آحمد صبحي منصور Ýí 2016-06-29
قال : هناك تعارض بين قوله جل وعلا : ( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ) ، (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ).
قلت : ماذا تعنى ؟
قال : فى الآية الأولى غفران للذنوب جميعا وفى الآية الأخرى عدم غفران الشرك .هذا تعارض واضح .
قلت : هل تعرف أولا متى سيكون الغفران ؟
قال : أخبرنى .
قلت : الغفران ليس الآن فى الحياة الدنيا . موعد الغفران هو يوم القيامة .
قال : ما دليلك ؟
قلت : قول ابراهيم عليه السلام:( وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) الشعراء )، فالغفران هو يوم الدين ، وليس فى يوم الدنيا هذا ، وهو فى يوم الحساب ، وقد دعا ابراهيم عليه السلام ربه جل وعلا فقال : ( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) ابراهيم ).
قال : كيف سيكون هذا ؟
قلت : فى البعث يرى الناس أعمالهم السيئة والصالحة ، يجبرهم رب العزة على ذلك ، يقول جل وعلا : ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه (8) الزلزلة ) .
قال : هذا فى يوم البعث . فماذا بعده ؟
قلت : يأتون يوم الحساب بتلك الأعمال ليتم وزنها ، وهذا بالعدل المطلق : (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47) الانبياء ).
قال : كيف يتم الوزن ؟
قلت : الفيصل فى وزن الأعمال هو إخلاص الدين لرب العزة جل وعلا . فكل فرد مهما بلغ صلاحه لا يخلو من أعمال سيئة ، وكل فرد مهما بلغ فجوره لا يخلو من عمل طيب . إخلاص الدين لرب العزة جل وعلا وحده هو الفيصل فى الميزان ، وهذا الاخلاص يعنى التقوى بألا يقدس الفرد مخلوقا فى قلبه أو فى عبادته ، أن يكون دينه خالصا لرب العزة جل وعلا وحده وكذلك عبادته.يقول جل وعلا : (فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (2) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) ) (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلْ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) الزمر) .
قال : كيف يكون وزن أعمال المؤمن المخلص دينه وعمله لرب العزة جل وعلا وحده ؟
قلت : الذى يأتى يوم الحساب مخلصا لربه دينه وإيمانه وعبادته لا يخلو من سيئات ، هنا يكون الغفران للسيئات ، أى تغطيتها ، وتبديلها بحسنات ، ثم تكون الحسنة بعشر أمثالها فتثقل موازينه فيدخل الجنة:(فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) القارعة )( فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (102) المؤمنون ) ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (8) الاعراف )
قال : وماذا عن وزن أعمال المشرك الكافر ؟
قلت : الفرد الذى مات بكفره وشركه يأتى يوم القيامة بعمل صالح وعمل سىء ، الله جل وعلا يحبط أعماله الصالحة.
قال : ما معنى يحبط أعماله الصالحة .؟
قلت : أى يضيع ثمرتها لأنها صدرت عن قلب مشرك كافر. وقد حذّر رب العزة كل الأنبياء والرسل وخاتم النبيين عليهم جميعا السلام ـ من الوقوع فى الشرك والموت عليه حتى لا يحبط أعمالهم الصالحة ، يقول جل وعلا : : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ (65)الزمر) أى بحبط العمل يكون الفرد خاسرا .ويقول جل وعلا للمؤمنين يحذرهم من الارتداد عن دين الاسلام والموت على الكفر : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) البقرة )، أى بحبط العمل الصالح لمن مات كافرا فيكون مصيره الخلود فى النار.
قال : وهل يشمل هذا الكفر التكذيب بالقرآن وباليوم الآخر مثل الذين يخترعون يوما للدين فيه الشفاعات والوساطات ؟
قلت : نعم. يقول جل وعلا :( وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147) الاعراف ).
قال : ، أى فلا مجال لمن يموت كافرأ أن يدخل الجنة مطلقا ؟
قلت : نعم ، يقول جل وعلا : (إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) المائدة ) .
قال : هناك من يقوم بتعمير مساجد الله ينفق عليها الملايين فى الزخرفة وفنون العمارة ، ولكنه يفعل ذلك رياءا ونفاقا وإبتغاء مرضاة الناس ، هل هذا يحبط الله جل وعلا عمله ، وهناك من يعمر مساجد الله بالورع والتقوى ، فهل هذا مثوبته الجنة ؟
قلت : نعم ، يقول جل وعلا : (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ (18) التوبة ) .
قال : فما هو مصير من احبط الله جل وعلا عمله الصالح ؟
قلت : ذلك الذى أحبط الله جل وعلا عمله تخفُّ موازينه فيكون مصيره الخلود فى النار ، يقول جل وعلا : ( وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11) القارعة ) ( وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) المؤمنون ) ( وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ (9) الاعراف ) .
قال : إذن هى قضية خطيرة ، أن ينتهى من يعمل الصالحات الى النار لأنه يقدس البشر والحجر ؟!
قلت : من هنا يأتى تركيزنا فى دعوتنا ـ نحن أهل القرآن ـ على عدم تقديس النبى محمد والصحابة والأئمة وآل البيت .
قال : أنت أدخلتنى فى متاهة الغفران يوم الدين وحبط الأعمال يوم الحساب . أريد الرجوع الى موضوعنا .
قلت : ما سبق هو التفسير القرآنى لقوله جل وعلا : ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ )(48) (116 )النساء)، بمعنى أن من يموت على كفره ويأتى بكفره يوم الحساب لا يمكن أن يغفر الله جل وعلا له يوم الحساب .
قال : وماذا عن قوله جل وعلا :( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً )
قلت : إقرأ الآية فى سياقها المحلى فى سورة الزمر .
قال : يقول جل وعلا : ( قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (55) الزمر )
قلت : هنا الله جل وعلا يخاطب عباده الأحياء يعظهم ويرغبهم فى التوبة ويرهبهم من العذاب ، أى لا يياسوا من رحمة الله جل وعلا مهما بلغت ذنوبهم وكبائر ذنوبهم ، عليهم أن يتوبوا وينيبوا الى ربهم وأن يُسلموا له جل وعلا قلوبهم بلا تقديس لبشر أو حجر ، وهذا فى حياتهم الدنيا قبل الموت حتى لا يأتيهم عذاب الآخرة ، وعليهم تحقيق التوبة المقبولة بأن يطبقوا أوامر الله جل وعلا أحسن تطبيق ، فهناك أوامر هى الأحسن ، مثل قيام الليل ومثل الذى يقرض الله جل وعلا قرضا حسنا فيضاعفه له ، وذلك الذى يتصدق وهو فقير يؤثر على نفسه وبه خصاصة . وهذه أعمال السابقين المقربين فى الدرجة العليا فى الجنة ، وهناك أعمال مفروضة كالصلوات الخمس والزكاة المالية العادية ..ومن يفعلها يكون من اصحاب اليمين فى الدرجة الثانية فى الجنة . ذلك الذى أسرف على نفسه عليه أن يعمل أحسن الطاعات ليعوض ما فات ، وكى يبدل الله جل وعلا سيئاته الى صالحات .
قال : هذا فى السياق الخاص بالآية فى سورة الزمر . فماذا عن السياق العام للموضوع فى القرآن كله ؟
قلت : هذايخصُّ التوبة فى الدنيا ، فالفرد يتوب فى الدنيا لينال الغفران يوم الحساب.
قال : يعنى هنا تكون التوبة ؟
قلت : نعم . يقول جل وعلا يدعو الكافرين للتوبة وهم أحياء : ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ )(38) الانفال )، فإن إنتهوا عن الشرك القلبى والسلوكى يغفر لهم رب العزة يوم الحساب ما قد سلف من كفر قلبى وسلوكى .
قال : وهل هذا عام لكل البشر أم لكفار قريش فقط ؟
قلت : هى دعوة لكل الذين كفروا فى كل زمان ومكان .
قال : أى تشمل أهل الكتاب ؟
قلت : نعم ، هى دعوة لأهل الكتاب فى قوله جل وعلا : ( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)المائدة )، أى دعوة لهم للتوبة والكفّ عن هذه المقولة وذلك الاعتقاد ، وإلا فإن ماتوا على هذا فينتظرهم عذاب أليم .
قال : وما هو السياق القرآنى لهذه الآية الكريمة ؟
قلت : الآية الكريمة من سورة المائدة جاءت فى سياق دعوة الأحياء من أهل الكتاب ليتوبوا عن هذا الغلو فى الباطل ، ونقرأ السياق كاملا . يقول جل وعلا : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ (72) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73) أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74) مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَانظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75) قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76) المائدة ) .
قال : يعنى أن كل الكبائر من الكفر والزنا والقتل يمكن غفرانها بالتوبة الصادقة .؟
قلت : نعم ، وبشرط أن تكون توبة مقبولة تتضاعف فيها الأعمال الصالحة الخالصة لوجه الله جل وعلا ، عندها يبدل الله جل وعلا سيئاتهم أعمالا صالحة يوم الحساب فيدخلون الجنة طالما ماتوا على توبة حقيقية ، يقول جل وعلا : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً (69) إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً (71) الفرقان )
قال : ودائما .. صدق الله العظيم .!
السلام عليكم
ملاحظة
ليس من المعقول أن يغفر الله لانسان ذنبا إذا لم يتوب عن هذا الذنب، فالغفران منوط بالتوبة وهذا ما جاء في سياق الآية ( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ) ففي الحياة الدنيا يمكن أن يذنب ويشرك ثم يتوب فيغفر الله له ذلك بعد التوبة، حتى الشرك. المهم في حكم الله هو دائما الوضع الأخير للانسان، وهذا ماذكره الاستاذ منصور. أحب هنا أن أزيد ملاحظة، أن نص الآية لم يحوي جملة (إن شاء الله)، وكأن الله تعالى يذكر شياْ حتميا. الآية الثانية (إِنَّ اللَّـهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ) تخص الحالة النهائية للانسان، أي في الآخرة. عندها لا يغفر الله الشرك به، (و يغفر مادون ذلك لمن يشاء) جائت مع جملة إن شاء الله، أي أن احتمال الغفران وارد وهو منوط بمشيئة الله، وليس قطعي كما ورد في الآية الأولى. أما الشرك فلن يغفره الله هنا.أي أن الله لن يغفر لانسان بقي على شركه.
أنا أيضا لا أرى أي تناقض بين الآيتين. والشكر للاستاذ منصور على المعلومات.
شكرا لأستاذنا الدكتور منصور - على مناقشة هذا الموضوع الذى يظن البعض ان فيه تناقض بين آيات القرآن وبعضها ،ولو انهم تدبروا القرآن من القرآن ما وجدوا فيه تعارضا ولا إختلافا بين آياته .
ثانيا - اعوذ بالله من أقول على المولى جل جلاله ما ليس لى به علم .ولكن هو إجتهاد فى نقطة مشيئة المغفرة لمن يشاء الله أن يغفر لهم ذنوبهم يوم القيامة ... فلربما تكون مرتبطة بالتوبة فى الدنيا ، وبرحمة الله وفضله على عباده يوم القيامة بجزائهم الحسنة بعشر ةامثالها ، بل ربما إلى 700 ضعف ، بل ربما لأكثر من هذا ،والله يُضاعف لمن يشاء ... وفى المقابل . فإنه سبحانه وتعالى لا يجزى السيئة إلا مثلها ،بمعنى انها = 1-
فلوقارنا ... ال10 -او ال 700 -او اضعافها فى مقابل ال 1 فى عملية الوزن فبالتأكيد فإن ال 10 ومضاعفاتها هى التى ستغلب وتُرجح الميزان ، ومن هُنا يكون الغفران ،وربما تكون هذه هى مشيئة الله فى وزن اعمال المؤمنين المخلصين دينهم لله رب العالمين يوم القيامة ..
قول ابراهيم عليه السلام:( وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) الشعراء )، فالغفران هو يوم الدين ، وليس فى يوم الدنيا هذا ، وهو فى يوم الحساب ، وقد دعا ابراهيم عليه السلام ربه جل وعلا فقال : ( رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) ابراهيم ).قال : كيف سيكون هذا ؟ قلت : فى البعث يرى الناس أعمالهم السيئة والصالحة ، يجبرهم رب العزة على ذلك ، يقول جل وعلا : ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه (8) الزلزلة ) .قال : هذا فى يوم البعث . فماذا بعده ؟قلت : يأتون يوم الحساب بتلك الأعمال ليتم وزنها ، وهذا بالعدل المطلق : (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (47) الانبياء ).قال : كيف يتم الوزن ؟قلت : الفيصل فى وزن الأعمال هو إخلاص الدين لرب العزة جل وعلا . فكل فرد مهما بلغ صلاحه لا يخلو من أعمال سيئة ، وكل فرد مهما بلغ فجوره لا يخلو من عمل طيب . إخلاص الدين لرب العزة جل وعلا وحده هو الفيصل فى الميزان ، وهذا الاخلاص يعنى التقوى بألا يقدس الفرد مخلوقا فى قلبه أو فى عبادته ، أن يكون دينه خالصا لرب العزة جل وعلا وحده وكذلك عبادته.يقول جل وعلا : (فَاعْبُدْ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (2) أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) ) (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلْ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) الزمر) .قال : كيف يكون وزن أعمال المؤمن المخلص دينه وعمله لرب العزة جل وعلا وحده ؟قلت : الذى يأتى يوم الحساب مخلصا لربه دينه وإيمانه وعبادته لا يخلو من سيئات ، هنا يكون الغفران للسيئات ، أى تغطيتها ، وتبديلها بحسنات ، ثم تكون الحسنة بعشر أمثالها فتثقل موازينه فيدخل الجنة:(فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) القارعة )( فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (102) المؤمنون ) ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (8) الاعراف )قال : وماذا عن وزن أعمال المشرك الكافر ؟قلت : الفرد الذى مات بكفره وشركه يأتى يوم القيامة بعمل صالح وعمل سىء ، الله جل وعلا يحبط أعماله الصالحة.
قلت : أى يضيع ثمرتها لأنها صدرت عن قلب مشرك كافر. وقد حذّر رب العزة كل الأنبياء والرسل وخاتم النبيين عليهم جميعا السلام ـ من الوقوع فى الشرك والموت عليه حتى لا يحبط أعمالهم الصالحة ، يقول جل وعلا : : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ (65)الزمر) أى بحبط العمل يكون الفرد خاسرا .ويقول جل وعلا للمؤمنين يحذرهم من الارتداد عن دين الاسلام والموت على الكفر : (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217) البقرة )، أى بحبط العمل الصالح لمن مات كافرا فيكون مصيره الخلود فى النار.قال :وماذا عن قوله جل وعلا :( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً )قلت : إقرأ الآية فى سياقها المحلى فى سورة الزمر .قال : يقول جل وعلا : ( قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (54) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمْ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (55) الزمر )قلت : هنا الله جل وعلا يخاطب عباده الأحياء يعظهم ويرغبهم فى التوبة ويرهبهم من العذاب ، أى لا يياسوا من رحمة الله جل وعلا مهما بلغت ذنوبهم وكبائر ذنوبهم ، عليهم أن يتوبوا وينيبوا الى ربهم وأن يُسلموا له جل وعلا قلوبهم بلا تقديس لبشر أو حجر ، وهذا فى حياتهم الدنيا قبل الموت حتى لا يأتيهم عذاب الآخرة ، وعليهم تحقيق التوبة المقبولة بأن يطبقوا أوامر الله جل وعلا أحسن تطبيق ، فهناك أوامر هى الأحسن ، مثل قيام الليل ومثل الذى يقرض الله جل وعلا قرضا حسنا فيضاعفه له ، وذلك الذى يتصدق وهو فقير يؤثر على نفسه وبه خصاصة . وهذه أعمال السابقين المقربين فى الدرجة العليا فى الجنة ، وهناك أعمال مفروضة كالصلوات الخمس والزكاة المالية العادية ..ومن يفعلها يكون من اصحاب اليمين فى الدرجة الثانية فى الجنة . ذلك الذى أسرف على نفسه عليه أن يعمل أحسن الطاعات ليعوض ما فات ، وكى يبدل الله جل وعلا سيئاته الى صالحات .
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5111 |
اجمالي القراءات | : | 56,688,533 |
تعليقات له | : | 5,445 |
تعليقات عليه | : | 14,818 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
دعوة للتبرع
اريد التسجيل : مضت اكثر من خمس سنين وانا اتابع الموق ع اظن ان...
للصبر خدود: عشت مع جوزى تلاتي ن سنة ما شفتش فيهم يوم واحد...
الزواج في الكنيسة : أنا أمريك ى مهاجر من مصر . أحببت زميلت ى في...
توبة العاصى: هل صحيح ان الله يغفر فقط الذنو ب التي تتعلق به...
كيف اتصرف مع أبى ؟: ابى تجاوز السبع ين ، عانلن ا طول حياتن ا ...
more
مقال عظيم كالعادة استاذنا الكبير ، فيديو التجريد موجود علي اليوتيوب باسم ( تجويد البخاري ومسلم )
ارجو ان ينول إعجاب أهل القران هههههههههه