النفس البشرية هى مركز الادراك وليس المخ

آحمد صبحي منصور Ýí 2018-08-17


النفس البشرية هى مركز الادراك وليس المخ

الانسان نفس أساسا والجسد مجرد ثوب .

إستكمال مقالات كتاب ( لكل نفس بشرية جسدان )

مقدمة :

النفس مثل سائق السيارة للسيارة. السيارة بدون سائق مجرد هيكل مادى ميّت. إذا ركبها السائق تحولت الى كائن يتحرك ويصعد ويهبط ويصرخ ويطلق الأنوار ، وقد يكون أداة للقتل أو لعمل الخير. الذى يفعل ذلك هو السائق وليس جسم السيارة الميت . النفس ترتدى جسدها وتقوده ، تفعل به الخير والعصيان. المخ فى الجسد هو مجرد غرفة تحكم تتولاها النفس. النفس هى الى تحسُّ وهى التى تكره وهى التى تحبُّ ، وهى تشعر بالتعب ، وهى التى تختزن فى ( سريرتها ) الذكريات والأفكار. لا يعنى هذا إهمال دور الجسد ، فالنفس تظل حية طالما ترتدى هذا الجسد ، فإذا فقدته ماتت ورجعت الى برزخها ميتة لا تشعر بشىء بعد أن زالت واسطتها فى الاحساس والإدراك . قال جل وعلا عن الموتى : ( أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ۖ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ﴿٢١﴾ النحل ).

2 ـ نعطى لمحات قرآنية عن النفس البشرية مركزا للإدراك بأنواعه.

 أولا : النفس البشرية هى التى تتذوق الألم .

1 ـ الجسد مجال ينتقل منه الاحساس بالألم الى المخ ومنه الى النفس المسيطرة على المخ . ونعطى أمثلة :

1 ـ  قال جل وعلا عن الأنعام : (وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ ) النحل:7 ) :( بشق الأنفس ) أى بتعب الأنفس . لو تخيل الانسان نفسه يحمل ما تحمله الأنعام لعرف المعنى .

2 ـ النفس هى التى تحس بالموت :

2 / 1 : هى التى ( تتذوق الموت ) ، قال جل وعلا : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ) ( العنكبوت:57 ) (الأنبياء:35 ) ( آل عمران 185 ).

2 / 2 : والنفس هى التى تعانى ( زهق ) اى موت النفس ، قال جل وعلا  عن بعض المنافقين :  ( فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ)التوبة:55 ) (وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ)التوبة:85 )

 ثانيا : القتل ليس للجسد فى الحقيقة بل للنفس :

النفس هى التى تموت وهى أيضا التى تتعرض للقتل. يأتى الموت من مرض أحاط بالجسد فعطّله عن أداء دوره ثوبا للنفس . ويأتى القتل من تعرض الجسد الى نفس التعطيل من مصدر خارجى . وفى الحالين تموت النفس أو ( تُقتل النفس ) . ويأتى القتل للنفس وليس للجسد ، والأمثلة كثيرة منها :

1 ـ فى التشريع (  وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ )(151)الانعام ) (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ )الإسراء:33 ) ( وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ )الفرقان:68 ) ( وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)النساء:29 ) (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ  )المائدة:45 ) ( مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً )المائدة:32 )

2 ـ فى القصص : ( وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْنَاكَ مِنْ الْغَمِّ  )طه:40 ) (فَانطَلَقَا حَتَّى إِذَا لَقِيَا غُلاماً فَقَتَلَهُ قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ )الكهف:74) (وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ)البقرة:72 )  ( كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ)المائدة:70

ثالثا : النفس هى التى تحسّ باللذة

1 ـ فى العملية الجنسية يتخيل الانسان أن البطل فيها هو الجسد  لكونه المجال الطبيعى  فى الاشتهاء الجنسى وفى الممارسة الجنسية وبالتالى مفترض أنه هو الذى يحسُّ باللذة . ولكن الحقيقة أنها النفس وليس الجسد . النفس هى التى تتوق الى ممارسة الجنس وهى التى تشعر بلذته خلال جسدها. وهذا هو الفارق بين الانسان والحيوان. الحيوان يمارس الجنس بغريزة التكاثر فقط ، اما الانسان فهناك اللذة بالاضافة الى التكاثر ، ولهذا فممارسة الجنس فيها تشريع يمنع الزنا . الانسان يحتاج الى ان تتهيأ نفسه للممارسة الجنسية. لو سار  رجل ورأى فجأة عورة إمرأة لشعر بالاشمئزاز . يختلف شعوره عندما تكون نفسه فى حالة إثارة جنسية . الرجل قد يرى صورة إمرأة عارية فتلتهب مشاعرة ، أما لو رأى ساق أخته أو أمه فلن يكون له نفس الاحساس . إذن هى النفس وليس الجسد . الرجل هو الذى يحمل غريزته الجنسية تضغط عليه بالخصيتين ويحتاج تفريغهما خصوصا فى مرحلة الشباب . وهو الذى يطارد المرأة جنسيا . المرأة تحتاج الى إثارة كى تستجيب . ومن هنا نفهم قوله جل وعلا : (نسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ )﴿٢٢٣﴾)البقرة ). المرأة هى الأرض التى توضع فيها بذرة الطفل. الرجل هو الذى يبدأ وهو الذى ( يأتى ) زوجته متى شاء, ولكن عليه أن يقدم تمهيدات للزوجة حتى تتهيج جنسيا ليسعدها ويسعد نفسه، وهذا معنى ( وقدموا لأنفسكم ).هنا إشارة الى أن النفس هى محل الشعور باللذة الجنسية . بدون الهياج الجنسى للنفس لا يمكن للعضو الجنسى للرجل أن ينتصب .

بدون ممارسة الجنس فالتخيل الجنسى ( النفسى ) يتيح للذكر أو الأنثى إشباعا جنسيا.  

2 ـ وجاء فى قصة يوسف : (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ ) يوسف:22 )(قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي  )يوسف:26 ) (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً  )يوسف:30 )(قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ  )يوسف:32 ) ( (قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ ) يوسف 51 ) . تعبير ( راودته عن " نفسه ") هو الفيصل هنا . راودته لتهيج نفسه جنسيا ، وفعلا قد (همّ ) كما ( همّت ) به لولا أن رأى برهان ربه. لم تراوده عن جسده بل عن نفسه .

بدون إشتهاء النفس للجنس يصبح الجسد محايدا جنسيا.  

رابعا : النفس مركز المودة والحب والبغضاء أيضا :

1 ـ بعد هجرتهم الى المدينة عانى المهاجرون من الحنين للوطن ، وتشابك معه حنين الى الأهل الكافرين المعتدين  فكانوا فى أعماق نفوسهم يسرون اليهم بالمودة وتطور هذا الى موالاة لأولئك الكافرين المعتدين ، فنزل قوله جل وعلا محذرا :  ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّـهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي ۚ تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ ۚ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ﴿١﴾ الممتحنة ). الإسرار بالمودة فى النفس وليس الجسد.

2 ـ كان للمنافقين فى المدينة من يحبهم من المؤمنين مع كراهية أولئك المنافقين للمؤمنين ، قال جل وعلا فى هذا :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ۚ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ ۖ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ ﴿١١٨﴾ هَا أَنتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ۚ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿١١٩﴾  آل عمران ). مشاعر الحب والبغضاء محلها النفس.

 3 ـ حسدا من عند أنفسهم كان بعض أهل الكتاب  ( يود ) أن يرجع المؤمنون كفارا ، فى هذا قال جل وعلا : (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ۖ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّـهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿١٠٩﴾ ) البقرة )، وقال جل وعلا أيضا : (وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ) آل عمران:69 ). هذا ( ود ) أى رغبة نفسية وليست جسدية .

4 ـ ويقول جل وعلا :  (وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً)النساء:4 ). إن طابت ( نفس الزوجة ) فى التنازل عن جزء من صداقها لزوجها فلا بأس .

خامسا : النفس محل الرضا والسخط والحزن والخوف

1 ـ بعض المنافقين كان يرضى إذا أخذ الصدقة ، وكان يسخط إن لم يأخذها ، قال جل وعلا   : ( وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِن لَّمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ ﴿٥٨﴾ وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّـهُ سَيُؤْتِينَا اللَّـهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّـهِ رَاغِبُونَ ﴿٥٩﴾ التوبة )

2 ـ وبعضهم كره رضوان الله جل وعلا ورضى بسخط الله جل وعلا ، قال جل وعلا: ( ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّـهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴿٢٨﴾  محمد )

3 ـ وفى القتال الدفاعى رضى المنافقون التخلف والقعود فى المدينة مع العجزة والنساء والصبيان ، قال جل وعلا: ( رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ ﴿٨٧﴾ التوبة )، هذا فى الوقت الذى بكى فيه مؤمنون مخلصون فقراء لعجزهم عن التجهيز للخروج (  وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ ﴿٩٢﴾  إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ ۚ رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّـهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ﴿٩٣﴾ التوبة ). هذا الرضى وذاك السخط وذلك الحزن محله النفس.

4 ـ وحملت نفس النبى محمد عليه السلام مشاعر من الحزن بسبب حرصه على هداية قومه ، وقد عوتب فى هذا كثيرا، قال له جل وعلا: (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً) الكهف:6 )  (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)الشعراء:3 ) ( فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ ) ٨﴾ فاطر ) (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)التوبة:128 )

5 ـ وبسبب نشأته وسط مجتمع إرهابى فقد سيطر الخوف على نفسية موسى عليه السلام ، وتردد هذا كثيرا فى القصص الخاص به ، ومنه قوله جل وعلا :  (فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى) طه:67 )

سادسا : السريرة والذاكرة

1 ـ السريرة هى ما يحتفظ به الانسان فى نفسه (سرّا ) . ويوم القيامة ستنفضح سرائرنا ، قال جل وعلا : ( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ﴿٩﴾ الطارق ).

2 ـ والله جل وعلا هو الأعلم وحده بسرائرنا .

2 / 1 : قال جل وعلا (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ  )الإسراء:25 )

2 / 2 : وفى هذا المعنى قال جل وعلا : (  وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ﴿٧﴾ طه ) (  سَوَاءٌ مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ ﴿١٠﴾ الرعد ) ( إِن تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴿٥٤﴾ الاحزاب )  ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴿١٩﴾ غافر)( وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴿٧٤﴾ النمل )

3 ـ وأخبر جل وعلا عما كان يدور بسريرة بعضهم .

3 / 1 : قال عن الملأ الذى كان يحاكم ابراهيم عليه السلام : (فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمْ الظَّالِمُونَ)الأنبياء:64 )، أى رجعوا الى ضمائرهم .

3 / 2 : وعن يعقوب عليه السلام قال جل وعلا : (وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنْ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا  )يوسف:68 )

3 / 3 وعن يوسف عليه السلام  ، قال جل وعلا: (قَالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ  )يوسف:77 )

3 / 4 : وعن فرعون وقومه قال جل وعلا :  (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً  )النمل:14 )

3 / 5 : وعن خاتم النبيين عليهم السلام قال جل وعلا : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ  )الأحزاب:37 )

4 ـ وللقصد النفسى أو الارادة النفسية دخل فى التشريع ، قال جل وعلا : ( وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ) البقرة 235 ) . هذا فى موضوع الخطبة ولقاء المخطوبة . ولهذا ياتى الحث على التقوى فى آيات التشريع لأن تطبيق التشريع الاسلامى مؤسس على تقوى الله جل وعلا.

5 ـ لذا فإن الله جل وعلا سيحاسبنا على ما فى سرائرنا ( وَإِن تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللَّـهُ ۖ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّـهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿٢٨٤﴾ البقرة )

اجمالي القراءات 7210

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (3)
1   تعليق بواسطة   مصطفى اسماعيل حماد     في   السبت ١٨ - أغسطس - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[89155]

قول حق


كل ماجاء فى المقال صحيح  وأيده العلم الحديث بطريقة لاتقبل الجدل ففى بداية القرن العشرين راج اعتقاد بأن ما يتحكم فى تصرفات البشر بل وفى حالتهم المزاجية ما هى إلا مجموعة من الهرمونات تفرزها غدد صماء تهيمن عليها الغدة النخامية ويعتمد إفراز هذه الهرمونات على آلية التغذية العكسية فعلى سبيل المثال لو زاد إفراز هرمون الثيروكسين -ذلك الهرمون الذى يجعل المرء عصبيا قلقا متوترا-إذا زاد إفرازهذا الهرمون من الغدة الدرقية تفرز الغدة النخامية هرمونا يقلل من إفرازه والعكس صحيح .ولما تقدم العلم بعض الشيء اكتشف العلماء أن الغدة النخامية بدورها تخضع لهيمنة مايعرف ب(تحت المهاد) والذى يسيطر على الغدة النخامية بإشارات عصبية كيميائية ولما تقدم العلم أكثر اكتشفوا أن(تحت المهاد )هذا يخضع بدوره لسيطرة قشرة الفص الجبهى للمخ وهو الجزء الخاص بالتفكير والشعور أى أن مقولة (أنت كما تفكر صحيحة مائة فى المائة )  هذه الإكتشافات ضربت الوجوديين فى مقتل فبعد أن اختزلوا الإنسان إلى مجموعة من الهرمونات المادية والإشارات العصبية الكيميائية تبين لهم وجود بعد ميتافيزيقى هو النفس التى هى فى الواقع جوهر الإنسان وحقيقته وما عداها لايعدو أن يكون إطارا ماديا لهذا الإنسان تمارس النفس  مهامها من خلاله,وبالطبع ليست هذه نهاية المطاف فما زال هناك الكثير والكثير لم يكتشفه العلماء بعد ولكن بقيت آيتان من كتاب الله أرجو أن يتفضل الدكتور صبحى بشرحهما وهما قوله تعالى فى سورة العاديات:



(أفلا يعلم إذا بعثر ما فى القبور وحصل ما فى الصدور) وقوله تعالى فى سورة الحج:



(فإنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور)



وقد فسر الدكتور محمد شحرور كلمة الصدور بالجباه التى تحوى الفص المخى الجبهى والذى بدوره يعمل كمستقبل لما تمليه عليه النفس(مناط التكليف) فما رأى أستاذنا؟



2   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   السبت ١٨ - أغسطس - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[89161]

نحتاج لرأى اساتذة امراض الأعصاب .


رؤية قرءانية رائعة ،وتحليل ممتاز للعلاقة بين النفس والجسد من خلال آيات القرءان العظيم سردها لنا استاذنا الدكتور - منصور - ربنا يبارك فيه ..... ولكن هناك أسئلة نحتاج إلى إجابة الطب الحديث عليها لتُصبح الرؤية متكاملة بين الرؤية القرءانية والرؤية العلمية الطبية ... فنحن فى حاجة لإجابات علمية من اساتذة  (طب الأعصاب ، والكيمياء الحيوية )  ومن اساتذة طب (الأمراض النفسية ) عن تفسير للخل الذى يُصيب الإنسان  فى حجم وكم السعادة والرضا عندما تزيد أو تقل كميات  كيماويات أو خلايا المخ الكيماوية ، وكذلك فى ما يعتريه من  إحباط وإكتئاب ، او  تغيير فى سلوكه من حيوية إلى خمول  وكسل ووهن ،او من إنسان خير عطوف إلى إنسان شرير ،او العكس ، او من إنسان ذى ذاكرة حديدية إلى مريض بالنسيان الذى تصل  إلى الزهايمر .  وكذلك ما يحدث من فقدان للصلة أو لنقل من فقدان لسيطرة (النفس ) على الجسد كُلية  فى حالة جنونه  نتيجة لخلل فى كيمياء المُخ  بالرغم من وجود النفس وعدم فراقها له لأنه لازال حيا على قيد الحياة ... 



الخلاصة . نعم  (النفس ) تتحكم فى الجسد ، ولكن لماذا يختفى دورها جزئيا او كُليا  عند حدوث خلل فى خلايا أو كيمياء (المُخ ) ؟؟؟



3   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الأحد ١٩ - أغسطس - ٢٠١٨ ١٢:٠٠ صباحاً
[89165]

شكرا د مصطفى ود عثمان ، وأقول:


1 ـ أعتبر ما أكتبه عن غيبيات النفس والبرزخ واليوم الآخر من تدبر قرأنى هو تمهيد لكتابات قادمة تجمع بين التدبر القرآنى و ما وصل اليه العلم الحديث. وشأن الكتابات التمهيدية فى موضوعات لم تسبق الكتابة فيها فما أكتبه ( ناقص ) يحتاج الى الاستكمال والتنقيح والتصويب. 

2 ـ فى مقالات قادمة سأتعرض لأوصاف أخرى للنفس مثل ( القلب ) ( الفؤاد ) ( ذات الصدور ) ، وبالتالى نتعرف على مفهوم ( الصدر ) فى القرآن الكريم. 

3 ـ الله جل وعلا هو المستعان. 

أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5111
اجمالي القراءات : 56,686,373
تعليقات له : 5,445
تعليقات عليه : 14,818
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي