آحمد صبحي منصور Ýí 2021-09-26
مقالات عن إعتقال الكاتب الاسلامى الأستاذ رضا عبد الرحمن على
عن الإعتقال الثالث للكاتب الاسلامى : ( رضا عبد الرحمن على )
المؤمن المتقى لا ييأس من ( روح الله ) أي من رحمة الله جل وعلا
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 6675 - 2020 / 9 / 13 - 19:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تعليقا على الاعتقال الثالث للكاتب الاسلامى : رضا عبد الرحمن على
أولا : درس من النبى يعقوب عليه السلام في محنته
1 ـ في محنته تمسّك النبى يعقوب عليه السلام بالصبر . أخوة يوسف ألقوا به في الجب وزعموا لأبيهم أن الذئب أكله ، كان يعلم كذبهم ، فاستعصم ليس فقط بالصبر ، بل بالصبر الجميل مستعينا بالرحمن جل وعلا ، قال جل وعلا : ( وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18) يوسف )
2 : واستحلفهم على إبنه الآخر في رحلتهم الى مصر ، ورجعوا بدونه يقولون لأبيهم إن إبنه سرق ، فكرّر النبى يعقوب مقالته : ( قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (83) يوسف )
3 : لم يمنعه هذا من الحزن الشديد على إبنه الأول يوسف ، فابيضّت عيناه من الحزن . قال جل وعلا : ( وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ (84) يوسف ) ردّ بعض أبنائه عليه : ( قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنْ الْهَالِكِينَ (85)) ردّ عليهم الأب الحزين بأنه يشكو الى الله جل وعلا : ( قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (86) يوسف ) ثم نصحهم أن يبحثوا عن الابن الثانى فقد يكون عند الابن الأول : ( يَا بَنِي اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ (87) يوسف )
4 : نتوقف مع قوله عليه السلام : ( يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )(87) يوسف ). هى حقيقة ، إنه لا ييأس من ( روح الله ) إلّا الكافرون أي إن المؤمنين المتقين لا ييأسون من ( روح الله ) . ( روح ) بفتح الراء وسكون الواو أي رحمة الله ، أو بالتعبير المصرى ( فرج الله ).
5 : هنا نعلم إرتباط الصبر الجميل بعدم اليأس من روح الله جل وعلا.
6 ـ هذا درس ضرورى لملايين المصريين الذين وضع السيسى أبناءهم في سجون علنية وسرّية . أن يصبروا الصبر الجميل وألّا ييأسوا من روح الله لأنه لا ييأس من روح الله إلّا الكافرون . في محنتهم عليهم أن يتحلوا بالصبر الجميل وألّا ييأسوا من رحمة الرحيم جل وعلا .
7 ـ بعد هذا الكلام العام نتوقف مع حالة المظلومين من دُعاة الحق
ثانيا : كل البشر خاسرون يوم القيامة ما عدا المجاهدين في سبيل الحق المتمسكين بالصبر
1 ـ ليس صعبا معرفة الحق . معرفة الحق سهلة لمن تعقّل ، ولكن الصعب هو التمسّك بالحق والتواصى بالصبر عليه لأن أكابر المجرمين يصُدُّون عن سبيل الله من آمن يبغونها عوجا ، ويبلغ صدُّهم عن سبيل الله إلحاق الأذى بالمؤمنين المُسالمين وقتلهم وتعذيبهم وسجنهم . البشر جميعا يوم القيامة سيكونون خاسرين ما عدا الذين تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر. . قال جل وعلا : ( وَالْعَصْرِ )(1 ) ( إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ ) ( 2 ) ( إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) (3 ) العصر).
2 ـ نحن هنا نتحدث عمّن يجاهد في سبيل الله وليس في سبيل السُلطة وحُطام الدنيا . المجاهد في سبيل الله جل وعلا لا يعتدى ولا يظلم ولا يبغى على أحد ، ولا ينازع أهل الدنيا في سلطانهم . هو فقط يجاهد في إعلان الحق . والقرآن الكريم هو الحق ، وصفه رب العزة جل وعلا فقال : (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (105) الاسراء)
ثالثا : التأكيد المُشدّد الثقيل على ابتلاء المجاهد في سبيل الحق، لذا لا بد أن يتمسّك بالصبر
لذا تكرّر في القرآن الكريم بصيغة التأكيد المُشدّد الثقيل وقوع الإبتلاء بالمؤمنين المجاهدين في أنفسهم وأموالهم . قال جل وعلا :
1 : ( لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ) ( 186 ) آل عمران )
2 ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31) محمد ).
3 ـ وجاءت تفصيلات في قوله جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ (154) وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ (157) البقرة ) .
3 / 1 : الآية الأولى ( 153 ) جاءت بالعلاج مقدما ، وهو الاستعانة بالصبر والصلاة لينالوا شرف أن يكون الله جل وعلا معهم .
3 / 2 : الآية الثانية ( 154 ) وعد الله جل وعلا لمن يُقتل منهم في سبيله بأنه لن يكون ميتا بل سيعيش حيا في مستوى برزخي يتمتع فيه برزق الله جل وعلا : ( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) آل عمران )
3 / 3 : الآية الثالثة ( 155 ) فيها التأكيد المُشدّد على أنواع من الابتلاء للمجاهدين ، تشكيلة من الخوف والجوع والفقر والقتل . ثم التبشير للمؤمنين الصابرين .
3 / 4 : الآية الرابعة ( 156 ) فيها تعريف الصابرين وقولهم عند وقوع البلاء : ( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )، أي إنهم مملوكون للخالق جل وعلا ,انهم اليه راجعون يوم القيامة .
3 / 5 : الآية الخامسة : إن الله جل وعلا يصلّى عليهم أي يرحمهم .
ثالثا : التأكيد المُشدّد الثقيل على أن الله جل وعلا سينصر المجاهدين الصابرين
1 ـ خالق السماوات والأرض يظلمه المجرمون الذين يقدسون البشر والحجر ، والذين يتخذون من دونه جل وعلا أولياء وشفعاء وآلهة مصنوعة ، والذين يجعلون أحاديثهم الشيطانية فوق القرآن الكريم . هناك من يقف ضدهم ينصر الله جل وعلا مجاهدا في سبيله ، لا يبتغى جاها ولا سلطانا ، يبتغى فقط رضا الرحمن ونُصرته ، ولا تأخذه في قول الحق لومة لائم ، ولا يتراجع ولا يخاف إلّا الله جل وعلا .
2 ـ وعد الله جل وعلا بالنصر كل من ينصره ، فقال للمؤمنين : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7) محمد ) بعدها قال عن الكافرين المعتدين : ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ (8) محمد )
3 ـ وجاء هذا بأسلوب التأكيد المُشدّد الثقيل على أن الله جل وعلا سينصر المجاهدين الصابرين . قال جل وعلا :
3 / 1 :( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) غافر ). هنا وعد إلاهى مؤكد بالنصر في الدنيا ، ثم يوم القيامة حين يكون الدُّعاة أشهادا على من ظلموهم .
3 / 2 : ( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الحج ) .
4 ـ وجاء بأسلوب آخر ، إنه جل وعلا يدافع عن الذين آمنوا ، قال جل وعلا : ( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنْ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38) الحج ).
رابعا : هنا يكون الصبر حتميا . لأن :
1 ـ هذا المؤمن المجاهد الصّابر يريد الآخرة وليس الدنيا الفانية ، يتمنى الجنّة ويعمل لها ، فالصبر في الجهاد في سبيل الله جل وعلا هو مفتاح الدخول للجنة. قال جل وعلا :
1 / 1 : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) 142 ) آل عمران ).
1 / 2 : وهم في الجنة تدخل عليهم الملائكة تُسلّم عليهم تُذكّرهم بصبرهم في الدنيا ، قال جل وعلا : ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ ) 23 ) ( سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ) 24 ) الرعد ) .
1 / 3 ـ وهم في الجنة يأخذون أجرهم بدون حد أقصى ، قال جل وعلا : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ ) ( 10 ) الزمر ).
2 ـ هذا المُجاهد يعرف أن حياته الدنيا مؤقتة ، وهو يعيش زمنا يتناقص الى أن يصل الى أجله المحدد فيموت ، لا مهرب من الموت . الابتلاءات التي تحدث له بسبب تمسكه بالحق تحدث مثيلاتها للجميع ، ومنهم أعداء الحق، قال جل وعلا : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35) الأنبياء ). المؤمنون وغير المؤمنين تتنزّل عليهم الابتلاءات ثم يموتون ، ولكن الفارق هائل بين يتنزل عليه البلاء بسبب جهاده السلمى في سبيل الحق وبين من يتنزّل عليه البلاء لانغماسه في الإجرام . المجاهد المسالم يتقبل بلاء الدنيا منتظرا ثواب الجنة . إن الظالم يعانى من ابتلاء الدنيا ثم يكون خالدا في الجحيم .هذا المؤمن يعلم أن مصائب الدنيا وقتية ، تنتهى في حياته أو تنتهى بموته ، ومهما طال العُمر فهو قصير ، بل إن العُمر إذا طال فهو يتقاصر الى موت وزوال . بالتالى تنتهى معاناة المؤمن سريعا في الدنيا ، أما معاناة المجرمين فهى تنتقل معهم من الدنيا الى الجحيم خالدين فيها .
3 ـ لهذا فإن المؤمن المُجاهد في سبيل الحق الذى يطمع في الآخرة يوصف بأنه ( يرجو لقاء الله ) هذا عكس المجرم الذى ( لا يرجو لقاء الله ) . المؤمن المجاهد لا مطامع له في الدنيا ، يرضى بما قسمه الله جل وعلا له ، وهو ( يرجو لقاء الله ) لينال مكافأته عند الله جل وعلا ، فالله جل وعلا لا يضيع أجر من أحسن عملا . الظالم الذى لا يرجو لقاء الله ينتظره عذاب لا تخفيف فيه ولا خروج منه ، بل لا راحة منه بالموت .
3 / 1 :عن أهل الجنة قال جل وعلا : ( يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73) الزخرف )
3 / 2 : وعن أهل النار قال جل وعلا : ( إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (74) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (75) وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمْ الظَّالِمِينَ (76) وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ (77) لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (78) أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (79) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80) الزخرف )
أخيرا
هذا الخلود في الجنة هو الذى نتمناه ونتحمل الأذى في سبيله.
( رضا عبد الرحمن ) البرىء المظلوم المسجون .!!
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 6677 - 2020 / 9 / 15 - 20:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تعليقا على الاعتقال الثالث للكاتب الاسلامى : رضا عبد الرحمن على
أولا : عن التمويل المزعوم
كان الاعتقال الثالث لرضا عبد الرحمن قبيل فجر 22 أغسطس 2020 ، واعتقلوا معه بعض أقاربى ، وأفرجوا عنهم وإستبقوا رضا ، وقد حوّلوه الى نيابة أمن الدولة كما جاء في بعض الصحف . الاستجوابات لهم تركزت حول الاتهام بتلقيهم تمويلا منى .
أضع هنا بعض الحقائق :
1 ـ التمويل الذى يقع تحت طائلة القانون هو الذى يتوجه الى منظمات أو جماعات غير شرعية . ليس منه تحويلات المصريين من الخارج ، وهو الذى تحرص عليه الدولة المصرية. وليس منه إرسال أموال للفقراء المستضعفين . نحن نرسل زكاة الأموال الى الأقارب من أفقر الفقراء والمرضى والأيتام وفى حالات الزواج والوفاة ، ونرسل أيضا حقائب ملابس حيثما تيسر. ولم يحدث على الإطلاق أن أرسلنا أموالا لرضا لأنه لا تنطبق عليه الحالات السابقة.
2 ـ أنا على المعاش ( 71 عاما ) ولا أعمل ، وليس لى دخل من عام 2010 بعد عمل لمدة عامين تقريبا في المفوضية الأمريكية للحرية الدينية ومركز وودرو ويلسن . بالتالى لا أدفع زكاة . الذى يرسل الزكاة هم أبنائى الأربعة الكبار ، وهذا حسب الظروف وحسب المتاح ، ومن يوم أن جاءت مصيبة كورونا فقد إثنان منهما وظيفتهما وأصبحا يعتمدان على أخويهما اللذين لا يزالان يعملان. بالتالى فلا زكاة من بضعة أشهر بسبب كورونا .
3 ـ كان لى معاش في مصر عن خدمتى في جامعة الأزهر . كتبت توكيلا لأحد الأقارب ليصرفه في غيابى ، وكان يعطيه الى سيدة فقيرة من الأقارب ٌمريضة بالكلى . أوقفوا صرف المعاش من عامين بحجة تجديد التوكيل . ذهبت ــ أتوكّأ على العصى ـ الى القنصلية المصرية في واشنطن ، أستجديهم تجديد التوكيل . رفضوا لأن لديهم تعليمات بعدم عمل أي خدمة للمعارضين في الخارج . توقف المبلغ الذى كانت تعتمد عليه هذه السيدة، وماتت . حسبنا الله ونعم الوكيل .!
4 ـ رضا عبد الرحمن :
4 / 1 : لم يوجهوا له تهمة التمويل في الاعتقال الأول والثانى ، حين كان الأولاد يرسلون الزكاة . الآن بعد توقف الزكاة من عدة أشهر يوجهون له هذه التهمة .
4 / 1 : توقف رضا عن الكتابة في موقعنا ( أهل القرآن ) وتفرّغ لبناء شقة في بيت العائلة بعد أن تزوج وأنجب . إستدان قرضا من البنك بضمان مرتبه . مرتبه الآن حوالى 3 آلف جنيه ( بعد أكثر من 13 سنة مدرسا بالأزهر ) يقتطع البنك ثلث المرتب ، ويترك لرضا الباقى الذى لا يكفى .
4 / 2 : بعد إنتهاء عمله في المعهد الأزهرى يعمل رضا في النقاشة والبياض ، يصعد السقالة ويحمل المونة . لا يؤدى دروسا خصوصية ولا يأكل حراما ، وإنما ــ وهو الكاتب الاسلامى المتميّز ـ يعمل في البناء ـ تحت إشراف أخيه الأصغر أحمد عبد الرحمن ـ كى لا يحتاج لأحد .
4 / 3 : بالقبض عليه أوقفوا صرف مرتبه ، وهو مُهدّد بالفصل ، وفى غيابه تعانى السيدة زوجته في تدبير معاشها وابنتها وسداد قسط البنك ومصاريف علاج أم رضا المريضة ورعايتها ، وتجهيز الطعام لزوجها المسجون ، فقد منعوا تزويده بالطعام في سجن أمن الدولة في كفر صقر ، ثم بعد ترحيله الى القاهرة عليها أن تسافر بحثا عن مكانه .
4 / 4 : هل هذا حال من يتلقّى تمويلا من الخارج ؟
حسبنا الله ونعم الوكيل .!
ثانيا : الخبر اذى ظهر في الصحف .
يقول الخبر : ( القبض على 3 متهمين بالشرقية بتهمة إعادة إحياء حركة «القرآنيين» في مصر (تفاصيل)
منذ 6 ساعات | كتب: أحمد شلبي |
قالت مصادر أمنية إن أجهزة الأمن ألقت القبض قبل أيام على 3 متهمين في محافظة الشرقية، لاتهامهم بإعادة أحياء حركة «القرآنيين» في مصر مرة ثانية. وأحيل المتهمون الثلاثة إلى نيابة أمن الدولة العليا تمهيدا لبدء التحقيق معهم فيما هو منسوب لهم.
وتأسست في الثمانينات من القرن الماضى حركة «القرآنيين» في مصر بقيادة الأزهري، الدكتور أحمد صبحي منصور، الأستاذ في الأزهر الشريف سابقاً، بهدف إعطاء صورة حقيقية للإسلام بوجهه المتسامح، وتخليصه من التعصب والتطرف والانغلاق، وذلك من خلال اعتماد هذه الجماعة في فهم الإسلام على القرآن الكريم فقط دون السنة، مبررين ذلك بأن السنة النبوية أو أحاديث النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) تعرضت للتشويه حيث كانت تتناقل شفاهاً عبر الأجيال، ولم يتم تدوينها إلا في القرن الثالث الهجري، أي بعد أكثر من مائتي سنة على وفاة الرسول.
وبحسب فهم القرآنين أن في عهد الدولة الأموية استغل وعاظ السلاطين الوضع فانتحلوا أقوالاً من عندهم لإرضاء السلطان في تبرير مظالمه ونسبوها كذباً إلى النبي، بينما تمت كتابة الآيات القرآنية في عهد الرسول نفسه، وتشكلت لجنة من الصحابة قامت بجمع الآيات في كتاب موحد وهو القرآن في عهد الخليفة الراشدي الثالث عثمان بن عفان. وخلال الأعوام الماضية كانت أجهزة الأمن تلقى القبض على عدد من المتهمين بالانتماء إلى تلك الحركة.
ويواجه المتهمون تهم ترويج أفكار متطرفة، من شأنها إثارة الفتنة والقلاقل، وذلك لإنكارهم السنة النبوية الشريفة وقيامهم بالترويج لهذه الأفكار في الأوساط الاجتماعية وسعيهم لإقناع الآخرين بها. ) أنتهى الخبر .
ونعلّق عليه :
1 ـ يقول (أجهزة الأمن ألقت القبض قبل أيام على 3 متهمين ) . هو ( رضا فقط ) ، فهل هذا يعنى أنهم بصدد القبض على آخرين مع رضا ، ثم بالتعذيب يعترفون لهم بأى شيء ؟
2 ـ يقول عن دعوتنا : ( بهدف إعطاء صورة حقيقية للإسلام بوجهه المتسامح، وتخليصه من التعصب والتطرف والانغلاق.. ). هذا هو جهادنا السلمى في توضيح حقائق الإسلام . والرئيس السيسى نفسه كرّر مرارا دعوته لاصلاح الخطاب الدينى متفقا مع ما ندعو اليه . فهل يوجهون له نفس التهمة مثلنا ؟
3 ـ وتكرر قوله (حركة «القرآنيين ). وهو سؤال أمنى سبق توجيهه لنا في حوارات صحفية ، ورددنا بأننا لسنا حركة ولسنا تنظيما ولا نعمل بالسياسة لأن العمل بالسياسة يستوجب أن تقول للناس ما يحبُّون ، ونحن نعظ بالقرآن الكريم فيما لا يحبه الناس ، إننا تيار فكرى متشعب عبر الانترنت ، ولا أعرف من أهل القرآن معرفة شخصية إلا بعض الأفراد . أما أسرتى فلا شأن لهم بأى شيء أو أي فكر أو أي نشاط . الذى كان يكتب منهم عوقب بالسجن عامي 2007 ، 2008 .
4 ـ ويقول ( ويواجه المتهمون تهم ترويج أفكار متطرفة، من شأنها إثارة الفتنة والقلاقل، وذلك لإنكارهم السنة النبوية الشريفة وقيامهم بالترويج لهذه الأفكار في الأوساط الاجتماعية وسعيهم لإقناع الآخرين بها. ).
4 / 1 : (رضا عبد الرحمن ) إنقطع تماما عن الكتابة متفرغا لكسب لُقمة العيش، فلا ينطبق عليه هذا ، وهم يعرفون هذا .
4 / 2 : هل الدعوة الى التسامح ونبذ التعصب والتطرف والانغلاق تعتبر أفكارا متطرفة ؟
4 / 3 : مفهوم ( السُّنّة ) هي الشرع والمنهاج . أي هي تطبيق النبى محمد عليه السلام للقرآن . وكان عليه السلام يدعو بالقرآن . قال له ربه جل وعلا : ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45) ق ). هذا ما نفعله تمسّكا بالسُّنّة الحقيقية للنبى عليه السلام ، ونحن أهل إختصاص .
4 / 4 ـ ثم إننا لا نفرض أنفسنا على أحد ، ولا نفرض دعوتنا على أحد ، ولا نطلب أجرا من أحد. نقول ما نعتقده حقا بأعلى صوت ثم نغفر ـ ما استطعنا ـ لمن يستطيل علينا .
4 / 5 : وتمسُّكا بالسُّنّة الحقيقية للنبى عليه السلام نؤمن بالحرية الدينية للجميع ، ونقول لمن يخالفنا: ( وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121) وَانتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ (122) هود ) ( قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ (40) إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنْ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41) الزمر )
أخيرا :
ليس لنا من ملجأ إلا الله جل وعلا . وكفى به جل وعلا وليا وكفى به جل وعلا نصيرا. ونعظ من يستطيل علينا بقوته ، نذكّره بقوله جل وعلا : ( اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (47) الشورى ).
( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) الأعراف )
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 6680 - 2020 / 9 / 18 - 03:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تعليقا على الاعتقال الثالث للكاتب الإسلامي رضا عبد الرحمن على
أولا : معنى ( المكر )
1 ـ بتعبير عصرنا هو ( التآمر ) .
2 ـ والله جل وعلا يستعمل أسلوب المشاكلة ، أي يأتي بوصف ما يفعله البشر ويأتي وصف الرد الالهى باللفظ الشبيه ، فمكر البشر يردُّ الله جل وعلا بمكر إلاهى ، كقوله جل وعلا : ( وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (50) النمل ) .
3 ـ ويأتي مصطلح ( المكر ) في القصص القرآنى في تآمر المجرمين على الأنبياء والمؤمنين بالكتاب الإلهى ، وكانت عاقبة تآمرهم أو مكرهم هو الاهلاك الكلى الذى انتهى باهلاك فرعون وقومه ، ثم فيما بعد بالإهلاك الجزئى بالزمان والمكان .
4 ـ معنى :( أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ ) : أي يغترُ بقوته ويتحدّى رب العزة جل وعلا كافرا بآياته :
4 / 1 : ، يغترُّ بقوته ، لا يؤمن بأن القوة لله جل وعلا جميعا . قال جل وعلا : ( وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) البقرة )
4 / 2 : يغترُّ بقوّته فلا يقدّر الله جل وعلا قدره ، وهو جل وعلا القوى العزيز ، أي يكفر بقوله جل وعلا : ( مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74) الحج )
4 / 3 / يغترُّ بقوّته ، ينسى :
4 / 3 / 1 : أنّ الله جل وعلا خلقه ضعيفا بجسد ضعيف ، قال جل وعلا : ( وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً (28) النساء )
4 / 3 / 2 : أن الله جل وعلا هو المسيطر على الجسد البشرى . قال جل وعلا عن كل دابة حيّة :( مِنْ دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ) (56) هود ) . النفس البشرية هي التي تقود جسدها وتعمل صالحا أو سيئا ، ولكنها لا تتحكم في جسدها . أجهزة الجسد يتحكم فيها الرحمن جل وعلا . القلب والكبد والمعدة والأمعاء ..الخ لا تأخذ أوامرها من النفس ، بل من الخالق جل وعلا . بأمره جل وعلا تتوقف أجهزة الجسد أو بعضها مؤقتا أو تصيبها الأمراض . وهو جل وعلا وحده الذى يشفى المرض .
4 / 4 : يغترُّ بقوّته وجاهه وينسى أن الله جل وعلا قادر أن يصيبه وأولاده بسرطان الحلق ، أو سرطان المُخ ، أو سرطان الجلد ، أو سرطان المثانة أو المعدة ، أو الشلل التام أو النصفى أو الدماغى ، وهل نسيتم كورونا ؟ !!
5 ـ معنى ( فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ )
5 / 1 : خسارة الدنيا وقتية ، لأن الحياة نفسها وقتية . الذى لا يأمن مكر الله جل وعلا يخسر خسارة مؤقتة في الدنيا بالعذاب الدنيوى وخسارة المنصب والجاه والنفوذ والصحة ، ثم يخسر خسارة خالدة بدخوله جهنم . قال جل وعلا :
5 / 1 / 1 : ( قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15)( الزمر )
5 / 1 / 2 : ( إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ (45) الشورى )
5 / 2 : هنا خسارة النفس وخسارة الأهل يوم القيامة . وهو خالد في النار قد يكون أهله معه ، فيتخاصمون ويتلاومون فيها ، وقد يكون اهله في الجنة ، فيفقدهم الى الأبد . هذه هي الخسارة الحقيقية التي نهاية لها ولا مخرج منها .
5 / 3 : العادة أن الذى لا يأمن مكر الله يبغى الكسب ويكره الخسارة ، ولا يدرى أنه أوقع نفسه في خُسران حقيقى ، يرى بعضه في الدنيا ، حين يخسر ثروته ونفوذه ، ثم تنتظره الخسارة الكبرى في الخلود في جهنم .
5 / 4 : هل بضعة سنوات من غرور القوة والطغيان تستحق لحظة من عذاب جهنم ؟ فما بالك بالخلود فيها ؟ المؤمنون يوقنون بآيات الله جل وعلا . الكافرون بها هم الخاسرون .
ثانيا : المكر والتآمر في قصص السابقين
1 ـ مكر قوم نوح وإغراقهم : قال عنهم نوح : ( وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (22) نوح ) وقد دعا عليهم : ( فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) القمر ) . وعوقبوا بالغرق .
2 ـ مكر قوم ثمود وتدميرهم. قال عنهم جل وعلا : ( وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (50) النمل ) وقال جل وعلا عن عاقبة مكرهم وعن العبرة التي ينبغي أن نتعقلها : ( فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) النمل )
3 ـ مكر فرعون وإغراقه وقومه : هذا هو أخر الإهلاك الكلى . أحد أقارب فرعون ظل يعظه ، فتآمر عليه فرعون ، فوقاه الله جل وعلا من مكر فرعون ، وحاق بفرعون وقومه عذاب في البرزخ ثم ينتظره أشد العذاب في جهنم : ( فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) غافر )
4 ـ مكر السابقين جميعا وتدميرهم : قال جل وعلا :
4 / 1 : ( وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (42) الرعد )
4 / 2 : ( قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمْ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (26) النحل )
ثالثا : مكر قريش بالنبى محمد عليه السلام .
1 ـ كان عليه السلام يحزن من مكرهم وتآمرهم فقال له ربه جل وعلا :
1 / 1 : ( وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (127) إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (128) النحل )
1 / 2 : ( وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ (70) النمل )
2 ـ وذكر رب العزة تآمرهم عليه بالقتل أو السجن أو التهجير ( القسرى ) ، قال جل وعلا : ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) الانفال ) .
رابعا : استمرارية المكر والتآمر بعد نزول القرآن الكريم
1 ـ الشيطان لم يقدم إستقالته ، وهو مستمر في إغواء البشر ، وأشدُّ ضحاياه هم أكابر المجرمين وأعوانهم ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صُنعا ، إذا زيّن لهم الشيطان مكرهم وصدّهم عن سبيل الحق ، وعاقبتهم عذاب في الدنيا ثم عذاب أشقُّ في الآخرة ، ولن يقيهم أحد من عذاب الدنيا ومن عذاب الآخرة . قال جل وعلا : ( بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَصُدُّوا عَنْ السَّبِيلِ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) لَهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (34) الرعد )
2 ـ و( مكر الله ) أو إنتقامه هو أسرع مما يتصورون ، هذا لأنهم في غرورهم بقوتهم غافلون ، قال جل وعلا : ( وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذَا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آيَاتِنَا قُلْ اللَّهُ أَسْرَعُ مَكْراً إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21) يونس )
3 ـ والملائكة تسجّل مكرهم ، ولا ينتج عن مكرهم سوى البوار والعذاب الشديد ، قال جل وعلا : ( وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10) فاطر )
خامسا : وهم في الجحيم :
أكابر المجرمين في الدنيا لهم أتباع ، فالمستبد يعطى الأوامر والأتباع بحسب درجاتهم ينفّذون . في الجحيم يتلاومون . قال جل وعلا:( وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنْ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُجْرِمِينَ (32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوْا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأَغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33) سبأ )
سادسا : قواعد قرآنية سارية في عاقبة المتآمرين الماكرين
1 ـ مكر أكابر المجرمين في كل دولة ، وعقوبتهم . قال جل وعلا : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (123) وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ (124) النساء )
2 ـ أي إن المكر السيئ لا يحيق إلّا بصاحبه . قال جل وعلا : ( اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً (43) فاطر )
سابعا : وعظ الماكرين المتآمرين في الدنيا
1 ـ بعد أن قصّ رب العزة ما حدث للسابقين ، قال يعظُ مُحذّرا اللاحقين في كل قرية ( أي مجتمع ودولة ) : ( أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ (97) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (98) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (99) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (100) تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (101) الأعراف )
2 ـ وتكرّر هذا في قوله جل وعلا : ( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمْ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمْ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ (45) أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ (46) أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (47) النحل ) .
أخيرا : هذا بلاغ للناس
يبقى أن نتدبر قوله جل وعلا : ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (52) إبراهيم ) .
ودائما : صدق الله العظيم .!!
( وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ ) ، ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 6681 - 2020 / 9 / 19 - 13:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تعليقا على الاعتقال الثالث للكاتب الإسلامي : رضا عبد الرحمن على
أولا : خطف الرهائن بين السيسى وعصابات كولومبيا والمكسيك
1 ـ يفتخر العالم المتحضر بأن فيه دولة قانون ، لا أحد فيه فوق القانون ، ومن أساسات القانون عندهم أن لا أحد يُعاقب بجريمة غيره ، بمعنى أن المجرم هو المؤاخذ فقط بجريمته ، أمّا من لم يشارك في الجريمة فلا مؤاخذة عليه ولا عقاب، يعنى لا مؤاخذة على أبناء المجرم أو أقاربه . بل إن عصابات المافيا الأمريكية ( المحترمة ) في حروبها فيما بينها وضعت قانونا هو عدم التعرض للأسرة ، أي أن تظل الأسرة والزوجات والبناء بمعزل عن هذه الحروب . خرج عن هذا عصابات المخدرات في كولومبيا والمكسيك ، فهم في حروبهم البينية يقتلون أبناء خصومهم ، ويتخذونهم رهائن .
2 ـ الأسوأ من عصابات المكسيك وكولومبيا هو المستبد الشرقى . هو يعيش على إرهاب الشعب وإخافته وترويعه . إذا كانت مافيا المكسيك وكولومبيا تتقاتل فيما بينها ومع البوليس وكلهم يحمل السلاح فإن المستبد الشرقى هو الذى يحتكر السلاح ويواجه به الشعب الأعزل ، يستخدم الجيش والأجهزة الأمنية ضد من يعتبرهم خصومه ، ويعتمد سياسة أخذ الرهائن ، إذا هرب برىء من بطشهم أخذوا أُمّه أو أبناءه رهائن ليأتي البرىء يسلّم لهم نفسه .!
3 ـ في دولة المستبد ترى العجب ، هو يحتكر الثروة ويبددها ويهربها الى الخارج ، ويستدين بالبلايين على حساب الأجيال القادمة من الشعب ، ويقيم المدن والقصور الفاخرة، وفى نفس الوقت يلاحق الفقراء بالجباية ويهدم بيوتهم فوق رءوسهم ، ومن يعترض فمصيره السجن وبئس المصير . وظيفة الجيش هي حماية الوطن ، ووظيفة الشرطة هي حماية المواطنين ، ولكن المستبد الشرقى يمتلك الجيش والشرطة ، وينتصر بهم على الشعب الأعزل . ومع هذا فهو يعيش في رُعب من الشعب الأعزل ، تطارده كوابيس ضحاياه ، وبسبب خوفه يزداد قمعه ، وبزيادة القمع يزداد الخوف ، فيلجأ الى مزيد من القمع فيزداد الخوف ، وهكذا يدور في حلقة مفرّغة من خوف ورُعب الى قمع وظلم الى أن ينتهى كما إنتهى من قبل صدام والقذافى ، ويأتي نظام حكم جديد قد يكون مثل القديم أو أسوأ منه ، ويظل الوطن يسير في بحور من الدماء .
4 ـ لتفادى هذا فإننا نرى الحلّ السلمى حقنا لدماء المجرمين والأبرياء معا ، لأن ضحايا الفتن والقلاقل أكثرهم من الغلابة المستضعفين في الأرض . الحرب أسوأ الحلول حتى إذا كانت حلّا . وليست العبرة في عزل المستبد ، بل الحل هو تعليم الشعب ثقافة الديمقراطية قبل إرساء الديمقراطية . وهذا هو التحوّل الديموقراطى ، والذى يستلزم جيلا على الأقل . ولكن يمنع المستبد حرية الكلمة ويطارد من يخالفه في الرأي حتى لو كانوا ـ مثلنا ــ مصلحين مُسالمين لا يطمعون في حُطام الدنيا ولا يطمعون في مناصب وثروات .
5 ـ لا أمل في تقدم أي دولة تمنع حرية التعبير وحرية الدين ، مهما تعددت وجوه الحكام فستظل في فساد واستعباد واستبعاد لأن شعوبها غير جاهزة للديمقراطية ، لم تتعلمها في مؤسسات التعليم ولم تمارسها في حرية التعبير . لذا كتبتُ للسيسى داعيا الى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين واللجوء الى الإصلاح السلمى لتفادى سفك الدماء ، مقابل أن يحكم هو وذريته جيلا كاملا ، وعليه أن يبدأ بإصلاح تشريعى دستورى يؤكد الحرية المطلقة للجميع في الدين عقيدة ودعوة وعبادة ، ويمنع مقدما أي تشريع يلاحق حرية التعبير بكل أشكاله ، مع إصلاح ديموقراطى وتعليمى وتحويل الأزهر الى جمعية أهلية غير حكومية ، بهذا تتجهّز مصر لتحول ديمقراطى يؤتى بثماره بعد نصف قرن ، ويدخل به السيسى التاريخ . كنت أعلم إنه لن يفعل ، ولكن كتبت لأكون شاهدا عليه في التاريخ وفى يوم الحساب .
6 ـ كتاباتى في أغلبها ضد الكهنوت في أديان المحمديين الأرضية والتي تحمل إسم الإسلام زورا ، هذا الكهنوت ظلم رب العالمين جل وعلا . المنظمات الدينية السياسية الطامحة للحكم ( مثل الاخوان المسلمين ومن على شاكلتهم ) تظلم الناس ورب الناس ، لذا أُركّز الهجوم عليهم ، والقليل من الهجوم يأتي على المستبدين العلمانيين الذين يظلمون الناس فقط ولا يبررون إجرامهم بالإسلام . لو إكتفيت بالهجوم على الاخوان المسلمين دون الهجوم على المستبدين العلمانيين لأصبحت من أصحاب الحظوة لديهم ، لكن الذى يعمل في الإصلاح الإسلامي لا يبيع نفسه لبشر، فقد سبق وباع نفسه لرب البشر جل وعلا ، يرجو الله جل وعلا واليوم الآخر .
7 ـ هجومى على السيسى ليس شخصيا ، بل حرصا عليه وحقنا للدماء ، وكوفئت عليه بأن إعتقل السيسى بعض أهلى عام 2015 ومنهم الأستاذ رضا عبد الرحمن ، ثم أعاد إعتقال الأستاذ رضا عبد الرحمن ولا يزال رهن الاعتقال . إتّخذ أهلى المساكين رهائن لينتقم منى . هو بهذا تفوّق في الإجرام على عصابات كولومبيا والمكسيك .
ثانيا : رؤية قرآنية في هذا الموضوع
1 ـ القرآن الكريم ــ الذى يكفر به المحمديون ـ سبق الغرب والشرق في قاعدة أنّ المجرم يتحمّل وحده عاقبة إجرامه ، ويحرّم تماما أن يتحمل برىء وزر جريمة لم يرتكبها .
2 ـ جاء هذا في قانون يتكون من سبع كلمات ، قال جل وعلا : (وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ ) (111)النساء). الذى يكسب إثما أو جُرما هو فقط المؤاخذ به وليس غيره .
3 ـ وجاء هذا في قانون يتكون من ( خمس ) كلمات هي : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ). ولأهميته فقد تكرر في القرآن الكريم ( خمس ) مرات . قال جل وعلا :
3 / 1 : ( وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) (164) الانعام )
3 / 2 :( مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (15) الاسراء )
( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) (18) فاطر )
3 / 3 : ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) (7) الزمر )
3 / 4 : ( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) النجم ). أي إن هذا القانون جاء في كتاب إبراهيم وكتاب موسى عليهما الإسلام قبل نزول القرآن الكريم .
4 ـ يعزّز هذا قوله جل وعلا عن المجرمين يوم القيامة : ( وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31) الانعام ) . فالمجرم يأتي يوم القيامة يحمل أوزاره هو ، لا يساعده أحد ، ولا يحمل ذنوبه أحد . يقول المثل المصرى للمجرم ( حمّل وشيل ) ، أي ما تحمله هو فوق ظهرك ، فاستكثر ما شئت فستدفع ثمنه يوم القيامة .
5 ـ وأنزل جل وعلا القواعد التالية في آيات متتالية :
5 / 1 : من يستغفر من ذنبه مخلصا يغفر الله جل وعلا له : ( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً ) (110) النساء )
5 / 2 : الجريمة شخصية ويتحمل مسئوليتها المجرم فقط : ( وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (111) النساء )
5 / 3 : تلفيق التُّهم للأبرياء هو جريمة كبرى ، أي يتآمرون بالأبرياء ويلفقون لهم تهم التآمر ليعاقبوهم ظُلما وعدونا : ( وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدْ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (112) النساء ) . فالذين يلفقون لنا ولغيرنا الاتهامات يرتكبون بهتانا وإثما مبينا ، ولكن هم فقط الذين يتحملون المسئولية ، وليس أولادهم وأقاربهم .
أخيرا : هذا وعظ للمتجبرين الظالمين خوفا عليهم . لعلّ وعسى .!
المؤمن مُصاب
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 6683 - 2020 / 9 / 21 - 20:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تعليقا على الاعتقال الثالث للكاتب الإسلامي رضا عبد الرحمن على
مقدمة
1 ـ جاءتنى هذه الرسالة الهامة من أحد القرآنيين المجهولين في مصر . أنشرها بعد حذف ما يشير الى صاحبها ، ثم أرد عليها.
2 ـ قال : ( دكتور أحمد . قبل ان اتعرف على موقع أهل القرآن كنت سلفى ومتعصّب ، وأفكر في السفر الى تركيا لأنضم الى قيادات الاخوان هناك ، ولكن الذى أنقذنى هو إمام المسجد في قريتنا ، وهو راجل محترم ومستقيم ، حذرنى ، قلت له ان الاخوان المسلمين يؤمنون بتطبيق الشريعة الإسلامية ، فقال لى ان الشريعة التي يقصدونها ليست الشريعة الإسلامية الحقيقية . قلت له ان شعارهم القرآن دستورنا والرسول زعيمنا ، قال إن هذا مجرد شعار وهم يريدون الوصول للحكم باستغلال اسم الإسلام . قلت له إن معهم السُّنة فقال لى معهم أحاديث ضعيفة وتخالف القرآن .استمر الجدال بيننا الى أن شككنى في كل شيء ، قلت له انت ضيعتنى فما عاد هناك شيء اؤمن به قال لى : ألا يكفيك القرآن وحده ؟ وأخذ يتلو آيات من القرآن ، واندهشت كأنى أعرفها لأول مرة مع انى مغرم بالاستماع الى المصحف المرتل . قلت له طالما هذا رأيك وتعتقد انه صحيح وانت خطيب الجمعة لماذا لا تقول هذا ؟ أول مرة في حياتى أشوف شيخ يبكى . بكى أمامى وقال أنا رجل كبير في السّن وضعيف وأخاف من البهدلة في نهاية العمر . سألته النصيحة فقال ابحث عن موقع القرآنيين . عملت بنصيحته وعثرت على موقع أهل القرآن ، وأول ما قرأت لكم القرآن وكفى والاسناد وعذاب القبر وحد الردة والتأويل ، وأصبحت من المتابعين لكل ما تكتب . ودخلت في جدال مع أسرتى وإحنا أسرة ميسورة وفيها ناس واصلين وموظفين كبار في الحكومة ، هددونى واعتبرونى خطر عليهم ، وكل ما أستشهد لهم بالقرآن يرفضون ، وذهبوا الى إمام المسجد واشتكونى له لانى من القريبين منه ، إمام المسجد تبرأ منى أمامهم وأمامى ، وأنا طبعا عذرته فهو موظف غريب عن البلد وما لوش عزوة . أرسلت لك يا دكتور أسألك عن الحل وحضرتك نصحتنى في ايميل خاص ذكرت حضرتك فيه ما حصل لأهلك في مصر وموت قريبك رمضان عبد الرحمن الكاتب في الموقع ، ونصحتنى ان ابعد عن الجدال في آيات الله لأن الجدال في آيات الله من صفات الكافرين ، وإن المفروض بعد ما اتعرف اللى أنا أؤمن به أن أقول للناس اعملوا على مكانتك إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون . وردك جعلنى ازداد اعجابا بحضرتك لأنك اهتميت برسالة واحد لا تعرفه وكتبت له في ايميل خاص ولم تنشر الموضوع في الفتاوى في الموقع . وفعلا بقيت في حالى ، واكتفيت بقراءة مقالاتك والصلاة والعبادة وحدى مع نفسى . وبعدين طلب منى أهلى الصلاة في الجامع ، وأهلى هم اللى بنوه ، أنا رفضت وهددتهم اسيب البلد كلها لو ما سابونى في حالى . خوفونى بالأمن وان الأمن اذا اعتقلنى فسيتبرؤن منى . قلت لهم حسبى الله ونعم الوكيل ، ولا أظن انهم يعتقلونى وأنا في حالى . واستمر الحال على ما هو عليه ، أنا في حالى واسرتى في حالهم . وبعدين عرفت اللى حصل لقريبك الأستاذ رضا وانهم اعتقلوه مع انه ترك الموقع من سنين وعاش في حاله جنب الحيط . أنا خايف يعتقلونى لأن الوضع الأيام دى مضطرب ، وبيعتقلوا أي واحد ، بأفكّر في الهجرة . عايز حضرتك تنصحنى ، أعمل ايه ، ولكم الشكر الجزيل . ) أنتهت الرسالة ، وأقول :
أولا : عموما عن أهل القرآن :
1 ـ أهل القرآن تيار فكرى ينتشر باستمرار في القلوب والعقول ، وينتشر عبر الانترنت ، ويظهر عبر تشعبات في الآراء مختلفة ، ولكن تتفق في الاعتماد على القرآن وحده ، ثم تتشعب الخلافات . ونحن القادة ، وغيرنا تابع لنا ، ونحن الراسخون في التدبر في القرآن والمتخصصون معرفيا بالتراث . يستحيل تحديد عدد اهل القرآن في مصر وغيرها ، خصوصا وهم تحت متابعة أمنية . وفى حوالى 2006 تقريبا نشرت صحيفة ( المصريون ) ذات التوجّه السلفى الاخوانى تهاجم وزارة الأوقاف بعنوان يقول ان أجهزة الأمن رصدت حوالى 20 ألف خطييب قرآنى في المساجد ، وكان هذا في بداية إطلاق موقع أهل القرآن ، ودخل بعدها كثيرون في دين القرآن أفواجا ، ولكن الأمن لا يعرف سوى أهلى ، لذا حدثت موجات إعتقالهم أعوام 2007 ، 2008 : 2009 ، 2015 ، ثم الآن 2020 .
2 ـ الأمن يعرف أن معظم أهلى ليسوا من أهل القرآن ، وبعد هجرتنا لأمريكا فالكاتبون في الموقع من أهلى هم إثنان فقط ، رضا عبد الرحمن واخوه الراحل رمضان عبد الرحمن . أهلى فقراء وهم في حالهم مهمومون بلقمة العيش ويريدون أن يعيشوا بعيدا عن المشاكل شأن كل المستضعفين في الأرض .
3 ـ هذا يذكرنى بموضوع الأستاذ رمضان عبد الرحمن يرحمه الله جل وعلا ، كان كاتبا نشطا في الموقع ، ووقع فريسة السرطان عدة سنوات الى أن مات . وكان متمسكا صلبا بعقيدتنا ، وأوصى عند موته أن يصلوا عليه في البيت وألا يذهبوا به الى المسجد الصوفى أو المسجد السنى . ولكن أهلى بسبب خوفهم لم ينفذوا وصيته وقاموا بالصلاة عليه في المسجد الصوفى الذى أعتبره رجسا من عمل الشيطان . وكتب لى أخوه رضا عبد الرحمن معتذرا بأنه لم يستطع الوقوف ضد رأى العائلة ، فكتبت له أنه : جرى خير ، وأنتم أدرى بظروفكم . ألان رضا عبد الرحمن في الاعتقال الثالث ، ودخل معه في الاعتقال ـ بضعة أيام ـ بعض أولئك الذين رفضوا تنفيذ وصية رمضان عبد الرحمن خوفا من أجهزة الأمن . أتذكر أننى قلت لك ما حدث وقتها في جنازة رمضان عبد الرحمن ، لأننى كنتُ وقتها أشعر بحزن شديد ليس فقط على الراحل رمضان عبد الرحمن ولكن حزنى أكثر على الأحياء من أقاربى الذين بلغ بهم الرُّعب الى هذه الدرجة . هذا الرعب يتعمد الأمن المصرى إشاعته في قلوب من يتبع التيار القرآن ، وهذا الأمن يتخذ من أهلى وسيلة لارهاب تيار لا يعرف مدى إنتشاره . وهذا يفسّر رُعب إمام الجامع لديكم ورُعب أسرتك مع ما لهم من مكانة .
ثانيا : عن الهجرة
1 ـ من الصعب ـ على أقل تقدير ـ أن تهاجر الى الخارج .
2 ـ لا أنصحك أن تهاجر الى بلد آخر في مصر لأنك ستفقد أهلك وستكون وحيدا وفريسة للأمن ، فطالما أعلنت رايك فقد أصبحت مرصودا من الأمن ، ولعل هذا سبب رُعب أهلك . إذا تركتهم وهاجرت الى أقصى بُقعة في مصر سيتشكك فيك الأمن وسيصل اليك ويفترسك . لذا أرجو أن تظل بين أهلك فهم نوع من الحماية لك ، خصوصا إذا إعتكفت في بيتك وابتعدت عن أي نشاط دينى .
3 ـ ومع هذا فليس هناك ضمان لك . لأنه على أقل تقدير سيستدعونك لارهابك ولاستجوابك ولإخافة الآخرين بك . هذا هو مدخل الموضوع الأساس ، وهو أن المؤمن مُصاب .
ثالثا : المؤمن مُصاب ، وغير المؤمن أيضا
1 ـ المصائب من خير أو شرّ هي من الحتميات الى لا مهرب منها ، مثل الموت والبعث ، قال جل وعلا ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) الأنبياء 35 ).
2 ـ والمصائب من المحن قد تأتى مباشرة من رب العزة مثل المرض والعجز ، وقد تأتى من البشر الظالمين ، فالظالمون المجرمون إبتلاهم الله جل وعلا بنعمة النفوذ فاستعملوها في الظلم ، وإبتلى الله جل وعلا غيرهم بابتلاء الضعف ، وجعل هذا ( النفوذ ) وذاك ( الضعف ) فتنة للقوى والضعيف . وعلى المؤمن الضعيف الذى يقع عليه الظلم أن يصبر . قال جل وعلا : ( وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا ) ( 20 ) الفرقان ).
3 ـ وعليه تختلف ردود الأفعال من البشر في الابتلاء بالخير والشّر .
3 / 1 : المؤمن يتقبل المكتوب عليه الذى لا سبيل لتفاديه متوكلا على ربه جل وعلا قائلا : ( قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) 51 ) التوبة )، وحتى في ابتلاء النعمة لا يغترّ بها بل يتخذ موقفا وسطا ، فهو قدر مكتوب قبل وجودنا في هذه الحياة ، قال جل وعلا : ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) 22 ) ( لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ) 23 )( الحديد )
3 / 2 : غير المؤمن لا يكفر فقط بالله جل وعلا وإنّما أيضا يكفر بنعمة الله جل وعلا ، وهذا هو كفران النعمة الذى تمتلىء به حياة المحمديين ، نعمة الصحة والشباب والثروة والنفوذ تجعل صاحبها من أكابر المجرمين بدلا من أن يكون من الشاكرين . النعمة الكبرى هي القرآن الكريم والذى إستبدله المحمديون بأحاديث شيطانية . والمحمديون اليوم يعيشون في أغنى بقاع العالم ، ولكن أكابر المجرمين حولوها الى خراب وحدائق من القبور الجماعية وأنهار من الدماء . توعدهم الله جل وعلا بالخراب في الدنيا وبالجحيم في الآخرة ، فقال : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ ) 28 ) ( جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ ) 29 ) ( وَجَعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ ) 30 ) إبراهيم )
3 / 3 : المؤمن المتقى يخرج من إبتلاء المحنة وقد إزداد إيمانا لأنه بالصلاة وبالصبر على المحنة يقترب من رحمة ربه جل وعلا لأنه جل وعلا مع الصابرين ،
3 / 4 : الإيمان مدخل كبير للإختبار بالفتن والمحن ليتبين هل هو إيمان حقيقى أم زائف مصطنع ، عن الفريقين قال جل وعلا :
3 / 4 / 1 : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ ) (2 ) ( وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ) ( 3 ) ( العنكبوت ) ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ ) (10 ) ( وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ ) 11 ) ) العنكبوت )
3 / 4 / 2 : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ) 11 ) الحج ) .
4 ـ المؤمن المُتّقى هو إنسان عاقل:
4 / 1 : لا يسمح لأحد أن يخدعه بخرافات تقديس البشر والحجر ، وهو يرفض هذا ، ويعلن هذا .
4 / 2 : والمؤمن بعقله يعلم أن المحن وقتية ، ومها بلغ شدتها ستنتهى إمّا خلال حياته أو بموته . أما المجرم الظالم فهو بتصرفاته يعتقد أنه لن يموت وأنه مستمر فى سلطانه ، لا يعرف الحكمة القائلة ( لو دامت لغيرك ما وصلت اليك ) ولا يرى مصارع الظالمين أكابر المجرمين من حوله ، ولا يرى أن الله جل وعلا يوقع إنتقامه بهم في الدنيا قبل الآخر . لقد قال جل وعلا :
4 / 3 / 1 : ( مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) ( 123 ) النساء ).
4 / 3 / 2 : هذا عدا الخلود في النار ، قال جل وعلا : ( وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ ) 20 ) (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) 21 ) ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ ) 22) السجدة ).
5 ـ فالمؤمن يعلم أنه جل وعلا يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، قال جل وعلا عن ذاته : ( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ) النمل 62 ).
أخيرا
1 ـ لا مفرّ من الابتلاء بالمحن في هذا الوقت الصعب الذى تعيشه مصر . إجعل المحنة التي ستتعرض لها فرصة لإثبات صبرك وتقوية إيمانك لتكون من الفائزين الناجين من الخلود في الجحيم ، وتدبر قوله جل وعلا : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (185) آل عمران ) .
2 ـ ودائما : صدق الله العظيم .
( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14) الفجر)
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 6686 - 2020 / 9 / 24 - 01:22
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تعليقا على الاعتقال الثالث للكاتب الإسلامي رضا عبد الرحمن على
أولا : ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) للفراعنة الى نهاية الزمان
1 ـ في سورة الفجر يقول جل وعلا : ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِي (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)).
المستفاد الآتى :
1 ـ الله جل وعلا ذكر الطُّغاة السابقين وإهلاكهم بالعذاب ، وختم بقوله جل وعلا بجملة إسمية مؤكدة هي : ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ) . الجملة الاسمية تفيد الثبوت ، وأن تأتى في الكتاب الالهى الخاتم المحفوظ الى نهاية العالم ـ فهذا يعنى تحذيرا إلاهيا للطُّغاة من البشر من وقت نزول القرآن الى قيام الساعة .
2 ـ جىء بفرعون ( المصرى ) في نهاية الطُّغاة . و ( فرعون ) تكرر في القرآن الكريم باللقب دون الاسم ، وفى القصص القرآنى عنه تتجلى كل ملامح المستبد ، والتكرار في قصص فرعون يحوى إعجازا ضمنيا ، فالذين يزعمون الايمان بالقرآن أنتجت بيئاتهم فراعنة بعد نزول القرآن الكريم ، ليس أولهم الخلفاء الفاسقين ، وليس آخرهم المستبدين في عصرنا البائس الحزين ، فهذا القصص القرآنى حُجّة عليهم مُقدّما .
3 ـ والله جل وعلا جعل فرعون وجنده أئمة لكل الطُغاة بعده ، قال جل وعلا عن فرعون وجنوده :
3 / 1 : ( وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ (41) القصص ). أي إن فرعون وجنوده أو قومه أو نظام حكمه هم أئمة للطغاة بعدهم ، ودُعاة الى النار .
3 / 2 : وقال جل وعلا عن فرعون وجنوده أو قومه أو نظام حكمه : ( فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ (56) الزخرف )، أي إن فرعون وجنوده أو قومه أو نظام حكمه هم ( السّلف والمثل ) لكل الطُغاة اللاحقين .
4 ـ وقال جل وعلا عن فرعون ومن سبقه من الطُّغاة
4 / 1 : ( كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (11) ، بعدها يتوجّه الحديث للكافرين الظالمين بالهزيمة في الدنيا والخلود في الجحيم في الآخرة :( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) آل عمران )
4 / 2 : ( كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمْ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (52)الانفال )( كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ (54) الانفال ) .
4 / 3 : هذا التكرير ليس عبثا ، تعالى الله جل وعلا عن هذا عُلُوّا كبيرا ، فالقرآن الكريم قول فصل وما هو بالهزل ( إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14) الطارق ). وإذا نظرنا في أحوال المحمديين اليوم وهم تحت قهر الفراعنة لا بد أن نقول : سبحان من انزل هذا الكتاب الحكيم عبرة وعظة لمن يخشى .
5 ـ ولا بد أن نتأكّد أن مصير فراعنة اليوم هو الخزى والعذاب في الدنيا ، ثم الخلود في جحيم الاخرة ، أي لا بد أن ترتعش قلوبنا ـ إن كنّا مؤمنين ـ بقوله جل وعلا للفراعنة في عصرنا ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ )، وكيف لا ؟ ونحن في زمن وجيز شهدنا ما حدث لفراعنة كثيرين ، من صدام والقذافى وعلى صالح و مبارك وبن على والبشير. فهل سينجو الباقون ؟ ألا نتذكر قوله جل وعلا : ( وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51) القمر) . من يعتقد نجاتهم فهو لا يؤمن بقوله جل وعلا : ( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ )
ثانيا : ربك جل وعلا بالمرصاد لفرعون وكل جنده
1 ـ لم تأت كلمة ( جيش ) في القرآن الكريم . ولكن جاء مصطلح ( الجنود ) . وهذا أروع ، لأن الجيش يعنى الاقتصار على العمل الحربى ، أما ( الجنود ) في التعبير القرآنى فيعنى كل قوم فرعون ، من مدنيين وعسكريين ، وبهم يُدير دولته حربيا وأمنيا وإقتصاديا . فرعون كشخص واحد لا يمكن أن (يتفرعن ) بمفرده على شعب . لا بد له من نظام حكم من (ملأ ) و ( قوم ) و كلهم له : ( جنود ) ، من أعلى المستويات الى أصغر جندي وأمين شرطة ومخبر وموظف . هؤلاء هم الذين يحملون عرش فرعون ، بهم يقهر فرعون الشعب ، وبهم يُعذّب الشعب ويعتقل الأحرار ودُعاة الإصلاح السلمى .
2 ـ ومن قادة جنود فرعون موسى أو نظام حكمه نعرف إثنين ، قارون وهامان .
2 / 1 : قال جل وعلا عنهما مع فرعون : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (23) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (24) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (25) غافر ). قارون كان من بنى إسرائيل الذين يضطهدهم فرعون ، ولكنه بغى عليهم وانضم بخبرته ليكون من أعمدة جنود فرعون ، مشرفا على أمواله وخزائنه . ولما خرج فرعون بجنوده يطارد بنى إسرائيل تخلّف قارون ليحرس خزائن الفرعون . غرق فرعون وقومه وجنده ونظام حكمه ، فاستولى قارون على كنوز فرعون . قال جل وعلا : ( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنْ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) القصص ) .
2 / 2 : القائد الأبرز في جنود فرعون كان (هامان ) .
2 / 2 / 1 : فرعون علا في أرض مصر بقوة جنده ، وقام بتفريق أهلها يستضعف طائفة منهم ، قال جل وعلا :( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِ نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ (5) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ (6) وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ (7) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8) القصص ). نلاحظ هنا تكرار ( جنودهما ) لفرعون وهامان مرتين : ( وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا ) ( وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا ). هذا يعطى الصفة الحربية لهامان .
2 / 2 / 2 : وكانت لهامان وظيفة أخرى ، هي التشييد المعمارى بما يؤكّد أن جيش فرعون لم يقتصر على العسكرية بل إحتكر الاقتصاد والبناء، وهذا ما كان معروفا عن دولة الرعامسة العسكرية الإقطاعية ، لذا كان ( هامان ) كبير جنرالات فرعون هو نفسه القائم بالعمارة والتشييد ، لذا طلب منه الفرعون أن يبنى له صرحا يطاول السماء . قال جل وعلا :
2/ 2 / 2 / 1 : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً )(37) غافر )
2 / 2 / 2 / 2 :( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنْ الْكَاذِبِينَ (38) القصص ) . ( فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ ) يعنى صناعة الطوب الحجرى من الطين .
قال جل وعلا بعدها عن فرعون وجنوده وعسكره : ( وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنْ الْمَقْبُوحِينَ (42) القصص). هنا مذكور ( هامان ) بوظيفة مدنية ، وتكررت كلمة ( جنوده ) مرتين ، وهم منسوبون لفرعون وحده بما يعنى أن هامان بكل سلطته هو من جنود فرعون ، أي إن فرعون هو الذى يملكهم .
3 ـ ما عدا قارون ، فقد بقى هامان مع فرعون وكل جنوده ، وهو يطارد بهم بنى إسرائيل ، غرقوا معه جميعا في البحر الأحمر . قال جل وعلا :
3 / 1 : ( فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) القصص )
3 / 2 : ( فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40) الذاريات)
3 / 3 : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90) يونس )
3 / 4 : ( فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنْ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (78) وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى (79) طه)، أي إن ( جنوده ) هم ( قومه ).
3 / 5 : أما أهل مصر فهم أصفار على الشمال ، لذا كان صوتهم خافتا في قصص فرعون ، مع إن مصر وقتها كانت عامرة بالمدائن وملايين السكّان ولكن كان يحرّكهم جنود فرعون كالأنعام . قال جل وعلا :
3 / 5 / 1 : ( قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) الاعراف )
3 / 5 / 2 : ( قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (36) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ (37) فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (38) وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ (39) لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمْ الْغَالِبِينَ (40) الشعراء )
3 / 5 / 3 : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) الشعراء )
4 ـ ويقول جل وعلا عن تدمير منشئات فرعون موسى : ( فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) الأعراف ). لهذا فلا توجد آثار باقية لفرعون موسى ، فقد تمّ تدميرها بأسرها . الذي قام بالاستيلاء على الكنوز هو قارون ، وما لبث أن خسف الله جل وعلا به وبداره الأرض ، قال جل وعلا : ( فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنْ المُنْتَصِرِينَ (81) القصص ). ورجع بنو إسرائيل من سيناء فتملكوا مصر بعد غرق فرعون وجنده وقومه ، وقاموا بتدمير منشئات فرعون ، وجمعوا بعض ما عثروا عليه من الذهب ، ثم صنع منه السامرى عجلا ذهبيا ليعبده بنو إسرائيل في غياب موسى حين ذهب الى لقاء ربه عند جبل الطور . ( طه 83 : 88 ).
5 ـ وكان يحلو لفرعون أن يجمع جنده وقومه في مؤتمرات عامة يخطب فيهم يقول ما يحلو له :
5 / 1 :، كأن يزعم الألوهية ( فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26) النازعات ). جعله الله جل وعلا عبرة لمن يخشى .. فمن اليوم يخشى ؟!!
5 / 2 : أو يُعلن ملكيته لمصر وما عليها ويتندّر على موسى ، وجنده يهللون له مع إنه يستخفّ بعقولهم ، قال جل وعلا : ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) الزخرف ).
ثالثا : فرعون وجنده في سورة البروج :
1 ـ قال جل وعلا : ( قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ (4) النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (5) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (6) وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ (7) وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (8) البروج ) ثم قال جل وعلا عمّن يضطهد المؤمنين ثم لا يتوب: ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) البروج ) ثم يقول جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (11) إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (12) البروج ) . هذا البطش الشديد يهدّد به الرحمن جل وعلا أولئك الذين يضطهدون المؤمنين ولا يتوبون .
2 ـ ثم يكون ختم السورة بجنود فرعون المكذبين للقرآن المجيد . قال جل وعلا: ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ (17) فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ (18) بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ (19) وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22) البروج ).
أخيرا :
1 ـ ألا من يؤمن بالقرآن المجيد أيها الناس ؟
2 ـ أليس فيكم رجل رشيد ؟
لم يعد الوعظ بالقرآن مُجديا .. لذا فالسكوت أفضل .!!
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 6688 - 2020 / 9 / 26 - 00:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لم تعد قضية الاعتقال الثالث للكاتب رضا عبد الرحمن ، بل قضية مصر التي تدخل دائرة العنف .!
أولا :
1 ـ الذى يعظ بالقرآن يعرف حدوده ، إذا تبيّن له عدم الجدوى من وعظه فعليه أن يسكت ، فقد أدّى واجبه ، ولا يتبقى عليه إلا أن ينتظر الحكم عليه وعلى خصومه يوم الحساب ، أي يلزم نفسه بالابتعاد عن الضالين ملتزما قوله جل وعلا للمؤمنين : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (105) المائدة )
2 ـ وقد قالها جل وعلا لرسوله الكريم : ( مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى (3) طه )، أي لا يُشقى نفسه بعدم هدايتهم ، بعد الدعوة العلنية سيأتى اليه من يخشى ، أي الباحث عن الهداية ، فعليه أن يُذكّره هو فقط دون غيره . وهو نفس المعنى في قوله جل وعلا للرسول الكريم : ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ (45) ق )، أي التذكير بالقرآن هو فقط لمن يخشى الوعيد ، وبالتالي فالتذكير إذا كان مجديا فهو واجب ، إن لم يكن نافعا فلا فائدة منه ولا لزوم له ، قال جل وعلا للرسول الكريم : ( فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتْ الذِّكْرَى (9) الأعلى ).
3 ـ ولقد وعظنا كثيرا في موضوع الظلم الواقع للمرة الثالثة على الكاتب الاسلامى رضا عبد الرحمن ، وصار واضحا أنه لا فائدة ، لذا يتعيّن علينا أن نفوّض أمرنا الى الله جل وعلا ، وقد قالها قبلنا مؤمن آل فرعون لقومه:( فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44)غافر). وهو جل وعلا كما قال عن ذاته : ( وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (4) آل عمران ) ( وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (95) المائدة ) ( إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (47) إبراهيم ) ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ (37) الزمر). ( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ (227) الشعراء )
ثانيا :
1 ـ لم تعد قضية فرد واحد مظلوم مسجون بل قضية وطن وشعب يدخل اليوم دائرة العنف .
2 ـ نحن نؤمن بالسلام والحلول السلمية وحقن الدماء ، و هذا خطابنا الاصلاحى السياسى ، ولكن لا فائدة ، بل مكافأتنا عليه هو الاضطهاد وموجات الاعتقال . هذا يذكّرنا بأول حرب أهلية بين الصحابة ( موقعة الجمل ) ، تواجهوا ، وقبل إندلاع القتال وقف رجل يعظ الفريقين بالقرآن فأصابه سهم فقتله . نحن هذا الرجل .!
3 ـ النظام العسكرى الحالي لا يؤمن بالحلول الوسط ، بل بما يمكن تسميته بالمعادلة الصفرية : إما أنا وإمّا هم . ليس هذا في قاموس السياسة التي تدور في مناطق رمادية وتبادل المنافع والمحادثات والمفاوضات .
4 ـ بهذه العقلية يستعمل القوة المفرطة ضد الشعب المقهور ، وهذا قد يُسكته مرة أو مرّات ، ولكن مع تفاقم الأوضاع والانهيار الاقتصادى القادم وعدم وجود أُفُق سياسى بل مجرد القمع فإن الشعب سيواصل إنتفاضاته ، وستتوسّع ، لتكون ثورات عامة ومتفرقة ومتوالية وبلا قيادات ، أي فوضى ، والمنوط بهم مواجهة هذه الانتفاضات لن يصمدوا الى النهاية دفاعا عن شخص وبضعة جنرالات مترفين ، قد ينضمون الى الثوّار ، وقد يوجّهون سلاحهم الى زملائهم في السلاح ، وتحدث حرب أهلية ، وفيها تظهر قيادات أشبه بقُطّاع الطُّرّق . وتدخل مصر في مستنقع الدماء . وهو حال يجعل من يموت اليوم أفضل ممّن يموت غدا ، فمن يموت اليوم سيجد من يكفّنه ويشيّعه ويدفنه ، ربما لا يتيسر هذا في الحروب الأهلية العشوائية .
أخيرا :
1 ـ آن الأوان التوقف عن الكتابة عن مصر ، فقد قلنا ما يكفى ويزيد ، وبلا فائدة .!..
2 ـ أدعو الله جل وعلا أن يحفظ مصر وأهلها ، فلا نملك سوى الدعاء .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,690,010 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
لبيتزا البيتزا: فى عملى فى نيويو رك اعتدت على طلب الوجب ات ...
مسألة ميراث: لمن يذهب ميراث من لا وارث له .. ففي الحي توفيت...
مطلوب ترجمة .!!: أعوذ بالله من الشيط ان الرجي م بسم الله...
التقصير فى العمل: السلا م عليكم : أنا معلم سعودي تخصص حاسب آلي...
اسرائيل والامارات: استاد كيف تفسر توطيد وتطبي ع العلا قة بصفة...
more