آحمد صبحي منصور Ýí 2016-02-08
أولا :
1 ـ الكاتبة الأمريكية بيرل بك ( 1892 : 1973 ) عاشت طفولتها وشطرا من حياتها فى الصين ، وكتبت عن الحياة الصينية معظم رواياتها ، وحصلت على جائزة نوبل فى الأدب عام 1938، واشهر قصصها رواية ( الأرض الطيبة ) التى حكت فيها حياة فلاح صينى وزوجته . كانت الزوجة من قبل جارية مملوكة تعيش فى قصر إقطاعى ، وحدثت ثورة جياع ، وهجم الجوعى على القصر الفخم يسلبون وينهبون ، وكانت بطلة القصة بينهم . ولأنها عاشت فى هذا القصر من قبل وتعرف خباياه ، فلم تتجه مثل الجميع الى سلب الطعام والأثاث ، بل إنتظرت حتى إنفض الجمع وتسللت الى حيث كان أهل القصر يخبئون الجواهر فى الحوائط ، فأخذتها .
2 ــ هذا ما فعله قارون فى عصر موسى عليه السلام . كان قارون من بنى اسرائيل فبغى عليهم وأصبح تابعا لفرعون ضد قومه المستضعفين . أهل مصر وقتها كانوا ثلاثة أقسام : فرعون وقومه وجنده وآله ونظام حكمه وحكومته ، بنواسرائيل (وكانوا أصحاب ثروة ومجد قديم ثم صاروا مستضعفين فى الأرض ــ ثم بقية المصريين المستضعفين ملح الأرض الفلاحين ـ الذين كانوا ــولا يزالون ــ يكدون فى إنتاج الخير .. للغير . غرق فرعون وجنده وقومه وكل نظام حكمه معه . بقى فى مصر بعدهم نوعا المستضعفين : الفلاحون الغلابة وبنو اسرائيل الذين ورثوا حكم مصر سنوات بعد هلاك فرعون ونظام حكمه . يقول جل وعلا : ( فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (136) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ (137) الأعراف ). هنا : هلاك فرعون وقومه ، ووراثة بنى اسرائيل أرض مصر بعده ، وتدمير قصور ومخازن ومزارع ( الحكم البائد ) . ونتصور أن الفلاحين المصريين الغلابة ( رقيق الأرض ) الذين كانوا يكدُّون فى الحقل ـ تحت لهيب السياط ـ قد وجدوا أنفسهم أحرارا مرة واحدة ـ بلا سياط تُخيفهم. وأسيادهم من ملأ فرعون لم يعد لهم وجود . وقصورهم ومخازنهم المتخة بالخير بلا صاحب . المنتظر أن يهجموا ـ مثل الجوعى فى رواية ( الأرض الطيبة ) للروائية الأمريكية بيرل بك ـ على مخازن الطعام والأثاث الظاهر المُتاح نهبه . ونتصور أيضا أن قارون عميل فرعون وآله والأعرف بكنوزهم ـ إنتظر ـ مثل الفلاحة الصينية فى قصة ( الأرض الطيبة ) ثم تسلل الى مواقع الخزائن السرية للذهب والجواهر فاستولى عليها ، وصار بها أثرى رجل فى العالم وقتها . ( القصص 76 : 82 ).
3 ــ التاريخ الفرعونى يقول إن نظام الرعامسة ( رمسيس 1 وما بعده ) هو الذى أحدث تحولا جذريا فى بنية نظام الحكم فى مصر . إنتهى النظام القديم ( الاقطاعى ) الذى كان مشاركة فى الحكم بين الفرعون وحكام المناطق الإقطاعيين . نظام الرعامسة ألغى هذا النظام الاقطاعى فى المشاركة فى السلطة والثروة ، وجعل الفرعون الرعمسى ( رمسيس ) هو وحده الذى يملك الأرض ومن عليها ، وهو وحده المتحكم فى السياسة والأمن والجيش ، ومعه الملأ الذى يأتمر بأمره من قادة العسكر وقادة الأمن ومديرى المناطق فى سلطة مركزية تتحكم فى كل العمران المصرى ، وتنتهى الى قبضة الفرعون ، وشرحنا ذلك فى كتاب ( مصر فى القرآن الكريم ). ولذا فإن فرعون موسى عقد مؤتمرا يسخر فيه بموسى ويعلن أنه الذى يملك مصر وأنهارها : (وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ (54) الزخرف )، ووجد الملأ ــ من رجال الدين ورجال الأمن ورجال العسكر ورجال الاعلام ــ يصفقون له وكانوا هكذا يفعلون مهما إستخفّ بهم ( ولا يزالون يفعلون مهما إستخفّ بهم ).
4 ــ رب العزة جل وعلا وضع قانونا لاهلاك القرية ( أى المجتمع والدولة ) فقال جل وعلا : (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً (16) الاسراء ). عناصر القانون كالآتى : (1 ) وجود مترفين : يعنى طبقة تتحكم فى السلطة والثروة ، يعنى أقل من 1% من الشعب يمتلكون 99% من ثروة الشعب ، و99% من الشعب لا يملكون سوى 1% من الثروة ، معظم هذا الواحد فى المائة بحوزة طبقة متوسطة هزيلة تعيش على فُتات ما تبقى من المترفين ، ثم أغلبية ساحقة جائعة تعيش مهددة يوميا بمصاعب الحصول على الرغيف بينما تتفنّن الأقلية المترفة بالاسراف والتبذير . (2 ) ـ رفض المترفين الأمر الالهى بالعدل وتطرفهم فى الظلم ـ(أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا ) أى أمرناهم بالعدل . والله جل وعلا يأمر بالعدل والاحسان ، ولكن القاسم المشترك فى كل القرى الظالمة التى تم إهلاكها أن مترفيها رفضوا أمر العدل وردوا بالتطرف فى الظلم ( ففسقوا فيها ) أى إزدادوا ظلما وإحتكارا للثروة ، وتطرفوا فى معاقبة المنذرين والناصحين والمصلحين ،( 3 ) :( فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً )، أى بالقضاء على المعارضة يخلو لهم الجو فيتصارعون وينقلب باسهم بينهم شديدا ، أو عندما يرى الجوعى انفسهم بين واحد من إثنين : الموت جوعا ببطء أو الموت سريعا بسلاح المترفين فيختارون الموت السريع ، وبهذا أو ذاك يحدث الانفجار من الداخل ، لأن القوة العسكرية الضاربة للمترفين ينتمون الى الفقراء . وهناك حدُّ أقصى لطاعتهم لأوامر المترفين بقتل المستضعفين الجوعى . ويحدث الانفجار من الداخل . او ينتهز الفرصة عدو خارجى فيهاجم ويحدث الانفجار من الخارج . وفى كل الأحوال يتم الهلاك والتدمير .
5 ـ المشكلة هنا أن المترفين فى تحكمهم ورفضهم الاصلاح ومطاردتهم المصلحين لا يتبقى معهم سوى الجوعى والمنافقين الانتهازيين ( كلاب الصيد ). بهلاك المترفين يبرز على السطح قادة جدد من العصابات المنظمة ومن المنافقين كلاب الصيد فيدخل المجتمع فى دوامة اخرى من الحروب الأهلية والانقلابات والاضطرابات . وهذا هو ما نشهده الآن بعد فشل ثورات الربيع العربى ، فالمستبد الذى تحكم طويلا مع مترفيه من الملأ قام خلال مدة حكمه الطويلة بالقضاء على المصلحين الحقيقيين وبإفساد كل شىء وتجريف كل شىء ، ثم يترك الوطن منهارا والشعب فاسدا حتى النخاع ، وأكثرهم فسادا هم من يتصدرون المشهد بعده ، الذين لا يعرفون سوى ثقافة الفساد والاستبداد والاستعباد والاستبعاد . ويحتاج الأمر الى عدة عقود من الزمن ومن المعاناة حتى تتأسّس ثقافة العدل والحرية ويتم تأسيس نظام ديمقراطى سليم تكون فيه العدالة للجميع .
6 ـ المراحل المستقاة من قوله جل وعلا ((وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً (16) الاسراء ) من ( مترفين ـ رفض العدل ـ التدمير ) حدثت فى الثورة الفرنسية (1789 : 1799 ) . وصلت أسرة البوربون الحاكمة الى حضيض الفساد والترف فى عهد لويس ال 16 ، ووصل عوام باريس الى الجوع فهبوا فى مظاهرات تجأر طلبا لرغيف الخبز ،ووصل صراخهم الى أُذن الملكة مارى أنطوانيت فى قصرها ، فإستغربت كيف يطلبون رغيف الخبز بينما يستطيعون أكل الجاتوه ـ هو إنفصال كامل عما يجرى فى الشارع وغيبوبة إنفصامية عن الشعب الجائع بعد عقود طويلة من التحكم فى السلطة والثروة . ساعد على ذلك أن كتابات المصلحين ضاعت هباءا من فولتير وجان جاك روسو ومونتيسكو . لم يعد فى باريس سوى الجوعى فى جانب والمترفون وهم ( 2 % فقط ) من الشعب فى الجانب الآخر ، ويقصل بينهما سجن الباستيل الذى يُرهب به المترفون الجماهير الجائعة . كانت الجماهير الجائعة بين إختيار الموت البطىء بالجوع أو إختيار الموت السريع بالمواجهة بصدورهم العارية ، وإختاروا المواجهة ، وقصدوا منبع الارهاب والتخويف نفسه ، وهو سجن الباستيل . فوجئوا بأن هذا السجن الرهيب مجرد نمر من ورق . بمجرد أن إختار الجوعى قرار المواجهة سقط فى أيديهم سجن الباستيل فى 14 يولية 1789 ، وقبض الثوار على قائد سجن الباستيل دى لونى وقطعوا راسه وطافوا بها فى شوارع باريس ،مؤذنة بسقوط النظام الحاكم ، ووقوع فرنسا فى قبضة الرعاع وزعماء العصابات بعد قطع ألسنة المصلحين ، وأصبحت الكلمة العليا للمقصلة التى تقطع الرءوس علنا . وإستمر عدم الاستقرار مدة الى ان حكم نابليون بونابرت الذى أسس امبراطورية عسكرية سقطت ، وفى النهاية عرفت فرنسا ديمقراطية تعنى تداولا سلميا سلسا للسلطة .
7 ـ فى الصين حكم المترفون ووصلوا الى الحضيض بقيادة الأسرة الحاكمة تشينج ، وظهر مصلحون يدعون للعدل فإزداد المترفون غلوا . وذكرت الكاتبة الأمريكية بيرل بك فى روايتها كيف ان شبابا من المثقفين كانوا يوزعون منشورات ، وكانت بطلة الرواية تأخذها منهم وهى لا تعرف القراءة ، ولكن تحتاج الى هذا الورق فى اعمال بيتها ، والرمز هنا هو ذلك الفاصل بين الجماهير الجوعى والثوار المثقفين ، وهو نفس الفاصل بين المترفين فى عالمهم المخملى الذهبى الهادىء وعالم الجوعى الصارخ . وبسبب هذه الفجوة فإن سقوط حكم المترفين من آل تشينج أدى الى المزيد من الاضطراب والمذابح والانقلابات ، وأدت فى النهاية الى هرب شيانج كاى شيك وتاسيس ماوتسى تونج النظام الماركسى فى الصين عام 1949 ، وتحكم ( ماو ) فى الصين فقتل من أهلها عشرات الملايين ، وبعد موته عام 1976 بدأ تغيير نسبى هادىء فى نظام الحكم مع المحافظة على إحتكار الحزب للسلطة والثروة ، أى لا يزال أمام الصين مرحلة من المعاناة الى أن تصل الى الاستقرار الحقيقى .
8 ـ فى مصر ( وجع القلب ) : كان هناك نظام ملكى وبعض الليبرالية مع إنعدام للعدالة الاجتماعية ، وإحتكار الملكية والاقطاع للثروة والسلطة . أتاحت الليبرالية نوعا من الجهر بالاصلاح تمخض فى الدعوة للجلاء والدستور ( جلاء الاستعمار الانجليزى / ودستور يحفظ حقوق المواطن المصرى فى الحرية والعدل ) . الليبرالية أظهرت جيل الاحتجاج من الشباب المحروم من مكان تحت الشمس ، منها الشيوعية واليسار ( حدتو ) ومنها حركة مصر الفتاة ( أحمد حسين ) ولكن أكثرها تأثيرا حركة ( الاخوان المسلمين السلفية الوهابية ) التى ترفع لواءا دينيا لتصل به الى الحكم . حدث تغيير جيد أصبحت به الكلية الحربية تقبل طلابا من عوام الشعب بعد أن كانت قاصرة على أبناء الطبقة العليا . دخلت دفعات جديدة من أبناء الشعب المنتمين الى جيل الاحتجاج ، تخرجوا وتكون منهم ( الضباط الأحرار ) ومعظمهم كان قريبا من الاخوان المسلمين أو متحالفا معهم . إثنان منهم فقط إنتميا الى اليسار ( يوسف صديق و خالد محيى الدين ) . حدث حريق القاهرة فى 26 يناير 1952 ، وبغض النظر عمّن خطّط له وبدا به فإن إتساعه الى هذا الحد يدل على مشاركة الجوعى القاهريين فيه وعلى أنه إرهاص بسقوط نظام الحكم المترف الظالم الخالى من العدالة . بالتحالف بين الضباط والاخوان المسلمين نجحت حركة الجيش فى 23 يولية 1952 وسقطت الملكية بسهولة غير متوقعة ، أيسر من سقوط سجن الباستيل فى 14 يولية 1789، فتحولت الحركة الى إنقلاب ثم ثورة ، وصيغ لها مبادىء ، وتولى الضباط مقاليد الأمور ، ودخلوا فى صراع داخلى ( عبد الناصر / محمد نجيب ) ( عبد الناصر / الاخوان ). وإنفرد عبد الناصر بالحكم ، فحكم مستبدا مقابل توفير قدر من العدل . وبرغم الضجيج الذى أحدثه عبد الناصر فقد فشل ، لأن العدل لا يتجزأ ، فالعدل الاجتماعى لا بد أن يسنده عدل سياسى ( العدل السياسى يعنى الديمقراطية والمشاركة السياسية للجميع وتداول السلطة ) ولأن الجيش إذا حكم تاركا مهمته العسكرية فى حماية الوطن فإنه يفشل عسكريا فى الدفاع عن الوطن ويفشل سياسيا فى ( حكم الشعب ) . إستمر الجيش يحكم مصر بعد عبد الناصر الى ألان ، وكل فترة يزداد أداؤه سوءا ، حكم مبارك ثلاثين عاما قام فيها بتفريغ مصر من المصلحين الحقيقيين وجعل الفساد أسلوب حياة ، لذا لم تنجح الثورة الشعبية المصرية عام 2011 ، فقد شارك فيها كلاب الصيد ( الاخوان المسلمون ) ، وتأخر العسكر خطوة وأتاحوا للإخوان أن يحكموا ليفضحوهم ، وبعد أن تم فضح الاخوان وكشفهم عاد زبانية مبارك للحكم ينتقمون من الشعب بأفظع ما كان يفعل مبارك .
9 ـ فى عهد السادات قام الجوعى المصريون بثورة تطلب الخبز بسبب إرتفاع ثمن الخبز ، وكاد السادات أن يهرب ، ثم أعيد الدعم للخبز ، إستقر السادات فى حكمه وأطلق على إنتفاضة الخبز : ( إنتفاضة الحرامية ) . فى عهد مبارك إنتفض الأمن المركزى فى معظم أنحاء مصر فى 25 فبرايو 1986 . وهذا الأمن المركزى هو العصا التى يضرب بها المترفون الحكام الشعب المصرى . هم مجندون من الطبقة الدنيا من المجتمع ، ويحتاج المترفون الحكام الى جهلهم وخشونتهم ومُعاناتهم ليضربوا بهم أخوانهم الفقراء المحتجين وغير المحتجين . قضى مبارك على إنتفاضة الأمن المركزى بالطائرات وقتل آلافا منهم . وهذه هى المرة الثالثة التى يثور فيها الجوعى المصريون فى القرن العشرين . ولن تكون الأخيرة.!
10 ــ كنا نقول إن مبارك وصل بمصر الى الحضيض ، فإتضح أن تلامذة مبارك من الضباط الذين يحكمون مصر الآن قد وصلوا بمصر الى أسفل سافلين . أوصل الشعب الضابط عبد الفتاح السيسى للحكم ، فكان أن كافأ السيسى الشعب بالتجويع والقهر، ووضحت حقيقة مريرة أن العقيدة القتالية للجيش المصرى أصبحت فى حماية النظام العسكرى من غضبة الشعب المصرى. أى إن العدو للجيش المصرى هو الشعب المصرى إذا أبدى تذمرا من حكم كبار القادة العسكريين المترفين المدللين الناعمين . وبهذه العقيدة القتالية وجهت القوات المسلحة أسلحتها تضرب المتظاهرين فى فترة حكم المجلس العسكرى وعبد الفتاح السيسى . وبحظر كلمة الاصلاح ومطاردة المصلحين وتعذيب الشباب الثوريين وبمحو الحياة السياسية للمصريين وتكميم المثقفين وتحويل ميدان التحرير الى ثكنة عسكرية بالدبابات والمصفحات لا يتبقى على الساحة سوى الجوعى المصريين ، وهؤلاء سيثورون مع تدهور الأحوال المستمر والمضطرد والذى لاسبيل لوقفه . وحين يثورون فلن تكون لهم قيادة إلا رءوس العصابات ، ولن تكون لهم ثقافة سوى التخريب والسلب والنهب والتدمير . وستدخل مصر فى عقود من الاضطراب سيكون أول ضحاياها أبناء المترفين الحاكمين الآن .
أخيرا
1 ـ نصيحة الى مترفى مصر وحكامها : إملأوا عيونكم من أبنائكم الآن فلن تروهم غدا وهم لن يروكم غدا . وتذكروا مصارع من سبقكم من الظالمين ، وتذكروا أنه مهما بلغ جبروت السيسى وجنرالاته وزبانيته فلن ينجو هو والملأ المترف معه من مصير فرعون موسى وقومه .
2 ـ لماذا كل هذا التكرار القرآنى فى قصة فرعون ؟
السلام عليكم
لقد انتهيت توا من قراءة مقالكم السابق (كتاب ( دين داعش الملعون ) الكتاب كاملا)، ثم قرأت هذا المقال، وشتان مابين الاثنين من حيث تقييمكم لنظام السسيسي. أنا متأكد أن كلامكم السابق عن السيسي كان بمثابة امنيات وليس كوجهة نظر، أنتم تعلقتم بقشة السيسي، لعلها تجنب الغرق وتوصل إلى الشاطئ، وهذا كان تصرف القوى المعارضة أيام حكم مرسي. قشة السيسي لم تكن قشة وإنما (مقلب). لقد سلمت المعارضة رأسها للسلطة العسكرية التي قامت هي ضدها، وأنا لا أريد هنا أن أصف هذا التصرف حتى لا أقل أدبي.
لنعود قليلا إلى الوراء. كان هناك ثلاث قوى متصارعة: الاخوان والجيش والمعارضة، لم يكن باستطاعة أي منها على حدة أن تستأثر بالحكم (الاخوان في سنة حكمهم لم يتسنى لهم للحظة واحدة الحكم), المعارضة كان بأمكانها التحكم في التوارن، الجيش كان ينتظر فرصة، ربما تأتي أولا تأتي (ناصب كمين). هذا الوضع كان، تحت الظروف المتواجدة في تلك الاثناء، وضعا مثاليا. مثاليتة هو عدم وضع القرار في يد واحدة. ثم حصل ما حصل، ولن نستطيع الآن أن نغير الماضي، وإنما نتعلم منه. السيسي الآن لن يعطيكم فرصة لكي تجابهوا الأزهر، لأن هذا يفترض وجود حوار، ووجود حوار يفترض السماح بحرية التعبير، ونظام السيسي ومعه كل النظم العربية لا يمكن لها البقاء في مجتمعات يسمح فيها بالتعبير. النظام العربي والحرية الفكرية متناقضان مثل الماء والنار لا يتواجدان بجانب بعض إلا عند ثورات البراكين وعندما تصل حمم البركان إلى البحر، ولوقت قصير.
الفرصة الوحيدة لنشر ثقافة الاسلام الحقيقية هي، حسب تصوري، محاولة الوصول إلى الجمهور الامريكي والتلفزيون الامريكي، والاستفادة من الوضع الحالي؛ أمريكا تعمل قصارى جهدها للتخلص من الارهاب، وإذا اقتنعت إحدى الجهات الحكومية أو الاعلامية بأن كلامكم (أقوى من الرصاص) ضد هذه الجماعات التكفيرية، فربما يمهد هذا الطريق لكم للاعلام، حتى رغم قوة اللوبي الخليجي. اللهم إلا إذا كان الامريكان متورطون فيما يريدون الخلاص منه. العالم العربي يتأثر بما يقولة الاعلام الامريكي، وخاصة بما يتعلق بالاسلام، أكثر من تأثره بالاذاعات العربية، سواء سلبا أو ايجابا.
لقد وثق الكثير من شرفاء مصر في السيسي في كونه الرجل الامثل في هذه المرحلة .. وحاول الكثيرين ان يبتلغوا الكثير من الممارسات السيئة للنظام في قمع الحريات وسجن شباب الثورة .. وكأن التضخية بالثوار من اجل نجاح الثورة شيئ ممكن ..!!
ولكن سقط السيسي بسبب تحالفاته سواء الامنية أو الاقتصادية ..فعادت الداخلية كشريك امنى لنظام السيسي بغقيدة الانتقام من الجميع وخاصة من ينتمون تنظيميا أو حتى فكريا لثورة 25 يناير ..
وعاد رجال الاعمال اكثر وحشية بعدما تحالفوا مع اصحاب السلطة الجدد وتقاسموا معهم الغنائم ..
العدل اساس الملك .. لا يمكن لنظام ان يستمر بالقمع .. مقاومة الارهات ليست مبرر للفساد والتعذيب والقمع ..
مصر دولة كبيرة من حيث المكانة والامكانيات .. وبها مؤسسات والمؤسسات بها كوادر قادرة على انجاح المؤسسة ونقلها من الفشل الى النجاح ..
المطلوب فقط ان لا تعلو مؤسسة على أخرى ..أي العدل بين المؤسسات ..
بدون هذا سيستمر نظام السيسي باستمرار توصيله على اجهزة التنفس الصناعي سواء السغودي أو الامراتي .. عندما تنزع عنه هذه الاجهزة سيختنق ..
والسؤال البديهي هل يتحرك العقلاء من داخل النظام ؟؟.. والسؤال الاكثر بداهة هل ما زال هناك عقلاء داخل النظام ؟؟
تاريخ الانضمام | : | 2006-07-05 |
مقالات منشورة | : | 5131 |
اجمالي القراءات | : | 57,304,855 |
تعليقات له | : | 5,458 |
تعليقات عليه | : | 14,839 |
بلد الميلاد | : | Egypt |
بلد الاقامة | : | United State |
أسئلة عن : ( بوتين سيقتل بشار ، سوريا وثقافة الاستبداد والاستعباد )
الغزالى حُجّة الشيطان ( الكتاب كاملا )
خاتمة كتاب ( الغزالى حُجّة الشيطان فى كتابه إحياء علوم الدين )
دعوة للتبرع
رأيت فى المنام (2): أنا سيدة ملتزم ة وزوجة وأم لشباب فى سن...
ابن اصول : دائما نقول فلان ابن اصول وفلان شخص اصيل وفى...
معنى الفقير: هل الفقي ر هو المحت اج للمال فقط أم المحت اج ...
نعم يتزوجها: إذا زنى رجل بامرأ ة متزوج ة، فهل یج ز له...
الله المستعان : انا سعيدة جدا بمجهو دكم الرائ ع ده وانا...
more
جزاك الله خيرا
تحياتي