ف 3 : تفاعل المرأة بعد الهجرة وقت نزول القرآن الكريم
ف 3 : تفاعل المرأة بعد الهجرة وقت نزول القرآن الكريم
ب 2 : تفاعل المرأة فى المجتمع . كتاب ( تشريعات المرأة بين الاسلام والدين السنى الذكورى)
ف 3 : تفاعل المرأة بعد الهجرة وقت نزول القرآن الكريم
أولا : عن لفظ المؤمنات
1 ـ بالهجرة إشتد التفاعل داخل المدينة وخارجها ، فقد أصبحت للاسلام دولة لها تشريع قرآنى مؤسس على الحرية والعدل والقسط ، وهى تواجه أعداء متنوعين من الداخل والخارج ، وفى هذا برز دور المرأة واضحا جليا ، وخصوصا دور المؤمنات .
2 ـ كلمة المؤمنات لم ترد مطلقا فى التنزيل المكى ، إذ لم يكن لهن دور فاعل . بدأ دور تفاعلهن بالهجرة وبعدها إذ صارت للاسلام دولة مؤسسة على الحرية والقسط والعدل . وبعد استقرار المسلمين في المدينة ونزوحهم عن مكة ظل الإسلام في مكة خافيا وفاشياً ، وبعض من أسلم آثر البقاء يكتم إسلامه ، وقد هدى الله تعالى المؤمنين لقرار بعدم اقتحام مكة بعد معركة مسكوت عنها انتصر فيها المسلمون ، لأنهم لو دخلوا مكة فقد يُقتل أولئك المؤمنون والمؤمنات . قال جل وعلا : ( وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً (24) هُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) (25) الفتح ). أى إن الموضع الوحيد المذكور فيه المؤمنات بعد الهجرة هو عن مؤمنات فى مكة ساكنات غير فاعلات فى الأحداث .
3 ـ عدا ذلك جاء تعبير المؤمنات والمنافقات والمشركات فى سياقات مختلفة تعبر عن تميّز للمرأة بتفاعل إستحق هذا الإبراز. هذا عدا تضمن المرأة فى تعبيرات ( الذين آمنوا والذين نافقوا والذين كفروا وأشركوا ، المؤمنين والمنافقين والمشركين والكافرين ).
ثانيا : هجرة المؤمنات
1 ـ الهجرة هي مقياس الفاعلية لدى المؤمن ولدى المؤمنة ، لذلك اعتبرها القرآن مقياساً للإيمان الحق ، فالقادر على الهجرة هربا من الأضطهاد تجب عليه الهجرة رجلا كان أم إمرأة ، ويُستثنى من ذلك المستضعفون من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا . قال جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً (99) النساء ) ..
2 ـ هناك من هاجرن من أقارب النبى محمد عليه السلام ، وقد تزوج بعضهن .قال جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ )( 50 ) الأحزاب) . وهذا يخالف ما جاء فى كتب التاريخ والسيرة عن أسماء ونسب نساء النبى .
ثالثا : تشريعات فى الطلاق والزواج والإمتحان مرتبطة بهجرة المؤمنات
1 ـ بعد الهجرة من مكة الى المدينة حدث انقطاع تام بين أهل المدينة وأهل مكة، وترتب على هذه القطيعة تفكك بعض الأسر ، بين زوج كافر استمر فى مكة ، وزوجة مؤمنة تركت زوجها لتلحق بجماعة المؤمنين ، أو العكس ؛ زوجة تمسكت بدين أهلها المتوارث وظلت فى مكة رافضة أن تتبع زوجها الذى أسلم وهاجر. ثم هناك مشكلة أخرى ، فقد تأتى احداهن تزعم الايمان وهى فى حقيقة الأمر أتت لتتجسس على المؤمنين لصالح المشركين . والنساء أفضل من يقوم بهذه المهمة. ومن السهل أن تأتى نساء كثيرات كل منهن تزعم الايمان ، ولا يعلم حقيقة ما فى القلب الا الله تعالى. لذا نزلت الآيات مقدما تطرح الموضوع وتضع له التشريع المناسب فى قوله جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنفَقُوا وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11) الممتحنة ) .
2 ـ الآيات تخاطب المؤمنين أنه إذا جاءتهم إمرأة مهاجرة فعليهم امتحانها أمنيا وليس دينيا ،أى سؤالها عن سبب مجيئها واختبار حالها حتى لا تكون عينا للعدو، وحتى يتأكدوا حسب الظاهر من حالها ، أما حقيقة ما فى القلب فمرجعه الى الله. وإذا عرفوا صدقها فلا يجوز ارجاعها الى الكفار الذين هربت منهم. إذ لا يحل لها أن تتزوج من كافر ولا يصح لكافر أن يتزوجها. واذا كانت المرأة المهاجرة زوجة تركت زوجها الكافر ولجأت للمؤمنين فعلى المؤمنين تزويجها ، وعلى المؤمن الذى يتزوجها دفع المهر الذى دفعه من قبل الزوج الكافر تعويضا له . وبالعكس ، إذا اختارت الزوجة الكفر والبقاء فى مكة رافضة أن تصحب زوجها الى المدينة فعلى زوجها المؤمن فى المدينة أن يطلقها تماما حتى تتزوج من كافر مثلها مقيم فى نفس الموطن، وعلي الكافر الذى يتزوجها دفع المهر الذى دفعه المؤمن من قبل.
رابعا : بيعة المؤمنات
1 ـ وبعد استجواب المرأة المهاجرة واختبارها أمنيا والتأكد من صدقها عليها أن تقوم بمبايعة النبى على الايمان والتمسك بالاخلاق الحميدة والطاعة فى المعروف، وهذا ما جاءت به الآية التالية: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) الممتحنة ). أى إنه إذا جاءت المؤمنات للنبى فعليه أن يبايعهن على الامتناع عن : الوقوع فى الشرك والسرقة والزنا وقتل الأولاد والبهتان والكذب والزوروعصيان الأمر المعروف. واذا حدث وبايعن النبى على هذا فعلى النبى أن يدعو لهن ويطلب من الله تعالى الغفران لهن . والله تعالى غفور رحيم. بهذا سبق الإسلام فى تعريف الدولة بأنها عقد بين الفرد والنظام الحاكم، وأن هذا العقد يستلزم التزامات معينة من الفرد مقابل قيام الدولة برعاية الفرد وحمايته.
2 ـ وقد وردت فى السور التى نزلت فى المدينة إشارات إلى وجود عقد أو ميثاق أو عهد بين افراد المسلمين ( ذكورا وإناثا ) والنبى ، يتضمن تعهد كل فرد بطاعة القائد وهو النبى محمد عليه السلام ؛ ليس طاعته كشخص وفرد ولكن طاعة القيم الأخلاقية المنبثقة عن إلايمان الحق بالله تعالى واليوم الآخر، تلك هى البيعة العامة . ثم هناك بيعة خاصة طارئة مؤقتة تستلزمها ظروف المواجهة العسكرية حين يتعرض المجتمع المسلم إلى هجوم لابد من صدّه ، وحينئذ يتطلب الأمر بيعة خاصة للإلتزام بالدفاع عن الدولة. وهذا الدفاع مسئولية كل القادرين عليه من الرجال والنساء . وسيأتى التفصيل فى موضوع الجهاد والقتال الدفاعى .
3 ـ والبيعة العامة والبيعة الخاصة هى بيعة لله جل وعلا ؛ فمن يبايع النبى – أو القائد – إنما يبايع الله ، أى يلتزم أمام الله تعالى بالوفاء بالعهد والميثاق . وبالتالى فإن ضميره الشخصى هو الرقيب عليه فى مدى هذا الإلتزام بهذا العهد، أى أنه مسئول أمام الله تعالى يوم القيامة فقط فى مدى وفائه بهذا العقد أو العهد أو الميثاق أو البيعة. وفى كل الأحوال أيضا فإن تلك البيعة العامة والخاصة تشمل الرجال والنساء معا بما يعنى المساواة بين الرجل والأنثى .
4 ـ بعضهم خان العهد . وفى أوائل السور المدنية قال جل وعلا فى خطاب مباشر لهم : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ (20 ) وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ( 21 ) إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ ( 22 ) ( وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَّأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَّهُم مُّعْرِضُونَ ( 23 ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ( 24 ) وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ( 25 ) وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( 26 ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ( 27 ) وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28 ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ( 29 ) الأنفال ). هنا نهى المؤمنين عن خيانة الله ورسوله ، وخيانة العهد والأمانة ، وأمر بالإستجابة وطاعة الله جل وعلا ورسوله . وتعبير الخيانة للعهد يعنى وجود عهد قائم بين الله تعالى والمؤمنين وأنهم لم يقوموا بالإلتزام بهذا العهد .
خامسا : المشاركة السياسية : الشورى الاسلامية / الديمقراطية المباشرة
1 ـ الأمر بالشورى الاسلامية نزل فى سورة الشورى المكية فى قوله جل وعلا وصفا للمجتمع المسلم : ( فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (38) الشورى ) . ونلاحظ الآتى :
1 / 1 : إنه فرض لم يحن الوقت فى مكة لتطبيقه ، والمؤمنون تحت نير الاضطهاد ، خصوصا والآيات بعدها تتحدث عن مجتمع قوى . قال جل وعلا : (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (42) الشورى )
1 / 2 : مع هذا فقد جاءت الشورى ـ قبل تطبيقها ـ فرضا واجبا مُلزما ، بدليل :
1 / 2 / 1 : وقوعها بين الصلاة والزكاة المالية : ( وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ) ، وهى سابقة لم تتكرر إذ أن الصلاة والزكاة مرتبطتان.
1 / 2 / 2 : لم يقل ( قوموا بالشورى )، بل جاء التعبير بالجملة الإسمية : ( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ). وهى اشد إيقاعا فى الوجوب كقوله جل وعلا فى فرضية الحج : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (97) آل عمران ) .
1 / 3 ـ المشاركة فى الشورى تشمل كل شىء : الرجال والنساء على السواء ، كما تشمل كل شىء مطروح للنقاش ، وكل المستويات من الأسرة الى القرية الى الدولة ، وهذا واضح حين تتدبر قوله جل وعلا : ( وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ).
2 ـ تحقّق التطبيق فى المدينة فى صورة فرض جامع يضم كل المؤمنين من الرجال والنساء ، ويتم النداء عليهم فيحضرون فيما يشبه ( الجمعية العمومية ) ، وهذه هى الديمقراطية المباشرة والمختلفة عن الديمقراطية المنقوصة ( النيابية والتمثيلية ) حيث يتم إنتخاب ( نواب )عن الشعب ( يمثلون ) الشعب . ولأنه كان تشريعا جديدا غير مألوف ، فقد كان بعضهم يتخلف عن الحضور ، أو يحضر ثم يتسلل بلا إذن ، أو يتحجج بأعذار . وفى أوائل ما نزل فى المدينة جاءهم التحذير فى قوله جل وعلا : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (62) لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63) النور )
3 ـ ولمجرد التذكرة : فهذا التحذير لم يتكرر ، أى حدث الالتزام به، كما كان يشمل النساء والرجال دليلا على دخول المؤمنات فى مرحلة التفاعل .
اجمالي القراءات
2321