آحمد صبحي منصور Ýí 2017-11-13
فى إعتماد ابن سلمان على المرتزقة : لمحة عن الجيش والثروة والسلطة
أولا : عن الاسلام :
فى الاسلام يكون القتال دفاعيا فقط وفى سبيل الله جل وعلا فقط ولهذا فإن :
1 ـ القتال فى سبيل الله جل وعلا وليس فى سبيل الغنائم والمال . وبسب الغنائم ( الأنفال ) بعد موقعة بدر نزلت سورة ( الأنفال ) توضح هذا وتنظم توزيعها ، وتنهى عن أن تكون الغنائم سببا للقتال . ( الأنفال 1 : 2 ، 41 ـ 69 ) . ونسى المسلمون هذا الدرس فى موقعة (أحُد ) فانهزموا لأن فريقا منهم كان يريد الدنيا ( آل عمران 152 ) . بعدها وعى المؤمنون الدرس ، أن المفروض إعطاء المال جهادا فى سبيل الله ، وليس القتال فى سبيل المال . .
2 ـ القتال فى سبيل الله جل وعلا تطوعي وليس تجنيدا إلزاميا ، ومن يتقاعس عن القتال عقابه المنع من شرف الاشتراك فى القتال الدفاعى بعدها. ( التوبة 83 : 84 )، والمساهمة بالمال فى المجهود الحربى تطوعية ، ومن يتكاسل عنها ممنوع بعدها قبول التطوع المالى منه .( التوبة 53 : 54 )
3 : وسط هذه الحرية يأتى الوعظ بالجهاد بالنفس وبالمال إبتغاء مرضاة الله جل وعلا ، والمقابل هو الجنة فى الآخرة .( البقرة 214 ، آل عمران 142 ، التوبة 14 : 16 ، 111 الصف 4 ، 10 ـ )
4 : كثيرون من المستضعفين دخلوا الاسلام بمعنى السلام ( الاسلام السلوكى ) مع التمتع بحريتهم الدينية فى عبادة الأنصاب والقبور المقدسة وشرب الخمر ولعب الميسر ، ( الحج 30 ، المائدة 90 ـ ) وكانوا يتثاقلون عن القتال الدفاعى بما إستلزم تحريضهم على الدفاع عن أنفسهم ،( الانفال 65 ـ النساء 84 ) ولومهم بشدة ( التوبة 38 : 41 ) ، وهو نفس الموقف من المنافقين ( التوبة 42 ــ ، 81 ، 86 ــ )، وكانوا أيضا يقبضون أيديهم عن التطوع المالى بما استوجب وعظهم وتهديدهم .( التوبة 67 ، 81 ، المنافقون 7 ، محمد 38 ، الحديد 7 ــ )
5 ـ كانت ( قريش ) تعادى الاسلام بسبب إقتصادى ،( الواقعة 82 ) مع علمها أنه الهدى ، ( القصص57 ) ،وواصلت الهجوم على المؤمنين فى مكة حتى يردوهم عن الاسلام . ( البقرة 217 )
6 ـ برغم هذا إنتصر المسلمون حربيا وانتشر الاسلام السلوكى ( بمعنى السلام ) ، وتوقفت الحروب ، ورأت قريش أن من مصلحتها الدخول فى الاسلام السلوكى ( بمعنى السلام ) . ثم مالبثت بعد موت النبى أن سيطرت على العرب من خلال الخلفاء( الراشدين ) فأقنعت الأعراب المرتدين الثارين على سلطانها بصيغة جديدة تجمع لهم بين الجنة والغنائم ، وهى أن الأمم المجاورة كفار يجب إرغامهم على قبول الدخول فى الاسلام أو دفع الجزية أو الحرب ، وأن الأعراب ( الجياع ) لو حاربوهم سيكسبون الغنائم فى الدنيا والجنة فى الآخرة . بهذه الصيغة حارب الأعراب بفدائية تحت قيادة ابى بكر وعمر وعثمان ، فأحرزوا نصرا غير مسبوق وكونوا امبراطورية كبرى ، ثم تبين لهم فساد عثمان فثاروا عليه وقتلوه ، وتقاتلوا فى الفتنة الكبرى .
ثانيا : إختلاف الخصوصية الاسلامية ( الجهادية ) عن السائد بين الناس
1 ـ دين العرب كان التقاتل فى سبيل المرعى والغنائم ، عاشوا على هذا قرونا قبل الاسلام ، وتابوا عن هذا فترة قصيرة قبيل موت النبى محمد عليه اسلام . مات بعد أن رآهم يدخلون الاسلام السلوكى أفواجا. بموته تحكمت قريش وأعادتهم الى ما كانوا عليه ، ولكن مع فارق هائل ، أنهم توحدوا تحت قيادة قريش التى وضعت لهم ايدلوجية دينية للقتال ، ووجهت شوكتهم الحربية نحو الروم والفرس ، فكانت الفتوحات وتكوين الامبراطورية العربية القرشية التى تأسست بعصيان هائل للاسلام ولكن تحت راية الاسلام ، وبها تأسست أديان المحمديين الأرضية .
2 ـ بعيدا عن الخصوصية عادت للعرب نفس القواعد فى علاقة الحاكم بالجيش : يقاتل الجيش تحت إمرة الحاكم فى سبيل عقيدة ما قد تكون دينية أو قومية عنصرية أو فى سبيل المشاركة فى الثروة والسلطة ، أو فى سبيلهما معا . الحاكم القوى يسترضى جيشه بالعطايا ( المشاركة فى الثروة) فيخدمه جيشه باخلاص ، الحاكم المترف يتحكم فيه قادة جيشه ، يسلبونه السلطة والثروة بل ربما حياته أيضا .
3 ـ تسرى هذه القواعد على دول الخلفاء من أبى بكر الى الخلفاء الفاطميين والعثمانيين ، ومن الأسر الحاكمة من الأيوبيين الى السعوديين ، ومن الاندلس الى الشرق الأوسط .
ثالثا : بعض نماذج :
1 ـ دولة الخلفاء ( الراشدين ) تحت شعار دينى قامت بالفتوحات ، وتميز عمر بالعدل بين العرب من قريش وغيرهم ، وتمتع الأعراب بهذا العدل ، فلما ظهر فساد عثمان ثاروا عليه وقتلوه . أى لا بد للجيش المحارب من نصيب يرتضيه من الثروة .
2 ـ الدولة الأموية كان جيشها ـ أيضا ـ من القبائل العربية ، بهم واصلت الفتوحات وبهم حاربت خصومها فى الداخل ، وحرص الخلفاء الأقوياء على إسترضاء المحاربين بالعطايا وأيضا بالتوازن بين عنصرى العرب ( القبائل القيسية العدنانية والقبائل القحطانية اليمنية ) . حين إختل هذا التوازن كانت القبائل القحطانية المظلومة سببا فى إسقاط الدولة الأموية .
3 ـ تكون الجيش العباسى من عرب معظمهم من القبائل القحطانية مع جنود وقيادات من الفرس . حرص الخلفاء الأقوياء على التوازن بينهما فى النفوذ وفى العطايا . وحدث تنافس بينهما تطور الى حرب بالوكالة بين الأمين والمأمون . بفوز المأمون علا نفوذ الفرس ، فإضطر الخليفة العباسى المعتصم الى استيراد جنود من الأتراك من الشرق ليحفظ التوازن . ثم قام الخليفة المتوكل بالاعتماد الكلى على العنصر التركى فقط ، واستغرق فى اللهو فقتله جنده الأتراك ، وتابعوا بعدها التحكم فى الخلفاء المترفين وعزلهم وقتلهم وسمل عيونهم ( أى حرقها بالحديد المحمى ) . وتتابع توافد القبائل التركية وأقاموا لهم ولايات مستقلة ذاتيا فى إطار الخلافة العباسية مثل الدولة الطولونية والاخشيدية ودول الأتراك السلاجقة . وكان عماد الجيوش من نفس العنصر التركى . والعادة أن تبدأ الدولة بقائد قوى ثم يضعف فيصبح المترفون من ذريته تحت سيطرة القادة من الجيش .
4 ـ هناك دول قامت على عقيدة دينية مثل الدولة الفاطمية التى تكون لها جيش عقيدى فتحت به مصر والشام . ثم بضعف الخليفة تهاوت العقيدة الدينية وأصبح الخليفة الفاطمى المترف مثل رفيقه الخليفة العباسى المترف ضحية للقادة العسكريين . وقد عرضنا فى مقالات سابقة لمحنة الخليفة المستنصر الفاطمى مع جنده .
5 ـ مثل ذلك تقريبا دول قامت برفع راية الجهاد ضد الصليبيين . بدأت بأسرة فقط مثل بيت آل زنكى ( عماد الدين زنكى ثم نور الدين زنكى ) . رفعا راية الجهاد ضد الصليبيين مختلفين عن بقية الأتراك السلاجقة فى الشام والعراق ، فتوسعت املاكهم .ووصل نفوذ نورالدين زنكى الى مصر فضمها اليه فى مواجهته لعمورى الأول ملك بيت المقدس الصليبى . ثم ظهر صلاح الدين الأيوبى الذى ضم مصر للدولة الزنكية ثم أنفصل عنها بموت نور الدين زنكى ، بل وضم بقية أملاك الزنكيين اليه ، وتكونت به الدولة الأيوبية، ووجد جيشا أنبهر بجهاده وانتصر به على الصليبيين . بعد موته خمد الدافع للجهاد ضد الصليبيين ، واستولى العادل الأيوبى على مُلك أخيه صلاح الدين وعزل ابن أخيه العزيز عثمان ابن صلاح الدين ألأيوبى عن مصر وضمها لأملاكه فى الشام . وترتب على هذا ليس فقط ذبول شعار الجهاد ضد الصليبيين بل أيضا تناقص عدد جيشه ، ولأنهم مجرد ( أسرة كردية ) وليسوا قبيلة كثيرة العدد فقد توسع العادل الأيوبى فى شراء المماليك اكثر من اخيه صلاح الدين . ووقع ابناء العادل فى تقاتل فيما بينهم وكان بعضهم يستعين على بعض بالصليبيين ، وكالعادة وقعوا تحت تأثير مماليكهم ، وتمكن المماليك من قتل توران شاه ، وحكم المماليك بدلا من أسيادهم الأيوبيين . وجدد المماليك دماءهم بشراء مماليك ، وقسموا مصر وغيرها إقطاعات منها جزء للسلطان وجزء للقيادات الكبرى حسب ترتيبها وجزء للجنود . والعادة أن السلطان المملوكى كان هو الذى يقود الجيش مشاركا فى الحرب بنفسه . ولذا لم يكن هناك إعتبار لابن السلطان ولى العهد المترف ، سرعان ما كان يتم عزله لصالح قائد الجيش . الجيش هنا هو الحاكم وهو صاحب السلطة والثروة .
6 ـ فى توافد القبائل التركية من أقصى الشرق الى الشرق الأوسط ( الشام والعراق وآسيا الصغرى ) قدمت قبيلة تركية الى آسيا الصغرى فى مناطق التخوم والصراع بين السلاجقة والروم البزنطيين . أسلموا ( بالتحديد دخلوا فى دين التصوف السنى السائد وقتها ) وحملوا راية الجهاد ضد الدولة البيزنطية الى كانت وقتها رأسا بلا جسد ( مجرد القسطنطينية العاصمة وأرض قليلة تابعة لها بين آسيا وأوربا ) . حدث هذا التحول وقت أن كان قائد هذه القبيلة يسمى ( عثمان ) وبهذا ظهرت الدولة العثمانية التى توسعت بشعار الجهاد ضد أوربا ، ثم توسعت فى الشام ومصر وشمال أفريقيا والحجاز وسيطرت على البحر الأحمر ومعظم البحر المتوسط . لم تكن هذه القبيلة بالعدد الذى يكوّن الجيش المناسب فلجأت الى شراء الأطفال وتربيتهم ليكونوا جنودا لا يعرفون سوى السلطان ، وفرضوا جزية بشرية على توابعهم من أوربا . هذا الجيش حمل إسم الانكشارية . كانوا رهن يد السلطان الذى يقودهم بنفسه فى المعارك . بمجىء السلاطين المترفين تحكم الانكشارية فى السلطان والدولة ، وأصبحت الدولة العثمانية ( رجل أوربا المريض ) . ابقته انجلترة فى رمق من الحياة وظلت تحميها من روسيا ، ليس حبأ فى الرجل المريض ولكن حتى تنهش جثته فى الوقت الملائم .
7 ـ هذه نماذج سريعة نرى مثيلا لها فى العالم من تاريخ الصين الى تاريخ أوربا وروسيا . وهو نفس الحال فى دولة الأسرة السعودية الأولى والثانية والثالثة .
8 ـ وعليه فإن ابن سلمان حين اسكن دولته فى التخطيط الأمريكى ضد ايران وهو بلا جيش حقيقى يعتمد عليه فليس أمامه سوى أن يفعل ما فعله المترفون من الملوك السابقين ، أن يعتمد على ( المماليك ) . ولأنه لا يوجد مماليك فى عصرنا فهو يعتمد على المرتزقة ، يستوردهم من بلاد متقدمة جدا (البلاك ووتر ) أو من بلاد من العالم الثالث ( باكستان ، نيبال ، بنجلاديش ، مصر ، الأردن ) . لن يكفيه أن يتحالف مع مستبدى الدول المجاورة ، وهو يشترى هذا التحالف برشاوى هائلة . هو يحتاج الى جيش مرتزق يأتمر بأمره ، يحمى دولته من السقوط ، وقد يوجهه فى حرب أقليمية بعد أن يأخذ الضوء الأخضر من أمريكا . أخيرا :
1 ـ يبقى السؤال مطروحا : هل يمكن لجيش مرتزق أن يضحى بحياته فى سبيل فتى مغرور مستكبر متغطرس أهوج مترف مثل ابن سلمان ؟. هذا الجيش الذى يحمل السلاح يحمى حياة ابن سلمان مقابل أجر باهظ . هل هو جيش متقى ، سيقنع بهذا الأجر الباهظ ؟ وهل يؤتمن هذا الجيش المرتزق على حياة ابن سلمان لو وعده آخرون بأجر أعلى ؟ وهل للمرتزق عهد أو ضمير ؟ أم إن ولاءه لمن يدفع ( رزقا ) اعلى وهو ( مرتزق ) ؟ . وبالتالى فالسلاح الذى يحمله هذا المرتزق يمكن وبسهولة توجيهه نحو ابن سلمان .
2 ـ أليس كذلك ؟ .. هو كذلك .!
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,689,231 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
سؤالان: السؤا ل الأول : ماذا تعنى ( بغير عمد ترونه ا )...
القرآن والعالم : رسالة الاسل ام للعال مين الله كلف رسوله...
النبى ليس بزعيم ثورى: حين طغى ألفسا د وألفج ور وطغيا ن ألأعر اف ...
ما رأيك في القومية؟: ما رأيك في القوم ية؟ ...
more
نشكرك استاذنا على هذه الجواهر المرتبة المتراصة من المعلومات القرآنية والتاريخية التى تُحلل بها الواقع ،ونستشرف منها رؤية لمٌستقبل وطننا العربى التعيس بحُكامه والخانعين لهم .
ولكن .. هل تتصور حضرتك ان بقية أسرة (آل سعود ) ومعهم شعب الجزيرة بما له من عادات بدوية (وهذا ليس سبا ولكن من نوع إمتلاكهم الحرارة ،والثأر ،والإندفاع احيانا ) سيصبرون على وسيتركونه (ابن سلمان ) يعبث بهم وبمقدراتهم وبدولتهم وبثرواتهم وإستقرارهم كيفما يشاء وكما يحلو له ؟؟
اعتقد انه خلق له مليون عدو وعدو من داخل اسرته ومن خارجها ومن الدول المُحيطة به ،وانه لن ينجو من الفتك به وبأبيه ،وباسرتهما (اسرة سلمان الصغيرة ) فى اقرب وقت ممكن .
= هذا بالإضافة إلى ما ذكرته حضرتك فى المقال من ان الجنود المُرتزقة لا عهد ولا امان لهم وربما تكون نهايته على ايديهم .