريعات المرأة التعبدية بين الاسلام والدين السنى
كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
ف 4 : من الفتاوى : عن التيسير فى الطهارة ( 1 )
آحمد صبحي منصور في الأحد ٠٧ - يوليو - ٢٠١٩ ١٢:٠٠ صباحاً
معاناة شيخ مريض فى الطهارة والصلاة
مقدمة
1 ـ هى رسالة مؤثرة عبّرت عن بعض مواجع يعانى منها الكثيرون ممّن بلغوا أرذل العمر . أنشر الرسالة مع بعض تصرف وبعض تصحيح وتنقيح ، وأرد عليها .
2ـ تقول الرسالة : ( أنا أحافظ على الصلوات الخمس من طفولتى أى من أكثر من ستين سنة . مؤخرا لم أعد أصلى فى المسجد لأن إمام المسجد شاب متمسك بمفتريات الصوفية وأحاديث البخارى . سمعته فى خطبة يردد فيها خرافات السنة فنصحته فغضب واتهمنى بالكفر واننى من القرآنيين ، وكانت أول مرة اسمع عنكم ، فتعرفت على موقعكم ووجدت فيه راحتى النفسية وعجبت كيف أننى كنت أرى نفس ما تقولون ولكن لا أجرؤ على قوله خوفا من ردود الفعل ولأننى مهندس وغير متخصص فى الدين مثلكم . أصبحت أصلّى فى بيتى ، وكنت أضطر للذهاب الى المسجد لأداء فريضة الجمعة ، واحرص على أن أتأخر حتى لا يقرفنى الخطيب بخرافاته ، أذهب للصلاة دون سماع الخطبة ، ثم ارجع لبيتى دون أن اسمع الدرس الذى يلقيه بعد الصلاة. ثم قرأت لك وشاهدت فى برنامج لحظات قرآنية عن تحريم صلاة الجمعة فى مساجد الضرار ، ووجدتها تعبر فى الحقيقة عن معاناتى من هذا المسجد . فأصبحت أصلى الجمعة ظهرا اربعة ركعات فى بيتى واستراحت نفسيتى . وانتهت هذه المشكلة . المشكلة التى أعانى منها الان هى فى الطهارة . ولو سمحت أتكلم بصراحة . من سنتين أصبحت أعانى من سلس البول ، ومع العلاج لم يتحسن الوضع ، بل أحيانا يغلبنى البول فأتبول لا إراديا مثل الطفل الصغير . وربما يحدث لى هذا وأنا أصلى ولا أستطيع منعه . وبسبب متاعبى فى العمود الفقرى وفى الركبتين فمن الصعب بل من المؤلم أن أكون جالسا وأقف وان أكون واقفا فأجلس ، وحين أسير اتوكأ على العصا ، ومن الصعب بل والمؤلم أن أنحنى لألتقط العصا إذا وقعت منى . المشكلة فى موضوع الطهارة انى عندما يغلبنى البول أحاول الاسراع الى الحمام فلا تسعفنى قدماى بل لا بد أن أسير هونا فيغلبنى البول . عالجت هذا بأن أذهب كثيرا الى الحمام مع كثرة الارهاق لكى افرّغ المثانة أولا بأول ، ولكن بمجرد أن أقترب من المرحاض يتساقط منى البول على ملابسى الداخلية أحيانا بكثرة وأحيانا نقاطا منفصلة ، ولا أعرف تحديدها فى ملابسى الداخلية لأن من الصعب أن أنحنى ، وهذا يعنى أن أغير ملابسى كل وقت ، ولكن تغيير ملابسى مشكلة بسبب آلام المفاصل ووزنى الزائد . وأخجل من معاونة ابنتى الوحيدة التى تسكن معى بعد وفاة زوجتى عليها الرحمة . وايضا من الصعب غسل ملابسى مرات فى اليوم . ولو غلبنى البول وأنا اصلى كنت أحزن لدرجة البكاء ، وأعيد الصلاة بعد معاناة تغيير ملابسى الداخلية . ثم لا تؤاخذنى هناك أيضا مسألة النظافة الشخصية عند قضاء الحاجة ( البراز ). أنا اعانى من إمساك مزمن ، كما اعانى من فتق فى البطن عند السُّرة ، ولذا ألجأ الى إستعمال الشطاف حتى لا أحزق ويؤلمنى الفتاق . كثرة استعمال الشطاف جعلنى اعتمد عليه تماما ، وأضطر للضغط فتحدث جروح فى المستقيم . عولجت منها مرارا ، ولكن تعود . السبب هو حرصى على تنظيف هذه المنطقة الحساسة .ولكن أكتشف فى ملبسى الداخلى أثار براز . ثم أصبحت كثير النسيان فى الصلاة وقليل التركيز فيها مع حرصى على الخشوع بكل ما أستطيع . ولكن النسيان يغلبنى ، فأجد نفسى اتوه وانا اصلى ، هل أنا فى الركعة الثانية أو الثالثة . ولأنى أصلى جالسا على مقعد ولا أستطيع السجود بسبب متاعب المفاصل والعمود الفقرى فأحيانا أنسى هل سجدت مرة أم مرتين ، وهذا يشغلنى وأنا أصلى ويجعلنى أحيانا أعيد الصلاة ، مؤخرا اصابنى الوسواس حتى أصبحت لا أثق بصلاتى ولا بوضوئى ولا بنظافة ملابسى برغم محاولاتى المتكررة فى التنظيف بقدر المستطيع ، ولكن الصحة ضاعت والذاكرة إهتزت . أرجو نصيحتك . وشكرا )
2 ـ وأقول :
أولا : بين الخلق والتشريع والتخفيف للإنسان الضعيف
1ـ هناك قضاء بأمر الخلق ، قال جل وعلا :( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴿١١٧﴾ البقرة ). وهناك قضاء بأمر تشريعى كقوله جل وعلا : ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ﴿٢٣﴾ الاسراء ). ويجتمع الإثنان معا فى قوله جل وعلا : ( يُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا ﴿٢٨﴾ النساء ). إرادة التشريع بالتخفيف: ( يُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُم) يتبعها أنه جل وعلا خلق الانسان ضعيفا : ( وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا )
2 ـ ضعف الانسان حقيقة ملموسة . وللإنسان نوعان من الضعف :
2 / 1 : الضعف عموما فى أى مرحلة عُمرية للإنسان . بسبب المرض وضعفه النسبى مقارنة بمخلوقات أقوى منه أو أضعف منه . التمساح والأسد والفيل أقوى من الانسان ، وهناك مخلوقات غاية فى الضعف بل ليست مرئية بالعين البشرية ولكنها تقتل الانسان وتُمرضه كالبيكتيريا والفيروسات . هذا هو الضعف العام للإنسان .
2 / 2 : الضعف للإنسان فى مرحلة الطفولة ثم فى مرحلة الشيخوخة . قال جل وعلا فى مراحل الانسان الثلاثة :( اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚيَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴿٥٤﴾ الروم ) .
3 ـ بين مرحلتى الضعف توجد مرحلة القوة . وتتشابه مرحلتا الضعف جسديا ، فالطفل الصغير يكون معتمدا على الآخرين وكذلك الإنسان فى شيخوخته ، والطفل الصغير يولد لا يعلم شيئا ، قال جل وعلا :( وَاللَّـهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا ) ﴿٧٨﴾ الانعام ) ، ثم يتعلم وعندما يصل الى أرذل العمر يصبح ضحية النسيان والزهايمر . قال جل وعلا : ( وَاللَّـهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ﴿النحل: ٧٠﴾ ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَل ِالْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ) ﴿الحج: ٥﴾
4 ـ والانسان فى طفولته ليس (مُكلفا ) بالعبادة. تقع عليه مسئولية التكليف بالبلوغ ،عندما يبلغ أشُدّه . هذا فى مرحلة الضعف الأولى ( الطفولة ) . فى مرحلة الضعف الأخيرة ( الشيخوخة ) له حق إستعمال رخصة التخفيف المشار اليها فى قوله جل وعلا : ( يُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا ﴿٢٨﴾ النساء ). هذا عن مرحلتى الضعف . أما فى الضعف العام الذى يعترى الانسان بالمرض أو بالعجز فله حق إستعمال الرُخص للمريض والأعمى والأعرج .
5 ـ الله جل وعلا هو الخالق ، وهو جل وعلا الأعلم بما خلق ( أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴿١٤﴾ الملك ). هو الذى خلقنا ضعافا وهو الذى جعل لنا مرحلتين من الضعف ، وهو الذى يبتلينا بالمرض والعجز . وبالتالى فلا نتصور ــ وهو الرءوف الرحيم بعباده ـ أن يؤاخذنا بسبب عجز أو مرض أو ضعف لا دخل لنا به . من هنا كانت التكليفات التشريعية حسب طاقة البشر. أو :
ثانيا : لا يكلف الله جل وعلا نفسا الا وسعها
1 ـ 1 ـ هذه إحدى حقائق التشريع الاسلامى . وقد تكررت فى تشريع خاص فى قوله جل وعلا :
1 / 1 : ( لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴿البقرة: ٢٨٦﴾
1 / 2 : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴿الأعراف: ٤٢﴾
1 / 3 :( وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴿المؤمنون: ٦٢﴾
2 ـ وفى تفصيلات تشريعية ، فى قوله جل وعلا :
2 / 1 فى الوصايا العشر :( وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ اللَّـهِ أَوْفُوا ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿الأنعام: ١٥٢﴾
2 / 2 : فى حقوق المطلّقة :
2 / 2 / 1 :( لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّـهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّـهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ﴿الطلاق: ٧﴾
2 / 2 / 2 : ( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴿البقرة: ٢٣٣﴾
2 / 3 : فى القتال فى سبيل الله جل وعلا :( فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّـهُ أَن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّـهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلًا ﴿النساء: ٨٤﴾
2 / 4 : فى الدعوة بلا أجر :( قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ ﴿ص: ٨٦﴾. لذا كان ( رفع الحرج ) مقصدا تشريعيا .
ثالثا : رفع الحرج
1 ـ ( الحرج ) هو التضييق والعنت والمشقة . ورفع الحرج فى التشريع الاسلامى يعنى أنه لا مشقة فيه ولا تضييق ولا تعنُّت ولا تزمُّت كما هو الحال فى الدين السُّنّى ، بل تيسير وتخفيف .
2 ـ قلنا من قبل أن هناك درجات للتشريع الاسلامى . أوامر تشريعية تخضع لقواعد تشريعية ، وهذه القواعد التشريعية تخضع لمقاصد تشريعية . والمقاصد التشريعية منها المقاصد الكلية كالتقوى ، ومنها المقاصد الجزئية مثل رفع الحرج والتخفيف والتيسير .
3 ـ جاء رفع الحرج مقصدا تشريعيا فى قوله جل وعلا عن دين الاسلام : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) ﴿الحج: ٧٨﴾ .
4 ـ وجاء مصاحبا لأوامر تشريعية فى قوله جل وعلا :
4 / 1 : ( لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّـهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿النور: ٦١﴾
4 / 2 : ( لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَمَن يَتَوَلَّ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا ﴿١٧﴾ الفتح )
4 / 3 : ( لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّـهِ وَرَسُولِهِ ۚ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ ۚ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٩١﴾ التوبة )
5 ـ يهمنا هنا أنه جاء فى تشريع الطهارة . قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ۚ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿٦﴾ المائدة ). هنا تيسير بإستعمال التيمم بشىء مرتفع طاهر وهو يكفى بديلا عن الوضوء والغسل من الجنابة ، ثم التأكيد بأنه جل وعلا لا يريد أن يجعل علينا أى نوع من الحرج أو المشقة ( مَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ ). وبالتالى فالتشريع الاسلامى قائم على التخفيف أو ( التيسير ) .
رابعا : التيسير
1 ـ نرى هذا التيسير فى
1 / 1 : تشريع الصيام ، قال جل وعلا ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖوَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّـهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) ﴿١٨٥﴾ البقرة )
1 / 2 : تشريع الحج للمستطيع ، وإن تعرض للإحصار فيقدم ما ( إستيسر ) من الهدى . قال جل وعلا : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّـهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ۚ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّـهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴿١٩٦﴾ البقرة )
1 / 3 : وحتى فى قيام الليل ، بقراءة ما ( تيسّر ) من القرآن الكريم . قال جل وعلا : ( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ۚ وَاللَّـهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ ۙ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّـهِ ۙ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ۚ) ﴿٢٠﴾ المزمل )
2 ـ وجاء معنى التيسير دون لفظه فى الآية الأخرى لتشريع الطهارة فى قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴿٤٣﴾ النساء ). بعد تشريع التيمم جاء ختم الآية بقوله جل وعلا ( ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ) . وهذا يفيد التيسير.
أخيرا :
1 ـ كل العبادات والأوامر والنواهى لها مقثصد أعلى هو التقوى ، لأنه فى النهاية لن يدخل الجنة إلا المتقون. قال جل وعلا : ( تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا﴿٦٣﴾ مريم ).
2 ـ أقول للأخ الكريم صاحب الرسالة : عليك أن تخشع فى صلاتك ما إستطعت ، وعليك أن تقيم الصلاة فى نفسك تقوى وإبتعادا عما يُغضب الرحمن جل وعلا . ولك أن تصلى قائما أو قاعدا أو مضطجعا أو نائما . وفى الطهارة لا تكلف نفسك إلا وسعها . هى فى النهاية طهارة حسية . المهم هى الطهارة القلبية ، أن يكون قلبك سليما من رجس الاعتقاد فى الأوثان وأحاديث الشيطان.
اجمالي القراءات
2932