آحمد صبحي منصور Ýí 2020-09-19
( وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ ) ، ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )
تعليقا على الاعتقال الثالث للكاتب الإسلامي : رضا عبد الرحمن على
أولا : خطف الرهائن بين السيسى وعصابات كولومبيا والمكسيك
1 ـ يفتخر العالم المتحضر بأن فيه دولة قانون ، لا أحد فيه فوق القانون ، ومن أساسات القانون عندهم أن لا أحد يُعاقب بجريمة غيره ، بمعنى أن المجرم هو المؤاخذ فقط بجريمته ، أمّا من لم يشارك في الجريمة فلا مؤاخذة عليه ولا عقاب، يعنى لا مؤاخذة على أبناء المجرم أو أقاربه . بل إن عصابات المافيا الأمريكية ( المحترمة ) في حروبها فيما بينها وضعت قانونا هو عدم التعرض للأسرة ، أي أن تظل الأسرة والزوجات والبناء بمعزل عن هذه الحروب . خرج عن هذا عصابات المخدرات في كولومبيا والمكسيك ، فهم في حروبهم البينية يقتلون أبناء خصومهم ، ويتخذونهم رهائن .
2 ـ الأسوأ من عصابات المكسيك وكولومبيا هو المستبد الشرقى . هو يعيش على إرهاب الشعب وإخافته وترويعه . إذا كانت مافيا المكسيك وكولومبيا تتقاتل فيما بينها ومع البوليس وكلهم يحمل السلاح فإن المستبد الشرقى هو الذى يحتكر السلاح ويواجه به الشعب الأعزل ، يستخدم الجيش والأجهزة الأمنية ضد من يعتبرهم خصومه ، ويعتمد سياسة أخذ الرهائن ، إذا هرب برىء من بطشهم أخذوا أُمّه أو أبناءه رهائن ليأتي البرىء يسلّم لهم نفسه .!
3 ـ في دولة المستبد ترى العجب ، هو يحتكر الثروة ويبددها ويهربها الى الخارج ، ويستدين بالبلايين على حساب الأجيال القادمة من الشعب ، ويقيم المدن والقصور الفاخرة، وفى نفس الوقت يلاحق الفقراء بالجباية ويهدم بيوتهم فوق رءوسهم ، ومن يعترض فمصيره السجن وبئس المصير . وظيفة الجيش هي حماية الوطن ، ووظيفة الشرطة هي حماية المواطنين ، ولكن المستبد الشرقى يمتلك الجيش والشرطة ، وينتصر بهم على الشعب الأعزل . ومع هذا فهو يعيش في رُعب من الشعب الأعزل ، تطارده كوابيس ضحاياه ، وبسبب خوفه يزداد قمعه ، وبزيادة القمع يزداد الخوف ، فيلجأ الى مزيد من القمع فيزداد الخوف ، وهكذا يدور في حلقة مفرّغة من خوف ورُعب الى قمع وظلم الى أن ينتهى كما إنتهى من قبل صدام والقذافى ، ويأتي نظام حكم جديد قد يكون مثل القديم أو أسوأ منه ، ويظل الوطن يسير في بحور من الدماء .
4 ـ لتفادى هذا فإننا نرى الحلّ السلمى حقنا لدماء المجرمين والأبرياء معا ، لأن ضحايا الفتن والقلاقل أكثرهم من الغلابة المستضعفين في الأرض . الحرب أسوأ الحلول حتى إذا كانت حلّا . وليست العبرة في عزل المستبد ، بل الحل هو تعليم الشعب ثقافة الديمقراطية قبل إرساء الديمقراطية . وهذا هو التحوّل الديموقراطى ، والذى يستلزم جيلا على الأقل . ولكن يمنع المستبد حرية الكلمة ويطارد من يخالفه في الرأي حتى لو كانوا ـ مثلنا ــ مصلحين مُسالمين لا يطمعون في حُطام الدنيا ولا يطمعون في مناصب وثروات .
5 ـ لا أمل في تقدم أي دولة تمنع حرية التعبير وحرية الدين ، مهما تعددت وجوه الحكام فستظل في فساد واستعباد واستبعاد لأن شعوبها غير جاهزة للديمقراطية ، لم تتعلمها في مؤسسات التعليم ولم تمارسها في حرية التعبير . لذا كتبتُ للسيسى داعيا الى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين واللجوء الى الإصلاح السلمى لتفادى سفك الدماء ، مقابل أن يحكم هو وذريته جيلا كاملا ، وعليه أن يبدأ بإصلاح تشريعى دستورى يؤكد الحرية المطلقة للجميع في الدين عقيدة ودعوة وعبادة ، ويمنع مقدما أي تشريع يلاحق حرية التعبير بكل أشكاله ، مع إصلاح ديموقراطى وتعليمى وتحويل الأزهر الى جمعية أهلية غير حكومية ، بهذا تتجهّز مصر لتحول ديمقراطى يؤتى بثماره بعد نصف قرن ، ويدخل به السيسى التاريخ . كنت أعلم إنه لن يفعل ، ولكن كتبت لأكون شاهدا عليه في التاريخ وفى يوم الحساب .
6 ـ كتاباتى في أغلبها ضد الكهنوت في أديان المحمديين الأرضية والتي تحمل إسم الإسلام زورا ، هذا الكهنوت ظلم رب العالمين جل وعلا . المنظمات الدينية السياسية الطامحة للحكم ( مثل الاخوان المسلمين ومن على شاكلتهم ) تظلم الناس ورب الناس ، لذا أُركّز الهجوم عليهم ، والقليل من الهجوم يأتي على المستبدين العلمانيين الذين يظلمون الناس فقط ولا يبررون إجرامهم بالإسلام . لو إكتفيت بالهجوم على الاخوان المسلمين دون الهجوم على المستبدين العلمانيين لأصبحت من أصحاب الحظوة لديهم ، لكن الذى يعمل في الإصلاح الإسلامي لا يبيع نفسه لبشر، فقد سبق وباع نفسه لرب البشر جل وعلا ، يرجو الله جل وعلا واليوم الآخر .
7 ـ هجومى على السيسى ليس شخصيا ، بل حرصا عليه وحقنا للدماء ، وكوفئت عليه بأن إعتقل السيسى بعض أهلى عام 2015 ومنهم الأستاذ رضا عبد الرحمن ، ثم أعاد إعتقال الأستاذ رضا عبد الرحمن ولا يزال رهن الاعتقال . إتّخذ أهلى المساكين رهائن لينتقم منى . هو بهذا تفوّق في الإجرام على عصابات كولومبيا والمكسيك .
ثانيا : رؤية قرآنية في هذا الموضوع
1 ـ القرآن الكريم ــ الذى يكفر به المحمديون ـ سبق الغرب والشرق في قاعدة أنّ المجرم يتحمّل وحده عاقبة إجرامه ، ويحرّم تماما أن يتحمل برىء وزر جريمة لم يرتكبها .
2 ـ جاء هذا في قانون يتكون من سبع كلمات ، قال جل وعلا : (وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ ) (111)النساء). الذى يكسب إثما أو جُرما هو فقط المؤاخذ به وليس غيره .
3 ـ وجاء هذا في قانون يتكون من ( خمس ) كلمات هي : ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ). ولأهميته فقد تكرر في القرآن الكريم ( خمس ) مرات . قال جل وعلا :
3 / 1 : ( وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) (164) الانعام )
3 / 2 :( مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) (15) الاسراء )
( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ) (18) فاطر )
3 / 3 : ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) (7) الزمر )
3 / 4 : ( أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلاَّ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) النجم ). أي إن هذا القانون جاء في كتاب إبراهيم وكتاب موسى عليهما الإسلام قبل نزول القرآن الكريم .
4 ـ يعزّز هذا قوله جل وعلا عن المجرمين يوم القيامة : ( وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (31) الانعام ) . فالمجرم يأتي يوم القيامة يحمل أوزاره هو ، لا يساعده أحد ، ولا يحمل ذنوبه أحد . يقول المثل المصرى للمجرم ( حمّل وشيل ) ، أي ما تحمله هو فوق ظهرك ، فاستكثر ما شئت فستدفع ثمنه يوم القيامة .
5 ـ وأنزل جل وعلا القواعد التالية في آيات متتالية :
5 / 1 : من يستغفر من ذنبه مخلصا يغفر الله جل وعلا له : ( وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً ) (110) النساء )
5 / 2 : الجريمة شخصية ويتحمل مسئوليتها المجرم فقط : ( وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (111) النساء )
5 / 3 : تلفيق التُّهم للأبرياء هو جريمة كبرى ، أي يتآمرون بالأبرياء ويلفقون لهم تهم التآمر ليعاقبوهم ظُلما وعدونا : ( وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدْ احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (112) النساء ) . فالذين يلفقون لنا ولغيرنا الاتهامات يرتكبون بهتانا وإثما مبينا ، ولكن هم فقط الذين يتحملون المسئولية ، وليس أولادهم وأقاربهم .
أخيرا : هذا وعظ للمتجبرين الظالمين خوفا عليهم . لعلّ وعسى .!
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,688,706 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
الجيلاتين: عندي سؤال بخصوص الجيل اتين المست خرج من...
مشيئة الهداية: انا قرآني ه الحمد لله قبل حتى ان اعرف...
سؤالان : السؤا ل الأول : هل قنوت صلاة الصبح فرض ؟ أم...
ثلاثة أسئلة: السؤا ل الأول قال جل وعلا : ( إِنَّ...
حديث ( وضيع ): من المؤك د ان الحب يأتي من خلال النظر...
more