أخيرا يطرق العلم الحديث أبواب البرزخ :
البرزخ

آحمد صبحي منصور Ýí 2016-03-29


البرزخ : أخيرا يطرق العلم الحديث أبواب البرزخ

أولا :

1 ـ بتاريخ 27 مارس 2016 نشرت قناة ( روسيا اليوم ) ( العربية ) مقالا تحت عنوان ( علماء: الأشخاص بعد وفاتهم سيجدون أنفسهم في عوالم موازية بدلا من الجنة والنار ) وقالت : ( أبلغ علماء من جامعة كارولينا الجنوبية الأمريكية عن خبر مثير يقول إنه ليس هناك لا فردوس ولا جحيم. يؤكد هؤلاء المختصون أنه توجد عوالم موازية ينتقل إليها الأشخاص بعد وفاتهم المطلقة.قال الأستاذ لانتس الذي يترأس هذا الفريق إن حياة الناس عبارة عن مركبة من المركبات للدورة المستمرة التي لا تنقطع، وبعد وفاة الأشخاص تتنقل نفوسهم إلى بُعد آخر. يشبه الأستاذ هذه العملية بحياة النباتات بعض الشيء حيث تزهر النباتات ثم تنمو وتنضج فتذبل. وبعد ذلك تعاد هذه الدورة من جديد.أما الأبعاد الموازية الأخرى التي تتنقل إليها نفوس بني آدم فهي ليست الفردوس والجحيم في الواقع كما يعتقد الناس بناء على معتقداتهم الدينية. من الممكن أن تعود النفوس بعد وفاتها في ذلك البعد الآخر إلى بعدنا هذا من جديد أو تتنقل إلى بعد ما آخر، هذا ما يعتقد به العلماء.يشير المختصون إلى أن حقائق غريبة مثل ظهور أشخاص الثلج (إيتي) وعرائس البحر ووحوش غريبة هي مجرد حالات تنقل هذه الكائنات من أبعاد موازية إلى عالمنا هذا.لكن، يقول العلماء، إن هذه النظرية من المستحيل إثباتها عمليا اليوم، مع أنهم يعتمدون في معتقداتهم على تصرف الجسيمات المجهرية التي تستطيع أن تقع في حالات مختلفة في آن واحد..) .

2 ـ هذه العوالم الموازية التى تم إكتشافها حديثا هى البرزخ ومستوياته التى أشار اليها رب العزة فى القرآن الكريم ضمن حقائق لا يزال العلم الحديث بعيدا عنها . ولقد إقتربوا من التشبيه القرآنى للموت والبعث بما يحدث للنبات ( الاعراف 57 ،  يونس 24 ، الكهف 45 ، المؤمنون 5 : 7 ، فصلت 39 ، الحديد 20 ، نوح 17 ). ولكن بعض إستنتاجاتهم باطلة مثل إنكارهم الآخرة وما فيها من جنة ونار ، أو قولهم بالتناسخ ، عودة الأنفس فى أشكال جديدة . المهم هنا أنهم أخيرا بدأوا يطرقون أبواب العوالم الموازية ، أو ( البرزخ ).  

3 ـ وبالتدبر القرآنى وفى مقالات منشورة هنا ، وفى كتاب ( ليلة القدر هى ليلة الاسراء ) وفى ( كتاب الشفاعة ) وفى مقالات ( لكل نفس بشرية جسدان ) قلنا أنه طبقا للقرآن الكريم توجد سبع سماوات ، وسبع أرضين ، ونحن نعيش على الأرض المادية ، وتتخللها ست أرضين أخرى ، فى برازخ أو مستويات متداخلة ، ويتخلل هذه الأرضين سبع سماوات أو سبع مستويات أخرى . فى الست أرضين التى تتخلل أرضنا ( أو الست برازخ ) أو ( الست مستويات ) توجد الملائكة التى لها علاقة بالبشر مثل ملائكة تسجيل الأعمال وملائكة الموت ، كما توجد عوالم الجن والشياطين ، وجنة المأوى التى كان فيها آدم قبل هبوطه الى الأرض المادية وهى نفس الجنة التى ترقى اليها أنفس من يُقتل فى سبيل الله جل وعلا ، وفى مستوى من مستويات البرزخ  توجد أنفس الموتى ، ومن البرزخ يتخلل القرين الشيطانى الى نفس صاحبه الانسى يزين له الخير شرا والشر خيرا . وكل نفس بشرية  يتخللها الملكان ( رقيب و عتيد )  يسجلان عملها ويحفظانه فى ارشيف يكون كتاب أعمال هذه النفس يوم القيامة . يفنى جسدها المادى بالموت ويبقى منه سيرة حياتها مسجلة فى كتاب أعمالها ، ثم تأتى كل نفس يوم القيامة ومعها (رقيب ) و ( عتيد ) وقد تحولا الى ( سائق ) و ( شهيد ). السائق يسوقها الى الحساب ، والشهيد يشهد لها إن كان عملها صالحا ، وهذا معنى شفاعة ، ويشهد عليها إن كان عملها سيئا . وفى كل الأحوال فطالما يحيا الانسان فى هذه الدنيا يظل جسده المادى يحول بينه وبين رؤية عوالم البرزخ من الجن والملائكة والشياطين ، بينما هم يروننا . حين يتحرر من جسده بالموت يرى ملائكة الموت عند الموت فى بداية دخوله البرزخ . ويوم القيامة يرى الخاسر من البشر قرينه الشيطانى الذى كان يُضلُّه .

ثانيا :

  فى عام 1990 صدر لى فى القاهرة كتاب ( حقائق الموت فى القرآن الكريم )، ثم تم نشره هنا من حوالى عشر سنوات فى مقالات ، ثم تم تجميعها فى كتاب منشور بموقعنا بعنوان ( كتاب الموت ). وتعرض الكتاب لموضوع البرزخ ، فى سياقات متعددة . نقتطف بعضها هنا ، للعظة والتذكير :

1 ـ ( الذين اقتربوا من بوابة الموت ثم لم يدخلوها في ذلك الوقت وعاشوا بعدها اجمعوا في رواياتهم على وصف متشابه ، كل منهم كان على شفا الموت ودخل في إغمائه ولأن أجله لم يأتي فقد تم إنقاذه قبيل لحظة الصفر ، قبيل أن يدخل بوابة الموت الغامضة .. في رواياتهم عن تلك التجربة الهائلة كان أحدهم يحث بنفسه يرتفع رويداً تاركاً جسده المسجى على السرير وحوله الناس ، وهو يتعجب مما يراه ، وبعضهم يصف مبهوراً ذلك العالم الذي أقترب منه المليء بالألوان والتموجات التي يستطيع وصفها وكان سعيداً بما يراه وتحولت سعادته إلى حزن حين عاد يتقمص جسده ، وعاد للحياة العادية . وبالطبع فإن أولئك الذين دخلوا بالفعل بوابة الموت لم تأتهم الفرصة ليتحدثوا عنها ، ولو تحدثوا لرووا حديثهم مع ملائكة الموت... فالقرآن الكريم فصل ذلك الحوار الذي لابد أن يجرى بين المحتضر على فراش الموت وبين رسل الله من ملائكة الموت هذا بينما الناس حول فراش المحتضر لا يرون شيئاً ولا يسمعون شيئاً في هذه اللحظة يكون الإنسان أسيراً بين الملائكة ، وحول أهله وأحباؤه لا يستطيعون شيئاً . يقول تعالى يصف هذه اللحظة الهائلة : ( " فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (83) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (84) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (85) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (86) تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (87) "الواقعة 83 : 87 ). ملائكة الموت أقرب من الميت من أهله المحيطين به ، في حقيقة الأمر هم يحيطون بجسد الميت الذي بدأت النفس  ـ أو الكائن الحقيقي الذي يمثل الإنسان ـ  تنخلع منه كما يترك أحدنا معطفه البالي . أهل البيت لا يزالون في العالم المادي يرون فقط الجسد المادي المسجى أمامهم على فراش الموت ، أما نفس الميت فهى وقد قطعت علاقتها بالجسد وبدأت تدخل عالم البرزخ أصبحت ترى على الحقيقة عالم البرزخ العالم الأثيري وتخاطب الملائكة .)

2 ـ ( عندما يدخل الميت بوابة الموت فعلاً يتحرر من سيطرة الزمن والعالم المادي ويدخل عالم البرزخ وهو في كامل إدراكه وقواه العقلية – وليس في حالة نوم أو موت جزئي – وساعتها يكون الفزع قد بلغ عنده مداه خصوصاً وهو يدرك الآن أنه لم يكن مستعداً لدخول ذلك العالم بما ينبغي الاستعداد له ،ومهما بلغت درجة تقواه في الدنيا فإن فزعه من شريط حياته الذي يراه يمر أمامه في لحظة تعدل الحياة كلها – يجعله في حالة خوف وحزن . وبالطبع فإن العاصي والمشرك يكون حاله أسوأ ويكون موقف الملائكة ـ ملائكة الاحتضارـ معه أشد . ) ( والبشر على فراش الموت يكونون على ثلاثة أقسام ، قسمان في الجنة وقسم في النار وعلى أساس درجة كل منهم تكون نوعية حوار الملائكة معه .) ( وهنا يتعين على الميت الأسير بين يدي ملائكة الموت أن يعرف مصيره " فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم " أي إذا كان من أصحاب الدرجات العليا من الإيمان والتقوى فستكون لحظة الاحتضار عنده راحة وسعادة وتبشير بجنات نعيم " وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين " أي إن كان من الناجين من أهل اليمين فالملائكة تلقاه بالتسليم تقول له سلاماً سلاماً .." وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم " أن كان خاسراً كذب بآيات الله وقرآنه وضل في سلوكه وعقيدته فتبشره الملائكة بمستقره في جهنم وتعذيبه في الجحيم .  ثم تقول الآية " إن هذا لهو حق اليقين " أي هو حق سيأتي الوقت الذي يكون أمام أعيننا يقيناً يتيقن الإنسان منه بنفسه. )

3 ــ ( أهل الميت لا يرون الملائكة أو نفس الميت لحظة دخولها العالم الأثيري والسبب أننا طالما ظللنا سجناء في هذا الجسد المادي وفى هذا العالم المادي فلا يمكن أن نرى العوالم الأخرى الأثيرية التي تتداخل في عالمنا وفى نفس المكان .) ( الثابت علمياً أن ذرات المادة الأرضية تدور بسرعة تتراوح بين 400 ألف مليون دورة إلى 750 ألف مليون دورة في الثانية الواحدة ، أما ذرات العالم العلوي الأثيري فإنها أسرع دوراناً وبهذا تخرج عن المستوى الاهتزازي لعالمنا المادي ولا نستطيع أن نراها ، ومن العالم غير المرئي لنا الجن والشياطين والملائكة والنفس البشرية بعد الموت وفى حالة النوم . وقد دل علم الميكانيكية الموجية على أن الأساس في تداخل الأجساد أو عدم تداخلها راجع إلى اختلاف المستوى الاهتزازي لهذه الأجساد أو تطابقه . فإذا كان المستوى الاهتزازي واحداً لإنتمائهما إلى نفس العالم فإن تداخلها يكون مستحيلاً ، فالإنسان بجسده الأرضي لا يستطيع أن يخترق الجدران لأن مجال المستوى الاهتزازي بينها واحد . أما إذا أختلف المجالان فإن التداخل يكون طبيعياً ، وعلى ذلك فإن وجود جسمين " أحدهما أرضى والآخر سماوي  "  متداخلين وشاغلين مكاناً واحداً في آن واحد يعتبر ظاهرة طبيعية يؤيدها العلم . وجهاز الراديو أبرز مثال لذلك ، فالكون ممتلىء بموجات لاسلكية تخترق الجدران وهى في نفس الوقت متداخلة لا يحس بعضها ببعض ولا يؤثر بعضها على بعض ، وكلها يتخلل جهاز الراديو ، فإذا استقر مفتاح الراديو على موجة معينة ألتقطها دون أن يعوقه وجود موجة أخرى في نفس المكان ذات اهتزاز أو ذبذبة مخالفة . الإنسان إذاً يعيش في عالمين متداخلين ولكل منهما مستوى اهتزازي يغاير الآخر . ويتداخل الجسمان " الجسد الأرضي والنفس البرزخية " ، والموت هو انفصال النفس نهائياً عن ذلك الجسد المادي وكل عوالم المادة التي نراها الآن بعيوننا . والعين البشرية لا ترى كل شيء يقع في مجال الرؤية أمامها . )

4 ـ ( لنا موتتان وحياتان وبرزخان :من حقائق القرآن الغريبة عن الموت أننا نموت مرتين ونعيش مرتين وذلك ما سنعرفه يقيناً عند القيامة :"{قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ }غافر11") .وفى آية أخرى يقول لنا ربنا : "{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }البقرة28"). إذن كنا موتى قبل أن نولد ثم دخلت النفس في الجنين وبدأنا الحياة الدنيا أو الحياة الأولى ، وبعدها خرجت النفس من الجسد فعدنا إلى الموت أو الموتة الثانية فبعدها كان البعث في دخول النفس ثانية إلى الجسد لنحيا الحياة الثانية وفيها يكون الحساب أو الجنة أو النار .) ( الموت بالنسبة للنفس أن تكون بلا جسد كما في البرزخ الأول أو أن تفارق الجسد الذي كان لها كما يحدث لنا في العالم . وفى الحالين تعود النفس لعالم البرزخ الغامض .إذن هناك موتتان الأولى قبل أن نولد والثانية بعد أن نموت في هذه الدنيا وفى الموتتين نكون في البرزخ أو نعود إليه ، ولنا حياتان الأولى في هذا العالم والأخرى في العالم الآخر في يوم الدين وما يتلوه من جنة أو نار .)( بالنسبة لعالمنا الأرضي الذي يدور في إطار الزمن نقول برزخ أول وبرخ ثان . ونضرب مثلاً لتقريب معنى البرزخ الأول والثاني . أو الموتة الأولى والموتة الثانية :- والدي المتوفى هو الآن في البرزخ الثاني في موتته الثانية لأنه سبق له أن عاش على هذه الأرض، وقبل أن يكون على الأرض كانت نفسه ميتة في البرزخ ، ثم بعد أن قضى عمره في الأرض مات الموتة الثانية وعاد للبرزخ ثانية . أما ابني الذي لم أرزق به بعد أو حفيدي الذي لم أره بعد فلا يزال نفساً ميتة في البرزخ الأول .. لم يولد بعد . ولأن البرزخ عالم من الموت والموتى فيستحيل أن يتعرف والدي في البرزخ على ابني أو حفيدي الذي لم يأت الدنيا بعد ، وإذا أمكنك أن تحادث حفيدي الذي لم يولد بعد في البرزخ الأول أذن يمكنك أن تحادث الموتى في قبورهم أو في البرزخ الثاني ، في واقع الأمر إن الموتى لا يسمعون في أي حال ..)

5 ـ ( . لقد انتقل الكائن الحقيقي داخل الجسد – وهو النفس – إلى عالم البرزخ ، ودخل فترة كمون أو موت حيث لا يحس بأحد ولا يحس به أحد ، إن آخر لحظة إحساس للميت تكون ساعة الاحتضار في حواره مع ملائكة الموت ، وحين البعث في العالم الآخر يستعيد الإنسان ذكرياته سريعاً ويكون أول ما يتذكر هو لحظة موته ويتخيل أنها كانت بالأمس القريب ، يظن أنه مر عليه يوم أو بعض يوم .. وينسى أنه مكث في البرزخ آلاف السنيين، ولكن فترة البرزخ لازمن فيها ، يستوى الزمن من ملايين السنين إلى يوم واحد فقط .. إن آدم أبا البشر وآخر إنسان من أولاد آدم سيحسان نفس الشعور حين البعث .. أنهما قضيا يوماً أو بعض اليوم من موعد الموت إلى موعد البعث. يقول تعالى : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ {259} البقرة ) ، حين استيقظ أو بعثه الله بعد مائة عام ظن أنه لبث يوماً أو بعض يوم فقط ، أي فقد الإحساس بما حوله لمدة مائة عام . وأصبحت المائة عام مجرد نوم استمر يوماً أو بعض اليوم . ويقول تعالى عن أهل الكهف حين استيقظوا بعد ثلثمائة سنين و تسع سنوات : (وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ {19} الكهف ). أصبح البرزخ في منامه مجرد يوم أو بعض يوم وهو في الزمن الأرضي 309 سنوات كاملة . وخلالها لم يحس أهل الكهف بما جرى لمدينتهم من تقلب الأيام وموت أجيال وحياة أجيال وانقراض حكام وقيام حكام حين استيقظوا كانوا يخافون من نفس المدينة التي تركوها بالأمس فقط في اعتقادهم ، فقالوا لمن أرسلوه ليشترى لهم الطعام :( فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً{19} إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَن تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً{20} "الكهف ). ويتكرر نفس الموقف ساعة البعث يوم القيامة أي حين ينتهي البرزخ ، يظن أحدهم انه مات أو نام منذ ساعة ، والساعة في التعبير القرآني تعنى بعض اليوم :( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ{55} وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ{56) الروم ). ( البرزخ فترة موت أو كمون لا إحساس فيها يظل فيها الميت إلى يوم البعث . يقول تعالى : ( حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ{99} لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{100 )المؤمنون )

6 ــ ( والبرزخ في اللغة يعنى الحاجز بين الشيئين الذي يمنع أحدهما من الوصول للآخر وبهذا المعنى جاء قوله تعالى :( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ{19} بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ{20} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{21} " الرحمن )  ( وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراًالفرقان 53 ). فالبرزخ حاجز بين الموت بين الحياة الدنيا الأولى والحياة الآخرة ولا يستقيم أن يتخلل البرزخ حياة أو حساب )..( لم يرد في القرآن شيء من عذاب القبر أو نعيمه ، وإنما ذكر القرآن أن من في القبور : " موتى لا يسمعون ولا رجاء فيهم " فاطر 22 الممتحنة 13 "" وأن موعدهم البعث " الحج 7 ، الانفطار 4 ، العاديات 9 ). ولكن ورد في القرآن أن بعض البشر سيعذب بعد موته وبعضهم سيحظى بالنعيم بعد موته وبالطبع فإن ذلك في غير العالم الأرضي وفى غير البرزخ .يقول تعالى عن الذين قتلوا في سبيل الله : ( وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ " البقرة 154 ) . إذن من البداية ينهانا الله تعالى أن نعتبر المقتول في سبيل الله ميتاً أو أن نقول عنه أنه مات . بل هو حي ولكن كيف ؟ لا نشعر .. لأنه حي في عالم أثيري لا يمكن أن نراه أو نحس به ويعطى القرآن . إشارات على قدر ما تسمح به أفهامنا عن نوعية هذه الحياة التي لا يمكن أن نشعر بها ، فيقول : (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ{169} فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{170} يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ) آل عمران ). ففي الآيات تكرار للنهى عن أن نحسبهم موتى .. بل هم أحياء في عالم آخر " عند الله " ويتمتعون بالرزق من الله ، ثم هم سعداء فرحون بنعيم الله وفضله وينتظرون مجيء ضيوف آخرين من الذين يهبون حياتهم في سبيل الله ليكافئهم الله بالحياة الأكرم عنده ، وهناك لا خوف ولا حزن ولكن استبشار وحمد لله الذي لا يضيع أجر المؤمنين ..إذن نحن أمام نوعية فريدة من الحياة في مكان لا نعرف عنه شيء ، حيث يحس أولئك بالآخرين ممن لا يزالون في العالم الأرضي ويتمنون لهم أن يلحقوا بهم في ذلك النعيم الإلهي .وفى القصص القرآني حكاية ذلك الرجل الذي جاء من أقصى المدينة يسعى ليؤيد الرسل الثلاثة الذين أرسلهم الله إلى القرية فكذبوهم وهددوهم بالرجم ، ودفع الرجل حياته ثمناً لكلمة الحق التي تطوع بقولها ، وحين قتله قومه جاء تبشيره بالجنة : ( قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ{26} بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ{27}   يس ) فذلك الرجل المقتول في سبيل الله أحس بقومه وتمنى أن يكون منهم من يلحق به في دار النعيم عند الله . هذا بينما تظل الحقيقة القرآنية ماثلة أمامنا . إننا لا نشعر بهم وإن كانوا يشعرون بنا .أولئك أناس دفعوا حياتهم ثمناً لرضا الله وفى سبيله فاستحقوا أن يكتب الله لهم الحياة حيث يتوقع الآخرون لهم الموت ، وحيث أراد أعداء الله لهم الموت . وهناك من البشر من تطرف في الكفر إلى درجة أدعاء الربوبية الكبرى وإنكار وجود الله والتساؤل بسخرية عنه تعالى ، وإلى درجة قتل وصلب المؤمنين ، ثم بذل حياته وهو يطارد نبي الله موسى لا لشيء إلا لكي يجعل قومه تحت سيطرته وعذابه الدائم .. إنه فرعون الذي جعله الله إماماً لكل المشركين إلى يوم القيامة " القصص 4 : 38 : 42 " ، " غافر 36 : 37 " " النازعات 21 : 25 " . وكوفىء فرعون على تطرفه في الكفر بخصائص منها أنه يظل في عذاب بعد غرقه في سبيل الشيطان إلى أن تقوم الساعة : " وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ{45} النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ{46} غافر)فطالما هناك دنيا وليل ونهار وغدو وعشي يعرض فرعون وآله على النار وذلك هو سوء العذاب ، ثم يوم القيامة له نوع آخر يتميز به وهو أشد العذاب، ويكون فيه " زعيماً" لقومه في دخول النار يقدم قومه يوم القيامة: ( فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ{98} وَأُتْبِعُواْ فِي هَـذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ{99} هود ) .

أخيرا

ودائما : صدق الله العظيم .! 

اجمالي القراءات 14361

للمزيد يمكنك قراءة : اساسيات اهل القران
التعليقات (6)
1   تعليق بواسطة   داليا سامي     في   الأربعاء ٣٠ - مارس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[81005]

البرزخ


وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ  أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ۖ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) 

فى تشبية الله سبحانة لمن يدعو اخر غيره لا يملك له نفع ولا ضرر كالنفس فى الموته الثانية البرزخية لا تشعر بالوقت ولا متي ميعاد البعث ,, ولكن دكتور احمد الفاضل هل يصيب نوع من العذاب لتلك النفس بمجرد علمها بمكانها ومكانتها سواء فى الجنه او السعير ام تظل كانها رؤية او كابوس لحظي لا تشعر به فى موتتها ؟  وجزاك الله نعم الثواب 



2   تعليق بواسطة   عثمان محمد علي     في   الأربعاء ٣٠ - مارس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[81006]

اعتقد الإجابه فى كتاب عذاب القبر والثعبان الأقرع .


اعتقد أستاذه  داليا . أن الإجابه بالتفصيل فى كتاب استاذنا الدكتور -منصور ( عذاب القبر ) ...وسريعا لا يوجد عذاب فى القبر ولا فى البرزخ لا للجسد ولا للنفس بعد موتها .



3   تعليق بواسطة   آحمد صبحي منصور     في   الأربعاء ٣٠ - مارس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[81008]

شكرا أحبتى ، وندعو الله جل وعلا أن يعيننا على الاستمرار


هذا المقال تلخيص لكتابات سابقة لاثبات سبق القرآن العلمى لما يكتشفه العلم الحديث ـ فى موضوع البرزخ . 

وعند الاحتضار يدور حديث بين المُحتضر والملائكة تبشره الملائكة بالجنة وتهدىء روعه إن مات مؤمنا صالحا ، أو نبشره بالعذاب وتضرب وجهه ودبره إن مات فاسقا. هذا يحدث للنفس ، والتى كانت تحتل الجسد ثم فارقته وتكون على أبواب البرزخ ، وهذه النفس تحمل نفس ملامح جسدها من الوجه والأعضاء . بعد هذا اللقاء مع الملائكة ترجع الى برزخها الذى أتت منه سابقا ، وتكمن فيه الى يوم البعث بلا إحساس و ( بلا عذاب قبر) ، وعند البعث تصحو كأنها ماتت أو نامت من يوم أو بعض يوم . وقلنا فيما سبق إن هذا الاحساس عند البعث بمرور يوم أو بعض يوم سيكون لكل الموتى بغض النظر عن السابق واللاحق فى موعد الموت، وبالتالى فإن الباقى على يوم القيامة بالنسبة لكل إنسان هو ما تبقى له من عُمر فى هذه الحياة الدنيا + يوم أو بعض يوم. بمعنى أننى لو كان محددا لى أن أموت بعدعامين فإن الباقى على موعد بعثى يوم القيامة هو عامان + يوم أو بعض يوم . وابنى الذى هو الآن فى الثلاثين يبقى على موعد بعثه  يوم القيامة : موعد موته ـ نقول مثلا 40عاما + يوم أو بعض يوم . بهذه الدرجة يكون يوم القيامة قريبا من كل واحد منا ، حيث أن من يموت ويدخل البرزخ لا يُحسُّ بمرور الزمن ، سواء بقى فيه عاما أو مائة الف عام . سيصحو عند البعث كأنما مات من ( ساعة ) بالمصطلح القرآنى . هذه حقيقة غائبة ..ومرعبة .. ولقد إقترب للناس حسابهم وهم فى غفلة معرضون. نسأل الله جل وعلا أن يزحزحنا عن النار وأن يدخلنا الجنة وأن يجعلنا من الفائزين . سبحانه جل وعلا الغفور الرحيم .!!

4   تعليق بواسطة   محمد شعلان     في   الأربعاء ٣٠ - مارس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[81012]

بينهما برزخ لا يبغيان


 يقول تعالى في سورة الرحمن " مرج البحرين يلتقيان، بينهما برزخ لا يبغيان، فبأي آلا ربكما تكذبان" 



 من يذهب إلى رأس البر بدمياط وقبل أت يسد النيل بحواجز اسمنتية مع البحر المتوسط، كنت تقف في مجمع البحرين وتسرب ماءا عذبا بيد وتتذوق الماء الملح الأجاج باليد الأخرى،  ولا يمتزج الماءين،!



هذا نوع من البرزخ نجده في عالمنا المادي وقد عبر القرءان العظيم بلفظ برزخ مباشرة عن هذا العالم!



 بارك الله تعالى لنا في علمك ومتعك بالصحة والعافية.



5   تعليق بواسطة   داليا سامي     في   الخميس ٣١ - مارس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[81016]

البرزخ 2


اشكر زميلي الكريم دكتور عثمان ولذا على ان اقرا كتاب عذاب القبر للدكتور احمد قراءة متانية ,, وكأن سؤالي عن اى نوع من العذاب حتي المعنوي يصيب الروح لقولة تعالي (ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد ) صدق الله العظيم 



وقد تفضل دكتور أحمد بتلخيص سريع ورد موضحا ومتدبرا الاية الكريمة .. 



 



اعانكم الله على الاستمرار ونفع بكم دينه العظيم 



6   تعليق بواسطة   مراد الخولى     في   الخميس ٣١ - مارس - ٢٠١٦ ١٢:٠٠ صباحاً
[81021]

أحسن فيديو لما يصفه القرءان عن لحظة الموت للمشرك.


هذا الفيلم مليء بالتخاريف ولكن هذا المقطع أقرب إلى ما يصفه القرءان الكريم عما يحدث للظالمين لحظة الموت. أرجو المشاهدة من لحظة 0:50 إلى 2:00....طريقة الموت نفسها خرافة ولكن ماذا يحدث للنفس عند الموت هو المفيد أى ما وصفه القرءان.


https://www.youtube.com/watch?v=-Y2wqkD2KVM


أضف تعليق
لا بد من تسجيل الدخول اولا قبل التعليق
تاريخ الانضمام : 2006-07-05
مقالات منشورة : 5111
اجمالي القراءات : 56,691,138
تعليقات له : 5,445
تعليقات عليه : 14,818
بلد الميلاد : Egypt
بلد الاقامة : United State

مشروع نشر مؤلفات احمد صبحي منصور

محاضرات صوتية

قاعة البحث القراني

باب دراسات تاريخية

باب القاموس القرآنى

باب علوم القرآن

باب تصحيح كتب

باب مقالات بالفارسي