آحمد صبحي منصور Ýí 2017-02-04
حين تشترى بأموالك الخلود فى النار
جاءنى هذا السؤال : ( الذين يتبرعون لنصر دين الاسلام للمساجد والجمعيات والجماعات ..هم يعتبرون تبرعهم من الانفاق فى سبيل الله ، وهو المأمور به فى القرآن الكريم ضمن الجهاد بالنفس والمال . ما رأيك فى هؤلاء الناس الذين يتبرعون بالكثير للمساجد والجمعيات الدينية الشيعية والصوفية والسنية ؟ إذا قلت إنه حرام فاقول لك إنهم لا يعرفون طريقا للتبرع فى سبيل الله غير هذا . هم لا يسمعون عن القرآنيين وجهادهم السلمى التطوعى وحاجتهم للمؤازرة . وهم نيتهم طيبة . فما رأيك فيهم ؟ ).
وأقول :
أولا : التبرع الذى يكون حسرة فى الدنيا والآخرة
1 ـ هذا التبرع فى الأديان الأرضية يكون للصّدّ عن سبيل الله ، وليس فى سبيل الله جل وعلا . ورب العزة جل وعلا قال فيه : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) الانفال ).
ونلاحظ الآتى :
1/ 1 : التعبير بالفعل المضارع ( ينفقون ) أى يشمل هذا كل عصر . ومنه عصرنا .
1 / 2 : بداية الآية ب (الذين كفروا ) ونهايتها ب( الذين كفروا ). أى إن الذين كفروا طبقا لتقديسهم الكهنوت الدينى الأرضى ينفقون أموالهم ليصدوا عن سييل الله ، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة فى الدنيا حيث يأكلها المتاجرون بالدين . وستكون حسرة لهم فى الأخرة أيضا حين يحبط الله جل وعلا تلك الأعمال التى أنفقوها وهم يحسبون أنهم يحسنون صُنعا ، ويعتقدون ( حسب نيتهم ) أنهم يجاهدون فى سبيل الله بينما تذهب اموالهم الى أرباب الكهنوت ، يستغلونها فى الصّد عن سبيل الله جل وعلا . يقول جل وعلا عنهم وهم فى النار يتحسون على أعمالهم الصالحة وإنفاقهم فى سبيل الشيطان : ( كَذَلِكَ يُرِيهِمْ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْ النَّارِ (167) البقرة ) ، أى إن ( حسرة ) الدنيا ستكون ( حسرات ) وهو فى عذاب خالد فى النار .
ينجو من هذا من يتوب ويتبع الحق ، قد يكون قد أنفق شطرا من عمره مشركا ثم بحث عن الهداية فإهتدى ، وبدلا من أن ينفق فى سبيل الشيطان أصبح ينفق فى سبيل الله . لذا يموت مؤمنا فائزا قد زحزح عن النار وأدخل الجنة ، يقول جل وعلا : ( كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (185 ) آل عمران ). لذا فإن من روعة إختيار اللفظ فى القرآن الكريم أن رب العزة لم يقل (ان الذين كفروا ينفقون اموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون ثم الى جهنم يحشرون ) السياق اللغوى يقتضى هذا . ولكن هذا يخالف الاسلام حيث امكانية التوبة، لذا فالذى ينجو من هذه الحسرة ومن جهنم هو من يتوب وحينئذ لا يكون من الذين كفروا . وبهذا كان النص على الذين كفروا فى نهاية الآية .
2 ـ بداية الآية الكريم (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ) هى مفتاح القضية هنا . فالذى يموت على كفره يموت بحسرته ويخلد فى النار . أما من يسارع بالهداية فهو الذى ينجو من هذا المصير .
وهنا تكون المشيئة البشرية ، إذا شاء الفرد الهداية هداه الله جل وعلا وزاده هدى ، وإذا شاء الضلال زاده الله جل وعلا ضلالا . المهتدى يبحث عن أقرانه فى الهداية يستأنس بهم ويتقوى بهم .
3 ـ الواقع فى الضلال قد لا يهتم بالبحث عن الهداية، ينغمس فى الحياة الدنيا لاهيا عن الآخرة غير مهتم بالدين وبموقفه منه إن كان على الحق أو على الباطل، ستكون الحسرة لهذا اللاهى غير المكترث بالبحث عن الحق عند الموت ، وهو يفارق الدنيا التى لم تغن عنه شيئا ، ويفارق المال الذى سعى من أجله وكافح وناضل . ثم ستكون حسرته الخالدة فى النار يوم القيامة .
الواقع فى الضلال قد يكون متدينا بالدين الأرضى مخلصا له، ويظل على كفره وشركه حتى موته. ستكون حسرته أكبر . فى الدنيا حيث تعرض للخداع من الدجالين رجال الدين ، وعند الموت وفى خلوده فى النار وقد إشتراها بأمواله .
4 ـ يتميز هؤلاء المتدينون بالدين الأرضى بحسرة خاصة ، هى فجيعتهم فى نيّتهم الطيبة ، حين تنقلب عليهم خيبة أمل . ترى أحدهم يتبرع مخلصا وبحُسن نية بأموال للكهنوت الأرضى، وهو يحسب أنه يحسن صُنعا ، ويتخيل إنه إشترى الجنة أو إن الله جل وعلا بنى له قصرا فى الجنة كما يزعم الدجالون الذين يدعون للتبرع للمسجد يزعمون أن الرسول قال : ( من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له قصرا فى الجنّة . ).!! . هو فى الحقيقة يشترى الخلود فى النار ، يدفع أمواله ـ بحُسن نيّة ـ ليدخل بها الجحيم بحُسن نيّته .!!. وهذا اساس حسرته الكبرى .ـ حسرته هائلة ذلك المتدين المخلص لدينه الأرضى الذى يتبرع فى سبيله بالأموال وهو يحسب أنه يحسن صُنعا . ، عنهم قال جل وعلا : (أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً (102) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً (106) الكهف ) . وشىء مؤلم أن ينفق أمواله أملا أن يدخل الجنة ثم يكتشف أنه إشترى النار بأمواله ..
5 ـ الاسوأ حسرة وحظا ذلك الفقير الذى يتبرع من كسبه القليل يؤثر على نفسه وبه خصاصة وفقر وعوز وإحتياج ، ولكنه يتبرع مخلصا للكهنوت والأولياء والقبور المقدسة معتقدا أنه بهم سينال غنى وثروة فى الدنيا وخلودا فى الجنة . ثم يكون ذلك حسرة مؤلمة له فى الآخرة . الفقير يتبرع بالقليل لأنه فقير ، لكن أعدادهم بالبلايين ، وبالتالى فتبرعاتهم تفوق بلايين التبرعات الآتية من الأثراء . وهم بجهلهم وإحتياجهم يجدون فى الدين الأرضى ملاذا يركنون اليه ، ثم تكون حسرتهم فى الدنيا وفى الآخرة ، حيث يخسرون الدنيا والأخرة .
6 ـ لا إعتبار للنية الطيبة هنا ، ذلك المخدوع الذى يتبرع الى الكهنوت بحُسن نية يدخل النار خالدا فيها ومعه هذه النيّة الحسنة ، وسيأتى يوم القيامة يقسم أمام الله جل وعلا ــ كاذبا ـ إنه لم يكن مشركا ، قال جل وعلا : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21) وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمْ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ (22) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (23) انظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (24) الانعام ) . كانوا يحسبون أنهم يحسنون صُنعا بالتبرع للكهنوت وظلوا على هذه النية حتى لقاء الرحمن جل وعلا يوم القيامة فيقسمون أمامه جل وعلا بأنهم ما كانوا مشركين ، يكذبون على أنفسهم .
7 ـ الأديان الأرضية للمحمديين فى عصرنا من تصوف وتشيع وسُنّة تزدهر بجهاد أتباعها فى سبيلها بالأموال والأنفس ، وهى تتخصص فى الصّدّ عن سبيل الله ، وكلهم خصوم لنا يبذلون جهدهم فى التعتيم علينا ــ اهل القرآن ـ وحربنا ما إستطاعوا . وأرباب هذه الأديان الأرضية يكتنزون الأموال مثل كثير من الأحبار والرهبان الذين قال عنهم رب العزة جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنْ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ (35) التوبة ).
هذا الكهنوت السنى والشيعى والصوفى يجمع الأموال . جزء منها يقيمون بها مساجد ضرارا وكفرا وتفريقا للناس وصدا عن سبيل الرحمن . والجزء الأكبر يذهب الى جيوبهم التى لا قاع لها . لذا فهم فعلا يكتنزون البلايين أرصدة فى البنوك ، حيث تحتل التجارة بالدين أبرز ميادين التكسب فى عصرنا ، وهى حرفة مؤسسة على الكذب والافتراء والدجل ، ولكن المخدوعين بها هم أغلبية البشر ، أى عدة بلايين من الناس . وأرصدتهم لا رقيب عليها ، وربما لا ضرائب عليها . وقيمتها بالغطاء الذهبى عشرات الأطنان من الذهب والفضة . وأغلبها مكتنز فى أرصدتهم محبوسة عليهم أموالا وأوقافا وممتلكات عينية .
ثانيا : التبرع الذى لا يكون حسرة فى الدنيا بل فى الآخرة فقط :
1 ـ هناك نبلاء من البشر يتبرعون لأعمال الخير ، وقد إشتهروا بها ، مثل : ( المخترع بيل جيتس : أنفق 28 بليون دولار فى مكافحة الأمراض فى أفريقيا وفى التعليم والتنمية الاقتصادية فى العالم الثالث ) و ( وارن بيفيت ، الذى أنفق بلايين فى التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية فى أمريكا والعالم الثالث ) و ( الوليد بن طلال السعودى :الذى أعلن عن تخصيص 32 مليار دولار رصدها فى تنمية المجتمعات والثقافة والاسكان فى العالم الثالث . ) و ( تشاك فينى الأمريكى ، الذى أنفق : 7 بليون ونصف فى التعليم عموما والصحة ،) و ( جورج سورس الأمريكى المجرى الأصل الذى تخصص فى التبرع الى اللاجئين والتنمية الاقتصادية فى العالم الثالث ) و ( أغا خان زعيم الطائفة الاسماعيلية الشيعية ) الذى ينفق 600 مليون سنويا فى التنمية الاقتصادية فى العالم الثالث ، ) و ( الراحل اللبنانى رفيق الحريرى ، صاحب مؤسسات تعليمية فى لبنان وثقافية ، وقد أنفق 12 مليون دولار فى تعمير بيروت بعد الحرب الأهلية ) و ( محمد العمودى السعودى ، الذى ينفق فى علاج السرطان والايدز فى افريقيا ). وغيرهم كثيرون . منهم من لا يؤمن بالله جل وعلا وحده ، منهم من يقدس البشر والحجر ، ومنهم من يموت على هذا .
2 ـ يقول جل وعلا : (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16) هود ) . هذا صنف من البشر يعمل الصالحات دون إيمان . وأصحاب الجنة هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات . هنا حالة خاصة لمن لا يؤمن بالآخرة ولا يعمل لها عملا صالحا صادرا عن إيمان مُخلص بالله وحده لا شريك له . قد يكون ملحدا وقد يكون مشركا كافرا بعقيدته عاش بها ومات عليها بعد تاريخ من عمل الصالحات بالتبرع للخيرات دون أدنى إهتمام بالتبرع للكهنوت وبالصّدّ عن سبيل الله .
هؤلاء يكافئهم الله جل وعلا فى الدنيا ، تزداد أباحهم وتزداد شهرتهم ومكانتهم بقدر ما يتبرعون . ولكنهم فى الآخرة ليس لهم إلا النار لأن الله جل وعلا يحبط أعمالهم الصالحة ، وقد أعطاهم أجرهم عليها فى الدنيا التى كانوا يؤمنون بها ، وحرمهم من أجر الآخرة التى لم يكونوا مؤمنين بها . وفى النهاية فإن الله جل وعلا هو الذى رزقهم هذا المال وهو جل وعلا الذى بارك لهم فيه وهو جل وعلا الذى رزقهم الصحة والسعادة جزاءا على عملهم الخيرى فى هذه الدنيا ، ولكن ليس لهم فى الآخرة الا النار إذا ماتوا على كفرهم العقيدى بالله جل وعلا وباليوم الآخر . والحياة الدنيا إختيار وإختبار ، وما ظلمهم الله جل وعلا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون .
أخيرا : الفائز الى لا يتحسّر فى الدنيا ولا فى الآخرة :
1 ـ هو الذى لا تلُهه الدنيا عن التفكر فى مستقبله يوم الدين . هو الذى يبحث عن الهداية متقيا ربه جل وعلا مبنعدا عن المعاصى . والبشر يعرفون ماهية الشّرّ كما يعرفون ماهية الخير . والمؤمن هو الذى يعرف الخير فيفعله ويعلم الشّر فيجتنبه ، وهو الذى يستعمل عقله فلا يقع فى تقدس الموتى ولا المخلوقات ولا يؤمن باساطير الكهنوت ، ولأنه يؤمن بالخالق جل وعلا وحده فلا يتوسل إلا به ولا يتخذ معه واسطة .
2 ـ هذا فرد يعطى حق الله جل وعلا فى ماله بمجرد أن يأتيه المال ، يجعل منه حقا معلوما يقدمه إبتغاء وجه ربه الأعلى ، هو : ( الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21)) الليل ) .
3 ـ وهو الذى يقسم الزكاة التى تتزكى بها نفسه ويزكى بها ماله الى قسمين : أحدهما فى الصدقة للمستحقين طبقا لقوله جل وعلا : (يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا أَنفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (215) البقرة ) ، والأخرى جهادا ماليا فى سبيله جل وعلا : قال جل وعلا عن المؤمنين الصادقين : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ (15) الحجرات ). وقال جل وعلا فى هذا النوع من الإنفاق الجهادى ومثوبته يوم القيامة : ( مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمْ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) الحديد )
4 ـ هو الذى يبحث عمّن يجاهد فى سبيل الله جل وعلا وتبرئة الاسلام من التشويه وتبرئة رسول الاسلام محمد عليه السلام من التزييف والتحريف ، الذين يثبتون إن الله جل وعلا بعث رسوله بالقرآن رحمة للعالمين ولسس لارهاب العالمين ، بعثه بالاسلام دين السلام فى السلوك والتسليم والاستسلام للخالق جل وعلا ، القائل لخاتم المرسلين : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107) قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108) الأنبياء ) ، هذا المؤمن يبحث عنهم ليجاهد معهم جهادهم السلمى فى إصلاح ( المسلمين ) بالقرآن الكريم .
أخيرا :
هناك ( مؤمنون ) أغرتهم الحياة الدنيا وألهتهم بالأموال والأولاد فخسروا ، وسيرون الحسرة حين الاحتضار ، عنده يصرخ أحدهم يطلب فرصة أخرى ينفق فيها فى سبيل الله ـ ولكن دون فائدة . يتحسر على ماله الذى تركه خلفه ويتحسر على مستقبله الذى يعنى خلودا فى الجحيم . هذا معنى التحذير للمؤمنين الذى جاء فى هذا الخطاب المباشر لنا من رب العالمين جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ (9) وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ (10) وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11) المنافقون ).
شكرا للدكتور أحمد حفظه الله جل و علا و أقول : إن تأثير الأحاديث فيما يسمى بأجر بناء المساجد هائلاً و قد تجد إنتشار تلك المساجد من الكثرة بحيث أنه بين كل مسجد و مسجد تجد مسجدا ! ثم تتحمل الدولة تبعات تكلفة ( تشغيل ) المسجد من فاتورة الماء الباهظة و التي يسرف المصلين في هدر المياه بشكل كبير ناهيك عن نظافة دورات المياه و ليسمح لي الدكتور أحمد في طرح هذا التساؤل : كيف تحولت مسميات دور العبادة التي تقام فيها الصلاة حيث نجد أن قوم أصحاب الكهف قالوا : ( لنتخذن عليهم مسجدا ) و من جهة أخرى يقول جل و علا : ( و لو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع و بيع و صلوات و مساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ) و هل جملة ( يذكر فيها اسم الله كثيرا ) خاصة بالمساجد أم معطوفة على الصوامع و البيع و ما موقع صلوات هنا في الآية ؟
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,691,292 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
الجهر: قرأت لك فتوى عن الجهر بالقو ل فى الصلا ة ،...
( كبد ) من تانى .!!: الأيه الكري مة التي تقول " لقد خلقنا...
وهديناه النجدين : ما معنى : (وهدي اه النجد ين ) ؟ ...
صحّحه ابن سلمان: جاءت الأخب ار بأن ولى العهد السعو دى سيجعل...
السفر عبر الزمن : اريد ان اعرف ما رايك او ما راي القرا ن في السفر...
more
اكرمك الله استاذنا الدكتور –منصور – وبارك فى قلمك وعلمك وعُمرك .
لقد ازحت حضرتك حجرا ثقيلا من على صدرى بهذه المقالة الرائعة القيمة ، فأنا ممن يؤمنون بأن التبرع لمساجد الضرار الموجودة فى العالمين الإسلامى والغربى حرام ،وستكون حسرة على اصحابها يوم القيامة .
ومنذ سنتين تقريبا خطر على بالى سؤال وهو، لماذا لا نستفيد من مُغظم تلك المساجد فى مصر وفى باقى بلدان العالم العربى الفقيرة ونحولها إلى مدارس ،ونضمها إلى وزارة التربية والتعليم ،بعد أن يتم إعادة تقسيمها داخليا إلى فصول دراسية حتى و لو كانت لا تتسع إلا إلى فصلين دراسيين أو ثلاثة للمساعدة فى حل أزمة العجز الرهيب فى الفصول الدراسية فى المدارس التى اصبح متوسط عدد التلامبذ فى فصولها لأكثر من 65 تلميذ أو أكثر ؟؟
وما منعنى من أن أُعلن عن رأى هذا إلا خوفى من أكون ممن قال الله فيهم ((وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ))
وقوله تعالى ((وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا )) . وكُنت دائما بين حيرة هل مساجد الله فى الآيتين الكريمتين هى ما يذكر فيها إسم الله وحده سبحانه كما أمرنا ربُنا جل جلاله ، ام اى مكان يُطلق عليه مسجد حتى لو كانت مثل مساجد قبور الحُسين ،و البدوى ، او زاوية من زوايا الضرار فى أى حارة شعبية فى مصر ؟؟
والآن اعتقد أن المُناداة بتحويل تلك المساجد إلى مدارس كمساعدة فى الحلول الفورية السريعة لأزمة الفصول الدراسية لا يُعتبر ذنبا أو كبيرة تجعل صاحبها ضمن من منع مساجد الله ان يُذكر فيها اسمه ،لأنها مساجد ضرار ،وليست مساجد لله الواحد الأحد جل جلاله .