آحمد صبحي منصور Ýí 2016-09-14
هجص البخارى ومسلم فى تشريع الأضحية .
أولا : البخارى وتكذيب مالك
بعض أحاديث مالك عن الأضحية لم يذكرها البخارى ، مثل المنهى عنه من الضحايا (الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا وَالْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لاَ تُنْقِي ")، وحديث عبد الله بن عمر فى حلق رأسه بعد ذبح أضحية العيد ( ثُمَّ حُمِلَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَحَلَقَ رَأْسَهُ حِينَ ذُبِحَ الْكَبْشُ وَكَانَ مَرِيضًا لَمْ يَشْهَدِ الْعِيدَ مَعَ النَّاسِ . ). معنى أن البخارى لم يذكرها أنه يُكذّب تلك الأحاديث (المالكية )
ثانيا : الأضحية فى هجص البخارى تتحول الى فريضة
1 ـ رأى مالك أن الأضحية (سُنّة ) وليست فرضا . قال: (الضَّحِيَّةُ سُنَّةٌ وَلَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ وَلاَ أُحِبُّ لأَحَدٍ مِمَّنْ قَوِيَ عَلَى ثَمَنِهَا أَنْ يَتْرُكَهَا . ) . ووافقه البخارى الذى إفتتح موضوع الأضحية بقوله : (كتاب الأضاحي.) ( باب: سنَّة الأضحية.) وقال ابن عمر: هي سنَّة ومعروف. ). السؤال هنا : إذا لم تكن فرضا وهى مجرد سُنّة ـ لا يأثم تاركها ــ فكيف يجعل لها البخارى كل هذه الأهمية ؟
2 ـ غير أن البخارى تحت عنوان ( سُنّة الأضحية ) قد حوّلها الى فرض . وهو ـ خلافا لمالك ـ يرفع الأحاديث الى النبى مباشرة ، وليس بالاكتفاء بإسنادها الى بعض الصحابة والتابعين كما كان يفعل مالك . يقول مثلا : (باب: سنة العيدين لأهل الإسلام.) ( حدثنا حجاج قال: حدثنا شعبة قال: أخبرني زبيد قال: سمعت الشعبي، عن البراء قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: (إن أول ما نبدأ من يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل، فقد أصلب سنتنا. ). ترتيب الصلاة ثم الرجوع للنحر وإستعمال مصطلح النحر يجعل موضوع الأضحية أقرب للفرض وليس مجرد السُّنّة .
3 ـ ثم يكرر ـ عن عمد وقصد ـ عبارات : ( السُّنّة ) و ( النُّسّك )و ( الصلاة ) ليوجب أن تكون الأضحية بعد الصلاة،ومن ذبح قبل الصلاة فلن تُقبل منه.هنا كلام ليس عن شىء مسنون بل مفروض . مثلا :
3 / 1 : ( قال مُطَرِّف، عن عامر، عن البراء: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من ذبح بعد الصلاة تمَّ نُسُكه، وأصاب سنَّة المسلمين. ). ذكره ( مسلم ) في الأضاحي، باب: وقتها. ،
3 / 2 : ( حدثنا مسدَّد: حدثنا إسماعيل، عن أيوب، عن محمد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من ذبح قبل الصلاة فإنما ذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تمَّ نُسُكه، وأصاب سنَّة المسلمين . )
4 ـ بل ينقل البخارى فحوى حديث (مالك ) القائل : ( حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، أَنَّ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ نِيَارٍ، ذَبَحَ ضَحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ، رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الأَضْحَى فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يَعُودَ بِضَحِيَّةٍ أُخْرَى . قَالَ أَبُو بُرْدَةَ لاَ أَجِدُ إِلاَّ جَذَعًا يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ " وَإِنْ لَمْ تَجِدْ إِلاَّ جَذَعًا فَاذْبَحْ " . ) . لم يذكر فيه مالك (فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا ). البخارى يعيده ويكرره مع تغيير فى المتن والاسناد والعناوين ، وفيها يكرر بين السطور : (من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة، فإنه قبل الصلاة ولا نسك له ) ( فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن نحر قبل الصلاة، فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شيء) ،( إن أول ما نبدأ به يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل أن يصلي فإنما هو لحم عجله لأهله، ليس من النسك في شيء). ( من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، فلا يذبح حتى ينصرف). ومنها :
4 / 1 ، ( باب النَّهْىِ عَنْ ذَبْحِ الضَّحِيَّةِ، قَبْلَ انْصِرَافِ الإِمَامِ ) :( حدثنا عثمان قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن الشعبي، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الإضحى بعد الصلاة، فقال:من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة، فإنه قبل الصلاة ولا نسك له). فقال أبو بردة بن نيار، خال البراء: يارسول الله، فإني نسكت شاتي قبل الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، وأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي، فذبحت شاتي وتغذيت قبل أن آتي الصلاة، قال: (شاتك شاة لحم). قال: يا رسول الله، فإن عندنا عناقا لنا جذعة، هي أحب إلي من شاتين، أفتجزي عني؟ قال: (نعم، ولن تجزي عن أحد بعدك. ).
4 / 2 : ( حدثنا مسدَّد: حدثنا خالد بن عبد الله: حدثنا مُطَرِّف، عن عامر، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: ضحَّى خال لي، يقال له أبو بردة، قبل الصلاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (شاتك شاة لحم). فقال: يا رسول الله، إن عندي داجناً جَذَعة من المعز، قال: (اذبحها، ولن تصلح لغيرك). ثم قال: (من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تمَّ نُسُكه وأصاب سنَّة المسلمين. )
4 / 3 :( حدثنا محمد بن بشار: حدثنا غُنْدَر: حدثنا شُعبة، عن زُبَيد الإيامي، عن الشَّعبي، عن البراء رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، من فعله فقد أصاب سنَّتنا، ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدَّمه لأهله، ليس من النُّسُك في شيء). فقام أبو بُردة بن نِيَار، وقد ذبح، فقال: إن عندي جَذعة. فقال: (اذبحها ولن تجزيعن أحد بعدك. )
4 / 4 :( حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا أبو عوانة، عن فراس، عن عامر، عن البراء قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال: (من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، فلا يذبح حتى ينصرف). فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله، فعلتُ. فقال: (هو شيء عَجَّلْتَهُ). قال: فإن عندي جَذَعة هي خير من مُسِنَّتَين، آذبحها؟ قال: نعم، ثم لا تجزي عن أحد بعدك). قال عامر: هي خير نَسيكتيه.)
4 / 5 : ( حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا زبيد قال: سمعت الشعبي، عن البراء ابن عازب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أول ما نبدأ في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن نحر قبل الصلاة، فإنما هو لحم قدمه لأهله، ليس من النسك في شيء). فقال رجل من الأنصار، يقال له أبو بردة بن نيار: يا رسول الله، ذبحت، وعندي جذعة خير من مسنة، فقال: (اجعله مكانه، ولن توفي، أو تجزي، عن أحد بعدك. )
4 / 6 : ( باب: كلام الإمام والناس في خطبة العيد، وإذا سئل الإمام عن شيء وهو يخطب.) ( حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو الحوص قال: حدثنا منصور بن المعتمر، عن الشعبي، عن البراء بن عازب قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الصلاة، فقال: (من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم). فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله، والله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، فتعجلت وأكلت، وأطعمت أهلي وجيراني. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تلك شاة لحم). قال: فإن عندي عناقا جذعة، هي خير من شاتي لحم، فهل تجزي عني؟ قال: (نعم، ولن تجزي عن أحد بعدك. )
4 / 7 :( حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا شعبة، عن زبيد، عن الشعبي، عن البراء قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر قال: (إن أول ما نبدأ به يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل أن يصلي فإنما هو لحم عجله لأهله، ليس من النسك في شيء). فقام خالي أبو بردة بن نيار، فقال: يارسول الله، أنا ذبحت قبل أن أصلي، وعندي جذعة خير من مسنة، قال: (اجعلها مكانها، أو قال: أذبحها، ولن تجزي جذعة عن أحد بعدك. ).
4 / 8 : (باب: الذبح بعد الصلاة.- حدثنا حجَّاج بن المنهال: حدثنا شُعبة قال: أخبرني زُبَيد قال: سمعت الشَّعبي، عن البراء رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: (إن أول ما نبدأ به من يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل هذا فقد أصاب سنَّتنا، ومن نحر فإنما هو لحم يقدِّمه لأهله، ليس من النُسُك في شيء). فقال أبو بردة: يا رسول الله، ذبحت قبل أن أصلي، وعندي جَذَعة خير من مُسِنَّة؟ فقال: (اجعلها مكانها، ولن تجزي - أو توفي - عن أحد بعدك. )
4 / 9 :(- باب: من ذبح قبل الصلاة أعاد.) ( حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أيوب، عن محمد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ذبح قبل الصلاة فَلْيُعِدْ). فقال رجل: هذا يوم يُشتهى فيه اللحم، وذكر من جيرانه، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم عذره، وعندي جَذَعة خير من شاتين؟ فرخَّص له النبي صلى الله عليه وسلم، فلا أدري بلغت الرخصة أم لا، ثم انكفأ إلى كبشين، يعني فذبحهما، ثم انكفأ الناس إلى غُنَيمة فذبحوها.)
4 / 10 : ( باب: ما يُشتهى من اللحم يوم النحر.) (حدثنا صدقة: أخبرنا ابن عُلَيَّة، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أنس بن مالك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر: (من كان ذبح قبل الصلاة فَلْيُعِدْ). فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن هذا يوم يُشتهى فيه اللحم - وذكر جيرانه - وعندي جَذَعة خير من شاتَي لحم؟ فرخَّص له في ذلك، فلا أدري بلغت الرخصة من سواه أم لا، ثم انكفأ النبي صلى الله عليه وسلم إلى كبشين فذبحهما، وقام الناس إلى غُنَيمة فتوزَّعوها، أو قال: فتجزَّعوها.)
4 / 11 : ( حدثنا محمد بن بشار: حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شُعبة، عن سلمة، عن أبي جُحيفة، عن البراء قال: ذبح أبو بردة قبل الصلاة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أبدلها). قال: ليس عندي إلا جَذَعة. قال شُعبة - وأحسبه قال: هي خير من مُسِنَّة - قال: (اجعلها مكانها ولن تجزي عن أحد بعدك). وقال حاتم بن وردان، عن أيوب، عن محمد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقال: عَنَاقٌ جَذَعةٌ.)
4 / 12 : ( باب: الأكل يوم النحر.) ( حدثنا مسدد قال: حدثنا إسماعيل، عن أيوب، عن محمد، عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم من ذبح قبل الصلاة فليعد). فقام رجل فقال: هذا يوم يشتهى فيه اللحم، وذكر من جيرانه، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم صدقه، قال: وعندي جذعة أحب إلي من شاتي لحم، فرخص له النبي صلى الله عليه وسلم، فلا أدري: أبلغت الرخصة من سواه أم لا.) مسلم في الأضاحي، باب: وقتها.
4 / 13 : (حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا محمد بن طلحة، عن زبيد، عن الشعبي، عن البراء قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى إلى البقيع، فصلى ركعتين، ثم أقبل علينا بوجهه، وقال: (إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة، ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد وافق سنتنا، ومن ذبح قبل ذلك فإنما هو شيء عجله لأهله، ليس من النسك في شيء). فقام رجل فقال: يا رسول الله، إني ذبحت، وعندي جذعة خير من مسنة؟ قال: (اذبحها، ولا تفي عن أحد بعدك. )
5 ـ تلك الأحاديث المتنوعة أصلها حديث أورده مالك فى الموطأ ، ولكن أدخل البخارى فيها تشريعا جديدا هو : (ولن تجزي عن أحد بعدك). المقصود أن البخارى يسجل تطورا فى تشريع الدين الأرضى السنى لم يكن معروفا فى عصر مالك . وجدّت تطورات أخرى بعد البخارى .
ثالثا : هجص التناقض بين مالك والبخارى :
1 ـ تحدثنا عن تناقض مالك فى موضوع الادخار فى لحم الأضحية بين النهى والأمر . :( حَدَّثَنِي يَحْيَى، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ الْمَكِّيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ " كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا " . ) هنا تناقض بين النهى والأمر : ( نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ) ثم الأمر بالادخار والتزود دون تحديد للزمن : ثُمَّ قَالَ بَعْدُ " كُلُوا وَتَصَدَّقُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا ". ) .
2 ـ ونرى تناقضا أكبر فى نفس الموضوع فى البخارى :
2 / 1 : أحاديث يُباح فيها الادخار فى لحم الأضحية :
( باب: ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يُتزوَّد منها.) ( حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا سفيان: قال عمرو: أخبرني عطاء: سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنا نتزود لحوم الأضاحي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. وقال غير مرة: لحوم الهدي.)
2 / 2 : أحاديث فى المنع :
( حدثنا حِبَّان بن موسى: أخبرنا عبد الله قال: أخبرني يونس، عن الزُهري قال: حدثني أبو عبيد، مولى ابن أزهر: أنه شهد العيد يوم الأضحى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فصلى قبل الخطبة، ثم خطب الناس، فقال: يا أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاكم عن صيام هذين العيدين، أما أحدهما فيوم فطركم من صيامكم، وأما الآخر فيوم تأكلون نُسُككم.) .قال أبو عبيد: ثم شهدت مع عثمان بن عفان، فكان ذلك يوم الجمعة، فصلى قبل الخطبة، ثم خطب فقال: يا أيها الناس، إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له.قال أبو عبيد: ثم شهدته مع علي بن أبي طالب، فصلى قبل الخطبة، ثم خطب الناس فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاكم أن تأكلوا لحوم نُسُككم فوق ثلاث.)
( حدثنا محمد بن عبد الرحيم: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن ابن أخي ابن شهاب، عن عمه ابن شهاب، عن سالم، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلوا من الأضاحي ثلاثاً). ذكره ( مسلم ) في الأضاحي، باب: بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي .
2 / 3 : فيها هذا وذاك :
( حدثنا أبو عاصم، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من ضحَّى منكم فلا يصبحنَّ بعد ثالثة وفي بيته منه شيء). فلما كان العام المقبل، قالوا: يا رسول الله، نفعل كما فعلنا عام الماضي؟ قال: (كلوا وأطعموا وادَّخروا، فإنَّ ذلك العام كان بالناس جهد، فأردت أن تُعينوا فيها .) ذكره ( مسلم ) في كتاب الأضاحي، باب: بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي. )
( حدثنا إسماعيل قال: حدثني سليمان، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم: أن ابن خبَّاب أخبره: أنه سمع أبا سعيد يحدث: أنه كان غائباً فقدم، فقُدِّم إليه لحم، قالوا: هذا من لحم ضحايانا، فقال: أخِّروه لا أذوقه، قال: ثم قمت فخرجت، حتى آتي أخي أبا قتادة، وكان أخاه لأمه، وكان بدرياً، فذكرت ذلك له، فقال: إنه قد حدث بعدك أمر.)
(حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال: حدثني أخي، عن سليمان، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة رضي الله عنها قالت: الضحية كنا نملِّح منها، فنقدم به إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فقال: (لا تأكلوا إلا ثلاثة أيام). وليست بعزيمة، ولكن أراد أن يُطْعِمَ منه، والله أعلم.) ذكره ( مسلم ) في الأضاحي، باب: بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي .
رابعا : هجص احاديث تافهة : ( العلم بها لا ينفع والجهل بها لا يضر ..!! )
مكان الذبح :
( حدثنا عبد الله بن يوسف قال: حدثنا الليث قال: حدثني كثير بن فرقد، عن نافع، عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينحر، أو يذبح بالمصلى.) ( حدثنا محمد بن أبي بكر المُقَدَّمي: حدثنا خالد بن الحارث: حدثنا عبيد الله، عن نافع قال: كان عبد الله ينحر في المَنحر. قال عبيد الله: يعني مَنحر النبي صلى الله عليه وسلم.) ( حدثنا يحيى بن بُكَير: حدثنا الليث، عن كثير بن فرقد، عن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما أخبره قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذبح وينحر بالمصلَّى.)( حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا شعبة، عن الأسود بن قيس قال: سمعت جندباً قال: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم صلى يوم عيد، ثم خطب، ثم قال: (من ذبح فليبدل مكانها، ومن لم يكن ذبح، فليذبح باسم الله . )
كيفية الذبح :
( حدثنا حجَّاج بن منهال: حدثنا همَّام، عن قتادة: حدثنا أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحِّي بكبشين أملحين أقرنين، ووضع رجله على صفحتهما، ويذبحهما بيده.) ( حدثنا قتيبة: حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أنس قال: ضحَّى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين، ذبحهما بيده، وسمَّى وكبَّر، ووضع رجله على صفاحهما.) ( حدثنا آدم بن أبي إياس: حدثنا شُعبة: حدثنا قتادة، عن أنس قال: ضحَّى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين، فرأيته واضعاً قدمه على صِفَاحهما، يسمِّي ويكبِّر، فذبحهما بيده.)
تسمين الأضحية
( - باب: في أضحية النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أقرنين، ويُذكر سمينين.) وقال يحيى بن سعيد: سمعت أبا أمامة بن سهل قال: كنا نسمِّن الأضحية بالمدينة، وكان المسلمون يسمِّنون.)
التضحية بكبشين :
( حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا عبد الوهَّاب، عن أيوب، عن أبي قِلابة، عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انكفأ إلى كبشين أقرنين أملحين، فذبحهما بيده.) مسلم في الأضاحي، باب: استحباب الضحية وذبحها مباشرة بلا توكيل..
انس بن مالك يقارن نفسه بالنبى : ( حدثنا آدم بن أبي إياس: حدثنا شُعبة: حدثنا عبد العزيز بن صهيب قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحي بكبشين، وأنا أضحي بكبشين.)
الأضحية والحيض .!!؟؟ :
( حدثنا قتيبة: حدثنا سفيان، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِسَرِفَ وأنا أبكي، فقال: (ما لك أنَفِسْتِ). قلت: نعم، قال: (هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، اقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت). وضحَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بالبقر.)
أخيرا : هجص تحريم الصوم فى العيد
( حدثنا محمد بن المثنى: حدثنا معاذ: أخبرنا ابن عون، عن زياد بن جبير قال: جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال: رجل نذر أن يصوم يوما، قال: أظنه قال: الاثنين، فوافق يوم عيد؟. فقال ابن عمر: أمر الله بوفاء النذر، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم هذا اليوم.) ذكره ( مسلم ) في الصيام، باب: النهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى.
( حدثنا حِبَّان بن موسى: أخبرنا عبد الله قال: أخبرني يونس، عن الزُهري قال: حدثني أبو عبيد، مولى ابن أزهر: أنه شهد العيد يوم الأضحى مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فصلى قبل الخطبة، ثم خطب الناس، فقال: يا أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهاكم عن صيام هذين العيدين، أما أحدهما فيوم فطركم من صيامكم، وأما الآخر فيوم تأكلون نُسُككم.)
التعاليم الدينية الكامنة في العيد الأضحى
إن التعاليم الكامنة في الأضحية تنقسم وتندرج في مبادئ الإسلام الثلاثة: الإيمان، والإسلام، والإحسان.
1-الإيمان: علاقة الإيمان/بالعمل، مثل علاقة النفس/بالجسد. وكفى.
2- الإسلام:
فالإسلام بالمعنى الروحي هو الاستسلام الكلي لله سبحانه وتعالى بعد توحيده ، والانقياد الكلي لأوامره ، والتضحية بالذات والمصالح كلها في سبيل ذلك . ونتعلم من الأضحية ضرورة التضحية بالذات والمال والبنين، (كلما اقتضى بها الأمر)، لإرضاء الله سبحانه وتعالى. مصداقا لقوله تعالى: {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم.}، [ النساء: 66] .
وليكن المسلم من بين تلك القلة الذين لو أمروا بقتل أنفسهم لفعلوا. !! ليكون ذلك خيرا لهم كما أشار إليه الآية التالية: { ولم أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا.إذا لآتيناهم أجرا عظيما، ولهديناهم صراطا مستقيما.} [ النساء:66 ؛ 76، 86].
والذين بلغوا هذه الذروة في الاستسلام لله سبحانه وتعالى ، يرفعهم الله إلى درجة الأنبياء والمرسلين يوم القيامة إكراما لهم . ولذا تنص الآية التالية: { ومن يطع الله والرسول{ بهذه الدرجة}فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من التبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولائك رفيقا.}
وذلك هو معنى قولنا " الله أكبر"
الله أكبر= أي الظفر برضوان الله خير وأكبر من الدنيا وما فيها.
أو الله أكبر=أي "لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون."
نتعلم من الأضحية، أنه يجب على المسلم الذي أسلم كله لله ، أن يكون مستعدا ، كل حين، لتضحية بكل ما خوّل الله له، بما فيها نفسه، في سبيل نيل رضوان الله سبحانه وتعالى ؛ تأسيا بإبراهيم ع. س. وذلك بموجب ميثاق واثـقنا الله بها وعاهدنا عليه
فالطرف الأول للميثاقيقتضي أن يسلّم المسلم كله: ذاته وماله، وأهله لله سبحانه وتعالى؛ أي يبيع المسلم كله لله سبحانه وتعالى . كما أمر الله بذلك في قوله:
{ قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين؛ لا شريك له وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين}.أي بعت كلي لله سبحانه وتعالى .
والطرف الثاني في الميثاقيقتضي أن يشتري الله سبحانه وتعالى من المسلم كل ما له، ويستوجب الجنة لمن وفّىمنهم بهذه البيعة والميثاق والعهد كما فعل إبراهيم الذي وفّى. وقال تعالى:
{إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة ، يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون ، وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن . ومن أوفى بعهده من الله ؟! فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به ، وذلك هو الفوز العظيم.!}.
وبموجب هذه البيعة، فذواتنا وأموالنا وأبناؤنا كل ذلك لم يعد لنا، بعد ما اشتراها الله منا، وجعلها وضيعة له سبحانه وتعالى عندنا. وجعلنا مستخلفين فيهم. قال تعالى {وأنفقوا مما جعلناكم مستخلفين فيه} [الحديد: ]
و قال سبحانه وتعالى: { لقد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه} [ الممتحنة: 4]، أي في استعداد إبراهيم ع. س لتضحية بالذات والمال والبنين في سبيل إرضاء الله سبحانه وتعالى . وهذا هو الدرس الإسلامي الذي يجب نتذكّره ونتعلّمه من إبراهيم ع.س. في الأضحية. والله س.ت أمرنا بأن نتذكر، في الكتاب، عباده الصالحين. من إبراهيم وغيره، لاقتداء بهم. (واذكر في الكتاب إبراهيم...)..إلخ.
الدرس الثاني: هو الاهتمام العالي بتربية الأهل والأولاد، والاستعانة في ذلك بالله سبحانه وتعالى في دعوات كثيرة. وذلك مما يجب تعلمه من إبراهيم عليه سلام من تربية أهله حتى رضوا بكل ما قدر الله سبحانه وتعالى عليهم دون اعتراض ولا نقاش. وسر إبراهيم في ذلك كامن في دعواته الكثيرة، ورجوعه إلى مولاه سبحانه وتعالى والاستعانة به في تربية أهله وأولاده . ونعثر على تلك دعوات في مواطن كثيرة من القرآن. نذكر منها ما يلي:
{ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل، ربنا تقبل منا إنك أنت العزيز الحكيم. ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ، وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.}،
وقوله عليه سلام: { رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاني.} وقوله كذلك:{ رب هب لي من الصالحين...} وقوله { رب جنبني وبني أن نعبد الأصنام، رب إنهن أضللن كثيرا من الناس. فمن تبعني، فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم.}. ولا الشك في أنه كان كذلك يقول: { ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ، واجعلنا للمتقين إماما.}
وهذا الاهتمام بتربية الأهل والأولاد درس يجب حفظه من إبراهيم عليه سلام، وكذلك استعانته بالله في التربية؛ إيمانا بقوله تعالى:{ إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء.}
3-الإحسان
والدرس الثالث:في الأضحية يتناول جانب الإحسان، والذي يتمثل في الإنفاق مما رزقنا الله على الفقراء والمساكين، مصداقا لقوله تعالى: { فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير.} [ الحج: 28}. والأمر هنا عام في الهدي والأضحية؛ وكما قال تعالى: { والبدن جعلناها لكم من شعائر الله ، لكم فيها خير؛ فذكروا اسم الله عليه صواف . فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر . كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون.} [ الحج: 36}، أي لعلكم تشكرون الله فيما رزقكم من بهيمة الأنعام، " وشكر الله فيما رزقنا من بهيمة الأنعام" هو العلة في تشريع الحج والأضحية.
(ليشهدوا منافع لهم) بالنسبة للفقراء والمساكين، حيث أنهم ينعمون بذبائح الحج
(ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) بالنسبة للأغنياء. يبذلون من مال الله الذي جعلوا مستخلفين فيه للبائس الفقير وللقانع والمعتر.
{ لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن ينالها التقوى منكم...}. والتقوى هنا يعني في عدم نسيان أن البيعة التي بايعنا بها تقتضي أنه كلما طلب صاحب المال شيئا من ماله، نتحلّى بالتقوى ونوفّي بالعه! كما فعل إبراهيم الذي وفّى. أي وفّى بالعهد والبيعة.
وفي الأضحية طلب صاحب المال(أي الله س.ت.) إنفاق جزء من ماله الذي اشتراه منا ، لإطعام البائسين والفقراء والقانعين والمعترين ، شكرا له سبحانه وتعالى . فالأمانة والتقوى تقتضي منا الوفاء بالعهد.
و قال سبحانه وتعالى: { لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن يرجو الله واليوم الآخر، ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد.}، [الممتحنة: 6]؛ أيلقد كان لكم فيهم،
أي في موقفه العقيدي تجاه وقومه أسوة. حيث قال: {...وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده} وتابعتموه وحده دون الأولياء والأئمة. { اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء....} [ الأعراف:2]
ومعنا الآية أن إبراهيم عليه سلام كان قدوة لنا في معاملة الفقراء والمساكين والبائسين بالإحسان. أي كان لنا قدوة فيهم ، أي في أبيه وأهله وقومه، من إيثاره الله عليهم.
فالإحسان معناه "العمل الصالح" و الإنفاق في سبيل الله وبذل المال أو يد المعونة لنفع الغير، أو القيام بالأعمال الخيرية نحو البيئة والكائنات الحية . كما قال تعالى: { واتق فيما آتاك الله دار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحسن كما أحسن الله إليك، ولا تبق الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين.} (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين.) [الأعراف: 56]
فالإحسان في الإسلام عام لصالح الجميع: المسلمين وغير المسلمين، لأن الإسلام جاء رحمة للعالمين. وعليه، فعلى المسلمين أن يسارعوا إلى إسعاف إخوانهم المسلمين، وإسعاف الكفار والمشركين كلما حل بهم مأساة في أي بقعة من العالم. وعليهم كذلك إسعاف الحيوانات والطيور وإصلاح البيئة . لأن ديننا جاء رحمة للعالمين أي لكائنات الحية ولم يقل سبحانه وتعالى:رحمة للمسلمين! وإنما قالرحمة للعالمين. أي الإنسان والحيوان والنبات، وكذلك البيئة.
وعليه فعلى المسلمين أن يقوموا بتمويل البحوث العلمية المتعلقة بإيجاد علاج أو حقن لبعض أمراض فتاكة مثلأيذر، وملا ريا، وجابيت ، وسرطان، وغيرها من الأمراض المستعصية عن الأدوية. وذلك هو معنى الإحسان. كما يجب عليهم القيام تمويل الجهود الرامية إلى إصلاح وتقليل التلوث في البيئة لصالح البشرية، وخاصة الدول المنتجة للبترول فعليهم تمويل ودعم الجهود الرامية لإصلاح التلوث البيئي الناتج من استهلاك البترول ومشتقاته. وذلك واجب عليهم. ومعنى الإحسان في القرآن هو الإنفاق والقيام بأعمال صالحة لا للبشرية فقط، بل لمخلوقات الله ككل، على اختلاف أنواعها وأجناسها وأصنافها.
وليس الإحسان كما فسره السلف في حديث من صنعهم وأسموه ب{بحديث جبريل} بأنه تقتصر في{أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك.} ونسبوا هذا الإفك زورا للنبي صلى الله عليه وسلم. والقرآن الكريم ينفي صحة صدور هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم جعلوه فيه (ص) يتكلم عن علامة الساعة! في حين أن القرآن يؤكد جهل النبي لعلامة الساعة. وذلك في آيات كثيرة من القرآن منها قوله تعالى: { قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون؟ فإن تولوا فقل آذنتكم على سواء ،وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون,} [ الأنبياء ] وقوله تعالى: { يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله. ! وما يدريك لعل السعة تكون قريبا ؟ !!} [ الأحزاب: 63]. الاستفهام للإعجاز. بمعنى ليس هناك شيء يدل النبي على قرب الساعة. ولو كان هذه العلامات معلومة لما طرح عليه هذا السؤال المعجز : { وما يدريك لعل الساعة يكون قريبا ؟ } . وهذا نفي مطلق لمعرفة البشر شيئا يدلهم على قرب الساعة، (وإن "جاءت أشراطها"ـ).بل تأتينا بغتـة، لا محالة ! .
أما "أن تعبد الله كأنك تراه" فذاك هوالخشوع وليس الإحسان. وقال تعالى: { قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون.} وقال كذلك :{ إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين.}. [ الأنبياء: 90].
"رغبا ورهبا" ، هماالخشوع؛ وليسا الإحسان. الإحسان هو بذل المال أو يد المعونة لنفع الغير؛ وكذلك القيام بالأعمال الخيرية لصلح العالمين. كما قال تعالى { وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين.} [ البقرة: 195] وفسّـر سبحانه وتعالى الإنفاق بالإحسان.
وخلاصة القول في دروس الأضحية هي، أن الدين، إيمان وإسلام وإحسان . فالإيمان فقط بالله لا يكفي. { ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله،...} والآيات في هذا الموضوع كثيرة. ومع ذلك لم يدخلهم إيمانهم ذاك في الإسلام. إذن للدين ركنان سلوكيان اثنان بعد الإيمان ـ ولا يصح إلا بهما ـ هما الاستسلام لله في عبادة الله، والإحسان إلى الغير. وذلك هو درس الأضحية. أي:
1- استعداد المسلم للتضحية بالذات ، والأهل، والمال لله سبحانه وتعالى، وذلك هو الإسلام.
2-وبذل المال أو يد المعونة والعمل الصالح لنفع الغير هوالإحسان. الإحسان عمل؛ وليس مجرد هيئة.
ولأهمية الإحسان جعله الله سبحانه وتعالى عنوانا لديننا الحنيف ؛ بحيث أن تكذيب الإحسان وعدم الإيمان به يكون تكذيبا لدين الإسلام . اقرأ في ذلك سورة الماعون. وقال تعالى : { أرأيت الذي يكذب بالدين ؟ فذلك الذي يدعّ اليتيم ، ولا يحضّ على طعام المسكين ...إلخ.} فإن كفر المصلين في تلك السورة ليس بعدم أقامتهم الصلاة ، أو بمنعهم الزكاة ، أو بجحدهم الصيام أو الحج . وإنما كفروا وكذبوا بدين الله لعدم إيمانهم بالإحسان إلى الغير، وذلك بإعراضهم عن إكرام الأيتام، وإحسان إلى المساكين، وبخلهم على جيرانهم في مؤنهم وأدواتهم وما جاد الله به عليهم من متاع الحياة الدنيا ، كالسيارة أو الجاه . وأعقب ذلك نفاقا في صدورهم ، فأصبحوا يسهون عن صلاتهم ، ولا ينفقون إلا وهم كارهون أو مراءون . فباءوا من بخلهم ذاك بغضب من الله وويل وردى ، وإن صلوا ، وإن صاموا. { فويل للمصلين...}
إن لم يكن للمسلمين أعياد دينية إلا أن لهم أعياد عرفية لا بأس بها: جائزة، لا يتعارض جلها مع الدين. وتسجل "في المسكوة عنها في الدين". من عمل بشيء منها لله يجزى به، ومن عمل شيئا منها لنفسه فلا شيء ذلك.
ولله در القائل: " إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحرم محارم فلا اهتكوها، وحدد حدودا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء، لا نسيانا، فلا تسألوا عنها." وأضيف: فلا تشرّعوا فيها بتحليل أو تحريم.
1- فمن أطعم الناس مثلا ابتغاء مرضاة الله كمن أحضر طعاما إلى المسجد عملا بقوله تعالى: (خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا...)، باعتبار أن المسجد ليس فقط محلا للعبادة فحسب، لكن هو كذلك محل للإطعام، وطرز روابط الألفة والوئام بين الناس. أو، بتعبيرنا، أنه مناسبة "لعيد صغير" بالأكل والشرب بعد الصلاة، لصلح كل محتاج مؤمن أو كافر. وهذا من التعاليم الإسلامية المنسية. (.... وكلوا واشربوا...) عند المساجد.
هذا من جهة. ومن جهة ثانية:
ومن أطعم الناس ابتغاء مرضاة زوجته وصهره، في وليمة مثلا، (والولية من الأعياد العرفية للمسلمين وغيرهم)، فله ذلك. ولا يقول أنه فرض أو سنة. ولا ينتظر منه ثوابا (إلا إذا تنفل فيها
1- بعبادة مأذونة)، ولا عقابا (إلا إذا أسرف فيها وأبذر)؛ إن الله لا يحب المسرفين، وإنه يقول: (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين، وكان الشيطان لربه كفورا.) [الإسراء: 27]
القرآن الكير لم يستقص العبادات كلها ولا المعاصي كلها. وإنما هو كتاب "دلائل الخيرات" (إذا استعرنا العنوان):
1- كلف بفعل الأعمال الصالحة المأمورة بها (كإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج والإحسان إلى الغير وإسعاف والمنكوبين، المؤمنين منهم والكفار)
2- وترك الباقية باسم "الخيرات" للمتنافسين.(وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ...) بدون قيد. [الأنبياء: 73] (...إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين.) [الأنبياء: 90] كما مدح س.ت. أمة من أهل الكتاب بأنهم:(يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولـئك من الصالحين. وما يفعلوا من خيرفلنيُكفروه!...) (من خير) مطلق. أي، أي خير تطوع به مؤمن أو كتابي ابتغاء مرضاة الله؛ سواء ورد فيه نص أم لا. لقوله تعالى: (...فاستبقوا الخيرات؛ إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون.) [المائدة:48]
2- (ومن يعمل من الصالحاتمن ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولـئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا. (من الصالحات)، مقيد ب "ال" التعريف أي من الصالحات المعروفة المنصوصة بها (كالصلوات الخمس.. إلخ.).
وكذلك:(من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون.) (صالحا) مطلق. أي: أي عمل صالح؛ من مؤمنسواء نوى به عبادة الله أم لا. فبصلاحه مع الإيمان يجزيه الله س.ت فيه.
(من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها. ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) (من عملسيئة)؛ مطلق. أي: أي سيئة! سواء ورد تحريمه في الكتاب نصا أم لا. (كالنظر إلى الأفلام الإباحية، مثلا). إذ الله س.ت زوّدنا بآلية (أو فطرة) معرفة الخير والشر. (بل الإنسان على نفسه بصيرة، ولم ألقى معاذيره.). حتي الكفار يسمونها بلك الأفلام ب (dirty movies). (الأفلام القذرة).
وأحذر القرآنيين من مغبة الوقوع فيما عابوا به السلف. وهو الإفراط في التحريم. والميل إلى التهكم بكل ما وجدنا عليه آباءنا. كأنما نقول: (خالفوا السلف) في كل شيء. تماما كما افتروا حديث (خالفوا اليهود)؛ مع زعمهم أن النبي عليه سلام الذي قال لهم: (خالفوا اليهود) هو نفسه الذي قال لهم كذلك: (لما ورد المدينة): "اقتدوا باليهود" وأنا أقتدي بهم في التعيّد بعيد العاشوراء. يا السلام!
كل عام وأنتم بخير. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
منذ صغري وانا أحب التاريخ وخلال ثلاثين سنة من الاطلاع لم يهضم عقلي الاحاديث التراثية ولقد هداني الله لموقعكم بالصدفة ومن أول مقال لسيادتكم انشرح قلبي لجميع البحوث والمقالات ورميت ادني شك بصدق التراث لسلة المخلفات فجزاءك الله خيراً عني وعن كل المسلمين،.
لقد ذكرت" أي في موقفه العقيدي تجاه وقومه أسوة. حيث قال: {...وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده} وتابعتموه وحده دون الأولياء والأئمة. { اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء....} [ الأعراف:2]"
السؤال: هل انزل الله فى قرانه -الذى امرنا الله باتباعه دون غيره -الامر بالاضحية فى العيد ؟
المحاضرة التى كتبتها كلها تبريرات لكى تجعل الاضحية فرض للاسف ولم تذكر اية واحدة تامرنا بالتضحية او الذبح فى العيد واذا كانت موجودة اذكرها لو سمحت دون هذه التبريرات التى سقتها ؟
ليس كل ما لم يؤذن به في القرآن محذور. الشرع أوامر وإجازات. فالأوامر هي الفرائض وهي محدودة.
اما الإجازات فهي متفتحة الأبواب ،مجال مفتوح، لا حصر لها. كالعبادات التطوعية. خذ هذا المثال: لم يسّـر الله س.ت على جماعة من أهل القرآن مثلا ففتحوا دارا يطبخون فيها الطعام لإطعام المساكين والفئة (homeless)؛ويذبحون لذلك كبشا كل أسبوع. وهل سيكون ذاك الذبح الأسبوعي حراما بمجرد أنه لو يؤمر به في القرآن؟ أم هو سيدخل من باب " من تطوع خيرا فهو خير له"؟
وها هو الدليل:(من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون.) (صالحا) بالنكيرة، مطلق. أي: أي عمل صالح؛سواء أورد الإذن به في القرآن أم لم يرد. فأي مؤمن أو مؤمنة عمل عملا صالحا أيا كان. فإنه سيُجز به. (والحمد لله). وبالتالي فهو امر مأذون به في المقاصد العامة للشرع. (طالما لم تكلف فيه إلا نفسك)
. من عمل صلحا. أي صالح.! ولا يشترط فيه أن يكون منصوصا به في القرآن. فاستبقوا الخيرات. "الخيرات" شائعة وتشمل كل عمل صالح ممكن لمؤمن.
والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.
سيدي الكريم ... انظر الى هذا التقرير الذي أعدته شبكة السي ان ان
http://edition.cnn.com/2016/09/15/asia/bangladesh-blood-rivers/
سوف تجد بالفيديو والصوت والصورة نسخة عما تفضلتم به لكن في بنغلادش !
تحياتي
شكرا جزيلا
أستاذنا الفاضل أبو أيوب الكويتي السلام عليكم ورحمة الله ودمت بكل خير وعافية أنت وأسرتك الكريمة، وأنا اشكرك جدا على هذا الفيديو الذي يؤكد مداخلتي لما يحدث في مصر والقاهرة أيام العيد الأضحى، ونحن نتألم لما يحدث في بلادنا العربية والاسلامية من سلوكيات مخجلة وملوثة لبلادنا ونحزن كثيرا لما يصيب بلادنا العزيرة الغالية ، ونرجوا من كل مواطن عربي ومسلم أن يربأ بنفسه وأهله وبلاده من هذه الردة الحضارية والانسانية، وكأننا عدنا ببلادنا العربية والاسلامية للعصور الوسطى ونحن في القرن الواحد والعشرين.
عسى كلماتنا الناقدة والراشدة ان تصل لقلوب إخوتنا وأخواتنا في جميع المدن والقرى العربية ، حتى نتخلص من هذا السلوك المشين، الذي ألصقوه بالإسلام، وبالعروبة، وذلك بفهم خاطئ ومريض . متعمد لتعاليم الاسلام الحنيف،
دمت بكل خير وإلى لقاء.
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,690,904 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
حج الأنبياء : لماذا لم يقم رسلُ اللهِ موسى وعيسى بالحج ّ ...
شكرا جزيلا: ان موقعك م مليء بالمع لومات الناد رة التي...
الانعام 139: ( وَمُح َرَّم ٌ عَلَى أَزْو َاجِن َا )ماذا...
تسبيح الجمادات : مامعن ى تسبيح الجما دات وكل شىء فى اقول الله...
ديون الميت: علمت من كتابك م ( الموت ) ان الانس ان يقفل...
more
تتحول مصر وكثيرا من الدولة العربية والمسلمة إلى زريبة كبيرة بغيضة فيما يسمى بالعيد الأضحى للقاطنين الديار من غير الحجاج .فبعد الصلاة المزعومة في اليوم الاول بعد الوقوف بعرفات يهرعون إلى الذبح واراقة الدماء . في شوارع القاهرة وباقي مدن القطر المصري .
وللعلم قبلها بأكثر من اسبوعين ينهال على شوارع القاهرة تجار الغنم والبقر والجزارين الدخلاء على المهنة ويعسكرون في الطرقات و يحتلون الأرصفة كلها في أحياء كثيرة من القاهرة احياء راقية . وتفوح رائحة الغنم والبقر وتشم رائحة الروث والجلة وبقايا العلف . في كل مكان. والجرادل والمداود منصوبة في كل شبر من ارصفة القاهرة.
وبعد صلاة العيد يبدأ سفك الدماء في الطرقات والشوارع والأرصفة ويقومون بصب المياة بالخراطيم على الاضاحي وتسيل الدماء والماء والروث وبقايا العلف مختلطين جميعاوتتكون . شلالات وروافد من الرائحة النتنة العفنة. منحدرة من شارع لآخر وفي منطفة مثل زهراء مدينة نصر الشوارع ذات مستويات مختلفة منها ما هو اعلى من الآخر بمتر ومترين وتنحدر القذارة سائلة في مسار من الأعلى لأسفل. وتتجسد المأساة والتلوث والعفن وتنتشر الأمراض.
هل هذا هو الاسلام في نظرهم وفي عقيدتهم الاسلام برئ منهم ومن أفعالهم وروثهم ودماء خرفانهم وبقرهم.
عذرا لما كتبت وشكوت ، فهى صرخة مسلم يحب دينه ويرفض بشدة كل هذا التشويه