آحمد صبحي منصور Ýí 2017-04-20
مقدمة : جاءتنى هذه الرسالة :
يقول صاحبها : ( من خمسة وعشرية سنة وفى حادثة سيارة مات أبى وأمى مع إثنين من أعمامى . ونشرت الصحف هذه الحادثة . عمّى الأكبر الحاج ( فلان ) كان مسافر للحج وزيارة الحبيب النبى ومعه فى السيارة عمى الأصغر سواق السيارة ، ومعه ابى وأمى وعمى الآخر وصهر عمى . فى الطريق الى المطار إصطدمت السيارة بشجرة على طريق الزراعى للقاهرة . الوحيد الذى نجا بلا جروح كبيرة كان عمّى الأكبر الذاهب للحج وزيارة الحبيب النبى . اخوته وامى كانوا متمزقين ولكن كانت فيهم الروح . تركهم عمى الأكبر وإستأجر سيارة ليلحق بموعد طيارة الحج وحتى لا يفوته الحج وزيارة الحبيب النبى . جاءت لأمى وأبى وأعمامى سيارة الاسعاف بعد أن ماتوا وشبعوا موت . أنا كنت فى العشرين من عمرى . فقدت عقلى وصحت ألعن سنسفيل عمى الأكبر الذى ترك أهله ينزفون حتى الموت حتى لا تفوته الطيارة وحتى لا يحج ولا يزور الحبيب النبى . فى غضبى تكلمت بكلام صعب فاتهمونى بالكفر ودافعوا عن عمى ، وقالوا ان الواجب على عمى الا يضيع فرصة الحج وزيارة الحبيب النبى. رجع عمى من الحج فاستقبلوه كما لو كان صلاح الدين الأيوبى ، وعزّوه فى أخوته الموتى . رفضت مقابلة عمى ، وصممت على خصامه واعتبرته مسئول عن موت ابى وأمى . حاول أن يتقرب منى ولكن رفضت ، وبعد تخرجى عملت فى الخليج وظلت العلاقة بين وبين عمى وبلدنا كلها مقطوعة حتى الآن . وعرفت انه مات ولم أحزن عليه لأنه قاتل أبى وأمى. أصبحت ملحد واكتب فى مواقع اللادينيين باسم مستعار ،وأدخل فى مناقشات فى مواقع الشيعة والسلفيين أسخر من زيارتهم للنبى والأولياء والصحابة والأئمة وآل البيت واعتقادهم انهم عايشين فى داخل القبر . اتهمونى بأنى قرآنى . ضحكت من هذا الاتهام لأنى لا أومن بالقرآن . ولكن هذا الاتهام جعلنى أبحث عن القرآنيين فى الانترنت فوجدت عشرات المواقع التى ترد عليهم . الردود متشابهة وغبية ومتخلفة . ولكن بعض المواقع تكتب عنكم بانصاف وتذكر رأيكم ورأى خصومكم . دخلت موقعكم بسبب الفضول فأثار إهتمامى ما كتبته عن أن الحج أربعة أشهر وليس اسبوع واحد ، وفرحت كثيرا جدا لما قرأت لك تهاجم زيارة قبر الحبيب النبى وتعتبر هذا القبر رجس من عمل الشيطان . بدأت أتراجع عن الالحاد خصوصا بعد رأيك فى العلمانية وان الاسلام دين علمانى ليس فيه الأزهر ولا كهنوت ولا شيوخ ولا أئمة ، وأن الدولة الاسلامية ليس لها أن تتدخل فى الحرية الدينية بل تضمن الحرية الدينية لكل المواطنين فيها ، وأن المواطنة هى السلام ، وأن الذى يحارب الناس هو الكافر لأن الاسلام هو دين السلام . فى الحقيقة إقتنعت بكلامك وخطب الجمعة وبرنامج فضح السلفية . وفعلا فإنهم محمديين يعبدون الحبيب النبى ويحجون من أجله ، وقبره عندهم أقدس من الكعبة ، ولا يمكن أن يحج المحمديون دون زيارة الحبيب النبى ، وإلّا غضب عليهم ولن يشفع فيهم . لو إقتنع المحمديون بما تقول لتغير العالم كله . بعد أن أصبحت من أهل القرآن استريحت واستريحت حتى لم أعد احقد على عمى فالدنيا تصاغرت فى عينى وأصبح المهم عندى هو الايمان باليوم الآخر . وأعمل الخير حتى أفوز فى اليوم الآخر . وأديت فريضة الحج فى الأشهر الحرم وطبعا لم أزور الحبيب النبى . وشعرت أنى فعلا على نفس دين النبى محمد بدون تقديسه وبدون زيارة هذا القبر الذى هو رجس من عمل الشيطان . وفعلا كما قلت أنت فى عنوان مقال لك : هل كان النبى محمد فى حياته يزور قبره ؟. وأسألك فى نهاية رسالتى : هل أخطأ عمى حين ترك آهله مضرجين بدمائهم دون أن ينقذهم ودون أن يحضر جنازاتهم ويتلقى فيهم العزاء وهو كبير العائلة ؟ طبعا هو أخطأ فى حكاية زيارة الحبيب النبى زى كل المحمديين . لكن أفترض أنه ذهب للحج فقط ، أو أفترض أننى أو أى قرآنى ذهب للحج فقط وهو مخلص ، ثم وقع له هذا الحادث فى الطريق ، هل يجوز له أن يترك فريضة الحج وينقذ أهله أم يلبى نداء الفريضة تاركا أهله بين الحياة والموت ؟.). وأقول :
أولا : عن الذى يحج للبيت الحرام وفى قلبه زيارة القبر المزعوم للنبى
هذا لا يقبل الله جل وعلا حجته . لأن الله جل وعلا يُحبط عمل من يُشرك به . يقول جل وعلا (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً (23) الفرقان) (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (18) ابراهيم ) ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39) أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ (40) النور) ومصيره بعد إحباط عمله أن يدخل النار (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) المائدة ) وهذا جاء تحذيرا للنبى وكل الأنبياء فى كل الرسالات السماوية (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ (65) الزمر )
ثانيا : عن الذى يحج للبيت الحرام وليس فى قلبه أى تقديس لبشر أو حجر :
1 ـ يقبل الله جل وعلا عمله طالما لم يرفث ولم يفسق بل أدى الحج بدرجة عالية من التقوى ، قال جل وعلا :( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ (197)البقرة)، وبهذا القلب التقى لا تكون لديه نية الإلحاد والظلم خوفا من قول رب العزة جل وعلا : ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) الحج )
2 ـ ليس الحج واجبا إلا على المستطيع بماله ( هو ) وبقوته الجسمية . ليس فرضا على العجوز وليس فرضا على الفقير أو الذى لديه مال ولكن يحتاج اليه فى ضرورات حياته . وليس فرضا على الذى يخشى على حياته وهو فى الحج بسبب ظروف خاصة به . وتقدير هذا كله يكون فى قلب المؤمن المتقى الذى يؤمن أن ربه يعلم سريرته ونيته .
3 ـ فى حالة إذا سافر المؤمن تقى القلب الى الحج الى بيت الله الحرام فقط ثم حدث له نفس الحادث المؤلم فالأولى له أن يؤجل تأدية الفريضة ليقوم بالواجب عليه فى إنقاذ أهله .
ثالثا : الذى يحدث من المحمديين فى الحج ليس من الاسلام فى شىء
1 ـ ليس فقط فى أن مبتغاهم الأول هو زيارة القبر الرجسى المنسوب زورا للنبى ولكن أيضا فى إعتقاداتهم الأخرى ومنها إعتبار مبنى الكعبة مقدسا يتبركون بلمسه ، مع أن الطواف يعنى عدم لم بناء الكعبة لأنه مجرد حجر ولا تقديس لحجر فى الاسلام ، وهذا يتضمن عدم لمس وتقديس ما يسمى بالحجر الأسود . هو مجرد علامة لبدء الطواف . ومنها خرافة رمى الجمرات ، وخرافة أن الاحرام هو لبس هذا الزى للرجال الذى يكشف العورة ،بل الإحرام هو التمسك بالتقوى الزائدة فى تأدية المناسك من طواف وسعى ووقوف بعرفة وتقديم للهدى ، وتتمثل هذه التقوى الزائدة فى منع الرفث والفسوق والجدال و قتل الصيد الى درجة الحلق والتقصير تفاديا لقتل الحشرات فى الرأس. هو إحرام قلبى وسلوكى وليس تقوى زائفة ترتدى زيا مضحكا . ومنها أن الحج عن الآخرين ينفعهم وأن للفرد ان يحج عمّن مات من أهله ، وأن من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع عريانا ( كما ولدته أُمُّه ). وأن السارق والفاسد وصاحب المال السُّحت يحج فيضمن غفران ذنوبه .
2 ـ المشكلة الأساس تتمثل فى تقديس المحمديين لإله أسموه محمدا وصنعوا له ألوهية زائفة تعلو على التقديس الواجب لرب العزة جل وعلا . هذا التقديس لإلههم المصنوع ( محمد ) يجعلهم يتشوقون لزيارة القبر المقدس المنسوب له ، ويجعل العجائز من النساء و الرجال يضغطون على أولادهم ليزوروا ( الحبيب المصطفى ) وليتبركوا بلمس شباك حجرته وليحظوا بالسلام عليه إعتقادا منهم أنه يسمعهم وأنه يستغفر لهم وأنه سيشفع لهم . من هذا الحب الذى يبلغ مبلغ التقديس فإن ( المحمدى / عابد محمد ) إذا كان فى طريقه الى الحج وزيارة قبر الحبيب ثم وقعت له حادثة قتلت أقرب الناس اليه فإنه سيتركهم فى العراء ليلحق بالطائرة التى ستوصله الى الحبيب المصطفى . هذه هى عقليتهم وذلك هو دينهم .
أخيرا :
1 ـ عن إرتباط تأدية مناسك الحج بالنهى عن الوقوع فى الشرك وإجتناب الرجس من الأوثان ( ومنها القبر الرجسى المنسوب للنبى محمد )، يقول جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِي وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28) ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29) ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمْ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنْ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) الحج )
2 ـ المحمديون المسيطرون على البيت الحرام ( الأسرة السعودية ) يصدون الناس عن دين الله وقرآنه الكريم ويصدون عن المسجد الحرام الذى جعله الله جل وعلا مثابة للناس جميعا وأمنا ، وجعله للناس جميعا سواء من يعيش فى مكة أو من يقطع البوادى مسافرا اليها من كل فج عميق من قارات العالم .
3 ـ عموم المحمديين لا يؤمنون بالله جل وعلا إلّا إيمانا قليلا . معظم إيمانهم بمحمد الذى إختلقوه . وهم حين يحجون الى بيت الله الحرام لا يجتنبون الرجس من الأوثان بل يزورون الرجس المسمى بالمسجد النبوى وحجرته النبوية ، وهم لا يجتنبون قول الزور ، بل يجعلون دينهم هو تلك الأحاديث المزورة التى ينسبونها زورا وبهتانا للنبى محمد بعد قرون من موته .
3 ـ ولنحمد الله جل وعلا إذ أنجانا من هذا الرجس .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,691,663 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
الصيام والحساب الفلك: الدكت ور احمد صبحي منصور المحت رم بعد ان...
العلماء المتخصصون: قول الله جل وعلا : ( وَإِذ َا جَاءَ هُمْ ...
معنى الموت: اكتب اليك سيدي وانا عيناي تذرف الدمو ع لموت...
دعاء الجماعة: فى قصة موسى واخيه جاء الإست جابة ...
عيد النيروز: بمناس بةعيد النور وز الناس يخرجو ن من...
more
أما عن المأمور والمحظور في الحج. ما أتى فيها أستاذي د. أحمد، ما منه الكفاية. الله يبارك فيه، وجزاه عنا وعن الإسلام خير الجزاء، وأطال بقاءه.
وأنا أقتصر تعليقي فقط عما فعل عمك لدى الحادثة. وأقول:
1-إن كان عمك ترك أخاه وأخته بين الموت والحياة والتحق بالطائرة فقد أخطأ. لأن إنقاذ الحياة عبادة وفريضة أسمى من الصلوات والنسك. ألا ترى إذا تعرضت الحياة للخطر يجوز، لإنقاذها ، أكل جميع المحرمات؟! من أكل الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وما أحل لغير الله به، إلخ. لأن الحياة هي مرتكز العبادة. وبدون الحياة فلا وجود للعبادة. ولذلك الحياة أسمى وأهم من العبادة.
2- وإن كان والداك ماتا فعلا أمام عمك الأكبر قبل مغادرته، فاجتهاده صحيح. إذ لا شك أنه تردد هل يبقى أو يمشي؟ ثم اجتهد وعمل بما رأى. فاجتهاده صحيح عندي؛ طالما أن بقاءه لا يرجعهم إلى الحياة. ولأن العبادة أولى من تشييع الجنازة، وأهم من ومراعاة القسر الاجتماعي. وذلك هو كل ما يعنيه " الله أكبر". اقرأ في ذلك إن شئت (قل إن كان آباءكم، و….) التوبة.
أما "قداسة" الحياة، فإنها من أمر المشرع نفسه، سبحانه وتعالى.
والله أعلم.