آحمد صبحي منصور Ýí 2017-04-16
أنا .. حيران .!!
مقدمة :
جاءتنى هذه الرسالة : يقول صاحبها : ( السلام عليكم الاخ صبحي . انا ...من الجزائر . سوف اعتذر لك من البداية عن عربيتي لاني لا أتقنها جيدا ، ولا ادري كيف سوف اكتب لك هذا الاميل لاني اجد صعوبة كبيرة في التعبير. لقد اكتشفت موقعك منذ أربعة سنوات . ومنذ اكتشاف للموقع وانا اقر مقالاتك. والان انا احتاج للمساعدة لأنني في نفس الاوان اقرأ كثير من الكتب واتبع كثير من الملحدين . وهذه هي المشكلة , بدأت اشك في إيماني. وانا خائف ان اصبح ملحد . لا ادري ما الذي يحصل معي . واني امر بمرحلة قلق جد صعبة ، ولا انام في الليل بسبب الشك . ارجو منك الاجابة الاخ صبحي وشكرا جزيلا. ). وأقول :
أولا :
عموم الشك :
1 ـ ليس عيبا أن يعتريك الشك . قبلك ابراهيم عليه السلام وصل الى الايمان الحق بالتساؤل . ( الانعام 75 : 81 ) بل بعدها وعندما إصطفاه ربه جل وعلا رسولا وأصبح يتلقى الوحى فإنه سأل ربه كيف يحيى الموتى : (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنْ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260) البقرة ) . ولاحتمال ان يقع خاتم النبيين فى الشك قال له ربه جل وعلا : ( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلْ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنْ المُمْتَرِينَ (94) ) يونس ). هذا هو الشك الايجابى .
2 ـ الشك قد يكون إيجابيا إذا بدأ به الفرد يريد الحق مخلصا . وعندما يبحث عن الهداية مخلصا سيهديه ربه جل وعلا . البحث عن الهداية قد يبدأ بالشك . وهذا الشك يجعل البحث عن الهداية جهادا عقليا وربما بحثيا ، وفى النهاية يستحق الهداية من رب العزة . قال جل وعلا : (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69) العنكبوت). إن الهداية ليست مسئولية الدولة أو المجتمع ، بل هى مسئولية فردية شخصية ، فمن إهتدى فلنفسه ومن ضلّ فعلى نفسه : (مَنْ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (15) الاسراء ) . الذى يقع فى الشك ويريد ان يدعّم الشك فى قلبه يدخل من الشك الى الضلال ، وقد ينشر ضلاله بين الناس فيكون ( مُضلّا )
ثانيا :
الشك والاسلام والمسلمين :
1 ـ الشك الايجابى تراه حاليا فيما يحدث حاليا حيث يشتعل العالم دماءا وتخريبا بإسم الاسلام ـ أى من قوى وحشية تزعم أنها تنتمى الى الاسلام ، ويوافق العالم على تسميتها بالحركات الاسلامية والمنظمات الاسلامية والدول الاسلامية . السؤال هنا : هل الاسلام هو فعلا المسئول عما تقوم به هذه القوى ؟ الباحث عن الحق فى موضوع الاسلام والمسلمين عليه أن يتساءل : كم عدد هؤلاء بالنسبة لمجموع المسلمين ؟ ولماذا هم الذين يحتكرون الكلام بإسم المسلمين ؟ ومن خولهم حق الحديث باسم بليون ونصف البليون مسلم ومسلمة ؟ ثم هذا العالم من المسلمين هل صحيح أنهم يمثلون الاسلام ؟ أم هم بشر يخطئون ويصيبون ؟ معنى أن شخصا يمثّل الاسلام أنه لن يتعرض للحساب يوم القيامة لأن أعماله تتطابق تماما مع أوامر الاسلام ، أى إنه بشر معصوم . ولكن لا يوجد بشر معصوم ، وكل البشر بما فيهم الأنبياء سيتعرضون للحساب والمساءلة يوم القيامة بما فيهم خاتم النبيين الذى كان يخاف من ربه عذاب يوم عظيم . إذن يصل الشك الإيجابى بالباحث عن الحق الى شاطىء الايمان ، ويتأكد من الفصل بين الاسلام دينا إلاهيا وبين المسلمين .
2 ـ الشك السلبى يتفق مع تلك الجماعات فى زعمها أنها تمثل الاسلام . ويعتقد بتحريفاتهم لمعانى القرآن الكريم وتمسكهم بالأحاديث المصنوعة المنسوبة للنبى محمد بعد موته بقرون .
ثالثا :
الشك فى الوهية الخالق جل وعلا:
1 ـ مهما بلغ كفر الانسان فلا يمكن أن ينكر وجود الخالق جل وعلا . الفطرة فى قلبه تأبى هذا . والواقع يرفض هذا ، فعند الأزمة والمرض والغرق يستجير الملحد بربه ( ايونس 12 ،22 / الاسراء 67 / الروم 33 / الزمر 8 ). فرعون أكفر الخلق والذى زعم الربوبية العليا ( النازعات 23 ــ ) والذى أعلن أنه وحده إله المصريين و تساءل عن رب العزة فى إستنكار ( القصص 38 ) ( غافر 36 ) عندما أدركه الغرق إستيقظت فيه الفطرة وأعلن إسلامه فى الوقت الضائع ( يونس 90 ـ ).
2 ـ العقل البشرى لا بد أن يُسلّم بالخالق جل وعلا ، فلم يزعم أحد من المخلوقات أنه خالق الانسان أو خالق هذا الكون . لذا لم يأت فى القرآن الكريم مطلقا الدعوة الى الايمان بوجود الله أو البرهان على وجوده ـ بل جاءت البراهين العقلية والاقعية على نفى آلهة مع الله جل وعلا ،وأنه لا إله إلا الله (الاسراء 42 /المؤمنون 91 / النمل 61 ــ ).
3 ـ موضوع الخلق بالذات هو الذى يبدأ به الشك الايجابى . ولهذا كان التركيز فى إثبات ( لا إله إلا الله ) على أنه ( لاخالق إلا الله ) ، وفى هذا تنوعت أساليب القرآن الكريم بأروع ما يكون (أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (191) الاعراف ) (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (17) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (18) وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ (19) وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (20) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (21) النحل ) ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوْ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمْ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73) مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (74) الحج ) (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً (3) الفرقان ) (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلْ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16) الرعد ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3) فاطر ) (هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلْ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (11) لقمان ) . التدبر فى هذه الآيات الكريمة يتلزم مقالات مستقلة.
4 ـ الشك الايجابى بعد التسليم والايمان بالخالق جل وعلا يؤكد الهداية . يكفى أن تؤمن بأن الذى خلقك هو الله جل وعلا ، وهو خالق كل الكون وكل العالمين . تفكر فى أنك مخلوق خلقه رب العزة جل وعلا ، أى انت مصنوع صنعك الذى أحسن كل شىء خلقه . هذه الصلة بينك كمخلوق وبين رب العزة خالقك تجعلك تشعر بالفخر بأن خالقك هو الأعظم جل وعلا ، ويجعلك تشعر بالفخر أنه لا إله إلا هذا الخالق جل وعلا ، وأنك لست مثل أولئك الذين يقدسون مخلوقات مثلهم .
رابعا :
ذكر الله جل وعلا يؤكد الهداية
1 ـ لأنه بذكر الله تطمئن القلوب : (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ (28) الرعد ). وحين يطمئن القلب فلا مجال فيه للشك ، بل اليقين بالله جل وعلا وباليوم الآخر.
2 ـ الصلاة هى نوع من الذكر المنظّم يتكرر خمس مرات فى اليوم. عليك أن تخشع فى صلاتك ، وأن تخشع اكثر وأنت تقرأ الفاتحة ، وانت تخشع أكثر وأكثر حين تخاطب ربك جل وعلا قائلا : ( إهدنا الصراط المستقيم ).
. 3 ـ إذا أردت أن يذكرك الخلّاق العظيم جل وعلا فعليك أن تذكره جل وعلا تسبيحا وتعظيما ، هذا يعنى أنه جل وعلا يذكرك برحمته وبرضاه ، قال جل وعلا : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ )(152) البقرة ).
أنت وأنا وكل مخلوق من بنى آدم ليس سوى مخلوق لن يخرق الأرض ولن يبلغ الجبال طولا ، أنت وأنا وكل مخلوق من بنى آدم يصرخ إذا آذته بيكتيريا ضئيلة غاية فى الضآلة ، ومع ضآلتك وضآلتها فإنك ايها المخلوق الضئيل إذا تذكرت ربك فإن ربك الذى لا يمكن لنا تصور عظمته يذكرك . يذكرك أنت بالذات (فلان بن فلان ). هل هناك تكريم لك أكثر من ذلك .إنك لو تخيلت أن رئيس الشركة التى تعمل بها قد ذكر إسمك سيجعلك هذا تشعر بالفخر ، فكيف إذا تذكر رب العزة الحى القيوم ؟
4 ـ أُنظر الى نفسك فى المرآة وتفكر إن الذى خلقك هو الذى صورك . تذكر قول ربك جل وعلا يخاطبك خطابا مباشرا ، يقول لك : (يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8) الانفطار ).
أخيرا : الالحاد مرض نفسى قلبى والايمان بلا إله إلا الله إطمئنان قلبى .
وهذا موضوع شرحه يطول .
الحيرة لا بد منها في مرحلة من مراحل حياة كل شخص في هذه الحياة، أحيانا قد تسعف القراءة على إيجاد الإجابات و أحيانا قد تعقدها، حسب ما يؤرق الإنسان و حسب فهمه للأمور
شخصيا قد أفهم إستنكار المرئ لأمور الدين "الدين بالمفهوم العام" سواء بشكل جزئي أو كلي، و لكن أجد صعوبة لتنكر المخلوق للخالق، فعلمنا محدود، و إدراكنا محدود، و وقت عيشنا محدود، و تجربتنا محدودة، إلخ
و على كل حال كما يقال "il faut de tout pour faire un monde" يعني حتى تكون الدنيا دنيا لا بد من وجود لكل الأصناف فيها
و الله يهدي ما خلق
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,691,024 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
بورك فيكم ..: قرأت كتابك عن مراحل الطفو لة كما جاءت فى...
حق النشر مجانا: عزيزي الغال ي الدكت ور احمد صبحي منصور حفظه...
أهلا بك قارئا : كم أنا سعيد بالتو اصل مع حضرات كم "اهدن ...
لَيْسَ كَمِثْلِهِ .: لماذا قال الله تعالى : ( لَيْس َ كَمِث ْلِهِ ...
يمين الولاء لأمريكا: أنا مواطن أمريك ى من أصل ايران ى واقسم ت عند...
more
حفظكم الله جل و علا و أزال الله حيرة كل حائر من يقرأ و يتمعن في سطور هذا المقال و فعلا فإن الإلحاد مرض نقسي قلبي و الإيمان بالله عز وجل و أنه ( لا إله إلا الله ) إطمئنان قلبي .
لتزول الحيرة عليك أن تقرأ و تقرا و تقرأ فالقراءة سر زوال الحيرة و ما بعد الحيرة إلا الإطمئنان إن شاء الله .